مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
ذكرت قناة التلفزة الإسرائيلية 12 أمس (الخميس) أن الإيرانيين أطلقوا صاروخاً على سفينة حاويات مملوكة لشركة إسرائيلية في عرض بحر العرب.
وأضافت القناة أن السفينة كانت قادمة من تنزانيا في طريقها إلى الهند عبر بحر العرب، وأنه تم تبليغ أصحاب الشركة التي يقع مقرها الرئيسي في مدينة حيفا بهذا الحادث.
وأشارت القناة إلى أنه تقرر في إثر الحادث أن تستمر السفينة في الإبحار إلى الهند، وأن يتم إجراء فحص للأضرار التي ألحقها الصاروخ بها.
وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو حمّل إيران الشهر الفائت المسؤولية عن انفجار وقع في سفينة شحن إسرائيلية في خليج عُمان مساء يوم 25 شباط/فبراير الماضي.
وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى إن الانفجار تسبب بحدوث فتحات في جانبيْ جسم السفينة، مشيراً إلى أن ألغاماً لاصقة استُخدمت في الهجوم.
ونفت إيران ضلوعها في هذا الحادث.
وقال الناطق بلسان وزارة الخارجية الإيرانية إن طهران ترفض بشدة هذا الاتهام الذي لا أساس له من الصحة.
أظهرت النتائج الرسمية شبه النهائية لانتخابات الكنيست الـ24 التي جرت يوم الثلاثاء الفائت، بعد فرز 100% من الأصوات، أن معسكر الأحزاب الذي يدعم إقامة حكومة برئاسة بنيامين نتنياهو، والمؤلف من أحزاب الليكود والصهيونية الدينية واليهود الحريديم [المتشددون دينياً] مع حزب "يمينا"، حصل على 59 مقعداً، بينما حصل معسكر الأحزاب المناهضة لاستمرار حُكم نتنياهو، والمؤلف من أحزاب "يوجد مستقبل" و"أمل جديد" و"إسرائيل بيتنا" والعمل و"أزرق أبيض" وميرتس من دون القائمة المشتركة وراعم [القائمة العربية الموحدة]، على 51 مقعداً، وحصلت القائمة المشتركة على 6 مقاعد، بينما حصلت راعم على 4 مقاعد.
ووفقاً لهذه النتائج، حصلت قائمة حزب الليكود برئاسة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على 30 مقعداً، وقائمة حزب "يوجد مستقبل" برئاسة عضو الكنيست يائير لبيد على 17 مقعداً، وقائمة حزب شاس الحريدي على 9 مقاعد، وقائمة "أزرق أبيض" برئاسة وزير الدفاع ورئيس الحكومة البديل بني غانتس على 8 مقاعد، كما حصل كل من قائمة حزب "يمينا" برئاسة عضو الكنيست نفتالي بينت، وقائمة حزب يهدوت هتوراه الحريدي، وقائمة حزب العمل برئاسة عضو الكنيست ميراف ميخائيلي، وقائمة حزب "إسرائيل بيتنا" برئاسة عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان على 7 مقاعد، وحصل كل من قائمة حزب "أمل جديد" برئاسة جدعون ساعر الذي انشق عن الليكود، والقائمة المشتركة، وقائمة الصهيونية الدينية برئاسة عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش التي تضم "عوتسما يهوديت" [قوة يهودية] من أتباع الحاخام مئير كهانا، وقائمة ميرتس على 6 مقاعد، وحصلت قائمة راعم برئاسة عضو الكنيست منصور عباس على 4 مقاعد.
وبلغت نسبة التصويت النهائية 67.4%.
وقالت لجنة الانتخابات المركزية أنه تم فرز جميع أصوات الناخبين، وسيتم تقديم النتائج الرسمية إلى رئيس الدولة الإسرائيلية رؤوفين ريفلين يوم الأربعاء المقبل.
ومع صدور النتائج النهائية دعا زعيم حزب "أمل جديد" جدعون ساعر إلى درس جميع الخيارات لتأليف حكومة من دون نتنياهو.
