مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
وزير الأمن الداخلي يعترف بأن العملية بشأن رون آراد لم تقدم المعلومات المنتظرة
الكشف عن عملية الحصول على معلومات عن رون آراد يزيد في حدة المواجهة بين بينت وغانتس
إسرائيل تنفي حدوث تقدُّم في مفاوضات التسوية مع "حماس"
مقالات وتحليلات
دولة تتمرّغ في اشتهاء الجثث
الخريطة الاستراتيجية: إنجازات إزاء تحديات متعاظمة
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"معاريف"، 7/10/2021
وزير الأمن الداخلي يعترف بأن العملية بشأن رون آراد لم تقدم المعلومات المنتظرة

تحدث وزير الأمن الداخلي عومر بار ليف (من حزب العمل) صباح اليوم (الخميس) إلى إذاعة "103 FM" عن العملية بشأن الحصول على معلومات عن مصير الطيار المفقود رون آراد، والتي كشف عنها رئيس الحكومة نفتالي بينت في الكنيست، فقال: "لقد كان الهدف من العملية إرسال رسالة إلى مواطني دولة إسرائيل مفادها أن دولتهم تبذل كل ما في وسعها منذ أعوام للحصول على معلومات عن المفقودين، وأننا نبذل كل ما في وسعنا لإعادة الأسرى وقتلانا الذين سقطوا في قطاع غزة، وفي الحروب مع لبنان. وذلك بعكس قصة الأرشيف الإيراني الذي كشفه نتنياهو، ومن خلاله كشف طريقة عمل الموساد."

وتابع: "لقد سمعت مَن يقول إن الكشف عن العملية أضر بقدرات الموساد، وسمعت مَن يدّعي أن العملية لم تكن ناجحة، وهذا صحيح، ففي نهاية الأمر لم تؤد العملية إلى المعلومات التي كنا ننتظرها عن رون آراد، لكن ذلك لم يؤد إلى كشف أساليب عمل الموساد، ولم يُلحق الضرر بقدرته على تنفيذ عمليات في المستقبل."

وأضاف الوزير: "من غير الأخلاقي تعريض حياة الناس للخطر، وبهذا المعنى لم تتعرض حياة أحد للخطر، ولم يكن هناك خطر من كشف أسلوب عمل الموساد. من واجب دولة إسرائيل توظيف الكثير من الجهود أعواماً عديدة من أجل الحصول على معلومات عن المفقودين بهدف إعادتهم كي يُدفنوا في دولة إسرائيل. من الواضح أن هذا واجبها وهو يكلف مالاً."

وتطرق الوزير خلال الحديث إلى الجريمة في المجتمع العربي، فقال: "طوال أعوام قالت الحكومات لنفسها أنه ما دام العرب يطلقون النار على بعضهم البعض سنتركهم. لكن كما يعرف الجميع، لا يتوقف العنف والجريمة والتحرش عند حدود البلديات، ووصولها إلى كل مكان في إسرائيل هو مسألة وقت فقط، ومع الأسف، سيصل هذا إلى كل مكان في إسرائيل. أنا ضد استخدام جنود الجيش الإسرائيلي في القضاء على الجريمة في المجتمع العربي. يجب على الجنود حماية القواعد العسكرية ومنع سرقة السلاح منها، ويجب على الجيش الدفاع عن الحدود." وتابع: "يجب على الشاباك العمل وفق القانون، ومهمة الشاباك منع المسّ بأمن الدولة، بما في ذلك أمنها الداخلي. مع الأسف، ما يحدث اليوم في أنحاء الدولة أن عائلات الجريمة وغيرها تقف ضد السلطات، وتهدد رؤساء البلديات في المجالس الإقليمية، وما يجري في النقب هو تحدٍّ فعلي لسيادة دولة إسرائيل وحكومتها." وأضاف: "إذا أردنا إحداث تغيير حقيقي فيتعين على الحكومة العمل على معالجة القضايا الأساسية الناجمة عن الفجوات الكبيرة جداً في العمل والتعليم والسكن. لذلك يجب العمل على كل المسائل في آن معاً. رئيس الحكومة يعترف بذلك ويبذل قصارى جهده، ومن المنتظر وصول 30 مليار شيكل من أجل ذلك."

