مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
أعلن نادي الأسير الفلسطيني في بيان صادر عنه مساء أمس (الثلاثاء) أن المعتقل الإداري الفلسطيني هشام أبو هواش سيوقف إضراباً عن الطعام استمر 141 يوماً بعد أن وُعِد بالإفراج عنه يوم 26 شباط/فبراير المقبل.
وأوضح البيان أنه تم تبليغ نادي الأسير رسمياً بهذا القرار من جانب رئيس جهاز الاستخبارات الفلسطينية اللواء ماجد فرج الذي قام بإجراء اتصالات حثيثة مع السلطات الإسرائيلية بتوجيهات من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
وبدأ أبو هواش (40 عاماً)، وهو من قرية دورا في قضاء الخليل، إضرابه عن الطعام يوم 17 آب/أغسطس 2021، وذلك بعد اعتقاله إدارياً يوم 26 تشرين الأول/أكتوبر 2020. وهدّدت حركة الجهاد الاسلامي الفلسطينية بالانتقام في حال وفاة أبو هواش المحسوب على الحركة.
وفي وقت سابق أمس أفادت صحيفة "القدس" الفلسطينية بأن مصر قامت بدور رئيسي في المفاوضات وسعت للتوصل إلى تسوية يتم في إطارها الإفراج عن المعتقل الأمني في 26 شباط/فبراير. وذكرت الصحيفة أن مصر خشيت من أن تؤدي قضية أبو هواش إلى جولة قتال جديدة في قطاع غزة، الأمر الذي يمكنه أن يؤثر في المحاولات الرامية إلى التوصل إلى اتفاق تهدئة بين إسرائيل وحركة "حماس".
ذكر بيان صادر عن وزارة الصحة الإسرائيلية مساء أمس (الثلاثاء) أنه تم تسجيل 10644 إصابة جديدة بمتحور "أوميكرون" من فيروس كورونا خلال الساعات الـ24 الماضية، من بين نحو 197.000 فحص تم إجراؤه، وارتفعت في الوقت نفسه نسبة النتائج الإيجابية التي تم الحصول عليها إلى 5.51%. كما استمر مؤشر العدوى في الارتفاع، إذ وقف عند 1.91 وهو ما يشير إلى انتشار واسع جداً للوباء.
كما أشار بيان وزارة الصحة إلى ارتفاع عدد حالات مرضى كورونا في المستشفيات في جميع أنحاء إسرائيل، حيث وصل إلى 236 حالة، صُنّفت 117 حالة منها بأنها خطرة.
في غضون ذلك، أُعلِن قيام المدير العام لوزارة الصحة البروفيسور نحمان آش بتلقّي الجرعة الرابعة من التلقيح، والتي أقرّت الحكومة الإسرائيلية مؤخراً إعطاءها لمن هم فوق الـ60 عاماً، بالإضافة إلى مَن يعانون مشاكل صحية. ودعا آش كل مَن لم يتم تطعيمه بعد إلى أن يذهب ويفعل ذلك، مؤكداً أن اللقاح سيساعد في التعامل مع الوباء.
ولا تزال تسود إسرائيل حالة من القلق والغموض حيال ما ستتكشف عنه الصورة المتعلقة بتأثير متحور "أوميكرون" الشديد العدوى على الحياة عامة، ابتداء من سير الأمور في المدارس، مروراً بالعمال والموظفين وتأثير ذلك في الاقتصاد. ويبقى الشغل الشاغل هو مدى قدرة المستشفيات في إسرائيل على التعامل مع سيناريوهات يغلب عليها طابع مأساوي، مثل وصول أعداد هائلة من المرضى إلى المستشفيات، مع العلم بأن التوقعات التي وُضعت أمام رئيس الحكومة نفتالي بينت ووزير الدفاع بني غانتس تتحدث عن 10.000 حالة محققة في اليوم، وفي الأسبوع التالي تقفز إلى 30.000، وبعد أسبوعين إلى 60.000.
قال بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أمس (الثلاثاء) إن قائد سلاح الجو الإسرائيلي اللواء عميكام نوركين أصدر أوامر تقضي بوقف تدريبات طائرات الهليكوبتر العسكرية من طرازAS565 بعد أن تحطمت إحدى الطائرات قبالة ساحل حيفا وعلى متنها ثلاثة من أفراد الطاقم فجر أمس، وهو ما أسفر عن مقتل الطيارين وإصابة ضابط ثالث من سلاح البحر.
