مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
لويد أوستين بعد اجتماعه بنتنياهو: سنواصل مساعينا لتطبيع علاقات إسرائيل مع الدول العربية
الوزير ظريف عن عملية التخريب في نتانز: رهان إسرائيلي سيئ جداً، وموقفنا في المحادثات النووية أصبح أقوى
نتنياهو يوافق على تزويد الأردن بكميات إضافية من المياه
الاستخبارات الإيرانية تحاول إغراء إسرائيليين من خلال حسابات وهمية على الإنستغرام للذهاب إلى الخارج بهدف خطفهم
العودة إلى الدراسة في كل الصفوف في إسرائيل بدءاً من يوم الاثنين المقبل
مقالات وتحليلات
ليس بهذه الطريقة نؤثر في الاتفاق النووي
إسرائيل تسير في مسار تصعيدي حيال إيران سيؤدي إلى مواجهة حتمية مع الولايات المتحدة
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"معاريف"، 12/4/2021
لويد أوستين بعد اجتماعه بنتنياهو: سنواصل مساعينا لتطبيع علاقات إسرائيل مع الدول العربية

قال رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في ختام اجتماع عقده مع وزير الدفاع الأميركي لويد أوستين في مكتبه في القدس: "لا يوجد تهديد جدي في الشرق الأوسط أكثر من تهديد النظام المتشدد في إيران. إيران تهدد السلام في كل مكان، وكلانا ندرك أهمية كبح إيران. وسياستي كرئيس حكومة إسرائيل واضحة وهي ألا نسمح لإيران على الإطلاق بتهديد أمن إسرائيل." وأضاف: "نحن نحترم ونقدّر رئيس الشعب الأميركي. وبين إسرائيل والولايات المتحدة حلف لا يتزعزع، وليس هناك حليف مخلص للولايات المتحدة أكثر من إسرائيل."

وزير الدفاع الأميركي شكر نتنياهو قائلاً: "شكراً لك رئيس الحكومة، أنا أحترم جداً الشعب الإسرائيلي. وهذه هي زيارتي الأولى إلى القدس كوزير للدفاع، ولقد أصبحت هذه الزيارة  أكثر أهمية بعد أن زرت متحف ياد فيشام." وأضاف: "يجب مواصلة العمل والتعاون لضمان المصالح الاستراتيجية للدولتين، كما سنواصل مساعينا من أجل تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية. أنا واثق بأنه يمكننا معاً تحقيق السلام في المنطقة."

وتنظر المؤسسة الأمنية في إسرائيل إلى زيارة أوستين باهتمام كبير، فبالإضافة إلى كونها أول زيارة يقوم بها مسؤول رفيع المستوى من الإدارة الأميركية الجديدة إلى إسرائيل، فإنها تأتي في توقيت تستأنف فيه الولايات المتحدة مفاوضاتها مع إيران للعودة إلى الاتفاق النووي.

 

"يديعوت أحرونوت"، 13/4/2021
الوزير ظريف عن عملية التخريب في نتانز: رهان إسرائيلي سيئ جداً، وموقفنا في المحادثات النووية أصبح أقوى

صرّح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في مؤتمر صحافي عقده اليوم مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، تعقيباً على عملية التخريب التي تعرضت لها منشأة نتانز، بأن الهجوم سيقوّي موقف إيران في المحادثات النووية التي تجري في ﭭيينا، والتي من المنتظر أن تُستأنَف غداً. ومما قاله: "لقد قامت إسرائيل برهان سيئ للغاية." ورأى أن الهجوم على منشأة تخصيب اليورانيوم في نتانز سيقوّي الموقف الإيراني في المحادثات، وأضاف: "أؤكد لكم أنه سيجري في المستقبل القريب تركيب أجهزة طرد مركزي أكثر تقدماً في منشأة نتانز. لقد ظن الإسرائيليون أن الهجوم سيضعفنا في محادثات ﭭيينا، لكن ما جرى هو العكس، فموقفنا أصبح أقوى." وتوجه ظريف إلى الولايات المتحدة قائلاً لها إنها لن تحقق شيئاً من خلال عمليات التخريب أو العقوبات. وحذّر واشنطن من أن أعمالاً كهذه ستعرّض وضعهم للخطر.

