مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
ذكر الجيش الإسرائيلي أنه سيزود بؤراً استيطانية غير قانونية في الضفة الغربية بمنظومات مراقبة وإنذار ومعدات لإطفاء الحرائق، في ظل التصعيد الأمني الأخير الذي تشهده الضفة. وأضاف الجيش أن هذه الخطوة حصلت على موافقة من وزارة العدل. ومع ذلك، فإن كل هذا العتاد سيكون متحركاً بسبب الوضع غير القانوني لهذه البؤر، والذي لا يسمح بالبناء فيها. وكان الجيش يمنع حتى اليوم حصول هذه البؤر غير القانونية على هذه المعدات.
وجاء في بيان الجيش أن "هذا التغيير جاء بعد عمل قامت به القيادة الوسطى خلال السنة الماضية، بمشاركة وزارة الأمن، والمقصود إحداث تغيير واسع النطاق للسياسة الموجودة منذ أعوام عديدة." وقال ضابط في القيادة الوسطى: "مهمة الجيش الإسرائيلي الدفاع عن أي مكان يوجد فيه مواطنون إسرائيليون. والتغيير مهم ومطلوب، وهو سيسمح بتعزيز حلقات الدفاع في المنطقة."
وعلّقت منظمة "يش دين" [يوجد حساب] على القرار بالقول: "بدلاً من فرض القانون، يحمي الجيش الذين ينتهكونه ويحّول نفسه وجنوده إلى شركاء في الجريمة. تقديم الدفاع عن البؤر الاستيطانية غير القانونية هو بمثابة تقديم جائزة للمجرمين المقيمين بهذه البؤر، وهو استمرار لسياسة الضم الزاحفة إلى الضفة الغربية التي تدفع بها قدماً أطراف متطرفة، بحماية الحكومة الإسرائيلية."
وعلّق منتدى الشباب الاستيطاني على القرار بالتالي: "إنها خطوة مهمة أُخرى على الطريق نحو تسوية شاملة. يسعدنا أنه بعد عامين من الجولة التي قام بها وزير الدفاع في المستوطنة الشبابية، وبعد عمل مضنٍ ونداءاتنا المتكررة، قرر بني غانتس أخيراً عدم السماح بعد الآن بتعريض حياتنا وحياة أولادنا للخطر."
أوضحت مصادر أمنية لصحيفة "معاريف" أنه على الرغم من تصاعُد الهجمات في المناطق، فإن إسرائيل لا تنوي توسيع عمليه "كاسر الموج" التي تجري في الضفة الغربية منذ عدة أشهر. لكن على الرغم من ذلك، فإنها تأخذ في اعتبارها احتمال أن يؤدي وقوع هجمات قاسية ضد المدنيين إلى قرارات أُخرى. وتقول مصادر في المؤسسة الأمنية إن "العمليات ستتواصل في مخيمات اللاجئين في جنين ونابلس في كل مرة تأتي معلومات عن وجود قنبلة موقوتة، وعن محاولات للتخطيط وتنفيذ هجمات. لكن ليس هناك نية المبادرة إلى شن عملية واسعة النطاق ما دام ليس هناك حاجة حقيقية إليها."
وكان رئيس الحكومة يائير لبيد اجتمع في الأمس برئيس الشاباك رونين بار في مبنى رئاسة الأركان في تل أبيب، وحصل منه على ملخص استخباراتي وعملاني بشأن ما يحدث في الضفة الغربية والعمليات التي تقوم بها القوى الأمنية على الأرض. وشدّد لبيد على سياسة التحرك في أي وقت لإحباط "الإرهاب" في كل القطاعات، وخصوصاً في الضفة الغربية، لأن هذا يشكل شرطاً أساسياً للحياة الطبيعية، ولتعزيز أمن المواطنين. وأضاف أنه من الضروري المحافظة على اليقظة في كل القطاعات.