وقال ساعر في بيان صادر عنه أمس: "من الواضح أن نتنياهو ليس لديه أغلبية لتحالف برئاسته. الآن يجب أن نعمل على تحقيق إمكانات تأليف حكومة التغيير. وكما أعلنت ليلة الانتخابات، لن تكون النرجسية عاملاً في تأليف حكومة كهذه".
من ناحية أُخرى عقد رئيس حزب "يوجد مستقبل" عضو الكنيست يائير لبيد مساء أمس اجتماعاً مع رئيسة حزب العمل عضو الكنيست ميراف ميخائيلي ناقشا خلاله التعاون المحتمل بين الحزبين لإقامة ائتلاف تغيير واستبدال نتنياهو.
في المقابل قال بيان صادر عن حزب الليكود إن ما يسمى "كتلة التغيير" هي كتلة معادية للديمقراطية، والتغيير الحقيقي الوحيد الذي تريده هو سنّ قوانين موجودة فقط في إيران للحد من المرشحين وإلغاء الأصوات الديمقراطية لأكثر من مليون مواطن إسرائيلي.
ودعا رئيس حزب "الصهيونية الدينية" عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش كلاً من ساعر ورئيس حزب "يمينا" نفتالي بينت إلى تنحية الأمور الشخصية جانباً والدخول في حكومة يمينية برئاسة نتنياهو.
وقال سموتريتش في بيان صادر عنه إن ساعر وبينت يمكنهما، ويجب عليهما، وضع مطالب تجعل هذه الحكومة يمينية حقاً في كل ما يتعلق بالقانون والاستيطان والأمن والهوية اليهودية وطرد المتسللين والاقتصاد وغير ذلك. وأكد أن حزب "الصهيونية الدينية" سيدعم طبعاً مطالبهما هذه، كما أن الأحزاب الحريدية ستفعل ذلك.
استبعد رئيس حزب "الصهيونية الدينية" عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش أي تعاون برلماني مع حزب راعم [القائمة العربية الموحدة].
وقال سموتريتش في بيان نشره في صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" أمس (الخميس): "لن يكون هناك حكومة يمينية بالاعتماد على حزب منصور عباس [راعم]، لا من الداخل، ولا من الخارج، ولا حتى من خلال الامتناع، ولا بأي شكل من الأشكال. إن مؤيدي الإرهاب الذين ينكرون وجود إسرائيل كدولة يهودية لن يكونوا شركاء شرعيين في أي حكومة، والأصوات غير المسؤولة التي صدرت في الأيام الأخيرة عن بعض العناصر في اليمين وتدعم مثل هذا الاعتماد تعكس ارتباكاً خطراً. يا أصدقاء، أخرجوا هذه الفكرة من رؤوسكم. لن يحدث ذلك، وبالتأكيد ليس في فترة ولايتي".
وجاءت تصريحات سموتريتش هذه بعد أن أشارت تقارير إعلامية إلى أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لا يستبعد تعاوناً برلمانياً مع حزب راعم.
أصدرت المحكمة الإسرائيلية العليا أمس (الخميس) قراراً يقضي بأنه يجب على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الالتزام بقواعد اتفاق تضارُب المصالح الذي وضعه المستشار القانوني للحكومة أفيحاي مندلبليت، وينص على أنه لا يمكنه التدخل في تعيين كبار مسؤولي القضاء وإنفاذ القانون.
وجاء قرار المحكمة هذا رداً على طلب التماس قُدّم إليها من طرف "الحركة من أجل جودة الحكم في إسرائيل" في إثر قيام نتنياهو في وقت سابق بإعلان أنه غير ملزم بذلك الاتفاق الذي وضعه مندلبليت، والذي يقيده بشأن تعيينات المسؤولين بسبب محاكمته الجنائية.
وجاء في قرار المحكمة "إن الواقع الذي يخدم فيه رئيس حكومة في وقت تنتظره لائحة اتهام في مخالفات خطرة في مجال النزاهة الشخصية هو وضع استثنائي يتطلب تقيداً شديداً بالمبدأ الذي يحظر على شخص في منصب عام أن يكون في حالة تضارُب مصالح".
