مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
علمت قناة التلفزة الإسرائيلية "كان 11" [تابعة لهيئة البث الرسمية الجديدة] بأن هناك تقديرات لدى الشرطة الإسرائيلية تفيد بأن الاشتباكات في جبل الهيكل [الحرم القدسي الشريف] ستتواصل خلال الأسابيع المقبلة، وأنه في إثر ذلك، ستتواصل حالة التأهب الأمنية القصوى حتى فترة الانتخابات في إسرائيل، والتي ستجري يوم 1 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
وأفيدَ أيضاً بأن الشرطة الإسرائيلية باتت تلاحظ ازدياداً في التحريض في كل ما يرتبط بموضوع الحرم القدسي.
في سياق متصل، تواصلت أعمال العنف في محيط الحرم القدسي، وفي القدس الشرقية عموماً، حيث اعتُقل شابان من سكان صور باهر للاشتباه في إلقائهما الحجارة في اتجاه رجال الشرطة الإسرائيلية، كما أطلق مسلحون، وهم يستقلون سيارة، النار في اتجاه جنود إسرائيليين، وفروا من المكان من دون وقوع إصابات.
واندلعت أمس (الثلاثاء) اشتباكات في مواقع متعددة في القدس الشرقية بين فلسطينيين وقوات الشرطة وقوات حرس الحدود. واعتقلت الشرطة في البلدة القديمة في القدس 14 شاباً بشبهة الإخلال بالنظام العام، وإلقاء الحجارة والمفرقعات النارية، ومهاجمة رجال شرطة، والتحصن في المسجد الأقصى، وارتكاب مخالفات الإخلال بالنظام العام، أغلبيتهم من القدس الشرقية.
قال بيان صادر عن وزارة الخارجية الإسرائيلية مساء أمس (الثلاثاء) إن إسرائيل تعترف بسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، ولن تعترف بنتائج الاستفتاءات في المقاطعات الشرقية لأوكرانيا، بالتزامن مع بدء روسيا بنشر نتائج استفتاءات أجرتها، تمهيداً لضم 4 مناطق في أوكرانيا إليها.
وجاء بيان وزارة الخارجية الإسرائيلية على خلفية الاستفتاءات الروسية التي انتهت أمس في منطقتَيْ دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين المواليتين لروسيا، وفي منطقتَيْ خيرسون وزابورجيا الخاضعتين لسيطرة الروس، في إثر الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا.
ويتوافق بيان الخارجية الإسرائيلية مع موقف حليفتها الولايات المتحدة الأميركية الذي عبّر عنه وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ومع موقف دول غربية أُخرى.
ويأتي ذلك في رسالة دعم تبثها وزارة الخارجية الإسرائيلية تجاه كييف، وذلك في ظل القيود والحساسية التي تخيم على العلاقات الإسرائيلية - الروسية، والنشاط العسكري العدواني الإسرائيلي المتواصل في سورية.
كما يأتي ذلك في إثر إعلان إسرائيل، من خلال سفيرها في كييف، قرارها استقبال 20 عسكرياً أوكرانياً لتلقي العلاج عندها، بعد إصابتهم خلال الحرب مع روسيا.
وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد في بيان صدر عن وزارة الخارجية، إن لدى إسرائيل خبرة كبيرة في إعادة تأهيل الجرحى، ولديها فرق طبية ومستشفيات ممتازة فتحت أبوابها وقلوبها للجرحى من أوكرانيا. وأكد أن إسرائيل ستواصل مساعدة أوكرانيا ومواطنيها.
ولفت بيان الخارجية الإسرائيلية إلى أن المساعدة الطبية للمقاتلين الأوكرانيين تأتي كجزء من التزام إسرائيل المستمر بمواصلة تقديم مساعدات إنسانية واسعة النطاق لأوكرانيا، وقال إن هذه الخطوة جاءت بمبادرة من وزارة الصحة الإسرائيلية، وتمت بالتنسيق بين وزارة الخارجية الإسرائيلية والسلطات في أوكرانيا.
يُذكر أن إسرائيل تجنبت منذ بدء الحرب في أوكرانيا تقديم مساعدات عسكرية، أو مساعدات موجهة إلى قوات الأمن في كييف، كما تجنبت توجيه انتقادات لاذعة لموسكو، وسط مخاوف في القدس من توتُّر العلاقات مع موسكو صاحبة النفوذ في سورية المجاورة، حيث تشن إسرائيل هجمات متكررة، مستهدفةً مواقع للنظام وأُخرى تقول إنها تابعة لجماعات مسلحة موالية لإيران.
