مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
بينت يلتقي اليوم الرئيس المصري وولي عهد أبو ظبي في شرم الشيخ
العاهل الأردني الملك عبد الله سيزور رام الله ويلتقي الرئيس محمود عباس
بينت: نحن نقدم مساعدة إلى أوكرانيا مع الموازنة بين اعتبارات "معقدة"
تقرير: أهداف إسرائيل من القمة الثلاثية التي ستُعقَد اليوم في شرم الشيخ
مقالات وتحليلات
تصفية الحساب مع جو بايدن
هل تضعف قوة الردع الأميركية؟
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"هآرتس"، 21/3/2022
بينت يلتقي اليوم الرئيس المصري وولي عهد أبو ظبي في شرم الشيخ

من المتوقع أن يعقد رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت صباح (الثلاثاء) اجتماعاً مشتركاً مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد. وكان بينت وصل أمس إلى شرم الشيخ وقضى ليلته هناك. ويبدو أن الهدف من الاجتماع محاولة تشكيل ائتلاف بين مصر والأردن ودول الخليج وإسرائيل وتركيا ضد إيران، بدعم أميركي.

وذكر مصدر سياسي إسرائيلي للصحيفة أن اللقاء سيناقش أيضاً، بالإضافة إلى الموضوع الإيراني، مسألتين اقتصاديتين؛ الاعتماد على النفط الروسي والنقص في القمح. إذ تعمل إسرائيل على إقناع الإمارات والسعودية بزيادة إنتاجهما من النفط، بعد أن أوضحت الدولتان عدم رغبتهما في ذلك، بهدف تقليص الاعتماد العالمي على النفط الروسي والإيراني. كما تسعى إسرائيل لمساعدة مصر على إيجاد مصادر للتزود بالقمح، بدلاً من أوكرانيا وروسيا المزوِّدتين الأساسيتين بالقمح (قرابة 85% من الاستهلاك المصري)، وبعد النقص الذي تسببت به الحرب وارتفاع أسعار القمح.

وبحسب المصدر السياسي الإسرائيلي، سيركز الاجتماع على 3 مسائل. الأولى، التقدم في المفاوضات النووية والحاجة إلى إنشاء جبهة مشتركة معارضة للاتفاق، تضم إسرائيل ومصر والإمارات. المسألة الثانية تتعلق بسورية، على خلفية الاجتماع الذي جرى بين محمد بن زايد وبين الرئيس السوري بشار الأسد في الأسبوع الماضي. وفي رأي المصدر: "تجري هنا محاولة لإعادة رسم خريطة مصالح لعدد من الدول في الشرق الأوسط، والسؤال الكبير، هل لدى سورية القدرة على الابتعاد عن إيران والتقرب من دول مثل الإمارات ومصر، الأمر الذي ستكون له تداعيات على إسرائيل؟" أمّا المسألة الثالثة التي ستبحث فيها القمة، فهي الحرب في أوكرانيا وتداعياتها، وخصوصاً في مجال التزود بالطاقة.

 

"هآرتس"، 21/3/2022
العاهل الأردني الملك عبد الله سيزور رام الله ويلتقي الرئيس محمود عباس

ذكر مصدر فلسطيني رفيع المستوى أنه من المنتظر أن يقوم العاهل الأردني الملك عبد الله بزيارة إلى رام الله في نهاية هذا الشهر، حيث سيلتقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وستكون هذه أول زيارة يقوم بها الملك عبد الله إلى رام الله منذ سنة 2017.

وبحسب المصدر الفلسطيني، ستنتهز قيادة السلطة الفلسطينية الزيارة لنقل رسالة إلى الإدارة الأميركية بشأن الحاجة إلى الدفع قدماً بعملية سياسية حيال إسرائيل. كما سيجري البحث في التوترات في القدس خلال شهر رمضان، في الأساس بسبب زيارة يهود إلى المسجد الأقصى خلال عيد الفصح اليهودي الذي يتزامن هذه السنة مع شهر رمضان.