وتجدر الإشارة إلى أن الجيش أعدّ خطة طوارىء عرضها على المستوى السياسي، لكن الموقف الغالب في المؤسسة الأمنية ووسط مسؤولين عسكريين رفيعي المستوى هو أنه حتى بعد الأحداث الأخيرة في جنين، يجب الاستمرار في العمليات التي جرت في الأشهر الماضية ضد الجهات "الإرهابية"، وفقاً للحاجة وللمعلومات الاستخباراتية الواردة من الميدان. وشدد الجيش على أن الضغط السياسي، أو الشعبي، لن يجرّ الجيش إلى عملية، ثمة شكوك في نجاعتها.
وقال مصدر أمني: "مهمتنا هي مواجهة الإرهاب بصورة فعالة وناجعة كما فعلنا في الشهر الماضي، واتخاذ قرارات موضوعية ومهنية لا تؤدي إلى تصعيد إضافي." وفي رأي الجيش، العمليات التي تجري ضمن إطار عملية "كاسر الموج" تحقق ذلك، لأن معظم الحوادث التي يحدث فيها احتكاك هي في مواجهة "مخربين" على الأرض، وليس في مواجهة مدنيين.
برز في الأيام الأخيرة تقدُّم في الاتصالات مع عُمان من أجل فتح السلطنة مجالها الجوي أمام الرحلات الجوية من إسرائيل. وكانت السعودية أعلنت فتح أجوائها أمام الرحلات الإسرائيلية في إطار صفقة جرى التوصل إليها خلال زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى السعودية، لكن هذا القرار لا يكون مفيداً ما دامت عُمان ترفض فتح مجالها الجوي أمام هذه الرحلات. وكانت فرضية العمل في إسرائيل أن الحصول على الموافقة هو أمر شكلي، نظراً إلى العلاقات الجيدة التي تربط البلدين منذ أعوام عديدة، وسبق أن زار مسقط، علناً، رؤساء الحكومة الإسرائيلية يتسحاق رابين وشمعون بيرس وبنيامين نتنياهو.
على الرغم من ذلك، فإنه تبين عند اللحظة الحاسمة أن عُمان ترفض إعطاء الموافقة المنتظرة، بعكس التوقعات، الأمر الذي منع حتى الآن تقصير مدة الطيران من إسرائيل إلى أماكن بعيدة في الشرق وخفض تكلفة بطاقات السفر.
وعُلم بأن عُمان وضعت الشروط التالية للموافقة على فتح أجوائها أمام الرحلات الإسرائيلية، وهي: السماح لسلطات السلطنة بتفتيش الطائرات التي تضطر إلى الهبوط في مطار عُمان؛ وإعطاء الموافقة للطائرات التجارية والمدنية فقط؛ ويحق للسلطنة وقف الموافقة بما يتلاءم مع مصالحها. ثمة شرط آخر هو ألا تبيت الطائرات الإسرائيلية في مطار عُمان، إلّا في الحالات الطارئة فقط.
وعلمت الصحيفة بأن الاتصالات مع العُمانيين جرت على هامش الجمعية العامة في الأمم المتحدة، والتي عُقدت في نيويورك. وليس واضحاً ما إذا كانت هذه الاتصالات قد جرت مباشرة مع العمانيين، أم بواسطة دولة الإمارات والسعودية اللتين لديهما تأثير كبير في عُمان.
- الجدول الزمني لاتفاق محتمل بين إسرائيل ولبنان بشأن الحدود البحرية بين الدولتين يتقلص. "إنيرجين"، الشركة البريطانية صاحبة امتياز إجراء الحفريات في حقل "كاريش"، تطالب ببدء الحفريات في منتصف تشرين الأول/أكتوبر (بدأت تجهز لبدء عملية ضخ عكسي من الشاطئ إلى المنصة، قبل البدء بالضخ إلى الشاطئ). أما المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين، فمن المفترض أن يقدم للطرفين مقترحه النهائي مكتوباً في الأيام المقبلة، بعد أن طرح أمامهما الأفكار الأساسية شفوياً قبل عدة أسابيع.