أجرى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مساء أمس (الثلاثاء) محادثة هاتفية مع الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ لتهنئته بعيد رأس السنة العبرية الجديدة.
وذكر بيان صادر عن ديوان رئاسة الدولة الإسرائيلية أن هرتسوغ شدّد، خلال المحادثة مع عباس، على الحاجة إلى الحفاظ على علاقات الجوار بين الشعبين وتعزيزها، وعلى أهمية الفعاليات والنشاطات الأمنية المشتركة التي تهدف إلى التهدئة ووقف العنف وكبح الجماعات المتطرفة. وأشار البيان إلى أن الجانبين عبّرا عن الأمل بمضاعفة التعاون المدني والأمني، وعودة الهدوء الأمني إلى طبيعته.
وكان عباس أجرى أيضاً محادثة هاتفية مماثلة مع وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس.
وقال بيان صادر عن وزارة الدفاع إن غانتس شدّد خلالها على الحاجة إلى الحفاظ على وجود الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الميدان لوقف التصعيد في الضفة الغربية.
وجاءت المحادثتان في وقت أعلنت شرطة إسرائيل رفع حالة التأهب في كل أنحاء إسرائيل إلى الدرجة القصوى خلال فترة الأعياد اليهودية، وخصوصاً في مدينة القدس الشرقية والبلدة القديمة، حيث تم تعزيز الشرطة خلال الأيام الأخيرة بقوات كبيرة.
أكد الناطق بلسان حركة "حماس" فوزي برهوم أن تهديدات رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي ["الشاباك"] رونين بار لن تخيف قيادة الحركة، وأشار إلى أن تلك التهديدات ليست جديدة على الشعب الفلسطيني.
وأضاف برهوم في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام، أول أمس (الإثنين)، أن التهديدات الإسرائيلية تزيد الشعب الفلسطيني وقيادة فصائل المقاومة إصراراً على المضي في طريق المقاومة بكافة أشكالها وأدواتها حتى دحر إسرائيل.
وجاءت تصريحات برهوم هذه رداً على تصريحات أدلى بها رئيس جهاز "الشاباك" وحذّر فيها زعيم "حماس" في غزة يحيى السنوار من الاستمرار في التحريض ومحاولة إشعال يهودا والسامرة [الضفة الغربية].
وأكد بار في تصريحاته أيضاً أنه لا يمكن أن يبقى الهدوء في قطاع غزة في وقت تُشعل حركة "حماس" الأوضاع في مناطق الضفة، من خلال تجنيد خلايا ومحاولة تنفيذ هجمات مسلحة.
تجدر الإشارة إلى أن الأشهر الأخيرة شهدت زيادة كبيرة في عدد عمليات إطلاق النار في الضفة الغربية، كما شهدت تصاعُد جهود المنظمات المسلحة لشن هذه الهجمات.
أفادت دراسة نشرتها الوكالة اليهودية، عشية رأس السنة العبرية الجديدة 5783، بأن عدد اليهود في جميع أنحاء العالم بلغ نحو 15.3 مليون، وأنه ارتفع على نحو طفيف عن السنة العبرية الماضية التي بلغ عددهم فيها 15.2 مليون نسمة.
وبحسب الدراسة التي أجراها البروفيسور سيرجيو ديلا بيرغولا، وهو أستاذ في "معهد اليهودية المعاصرة" في الجامعة العبرية في القدس، يوجد في إسرائيل 7.080.000 يهودي، مقارنةً بـ6.950.000 السنة الماضية، بينما يعيش نحو 8.25 مليون يهودي في الشتات، منهم 6 ملايين في الولايات المتحدة، ونحو 2.25 مليون في بقية أنحاء العالم.
وأشارت الدراسة إلى أن عدد اليهود الأميركيين لا يزال مستقراً، بينما لا تزال فرنسا الدولة الثالثة في العالم [بعد إسرائيل والولايات المتحدة] من حيث عدد اليهود الذين يعيشون فيها، ويبلغ عددهم أكثر من 442.000 نسمة، وتليها كندا - 394.000 نسمة، وبريطانيا العظمى - 292.000 نسمة، والأرجنتين - 173.000نسمة، وروسيا - 145.000 نسمة، وأوكرانيا - 40.000 نسمة.