ومع ذلك رفضت المحكمة ادعاء مقدمة الالتماس بضرورة فرض قيود أيضاً على حليف نتنياهو وزير الأمن الداخلي أمير أوحانا، وأشارت إلى أن اتفاق تضارُب المصالح هو ترتيب شخصي تم وضعه لشخص معين، وفي هذه الحالة هو رئيس الحكومة فقط، لكنها في الوقت عينه أكدت أن على الوزير أو أي شخص آخر معني بالتعيينات المذكورة الامتناع من التواصل مع رئيس الحكومة بهذا الشأن. ويُعتبر أوحانا حليفاً بارزاً لنتنياهو، وقبل تعيينه وزيراً للأمن الداخلي السنة الفائتة أعرب مسؤولون في سلطات إنفاذ القانون والشرطة عن مخاوفهم من إمكان أن يتصرف مع مراعاة منحازة لمصالح رئيس الحكومة.
وتعقيباً على قرار المحكمة، قال وزير العدل بني غانتس [رئيس أزرق أبيض] إن نتنياهو غارق حتى رقبته في تضارُب مصالح، ودعا إلى إطاحته من رئاسة الحكومة في إثر الانتخابات العامة التي جرت يوم الثلاثاء الفائت.
وأضاف غانتس أن رفْض نتنياهو تعيين مدّع عام دائم ووزير عدل دائم يثبت مدى إشكالية ولايته كرئيس للحكومة.
وبموجب الاتفاق الذي وضعه مندلبليت لا يمكن لنتنياهو الانخراط في أي شؤون تؤثر في شهود أو متهمين آخرين في محاكمته، أو في تشريع من شأنه أن يؤثر في الإجراءات القانونية ضده. ولا يمكن لرئيس الحكومة التدخل في مسائل تتعلق بمكانة عدد من كبار المسؤولين في الشرطة والنيابة العامة، وفي عدة مجالات تحت مسؤولية وزارتيْ العدل والأمن الداخلي، أو في لجنة تعيين القضاة، المسؤولة في إطار مهماتها عن تعيين القضاة في المحكمة المركزية في القدس، حيث يتم إجراء المحاكمة، وفي المحكمة العليا التي ستنظر في أي طلب استئناف يتم تقديمه في القضية.
وتمحور طلب الالتماس إلى المحكمة حول تعيين عميت إسمان مدّعياً عاماً من طرف وزير العدل السابق آفي نيسانكورن [أزرق أبيض]، وهو ما عارضه الوزير أوحانا ورفض طرح التعيين للتصويت عليه.
وأصر مندلبليت على أن اتفاق تضارُب المصالح الذي وضعه لا يتطلب موافقة رئيس الحكومة الذي كان في صراع مع المستشار القانوني للحكومة لسنوات وطالب بالحق في المشاركة في تعيين خلفه وغيره من كبار المسؤولين القانونيين. وفي رسالة إلى المحكمة السنة الفائتة قال مندلبليت إن الإطار القانوني للاتفاق لم يكن مجرد توصية أو يعتمد على حسن نية نتنياهو، وطالب المحكمة بالتدخل في حال رفض رئيس الحكومة الالتزام بالاتفاق. وجادل محامو نتنياهو في أن المستشار القانوني للحكومة لا يملك السلطة لفرض اتفاق تضارُب المصالح من دون موافقة رئيس الحكومة.
ورفض نتنياهو في آب/أغسطس الفائت مسودة سابقة لاتفاق تضارُب المصالح اقترحها مندلبليت وادعى أن المستشار القانوني للحكومة نفسه كان في موقف تضارُب مصالح لأنه هو الذي اتخذ القرار بتقديم لوائح اتهام ضد رئيس الحكومة بصفته النائب العام.
ويواجه نتنياهو لوائح اتهام بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة في ثلاث قضايا جنائية، وهو ينفي التهم الموجهة إليه ويزعم أنها جزء من جهود يبذلها خصومه السياسيون ووسائل الإعلام وسلطات إنفاذ القانون والنيابة العامة لإطاحته من منصبه.
ومن المقرر أن تبدأ مرحلة عرض الأدلة في محاكمة نتنياهو يوم 5 نيسان/أبريل المقبل، بعد أن تم تأجيلها إلى ما بعد الانتخابات.