- ومن المتوقع أن يجتمع المجلس الوزاري المصغر لبحث التسوية المقترحة يوم الخميس المقبل (ومن الممكن أن يكون قبل يوم الغفران). الجو العام هو تفاؤل حذر، على عكس المخاوف التي وصلت إلى ذروتها هذا الصيف، حين أسقطت إسرائيل أربع طائرات مسيّرة أطلقها "حزب الله" باتجاه "كاريش". الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله لا يزال يهدد، ولكن بصورة أقل. هناك مَن يرى في تصريحاته إشارات مشجعة على قبول التسوية، إذا ما تم التوصل إليها، مع محاولاته أن ينسب إلى نفسه إنجازات لبنان في المفاوضات.
- بحسب ما نُشر في "هآرتس"، فإن الاقتراح الأميركي يستند إلى الخط 23، الموجود إلى أقصى شمال الصيغة التي طرحها اللبنانيون قبل عدة أعوام. "كاريش" يقع إلى جنوب غربي هذا الخط، بما معناه أنه سيبقى تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة. الحقل الموجود في الشمال الشرقي، قانا، سيعطى إلى اللبنانيين. ومن الممكن أن تحصل إسرائيل على تعويضات مقابل استعمال لبنان جزءاً صغيراً من الحقل الموجود في منطقتها.
- مؤخراً، طرح الأميركيون اقتراحاً إضافياً، مقبولاً من الإسرائيليين: بما أن المشكلة الأساسية تتعلق بخط الحدود الساحلي بحد ذاته، فإن الاتفاق لن يحسم هذه القضية، وسيتركها مفتوحة. عملياً، ترسيم الخط سيبدأ على بُعد عشرات الأمتار غربي الشاطئ. إسرائيل هنا تتنازل بشكل تكتيكي محسوب، وتتوقع الحصول على أرباح استراتيجية: التقاسم سيسمح أخيراً للبنان بالبدء باستغلال الغاز لديه. الاقتصاد اللبناني بحاجة إلى هذه الجرعة من التشجيع-ويطمحون في القدس إلى أن يشكل وجود منصتين، الواحدة مقابل الأُخرى، أداة ردع متبادَل في الجبهة الشمالية لأعوام.
- هذا الرهان لا يخلو من المخاطرة، لسببين. الأول، ترك الساحل من دون حسم واضح من شأنه السماح لحزب الله باستغلال الخلاف، بهدف التصعيد مستقبلاً (الشيء ذاته بالنسبة إلى 13 نقطة نزاع لا تزال مفتوحة على طول الحدود البرية، بالإضافة إلى الخلاف على مزارع شبعا). وثانياً، نظرية الردع المتبادَل تستند إلى الافتراض أن اللبنانيين، ومن ضمنهم حزب الله، سيصدقون أن إسرائيل سترد بقصف منصة الغاز الخاصة بلبنان، في حال حاول حزب الله استهداف أحد حقول الغاز الخاصة بها. لكن الدولة لا تتساوى مع "تنظيم إرهابي"، وستضطر إسرائيل إلى أخذ الموقف الدولي بعين الاعتبار قبل أن ترد. وبكلمات أُخرى، يجب أن يقتنع حزب الله بأن إسرائيل جاهزة للعمل بطريقة "صاحب المنزل جنّ جنونه"، لتكون معادلة الردع موثوقاً فيها.
- خلال المحادثات مع الأميركيين مؤخراً، تم طرح قضية الكوابح التي من شأنها تقوية الاتفاق-الضمانات الدولية. الوسيط الأساسي بين الطرفين هي إدارة بايدن، لكن إذا كان ممكناً جلب المزيد من الدول أو الجهات الدولية لتكون ضامنة، فهذا سيقوّي احتمالات صمود الاتفاق أمام فترات التصعيد والتوتر التي من الممكن أن تنشب مستقبلاً.