وبحسب المصدر الفلسطيني، يشعر الفلسطينيون بخيبة الأمل، بسبب عدم وفاء الإدارة الأميركية بوعودها قبل الانتخابات، وإعلانها الالتزام بحل الدولتين. وكان النائب المساعد لوزير الخارجية الأميركي المكلف بالملف الفلسطيني هادي عمرو زار في الأسبوع الماضي كلاً من تل أبيب ورام الله، حيث التقى هناك وزير الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية حسين الشيخ، ومستشار الرئيس محمود عباس مجدي الخالدي. وبالاستناد إلى مصدر فلسطيني مطّلع على المحادثات، يبدو أن الأميركيين مهتمون بالدفع قدماً بخطوات مدنية حيال الفلسطينيين، لا أكثر.

وذكر تقرير نشره مركز القدس للشؤون العامة (21/3/2022) أن الإدارة الأميركية بلّغت السلطة الفلسطينية، خلال الزيارة التي قام بها الموفد الأميركي هادي عمرو إلى رام الله، أنها لا تستطيع نقل القنصلية الأميركية إلى القدس الشرقية حالياً، الأمر الذي ولّد خيبة أمل كبيرة وسط المسؤولين الفلسطينيين، لأن إعادة فتح القنصلية في القدس هي بمثابة اعتراف من إدارة بايدن بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المستقبلية.

وبحسب التقرير، بالإضافة إلى خيبة الأمل هذه، هناك غضب فلسطيني على الاتحاد الأوروبي الذي لا يزال يعرقل تحويل مساعدة مالية إلى الفلسطينيين تقدَّر بـ214 مليون يورو، بسبب اشتراط هنغاريا تحويل الأموال بتغيير السلطة الفلسطينية لمناهج التعليم الفلسطينية التي تشجع على "الإرهاب"، في رأي هنغاريا.

 

"هآرتس"، 21/3/2022
بينت: نحن نقدم مساعدة إلى أوكرانيا مع الموازنة بين اعتبارات "معقدة"

قال رئيس الحكومة نفتالي بينت إن إسرائيل تقدم المساعدة إلى أوكرانيا عبر وسائل مختلفة، وتحاول الموازنة بين اعتبارات "معقدة". جاء كلام رئيس الحكومة بمناسبة ذهاب الوفد الإسرائيلي إلى أوكرانيا لإقامة مستشفى ميداني. وأشار بينت إلى أن إسرائيل تقدم المساعدات إلى أوكرانيا منذ اللحظة الأولى لاندلاع الحرب، وفي الأيام الأولى للأزمة غادرت طائرة تحمل أطناناً من المساعدات الطبية وأشياء أُخرى إلى أوكرانيا. كما تستقبل إسرائيل لاجئين من اليهود الذين يحق لهم الهجرة، بحسب قانون العودة، ومن غير اليهود أيضاً، وتحاول منحهم ملاذاً آمناً.

"يديعوت أحرونوت"، 22/3/2022
تقرير: أهداف إسرائيل من القمة الثلاثية التي ستُعقَد اليوم في شرم الشيخ

الزيارة الأولى التي قام بها رئيس الحكومة نفتالي بينت إلى مصر [في أيلول/سبتمبر الماضي] كانت أول زيارة علنية يقوم بها رئيس حكومة إسرائيلي إلى مصر منذ أكثر من عقد. الزيارة الثانية التي يقوم بها بينت اليوم (الثلاثاء)، تجري في إطار قمة ثلاثية تجمعه بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد في شرم الشيخ.

يأتي هذا اللقاء بعد مرور أسبوع على إعلان بينت والسيسي افتتاح خط طيران جديد مباشر بين شرم الشيخ ومطار بن غوريون.

