مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
ذكر تقرير لوكالة "الأناضول" التركية للأنباء أن مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند قام بزيارة إلى قطاع غزة أمس (الثلاثاء) عقد خلالها اجتماعاً مع قادة حركة "حماس".
وجاء هذا التقرير بعد ساعات من إعلان "حماس" أنها قامت بتسليم الوسيط المصري مسودة لصفقة تبادل أسرى مع إسرائيل.
وأكد التقرير أيضاً أن وينسلاند دخل إلى القطاع عن طريق معبر إيرز [بيت حانون] واجتمع بعدد من قادة "حماس"، بينهم زعيم الحركة في القطاع يحيى السنوار، ومكث وينسلاند في القطاع عدة ساعات وخرج من هناك في ساعات ما بعد الظهر.
وأكد مصدر فلسطيني للوكالة التركية نبأ الزيارة، لكنه لم يقدم معلومات مفصلة عمّا دار بين قادة "حماس" والمبعوث الأممي، واكتفى بالإشارة إلى أن النقاشات تركزت حول قضايا إنسانية.
وكانت صحيفة "العربي الجديد" الصادرة في لندن نقلت أمس عن مصادر فلسطينية قولها إن "حماس" قدمت للوسيط المصري اقتراحين لصفقة تبادل أسرى مع إسرائيل. وأضافت أن الاقتراح الأول يتضمن مرحلة واحدة تشمل إطلاق سراح الأسرى الأمنيين الذين أُطلقوا في إطار "صفقة شاليط" وأعيدَ اعتقالهم، وأيضاً أسيرات وأسرى أطفال ومرضى، بالإضافة إلى أسرى مع محكوميات عالية، في مقابل الإفراج عن جثتيْ الجنديين الإسرائيليين هدار غولدين وأورون شاؤول والمواطنين أفرا مانغيستو وهشام السيد الذين تحتجزهم "حماس". ويدور الاقتراح الثاني حول صفقة تجري على مرحلتين، في المرحلة الأولى يتم إطلاق أسرى "صفقة شاليط" وأسرى أطفال في مقابل معلومات، وفي المرحلة الثانية يتم إطلاق آلاف الأسرى الأمنيين من ذوي المحكوميات العالية، بينهم أسرى ارتكبوا عمليات قُتل فيها إسرائيليون.
عارض نواب من الحزب الديمقراطي الأميركي إدراج بند ينص على تقديم مساعدات عسكرية أميركية بقيمة مليار دولار إلى إسرائيل في قانون الموازنة العامة الأميركية، الأمر الذي أدى إلى إرجاء المصادقة على المساعدات التي من المتوقع أن يتم شملها في ميزانية الدفاع التي سيتم طرحها لمصادقة الكونغرس خلال عدة أشهر.
وتتعلق هذه المساعدات، التي تعهدت بها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، بتعزيز مخزون ذخيرة الجيش الإسرائيلي في إثر العملية العسكرية الأخيرة التي قام الجيش الإسرائيلي بشنها في قطاع غزة في أيار/مايو الفائت [عملية "حارس الأسوار"]، بما في ذلك إمداد منظومة "القبة الحديدية" المضادة للصواريخ بالذخيرة والمعدات اللازمة.
وأعلن نواب ديمقراطيون قبل ساعات قليلة من تمرير مشروع قانون الميزانية الأميركية في مجلس النواب أنهم سيعارضون مشروع القانون إذا ما تضمن البند المتعلق بتقديم مساعدات عسكرية بقيمة مليار دولار لإسرائيل بهدف إمدادها بذخيرة ومعدات لمنظومة "القبة الحديدية". وبسبب ذلك تم شطب هذا البند من قانون الموازنة على أن يتم إدراجه لاحقاً في قانون ميزانية الدفاع الذي سيُطرح للتصويت في الكونغرس بعد عدة أشهر.
وأعلن وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد في بيان صادر عنه مساء أمس، أنه تحادث هاتفياً مع زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب الأميركي عن المساعدات المتعلقة بـ"القبة الحديدية" التي تعهدت إدارة بايدن بتحويلها إلى إسرائيل، وأشار إلى أن هذا الأخير أكد التزام الديمقراطيين في مجلس النواب بالمصادقة على قيمة مبلغ المساعدات.