وكان الأميركيون كذّبوا أمس تورطهم في الهجوم على المنشأة النووية، ونقلت "الوول ستريت جورنال" عن مسؤولين رفيعي المستوى في إدارة بايدن أنهم لم يتلقوا تحذيراً قبل الهجوم.

في هذه الأثناء نشرت صحيفة "النيويورك تايمز" تفصيلات جديدة بشأن التفجير في نتانز، نقلاً عن مصدر استخباراتي أميركي. وبحسب المصدر، جرى إدخال عبوة ناسفة فُجرت عن بعد، وأدى الانفجار إلى تعطيل شبكة الكهرباء المركزية وكذلك شبكات الدعم.

"يديعوت أحرونوت"، 12/4/2021
نتنياهو يوافق على تزويد الأردن بكميات إضافية من المياه

وافق رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على توصية وزير الطاقة يوفال شتاينتس بزيادة كميات المياه التي تزود إسرائيل الأردن بها، والتي يدفع الأردنيون ثمنها. تأتي هذه الموافقة بعد تأجيل متواصل لاتخاذ القرار في فترة شهدت العلاقات بين نتنياهو والملك عبد الله تراجعاً  كبيراً.

وبحسب اتفاقات السلام بين إسرائيل والأردن، تزود دولة إسرائيل الأردن بنحو 55 مليون متر مكعب من المياه من بحيرة طبرية سنوياً، بثمن سنت واحد للمتر المكعب. في سنة 2010 وافقت الدولتان على زيادة 10 ملايين متر مكعب من المياه مقابل 40 سنتاً للمتر المكعب، والآن سيجري نقل ثلاثة ملايين متر مكعب إضافية من المياه بالثمن عينه.

تجدر الإشارة إلى أن العلاقات بين الأردن وإسرائيل شهدت صعوداً وهبوطاً خلال حكم نتنياهو، لكنها في الأشهر الأخيرة تراجعت بصورة لم تشهدها من قبل. في الشهر الأخير وبعد طلب ولي العهد الأردني زيارة الحرم القدسي الشريف مع حراس مسلحين، رُفض طلبه وأُلغيت الزيارة. بعدها رفض الأردنيون السماح لطائرة رئيس الحكومة بعبور الأجواء الأردنية في طريقها إلى الإمارات. نتيجة ذلك اضطر نتنياهو إلى تأجيل زيارته ولقائه ولي العهد الإماراتي. خلال هذه الأزمة طلب نتنياهو إغلاق الأجواء الإسرائيلية في وجه الرحلات  الآتية من الأردن والقادمة إليه، لكن هذا لم ينفَّذ، من جهة لصعوبته، ولأنه يمس باتفاقات السلام مع الأردن. لكن بعد الأخبار عن مؤامرة لزعزعة الحكم في الأردن قال وزير الدفاع بني غانتس إن على إسرائيل مساعدة جارتها، غامزاً من قناة نتنياهو الذي لم يعلق على الحدث. ومما قاله غانتس: "الأردن هو دولة مسالمة وجارة لنا لها أهمية استراتيجية كبيرة، وهي تشكل عمقاً استراتيجياً لنا. المحافظة على الحلف معها هو مصلحة أمنية وسياسية واقتصادية."

