مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
الحكومة الإسرائيلية تعتزم المصادقة على خطة لإقامة 2200 وحدة سكنية جديدة في مستوطنات الضفة الغربية في مقابل المصادقة على بناء 1000 منزل فلسطيني في مناطق ج
مدير وكالة الاستخبارات الأميركية المركزية يعقد اجتماعين مع بينت وغانتس لبحث الأوضاع في الشرق الأوسط مع التركيز على إيران
لبيد وبوريطة يوقّعان عدة اتفاقات تعاون بين إسرائيل والمغرب خلال أول زيارة لمسؤول إسرائيلي رفيع المستوى إلى الرباط منذ أكثر من 20 عاماً
بينت: نبذل جهوداً قصوى للتغلب على الموجة الجديدة من كورونا من دون فرض قيود تُلحق أضراراً بالاقتصاد
مقالات وتحليلات
على إسرائيل إعادة فحص منطق "حماس" وحزب الله وإيران والذي يتمثل في شكل من الجرأة الفائضة لإعادة تصميم "قواعد اللعب"
مدير السي آي إيه لم يأت في زيارة مجاملة بل ليذكّر إسرائيل بحدود المناورة
على إسرائيل أن تختار طرفاً في الصراع بين الصين والولايات المتحدة
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"هآرتس"، 12/8/2021
الحكومة الإسرائيلية تعتزم المصادقة على خطة لإقامة 2200 وحدة سكنية جديدة في مستوطنات الضفة الغربية في مقابل المصادقة على بناء 1000 منزل فلسطيني في مناطق ج

تعتزم الحكومة الإسرائيلية المصادقة على خطة لإقامة 2200 وحدة سكنية جديدة في مستوطنات الضفة الغربية، بما في ذلك في البؤر الاستيطانية غير القانونية.

وأكد مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى أمس (الأربعاء) أنه من المقرر أن تتم المصادقة على هذه الخطة، التي تُعتبر الأكبر منذ تنصيب الحكومة الإسرائيلية الجديدة، خلال جلسة يعقدها "المجلس الأعلى للتخطيط والبناء" في الإدارة المدنية التابعة للجيش الإسرائيلي الأسبوع المقبل.

في المقابل صادقت الحكومة الإسرائيلية على بناء 1000 منزل فلسطيني في مناطق ج في الضفة الغربية. وتمت هذه المصادقة بمبادرة من وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس، وقام منسق شؤون الحكومة الإسرائيلية في المناطق [المحتلة] غسان عليان بتبليغ الجانب الفلسطيني هذا القرار.

يُذكر أن تقارير رسمية وحقوقية فلسطينية ودولية تؤكد أن إسرائيل تفرض قيوداً مشددة على البناء الفلسطيني في مناطق ج في الضفة الغربية إلى جانب الاستمرار في هدم ما تعتبر أنه بناء غير شرعي أو غير مرخص.

وتشكل مناطق ج نحو 60% من مساحة الضفة الغربية، وتقع تحت المسؤولية الأمنية والمدنية الإسرائيلية الكاملة بموجب اتفاقيات أوسلو الموقعة بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية.

"معاريف"، 12/8/2021
مدير وكالة الاستخبارات الأميركية المركزية يعقد اجتماعين مع بينت وغانتس لبحث الأوضاع في الشرق الأوسط مع التركيز على إيران

اجتمع مدير وكالة الاستخبارات الأميركية المركزية [السي آي إيه] وليام بيرنز، الذي يقوم بزيارة إلى إسرائيل، أمس (الأربعاء) بكلّ من رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت ووزير الدفاع بني غانتس.

ومن المقرر أن يتوجه بيرنز إلى رام الله اليوم (الخميس) لعقد اجتماعات مع مسؤولين في السلطة الفلسطينية، بينهم رئيس السلطة محمود عباس.

وذكر بيان صادر عن ديوان رئاسة الحكومة أن الاجتماع بين بيرنز وبينت تركز على بحث تعزيز التعاون الاستخباراتي والأمني بين إسرائيل والولايات المتحدة، وعلى بحث الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط مع التركيز على إيران وإمكانات توسيع التعاون الإقليمي وتعميقه.