وأضاف لبيد أن زعيم الأغلبية الديمقراطية بلّغه أن تأجيل تمرير المصادقة على قيمة المساعدات كان تأجيلاً فنياً ونجم عن النقاش في الكونغرس بشأن سقف العجز في الموازنة الأميركية، وفي الوقت عينه جدّد التزام البيت الأبيض ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وزعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأميركي بتحويل ميزانية المساعدة لـ"القبة الحديدية" في المستقبل القريب.
وكانت إسرائيل توجهت إلى واشنطن خلال الاجتماعات التي عقدها وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس مع كبار المسؤولين في إدارة بايدن، وبينهم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي جاك سوليفان، ووزير الدفاع لويد أوستن، في واشنطن في مطلع حزيران/يونيو الفائت، بطلب تقديم مساعدات مالية لتعبئة ما نفد من صواريخ "القبة الحديدية" خلال العملية العسكرية التي شنّها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة ما بين 10 و21 أيار/مايو الماضي واستخدم فيها كميات كبيرة من صواريخ منظومة "القبة الحديدية" المضادة للصواريخ في سياق التصدي للقذائف التي أطلقتها الفصائل الفلسطينية من قطاع غزة في اتجاه الأراضي الإسرائيلية.
كما أن الرئيس الأميركي جو بايدن تعهد خلال الاجتماع الذي عقده مع رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت في واشنطن في أواخر آب/أغسطس الفائت، بتقديم هذه المساعدات، كما أكّد وزير الدفاع الأميركي خلال الاجتماع الذي عقده مع بينت قبل اجتماع هذا الأخير ببايدن أن الإدارة الأميركية ملتزمة بضمان استمرار منظومة "القبة الحديدية" في حماية أمن إسرائيل وسكانها.
وتحصل إسرائيل من الولايات المتحدة على صواريخ "تامير" الاعتراضية المستخدمة في منظومة "القبة الحديدية" ويقدَّر ثمن الصاروخ الواحد بـ50.000 دولار.
ذكر بيان صادر عن وزارة الخارجية الإسرائيلية أن وزير الخارجية يائير لبيد أجرى قبل عدة أيام محادثة هاتفية مع وزيرة الخارجية السويدية آن ليندا تقرر خلالها استئناف العلاقات بين الوزارتين.
كما أصدرت وزيرة الخارجية السويدية بياناً أكدت فيه أن المحادثة الهاتفية مع لبيد كانت جيدة للغاية، وأنها أوضحت فيها سياسة بلدها الداعية إلى الدفع قدماً بعملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين على أساس حل الدولتين. وأكدت الوزيرة أنها شجبت الإرهاب وشددت على التزام السويد بأمن إسرائيل.
يُشار إلى أن هذه المحادثة هي أول محادثة هاتفية بين وزيريْ خارجية البلدين بعد قطيعة استمرت منذ سنة 2014. وكانت العلاقات الإسرائيلية- السويدية تأزمت في تلك السنة في إثر اعتراف ستوكهولم بقيام دولة فلسطينية، وقيام إسرائيل باستدعاء سفيرها في السويد للتشاور.
توجه عضو الكنيست ورئيس بلدية القدس السابق نير بركات [الليكود] الليلة قبل الماضية إلى الولايات المتحدة في زيارة تهدف إلى القيام بحملة إعلامية لمعارضة إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، والتي ستقدم خدمات للفلسطينيين، من خلال التحذير من مغبة تأثير مثل هذه الخطوة في بقاء القدس مدينة موحدة.
وسيعقد بركات خلال زيارته اجتماعات مع نواب في مجلسيْ الشيوخ والنواب، ومع شخصيات مؤثرة في الرأي العام الأميركي. ويدور الحديث حول جولة ثانية يجريها بركات في الولايات المتحدة لهذا الغرض.
وهاجم بركات الحكومة الإسرائيلية الحالية ورئيسها نفتالي بينت، وقال في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام عشية سفره، إن هذا الأخير لا يعارض إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية ويخفي ذلك عن الرأي العام في إسرائيل. وتوقع أن تخرج هذه الخطوة إلى النور بعد المصادقة على الميزانية الإسرائيلية العامة في القراءتين الثانية والثالثة، وأكد أن الحديث يدور حول خطوة خطرة تنطوي على الإقرار بأن القدس عاصمة فلسطين.