ويبدو أن القمة الثلاثية هي جزء من خطة إسرائيلية شاملة لمحاصرة الإيرانيين، تضم كل القوى الإقليمية، من ضمنها الأتراك، وتحظى بدعم أميركي. لكن ثمة هدف إسرائيلي آخر للقمة، هو المساهمة في خفض التوتر القائم بين الإمارات والولايات المتحدة، على خلفية رفض الأميركيين إعادة المتمردين الحوثيين في اليمن، المدعومين من إيران، إلى قائمة التنظيمات الإرهابية، حتى بعد الهجمات وإطلاق الصواريخ على الإمارات والسعودية. وازداد غضب الإماراتيين عندما علموا بأن الأميركيين يفكرون في إخراج الحرس الثوري الإيراني من قائمة التنظيمات الإرهابية.

 كما تأتي زيارة بينت على خلفية تخوف كلّ من إسرائيل ودول الخليج السُّنية، وعلى رأسها الإمارات والسعودية، من التداعيات المحتملة لتجديد الاتفاق النووي مع إيران ورفع العقوبات الأميركية عنها، ومن بين هذه التداعيات إخراج الحرس الثوري الإيراني من قائمة التنظيمات الإرهابية في مقابل تعهُّد الإيرانيين كبح نشاط الحرس الثوري.

في الأيام الأخيرة، قام رئيس الحكومة بينت ووزير الخارجية لبيد بحملة إعلامية ضد فكرة إخراج الحرس الثوري من قائمة التنظيمات الإرهابية، ورأى لبيد أن مثل هذا العمل لا يشكل فقط "إهانة" للضحايا الذين تسبب الحرس الثوري بسقوطهم، بل هو أيضاً بمثابة تخلٍّ عن الحلفاء المقربين من الولايات المتحدة، في مقابل تعهدات فارغة. وفي مؤتمر عقدته صحيفة "يديعوت أحرونوت" أمس، تطرّق وزير الخارجية يائير لبيد إلى احتمال إخراج الحرس الثوري الإيراني من لائحة الإرهاب، فقال: "بالنسبة إلى دولة إسرائيل، على المستوى العملي وعلى المستوى الأمني –العسكري، فإن الحرس الثوري هو تنظيم إرهابي، وسنواصل التعامل معه على هذا الأساس"، وأضاف: "نجري حواراً معقداً مع الأميركيين، ونحن لا نخفي وجود خلافات في الرأي مع الإدارة الأميركية". وبشأن الاتفاق النووي مع إيران، قال لبيد إن الاتفاق أصبح أمراً واقعاً، لكنه أشار إلى أن الأميركيين يدركون أن إسرائيل لن تكون ملزمة به.

 