وشارك في الاجتماع كلّ من رئيس جهاز الموساد دافيد برنياع، ورئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي إيال حولتا، والسكرتير العسكري لرئيس الحكومة آفي غيل، ومستشارة رئيس الحكومة للشؤون السياسية شيمريت مئير.

وقال وزير الدفاع غانتس في تغريدة نشرها في حسابه الخاص على موقع "تويتر"، إنه ناقش خلال اجتماعه ببيرنز تعميق التعاون الاستخباراتي وقدم له معلومات بشأن تحركات إيران العدوانية في المنطقة وتسريع البرنامج النووي. وأضاف: "أعربت لبيرنز عن ضرورة تشديد الإجراءات الدولية من أجل الحفاظ على الاستقرار في المنطقة."

وكان بيرنز عقد اجتماعاً مع رئيس جهاز الموساد أجريا خلاله مباحثات بشأن الملف النووي الإيراني وغيره من التحديات الإقليمية التي يعتزم الجهازان التعاون بشأنها.

وتزامنت زيارة بيرنز إلى إسرائيل مع تصاعد حدّة المواجهة بين إسرائيل وإيران، وذلك في إثر الهجوم الذي تعرضت له سفينة "ميرسير ستريت" التي تديرها شركة إسرائيلية قبالة سواحل عُمان يوم 29 تموز/يوليو الفائت، إذ حمّلت إسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا إيران المسؤولية عن الهجوم وتوعدتها بردّ مشترك.

كما تتزامن هذه الزيارة مع التصعيد في منطقة الحدود الشمالية، والذي تمثّل بقصف متبادل بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله يوم 8 آب/أغسطس الحالي، عقب غارات شنها سلاح الجو الإسرائيلي على مواقع في لبنان بحجة الرد على إطلاق صواريخ من الجنوب اللبناني في اتجاه الأراضي الإسرائيلية.

"يديعوت أحرونوت"، 12/8/2021
لبيد وبوريطة يوقّعان عدة اتفاقات تعاون بين إسرائيل والمغرب خلال أول زيارة لمسؤول إسرائيلي رفيع المستوى إلى الرباط منذ أكثر من 20 عاماً

وقّع وزيرا خارجية المغرب وإسرائيل ناصر بوريطة ويائير لبيد في الرباط أمس (الأربعاء) اتفاقات لاستحداث آلية تشاور سياسي بين البلدين وأُخرى للتعاون في مجالات الثقافة والرياضة والخدمات الجوية، خلال أول زيارة رسمية لمسؤول إسرائيلي رفيع المستوى منذ أكثر من 20 عاماً، وذلك بعد تطبيع العلاقات بين البلدين في نهاية العام الفائت.

وقال بوريطة في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام في ختام توقيع الاتفاقات، إنه تطرق خلال مباحثاته مع لبيد في مقر الوزارة في الرباط إلى الوضع في منطقة الشرق الأوسط وآفاق السلام، مشيراً إلى أن موقف المغرب يدعو إلى ضرورة خروج عملية السلام من الجمود الحالي واستئناف المفاوضات. وأضاف: "هناك حاجة ماسة اليوم إلى البدء بإجراءات لإعادة بناء الثقة والحفاظ على الهدوء لفتح أفق سياسي للنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي."

وأشار بوريطة إلى أن هناك 10 اتفاقات تعاون أُخرى جاهزة للتوقيع، وتشمل مشاريع تعاون في مجالات البحث العلمي والسياحة والزراعة والطاقة.

ولم يتطرق لبيد في تصريحاته إلى الملف الفلسطيني، وشدّد على أهمية تطبيع العلاقات مع بلاد عربية، مؤكداً أنها تُظهر أن شيئاً ما يتغير في المنطقة، ونوّه بعمق الروابط الثقافية بين المغرب والإسرائيليين من أصول مغربية.

وسيقوم لبيد اليوم (الخميس) بافتتاح الممثلية الدبلوماسية الإسرائيلية في الرباط.

ويضم الوفد الإسرائيلي المرافق لوزير الخارجية كلاً من وزير الرفاه الاجتماعي مئير كوهين، ورئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست عضو الكنيست رام بن براك.