وأضاف البيان أن نوركين شكّل لجنة تحقيق بقيادة كولونيل لتقصّي وقائع تحطم الطائرة، وأشار إلى أن أحد الطياريْن القتيليْن برتبة كولونيل والثاني برتبة رائد.
وقال ضابط كبير في قيادة سلاح الجو الإسرائيلي، في إحاطة لمراسلي الشؤون العسكرية في وسائل الإعلام الإسرائيلية، إن الطائرة كانت تشارك في تدريب قبل أن تتحطم، وأكد أنه لا يمكن الآن تخمين ما حدث، مشيراً إلى أن طائرات الهليكوبتر من هذا الطراز تُعتبر قديمة، لكنها متينة.
وأضاف الضابط نفسه أن التحقيقات الأولية تشير إلى أن الطائرة المروحية تحطمت بسبب خلل فني وحريق في أحد المحركات، وأشار إلى أن الطاقم حاول تنفيذ هبوط اضطراري فوق مياه البحر ولم ينجح بالتبليغ عن ذلك بسبب ماس كهربائي، وقام الضابط الذي نجا من الحادثة بالاتصال بقائد السرب من قلب البحر وأطلعه على حادثة التحطم.
ويبلغ عمر طائرة الهليكوبتر التي تحطمت، والمعروفة بالاسم العبري "عاتليف" [الخفاش]، 25 عاماً، وتُستخدم أساساً للقيام بمهمات في عرض البحر. وكان من المقرر أن يتم استبدالها في العامين المقبلين بطائرة هليكوبتر أُخرى.
وامتلكت قوات سلاح الجو الإسرائيلي هذه الطائرات سنة 1996 من شركة "يوروكوبتر" الفرنسية، والتي تم دمجها منذ ذلك الحين في شركة "إيرباص" الأوروبية العملاقة في مجال الطيران.
ويتم استخدام هذه الطائرات في عرض البحر بسبب قدرتها على الهبوط على متن سفن تابعة لسلاح البحر الإسرائيلي، وتتركز مهماتها الرئيسية في استطلاع السواحل وإيجاد أهداف بحرية في البحر، وفي مهمات البحث والإنقاذ. ويمكن تجهيز كل طائرة بجهاز رادار متقدم وتكنولوجيا مراقبة لأغراض الاستطلاع، كما يمكن أن تكون بمثابة أعين لسفن حربية من خلال تحديد مواقع الأهداف على بُعد مئات الكيلومترات. وعادة ما يكون طاقم الطائرة مؤلفاً من طيار ومساعد طيار وضابط بحري.
واستُخدمت طائرات "عاتليف" خلال حرب لبنان الثانية سنة 2006، وخلال الحروب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة.
يُشار إلى أن الجيش الإسرائيلي واجه في الأعوام الأخيرة مشاكل مع طائرات هليكوبتر أُخرى ووقعت حوادث مميتة سابقة. ففي سنة 2020 أوقف سلاح الجو الإسرائيلي عمل طائرات هليكوبتر من طراز "بلاك هاوك" بعد اكتشاف عدد من الأعطال فيها، بما في ذلك عطل فني حدث في الجو في أثناء نقل رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الجنرال أفيف كوخافي. وفي سنتيْ 2019 و2020 تعرضت طائرات الهليكوبتر العسكرية القديمة للنقل الثقيل من طراز "يسعور" لسلسلة من الأعطال، وتم إيقاف عملها مدة شهر بعد أن تسبب عيب بإشعال النار في إحدى الطائرات في منتصف الرحلة، وبهبوطها اضطرارياً.
وفي سنة 2017 تحطمت طائرة هليكوبتر هجومية من طراز "أباتشي"، وهو ما أسفر عن مقتل قائدها وإصابة مساعده بجروح خطرة. وكان الجيش أوقف عمل طائرات "أباتشي" في وقت سابق من تلك السنة بسبب مشاكل لا علاقة لها بحادثة التحطم. وفي سنة 2010 تحطمت طائرة هليكوبتر من طراز "يسعور" تابعة للجيش خلال مناورة مشتركة مع سلاح الجو الروماني، الأمر الذي أسفر عن مقتل الأشخاص الخمسة الذين كانوا على متنها. وتبيّن أن هذه الحادثة نتجت، على ما يبدو، من خطأ بشري. وفي سنة 1997 اصطدمت طائرتا هليكوبتر من طراز "يسعور" في الجو في أثناء توجههما إلى مواقع في "الحزام الأمني" في الجنوب اللبناني، حيث قُتل 73 ضابطاً وجندياً في أكبر كارثة جوية شهدتها إسرائيل منذ إقامتها.