- الحكومة واعية أيضاً باحتمالات أن تحاول المعارضة تشويش المصادقة على الاتفاق. زعيم الليكود بنيامين نتنياهو هاجم رئيس الحكومة يائير لبيد، بسبب تنازلات غير مسؤولة ينوي الأخير القيام بها، بحسب نتنياهو، لمصلحة حزب الله في قضية الغاز. في أوساط نتنياهو بدأوا يتحدثون عن إقامة مجموعات احتجاج بشأن هذا الموضوع أمام بيت لبيد في تل أبيب. ومن المتوقع أيضاً أن يتم تقديم التماسات إلى المحكمة العليا، للمطالبة بطرح الاتفاق على الاستفتاء العام.
علاقات عامة قاتلة
- خلال نشرات الأخبار المسائية أول أمس، نشر الناطق الرسمي باسم الجيش فيديو يتضمن مقطعاً من جلسة التقييم التي عقدها قائد هيئة الأركان أفيف كوخافي في اليوم نفسه مع ضباط كبار في ختام زيارة إلى قيادة المنطقة الوسطى. يظهر فيه قائد هيئة الأركان وهو يقول لضباطه إنه على استعداد لاستثمار كل ما يمكن، بهدف وقف موجة "الإرهاب" في الضفة الغربية. وإذا كان هناك حاجة، فسيتم إرسال وحدات إضافية نظامية ووحدات احتياط، وسيتم تقليص التدريبات في ذراع البر. مهما كان الثمن.
- صحيح، يبذل الجيش جهوداً كبيرة في الفترة الحالية، ناجحة في معظمها، لمنع العمليات في شوارع الضفة الغربية وداخل الخط الأخضر. لكن نشْر الفيديو هو جزء من طريقة عمل تحولت إلى مقبولة في الآونة الأخيرة، وتسللت إلى الجيش من الساحة السياسية. المصورون في هذه الحالة عسكريون، يدخلون إلى الغرفة، وفي هذه اللحظة يقوم المسؤول الأكبر الموجود بإلقاء خطاب أمام الكاميرات، بينما المسؤولون من رتب أقل فيكونون للزينة. أما الرسالة فإنها بسيطة: حتى في الأوقات العاصفة أمنياً، هناك يد واثقة تمسك بالقيادة. هناك مَن يمكن الاعتماد عليه. وفي هذا السياق، فإن فيديوهات كوخافي لا تختلف عن فيديوهات لبيد، أو نتنياهو، أو وزير الدفاع غانتس.
- وإلى جانب الفيديو، كان هناك مَن حرص على ابلاغ المراسلين الإعلاميين بالمستجدات. فقيل إن قائد هيئة الأركان منح قيادة المنطقة الوسطى "الضوء الأخضر للقيام باغتيالات في الضفة". وعند الحاجة العملياتية، صادق كوخافي للمرة الأولى على استعمال المسيّرات الهجومية، بهدف اغتيال مطلوبين فلسطينيين في الضفة عن بُعد. يقولون في مكتب الناطق الرسمي إن المعلومات لم تكن من طرفهم، وهي غير دقيقة: استعمال المسيّرات ممكن عند الحاجة إلى إحباط تهديد، بما معناه-وقف مصدر إطلاق نار. لا يوجد هنا سياسة اغتيالات جديدة.
- تحول استعمال المسيّرات في الآونة الأخيرة إلى قضية سياسية حامية نسبياً، بعد حادثتين قُتل فيهما ضابط في الجيش وجندي من وحدة "مكافحة الإرهاب" خلال تبادُل إطلاق نار مع خلايا فلسطينية. في اليمين انتبهوا إلى أن هذه الأرض خصبة لنقاش شعبوي يسمح بإلحاق الضرر بهدفين سهلين بنجاعة-الحكومة، التي تترك سلامة المقاتلين، في رأيهم، والمستوى العسكري الرفيع الذي، في رأيهم، لا يصمد في مواجهة املاءات السياسيين. عملياً، الجيش توقف عن القصف الجوي في الضفة خلال الانتفاضة الثانية. هنا وهناك، تم استعمال مروحيات قتالية، وفي بعض الأحيان طائرات عسكرية، في محاولة لاغتيال مطلوبين. حتى اللحظة، لم تُستخدَم مسيّرات هجومية في الضفة، وتم استعمالها بالأساس في غزة.