 

"هآرتس"، 12/4/2021
الاستخبارات الإيرانية تحاول إغراء إسرائيليين من خلال حسابات وهمية على الإنستغرام للذهاب إلى الخارج بهدف خطفهم

أعلن الموساد والشاباك يوم الإثنين أن الاستخبارات الإيرانية تحاول إغراء إسرائيليين بالذهاب إلى دول أجنبية بواسطة حسابات وهمية على الإنستغرام بهدف خطفهم. وبحسب تحقيقات أجراها الجهازان، تبين أن أصحاب حسابات وهمية على الإنستغرام انتحلوا شخصيات نساء يعملن في قطاع السياحة وفي قطاعات أُخرى، وتوجّهوا إلى إسرائيليين لديهم علاقات عمل في الخارج، ويقومون عادة بالسفر، وحاولوا إقناعهم بتحديد مواعيد لقاءات في الخارج بهدف القيام بأعمال تجارية أو لقاءات عاطفية. ومن بين الدول التي ذكرها البيان المشترك الصادر عن الموساد والشاباك ورد ذكر تركيا، وكذلك دول الخليج والقوقاز وأفريقيا وأوروبا ودول عربية أُخرى. وجاء في البيان أن أسلوب العمل هذا سبق أن استخدمته الاستخبارات الإيرانية  ضد المعارضين الإيرانيين في أوروبا، وهي تستخدم هذا الأسلوب ضد مواطنين إسرائيليين يريدون تطوير أعمالهم في الخارج وتحاول الإيقاع بهم بهدف خطفهم.  ودعا البيان المواطنين الإسرائيليين إلى توخي الحيطة والحذر وعدم الرد على حسابات لا يعرفونها والامتناع من التواصل معها.

"يديعوت أحرونوت"، 12/4/2021
العودة إلى الدراسة في كل الصفوف في إسرائيل بدءاً من يوم الاثنين المقبل

وافقت الحكومة الإسرائيلية في جلسة عقدتها يوم الإثنين على العودة إلى الدراسة الكاملة في كل الصفوف في إسرائيل بدءاً من يوم الاثنين المقبل، وذلك في ضوء التراجع الكبير في أعداد الإصابات بفيروس الكورونا في منظومة التعليم.

كما درست الحكومة خطة وزارة المواصلات لزيادة استقبال المسافرين في مطار بن غوريون وزيادة عدد الرحلات.

وتجدر الإشارة إلى أن عدد المصابين في إسرائيل خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية بلغ 137 مصاباً، أي نحو 0.4% من مجموع الفحوصات.