وأضافت الدراسة أن الآلاف من اليهود في أثيوبيا ينتظرون الهجرة إلى إسرائيل.
ووفقاً للدراسة، سجلت إسرائيل أكبر عدد من المهاجرين إليها خلال 20 عاماً، مع وصول مهاجرين من 93 دولة.
- منذ سنة 1995، يعرّف حزب التجمع الديمقراطي (بلد) نفسه حيال القائمة المشتركة بأنه "حزب علماني وديمقراطي" يريد تحويل إسرائيل إلى دولة لكل مواطنيها. وكان هذا كافياً كي يحصل من المحكمة العليا، أكثر من مرة، على أمر يمنع تنحيته عن الانتخابات، بعد استبعاده من جانب كل لجان الانتخابات في الكنيست، بسبب محاولاته التآمر والتشاجر مع دولة إسرائيل.
- إذا تحققت التوقعات، ولم يتمكن "بلد" من اجتياز نسبة الحسم في الانتخابات المقبلة، واختفى من الحياة السياسية، من المتوقع أن نشهد مجدداً حملة معادية لإسرائيل تتهمها بـ "إقصاء العرب في إسرائيل عن السياسة الإسرائيلية"، بينما ما حدث في حقيقة الأمر هو انعكاس لعمليات عميقة كانت تغلي في داخل دولة إسرائيل منذ وقت طويل.
- وهذا يثبت أن العرب في إسرائيل يتبنّون بصورة أقل الأيديولوجيا المدمرة التي عفا عنها الزمن، والتي يدفع بها حزب "بلد" بقوة، من دون أن يحقق نجاحاً. وهذا يثبت أن العرب في إسرائيل يسعون، أكثر فأكثر، للاندماج في النسيج الإسرائيلي. إن اختفاء "بلد" من ناحية، ومن ناحية ثانية، البراغماتية التي تُظهرها القائمة العربية الموحدة (راعام)، يمكن أن يفتحا نافذة أمام الأحزاب الأُخرى، مثل حزب تعل برئاسة أحمد الطيبي، أو حداش برئاسة أيمن عودة، إلى المزيد من المشاركة وتحمُّل مسؤولية أكبر حيال المواطنين العرب في إسرائيل.
- وما نشهده حالياً هو أن العمليات العميقة التي تحدث في داخل المجتمع الإسرائيلي بدأت تتجلى أيضاً في التغيير في نظرة الزعماء السياسيين، سواء من اليمين أو من اليسار، وخصوصاً في المجتمع العربي. إن الحياة بحد ذاتها والشراكة في المواطَنة في مجالات العمل وفي نواحٍ واسعة النطاق من الحياة اليومية تنجح في التأثير في الموقف الأيديولوجي للمجتمع العربي، ويبرز هذا الأمر لدى الزعماء السياسيين.
- تصريحات منصور عباس العلنية كانت قبل تأليف الحكومة السابقة تعبّر عن استعداده للتركيز على الدفع بموضوعات مدنية واجتماعية مُلحة في المجتمع العربي، بعيدة جداً عن الواقع الموجود على الأرض، حيث كان الجزء الأكبر من أعضاء الكنيست في تعل وفي حداش يهاجمون دولة إسرائيل، ويعملون ضد التعاون المدني الذي يهدف إلى تحسين حياة السكان العرب. ومن أجل إتاحة مشاركة حزبيْ تعل وحداش، في حال أبديا رغبتهما في ذلك، سيكون عليهما التركيز على قضايا داخلية - عربية من أجل مصلحة ناخبيهم، والحرص على رخائهم واندماجهم على المستوى المدني، وخفض الاهتمام بالقضية الفلسطينية، وتشجيع الثورة والفوضى داخل المجتمعيْن العربي والإسرائيلي.
- أحزاب تعل وحداش وراعام تعلمت قواعد اللعبة، ومن الآن فصاعداً، ستحاول مواصلة اللعب داخل المرمى السياسي. من دون وجود حزب "بلد"، سيكون من الأسهل على هذه الأحزاب، وبالأساس بسبب الضغط من الأرض، ليس فقط تشكيل كتلة مانعة، بل أيضاً المشاركة الفاعلة في الحكومة.