في سياق متصل بعثت القائمة المشتركة برسالة إلى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن طالبته فيها بإعادة فتح القنصلية في القدس الشرقية قبل المصادقة على الميزانية الإسرائيلية العامة.
وجاء في الرسالة: "في الوقت الذي يعارض مسؤولون في إسرائيل إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، من المهم أن تفهم أهمية مثل هذا الخطوة في كل ما يتعلق بإيجاد الظروف المناسبة لعملية السلام. يجب منح الإسرائيليين والفلسطينيين نفس الفرص للتمتع بالحرية والأمن والاحترام والازدهار".
وأكدت الرسالة أن الإدارة الأميركية السابقة اتخذت خطوات خطرة خدمت جهات يمينية متطرفة في إسرائيل.
أكد وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي عومر بارليف [العمل] أنه وضع قضية كبح موجة العنف والجرائم المستفحلة في المجتمع العربي في إسرائيل في رأس سلّم أولوياته، وأنه لا ينوي التنازل أو التراجع عن ذلك.
وجاء تأكيد بارليف هذا في سياق بيان نشره في صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" الليلة قبل الماضية، في إثر ارتكاب ثلاث جرائم قتل في غضون 24 ساعة راح ضحيتها ثلاثة شبان عرب.
وأشار بارليف إلى أن موجة العنف هذه تفاقمت على خلفية عشرات السنوات من الإهمال والتجاهل والامتناع من خوض المواجهة، وشدّد على أن الموجة توسعت ولم تعد مرتبطة فقط بعائلات الإجرام، كما شدّد على أن مَن يعتقد أن عشرات السنوات من الإهمال سيتم حلها في غضون 100 يوم من العمل فهو يعيش في فيلم.
كما أشار بارليف إلى أنه سيتم تمرير الميزانية الإسرائيلية العامة خلال الأسابيع المقبلة، وستتمكن وزارته من السير قدماً، وسيتم تجنيد 1100 شرطي لهذه المهمة وتكثيف مراكز الشرطة بعناصر إضافية، فضلاً عن قيام جهاز الأمن العام ["الشاباك"] بتقديم المساعدة.
- استئناف المفاوضات بشأن الاتفاق النووي خلال أسابيع، بحسب التلفزيون الإيراني أمس (الثلاثاء)، هو مسألة في يد الطرف الإيراني تماماً. قبل ذلك، من المتوقع حدوث اتصالات غير رسمية بين الطرفين على هامش الجمعية العمومية للأمم المتحدة التي بدأت أمس في نيويورك.
- قرار استئناف المفاوضات كان موضع شك بعد فوز إبراهيم رئيسي ممثل المعسكر الصقري المحافظ في الانتخابات. وكانت إدارة بايدن لمّحت إلى أنها ستوافق على المفاوضات من جديد في اللحظة التي يوافق فيها الإيرانيون على ذلك. تثير السياسة الأميركية الإحباط، لكن الجانب الإسرائيلي يُسلّم بها بالتدريج. التحفظات الإسرائيلية طُرحت خلال اجتماع الرئيس بايدن برئيس الحكومة نفتالي بينت الشهر الماضي في واشنطن، وفي سلسلة لقاءات على مستويات مهنية.
- في جزء من المحادثات اقترح الإسرائيليون على الأميركيين تشديد لهجتهم وتوجيه تهديد عسكري حقيقي إلى إيران إذا استمرت في الدفع قدماً بمشروعها النووي. لكن الإدارة الأميركية، وعلى الرغم من صداقاتها الحميمة مع إسرائيل والعلاقات الجيدة بين مسؤوليها، إلاّ إنها ليست متحمسة لذلك، لا بل على العكس، قسم من موظفي بايدن، الذين عملوا على بلورة الاتفاق النووي خلال ولاية الرئيس أوباما في سنة 2015، يشرحون للإسرائيليين لماذا كان قرار الرئيس ترامب اغتيال الجنرال قاسم سليماني في مطلع 2020 خطأ يجب الندم عليه.
- من وجهة نظر إسرائيلية، الظروف اليوم ليست مشجعة. في الأشهر الأخيرة دار جدل في القيادة السياسة والأمنية الإسرائيلية بشأن ما إذا كان من الصائب اعتبار إيران "دولة على عتبة النووي". في مقال طويل نشرته "يديعوت أحرونوت"، عشية يوم العيد، ادّعى رئيس الحكومة السابق إيهود باراك أن هذا الخلاف أصبح محسوماً، وأن "إيران اجتازت نقطة اللاعودة في اتجاه أن تصبح دولة على عتبة النووي".