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"يديعوت أحرونوت"، 22/3/2022
تصفية الحساب مع جو بايدن
سمدار بيري - محللة الشؤون العربية
  • في نهاية الأسبوع، فوجىء العالم بظهور الرئيس السوري بشار الأسد في الإمارات، والذي حصل على تغطية إعلامية جيدة. وكانت المفاجأة كبيرة إلى حد أنها دفعت وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن إلى إلغاء رحلة مخططة له إلى الإمارات، لأن أحداً لم يبلّغه بزيارة الأسد. وسارعت واشنطن إلى الرد بكلمات قاسية على الزيارة، بينما كانت تُلتقَط الصور للرئيس السوري على شرفة منزل حاكم أبو ظبي الخاص.
  • من المهم الانتباه إلى التوقيت المزعج للزيارة، تماماً في الذكرى الـ11 لنشوب الحرب الأهلية السورية، والتي اندلعت في درعا، البلدة السورية المتاخمة للحدود الأردنية. لقد اختار الأسد هذا التاريخ، تحديداً، للقيام بأول زيارة له إلى دولة عربية منذ 11 عاماً. وهذه رسالة واضحة إلى المواطنين السوريين، وإلى زعماء الدول العربية، وإلى الإدارة الأميركية.
  • 11عاماً مرت على سعي دول الخليج لطرد سورية من الجامعة العربية. الآن، هؤلاء الزعماء لا يعترفون فقط بزعامة الأسد - ولو بفضل الإيرانيين والروس - بل يسعون، من خلال توثيق العلاقات معه من جديد، لتصفية حسابهم مع إدارة بايدن. وهم يستعدون لعودة سورية إلى حضن الجامعة العربية.
  • لا يمكننا تجاهُل الشعور بالمرارة الذي يشعر به "الطيبون" في العالم العربي إزاء إدارة بايدن. لنأخذ، على سبيل المثال، السعودية التي ترفض الإدارة الأميركية التحاور معها، أو مصر التي أرسل إليها بايدن العديد من الرسائل القاسية بشأن انتهاكها حقوق الإنسان. ويبدو أن بايدن مُصرّ على تجاهُل حلفائه السُّنة لمصلحة المفاوضات بشأن الاتفاق النووي مع شيعة إيران. والآن، يعلن بايدن فتح الأبواب أمام إمارة قطر المقربة من إيران، ولحركة الإخوان المسلمين وحكومة غزة. لذلك، من غير المستغرب أن تتهرب دول الخليج الآن من طلب الولايات المتحدة زيادة حصتها من تصدير النفط.
  • يشكل هذا مشكلة معقدة كثيراً بالنسبة إلى إسرائيل: من جهة، التحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة مهم جداً، ومن جهة ثانية، تبتعد عن واشنطن ثلاث دول صديقة جديدة لإسرائيل هي الإمارات ومصر والسعودية.
  • هذا من دون أن نذكر الموضوع الفلسطيني، ما الذي سيحدث، مثلاً، لو نشب تصعيد مفاجىء في الساحة الفلسطينية؟ ومع أي طرف سيقف حلفاؤنا في واشنطن؟ وماذا سيحدث إذا تجددت محاولات المواجهة في غزة، بدعم إيراني، بينما تضغط واشنطن لإخراج الحرس الثوري الإيراني من قائمة التنظيمات الإرهابية؟

 