وكان المغرب رابع دولة عربية تطبّع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل برعاية أميركية العام الفائت، بعد الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان.

وجاء ذلك في إطار اتفاق ثلاثي اعترفت بموجبه الولايات المتحدة الأميركية، في ظل إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، بسيادة المغرب على الصحراء الغربية المتنازَع عليها مع جبهة البوليساريو.

 

"يديعوت أحرونوت"، 12/8/2021
بينت: نبذل جهوداً قصوى للتغلب على الموجة الجديدة من كورونا من دون فرض قيود تُلحق أضراراً بالاقتصاد

قال رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام مساء أمس (الأربعاء)، إنه يبذل قصارى جهده للتغلب على هذه الموجة من فيروس كورونا من دون فرض قيود من شأنها إلحاق أضرار بالاقتصاد الإسرائيلي.

وتطرّق بينت إلى موافقة حكومته على خطة تنص على زيادة الطاقة الاستيعابية في المستشفيات، فقال إن السباق ضد متحور "دلتا" يتطلب الاستعداد لمرضى أكثر خطورة في المستشفيات وحتى يتم كسب الوقت وتعطي حملة التطعيم نتائجها.

وأعلن رئيس الحكومة تحويل ميزانية فورية لدعم وتعزيز النظام الصحي في إسرائيل بقيمة 2.5 مليار شيكل. ومن أبرز بنودها زيادة طاقة المستشفيات وبصورة خاصة الاستشفاء، بحيث يمكن استيعاب ما يصل إلى 2400 مريض في حالة حرجة، كما سيتم توفير 100 طبيب إضافي و500 ممرض و200 مساعد طبي.   

ونوّه بينت بأن المعركة ضد متحور "دلتا" هي معركة من أجل الصحة، لكنها في الوقت عينه معركة من أجل الاقتصاد والتربية والتعليم أيضاً. 

واستمر أمس تصاعُد المنحنى الوبائي في إسرائيل. وأفاد آخر البيانات الصادرة عن وزارة الصحة بأن عدد المرضى بكورونا الذين توصف حالتهم بالخطرة ارتفع إلى 400 تم ربط 62 منهم بأجهزة التنفس الاصطناعي. وتم خلال الساعات الـ24 الماضية تسجيل 5700 إصابة جديدة بالفيروس، ووصلت نسبة الفحوصات الإيجابية إلى أكثر من 4%. وبلغت حصيلة حالات الوفاة الناجمة عن الفيروس منذ بدء تفشّيه في إسرائيل 6580 حالة.