- عند كتابة هذه السطور لم يكن هناك حسم نهائي في الجولة الانتخابية الرابعة. ميزان القوى قد يتحرك يميناً أو يساراً بحسب الفرز النهائي المستمر، لكن من الممكن منذ الآن استخلاص بعض الخلاصات الواضحة، ويبدو أن كتلة نتنياهو هي التي ستؤلف الحكومة المقبلة.
- الإنجاز الشخصي لنتنياهو مثير للإعجاب. فهو في المجال السياسي ملتزم بهدفه أكثر من أي سياسي عرفناه في إسرائيل حتى اليوم. هو زعيم الليكود بلا منازع، وحركة الليكود كلها ملقاة على كتفيه. حملة اللقاحات في إسرائيل ساعدت كثيراً. هو يستطيع تعيين أعضاء من الليكود وزراء كما يشاء، حتى لو لم يكونوا ملائمين للمنصب. على ما يبدو لن تجري محادثات بشأن حكومة وحدة وطنية. وليس هناك اليوم شريك محتمل من داخل كتلة معارضي نتنياهو يستطيع الحوار مع نتنياهو بشأن انضمامه إلى ائتلاف برئاسته. لن يكون هناك منشقون يخونون ثقة الجمهور، يقولون إنهم ضد نتنياهو وبعد الانتخابات ينضمون إليه. تجربة الائتلاف بعد الانتخابات الثالثة تكفي.
- قانون رئيس الحكومة المناوب لن يكون مطروحاً على ما يبدو بعد وقت قصير من تأليف الائتلاف الجديد. لقد كان نتنياهو على حق عندما قال إن المنافسة على رئاسة الحكومة هي بينه وبين يائير لبيد. في كتلة الوسط - اليسار وفي كتلة معارضي نتنياهو لبيد هو المرشح الشرعي الوحيد للتنافس على رئاسة الحكومة.
- في تقديري، نتنياهو سيؤلف حكومته المقبلة بمشاركة نفتالي بينت. وبينت على الرغم من انتقاداته الحادة لسلوك نتنياهو، سيشارك في ائتلاف برئاسة نتنياهو. هو متأكد بأنه سيحصل على 3 حقائب وزارية مركزية. في إمكان بينت أن يكون وزيراً للمال أو وزيراً للدفاع، بحسب ما يختار. إذا أراد أن يكون وفياً لحملتة الانتخابية سيفضّل وزارة المال. بينت سياسي ماهر ولديه قدرات استثنائية. إذا تولى وزارة المال، اقتصاد إسرائيل سيتغير. في إمكانه أيضاً أن يقود إصلاحات عميقة تنظيمية للجيش الإسرائيلي إذا تولى وزارة الدفاع.
- في تقديري أيلييت شاكيد ستعود إلى وزارة العدل. لقد أصبحت أكثر رشداً. ولن تسمح بزعزعة المنظومة القضائية، لكنها ستواصل العمل على تمرير بند التغلب [القانون الذي يسمح للكنيست بالاعتراض على قرارات المحكمة العليا] مع مراعاة الموازين.
- مفاجأة الانتخابات كانت تحديداً بني غانتس، وليس يارون زليخا. وهذا يدل كثيراً على التوجه الأخلاقي لجزء من الجمهور في إسرائيل. غانتس هو سياسي جديد فشل في المرحلة الأولى. يمكن قياس إنجازاته فقط خلال عام واحد ولقد تبددت. لكن جزءاً من الجمهور يرى فيه رجلاً مستقيماً أخطأ وليس سياسياً ضللهم. بناءً على ذلك نال عدداً من الأصوات أعلى من المتوقع. وكل الذين نصحوه بعدم الترشح في الانتخابات عليهم أن يخبئوا وجوههم لمدة شهر. إنجازات غانتس ستُرسخ موقعه كرئيس حكومة مناوب في الحكومة الانتقالية حتى قيام حكومة جديدة. هذا كان أحد الإنجازات التي سعى لتحقيقها.
