مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
ذكرت مصادر مصرية لصحيفة "العربي الجديد" أن كبار المسؤولين في الاستخبارات المصرية حذروا قيادة "حماس" بعد الأحداث الأخيرة التي وقعت بالقرب من السياج الحدودي من مغبة تدهور الأوضاع وفقدان السيطرة. وبالإضافة إلى التحذيرات أعلنت السلطات المصرية إغلاق معبر رفح إلى إشعار آخر. يأتي ذلك بعد خرق "حماس" وعودها بلجم أعمال العنف التي وقعت يوم السبت. وذكرت المصادر المصرية وجود اتفاق بين الاستخبارات المصرية وقيادة "حماس" بشأن ضرورة السيطرة الكاملة على المتظاهرين وعدم الاقتراب من السياج الحدودي والاحتكاك بالقوى الأمنية. وعلى الرغم من ذلك خرجت الأمور عن السيطرة، وهو ما أدى إلى جرح عشرات الفلسطينيين وإطلاق النار على جندي من حرس الحدود وإصابته بجروح خطِرة.
من جهة أُخرى ذكر الجيش الإسرائيلي أن طائراته الحربية قامت بسلسلة هجمات على أهداف تابعة لحركة "حماس" في قطاع غزة، بينها منشأة لإنتاج السلاح ونفق. وبحسب بيان الجيش، هاجمت الطائرات الحربية منشأة لإنتاج السلاح تابعة لـ"حماس" في خان يونس، ونفقاً بالقرب من جباليا، ومواقع لإطلاق القذائف المدفعية موجودة في قلب منطقة سكنية في الشجاعية بالقرب من مدرسة.
وذكر الجيش أن الهجمات جاءت رداً على إطلاق بالونات حارقة في اتجاه أراضي إسرائيل. وقال بيان الجيش إن "حماس" تواصل العمل على تدهور الأمور في القطاع وتشجع على أعمال العنف. وأن الجيش سيواصل الرد على هذه المحاولات ويعتبر "حماس" مسؤولة عن كل ما يجري في القطاع.
من جهة أُخرى ذكر المراسل العسكري لصحيفة "معاريف" أنه خلال قيام الجيش الإسرائيلي باعتقال مطلوب في مخيم اللاجئين بلاطة تعرضت القوة الإسرائيلية لإطلاق نار فقامت بالرد عليه. في نهاية العملية وقعت أعمال شغب وعنف شملت رشق القوة الإسرائيلية بالحجارة الكبيرة من المباني القريبة. ولم يُصَب أحد من أفراد القوة.
من جهة أُخرى تحدثت مصادر فلسطينية عن مقتل الفتى الفلسطيني عماد حشاش (16 عاماً) خلال المواجهات التي جرت في مخيم بلاطة. ودان رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية مقتل الفتى الفلسطيني ودعا المجتمع الدولي إلى إدانة الجريمة وتحميل إسرائيل مسؤولية الجريمة المستمرة ضد الشعب الفلسطيني.
يتوجه رئيس الحكومة نفتالي بينت بعد ظهر اليوم (الثلاثاء) للاجتماع بالرئيس الأميركي جو بايدن. وهي زيارته السياسية الأولى منذ استلامه منصبه، لكن بحسب تقارير فقد سبق أن عقد اجتماعاً سرياً مع العاهل الأردني الملك عبد الله.
وكان بينت قال في المؤتمر الصحافي الذي عقده يوم الجمعة الماضي إن الموضوع الأكثر إلحاحاً، والذي سيطرحه مع بايدن، هو إيران. ومما قاله بينت إنه سيحمل معه وجهة نظر هدفها لجم النشاطات الإقليمية السلبية لإيران ومنع اقترابها من إنتاج سلاح نووي.