- من المتوقع أن تقدّم الولايات المتحدة في الأيام المقبلة الخطوط العريضة لاتفاق الحدود البحرية مع لبنان بكل تفاصيله. والمقصود اقتراح أميركي، المطلوب من حكومتيْ إسرائيل ولبنان الموافقة عليه، أو رفضه. عملياً، الخطوط العريضة هي تسوية بين المطلب اللبناني والمطلب الإسرائيلي، وبمثابة خط وسط، في إمكان حكومتيْ البلدين التعايش معه.
- في أعقاب قُرب التوصل إلى الاتفاق الذي يمكن أن توقّعه الدولتان، تستعد إسرائيل في الأيام الأخيرة، التي تسبق توقيع الاتفاق ودخوله حيز التنفيذ، لمواجهة محاولة حزب الله القيام باستفزاز يمكن أن يزعزع الاستقرار في الشمال.
- وكان رئيس الحكومة يائير لبيد عقد، عشية الأعياد، اجتماعاً لتقييم الوضع، بحضور كل القيادات الأمنية، وجرى خلاله عرض كل السيناريوهات المحتملة للتصعيد، وكذلك كل الخطط العملانية التي تُعد لها إسرائيل لمواجهة حوادث محتملة. وتتطلب هذه الأيام يقظة عالية وجهوزية لمواجهة التوصل أخيراً إلى اتفاق يتيح استخراج الغاز، ويؤدي إلى تغيُّر الواقع في لبنان وإسرائيل.
- في الأسبوع الماضي، أرسل ديوان رئيس الحكومة إلى لبنان رسالة مفادها بأن "إسرائيل تعتقد أن في الإمكان، بل يجب التوصل إلى اتفاق على الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل بصورة تخدم مصالح مواطني الدولتين." كما جاء في الرسالة: "الاتفاق سيساعد كثيراً، وسيكون مفيداً للاستقرار الإقليمي." كما أوضح ديوان رئيس الحكومة أن "استخراج الغاز من منصة كاريش لا علاقة له بالمفاوضات، وستبدأ المنصة باستخراج الغاز من دون تأخير في اللحظة التي يصبح فيها ذلك ممكناً."
- في إسرائيل، لا يعرفون بصورة واضحة كيف سيرد نصر الله على هذه الخطوة، لذلك أرسلت رسالة أُخرى أكثر حدّة إلى لبنان وحزب الله، بواسطة الموفد الأميركي، تقول إن "أي استفزاز سيُرَد عليه بصورة قاسية جداً."
- في أعقاب سلسلة العمليات في المدن الإسرائيلية خلال شهر آذار/مارس، أعلن الجيش القيام بحملة "كاسر الأمواج" التي تستمر حتى يومنا هذا. الهدف منها هو إحباط "الإرهاب" ضد المواطنين الإسرائيليين من طرف تنظيمات و"مخربين" أفراد من خلال جهود في اتجاهين: اعتقالات ليلية في عمق مناطق التنظيمات التي تخرج منها العمليات، وبصورة خاصة في شمال الضفة، وحماية مكثفة لخط التماس، تشمل إغلاق الفتحات في الجدار.
- كثافة العمليات التي يقوم بها الجيش في الميدان أوقفت موجة العمليات في داخل إسرائيل. وفي الوقت ذاته، عززت الاشتباك داخل المدن الفلسطينية، وأدت إلى ارتفاع وتيرة استعمال السلاح ضد قواتنا - على يد أعداد متزايدة من الشبان المسلحين - وبالتالي، إلى ارتفاع أعداد "القتلى" الفلسطينيين في إطار هذه المواجهات. وفي المقابل، تم تسجيل ارتفاع مستمر في عدد عمليات إطلاق النار على المحاور، وعلى المستوطنات في الضفة الغربية - هذا بالإضافة إلى استمرار المبادرات إلى تنفيذ عمليات فردية، كقتل العجوز في حولون، والشاب الذي خطط لتنفيذ عملية وتم إلقاء القبض عليه في يافا خلال هذا الشهر.