أعلن بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أن قوات الجيش أسقطت مساء أمس (الثلاثاء) طائرة مسيّرة من دون طيّار تابعة لحزب الله في الجنوب اللبناني.
وأضاف البيان أن قوات الجيش الإسرائيلي رصدت الطائرة المسيّرة بعد محاولتها القيام باختراق الحدود من الأراضي اللبنانية وقامت بإسقاطها. وأشار البيان إلى أن وحدات مراقبة التحكم الجوي راقبت المسيّرة طوال الحادث.
وأكد البيان أن الجيش الإسرائيلي سيواصل العمل لمنع أي انتهاك للسيادة الإسرائيلية.
- بعد 141 يوماً كانت خلالها حياة المعتقل الإداري هشام أبو هواش في خطر، تم الاتفاق أمس على إطلاق سراحه في 26 شباط/فبراير. من المؤسف أنه فقط بعد أربعة أشهر ونصف الشهر من الإضراب عن الطعام، احتجاجاً على اعتقاله من دون محاكمة، وبعد ثورة على شبكات التواصل الاجتماعي الفلسطينية، وتهديدات من طرف الجهاد الإسلامي و"حماس"، تحققت النتيجة المرجوة.
- لقد نُقل أبو هواش إلى مستشفى آساف الطبي بعد خسارته نصف وزنه، وكان معرّضاً للموت في أي لحظة. صحيح أن إسرائيل جمدت أمر اعتقاله قبل أسبوع، لكنه واصل إضرابه عن الطعام، مطالباً بإلغاء الأمر بثورة نهائية. لقد فهم أنه إذا أوقف الإضراب من دون تعهُّد، فليس هناك ما يضمن عدم تجدُّد اعتقاله الإداري فوراً، ليبدأ الكابوس من جديد.
- أبو هواش الذي يبلغ الأربعين من العمر والأب لخمسة أولاد اعتُقل في منزله في بلدة دورا الواقعة جنوبي الخليل في تشرين الأول/أكتوبر 2020. ولم يكن لدى النيابة العسكرية أدلة واضحة يمكن وضع لائحة اتهام على أساسها وتقديمه إلى المحكمة العسكرية، لكن في دولة الشاباك تكفي "مادة سرية" للحصول على توقيع قائد عسكري لأمر اعتقال إداري مدة ستة أشهر، وبعدها نصف عام، ونصف عام آخر، وهلمّ جراً.
- بعد عشرات الأعوام من الاحتلال يبدو أن ليس هناك إسرائيلي لديه القوة أو الاهتمام لرفع صوته من أجل فلسطيني مظلوم. بالنسبة إلى كثيرين في إسرائيل، فلسطيني و'مخرّب' هما مرادفان لكلمة واحدة، ويبدو أن الجمهور يفضل أن يصدق أن الدولة لا تتصرف بهذه الطريقة لو لم يكن هناك ما يبرر ذلك.
- لكن لو كان هناك ما يبرر ذلك، لماذا مرّ أكثر من 14 شهراً من دون تقديم لائحة اتهام؟ لو كانت الدولة تملك أدلة ضد أبو هواش لكان عليها تقديم لائحة اتهام ضده، وإذا لم يكن لديها، فمن واجبها إطلاق سراحه فوراً.
- إصرار إسرائيل على إبقاء شخص في قيد الاعتقال من دون محاكمة يمكن أن تدفع ثمنه تصعيداً أمنياً في غزة وهيجاناً شعبياً على وسائل التواصل الفلسطينية.
- من المؤسف أن الحكومة الحالية، التي تشارك فيها أحزاب من الوسط واليسار، تحذو حذو الحكومات السابقة، ويتم جرها على الرغم من إرادتها حتى اللحظة الأخيرة، إلى أن تضطر إلى الخضوع لجهود وساطات إقليمية، بينها مصر، وتهديدات تجعلها تبدو كأنها لا تصغي سوى إلى القوة للخروج من المأزق.