- يقصد باراك في كلامه هذا الشوط الذي قطعه الإيرانيون في تخصيب اليورانيوم. خروج ترامب من الاتفاق في أيار/مايو 2018 أدى إلى استئناف الإيرانيين خرقهم للاتفاق منذ أكثر من سنة. وفي الأسبوع الماضي ذكر تقرير نشرته "النيويورك تايمز"، بالاستناد إلى باحثين في معهد أبحاث أميركي، أن إيران على بُعد شهر أو شهرين من مراكمة كميات من اليورانيوم المخصّب تكفي لإنتاج قنبلة نووية واحدة. بعد الوصول إلى هذا المستوى سيكون المطلوب إنتاج رأس نووي متفجر (أي تحويل كميات اليورانيوم المخصّب إلى سلاح). يميل باراك إلى التقدير أن المدة الزمنية المطلوبة لذلك أقصر من تقدير المؤسسة الأمنية الإسرائيلية التي تتحدث عن عام أو عامين.
- يقول باراك إن تقدُّم إيران يعبّر عن الفشل المطلق لسياسة ترامب ونتنياهو. وهو على حق. لقد أمِل نتنياهو بأن الضغط الأميركي الأقصى - فرض عقوبات صارمة على إيران، بعد خروج ترامب من الاتفاق - سيؤدي في النهاية إلى واحد من أمرين: انهيار النظام من الداخل أو صدام عنيف مع الولايات المتحدة تكون نهايته قصف أميركي للمنشآت النووية. ما جرى هو العكس، أصر الإيرانيون على التمسك بالمشروع وخرق الاتفاق. والآن هم يتوجهون إلى المفاوضات مع الدول الكبرى من موقع قوة.
- مع ذلك يجب أن نذكر شيئاً لا يبرز في مقالة باراك. أولاً، يوجد عداء كبير بين الشريكين السابقين باراك ونتنياهو، وباراك كان من أبرز المؤيدين لحركة الاحتجاج التي طالبت باستقالة نتنياهو من منصبه على خلفية تقديم لائحة اتهام ضده. خلال الأعوام 2009-2012، عندما كان باراك وزيراً للدفاع في حكومة نتنياهو، كانا متفقيْن في الرأي بشأن الموضوع الإيراني، وضغطا للدفع قدماً بهجوم إسرائيلي مستقل ضد المنشآت النووية.
- وحدها المعارضة الأميركية، بالإضافة إلى التحفظات الكبيرة لرؤساء الأذرع الأمنية الإسرائيلية، منعت هذه الخطوة - لاحقاً برز أيضاً شك في شأن حقيقة رغبة الرجلين في إعطاء الأمر بالهجوم. لكن في تلك الفترة بدا باراك مقتنعاً جداً. في صيف 2011 دُعي رئيس تحرير "هآرتس" ألوف بن وأنا إلى لقاء طويل مع باراك في مكتبه. عند انتهاء الاجتماع في ساعة متأخرة من الليل كان لدينا انطباع قوي بأن قرار مهاجمة إيران أصبح محسوماً عنده وعند نتنياهو. حينها فقط انتبهنا إلى رمزية التوقيت: 5 تشرين الأول/أكتوبر، عشية حرب يوم الغفران.
- النهاية معروفة. الأميركيون ضغطوا، الجنرالات في إسرائيل عارضوا، نتنياهو وباراك أجّلا القرار سنة أُخرى. في صيف 2012 تكررت القصة نفسها من جديد، ومرة أُخرى لم يُتخذ القرار بالهجوم. في هذه الأثناء تشاجر الرجلان واتهم نتنياهو باراك بطريقة غريبة بأنه توصل إلى تفاهمات مع إدارة أوباما من وراء ظهره للجم إمكان الهجوم. بعد وقت قصير استقال باراك من الحياة السياسية. واستمر نتنياهو في الوعظ ضد الاتفاق مع إيران، وأقحم نفسه في مواجهة علنية عنيفة مع إدارة أوباما بشأن توقيع الاتفاق في صيف 2015. الآن، الفشل السياسي بات واضحاً أمام أعين الجميع.