- وجود السلاح بشكل واسع في الضفة الغربية؛ مجموعات مسلحة (وخصوصاً في جنين ونابلس) تقوم بما تريد؛ ارتفاع جاهزية الفلسطينيين للاشتباك مع قوات الأمن - كل هذه الأسباب تشكل معاً "دائرة إحباط" لا تنتهي، إذ تتحول الجهات التي أطلقت النار على القوات بالأمس إلى أهداف اعتقال الليلة، وهكذا دواليك.
الطريقة الأفضل لتهدئة الميدان
- رئيس الشاباك رونين بار وصف الوضع في الخطاب الذي ألقاه مؤخراً في جامعة "رايخمن"، بأنه "دائرة مغلقة تزداد فيها محاور الإرهاب، وعدم وجود تعامُل كافٍ من أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية بسبب السيادة المحدودة، يستوجب عمليات إحباط إسرائيلية كل ليلة، بدورها، تؤدي إلى المزيد من الإصابات في صفوف الفلسطينيين، وبالتالي، إلى تراجُع في مكانة أجهزة أمن السلطة."
- يتفق مسؤولون في أجهزة الأمن الإسرائيلية على أن الطريقة الأمثل لتهدئة الأوضاع هي عبر عودة أجهزة أمن السلطة إلى العمل الأمني بطريقة ناجعة داخل المدن. هذه ليست مصلحة إسرائيلية - أمنية فقط، بل مصلحة السلطة نفسها أيضاً. فكما تبين في نابلس جيداً هذا الأسبوع، الظواهر "الفوضوية" هي تحدٍّ حقيقي لوجود السلطة برمتها كسلطة حكم.
- وعلى الرغم من أن الحديث يدور عن مصلحة إسرائيلية - فلسطينية، فإن المهمة مركّبة أكثر مما يبدو، وبصورة خاصة في الوقت الحالي. فعشية الأعياد والانتخابات، تجد الحكومة الإسرائيلية نفسها في معضلة أمام التطورات في الضفة الغربية والقدس، على المستوى التكتيكي - العملياتي والاستراتيجي.
- على الصعيد العملياتي، عندما تقوم قوات الجيش والشاباك بملء الفراغ وتنشط بصورة مستمرة، ويومياً داخل الميدان، وخاصة عندما تنتهي هذه العمليات بـ"قتلى" فلسطينيين، يغدو من الصعب على أجهزة الأمن الفلسطينية العمل ضد بنى "الإرهاب" - خوفاً من التعامل معهم كـ"عملاء" لإسرائيل. هذا الوصف التصق منذ عدة أعوام بالأجهزة الأمنية التي تتعامل مع أزمة شرعية صعبة، وتغدو أصعب في أوساط الجمهور الفلسطيني.
قطع "دوامة الإرهاب"؟
- كي تستطيع الأجهزة الأمنية العمل في جنين ونابلس، على إسرائيل خلق مساحة لها من خلال امتناعها موقتاً من العمل في منطقة محددة، وأن يتم الاتفاق بشكل صامت على عمليات فلسطينية بديلة من اعتقالات الجيش. فاعتقال نشطاء "حماس" و"فتح" في نابلس على يد أجهزة الأمن الفلسطينية الأسبوع الماضي شكّل، على ما يبدو، نجاحاً أولياً في دفع السلطة إلى العمل، لكنه أدى إلى مواجهات ضد أجهزة أمن السلطة من جانب الشبان والنشطاء المسلحين الذين تمت السيطرة عليهم حالياً من دون تدخُّل الجيش. إلا إن هذه اللحظة الأولية لا تبشر بالربيع، ويجب فحص استمرار الاتجاهات.
- بالتنسيق مع أجهزة أمن السلطة، أو من دونها إن استوجب الأمر، يجب فحص إمكانية وقف العمليات التي ستؤدي إلى قطع "دوامة الإرهاب" وتركيز الاعتقالات فيمن يخطط لعمليات داخل إسرائيل، أو في الضفة الغربية. وفي حال لم تدخل أجهزة أمن السلطة للعمل، ولم يتم تحسين الوضع القائم بهذه الطريقة، يبدو أنه سيتوجب القيام بحملة عسكرية واسعة في شمال الضفة، بهدف "تنظيف" الميدان من البنى "الإرهابية"، لكن هامش العمل لدى المستوى السياسي في فترة الأعياد والانتخابات يتقلص: من جهة، لا يستطيع السماح لنفسه بتخفيف عمليات الإحباط، لأن أي عملية تفلت من قوات الأمن سيكون لها تداعيات صعبة على الجبهة الداخلية الإسرائيلية؛ ومن جهة أُخرى، فإن حملة عسكرية واسعة من الممكن أن يكون فيها مصابون كُثر من كلا الطرفين، وتتوسع إلى مناطق أُخرى، وتتأزم أكثر، عسكرياً وسياسياً.