من جهة أُخرى شددت أوساط بينت على التركة الصعبة التي تركتها حكومة نتنياهو في الموضوع النووي. وفي رأي هذه الأوساط، كان هناك انفصال بين الخطاب العدائي لهذه الحكومة حيال إيران و الواقع. وأضافت "نحن الآن في النقطة الأكثر تقدماً في البرنامح النووي من ناحية تخصيب اليورانيوم. نسبة التخصيب سريعة ومقلقة والعدائية الإيرانية في المنطقة تتمدد، سواء في البحر أو الجو أو البر."
تقول الأوساط المقربة من بينت أنه يزور واشنطن مع الكثير من حسن النية إزاء الموضوع الفلسطيني. وتشير المصادر إلى وجود اختلاف في وجهات النظر مع إدارة بايدن بشأن الموضوع الفلسطيني. حتى داخل الحكومة الإسرائيلية هناك اختلاف في وجهات النظر. رئيس الحكومة لا يؤيد حل الدولتين ويعتقد أنه سيكون بمثابة كارثة أمنية بغض النظر عن الموضوع الأيديولوجي. وفي رأي هذه المصادر، لا يوجد أحد يعتقد أن المفاوضات مع الفلسطينيين الآن هي فكرة ناجحة.
وبحسب مصدر رفيع المستوى، سيركز بينت على الاقتصاد، وعلى تحسين الوضع الفردي للسكان. وأشار إلى أن مصلحة إسرائيل هي رفع مستوى الحياة في الضفة الغربية، والمحافظة على الاستقرار الأمني بقدر المستطاع.
ومن المفترض أن يصل بينت الليلة إلى واشنطن ويلتقي غداً وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع لويد أوستين، ومستشار الأمن القومي جايمس سوليفان. أما لقاء الرئيس جو بايدن فسيجري ظهر يوم الخميس في البيت الأبيض. ومن المنتظر أن يعود بينت إلى إسرائيل بعد ظهر يوم الخميس.
وصل عدد المصابين بالكورونا في إسرائيل منذ انتشار الوباء خلال العام ونصف العام الماضيين إلى أكثر من مليون مصاب، وبلغ عدد الوفيات 6864، أي ما نسبته 0.68%، وهي أقل نسبة وفيات في العالم. وأمس وصل عدد المصابين بالكورونا إلى 9831 مصاباً جديداً، حالة 678 منهم صعبة، بينهم 168 حالتهم خطرة و123 موصولون بأجهزة تنفس اصطناعي، وهو ما يشكل الذروة في الموجة الحالية.
وحتى الآن جرى إعطاء الجرعة الثالثة لنحو 1.575.898 شخصاً. وسيقوم مسؤولو وزارة الصحة بتقديم الجرعه الثالثة لمن هم في الثلاثين من العمر فما فوق.
- بعد ظهر يوم السبت بادرت "حماس" إلى تنظيم تظاهرات عنيفة على حدود القطاع بحجة إحياء ذكرى حريق المسجد الأقصى في سنة 1969. هنا وقع خطأ عملاني كبير في فرقة غزة. نشر الجيش طاقماً من القناصة، بينهم عناصر من وحدة المستعربين التابعة لحرس الحدود، على طول الجدار الذي أقيم في حاجز كارني غربي الجدار المحصن ضد الأنفاق، والذي أُنجز بناؤه في السنة الماضية. وقف القناصة وراء الجدار ووجهوا سلاحهم عبر فتحات إطلاق النار. لكن عندما اقترب عشرات المتظاهرين نحو الجدار، لم تطلَق في البداية نيران دقيقة في اتجاههم خوفاً من إصابة أولاد كانوا مع الجماهير. هنا اقترب العديد من الفلسطينيين من الجدار نفسه واستغل أحدهم، تبين فيما بعد أنه عنصر في "حماس"، فتحة إطلاق النار كي يطلق من مسدسه الرصاص في الاتجاه المعاكس من مسافة قريبة جداً، وهو ما أدى إلى إصابة القناص برال شمولي إصابة خطرة، وما زالت حياته تحت الخطر.