- المنطق العملياتي وراء هذه السياسة كان بسيطاً. الاعتقال أفضل من الاغتيال، لأنه يسمح بالتحقيق مع المشتبه به والحصول منه على معلومات استخباراتية عن عمليات مستقبلية. الاغتيال عن بُعد صالح فقط في المناطق التي لا يستطيع الجيش العمل فيها بحُرية، وسيكون عليه المخاطرة جدياً بقوات كبيرة، بهدف اعتقال مشتبه بهم.
- في سنة 2005، ومع خمود الانتفاضة، أنهى غادي أيزنكوت ولايته كقائد لفرقة يهودا والسامرة. وفي وثيقة انهاء مهمته، وصف الوضع بصورة واضحة: استخدام بندقية إم-16 أفضل من استخدام طائرة إف-16. قدرة الجيش والشاباك على مفاجأة المطلوب في منزله، داخل مخيم اللاجئين في جنين أو القصبة في نابلس، تؤسس للردع الإسرائيلي تجاه "الإرهاب". من اللحظة التي استعادت فيها إسرائيل السيطرة الأمنية العملية على الأرض، لا توجد حاجة بعد إلى الاغتيالات من الجو. هذا يمكن اختياره فقط كخيار أخير، بغياب خيارات أُخرى.
- ما تغيّر مؤخراً كما يبدو، أكثر من التغيير على الأرض، يتعلق برؤية قائد هيئة الأركان. كوخافي سيُنهي ولايته بعد ثلاثة أشهر بالضبط، في الأول من كانون الثاني/يناير. ويعمل الآن على تعريف إرثه، وفي هذه الظروف يتخذ خطوات ذات شكل سياسي، كسفره إلى بولندا وفرنسا، حيث شدد على الحاجة إلى قتال إيران وحزب الله. هذه التسريبات التي لم يتضح مصدرها، يمكن التعامل معها على أنها ضرب للحكومة من اليمين. المراسلون لا يقولونها بوضوح، لكن المشاهدين والقراء سيفهمون لوحدهم المقصود: قائد هيئة الأركان مقاتل، والمستوى السياسي أقل منه.
- أمر مشابه حدث قبل عدة أشهر، حين نشرت القناة 13 أن كوخافي طالب، خلال ولاية نتنياهو الأخيرة، بميزانيات لتقوية الإمكانات العسكرية ضد إيران، وكان الرد سلبياً. وصف الحقائق صحيح، لكنه جزئي. قائد هيئة الأركان طلب مسبقاً من رئيس الحكومة السابق "صندوقاً خارجياً"، بما معناه زيادة خاصة على الميزانية بعدة مليارات من الشواكل. نتنياهو رفض، وصحيح أنه لم يعمل من اجل المحافظة على إمكانية الهجوم (على عكس ما صرّح به علنياً)، لكن كان لديه حينها مشكلات أُخرى فوق رأسه، وفي طليعتها الأزمة الاقتصادية التي رافقت الكورونا.
- استعمال المسيّرات في الضفة هو أمر موضع خلاف داخل الجيش. هناك ضباط يرون أنه توجد حاجة إلى قصف من الجو هناك. آخرون، يتخوفون من أن تأتي النتيجة عكسية: بالتدريج، ستبدأ إسرائيل بالتردد في إدخال القوات إلى عمق الضفة، وسيتحول كل دخول إلى مخيم لاجئين إلى حملة استخباراتية خاصة، بما معناه-بصورة عكسية، ستحصل التنظيمات الفلسطينية على حرية عمل كبيرة.