 

"هآرتس"، 7/10/2021
الكشف عن عملية الحصول على معلومات عن رون آراد يزيد في حدة المواجهة بين بينت وغانتس

الكشف عن عملية الحصول على معلومات عن مصير رون آراد تسبب بزيادة حدة المواجهة بين رئيس الحكومة نفتالي بينت ووزير الدفاع بني غانتس. والسبب أن بينت لم يخبر غانتس بنيته الكشف عن العملية إلاّ قبل وقت قصير من إلقائه خطابه في الكنيست. في رأي أوساط غانتس، أنه يعتقد أن إعلان العملية كان خطأً، لكن لم تُتَح له الفرصة لثنيْ بينت عن ذلك. مصادر سياسية نسبت إلى غانتس الأقوال التي نشرتها وسائل الإعلام بعد خطاب بينت في الكنيست، والتي تقول إن العملية لم تكن ناجحة. وفي رأي هذه المصادر، التعبير العلني عن التوتر بشأن حدث أمني وعرضه كفشل، بعكس موقف رئيس الحكومة وأطراف أمنية أُخرى، هو بمثابة "تجاوز للخط الأحمر". مصدر مقرب من رئيس الحكومة قال "هذا أمر غير طبيعي"، ووصفت أوساط في الائتلاف ما يجرى بأنه حدث سياسي كبير ويجب تهدئة الأجواء.

التوتر بين غانتس وشركائه برز منذ بدء الاتصالات لتأليف الحكومة، على خلفية عدم رضا غانتس عن مكانه في الائتلاف. غانتس الذي رفض اقتراحاً بتأليف حكومة مع بنيامين نتنياهو اعتقد أن وضع حزب أزرق أبيض سيمكّنه من دخول مكتب رئاسة الحكومة في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. يدحض وزير الدفاع علناً فكرة أنه خائب الأمل بمكانته السياسية، لكن أحداثاً أُخرى وقعت في الشهر الماضي تدل على تدهور العلاقات بينه وبين بينت ولبيد.

"معاريف"، 7/10/2021
إسرائيل تنفي حدوث تقدُّم في مفاوضات التسوية مع "حماس"

على الرغم من التقارير التي نشرتها وسائل إعلام أجنبية، نقلاً عن مصادر في "حماس"، بشأن حدوث تقدُّم في مفاوضات التسوية مع إسرائيل وإعادة إعمار قطاع غزة، لا يرون في إسرائيل أي تقدُّم.

مصادر في "حماس" تحدثت في الأيام الأخيرة عن تقدُّم في النقاشات الدائرة بين قيادة الحركة وكبار المسؤولين في الاستخبارات المصرية نحو التوصل إلى تفاهمات تشكل اختراقاً في هذا الموضوع. يُعتقَد في إسرائيل أن المصريين يبذلون قصارى جهدهم من أجل التوصل إلى استقرار الوضع في القطاع، ويبحثون مع قيادة "حماس" في كيفية زيادة دخول البضائع من مصر إلى غزة عن طريق رفح، لأن مثل هذه الخطوة يخدم مصلحتهم ويعزز مكانتهم الدولية، وخصوصاً إزاء الأميركيين. مع ذلك، في هذه المرحلة لم يحدث اختراق أو تغيير في الوضع القائم، ولا في قضية إعادة إعمار غزة ومسألة الأسرى والمفقودين.

يعتقدون في إسرائيل أن "حماس" ترى أهمية كبيرة لمجرد وصول قيادة الحركة، بتركيبة واسعة، إلى لقاء قمة في القاهرة لم يحدث منذ وقت طويل. ومن الواضح للطرفين أن الحديث مع المصريين له تأثير أيضاً في الهدوء النسبي في الفترة الأخيرة. فالتسهيلات المدنية المقدمة إلى غزة، من نواحٍ عديدة، خلقت وضعاً يشبه ما كان قائماً قبل عملية "حارس الأسوار"، من بين أمور أُخرى بسبب زيادة دخول البضائع إلى إسرائيل عبر معبر إيرز. من جهة أُخرى لم تُحَل حتى الآن مشكلة إدخال أموال المساعدة القطرية التي يجب دفعها إلى موظفي "حماس" بسبب صعوبة إيجاد آلية تتلاءم مع المطالب التي وضعتها إسرائيل.