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"يديعوت أحرونوت"، 12/8/2021
على إسرائيل إعادة فحص منطق "حماس" وحزب الله وإيران والذي يتمثل في شكل من الجرأة الفائضة لإعادة تصميم "قواعد اللعب"
عاموس جلعاد وميخائيل ميلشتاين - باحثان في "معهد السياسة والاستراتيجيا" في مركز هيرتسليا المتعدد المجالات
  • تواجه إسرائيل في الأشهر الأخيرة ثلاث بؤر توتر أمني مركزية: قطاع غزة، ولبنان، وإيران (ولا سيما في السياق المرتبط بمنطقة الخليج). وتطور التوتر في الحلبات الثلاث على خلفية منفردة، لكنه ينطوي على قاسم مشترك يتمثل في شكل من الجرأة الفائضة لدى أعداء إسرائيل ومحاولة حذرة من طرفهم لإعادة تصميم قواعد اللعب في كل ما يرتبط بالمواجهة مع إسرائيل.
  • كان التعبير الأول عن ذلك عملية "حارس الأسوار" العسكرية التي بادرت فيها حركة "حماس" لأول مرة إلى خوض معركة عسكرية واسعة، وذلك من دون توتر مسبق في قطاع غزة، بل رداً على ما يجري في القدس. وفي السياق الإيراني برزت مؤخراً عمليات توجيه ضربات إلى السفن في منطقة الخليج، بعضها بملكية إسرائيلية، وعلى رأسها السفينة التجارية التي قُتل فيها مدنيان (بريطاني وروماني). أمّا التعبير الأخير عن النزعة الموصوفة فنجده في قيام حزب الله بإطلاق قذائف في اتجاه شمال إسرائيل عقب هجوم شنه الجيش الإسرائيلي (وجاء بعد إطلاق صواريخ من الجنوب اللبناني)، وذلك لأول مرة منذ سنة 2006.
  • إن هذه الأحداث مجتمعة يمكن أن تشهد على تغيير آخذ بالتحقق في منطق أعداء إسرائيل الذين انتهجوا سياسة كبح في الأعوام الأخيرة خوفاً من التورط في تصعيد واسع. ويحدث هذا التغيير في إثر تحولات في المنظومتين الإقليمية والدولية، وعلى رأسها: صعود إدارة جديدة في الولايات المتحدة تُعَد في نظر الكثيرين في الشرق الأوسط أقل حماسة من سابقتها للعمل بقوة في المنطقة؛ تركيز إسرائيل على أزمة فيروس كورونا والعقدة السياسية الداخلية المتواصلة؛ ضعف العالم العربي السُّني والمخاوف التي يبديها جرّاء تقديره أن واشنطن لا توفر له دعماً مستقراً كما كانت الحال عليه في الماضي.
  • إن الجرأة التي تبديها "حماس" وحزب الله وإيران لا تعني أن هناك ضياعاً تاماً للردع الإسرائيلي، وأن هناك تظاهراً بوجود استعداد لمواجهة شديدة القوة معها. ويدور الحديث حول تجربة ومناورة هدفهما فحص كيف يمكن خلق مجال عمل يتيح احتكاكاً بإسرائيل والرد على أعمالها من دون الوصول إلى مواجهة شاملة معها. كما يدور الحديث حول نوع من "معركة بين الحروب" من إنتاج معسكر المقاومة وجد تعبيراً مختلفاً له في كل حلبة: في قطاع غزة، من خلال إرهاب البالونات، وفي الخليج، عبر ضرب متواصل للسفن، وفي لبنان، بإطلاق متقطع للصواريخ، وليس واضحاً بعد ما إذا كانت هذه مجرد ظاهرة شاذة أم هي نمط متكرر.