16/3/2022
هل تضعف قوة الردع الأميركية؟
لجنة السياسات والاستراتيجيا في معهد الشؤون السياسية والاستراتيجية (IPS) برئاسة مدير المعهد اللواء في الاحتياط عاموس جلعاد
  • الحرب في أوكرانيا مستمرة، ولا يبدو أن هناك أيّ اختراق عسكري أو سياسي من شأنه تغيير مجراها. تزيد روسيا في ضغوطها على المدنيين وتحصد الكثير من الضحايا، لكنها لم تنجح حتى الآن في تحقيق أهدافها - إخضاع الجيش الأوكراني وتفكيكه، وتغيير النظام واستبداله بحكومة دمى روسية.
  • يساعد الغرب، بقيادة الولايات المتحدة، حكومة زيلينسكي، من خلال تزويدها بالسلاح والمساعدات الإنسانية واستخدام الضغط السياسي والمالي والاقتصادي، بالإضافة إلى نزع الشرعية عن روسيا في كل محفل أو حدث دولي. وعلى الرغم من ذلك، فإن الغرب يمتنع من المشاركة العسكرية المباشرة، أو فرض حظر للطيران في سماء أوكرانيا، تخوفاً من الانزلاق إلى حرب شاملة. وفي المقابل، روسيا لا تتراجع بسبب الضغط الذي يمارس عليها، بل تستمر في العدوان على أهداف عسكرية وأُخرى مدنية، كما تهدد باستعمال قدراتها النووية في حال تدخّل الغرب في المعركة.
  • يصعّد الطرفان ردودهم في هذه المرحلة، ولا يحاول أيّ منهما الدفع قدماً بخطوات تقرّب نهاية هذه الحرب. ومن شأن هذا المسار أن يتدحرج، وصولاً إلى مرحلة اللا عودة في العلاقات الروسية - الغربية. وخلال هذا المسار، تعمل القوة العسكرية الروسية على تحقيق أهدافها الاستراتيجية - العملانية في أوكرانيا، أمّا القوة الاقتصادية - السياسية الأميركية - الأوروبية فإنها تتصاعد، بالتدريج، بهدف تدمير اقتصاد روسيا، وتحويلها إلى دولة منبوذة في المجتمع الدولي. وسيشكل تصميم كلّ من الطرفين على استعمال قوته العامل الأساسي الذي سيحدد تأثير نتائج الحرب البعيدة المدى في موازين القوى الدولية.
  • وفي المقابل، تنعكس الحرب في أوكرانيا مباشرة على توقيع الاتفاق النووي في فيينا. إذ تم تجميد المحادثات، على الرغم من وصول الأطراف إلى صيغة نهائية وُضعت على طاولة المفاوضات. فقد اشترطت روسيا توقيع الاتفاق بضمانات أميركية تكفل عدم تأثير العقوبات المفروضة عليها، بسبب الحرب في أوكرانيا، في التعاون المستقبلي المتوقع مع إيران بعد التوقيع. وفي حال استمرت روسيا في منع توقيع الاتفاق، سيكون على القوى العظمى وإيران الدفع قدماً بخطوات إبداعية وخارجة عن المألوف، بهدف الدفع بالمفاوضات، عبر نقل المهمات التي كانت تقع على مسؤولية موسكو إلى لاعب آخر. الولايات المتحدة مصممة على تنظيف الطاولة وتحييد الموضوع الإيراني وإزالته عن كاهلها، في الوقت الذي تعترف إيران بالأهمية الاقتصادية الكامنة في الاتفاق. وفي هذا الوضع، لا يزال احتمال توقيع الاتفاق مرتفعاً.
  • عودة إيران إلى الاتفاق النووي ستسمح لها بأن تكون لاعباً مركزياً في سوق الطاقة الدولية، وسوف تؤدي إلى تدفق موارد كثيرة لاقتصادها المحلي مما سيسمح لها بتطوير بنى تحتية وتخفيف الضغوط الداخلية، وتطوير البنية العسكرية، بالإضافة إلى تعظيم قدرتها على التأثير في الإقليم وتقوية أذرعها في المنطقة، من خلال إمدادها بقدرات عسكرية متطورة. وبالتالي، فإن الاتفاق لن يمنع إيران من تطوير قدرات عسكرية متقدمة (طائرات مسيّرة انتحارية، صواريخ باليستية دقيقة)؛ والحفاظ على المعرفة التي جمعتها في المجال النووي؛ وزعزعة استقرار الأنظمة السُّنية؛ والاستثمار في توسيع مجال التأثير الإقليمي.