- وماذا سيحدث الآن؟ إذا كان باراك على حق في أن إيران أصبحت دولة على عتبة النووي، سيتعين على إسرائيل أن تحلل وتدرس مجدداً نوعية التهديد الإيراني لها وسبل مواجهته. وعلى الرغم من تصريحات كبار المسؤولين الإسرائيليين، فإن خياراً عسكرياً مستقلاً ضد إيران ليس مطروحاً فعلاً الآن. سيتعين على الجيش الإسرائيلي العودة إلى بناء هذه القدرة التي كانت جزئية عندما كانت في ذروتها، قبل حدوث سيناريو متطرف تقوم فيه إيران بخرق الاتفاقات وتنجز هذه المرة عملية إنتاج سلاح نووي.
- طوال عقد من الزمن اعتمدت السياسة الخارجية الإسرائيلية على فكرة قاتمة مفادها أن التحالفات الوحيدة التي يمكن الاعتماد عليها هي التي تستند إلى مصالح اقتصادية أو أمنية. لا مكان في السياسة الخارجية للحوار القائم على قيم مشتركة أو صداقة بين شعبين. وبدلاً من سياسة خارجية نشطة وإيجابية، انتهجت حكومة نتنياهو سياسة تشكيك وتشاؤم.
- في الساحة الداخلية، أدت النظرة التشاؤمية إلى وصول المجتمع الإسرائيلي إلى حافة التفكك. في الساحة الدولية دفعت هذه النظرة الحكومات السابقة إلى إهمال المهمة الحيوية، أي بناء تحالفات تعتمد على قيم مشتركة. جرى هذا تحديداً في وقت شهد أزمات عالمية – الأزمة المصرفية، وأزمة الإسلام الراديكالي، وأزمة المناخ، وأزمة الكورونا - دفعت المجتمع الدولي إلى أن يدرك أنه لم يعد هناك مشكلات محلية، وكل المشكلات صغيرة وكبيرة تتحول في النهاية إلى مشكلات عالمية.
- التشاؤم السياسي خطأ، وأسوأ من ذلك خطأ كسول. ذريعة "كلهم معادون للسامية ولا فائدة"، كانت ببساطة حجة حكومة مشغولة بأمور أُخرى، وتوقفت عن بذل الجهد في الساحة الدولية. لا يمكن أن نبقى أعواماً طويلة من دون وزير خارجية (أو مع وزير ليست لديه صلاحيات)، وإغلاق ممثليات، وتقليص ميزانيات الوزارة مرة تلو الأُخرى، وإبقاء عشرات السفارات شاغرة، وتجاهُل التغيّر العميق الذي طرأ على المجتمع الأميركي والمجتمع الأوروبي- ثم نتباكى قائلين إنهم لا يفهموننا.
- نتائج الإهمال والتشاؤم كانت سريعة وقاسية. منذ خطاب نتنياهو الفاشل في الكونغرس في سنة 2015 خسرت إسرائيل قدرتها على تجنيد العالم في الموضوع الإيراني. حجم العداء للسامية هو الأسوأ منذ عقود. تأييد إسرائيل وسط الشباب الأميركي ووسط الناخبين الديمقراطيين هو الأدنى على الإطلاق. المنظمات الدولية توافق على قرارات معادية لإسرائيل كأنها مسألة روتينية.
- برز الضرر خصوصاً في العلاقات مع الولايات المتحدة. لا أحد يختلف على أن أكبر رصيد سياسي وأمني لإسرائيل هو العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة. هذه العلاقات لا تعتمد على مصالح، بل على قيم. الآباء المؤسسون للولايات المتحدة، مثل الآباء المؤسسين للصهيونية، كانوا يتطلعون إلى مجتمع مثالي قائم على الحريات. لقد نظر الأميركيون إلينا ورأوا فينا شيئاً منهم. وبدلاً من تطوير هذه العلاقة، تسببنا في الأعوام الأخيرة بحدوث شرخ مستمر مع الحزب الديمقراطي، الذي يضم نحو نصف السكان الأميركيين، ومع جزء مهم من الجالية اليهودية في العالم.