  • وتقوم الجهات الثلاث بإجراء متابعة حثيثة لردات فعل إسرائيل والساحتين الإقليمية والدولية على الاحتكاكات المختلفة، وتتلقى على ما يبدو انطباعاً بأنها ردات فعل ليست قوية كما كانت في الماضي. صحيح أن "حماس" تلقت في عملية "حارس الأسوار" ضربة عسكرية مهمة إلّا إنها سجلت إنجازات استراتيجية على نحو عزز صورتها في الداخل، وتسبب بإثارة تطرّف المجتمع العربي في إسرائيل. ولم تتكبد إيران ضرراً ذا أهمية بعد خطواتها العدوانية في الخليج (الحوار بينها وبين الأسرة الدولية بشأن الموضوع النووي مستمر، ومندوبو الاتحاد الأوروبي حضروا احتفال تنصيب رئيسها الجديد). وإطلاق الصواريخ في لبنان لم يواجَه بضربة إسرائيلية حادة أو بانتقاد دولي لاذع (وإن كان روفق بنقد حاد ضد حزب الله داخل لبنان).
  • إن تلاحُق هذه الأحداث يستوجب فحصاً لشكل نظرة إسرائيل إلى منطق خصومها وتقدير نشاطهم. في هذا السياق يتبين منذ بضعة أشهر أن ثمة فجوة بين التقدير الإسرائيلي، الذي يرى أن جميع هؤلاء مرتدعون ويسعون للحفاظ على الهدوء مع إسرائيل على خلفية مشاكلهم الداخلية (الضائقة المدنية في قطاع غزة؛ انهيار الدولة اللبنانية؛ محاولة إيران تحسين مكانتها في الساحة الدولية)، وبين الواقع القائم بالفعل الذي يتسلح فيه هؤلاء بجرأة ولّدت مفاجآت في صورة مبادرة هجومية تتبناها "حماس" ضد إسرائيل، أو رد حزب الله على هجوم الجيش الإسرائيلي في لبنان.
  • إن الفرضية الإسرائيلية الأساس بشأن الردع وبشأن نفور خصومها من خوض معركة واسعة هي فرضية صحيحة بالفعل، لكنها تفوّت حقيقة أن لديهم استعداداً لاتخاذ خطوات عسكرية تُعتبر في نظرهم أدنى من مستوى التصعيد الشامل. ومطلوب فهم هذه الفجوة واستيعابها بدلاً من الانجرار إلى حلول سهلة نسبياً، مثل التفسيرات التي تقول إن العدو فقد رجاحة رأيه وأصبح غير متوقع، مثلما جرى الزعم مؤخراً بشأن يحيى السنوار [قائد "حماس" في قطاع غزة].
  • على إسرائيل أن تلاحظ المحور أو الخيط الذي يربط بين ساحات التوتر المذكورة، وإن كان كل منها يُدار على خلفية منفردة، إلّا إن اللاعبين المركزيين فيها يعكسون منطقاً مشابهاً، لا بل يجرون فيما بينهم حواراً وسيرورات تعلُّم مشتركة. على إسرائيل أن تفهم أن أعداءها لا يزالون مرتدعين عن معركة شاملة ضدها، لكنهم يحاولون فحص ما إذا كان بإمكانهم إعادة رسم الخطوط الحمراء تجاهها. إن هذه الدينامية قد توجه إسرائيل - وأعداءها أيضاً - إلى تصعيد واسع، وذلك من دون تخطيط، وخلافاً للمصالح الأساسية لعموم اللاعبين.