على أي حال، تعتقد المؤسسة الأمنية أن الهدوء النسبي في الفترة الأخيرة ليس صدفة، بل يعبّر أيضاً عن رغبة "حماس" في تحسين الوضع الاقتصادي في القطاع والحصول على تسهيلات إضافية من مصر. لكن في نهاية الأمر سيضطر المستوى السياسي في إسرائيل إلى اتخاذ قرارات حاسمة تتعلق بالمسائل المدنية في القطاع، وفي موضوع المال القطري، ومسألة ما هو الثمن الذي ستكون القدس مستعدة لدفعه مقابل صفقة محتملة مع "حماس" تتعلق بالأسرى والمفقودين.

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"هآرتس"، 7/10/2021
دولة تتمرّغ في اشتهاء الجثث
جدعون ليفي - محلل سياسي
  • لا يمكن وصف المطاردة المجنونة لجثة رون آراد إلّا بأنها اشتهاء الجثث، باسم الدولة. جثة رون آراد ليست العَرَض الوحيد لاشتهاء الجثث في سلوك إسرائيل، في الأعوام الأخيرة بصورة خاصة وأساسية، لكنه أشدّ هذه الأعراض خطورة. إسرائيل تنبش وتنقّب: تارة عن ساعة اليد الخاصة بإيلي كوهين، الجاسوس الذي أُعدِم قبل أكثر من نصف قرن، وتارة أُخرى عن معطف زخاريا باومل وحذائه، اللذين استُعيدا ملفوفيْن بالعلم الوطني في حفل مَرَضي مروع في ديوان الرئيس الروسي، وتارة ثالثة عن بقايا الجنديين اللذين قُتلا في غزة.
  • الدولة التي تحتقر حياة الإنسان الآخر تقدّس جثث موتاها. دائماً ما يجري هذا باسم القيم المزعومة؛ ودائماً ما يكون نصف العالم ضالعاً في هذا، بقيادة أجهزة الظلام الإسرائيلية التي تتمكن من استعراض سر مجدها، مرة تلو أُخرى؛ ودائماً ما يثير هذا تساؤلات عن مدى رجاحة العقل والصحة النفسية لدى مَن يقفون خلف هذه العمليات المَرَضية. وإن لم يكن هذا كافياً، فإن إسرائيل تتاجر وتُضارب بالجثث أيضاً. فقد امتلأت ثلاجاتها بالجثث وهي تحتجز عشرات الجثامين الفلسطينية "أوراقَ مساومة". إذا لم يكن هذا هو اشتهاء الموتى، فما هو إذاً؟
  • الجميع راضٍ. العائلات الثكلى، الوحيدة التي يخصها الأمر، تتوق إلى معرفة أكثر ما يمكن من تفاصيل عن أعزائها؛ وسائل الإعلام التي تضخّم هذه القصص إلى أبعاد غريبة وقبيحة، لا لشيء سوى لأغراض تجارية - قصص الألم والبطولة المعروفة - والأجهزة الظلامية بالطبع، التي تتهيأ لها فرصة أُخرى للفوز بهالة البطولة والغموض، ثم الميزانيات الإضافية. نبش قبر في لبنان واختطاف جنرال إيراني في سورية والفوز بعناوين رئيسية.