  • يبدو من الآن أن إيران لا تتردد في تفعيل القوة العسكرية من خلال أذرعها، أو بصورة مباشرة، ضد دول الخليج، أو حتى الولايات المتحدة في سورية والعراق. فعلى سبيل المثال، أطلقت إيران 12 صاروخاً باليستياً على عدد من الأهداف في أربيل (12 آذار/مارس). وأعلن الحرس الثوري الإيراني مسؤوليته عن الإطلاق الذي كان يستهدف، بحسب ادّعائه، قاعدة إسرائيلية سرية هي التي نفذت الهجوم بست طائرات إسرائيلية مسيّرة على قاعدة عسكرية في كرمانشا في إيران. بدورها، صادقت الولايات المتحدة على الرواية الإيرانية بأن المبنى الذي قصفه الحرس الثوري له علاقة بإسرائيل. وبذلك، بررت عدم الرد. وفي حال كانت الأخبار صادقة، فإن هذا سيكون بمثابة مرحلة جديدة في المعركة التي تدور بين إسرائيل وإيران. واستمراراً للهجوم في أربيل، هاجمت إيران، عبر السايبر، مواقع إلكترونية حكومية إسرائيلية، وأظهرت قدرات إضافية يمكنها تفعيلها في حال تصعيد المعركة بين الدولتين.
  • أرادت إيران من خلال هجومها ردع إسرائيل، كما أوضحت في الوقت ذاته أنها لم تردّ بعد على مقتل الضابطين من الحرس الثوري الإيراني في سورية، خلال المعركة بين الحروب. وفي الوقت نفسه، خدم الهجوم أهدافاً أُخرى: فقد كان رسالة إلى القيادة العراقية تفيد بأن عليها أخذ المصالح الإيرانية بعين الاعتبار في أثناء تأليف الحكومة الجديدة؛ وتعزيز الردع الإيراني في مواجهة دول الخليج.
  • يُضاف إلى ذلك زعزعة صورة القوة الأميركية في المنطقة، على الرغم من أن الهجوم لم يستهدف القنصلية الأميركية الموجودة مقابل الهدف. يعتبر غياب الرد الأميركي على سياسة القوة الإيرانية في المنطقة ضد حلفائها، بمثابة ضعف، ويُضاف إلى سلسلة من الحوادث التي زعزعت العلاقات الاستراتيجية بين دول الخليج وإدارة بايدن. على سبيل المثال، هرولة الولايات المتحدة لتوقيع الاتفاق النووي مع إيران؛ رفضها اعتبار الحوثيين تنظيماً إرهابياً؛ تطوير العلاقات الاستراتيجية مع قطر بعد اعتبارها حليفاً استراتيجياً. وهذا كله في مقابل البرودة الذي تبديها إزاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والتعامل معه على أنه المسؤول عن اغتيال الصحافي خاشقجي، وهو ما أدى إلى توتر العلاقات مع الإمارات والسعودية.
  • في هذا السياق، اختار كلّ من أبو ظبي والرياض الحفاظ على العلاقات الاستراتيجية مع موسكو، والامتناع من زيادة إنتاج النفط، ووقف ارتفاع الأسعار التي وصلت في نقطة معينة إلى سعر ذروة يعادل 139 دولاراً للبرميل الواحد، على الرغم من التوجه الأميركي إلى طلب زيادة الإنتاج. هذا الضرر في العلاقات كلّف الولايات المتحدة ثمناً مرتفعاً جداً من جانب حلفائها، خلال جهودها لعزل موسكو. وعلى الولايات المتحدة الاستثمار في ترميم علاقاتها مع دول الخليج، في ظل ارتفاع أهمية الشرق الأوسط في المنافسة العالمية أمام روسيا والصين. في المرحلة الحالية، يؤثر انعدام ثقة الولايات المتحدة بالقيادات المحلية سلباً في قدرتها على المضي قدماً بالدفع بخطوات استراتيجية في الإقليم.
  • أمّا بخصوص إسرائيل، فإن التوتر يتصاعد في الجبهة الشمالية ومقابل "حماس". ارتفعت درجة التوتر بين إسرائيل وإيران في أعقاب اغتيال ضابطين من الحرس الثوري الإيراني خلال المعركة بين الحروب في سورية. التقديرات التي تشير إلى ردّ إيراني من سورية، إلى جانب التوتر المتصاعد مع حزب الله، والذي انعكس في محاولة الحزب اختراق الأجواء بطائرات مسيّرة في الآونة الأخيرة، يزيد في حدة التوتر. هذا بالإضافة إلى أن القضية الفلسطينية تراجعت في الرأي العام العالمي، ولا يوجد أي حاجة مُلحة إلى الدفع قدماً بخطوات من شأنها كسر الجمود. كما يساعد الانقسام الداخلي الفلسطيني، وانعدام الرغبة الإقليمية، أو الأذن الصاغية الأميركية/الدولية على إضعاف الاهتمام بالقضية. بدوره، يشكل شهر رمضان المقبل، بالنسبة إلى "حماس"، فرصة لاستغلال التوتر، القائم أصلاً في المجتمع الفلسطيني، لمواجهة إسرائيل وتثبيت مكانتها وشرعيتها في المجتمع الفلسطيني، تحضيراً لِما بعد أبو مازن.