- الإصابة المأساوية التي تعرض لها شمولي، والتي لا داعي لها، أثارت الجدل من جديد بشأن تعليمات فتح الجنود والشرطة النار في المناطق. والحجة المركزية هي أنه لو أُعطيَ القناصة ما يكفي من الدعم، ولو سمحوا لهم بإطلاق النار مسبقاً لما تسنى للناس الاقتراب من الجدار الأمامي، وكان في الإمكان منع وقوع الحادثة.
- في تلك الليلة اتصل بينت بوالد المقاتل المصاب. رئيس الحكومة المتعب والمنهمك بأمور أكثر إلحاحاً تشغله بحكم منصبه، أخطأ عندما نادى الابن باسم الأب، وأظهر عدم معرفة بحالته الصحية. وعلى ما يبدو حرص شخص ما على تسجيل المكالمة ونشرها على صفحته على الفايسبوك.
- الذي قفز على المناسبة هو رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو الذي يقضي عطلته في هاواي، وكان لديه الوقت للتحدث مع والدة شمولي، وكان على معرفة بكل التفاصيل. وبحسب الأم، فإنه بكى بمرارة في أثناء الحديث. كل هذا كان يستحق الثناء لولا حرص مستشاري نتنياهو على النشر في حساباتهم على الفايسبوك دعوات إلى الصلاة من أجل حياة شمولي استُهلت بكلمة "العار". القراء فهموا من تلقاء أنفسهم أن المقصود هو سلوك بينت حيال عائلة شمولي.
- يجب أن نقول الأمور التالية: أولاً، ممنوع على رئيس الحكومة أن يخطىء في اسم مقاتل خاطر بحياته ويمكن أن يخسرها من أجل أمن الدولة. ويجب على طاقمه الشاب الحرص على عدم وقوعه في مثل هذه الأخطاء . ثانياً، ليس المطلوب منه زيارة جرحى مهما كان وضعهم صعباً، فهناك القادة الكبار في الجيش والشرطة من أجل هذه المهمة، ومن الأفضل أن يركز بينت على محاربة الكورونا والتحضير لزيارته المهمة إلى واشنطن. ثالثاً، الحادثة على الحدود هي حادثة تكتيكية انتهت بصورة بشعة بسبب خلل على المستويات العملانية، ولا يمكن أن تملي على إسرائيل استراتيجيتها في القطاع أو تؤدي إلى عملية رد مدوية تدفع الطرفين إلى جولة أُخرى من القتال. إذا أرادت إسرائيل القيام بعملية في غزة فيجب أن تفعل ذلك انطلاقاً من أسباب أمنية وسياسية وليست انتقامية.
... في هذه الأثناء تستعد "حماس" لتظاهرة جماهيرية على طول السياج ستجري يوم الأربعاء شرقي خان يونس. كما سُجل اليوم إطلاق بالونات حارقة في اتجاه أراضي إسرائيل. في تقدير الجيش الإسرائيلي تريد "حماس" زيادة الضغط على إسرائيل وعلى الوسطاء المصريين والقطريين لأنها غير راضية عن التسوية التي جرى التوصل إليها بشأن المساعدة القطرية - سيحوَّل فقط 20 مليون دولار الشهر المقبل، بدلاً من 30 مليون قبل العملية العسكرية الأخيرة. تعود "حماس" إلى اللعب بالنار عشية سفر رئيس الحكومة إلى واشنطن. فإذا تدهورت الأمور غداً على طول الحدود فإن ذلك يمكن أن يلقي بظله على الزيارة، ومن المحتمل أن تدفع إسرائيل ثمناً لها.