 

"هآرتس"، 12/8/2021
مدير السي آي إيه لم يأت في زيارة مجاملة بل ليذكّر إسرائيل بحدود المناورة
ألون بينكاس - محلل سياسي
  • العديد من مدراء السي آي إيه زاروا الشرق الأوسط خلال توليهم منصبهم. بينهم ستة زاروا إسرائيل منذ السبعينيات. كلهم بدرجات تدخّل مختلفة قدموا توصياتهم إلى الرئيس الأميركي بشأن السياسة الأميركية في الشرق الأوسط.
  • بعضهم زار إسرائيل ضمن إطار وظروف عملية سياسية والحرب ضد الإرهاب، مثل جورج تينت خلال رئاسة بيل كلينتون وجورج بوش الثاني. آخرون زاروها ضمن إطار عسكري واستراتيجي، مثل زيارات مايكل هايدن في سنة 2007، بعد الكشف عن المفاعل النووي في سورية، أو جون بيرنان في سنة 2015، على خلفية المفاوضات والمحادثات النووية مع إيران، والتي أدت إلى الاتفاق النووي في ذلك العام. وليام كايسي، الذي كان مديراً للسي آي إيه خلال قضية جوناثان بولارد في منتصف الثمانينات، جاء على خلفية أزمة الثقة بين أجهزة الاستخبارات. آخرون جاؤوا في ظل توترات بين الولايات المتحدة وإسرائيل. ليون بانيتا والجنرال ديفيد بتريوس جاءا في ظل تغيرات في المنطقة وغموض جيو-سياسي.
  • كل هذه الزيارات كان لها أساس مشترك هو أن الولايات المتحدة منخرطة دبلوماسياً وعسكرياً في الشرق الأوسط، وترى أن لديها مصالح أميركية حيوية يجب المحافظة عليها والدفع بها قدماً. وهذا الوضع ليس هو اليوم. في فترة تتوجه الولايات المتحدة نحو انسحاب بطيء وتدريجي، لكنه واضح، من منطقة لم تعد لديها فيها تقريباً مصالح حيوية من الدرجة الأولى.
  • أمران يجعلان زيارة مدير السي آي إيه وليام بيرنز إلى إسرائيل زيارة خاصة: أولاً جدول الأعمال المتنوع. بالتأكيد إيران تشكل الموضوع المركزي والمُلح، والسيناريوهات المختلفة التي يمكن أن تنجم عن المحادثات بشأن العودة المحتملة للولايات المتحدة إلى إطار الاتفاق النووي ستكون محور الاهتمام. لكن إيران ليست الموضوع الوحيد. هناك أيضاً مستقبل السلطة الفلسطينية واستقرار الأردن، والموضوع المركزي بالنسبة إلى الولايات المتحدة - مكانة الصين وتمدُّد نشاطها وتعمُّقه في المنطقة - هذه الموضوعات كلها ستكون مطروحة.
  • ثانياً؛ خلفية بيرنز: لمدير السي آي إيه سيرة مهنية غنية كدبلوماسي في وزارة الخارجية لمدة 33 عاماً، أنهاها كنائب لوزير الخارجية ومفاوض مع إيران. هذه الخلفية لا تجعله مختلفاً فقط عن سائر مدراء السي آي إيه الذين جاؤوا من المؤسسة نفسها ومن الجيش أو من السياسة، بل كانت السبب المركزي الذي دفع الرئيس إلى تعيينه. بنى بايدن طاقماً ثنائياً للنهج القائم على مقولة "الدبلوماسية هي سياسة خارجية" مؤلفاً من وزير الخارجية أنتوني بلينكن ومدير السي آي إيه وليام بيرنز. كل مَن يريد فحص وتحليل كيفية بلورة وصوغ خطوات السياسة الخارجية لإدارة بايدن، يجب عليه التعامل مع بيرنز كوزير خارجية إضافي لا يقتصر دوره على المهمات التقليدية لمدير وكالة الاستخبارات المركزية.
  • يمكن التعرف على تفكير بيرنز وعلى المبادىء التي توجهه ونظرته إلى الشرق الأوسط من خلال المقال الطويل الذي كتبه في كانون الأول/ ديسمبر 2019 عندما كان رئيساً "لمركز كارنيغي"، قبل تعيينه مديراً للوكالة؛ عنوان المقال: "نهاية فكرة سحر الشرق الأوسط". من المهم مراجعة فقرتين في المقال من أجل فهم طريقة تفكير الإدارة الأميركية:
  • "على الرغم من الإنجازات المهمة، نحن (الولايات المتحدة) أحياناً كثيرة لا نقرأ التيارات الإقليمية بصورة صحيحة، ونخطىء في استخدام الوسائل التي تتلاءم مع الغايات. في نقطة زمنية معينة، مثل ما بعد الصدمة الناجمة عن هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001، دفعنا تعصُّبنا المسياني إلى تجاوز حدودنا العسكرية والتقليل من الاستثمار الدبلوماسي. لقد سمحنا لطموحاتنا بالتغلب على إمكاناتنا الفعلية في منطقة "الكمال" فيها أمر نادر وغالباً ما تكون النتائج مخيبة. إغراءات التفكير السحري والميل الدائم إلى افتراض الكثير بشأن تأثيرنا والتقليل من العقبات التي تعترض طريقنا وفاعلية الأطراف الأُخرى، كل ذلك أدى إلى عدم الانضباط وخيبات الأمل - وهو ما قلل بصورة مضطردة رغبة معظم الأميركيين في الدخول في مغامرات في الشرق الأوسط..."