- عضو الكنيست ميراف ميخائيلي [زعيمة حزب العمل] قفزت إلى موقع القيادة خلال بضعة أشهر. جاء هذا نتيجة سياسة حكيمة وخط ثابت يعكس شجاعة. فقد خاضت انتخابات أولية، وفازت بها. لم يغرها خوض الانتخابات مع شركاء، خطوة تدل عموماً على خوف وعدم ثقة.
- موضوع الشراكة بين أحزاب تتوحد في قائمة واحدة قبل الانتخابات وتتفكك بعد الانتخابات لم يُطرح على جدول الأعمال. فقد ثبت أن العكس هو الصحيح. أحزاب صغيرة وفية لدربها ولا تطمس هويتها الأيديولوجية- تحظى بتأييد جمهور الناخبين الذين يتماهون مع وجهة نظرها. كل الأحزاب الصغيرة التي كان هناك شك في أنها ستنجح في تجاوز نسبة الحسم - فعلت ذلك بنجاح، تحديداً عندما خاضت الانتخابات وحدها.
- أيضاً جدعون ساعر وأيضاً بينت إذا أرادا أن يكونا بديلاً من زعامة اليمين عليهما أن يعملا كثيراً. بالنسبة إلى بينت، سيكون الأمر أسهل لأنه سيكون شريكاً رفيع المستوى في الائتلاف. بالنسبة إلى ساعر، سيكون الأمر أكثر صعوبة. فهو سيضطر إلى أن يقود داخل المعارضة خطوات تبرر، في نظر الجمهور، تطلّعه إلى أن يكون زعيماً لليمين. وهذا ليس سهلاً البتة.
- ظاهرة أُخرى تستحق انتباهاً خاصاً هي زيادة قوة الأحزاب التي تعتمد على يهودية صرفة، مثل الأحزاب الحريدية والصهيونية الدينية. لديهما معاً أكثر من 20 مقعداً.
- في مقابل هذا كله، الخاسر الأكبر هو كنيست إسرائيل كله. من واجب الكنيست الإسرائيلي إيجاد نظام انتخابي يتيح حسماً ويولد حكومة مستقرة، وليس ائتلافاً تقاس قوته بعضو كنيست أو عضوين لتجاوز النصف. دول أُخرى عرفت كيف تبني أنظمة انتخابية تحيّد الانقسام القبلي، والأيديولوجي أو الإثني. نحن فشلنا في ذلك حتى الآن.
- يبدو أن القضية الفلسطينية فقدت منذ فترة مكانتها المركزية في سلّم الأولويات السياسي الإسرائيلي. الانتباه الإسرائيلي يستيقظ من حين إلى آخر، هذا ما حدث مثلاً عندما لم تغط "حماس" حركة الجهاد الإسلامي عندما حاولت أن تثير مواجهة مع إسرائيل في تشرين الثاني/نوفمبر 2019، أو مؤخراً عندما طرحت إمكان ازاحة يحيى السنوار زعيم "حماس" في قطاع غزة من منصبه. حتى إعلان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في كانون الثاني/يناير 2021 الإعداد لانتخابات عامة في المؤسسات الفلسطينية - الرئاسة والمجلس الوطني والمجلس التشريعي- لم يشغل إسرائيل، ليس فقط بسبب انتخابات الكنيست في إسرائيل، على الرغم من التداعيات البعيدة المدى التي يمكن أن تكون لنتائجها. القطيعة المستمرة بين المستوى السياسي في إسرائيل وبين السلطة الفلسطينية تزداد عمقاً.
- بالإضافة إلى ذلك، برزت مؤخراً محاولات تقارب بين "فتح" و"حماس"، التنظيمان اللذان يمثلان قطبيْ المنظومة السياسية المنقسمة. ما يجري هو محاولات مختلفة مقارنة بمحاولات الماضي التي انتهت بالفشل. وذلك بسبب الظروف السياسية التي تغيرت في أعقاب "صفقة القرن" التي قدمها الرئيس ترامب؛ توقيع اتفاقات التطبيع بين إسرائيل ودول في الخليج؛ نية ضم أراض في الضفة الغربية لم تتحقق بعد؛ أزمة الكورونا؛ الانهيار الاقتصادي الخطِر في المناطق الفلسطينية؛ التراجع البارز في المكانة الإقليمية والدولية للفلسطينيين. هذه المرة يدور حوار محترم من دون اتهامات وإدانات وتبادل تحميل المسؤوليات كما في الماضي. سلوك "فتح" و"حماس" هذا يؤثر في الفصائل الفلسطينية الأُخرى التي تتعاون مع الحركتين وتأمل بالمضي قدماً نحو مصالحة وطنية.