- منطقة أُخرى قابلة للاشتعال، وبصورة خاصة في فترة الأعياد، هي الحرم القدسي. خبرة الأعوام السابقة علمتنا أن ما يبدأ بمواجهات في الحرم، من الممكن أن ينتهي بتصعيد واسع أكثر في الضفة الغربية وغزة، بالإضافة إلى موجة إدانات في العالم العربي. نقطة التوتر الأساسية اليوم هي توسيع وتيرة وعدد اقتحامات اليهود للحرم، التي يتم التعامل معها، فلسطينياً وأردنياً، على أنها خرق للـوضع القائم. هذه القضية تدفع بالقيادات الإسرائيلية إلى معضلة حقيقية، تزيد تعقيداً عشية الانتخابات - بين الحاجة إلى ضمان الاستقرار الأمني في المسجد وبين اعتبارات رمزية أُخرى لها علاقة بالسيطرة والسيادة على الأرض وإسقاطاتهما السياسية.
الخطر على مصير السلطة الفلسطينية - والتداعيات
- على المستوى الاستراتيجي، فإن المعضلة في الضفة الغربية أوسع من هذا. إذ إن ضُعف الأجهزة الأمنية ومشكلة شرعيتها هي نتيجة تفكُّك السلطة الفلسطينية كمنظومة حكم. وتراجُع مكانة السلطة يرتبط بثلاثة اتجاهات:
- زعزعة أساس الفكرة: الفكرة التي تأسست السلطة استناداً إليها، ومن دونها لا تملك مبرر وجود، هي تحقيق الطموحات القومية الفلسطينية من خلال المفاوضات والترتيبات مع إسرائيل. هذه الفكرة تتزعزع وتضعف مقابل انغلاق الأفق السياسي من جهة، ومقابل طريق المقاومة المسلحة التي تطرحها "حماس" من جهة أُخرى. ثقة الجمهور الفلسطيني بالسلطة وطريقها السياسية وصلت إلى مراحل متدنية غير مسبوقة، تنعكس في استطلاعات الرأي، بالإضافة إلى الفساد المتجذّر وتفضيل المقربين.
- الأزمة الاقتصادية: تعيش السلطة تحت ضغوط اقتصادية متصاعدة، وتعاني جرّاء عدم وضوح اقتصادي جذري. وبسبب عدم وجود جدوى سياسية، أو تصعيد حرج، تقلص الاهتمام الدولي والإقليمي بالصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وهو ما أدى إلى تقليل المساعدات الاقتصادية للسلطة والأجهزة الأمنية.
- بوادر نهاية عهد أبو مازن: بالإضافة إلى الإحباط من إنجازات السلطة في نظر الجمهور الفلسطيني، فنحن نعيش في مرحلة نهاية عهد حُكم عباس، إذ بدأت تبرز بوادر الصراع على الخلافة، والتي من الممكن أن تتحول إلى حرب خلافة. هذه الحرب ستكون هدامة للسلطة وتسرّع مسار التطرف في أوساط القيادة الفلسطينية تجاه إسرائيل والمسار السياسي، بهدف الحصول على تأييد ومنافسة "حماس".
- هذه الاتجاهات تشكل خطورة حقيقية على وجود السلطة كنظام حكم ناجع لوقت طويل. تفكُّك السلطة يضع إسرائيل أمام خطر استراتيجي متعدد الأبعاد. فالظواهر الحالية، كانعدام السيادة في الميدان، ستتوسع ومعها الاشتباك ما بين الجيش و"جهات إرهابية". سيكون على الجيش تخصيص قوات كبيرة، بهدف القيام بعمليات ضبط وأمن يومي على حساب الإصغاء وتخصيص الموارد للتعامل مع تحديات أمنية أهم مقابل إيران و"حزب الله"، وهو أيضاً ما سيضر بمكانة إسرائيل السياسية والدولية والإقليمية.