  • ويتابع بيرنز: "هذا يضع السياسة الأميركية على مفترق طرق. لقد تلاشت لحظتنا، ولم نعد القوة الخارجية المهيمنة في الشرق الأوسط، لكن لا تزال لدينا يد قوية يمكن استخدامها. مفتاح اللعبة الصحيحة ليس في استعادة الطموحات المبالَغ فيها والعسكرة المفرطة التي طبعت فترة ما بعد الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، و أيضاً ليس من خلال فك ارتباط كامل."
  • زيارة بيرنز ليست زيارة مجاملة. وهو لم يأت إلى هنا ليتعرف على سياسة الحكومة في إسرائيل. هو يعرف جيداً النهج الأساسي لإسرائيل. المحادثة السياسية المهمة سيتركها للاجتماعين بين بينت وبايدن المقرريْن في الأسابيع والأشهر المقبلة. يأتي بيرنز كحليف يريد تذكير إسرائيل بلطف بالمصالح الأميركية، وما هي حدود المناورة، ومدى معرفة إسرائيل بها وحساسيتها تجاهها.
  • هناك سيناريوهان متساويا المعقولية: اتفاق أو لا اتفاق. بيرنز يعرف تحفظات إسرائيل الجوهرية عن الاتفاق النووي، والتحفظات الإضافية بعد أن اتضحت الخطوط التوجيهية للاتفاق الجديد، وخصوصاً عدم التعويض عن التقدم الذي حققته إيران في تخصيب اليورانيوم وتقصير "زمن القفزة" نحو آلية عسكرية نووية.
  • في سيناريو اتفاق، وكتمهيد للقاء بينت - بايدن، يريد بيرنز من إسرائيل التخفيف من خطابها المعارض للاتفاق والامتناع من القيام بعمليات ضغط في الكونغرس ووسائل الإعلام الأميركية. هو يقول ندرك أنكم تعارضون الاتفاق، تصرّفوا مع ضبط النفس. البديل أسوأ.
  • المعضلة الكبيرة هي عدم التوصل إلى اتفاق نتيجة قرار أميركي بعدم المضي قدماً في ضوء الشروط التي تضعها إيران، أو محاولة إيرانية لإطالة أمد المفاوضات عدة أشهر من دون التوصل إلى نتيجة. في مثل هذه الحالة ومن شبه المؤكد أن بيرنز وبينت تحدثا عن المعلومات الاستخباراتية السياسية والتكنولوجية الموجودة بشأن إيران، وعن نوع وحجم آلية التشاور وتبادل المعلومات الدائم الذي يحتاج إليه كل من الولايات المتحدة وإسرائيل.
  • في الساحة الفلسطينية، سيقترح بيرنز على إسرائيل الامتناع من القيام بخطوات أحادية الجانب وإضعاف وزعزعة استقرار السلطة الفلسطينية، وسيوصي بالقيام بخطوات بانية للثقة.
  • سيقول لمضيفيه هناك الآن مسألة الصين. أنتم تعرفون تماماً ما المقصود، وتعرفون اتفاق التعاون الاستراتيجي بين الصين وإيران، ومشروع شي جين بينغ "طريق الحرير الجديد". وتدركون المصلحة العليا والموارد التي توظفها الولايات المتحدة في موضوع الصين. وسيختم قائلاً: أنا أؤمن وآمل أنكم تنتبهون وتعون ما يجري، وأنكم شركاء أيضاً.
"معاريف"، 10/8/2021
على إسرائيل أن تختار طرفاً في الصراع بين الصين والولايات المتحدة
زلمان شوفال - سفير سابق
  • الاختيار بين الأكل الصيني وبين الهمبرغر ليس سهلاً، وخصوصاً إذا كنا نحب النوعين. هذا في عالم الطبخ، وهو أكثر صعوبة في عالم السياسة. العلاقات الاقتصادية وغير الاقتصادية، بما فيها على صعيد التصدير الأمني بين الصين وإسرائيل بعد إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، تطورت بسرعة. وفي الأعوام الأخيرة تراوح حجم التجارة بين البلدين ما بين 12 و15 مليار دولار سنوياً، وتحولت الصين إلى الشريكة التجارية الثالثة من حيث الحجم بالنسبة إلى إسرائيل، بعد أوروبا والولايات المتحدة.