  • كم يعشق رؤساء الحكومات هذا، أيضاً: بنيامين نتنياهو برفقة فلاديمير بوتين مع حذاء باومل؛ نفتالي بينت الجديد، وكشفٌ جديد في الكنيست. عملية رون آراد مُنيت بالفشل مرة أُخرى، لكن في (صحيفة) "يديعوت أحرونوت" توّجوا صفحتهم الرئيسية بالعنوان: "يدُ إسرائيل الطويلة"، كما يحبون وكما يحب قرّاؤهم، بينما قال مصدر أمني إن العملية "قدمت إسرائيل" (إلى أين؟) و"محورت الجهود" (حول ماذا؟). نص إلزامي لكل حصة تدريسية في البهلوانيات اللغوية.
  • ما العيب في هذا، ظاهرياً؟ الدولة تهتم بجنودها، الأحياء منهم والأموات. قد يكون الأمر مثيراً، لكنه قد يكون منفّراً، شائناً وخطِراً أيضاً. عندما يصبح اشتهاء الموتى هو الأساس، عندما يجري تعريض حياة البشر للخطر من أجله، عندما تُهدَر أموال طائلة وتُرتَكب ممارسات يُحظَر على دولة قانون القيام بها، لا يمكن ولا يجوز الإعجاب بفنون الألعاب النارية. لماذا مسموح لإسرائيل اختطاف جنرالات ونقلهم إلى أفريقيا لانتزاع المعلومات منهم؟ هل سيكون شرعياً أيضاً اختطاف جنرالات إسرائيليين ونقلهم إلى أفريقيا لانتزاع معلومات منهم عن جندي مصري ميت؟ هل سيكون شرعياً احتجاز مخطوفين من لبنان في سجن إسرائيلي وتعذيبهم بوحشية طوال أعوام، فقط من أجل انتزاع معلومات لم تكن تتوفر لديهم عن طيار ميت؟ من الحتمي أن تكون ثمة لحظة معينة تضع فيها الدولة حداً نهائياً لهذا الجنون وتعلن: هيا بنا ننشغل بالحياة.
  • لكن هذه دولة الاستعراضات. جيمس بوند من مقبرة النبي شيت في لبنان، هو عنوان الفيلم القادم قريباً. العيون تلمع مشرقة. لا مثيل لنا. لكن الألعاب الاستعراضية لا توصل، أبداً، إلى أي مكان جيد، تماماً مثل الاغتيالات التي تكمن قوتها الأساسية في قصص البطولة التي ترافقها. هذه ليست مجرد طريقة للتبجح - لدينا "موساد" يختطف أشخاصاً وينبش قبوراً في كل مكان - بل هي طريقة لحرف الأنظار عن الأسئلة والقضايا المهمة، أيضاً. النقاش الوحيد الذي يجري الآن هو حول السؤال: هل فشلت هذه العملية أم لم تنجح، فقط؟ لكن أحداً لا يسأل: من أجل ماذا؟
  • من أجل ماذا تجري التفجيرات، والاغتيالات، وأعمال التخريب، والحرائق، والأحداث الغامضة العديدة في سورية وإيران، إذا كانت إيران قد أصبحت قاب قوس وأدنى من امتلاك السلاح النووي؟ ماذا تأتّى من هذا كله، غير مجد أجهزة الظلام؟ وماذا تأتّى من عمليات اغتيال الفلسطينيين على مدار أعوام عديدة، غير إشباع غرائز منفذيها؟ ذات مرة، كان لا يزال بالإمكان تغليف كل شيء بالاعتبارات والضرورات الأمنية. أمّا جنون رون آراد فلا يمكن تغليفه سوى بثرثرة "التراث". لكن في نهاية المطاف ينتصب السؤال بكامل قوته وحدّته: متى سنكبر ونُفطَم؟

 