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"يديعوت أحرونوت"، 12/4/2021
ليس بهذه الطريقة نؤثر في الاتفاق النووي
تسيمت راز - باحث في معهد دراسات الأمن القومي
  • بدء المحادثات في فيينا بين دبلوماسيين من إيران ومن الدول العظمى يشكل مرحلة مهمة في محاولة إعادة إيران والولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي. مَن بقي لديه أمل بأن إدارة بايدن تنوي استخدام العقوبات كورقة مقايضة في محاولتها أن تفرض على إيران الموافقة على تحسين الاتفاق اتضح له الآن من دون أي شك أنها مصرة على العودة إلى الاتفاق الموقّع في سنة 2015. فقط بعدها ستحاول هذه الإدارة الدفع قدماً بمفاوضات مع طهران بشأن تمديد الاتفاق وتطويره.
  • لدى كتابة هذه السطور ليس من الواضح ما إذا كانت الرغبة السياسية الأميركية في الدفع بعودة سريعة إلى الاتفاق سيجري الرد عليها ببادرة حسنة من جهة طهران. لا سيما في ضوء مواقف إيران غير القابلة للتفاوض من مسألتين أساسيتين: رفضها التفاوض من جديد على اتفاق نووي، ومطالبتها برفع كل العقوبات كشرط مسبق للعودة إلى التزامها بالاتفاق. هناك هامش من المناورة بشأن رفضها إجراء مفاوضات غير مباشرة مع الولايات المتحدة قبل رفع العقوبات وإمكان العودة المتبادلة إلى الاتفاق وفق "مرحلة بعد مرحلة".
  • فيما يتعلق بالمسألة الأولى، يبدو أنه جرى التوصل إلى حل يذكّر بطريقة إدارة المفاوضات بين إسرائيل و"حماس": دبلوماسيون من إيران ومن الولايات المتحدة موجودون في فيينا، لكنهم لا يجرون محادثات مباشرة بينهم. المسألة الثانية تبدو أكثر إشكالية في ضوء التصريحات القاطعة التي سُمعت في الأسابيع الأخيرة من مسؤولين إيرانيين رفيعي المستوى. مع ذلك، بوجود إرادة سياسية، فإن هذه المسألة يمكن أن تُحل بصورة مبتكرة، مثلاً بواسطة تبنّي خريطة طريق تحدد الرفع الكامل للعقوبات مع بدء العملية ويجري تنفيذها خلال عدد من الأشهر على التوالي في مقابل عودة إيران إلى التزاماتها.
  • السؤال المركزي هو هل المرشد الأعلى الإيراني مهتم في المرحلة الحالية بعودة فورية إلى الاتفاق؟ يعتقد المرشد الأعلى علي خامنئي أنه لا يمكن الاعتماد على وفاء الولايات المتحدة بالتزاماتها، وأن السبيل الوحيد لإتاحة المجال لإيران لمواجهة التحديات الاقتصادية على مر الزمن هو من خلال تحييد العقوبات وليس بواسطة رفعها بثمن تنازُل إيران عن مبادئها. ومن المفترض أن يجد دعماً لمواقفه في الاتفاق الاقتصادي الموقّع مؤخراً بين إيران والصين، والذي يؤسس للتعاون بينهما لمدة 25 عاماً، كذلك تتوقع تقديرات حديثة لصندوق النقد الدولي نمواً للاقتصاد الإيراني خلال سنة 2021 بنسبة 2.5%. أيضاً الانتخابات، التي من المنتظر أن تجري في إيران في حزيران/يونيو 2021، من الممكن أن تقنع زعيم إيران بانتظار انتخاب رئيس جديد كي لا يقوّي  المعسكر البراغماتي عشية الانتخابات.
  • في هذه الأثناء تزداد حدة المعركة البحرية بين إيران وإسرائيل. في الأسبوع الماضي اعترفت طهران بتضرر سفينة يستخدمها الحرس الثوري جرّاء انفجار ألغام بحرية أُلصقت بها. على الرغم من عدم وضوح وجود علاقة بين توقيت العملية المنسوبة إلى إسرائيل وبين المحادثات النووية في فيينا، يبدو أن الإدارة الأميركية تعتقد أن هذه العلاقة موجودة. هذا التقدير من الممكن أن يتعزز في أعقاب الهجوم الذي جرى الحديث عنه أمس على المنشأة النووية في نتانز.
  • وتزامناً مع تسريب خبر عملية تفخيخ السفينة إلى وسائل الإعلام، لمّح موظفون أميركيون إلى أن توقيت العملية في اليوم الأول للمحادثات النووية لم يكن صدفة. منذ البداية لم يكن لجهود إسرائيل للتأثير في سياسة الإدارة الأميركية حيال إيران حظوظ كبيرة منذ اللحظة التي توصلت فيها هذه الإدارة إلى خلاصة مفادها أن السبيل الوحيد لمنع استمرار التصعيد إزاء إيران هو العودة إلى الاتفاق النووي.
  • حتى لو كان لدى إسرائيل فرصة للتأثير في خطوات واشنطن يبدو أن استمرار العمليات الإسرائيلية التي تتعارض مع موقف الولايات المتحدة يمكن أن يعرّضها أيضاً للخطر. الواضح الآن أن الرفض المستمر للمرشد الأعلى في إيران هو فقط يمكن أن يساعد الحكومة الإسرائيلية على محاولتها نسف العملية الدبلوماسية. لكن ليس مضموناً على الإطلاق أنه يمكن الاعتماد على ذلك وقتاً طويلاً.