- وفي المقابل، على صعيد عملي، ستنتقل المسؤولية عن كافة جوانب الحياة اليومية لملايين الفلسطينيين إلى إسرائيل بالتدريج، من دون أن يكون لديها المنظومات والأدوات البيروقراطية اللازمة - أو مصادر التمويل الواسعة المطلوبة لملء الفراغ الحكومي في مجالات الصحة والتعليم والنظام العام وغيرها. تداعيات حرجة بدرجة متساوية متوقعة على المستويات الفكرية ومن حيث الرؤية. تفكُّك السلطة وتوسيع السيطرة الإسرائيلية إلى حد الضم الفعلي، من الممكن أن يؤديا إلى اختفاء فكرة الدولتين وتقوية فكرة الدولة الواحدة التي يزداد تأييدها منذ اليوم في الساحة الفلسطينية، وتؤثر في العلاقات الخارجية لإسرائيل، ومن ضمنها العلاقات مع أفضل الأصدقاء.
- ولذلك، يتوجب تعريف وجود السلطة واستقرارها بأنهما مصلحة أمنية إسرائيلية، إلا إن هذه المصلحة تصطدم بالمصالح السياسية للقيادات الإسرائيلية. هذه القيادات، التي رفضت بشكل قاطع تجديد المفاوضات مع السلطة، بغض النظر عن الهدف منها، وأغلبيتها تقاطع أبو مازن وترفض لقاءه. نتمنى أن يكون تصريح رئيس الحكومة يائير لبيد في الأمم المتحدة بشأن دعمه حل الدولتين إشارة إلى فهم سياسي مطلوب سيؤدي، بالإضافة إلى تقوية السلطة، إلى ملء خزان الشرعية الإسرائيلية - يعيدها إلى مكانة المبادرة والمطالبة بالسلام، وفي حال رفض الفلسطينيون، سيكون من الواضح مَن الذي منع تطوير مسار سياسي. وعلى الرغم من ذلك، فإن مصادر مقربة من لبيد قالت إنه لا يوجد نية للقاء أبو مازن في هذه المرحلة.
حفظ الهدوء حتى الانتخابات - والقرارات بعدها
- الامتناع الإسرائيلي من لقاء أبو مازن، والتصميم على إغلاق كل أفق سياسي، يدفعان بقيادة السلطة، التي تبحث عن أي أجندات ممكنة، إلى خطوات عدائية في الساحة الدولية، الأمم المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية. هذا السلوك ينعكس سلباً على الدافع لدى الأجهزة الأمنية التي تحاول عادةً احتواء المواجهات، وتحفظ التنسيق الأمني المهم مع قواتنا. وبسبب منظومة العلاقات المتوترة ما بين المصالح الأمنية والسياسية والمعضلات التي تأسر إسرائيل، يجب القيام بخطوات عملية في الميدان منذ الآن لحفظ الاستقرار حتى الانتخابات، وسيتوجب على الحكومة المقبلة التي سيتم تأليفها في إسرائيل اتخاذ قرارات استراتيجية حاسمة ستكون أمامها.
- خلال الأعياد، وصولاً إلى الانتخابات - على قوات الأمن الاستمرار في إحباط "الإرهاب"، بهدف منع العمليات. وعلى الرغم من ذلك، فإنه يجب الإبقاء على هامش عمل أكبر لأجهزة الأمن التابعة للسلطة، والاستمرار في تفضيل أن تجري عمليات الإحباط من خلالها طالما تسمح الظروف، وتركيز عمليات الإحباط التي يقوم بها الجيش على "البنى الإرهابية الموقوتة"، استناداً إلى معلومات استخباراتية دقيقة. وفي المقابل، الاستمرار في إغلاق خط التماس بصورة ناجعة، والإغلاق في فترة الأعياد. أما في الحرم القدسي، فيجب حفظ التوازن بطريقة محسوبة قدر الإمكان وتنسيق دخول اليهود مع الأردن، والتشديد على عدم خرق الوضع القائم بسلوكهم.
- على حكومة إسرائيل منذ الآن، وأساساً بعد الانتخابات، وفي المدى الطويل، اتخاذ عدة خطوات، بهدف تقوية استقرار السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، ورؤية يوم "ما بعد أبو مازن" وتبدل الأجيال في القيادة. وفي هذا الإطار، على إسرائيل حسم قرارها بشأن تجديد المسار السياسي مع السلطة الذي يشكل المركّب الجوهري لاستمرار وجودها.