- طوال عشرات الأعوام، حكم إسرائيل سياسيون كان الحسم ركيزتهم الأساسية. هم لم يكونوا جزءاً من التاريخ، بل كانوا التاريخ بحد ذاته. هؤلاء الزعماء أعلنوا إقامة دولة إسرائيل، مثل بن غوريون، وعرفوا كيف يبدأون حرباً، مثل ليفي أشكول، وعقدوا اتفاقات سلام، مثل بيغن ورابين، أو قاموا بتغييرات إقليمية تاريخية، سواء بواسطة اتفاقات، أو بصورة أحادية الجانب. آخر جيل زعماء الحسم كان شارون الذي نفّذ الانفصال عن غزة في سنة 2005، وأظهر تعارضاً أيديولوجياً عميقاً مقارنة بمواقفه السابقة. يمكن أن نتجادل في ماهية القرارات الحاسمة أو تداعياتها، لكن من الواضح أنها كلها ناجمة عن معرفة تاريخية ورؤية بعيدة المدى، واستندت إلى الأخذ بالمبادرة كاستراتيجيا وجودية، ورافقتها شجاعة كبيرة.
- حقبة القرارات الحاسمة ذهبت وحلت محلها في العقد ونصف العقد الأخيرين استراتيجيا "إدارة النزاعات". وحلت محل قرارات البدء بالحرب أو إبرام اتفاقات السلام عمليات عسكرية (في الأساس في غزة) - جزء منها بمبادرة من إسرائيل، وجزء آخر فرضه العدو عليها، مثل عملية "حارس الأسوار"؛ وعمليات عسكرية استراتيجية أو محدودة (على رأسها تدمير المفاعل النووي في سورية في سنة 2007)؛ أو توقيع اتفاقات سلام مع دول المنطقة ذات أهمية كبيرة، لكنها لا تتطلب نقاشاً حاداً داخل إسرائيل بشأن مسائل وجودية أو تقديم تنازلات جوهرية.
- وفي الواقع، توجد اليوم 3 قضايا ونصف، المطلوب من الزعامة في إسرائيل حسمها: النووي الإيراني، الاندماج المتزايد مع الفلسطينيين في الضفة الغربية، وضع "حماس" في غزة، ونصف قضية لا تشكل تهديداً: منظومة العلاقات بين الدولة وبين مواطنيها من العرب.
- في كلٍّ من القضايا الثلاث الأولى، تفضل إسرائيل، أو تضطر، منذ عقد ونصف العقد إلى انتهاج سياسة إدارة النزاع بدلاً من الحسم. النتيجة العملية لهذه المقاربة هي استمرار تعاظُم التهديدات التي تنطوي عليها: إيران تسير بثبات نحو الحصول على قدرة نووية عسكرية؛ "حماس" تعزز نفسها على صعيد الحكم وعسكرياً (نوع من حزب الله على حدودنا الجنوبية) وتستعد للاستيلاء على زعامة السلطة الفلسطينية؛ وفي الضفة الغربية يتطور واقع الدولة الواحدة، بالتدريج، من دون تخطيط أو رغبة.
- لا جدال في أنه وقت صعب، بصورة خاصة للقرارات الحاسمة: المجتمع الدولي، وخصوصاً الولايات المتحدة، لا يمنح إسرائيل غطاء للقيام بخطوات عسكرية استراتيجية، وعلى رأسها مهاجمة إيران؛ ويتأرجح الفلسطينيون بين عدم الرغبة وعدم القدرة على اتخاذ قرارات مصيرية؛ الحكم والجمهور في إسرائيل مشغولان بمشكلات داخلية أُخرى صعبة، وفي مقدمتها الكورونا؛ والواقع السياسي المعقد يجعل من الصعب الدفع قدماً بقرارات حاسمة عسكرية أو سياسية.
- لكن زعامة لديها رؤية بعيدة المدى لا تستطيع الاستمرار في الاعتماد على شعارات، مثل "إدارة النزاع" والشعور بأنه من الممكن اللعب مع الوقت، أو الاعتماد على نهج سلبي. في كل قضية من القضايا الثلاث، المطلوب قرار حاسم ذو طابع مختلف: وتوقيت التحرك في كل واحدة هو مختلف، وأيضاً التداعيات الداخلية والخارجية.