- وهناك أيضاً، طبعاً، سؤال الصلاحية. أشك في كون قائد هيئة الأركان مخولاً أصلاً اتخاذ هكذا قرار وحده، بشأن استعمال مسيّرات في الضفة. هذه مسألة سياسية وهي بيد الحكومة. إذا كان يجلس في مكتب الوزير شخص غير غانتس، شخص يقدّر ويحب كوخافي أقل منه، من المتوقع أن رئيس الأركان كان سيسمع منه أمس. لا أعرف مصدر المعلومات، لكن التقارير عن استعمال المسيّرات، على الأقل بالطريقة التي تم طرحها في القنوات الإعلامية، يبدو كتصريح من دون رصيد ولا صلاحية. في بداية ولايته، وعد كوخافي بتوضيح ما أُطلق عليه اسم "الجيش القاتل"، لكن يبدو هنا أن الحديث يدور عن علاقات عامة قاتلة.
تصويت مشروط
- أقوال قائد هيئة الأركان جاءت في ظل واقع مشتعل في الضفة، حيث تم تسجيل رقم قياسي موقتاً كما يبدو، مع قتل أربعة مسلحين فلسطينيين أول أمس صباحاً، خلال معركة مع قوات الجيش و"حرس الحدود" في مخيم جنين للاجئين. الجيش يستمر في نشاطه العنيف شمال الضفة، والدخول إلى داخل المدن والمخيمات هناك، يتحول في أكثر من مرة إلى تبادُل إطلاق نار واسع. الحكومة، وبصورة واضحة، لا تبحث عن حملة عسكرية واسعة في جنين قبل الانتخابات، لكن استمرار الأحداث يمكن أن يجرها إلى هناك. وفي الخلفية، من المهم الانتباه إلى التوتر المتصاعد في القدس تزامناً مع الأعياد ومع دخول اليهود إلى الحرم القدسي. "حماس" من غزة، تصب الزيت على النار بصورة مستمرة، على أمل اشتعالها أكثر، وإدخال إسرائيل والسلطة في أزمات.
- من الممكن أن يكون لهذه التطورات تأثيرها في السياسة الداخلية في إسرائيل. من الواضح جداً أن عملية عسكرية أكثر حدة في الضفة، وارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين، من الممكن أن تؤدي إلى تراجع نسبة التصويت لدى العرب في إسرائيل. هذه حقيقة معروفة لكل مَن يتابع ما يحدث في إسرائيل والضفة-من "حماس" والسلطة الفلسطينية، مروراً بالليكود، ووصولاً إلى "يش عتيد" والمعسكر الرسمي.
- في أواخر تموز/يوليو الماضي، وعلى خلفية الأزمة بشأن مطالبة روسيا بوقف عمل الوكالة اليهودية في أراضيها، وفي ضوء التنديدات الروسية بالهجمات المنسوبة إلى إسرائيل في سورية، نشر بنيامين نتنياهو شريط فيديو بالروسية على صفحته على الفايسبوك، اتهم فيه الحكومة بأنها مزيج من "عدم المهنية وعدم المسؤولية والغطرسة" في إدارتها للعلاقات مع الكرملين. وبحسب كلامه، فإن حكومة التغيير تدمر العلاقات التي عمل على تطويرها مع الكرملين. الفيديو الذي كان مرفقاً بترجمة إلى اللغة الروسية، أثار موجة من الردود، ثمة شك في أن نتنياهو كان يتوقعها. قرابة 900 رد كان بالطبع من المتحمسين والمؤيدين، لكن كان هناك عدد لا يقل عنه من الغاضبين والمستائين...