الموقع الإلكتروني للمعهد، 6/10/2021
الخريطة الاستراتيجية: إنجازات إزاء تحديات متعاظمة
باحثون في معهد السياسات والاستراتيجيا في مركز هرتسليا المتعدد المجالات برئاسة عاموس جلعاد
  • تشهد دولة إسرائيل واقعاً أمنياً مريحاً، لكن تحديات الأمن القومي تتعاظم. أعداء إسرائيل يركزون على بناء القوة أكثر من استخدامها، ويمتنعون من التصعيد بسبب أثمانه الباهظة، وبسبب مشكلات داخلية صعبة تتطلب حلاً. مع ذلك، يتصاعد التهديد الاستراتيجي لأمن إسرائيل في مواجهة تعاظُم وبناء القوة.
  • إحباط البنية التحتية لـ"حماس" في الضفة الغربية أظهر خطورة تهديدها ونجاح القوى الأمنية في المحافظة على الاستقرار الأمني. على سبيل المثال، حادثة فرار نشطاء الجهاد الإسلامي من سجن جلبوع وقدرة القوى الأمنية على إغلاق الدائرة بسرعة، ومنع الحادث التكتيكي من التحول إلى حادث ذي أهمية استراتيجية يشكل نجاحاً عملانياً مثيراً للإعجاب، لكنه في المقابل يعكس هشاشة الهدوء الأمني واحتمال التدهور إلى تصعيد شامل بسرعة.
  • في الضفة الغربية، تعمل إسرائيل على تحسين الواقع المدني كأساس لهدوء أمني، بطريقة تمنع تعبئة شعبية واسعة للنضال ضد إسرائيل؛ في المقابل، تحاول "حماس" تحدّي هذه المعادلة ومَوضَعة مكانتها في المجتمع الفلسطيني في موقع متقدم للسيطرة على المنظومة السياسية في اليوم التالي لما بعد أبو مازن. البنية التحتية للحركة، التي كُشفت في العملية الأخيرة للجيش الإسرائيلي، والتي تُعتبر أكبر وأهم شبكة جرى كشفها منذ سنة 2014، تعكس الجهد المتواصل الذي تبذله "حماس" لترميم قوتها في الضفة. في قطاع غزة، يجري الدفع قدماً بالتسوية بوساطة مصرية. وفي المرحلة الحالية، من مصلحة الطرفين الاحتواء وعدم الدخول في جولة قتال إضافية. مع ذلك، الجهد المتواصل الذي تبذله "حماس" للإبقاء على الاحتكاكات ما دون سقف المعركة للحصول على إنجازات مدنية أكثر أهمية، يمكن أن يؤدي إلى معركة أُخرى في وقت قريب.
  • في الساحة السياسية، جسّد خطاب رئيس الحكومة الإسرائيلية في الأمم المتحدة وخطاب رئيس السلطة الفلسطينية الفجوة العميقة التي تفصل بين الطرفين، وحقيقة عدم وجود لاعب في الساحة الدولية مستعد لاستخدام الضغط من أجل تحريك العملية السياسية.
  • في الساحة الداخلية - الإسرائيلية، ما يجري في المجتمع العربي يشكل تحدياً استراتيجياً من الدرجة الأولى، حيث الجريمة الواسعة، وظاهرة السلاح، وفقدان القدرة على فرض القانون والردع، وغياب السلطة في جزء واسع من المجتمع العربي (في الأساس في الجنوب)، يتطلب رداً متعدد الأبعاد - مدنياً وأمنياً. إن احتمال انزلاق الجريمة الجنائية إلى جريمة أمنية - قومية تأكد خلال عملية "حارس الأسوار"، وهو ما يزيد الحاجة الملحة إلى تطوير رد على المستوى الوطني.