- بالنسبة إلى "ساعة الرمل الإيرانية"، المطلوب من إسرائيل في هذه المرحلة إعطاء فرصة لاستنفاد الخطوات السياسية والاقتصادية الدولية ضد النظام الإسلامي، من خلال تنسيق وثيق مع الإدارة الأميركية. وفي موازاة ذلك، بناء سريع للقوة لمواجهة احتمال القيام بعملية عسكرية محتملة في المدى القريب يمكن أن يكون لها تداعيات دراماتيكية، في طليعتها الاحتكاك بالولايات المتحدة ومواجهة على الجبهة الشمالية. في المسافة الفاصلة بين الدخول في حقبة استراتيجية جديدة تكون فيها إيران "على مسافة قريبة" من الحصول على قدرة نووية عسكرية، تختفي البدائل الموقتة على مختلف أنواعها.
- الحسم في موضوع الضفة الغربية مختلف تماماً. فهو يتطلب من أصحاب القرارات نضجاً على صعيد الوعي، والتركيز على التفكير العملي بدلاً من التركيز على الأحداث الجارية. عملياً، المطلوب أن نفهم أن السياسة الحالية التي تعتمد على مقاربة "سلام اقتصادي"، أو إدارة النزاع، أو تقليصه، تنجح في خلق هدوء، لكنها ليست بديلاً من حل استراتيجي، وهي في الواقع تُستخدم غطاء للزحف المتواصل نحو واقع الدولة الواحدة. المطلوب من متخذي القرارات البدء بفتح نقاش سياسي وعام بشأن مسألة مصيرية هي الفصل - على سبيل المثال، ما هو التعبير الإقليمي لهذه الخطوة، هل يمكن تنفيذه من خلال اتفاق، أو بصورة أحادية الجانب، كيف سيكون وضع السلطة الفلسطينية وصلاحياتها؟
- في موضوع غزة، الاختيار هو بين السيئ والأسوأ: الاستمرار في السياسة الحالية القائمة على تحسين سريع للوضع المدني في القطاع الذي يجعل من "حماس" أمراً واقعاً، ويسمح لها ببناء قوتها في مواجهة المعركة المقبلة (من دون أي ضمانة بألّا تبادر مجدداً إلى شن هجوم ضد إسرائيل)؛ أو تبنّي نهج صارم مأخوذ من الإعلان الذي برز في أيار /مايو الماضي أن "ما كان لن يكون". ضمن هذا الإطار، ستتم تلبية كل الحاجات الوجودية في غزة، لكن إسرائيل لن تبذل جهدها لتحسين الواقع في غزة، وبالتالي تعزيز وضع "حماس" الاستراتيجي. من المعقول أن تؤدي هذه المقاربة إلى احتكاكات في القطاع، لكن من المحتمل أيضاً أنها ستشكل عائقاً في وجه سعي "حماس" للحصول على قوة عسكرية وسياسية استراتيجية.
- هناك "نصف حسم" يتطلب هو أيضاً شجاعة وبصيرة بعيدة المدى. فبعد سبعة عقود ونصف على إقامتها، المطلوب من إسرائيل صيغة واضحة ومستحدثة لشبكة العلاقة بينها وبين الجمهور العربي الذي يتأرجح بين أقطاب مثيري الشغب في أحداث أيار/مايو وبين الاندماج التاريخي الذي يمثله حزب راعام [القائمة العربية الموحدة]. الحسم المطلوب هنا هو صوغ عقد اجتماعي يحدد بصورة واضحة وتفصيلية وضع المواطنين العرب، والحقوق المتساوية التي من حقهم الحصول عليها وواجبات الاندماج المطلوبة منهم. هذا الأمر يمكن أن يساهم في استقرار الساحة الداخلية المشحونة كما تجلت في أيار/مايو الماضي، والتي أثبتت أن في إمكانها التحول إلى تحدٍّ استراتيجي.
- الوقت ليس جامداً، ولا يسمح بأن نضع القضايا الملتهبة جانباً والعودة إليها عندما تنضج. القرارات الحاسمة التي لا تُتخذ بسرعة ستتحول في وقت قريب إلى تهديدات ستهبط على إسرائيل فجأة، بينما تكون غير مستعدة لذلك استراتيجياً، ومن المحتمل أن تكبدها ثمناً باهظاً. بناء على ذلك، يجب على الأقل البدء بنقاش واعٍ داخل الجمهور الإسرائيلي الذي شهد في الأعوام الأخيرة جواً من عدم المبالاة والهروب من الواقع واليأس.