- الانسحاب المخطَّط له للولايات المتحدة (وحلفائها) من أفغانستان، والمستمر في هذه الأيام، يدور في ظل انطباع قاس أنه هو الذي سمح بالسيطرة السريعة لطالبان على الدولة، بينما القيادة الأفغانية، وخصوصاً العسكرية التي دُرِّبت وسُلِّحت طوال أعوام كثيرة وصُرفت عليها مليارات الدولارات، لم تحرك ساكناً لوقف هذه التطورات. سلسلة التطورات الفوضوية السريعة طرحت بشدة في داخل الولايات المتحدة وخارجها سؤالاً عما إذا كان لا مفر من هذه التطورات أم أن ما يجري هو فشل قيادي، وفي الأساس استخباراتي؟ يُطرح هذا السؤال خصوصاً في سياق تشديد الرئيس جو بايدن في تموز/يوليو الماضي على أن الجيش الأفغاني سيواجه طالبان بنجاح، وهناك احتمال ضئيل بأن تسيطر الحركة على الدولة بسرعة.
- حتى لو تعلق الأمر بمفاجأة استخباراتية، فلقد كان لدى الإدارة الأميركية الوقت الكافي للإعداد لانسحاب منظم لكل قوات الناتو حتى الموعد الرسمي الذي يتميز بأهمية رمزية - 11 أيلول/سبتمبر، ومنع الانطباع بأن ما يحدث هو "هروب"، والقيام بإجلاء الأفغان الذين تعاونوا مع الأميركيين وحلفائهم خلال أعوام بقائهم في أفغانستان. وضمن إطار الإعداد للإجلاء، وكجزء من الاستعدادات لليوم التالي، كان في إمكان الإدارة الأميركية تنسيق عملية إقليمية مع الدول المجاورة، في الأساس باكستان، والصين، والهند، وروسيا، وتركيا، لتقليص خطر تحوُّل أفغانستان مجدداً إلى دولة غير مستقرة تُستخدَم قاعدة للإرهاب، والاستعداد لمواجهة التداعيات الإنسانية والسياسية والاقتصادية لإنهاء الوجود الأميركي.
- هناك سؤال مركزي إلى جانب الأسئلة المتعلقة بسوء التقدير الأميركي حيال سلوك القيادة الأفغانية وطالبان في الأيام التي سبقت الانسحاب، هو إلى أي حد حققت الولايات المتحدة أهداف المعركة في "المغامرة" الأفغانية التي استمرت 20 عاماً. لقد غزت الولايات المتحدة أفغانستان بهدف اقتلاع القاعدة، بالإضافة إلى هدف ثانوي "بناء أمة" في أفغانستان بحسب النموذج الديمقراطي الغربي. وبينما تحقق الهدف الأول إلى حد كبير (بما في ذلك اغتيال أسامة بن لادن في سنة 2011) إلا إن الولايات المتحدة فشلت في تحقيق الهدف الثاني للأسباب عينها التي أدت إلى فشلها في العراق. هذه الإخفاقات تدل على عدم قدرة على فرض تغييرات سياسية - مؤسساتية وقيَمية من الخارج وبالقوة على مجتمع غير ناضج لذلك، وخصوصاً في فترة زمنية قصيرة. فإنهاء المعركة بعد تحقيق الهدف الأول من دون محاولة إعادة صياغة الساحة الأفغانية كان سيوفر على الولايات المتحدة إحراج الانسحاب.
- على أي حال، وعلى الرغم من أن مشاهد الانسحاب من أفغانستان لم تكن جميلة بالنسبة إلى الإدارة والتطورات زعزعت مَن يقود السياسة الخارجية الأميركية، فإنه لم يكن هناك مفر من قرار الرئيس بايدن، وهو لم يكشف فقط إدراكه لحدود قوة الولايات المتحدة، بل أيضاً حقق رغبة الرئيسين اللذين سبقاه – الرئيس باراك أوباما والرئيس دونالد ترامب. بالإضافة إلى ذلك الاتفاق الذي وقّعه ترامب مع طالبان (والذي لم يُنفذ) أظهر الحركة بصفتها شريكاً شرعياً. إدارة بايدن ودول أُخرى، بينها الصين وروسيا وإيران، تُجري محادثات مع الحركة سعياً للتأثير في سلوكها في أفغانستان وخارجها. حتى لو أن الرئيس بايدن سيُنتقد لتقليله من قوة طالبان ومبالغته في تقدير قوة الجيش الأفغاني، فإن التعب الكبير الذي يسود الجمهور الأميركي جرّاء التورط في صراعات دولية إجمالاً، وعسكرية خصوصاً، سيعوض عن النقد ويتغلب عليه، وثمة شك في أن الرئيس سيتضرر سياسياً في المدى البعيد من تحقيقه الرغبة في الانسحاب.