- الحرب في أوكرانيا تثير مشاعر قوية وسط الإسرائيليين القادمين من الاتحاد السوفياتي سابقاً. في استطلاع أُجراه موقع الإنترنت newsru، في تموز/يوليو، وهو من المواقع الإخبارية الإسرائيلية الكبيرة بالروسية، قال قرابة 75% من الذين شاركوا في الاستطلاع إنهم يدعمون أوكرانيا، و12% يؤيدون روسيا، و11% وقفوا على الحياد. الاستطلاعات التي يجريها موقع newsru لا تعتمد على نموذج يمثل السكان الناطقين بالروسية في إسرائيل. وبحسب المعلومات التي ينشرها الموقع، فإن معدل الأشخاص الذين تتعدى أعمارهم الـ 60 عاماً، المعتمد في الاستطلاع، هو أكبر، مقارنةً بالعدد الإجمالي للسكان القادمين من الاتحاد السوفياتي سابقاً. لكن على الرغم من ذلك، فإن استطلاعات الموقع عكست طوال سنوات، وبشكل موثوق به، المزاج العام في الشارع الروسي واتجاهات التغيير التي طرأت عليه.
- يعكس الاستطلاع بالتأكيد المزاج وسط أغلبية الصحافيين وكتّاب المدّونات والمعلّقين الناطقين بالروسية. أناتولي فاروبي مبرمج، ومن كتّاب المدونات وصاحب شهرة، كتب رداً على فيديو نتنياهو "لقد خسرني كناخب. لا أعتقد أن على الجميع الوقوف ضد روسيا. وهناك أولوية للمسائل الداخلية الإسرائيلية." وفي حديث أجرته معه "هآرتس" قال: "لا أعتقد أن تصريحات نتنياهو بشأن أوكرانيا يجب أن تكون المقياس الوحيد للسياسي الإسرائيلي." ويروي فاروبي، الذي هاجر إلى إسرائيل من أوكرانيا في سنة 1991، أنه صوّت لمصلحة الليكود في عدة معارك انتخابية في الماضي، وأيضاً في الأعوام الأخيرة. "لكن فيما يتعلق تحديداً بنتنياهو، وهو الذي حافظ على الصمت الكامل طوال الفترة السابقة، وأول ما يقوله عن الموضوع إن علينا المحافظة على العلاقات مع دولة قوية مثل روسيا، فإنه في رأيي تخطى الحدود"...
- تأييد روسيا وبوتين لا يضيف نقاطاً إلى مصلحة السياسيين الإسرائيليين، وعلى ما يبدو، مع استمرار الحرب في أوكرانيا واقتراب موعد الانتخابات، يتقلص تأثيرها في صورة المرشحين. ففي الاستطلاع الذي أجراه موقع newsru الآنف الذكر، سُئل المشاركون ما هي الموضوعات التي ستحدد طريقة اقتراعهم؟ فقال 23 % إنه موقف الحزب فيما يتعلق بالحرب الروسية-الأوكرانية، بينما أجاب 62% بأن شخصية رئيس الحزب هي التي ستؤثر في اقتراعهم، و52% أشاروا إلى البرنامج الاقتصادي للحزب، ونسبة مساوية أشارت إلى البرنامج الأمني للحزب.
- ... جزء من الاستطلاعات وسط القادمين من الاتحاد السوفياتي يشير إلى ضعف حزب إسرائيل بيتنا وسط هؤلاء. يُعتبر ليبرمان من الموالين لروسيا، وخلال أعوام طويلة، انتهج موقفاً حيادياً من النزاع بين روسيا وأوكرانيا. ففي سنة 2011، قال في اجتماع مع الرئيس الروسي بوتين إن الانتخابات البرلمانية في روسيا كانت "نزيهة وحرة وديمقراطية". وذلك على الرغم من الأدلة الكثيرة على حدوث تزوير في تلك الانتخابات، وهو ما أشعل موجة احتجاج كبيرة. في سنة 2014، رفض ليبرمان الذي كان وزيراً للخارجية، حينذاك، إدانة احتلال الروس لشبه جزيرة القرم. ومع ذلك، لا يبدو أن موقفه بشأن الحرب في أوكرانيا يزعج، حالياً، الكثيرين في الشارع الروسي.