- هذا التدهور يمكن لجمه. الطلاب الأميركيون والأوروبيون في الجامعات لا يتظاهرون ضدنا "بسبب مصالح"، بل بسبب إخفاق دعائي وقيَمي. جزء من أعضاء الكونغرس يصوت ضدنا لأن أحداً لم يشرح له الجانب الثاني من القصة. يمكننا مواصلة الغضب، لكن لدينا فكرة أفضل: تغيير الوضع. وهذا سيستغرق وقتاً ويتطلب جهداً، لكن بقيادة سياسة خارجية حديثة ومستقلة يمكن أن نحسّن مكانة إسرائيل في العالم بصورة جذرية.
- خلال الوقت القصير الذي مر تبين أن في الإمكان العمل بصورة مختلفة. مثلاً تعاملت إسرائيل مع موضوع "السلام البارد" مع مصر والأردن كأنه أمر محتوم. الحكومة الجديدة التي تألفت في حزيران/يونيو الماضي قررت تحدي هذه النظرة. خلال 3 أشهر من العمل المكثف، السلام أصبح حاراً. وُقّعت اتفاقات تجارة وعمل جديدة، وعُقدت اجتماعات علنية بين الزعامات، وتحسّن التعاون بصورة كبيرة. جرى كل ذلك من دون أن تضطر إسرائيل إلى التنازل عن أي مصلحة حيوية.
- نعم، لدينا أعداء كثر في العالم، لكن تجدر الإشارة إلى أن لدينا أيضاً أصدقاء، وهم أقوياء وكثر. وفي مواجهة الأضرار والتصدعات التي حدثت في الأعوام الأخيرة هناك أيضاً تقليد طويل وثابت من التأييد لإسرائيل. جو بايدن، فلاديمير بوتين، أنغيلا ميركل، إيمانويل ماكرون، نارندا مودي، سكوت موريسون، الملك عبد الله الثاني، عبد الفتاح السيسي، محمد بن زايد، الملك محمد السادس - هذه فقط قائمة جزئية لأصدقاء إسرائيل المعروفين. الاتحاد الأوروبي على وشك أن يوقّع معنا اتفاقاً اقتصادياً – تكنولوجياً واسع النطاق: "أوروفيزيون 2020-2027". في دول شرق آسيا، مثل اليابان وكوريا الجنوبية، لا يوجد عداء للسامية تاريخياً، وللعلاقة معهما إمكانية اقتصادية هائلة. قائمة الاستثمارات الصينية في إسرائيل لم نشهد مثلها قط.
- إذا نظرنا غرباً فنرى أن الوضع تحسن كثيراً. تجدد "الحلف الهيليني" مع اليونان وقبرص، والذي نريد أن نوسعه كي يشمل دول البلقان وأصدقاءنا الجدد في الخليج. مع المغرب نبني علاقات لم نكن نحلم بها قط. ولقد جرى تعيين إسرائيل مؤخراً دولة مراقبة في الاتحاد الأفريقي، على الرغم من غضب جزء من الدول في الجامعة العربية. وزيرة الخارجية الكاريزماتية في السنغال قالت لي في حديث طويل وبفرح "اسمحوا لنا العمل من أجلكم في أفريقيا".
- هناك موضوعات إسرائيل ليست مستعدة للتنازل فيها، ولو تسبب هذا بضرر حقيقي في علاقاتها الخارجية. يجب علينا أن نبذل كل شيء- بما في ذلك مواجهات علنية مع أصدقائنا- كي نكشف الطبيعة الحقيقية للنظام الإيراني ومشاريعه للحصول على سلاح نووي. لن نتردد في شن عملية ضد غزة إذا واصلت "حماس" إطلاق الصواريخ على مواطنينا. لكن كل هذا لا يلغي حاجتنا إلى بناء منظومة قوية من التحالفات والصداقات.
- يجب علينا بناء مظلة سياسية تحمي رؤوسنا، وتحمّل المسؤولية، وتطوير أفكار، واتخاذ قرارات تستند إلى حقائق (حتى لو كانت غير جميلة)، وأن نفهم بعمق كيف يرانا الآخرون، وأن نكون مستعدين لتقبّل النقد، ونتخلى عن الشفقة على أنفسنا، ونحترم حقوق الإنسان- كل هذا ليس عبئاً سياسياً بل هو قيم نؤمن بها. سياسة خارجية متفائلة ومنفتحة على الحوار ليست ثمناً ندفعه، بل هي رصيد نبنيه لأنفسنا إزاء العالم.