- بالإضافة إلى ذلك إنهاء الوجود في أفغانستان سيسهل على الولايات المتحدة تحويل اهتمامها ومواردها إلى مواجهة التحدي رقم واحد، بحسب تحديد الإدارة – الصين. في تموز/يوليو 2021، ومع الانسحاب من أفغانستان، وفي إطار الحوار الاستراتيجي مع العراق، أعلن الرئيس بايدن أن الولايات المتحدة ستُنهي مهمتها القتالية في العراق حتى نهاية هذه السنة، وسيتركز عمل القوات الأميركية التي ستبقى هناك على الاستشارة وتدريب القوات المحلية. ثمة شك في أن هذا القرار قد يتغير - حتى في ضوء المشاهد المزعجة من أفغانستان. مع ذلك، من المحتمل أن تؤثر هذه المشاهد في الاستعدادات لمواجهة الخروج من العراق. علاوة على ذلك، وبخلاف أفغانستان، تقليص القوات الأميركية في العراق تم بالاتفاق مع القيادة العراقية وبالتنسيق الكامل معها.
- من السابق لأوانه تقدير التداعيات الكاملة للتطورات الأخيرة، وخصوصاً إزاء أفغانستان، سواء على صعيد الدينامية الدولية التي بدأت ولا تزال تتطور منذ بداية ولاية الرئيس بايدن، أو في الأساس إزاء طموحه إعادة الولايات المتحدة إلى موقع القيادة. ستتضرر في الأمد القصير بالتأكيد صورة الولايات المتحدة كقوة عظمى وثقة حلفائها بمدى استعدادها لأن تهب لمساعدتهم في الملمات. وحتى لو كان المطلوب من طالبان في الفترة القريبة العمل على ترسيخ سلطتها في أنحاء أفغانستان، فمن المتوقع أن تحتفل طالبان مع القاعدة بانتصارهما على قوة دولية عظمى، وسيقدَّم هذا النصر على أنه إنجاز إسلامي ديني. ومن المتوقع أن يحاول لاعبون دوليون مختلفون فحص مدى قوة وحزم الولايات المتحدة والبحث عن فرصة لاستغلال الضرر الذي لحق بصورتها من أجل الدفع قدماً بمصالحهم. مع ذلك، ليس من الواضح كيف سيترجَم الإخفاق الأميركي الحالي إلى تحدٍّ استراتيجي يهدد مكانة الولايات المتحدة في المدى البعيد.
- حالياً تزداد معقولية أن الدول المحيطة بأفغانستان، في الأساس الصين والهند وإيران وكذلك روسيا، والتي تشكل طاجكستان باحتها الخلفية، ستكون مهددة بسبب عدم الاستقرار في أفغانستان. إن خطر توجيه طالبان اهتمامها نحوهم سيجبر هذه الدول على توظيف موارد كبيرة جداً مقارنة بالماضي لمواجهة التهديدات المحتملة من هذا الاتجاه. في المقابل حدوث تطورات في هذا الاتجاه سيخدم المصالح الأميركية خصوصاً، والغربية عموماً. وفعلاً لدى شرح الانسحاب شدد الرئيس بايدن على أن الصين وروسيا كانتا ترغبان في بقاء الولايات المتحدة في أفغانستان لإضعافها وللدفاع عن مصالحهما.