  • في إيران، المفاوضات لتجديد الاتفاق النووي لم تتحرك بعد، في هذه الأثناء تعمل إيران على توسيع برنامجها النووي وتسعى للوصول إلى وضع "دولة على حافة النووي"، إذ عندما تُستأنف الاتصالات سيكون لديها التكنولوجيا والمعلومات لمواصلة المشروع حين تتخذ قراراً بذلك. في هذا الوضع، وأيضاً مع التوصل إلى اتفاق يفرض تفريغ مخزون اليورانيوم المخصب، تستطيع إيران استكمال النقص بواسطة منظومات تخصيب متقدمة طورتها خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً.
  • في المقابل، تواصل إيران العمل بهدف تعميق نفوذها الإقليمي وترسيخ قدرة متقدمة تشكل تهديداً لإسرائيل. عملياً، تحول العراق واليمن إلى ساحتين تشكلان تحدياً لإسرائيل في سيناريو تصعيدي. ضمن هذا الإطار، توسع إيران مساعدة لبنان لبناء قوة بالوكالة عنها تعمل في خدمتها. مؤخراً، كشف وزير الدفاع الإيراني أن إيران تُعد نشطاء من أجل استخدام مسيّرات متقدمة في قاعدة قاشان التي تشكل قاعدة مركزية لإعداد نشطاء لاستخدام أسلحة جوية.
  • أصداء الانسحاب الفوضوي للولايات المتحدة من أفغانستان مستمرة وتنعكس على الصدقية الأميركية وسط حلفائها الإقليميين. التساؤلات عن استمرار الوجود العسكري الأميركي في العراق وسورية، وسعي واشنطن لتجديد الاتفاق النووي مع إيران، والتصدعات في جدار العقوبات المفروضة على نظام الأسد، وغياب استراتيجيا أميركية واضحة، كل ذلك يؤدي إلى تحركات إقليمية خارج المعسكرات والتحالفات.
  • في سورية، الولايات المتحدة سمحت لمصر والأردن بتمرير أنبوب الغاز إلى لبنان عبر سورية، لكنها ليست مستعدة لتقليص العقوبات ضد نظام الأسد. الحوار الاستراتيجي بين روسيا والولايات المتحدة لا يتقدم، وواشنطن لم تعرض بعد استراتيجيا متبلورة تتعلق بسورية. في هذه المرحلة لا يُتوقع انسحاب القوات الأميركية من شرق سورية، والتي تكبح مساعي التمدد الإيراني والخطوات التركية في المنطقة. الانسحاب من أفغانستان، الذي وصفه قائد قيادة الأركان المشتركة الأميركية بالـ"الفشل الاستراتيجي"، يشكل حاجزاً أمام انسحاب آخر من سورية أو من العراق، على الأقل في المرحلة الحالية. الأردن ومصر ودول الخليج تتردد في إعادة الأهلية إلى نظام الأسد، لكنها تستخدم "جزرات" اقتصادية وسياسية من أجل ترسيخ تأثيرها في هذه الدولة. حديث ملك الأردن مع بشار الأسد (في 3 تشرين الأول/أكتوبر)، والذي عبّر فيه الملك عن تأييده لسورية موحدة مستقرة وذات سيادة، يشكل خطوة مهمة في التقارب بين الدولتين، وفي الاعتراف بشرعية النظام. الولايات المتحدة لا تطبّق العقوبات، وعدم ردها يسمح باستمرار الاتصالات والخطوات بين الدولتين.
  • في لبنان، تزداد المساعي الدولية في الأسابيع الأخيرة بقيادة فرنسا والولايات المتحدة من أجل تحقيق استقرار المنظومة السياسية، لكنهما لا تتجاهلان أبداً استمرار بناء حزب الله لقوته ووجوده في الحكومة اللبنانية الجديدة. يواصل حزب الله تحصين قوته السياسية والعسكرية في لبنان من دون إزعاج؛ وحكومة نجيب ميقاتي، صديق بشار الأسد، ليس لديها الرغبة ولا القدرة على التضييق على خطوات الحزب. مشكلة تعاظُم قوة حزب الله تزداد حدة مع استمرار تسلُّحه بصواريخ دقيقة وقدرات متطورة أُخرى.