- في خلفية هذه المحاولات، استمرار التآكل في مكانة "حماس" بعد المواجهات العسكرية التي جرت بينها وبين إسرائيل منذ الانقلاب الذي قامت به في القطاع في سنة 2007، والتي تسببت بدمار كبير، وفشلها في إدارة الحياة اليومية للسكان، وبصورة خاصة منذ المواجهات مع إسرائيل في سنة 2014 ("عملية الجرف الصامد"). منذ ذلك الحين، وانطلاقاً من الإدراك أن سكان القطاع لن يتحملوا مواجهة إضافية، ومع الإدراك أنه ما دام يوجد تعاون أمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية لن يكون من الممكن نقل ساحة المواجهة مع إسرائيل إلى الضفة الغربية، تحاول قيادة "حماس" تنويع أساليب صراعها مع إسرائيل، مع تفضيل الاحتجاج الشعبي على المواجهة المسلحة. يترافق هذا التنويع مع تفكير له علاقة بتحديث أهداف الحركة، طبعاً من خلال المحافظة على خيار "المقاومة". من هنا وعلى أساس التقدير أن "فتح" أو "حماس" لوحدهما غير قادرتين على إنقاذ القضية الفلسطينية من الجمود العالقة به، ومن تراجع مكانتها، ظهرت أيضاً ضرورة السعي لتسوية وطنية. قبل نهاية ولاية الرئيس ترامب اجتمعت كل الفصائل الفلسطينية لأول مرة بمبادرة فلسطينية مستقلة، وافقت خلالها على العمل من أجل الدفع قدماً بالوحدة بين التنظيمين.
- ومنذ أن استجابت "حماس" إلى طلب محمود عباس وتنازلت عن مطالبتها بإجراء الانتخابات لثلاث مؤسسات فلسطينية في تاريخ واحد، لم يبق لديه خيار سوى إصدار مرسوم بإجراء الانتخابات، وتحديد جدول زمني هو ثلاثة أشهر للاستعداد وإجرائها في أيار/مايو 2021. أثار هذا المرسوم دينامية تجددية في الساحة الفلسطينية العامة، كما أثار أيضاً الأمل بالمصالحة وسط العديد من الشباب وتوقعات بتغيير الزعامات والمشاركة في العملية الانتخابية. صحيح أنه في الخلفية لا تزال تخيّم رواسب الماضي: عدم الثقة بقيادات الحركتين، والتخوف من استغلال ضعف "فتح" المنقسمة والنزاعات الدموية التي طبعت منظومة العلاقات بين هاتين الحركتين في الماضي، لكن الدينامية العامة التي نشأت خلقت عملية من الصعب وقفها مع مرور الزمن. علاوة على ذلك، فإن عدم اعتراض "حماس" على المراسيم المثيرة للجدل التي أصدرها عباس، ومن بينها بشأن حق الترشيح، خلقت انطباعاً بأنه جرى تنسيق المراسيم معها. حتى العراقيل التي يمكن أن تضعها إسرائيل في وجه إجراء الانتخابات في القدس الشرقية وفي أماكن أُخرى لعرقلة العملية الانتخابية وربما منعها، لم تردع التنظيمين حتى الآن.
- لقد امتنعت حكومة إسرائيل حتى الآن من الاهتمام المكثف بمشكلات الانتخابات المتوقعة في مؤسسات السلطة الفلسطينية. في الوقت عينه، تتحدث تقارير في الصحف الفلسطينية مؤخراً عن زيارات واعتقالات تقوم بها قوات الجيش الإسرائيلي لناشطين من "حماس" ومن عناصر المعارضة في أراضي السلطة الفلسطينية، لتحذيرهم من المشاركة في الانتخابات. هذه الاعتقالات يمكن أن تصعّب إجراء الانتخابات، لكنها تحديداً ستسرع عملية التقارب بين التنظيمين. أيضاً لم تحدد إدارة بايدن موقفها إزاء هذه المسألة ولم تقم بأي خطوة يمكن أن تدل على اختلاف موقف الإدارة في هذا الشأن عن الموقف الذي اتخذته إدارة ترامب إزاء الموضوع الإسرائيلي – الفلسطيني. هذا على الرغم من أنه عشية الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة وبعدها أيضاً أوضح ممثلو بايدن أنهم ينوون ترميم منظومة العلاقات مع الفلسطينيين.