 

"هآرتس"، 12/4/2021
إسرائيل تسير في مسار تصعيدي حيال إيران سيؤدي إلى مواجهة حتمية مع الولايات المتحدة
ألون بانكس - محلل سياسي
  • مؤخراً ترسخت حكمة سائدة بشأن التصعيد المقصود ضد إيران، هي أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يتحرك بدافعين: دافع سياسي - لخلق جو طوارىء أمنية من أجل تحسين المناخ السياسي الإشكالي الذي يغرق فيه ومحاولته تأليف حكومة. دافع خارجي - عرقلة وإحباط المفاوضات غير المباشرة الدائرة في فيينا بين الولايات المتحدة وإيران بشأن العودة المتبادلة إلى مخطط وإطار الاتفاق النووي، وبهذه الطريقة سيساعده افتعال مواجهة مع إدارة جو بايدن في الساحة السياسية، بحسب هذه النظرية. حتى لو كان هناك مبالغة في تشخيص الدافعين، فإن احتكاكاً لا مفر منه بالولايات المتحدة هو أمر مؤكد تقريباً.
  • كانت إيران على الدوام الموضوع الأساسي والتأسيسي بالنسبة إلى نتنياهو، وبعد أن تبدد سحر "أنا وحدي جلبت اللقاحات" وعشرات الأحاديث الودية مع اليهودي ألبرت بورلا المدير العام لشركة فايزر، من الطبيعي في محنته أن يتوجه نتنياهو مجدداً نحو إيران. لديه مصلحة جوهرية في المحافظة على مستوى من العداء والتوتر إزاء إيران، سواء لأنه يؤمن بذلك أو لأن ذلك يخدمه.
  • بالنسبة إلى نتنياهو، السنة هي دائماً سنة 1938، وإيران هي ألمانيا النازية، وهو نسخة جديدة عن ونستون تشرشل. في مقابل هذا الخط لم تظهر تقريباً معارضة في إسرائيل باستثناء القليل في أجهزة الاستخبارات وفي الجيش على مر السنين. يعتبر نتنياهو إيران تهديداً وجودياً ، وهو يعتبر خطواته لمنع هذا الخطر وإحباطه تاريخية. أي انتقاد أو موقف مختلف لسياسته إزاء إيران هو في الأساس نكران وعدم وطنية.
  • هذه الحكمة السائدة تستند إلى فكرة بسيطة: حجم الثرثرة، التباهي بالنفس، الغطرسة مع الإيحاءات، وخصوصاً تحمّل المسؤولية عن عمليات- ضد السفينة الإيرانية "سافيز" في البحر الأحمر، مقابل ساحل أريتريا، تفجير منظومة الكهرباء في منشأة تخصيب اليورانيوم في نتانز، وحتى الحديث عن تسريب مسبق لعملية ثالثة - الهدف هو جر إيران إلى الرد.
  • طالما كانت إسرائيل تتحرك بصمت وبصورة خفية، ومن دون أي إقرار أو تطرُّق إلى الموضوع، كان في إمكان إيران امتصاص الضربة، وفي إمكان الولايات المتحدة التجاهل. ومن اللحظة التي بدأت فيها إسرائيل تتفاخر وتتباهى بإنجازاتها العملانية الناجحة، لكن المحدودة في حجمها وزمنها، وتضخيمها حجم الضرر - "سيستغرق إصلاح الضرر في نتانز 9 أشهر"، قال "الكهربائيون الإسرائيليون" - ستضطر إيران إلى الرد، والتصعيد الإضافي سيخلق واقعاً سياسياً مريحاً أكثر لنتنياهو وأقل راحة للولايات المتحدة في المفاوضات بشأن تجديد الاتفاق النووي.
  • لكن نظرة واسعة النطاق والزمن تدل على أن هذا التصعيد جرى بناؤه خلال عامين ونصف العام، منذ الانسحاب الأحادي الجانب للولايات المتحدة والرئيس السابق دونالد ترامب من الاتفاق في أيار/مايو 2018 حتى اليوم. دينامية التصعيد لا تنفي الدوافع السياسية والخارجية لنتنياهو، وبالتأكيد لا تحميه من الانتقادات، لكن نطاقها أوسع بكثير من صعوبات المفاوضات الائتلافية. خلال هذه الفترة وسعت إسرائيل معركتها بين الحروب، من الساحة الجوية والبرية والسيبرانية إلى الساحة البحرية، وبحسب التقارير، زادت حجم عملياتها ضد سفن وخطوط التجارة البحرية الإيرانية.
  • وزير الدفاع السابق نفتالي بينت وصف ذلك بـ"عقيدة الأخطبوط"، وخلال تلك الفترة حدث انفجار في نتانز، واغتالت الولايات المتحدة في كانون الثاني/يناير 2020 قائد فيلق القدس قاسم سليماني، وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2020 قُتل محسن فخري زادة، العالِم الملقب بـ"أبو البرنامج النووي الإيراني". الرئيس الإيراني حسن روحاني اتهم إسرائيل باغتيال فخري زادة وتعهد الانتقام. من هذه الناحية، ما يجري بين إسرائيل وإيران لم يعد حرب ظلال ولا معركة بين الحروب، بل أصبح حرباً متعددة الأبعاد، بقوة منخفضة نسبياً.