- حتى ولو كان من الواضح أن احتمالات نجاح المسار السياسي في الوقت الحالي معدومة، إلاّ إنه يحفظ فكرة "الدولتين"، ويعيق بديل الدولة الواحدة، وهو مهم لتقوية الشرعية الإسرائيلية. هذا بالإضافة إلى أنه يتوجب على حكومات إسرائيل بناء قنوات تواصُل ناجعة لقيادات السلطة، في مقابل الطلبات المحقة منها ومن بينها وقف دفع رواتب الأسرى وعوائل الشهداء، والخطوات ضد إسرائيل في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي.
- من غير الصحيح أن يتركز المسار السياسي في قضايا الحل النهائي. أولاً، يجب معالجة التحديات في المدى القصير والمتوسط بكل ما يخص الأمن، وقيام السلطة بدورها وحكمها، ومن خلال ذلك، صوغ الأمل لأفق سياسي. على إسرائيل والسلطة إيجاد حلّ مبدع لمشكلة رواتب الأسرى والشهداء - يساعد في العمل على تجنيد دول الخليج واللاعبين الدوليين لمساعدة السلطة - وبحث قضايا، كالبناء الفلسطيني المنظم في مناطق "ج" والمستوطنات وغيرها.
نجاح الماضي الذي ستستصعب إسرائيل تكراره
- على المستوى الأمني، يجب على الطرفين التركيز على تقوية أجهزة أمن السلطة وسيطرتها على الأرض. وفي هذا السياق، يمكن محاولة إعادة نجاحات الماضي، كـ"اتفاق المطلوبين" و"مشروع جنين"، من سنة 2008. حينها، وخلال "مسار أنابوليس"، نقلت إسرائيل إلى أجهزة الأمن التابعة للسلطة السيطرة على كل منطقة جنين شمال الضفة، بعد التزامها إعادة النظام وإحباط "الإرهاب" في المنطقة. وفي إطار هذه المبادرة، قاد مبعوث الرئيس الأميركي بوش، الجنرال جونز، جهوداً متعددة أمنية - مدنية - واقتصادية، لتقوية سيادة الأجهزة الأمنية. النتائج كانت مذهلة. وبقيادة رئيس الحكومة الفلسطيني، حينها، سلام فياض الذي بادر إلى مشاريع مدنية لها تأثير إيجابي وسريع في الأرض (شق طرقات، خدمات اجتماعية، وغيرها)، عاد الأمن والاستقرار إلى جنين، وضمنها مخيم اللاجئين، والفوضى اختفت وتمت السيطرة على "الإرهاب".
- الظروف لاستعادة هذا النجاح تفرض تحديات أكبر: النظام السياسي الإسرائيلي منقسم، وغير مستقر ومليء بالتوترات؛ رفض إسرائيلي لإدارة مفاوضات؛ حكومة فلسطينية ضعيفة؛ عدم وجود استقرار؛ ازدياد التحديات من جانب "حماس" والجهاد الإسلامي في فترة أواخر أيام أبو مازن وغيرها.
- لا بديل لإسرائيل إلا المبادرة إلى خطوات تخدم الأمن وتمنع الانجرار إلى دولة واحدة. فالأحداث التي جرت مؤخراً في شمال الضفة وتوسُّعها إلى داخل مناطق الخط الأخضر تثبت أن حفظ الاستقرار لوقت طويل في هذه المنطقة ليس مؤكداً. في المدى القصير، يبدو أن المصلحة السياسية للقيادات الإسرائيلية تتفوق على المطلوب استراتيجياً وأمنياً، لذلك، فإن مسؤولية القيام بالأمر الصحيح ملقاة على عاتق قيادات أجهزة الأمن، في إطار الحدود التي يفرضها الظرف السياسي القائم. وعلى المستوى المتوسط- الطويل، يتوجب على قيادات الدولة الارتقاء فوق الحسابات السياسية الراهنة، والمبادرة إلى مسارات تضمن الاستقرار الأمني الطويل المدى، والهدف الاستراتيجي الحيوي دولة يهودية، ديمقراطية، آمنة، وصادقة.