- تكشف محاولات التقارب بين الحركتين أيضاً إدراكاً للتغير الذي يجري في الوسط المقرب من عباس، وأنه لا يمكن التوقع أن تضغط إدارة بايدن على الحكومة الإسرائيلية لاستئناف مفاوضات سياسية أو لتغيير موقفها، والتي تعتقد السلطة الفلسطينية أنها لا تتطلع إلى تسوية. من هنا الخلاصة بأنه يجب الوقوف في جبهة موحدة، تكبح التراجع في مكانة القضية الفلسطينية وأيضاً تضع قواعد لعبة تقلص عدم التكافؤ القائم بين الفلسطينيين وبين إسرائيل.
- امتناع حكومة إسرائيل والإدارة الأميركية من الرد يثير الدهشة، وخصوصاً إزاء ضعف "فتح" برئاسة محمود عباس. كل الاستقالات من "فتح"، وأيضاً إبعاد مسؤولين رفيعي المستوى ورغبة المستقيلين في الترشح للانتخابات في قوائم منفردة، يدل على عمق الأزمة في صفوف الحركة. في المقابل، "حماس" تُظهر مؤخراً وحدة تنظيمية على الرغم من الخلافات الداخلية، والوقوف صفاً واحداً وراء يحيى السنوار الذي انتُخب مرة ثانية مع عاصفة داخلية في التنظيم، رئيساً للحركة في قطاع غزة. هذه الوحدة هي ميزة إضافية تحسّن فرص "حماس" في الفوز في الانتخابات كما في الانتخابات السابقة التي جرت في سنة 2006، وأيضاً تعزز مكانة "حماس" في عملية التقارب من "فتح" فيما يتعلق بتسوية العلاقات بين التنظيمين.
- وفي الواقع، في ضوء الاتصالات بين التنظيمين تزداد أكثر من الماضي معقولية بلورة اتفاق بينهما بشأن مخطط حكومة مشتركة - لا حكومة مصالحة. في إطار هذه الحكومة المشتركة إذا تألفت، من المتوقع المحافظة على السيطرة الجغرافية المنفصلة لكل طرف، "فتح" في الضفة الغربية، و"حماس" في الضفة تعمل بالتعاون معها.
- يتعين على إسرائيل أن تنسق مواقفها مع الولايات المتحدة وسائر الأطراف ذات الصلة في الساحة الدولية، والتي لم تعبّر عن موقفها العلني من هذه المسألة. ويجب أن نوضح معاً لعباس أنه لن يطرأ أي تغيير في موقف اللجنة الرباعية إزاء "حماس" إلّا إذا استجابت الحركة للمطالب التي طُلبت منها، وغيرت موقفها واعترفت بإسرائيل والاتفاقات التي وُقّعت معها.
- كما يجب الاستعداد لواقع أن يتطور تعاون بين رام الله وغزة على طول الحدود مع إسرائيل وفي نقاط الاحتكاك في الضفة وفي الساحة الدولية.
- في هذه المرحلة من المبكر الحديث عما إذا كانت عملية التقارب بين "فتح" و"حماس" هي خطوات تكتيكية من الطرفين، لن تغير موازين القوى بينهما لمصلحة "حماس"، أم أن المقصود بداية تغيير تاريخي له تداعيات استراتيجية على إسرائيل. على أي حال نوصي إسرائيل، من جهة بالامتناع من القيام بتحركات تظهر كأنها تمنع التقارب، لكن من جهة أُخرى عليها المحافظة على المصالح الأمنية الإسرائيلية، من خلال الطلب من المجتمع الدولي التمسك بالمعايير إزاء التحاور مع "حماس".