  • ونظراً إلى حساسيتها، لا يعرف كثيرون كل تفاصيل التعاون الأمني بين البلدين، والذي شهد صعوداً وهبوطاً نتيجة التدخل الأميركي. في سنة 2000 أدى الضغط الأميركي إلى إلغاء صفقة تزويد الصين بالطائرات ووقعت حوادث أُخرى. حرصت إسرائيل على الدوام على منع تسرّب معلومات أو تفاصيل أميركية إلى الصينيين، لكن هذا لم يمنع أطرافاً أميركية معنية وغيرها من نشر أخبار كاذبة في هذا الشأن.
  • في كتابي "دبلوماسي" (إصدار "يديعوت أحرونوت") رويتُ كيف نشرت "الواشنطن تايمز" في سنة 1992 خبراً ادعت فيه أن إسرائيل، بعكس التزامها الواضح للولايات المتحدة، نقلت إلى الصين تكنولوجيا حساسة تتعلق بصاروخ "باتريوت"، وحتى أنها نقلت صاروخاً كاملاً. الخبر استند إلى "مصادر استخباراتية أميركية". وعندما طُلب من موظفين في وزارة الخارجية وفي البنتاغون الرد، قالوا إن الاتهامات "جدية". حتى مجلة "الوول ستريت" الرصينة اتهمت إسرائيل بنقل تكنولوجيا عسكرية أميركية إلى الصين ودول أُخرى. والأكثر خطورة أن الكونغرس تدخّل وطلب من مراقب الدولة الأميركي (GAO) التحقيق في الموضوع.
  • الجهات الرسمية في إسرائيل أعلنت أن الاتهامات باطلة، لكن الناطقين بلسان الإدارة رفضوا تكذيب الاتهامات بصورة مطلقة على الرغم من علمهم بأنها غير صحيحة. فقط بعد أن طلبت من نائب وزير الخارجية لورانس أيغلبرغر إصدار تكذيب رسمي لم يعد الموضوع مطروحاً.
  • على الرغم من ذلك استمرت العلاقات الاقتصادية وغير الاقتصادية بين إسرائيل والصين في التطور، إذ استثمرت شركات صينية في مجال البنى التحتية والتكنولوجيا المختلفة، وهي تؤدي دوراً مهماً في توسيع وإدارة المرافىء الإسرائيلية.
  • لا يقتصر التسلل الصيني على أهداف مادية فقط، ويمكن أن نستدل على ذلك من إعلان فتح فرع للجامعة الصينية في إسرائيل بدءاً من تشرين الأول/أكتوبر برئاسة سفير إسرائيل السابق في الصين اللواء في الاحتياط متان فيلنائي. وسيعلّم الفرع اللغة الصينية وينظّم زيارات تعليمية للطلاب إلى الصين. قد يبدو هذا بريئاً، لكن مؤسسات من هذا النوع في نظام توتاليتاري هدفها نشر دعاية خفية ونفوذ سياسي وثقافي.
  • بالنسبة إلى الصين، تشكل هذه النشاطات والاستثمارات جزءاً من مشروع "طريق الحرير الجديد"، الذي يمزج بين أهداف اقتصادية وجيو-استراتيجية. وإذا كان التقارب بين الصين وإسرائيل يثير استياء واشنطن في الماضي، فقد أصبح الموضوع الآن حساساً أكثر في ضوء التوترات العامة التي تزداد حدة بين البلدين.
  • لقد سبق لإدارة ترامب أن حذّرت إسرائيل من مغبة تعميق العلاقات مع الصين، لكن في إدارة بايدن تحولت المواجهة المتعددة الأبعاد مع الصين إلى الموضوع المركزي في سياستها الخارجية. ففي تموز/يوليو من هذا العام اتهمت الإدارة الأميركية رسمياً وزارة الأمن الداخلي الصينية بشن هجوم سيبراني على شركة "مايكروسوفت"، ووصفت العمل الصيني بأنه يشكل "تهديداً حقيقياً لأمن أميركا وحلفائها". وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أصدر توجيهاً اعتبر فيه بيجين "أكبر تحدٍّ تواجهه الولايات المتحدة"، والرئيس الأميركي نفسه دعا خلال اجتماعه بزعماء أوروبا إلى قيام جبهة موحدة في مواجهة الصين.
  • في كتاب جديد بعنوان "لعبة للمدى البعيد" كتبه الخبير في الشؤون الصينية راش دوشي وهو أحد المستشارين السياسيين للرئيس بايدن، قال إن هدف الصين تحقيق تفوق عالمي مطلق على أميركا خلال الـ30 عاماً المقبلة. لا يشارك الجميع في هذا التقدير، لكن هذا هو الخط الذي يوجه السياسة الخارجية الأميركية، وإسرائيل على الرغم من علاقاتها المهمة مع الصين، إلّا إنها لا تستطيع تجاهُل ذلك. باعتبار أن الولايات المتحدة هي الحليفة الاستراتيجية الأولى ونصف الشعب اليهودي يعيش هناك. إذا كان على إسرائيل أن تختار طرفاً في المواجهة الدائرة بين الصين وأميركا فهي على الأرجح ستختار الولايات المتحدة.