- بالإضافة إلى التعب من الحرب والتمييز الذي يفعله الكثيرون بين السياسة الخارجية وبين القضايا الداخلية الإسرائيلية، هناك على ما يبدو سبب آخر لضآلة تأثير الحرب في أوكرانيا في المعركة الانتخابية. الأحزاب الثلاثة الكبرى التي تتنافس على أصوات الناطقين بالروسية-الليكود، وإسرائيل بيتنا، ويوجد مستقبل؛ ببساطة، توقفت عن التحدث عن هذه الحرب. وبحسب مصدر في حزب الليكود، "الكل بمن فيهم لبيد، فهم أن الفائدة الانتخابية من التطرق إلى الحرب ليست قاطعة، لذلك، هم ببساطة يفضلون الصمت."
- مع الحرب، أو من دونها، تشتد المنافسة على أصوات القادمين من الاتحاد السوفياتي سابقاً. فقد جاء في مقال نشره حزب يوجد مستقبل على موقعه على الإنترنت بالروسية، أن الليكود تحول إلى حزب يمثل السفارديم، لأن قائمته الانتخابية لم تتضمن مرشحاً يمثل الإسرائيليين من الاتحاد السوفياتي سابقاً (باستثناء يولي إدلشتاين الذي وُضع في المرتبة الـ 18). احتج الليكود على اللهجة العنصرية وحاول إثارة عاصفة. لكن الشارع الروسي والفضاء الافتراضي بقيا على حالهما.
- يحاول الليكود التغلب على غياب التمثيل الروسي في قائمته، ويخوض معركة شرسة ضد ليبرمان وضد لبيد "لجلوسهما مع العرب". وذكر مصدر في الليكود لـ "هآرتس" أنه بحسب استطلاع أجراه معهد رافي ساميت، توجد في الشارع الروسي قوتان ثابتتان، مقارنةً بالانتخابات الماضية-حزب يوجد مستقبل والليكود. يحظى الأول بـ 18% من أصوات الناطقين بالروسية، بينما حظيَ الليكود بـ 28%، أي ما يساوي 3 مقاعد ونصف. في المقابل، شهد حزب إسرائيل بيتنا تراجعاً كبيراً. يقول المصدر: "في الانتخابات الماضية صوّت 36% من الناطقين بالروسية مع ليبرمان، بينما تُظهر الاستطلاعات تراجُع التأييد له إلى 26% فقط، وهو ما يعني خسارة مقعد." وإذا كان الاستطلاع الداخلي لليكود يعكس توجّهاً حقيقياً، فالسؤال هو إلى أين ستذهب أصوات المقعد الذي خسره ليبرمان. وفي رأي مصادر في الليكود، جزء من هذه الأصوات سيتوجه نحو بني غانتس ومعسكره الرسمي الذي يُعتبر ممثلاً لليمين المعتدل...
- حزب إسرائيل بيتنا هو أول حزب يوسع حملته بالروسية، ليس فقط على شبكات التواصل الاجتماعي، بل أيضاً في الإعلانات المدفوعة في وسائل الإعلام. يهاجم ليبرمان نتنياهو علناً بسبب تحالفه مع الحريديم، ويتباهى بإنجازاته حيال جماعته. وعلى سبيل المثال، نشر على صفحته على الفايسبوك خطة لتخصيص مبلغ 90 مليون شيكل لاستيعاب الهجرة المتوقعة من روسيا، فراراً من التجنيد الإجباري، وتقديم مساعدات إلى المهاجرين الجدد الذين لم يحصلوا بعد على وضع رسمي... على الرغم من ذلك، فإن حزب ليبرمان يحظى في استطلاعات الرأي عموماً بما بين خمسة إلى ستة مقاعد، مقارنةً بسبعة مقاعد في الكنيست الحالي.