- ... بالنسبة إلى إسرائيل، من المهم فحص التطورات على ثلاثة مستويات:
- التأثير في حافز التنظيمات الإرهابية - سيطرة طالبان السريعة على أفغانستان وتقديم سردية أنها نجحت في التسبب بفشل أميركي يمكن أن يعزز الحافز لدى جهات إرهابية متطرفة لزيادة نشاطها على الساحة الدولية، بما فيها في الشرق الأوسط ضد أهداف إسرائيلية. مع ذلك كان دور الولايات المتحدة صغيراً في محاربة التنظيمات الإرهابية التي تعمل ضد إسرائيل، لذا، ثمة شك في أن الانسحاب من أفغانستان سيغير بصورة كبيرة تقدير هذه التنظيمات الإرهابية للوضع فيما يتعلق بحجم عملياتهم والأهداف.
- السلوك الإقليمي لإيران - التطورات في أفغانستان تضع إيران أمام واقع معقد. ترى إيران في الانسحاب الأميركي تطوراً إيجابياً بالنسبة إلى المصلحة الإيرانية الرامية إلى طرد القوات الأميركية من الشرق الأوسط. ويأملون في طهران بأن تكون المرحلة المقبلة في عملية تقليص القوات الأميركية في المنطقة هي الانسحاب من العراق. هذا التطور سيحسن بصورة كبيرة الأمن في "الباحة الخلفية" لإيران، وسيشكل "انتقاماً استراتيجياً" لاغتيال قاسم سليماني. وجهة النظر هذه يمكن أن تعزز السردية الإيرانية القائلة إنه يجب زيادة الضغط على الأميركيين "لإقناعهم" بالتمسك برغبتهم في الخروج من العراق. في المقابل، إذا أرادت إيران (وحتى هذه اللحظة هذا ليس وارداً) زيادة تدخُّلها في أفغانستان فسيتعين عليها تخصيص موارد (وخصوصاً من طرف الحرس الثوري) ليست متوفرة لديها حالياً - وتخصيصها سيكون بالتأكيد على حساب عملياتها في المنطقة.
- علاقات إسرائيل بالولايات المتحدة - على الرغم من المشاهد التي تبدو هروباً أميركياً من أفغانستان إلاّ إنه ليس من المتوقع أن تخرج الإدارة الأميركية عن سياستها التي تدفع قدماً بانفصال الولايات المتحدة عن مراكز قتال "لا نهاية له" بحسب وصفها، بما في ذلك عملية تقليص وجودها العسكري في الشرق الأوسط. الإدراك السائد وسط لاعبين في المنطقة بأن الشرق الأوسط فقد أهميته في مجمل اعتبارات الأمن القومي الأميركي، ونتيجة عدم الاستعداد الأميركي لتوظيف موارد اقتصادية وعسكرية أجبر هؤلاء اللاعبين على تحديث تقديرهم إزاء السلوك الذي ينبغي أن يسلكوه. يبدو أن هذا الإدراك يمكن أن ينعكس على تقديرهم لحجم الدعم الذي من المتوقع أن تمنحه الولايات المتحدة لإسرائيل في مواجهة تحديات إقليمية.
- بالإضافة إلى هذا كله، ومن ناحية موضوعية، يتعين على إسرائيل أن تخطط خطواتها انطلاقاً من الإدراك أنه حتى لو كانت الإدارة مخلصة في تأييدها ودعمها لإسرائيل، لكن نظرياً وعملياً ثمة فرصة ضئيلة في أن تكون الإدارة مستعدة لتوظيف موارد عسكرية في المستقبل في مواجهة تحديات إقليمية، بينها التحدي الإيراني. مع ذلك، فإن توجه الانفصال عن الشرق الأوسط يمكن أن يعزز، في نظر الإدارة الأميركية، قيمة إسرائيل كدولة قادرة على مساعدة الولايات المتحدة للمحافظة على مصالحها والدفع بها قدماً في المنطقة.