التداعيات على إسرائيل

  • المطلوب من حكومة إسرائيل استغلال فترة الهدوء الأمني لإجراء التقييمات وبناء القوة للمواجهات المستقبلية للتهديدات الآخذة في التشكل.
  • قبل كل شيء، هناك التحدي النووي الإيراني الذي يفرض تنسيقاً كاملاً مع واشنطن، بالإضافة إلى تطوير رد عسكري موثوق به لتعزيز الردع، وللتأثير في بلورة الاتفاق المستقبلي، بحيث يقدم رداً على مطالب إسرائيل الأمنية. يجب على إسرائيل أن تقود معركة دبلوماسية شرسة في الساحة الدولية تصور الانعكاسات الواسعة النطاق لـ"إيران نووية" على الأمن في المنطقة والعالم، إلى جانب ذلك، التوضيح أن "كل الخيارات مطروحة على الطاولة".
  • في الضفة الغربية، المطلوب من إسرائيل الاستمرار في التمسك بسياستها الحالية الرامية إلى تحسين نسيج الحياة المدنية وتعزيز التعاون السياسي والأمني مع السلطة الفلسطينية. هذه الاستراتيجيا يمكنها منع تصعيد واسع في الضفة الغربية، لكنها لا تشكل بديلاً من تسوية سياسية دائمة. إن عدم وجود تسوية تعتمد على فكرة الفصل سيؤدي بصورة لا مفر منها إلى واقع الدولة الواحدة.
  • قرار الطاقم الوزاري، محاربة العنف في المجتمع العربي ومساعدة الشاباك والجيش الإسرائيلي للشرطة في معالجة مشكلة السلاح غير الشرعي في البلدات العربية، يشكل خطوة مهمة في معالجة الجريمة في القطاع العربي، واعترافاً بأن ما يجري يفرض تعاوناً بين جميع الأجهزة الأمنية. مع ذلك، يجب استكمال الجهد الأمني من خلال تطوير حلول شاملة للضائقات المدنية الصعبة وتشجيع مشاريع تهدف إلى تحسين وضع جيل الشباب العربي، وارتباط المواطن العربي بالمجتمع الإسرائيلي والدولة.
  • في قطاع غزة، اتصالات التسوية تجري بوساطة مصرية، ويبدو في المرحلة الحالية أن المصلحة المشتركة لكل اللاعبين منع التصعيد. مع ذلك، استراتيجية "حماس" الثابتة مع السنوار هي الاستمرار في الاحتكاكات من دون التسبب بمعركة، بهدف الحصول على إنجازات مدنية مهمة تفرض على إسرائيل الاستعداد لسيناريو تصعيد جديد.
  • العالم العربي يعمل ببطء على تأهيل نظام الأسد من دون معارضة واشنطن. عدم وجود استراتيجيا أميركية يؤدي إلى تآكل نظام العقوبات وتغيّر وضع النظام السوري في المجالين الإقليمي والدولي. المطلوب من إسرائيل بلورة استراتيجيا تتعلق بسورية، والمبادرة إلى حوار مع موسكو وواشنطن بهدف التأثير في بلورة الساحة بطريقة تتماشى مع مصالح الأمن القومي الإسرائيلي، طالما أن نافذة الفرص للتأثير متاحة.
  • في مواجهة لبنان - تعاظُم قوة حزب الله تحت حماية الحكومة اللبنانية، وبتشجيع إيراني، يشكل تهديداً استراتيجياً من الدرجة الأولى. وفي حال فشلت الوسائل الدبلوماسية وعمليات منع انتقال السلاح من سورية إلى لبنان، سيتعين على إسرائيل اتخاذ قرار استراتيجي، هل تبادر إلى شن ضربة استباقية والمخاطرة بالتدهور إلى حرب؟ أو التسليم بحصول الحزب على قدرة نيران دقيقة موجهة ضد إسرائيل بواسطة طهران.
  • في الخلاصة، العمليات الإسرائيلية ضمن إطار "المعركة بين الحروب" تركز على ناحية استخدام القوة، لكنها لا تُستخدم ضد بناء القوة المستمر تقريباً من دون إزعاج في كل الساحات، خوفاً من التدهور إلى حرب شاملة. هذا الوضع يفاقم المعضلة التي تواجهها إسرائيل، ويزيد في حدة الحاجة إلى تقدير بناء القوة وتطوير عقيدة عمل ملائمة، بالإضافة إلى بلورة استراتيجيا شاملة تحدد أهداف المعركة والطريقة التي يمكن بواسطتها تحقيق هذه الأهداف بصورة تضمن الأمن لفترة طويلة الأمد.
  • كما أن الوضع الأمني اليوم يسمح بالتركيز على تهديدات بناء القوة أيضاً مع وجود مصالح مشتركة في المحيط الإقليمي تشجع التعاون الاستراتيجي.
  • في هذا الإطار، تحدّي الدولة الإسلامية وتمدُّد النفوذ الإيراني في المنطقة، والضائقات الاقتصادية في دول المنطقة، وجائحة الكورونا، كلها أمور تعزز الأرصدة الإسرائيلية، وتخلق إمكانات لترسيخ "اتفاقات أبراهام" وتوسيعها، وبلورة هندسة إقليمية لكبح إيران.