استنتاجات لإسرائيل:

  • تنجح إسرائيل في ترسيخ مكانتها كوسيط بين طرفيْ الحرب في أوروبا، من دون دفع أثمان في هذه المرحلة. وعلى الرغم من ذلك، فإن سياسة استقبال اللاجئين الإسرائيلية ضارة على الصعيد الاستراتيجي، وبصورة خاصة لصورة إسرائيل في العالم. على إسرائيل أن تغير سياسات استقبال اللاجئين من أوكرانيا، لأسباب إنسانية أخلاقية، وبسبب الثمن الاستراتيجي البعيد المدى على الساحة الدولية.
  • على إسرائيل أن تستغل جيداً موقع الوسيط، وألّا تصل مع روسيا إلى نقطة اللا عودة، بسبب الخطورة الكامنة في منع حرية حركة سلاح الجو في المعركة بين الحروب في سورية، حتى اللحظة التي ستتعارض فيها هذه السياسة مع الاستراتيجيا والمصلحة الأميركية. أميركا هي الحليف التاريخي والأساسي لإسرائيل، وعلى القدس صوغ سياساتها، استناداً إلى حاجتها إلى الحفاظ على العلاقات الاستثنائية معها، حتى لو أدى الأمر إلى احتكاك بروسيا في المنطقة.
  • الاتفاق النووي الذي من المتوقع أن يتم توقيعه بين القوى العظمى وإيران يفرض على إسرائيل تجهيز بنيتها العسكرية بشكل ملائم، وهو ما يسمح لها بالعمل منفردة في دائرة ثالثة، إلى جانب تعزيز العلاقات الاستراتيجية مع دول المنطقة لإظهار القوة وترسيخ سياسة ردع لكبح القوة الإيرانية.
  • في هذا السياق أيضاً، هناك أهمية من الدرجة الأولى للحلف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، بهدف الحفاظ على التفوق العسكري للجيش الإسرائيلي، وتطوير قنوات التنسيق الأمني - العسكري كإحدى أدوات الحفاظ على التفوق الإسرائيلي. عودة الحرب الباردة وتصاعُد المنافسة الاستراتيجية إزاء الصين وروسيا، سيعيدان الشرق الأوسط إلى الاستراتيجيا الأميركية وأولويات أمنها القومي، بسبب المصالح الجيو- استراتيجية، الأمنية وكل ما يخص الطاقة. يشكل هذا الظرف فرصة لتثبيت مكانة إسرائيل، من وجهة النظر الأميركية الشاملة للمنطقة.
  • هذا بالإضافة إلى أنه يتوجب على إسرائيل صوغ استراتيجيا أمنية إقليمية إلى جانب أميركا والمعسكر السُّني (دول الخليج ومصر والأردن)، وارسائها على التزامات أميركية، من خلال توثيق التنسيق العملاني والاستخباراتي، وتعزيز أنظمة دفاعية إقليمية.
  • التصعيد المتزايد مقابل إيران وفي الساحة الفلسطينية، يفرض على إسرائيل تقديرات خاصة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الاهتمام الدولي يتركز في أوكرانيا. ستطلب الولايات المتحدة من إسرائيل الامتناع من القيام بخطوات تصعيدية في المنطقة، وعلى إسرائيل البحث في كيفية تخفيف النيران من جهة، والحفاظ على قدراتها في العمل من دون أن يؤدي ذلك إلى حرب مع إيران، أو سورية، أو لبنان، كذلك الأمر مع "حماس" في غزة والضفة الغربية.