مَن له مصلحة في التصعيد؟

  • إذا جمعنا بين النطاق الواسع وبين أحداث الأيام الأخيرة يبدو واضحاً أن لإسرائيل مصلحة في التصعيد. استخدام تعبيرات تحليلية جميلة "تصعيد متدرج" أو "سيطرة على التصعيد" مكانها في الدروس النظرية للعلاقات الدولية أو التاريخ العسكري. لا وجود تقريباً لمثل هذه السيطرة على أرض الواقع. من هنا يُطرح السؤال: هل أجرت إسرائيل حساباً للتكلفة والفائدة، وهما في أساس استراتيجية التصعيد؟ من الصعب معرفة ذلك، لأنه لم يجرِ نقاش في المجلس الوزاري المصغر، وليس هناك جلسات للحكومة، ولا توجد لجنة خارجية وأمن، ولا توجد معارضة، هناك فقط نتنياهو.
  • من مصلحة نتنياهو أن تفشل المفاوضات الأميركية - الإيرانية. الخلافات في محادثات فيينا لا تقتصر فقط على مسألتيْ التزامن والتبادلية في عمليات الولايات المتحدة وإيران، وهذا أمر يمكن حله بواسطة صيغ متفق عليها - بل هي أيضاً تتعلق بموضوعين جوهريين: الأول، مطالبة إيران بالرفع الفوري - مع تطبيق تدريجي- لـ "العقوبات غيرالنووية". وهناك أكثر من 1200 عقوبة لا علاقة مباشرة لها بالموضوع النووي. والمقصود عقوبات ضد شركات وخطوط تجارة وحسابات مصارف وعمليات مالية وأفراد. هذه العقوبات فرضتها الولايات المتحدة بموجب قوانين محاربة الإرهاب وضد مَن يحمي الإرهاب، وليس كجزء من منظومة عقوبات موجهة تحديداً ضد البرنامج النووي الإيراني. بناء على ذلك، يتطلب إبطال هذه العقوبات عملية طويلة أكثر ويفرض موافقة الكونغرس عليها، الأمر الذي تريد إدارة بايدن تجنبه في هذه المرحلة المبكرة كي لا تضع الاتفاق كله في مركز مواجهة سياسية تستنفد طاقتها.
  • في المقابل، تدّعي إيران أنه مع كل الاحترام للقانون الأميركي فإن هذه العقوبات هي خرق فاضح وواضح للاتفاق النووي، لأن الدول الموقّعة للاتفاق في سنة 2015 - الولايات المتحدة، والصين، وروسيا، وفرنسا، وبريطانيا، وألمانيا - تعهدت "الامتناع من أي سياسة تمس بعملية تطبيع العلاقات وصِلات إيران التجارية مع دول أُخرى"، الأمر الذي تسببت به العقوبات.
  • الموضوع الثاني المختلَف عليه بين الطرفين في محادثات فيينا هو المطالبة الأميركية بتحسين الاتفاق الأصلي وإضافة أبعاد غير نووية إليه، مثل: تطوير إيران صواريخ باليستية، وتأييدها لتنظيمات إرهابية في سورية. وعلى ما يبدو كان هذا الموضوع في مركز انتقادات إسرائيل للاتفاق الأصلي في سنة 2015، ولإسرائيل مصلحة واضحة وأساسية في استمرار الولايات المتحدة في مطالبتها هذه وإصرارها عليها.
  • منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في أيار/مايو 2018 وحتى كانون الثاني /يناير 2021، تحركت إسرائيل ضمن فراغ سياسي. ترامب ونتنياهو لم يقدما قط "اتفاقاً أفضل" كما أقسما ووعدا. استراتيجية واشنطن "الضغط الأقصى" على إيران فشلت - العقوبات القاسية أثّرت، لكنها لم تؤد إلى انهيار الاقتصاد الإيراني، وبالتأكيد لم تؤد إلى انهيار النظام في طهران.
  • بدأت إيران بخرق الاتفاق وتخصيب اليورانيوم أكثر بنحو 12 مرة من الكميات التي كانت لديها قبل الاتفاق، وفي الأيام الأخيرة بدأت بضخ غاز اليورانيوم إلى 164 جهاز طرد مركزي من طراز IR-6 في منشأة نتانز، ووقّعت اتفاق تعاون مع الصين. أيضاً محاولة عزلها عن العالم فشلت - فقط أمس (الاثنين) زار طهران رئيس حكومة كوريا الجنوبية.
  • مع ذلك يحدث التصعيد الحالي بينما تجري الولايات المتحدة مفاوضات للعودة إلى الاتفاق النووي. وسواء نجحت بذلك أم لم تنجح وبأية شروط، تدور إسرائيل في حلقة تلامس عن قرب المصالح الأميركية. إذا بقي نتنياهو رئيساً للحكومة، فإن الأحداث الأخيرة ستكون جزءاً من مسار تصادم ومواجهة حتمية ومقصودة مع إدارة بايدن. وفق كل المؤشرات، ينوي نتنياهو العودة إلى تكرار ما قام به في محاولته غير الناجحة لإفشال ونسف الاتفاق النووي 2015: مواجهة مع الرئيس الأميركي، واتهام الولايات المتحدة بالتساهل والضعف وعدم فهم الخطر الإيراني، والذهاب إلى الكونغرس، حيث ستُسرّ الجمهوريين معالجة أي موضوع يمكّنهم من فتح جبهة ضد الرئيس الديمقراطي.
  • لكن الظروف في سنة 2021 لا تشبه إطلاقاً تلك التي كانت في سنة 2015. عملياً لا يوجد حلف إسرائيلي – سعودي - إماراتي. السعودية معزولة في واشنطن، بينما الإمارات تلعب لعبة مزدوجة ومنطقية، تتشدد تجاه إيران خارجياً وتتحاور معها بصمت. في البيت الأبيض يجلس رئيس ديمقراطي بعيد كل البعد عن الإعجاب بنتنياهو. حتى تشرين الثاني/نوفمبر 2022 على الأقل الديمقراطيون يسيطرون على مجلسيْ الكونغرس، لذا ليس واضحاً ما هو هدف استراتيجية إسرائيل من هذا التصعيد - إلّا إذا قبلنا الحكمة البسيطة السائدة وهي أن هذا الأمر يخدم نتنياهو وليس بالضرورة إسرائيل.