مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
بنيامين نتنياهو يهاجم اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان بشدة، ويعلن أن الحكومة التي سيترأسها لن تلتزم به
عشرات الإسرائيليين يغلقون مداخل نابلس ويطالبون الحكومة بشن عملية عسكرية في الضفة
غانتس في مقابلة خاصة: "الاتفاق مع لبنان سيقلص تبعية لبنان لإيران في المدى البعيد"
مقالات وتحليلات
افتحوا لهم أيضاً باب الهجرة
مسودة الاتفاق واللغز: لماذا تنازلت إسرائيل عن كافة مطالبها أمام لبنان خلال أسابيع؟
الغاز والذعر والانتخابات
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"يديعوت أحرونوت"، 3/10/2022، و"معاريف"، 4/10/2022
بنيامين نتنياهو يهاجم اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان بشدة، ويعلن أن الحكومة التي سيترأسها لن تلتزم به

شن رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو هجوماً شديداً على الاتفاق مع لبنان، وقال في مؤتمر صحافي عقده مساءً في تل أبيب: "الاتفاق هو خضوع لتهديد الإرهاب، ولن يمنحنا السلام، بل الحرب." وأضاف: "طوال العشرة أعوام الأخيرة، رفضت الخضوع لإملاءات نصر الله. وعلى الرغم من ذلك، فإنه خلال 3 أشهر، وبعد تهديد واحد من نصر الله، قدّم له لبيد ما يريده. لبيد أعطى الكعكة كلها، وبصعوبة أبقى لنا الفتافيت. فإذا كان يتصرف بهذه الطريقة في مواجهة نصر الله، كيف سيتصرف في مواجهة إيران؟" وتابع رئيس المعارضة: "حصل نصر الله على أرض إسرائيلية، وعلى حقل غاز يساوي مليارات الدولارات. هو لن يبني بهذا المال مستشفيات وحضانات أطفال، بل سيستخدمه لشراء السلاح والصواريخ ضدنا." وكان سبق لنتنياهو أن أعلن أن الحكومة التي سيترأسها لن تلتزم بالاتفاق على ترسيم الحدود البحرية مع لبنان.

وردّ رئيس الحكومة يائير لبيد على كلام نتنياهو، قائلاً: "أفهم خيبة أمله بعد عدم تمكّنه خلال عشرة أعوام من التوصل إلى اتفاق كهذا، لكن هذا ليس سبباً كي يتجند وينضم إلى الحملة الدعائية لنصر الله وحزب الله. أسمع نتنياهو وأنصاره يتحدثون عن الاتفاق مع لبنان، من دون رؤيته، أو معرفة ما تضمّنه." وأضاف لبيد: "في الاتفاق، ستحصل إسرائيل على 100% من حاجاتها الأمنية كما حددتها المؤسسة الأمنية، وعلى 100% من حقل كاريش، مع 100% من عائداته التي تعود إلى المواطنين الإسرائيليين، كما سنحصل على نسبة معينة مع عائدات حقل الغاز في لبنان."

ورداً على كلام نتنياهو، أصدر حزب يوجد مستقبل، الذي يترأسه لبيد، بياناً جاء فيه: "يقف نتنياهو صفاً واحداً مع نصر الله، وهو مستعد لتعريض مصالح أمنية قومية حساسة للخطر، من أجل مصالحه الشخصية، لا خطوط حمراء تردعه، ولا يتردد عن المس بأمن إسرائيل - إذا كان هذا يخدمه إعلامياً. وبينما يواصل زعيم المعارضة حملة غير مسؤولة، يدير رئيس الحكومة الدولة ويحل أزمات عالقة منذ أعوام."

من جهة أُخرى، وافقت وزيرة الداخلية وعضو الائتلاف أييلت شاكيد على الحجة القائلة إنه يجب طرح الاتفاق على التصويت في الكنيست، على الرغم من أن وزير العدل جدعون ساعر أوضح أنه سيعرضه على أعضاء الكنيست لمناقشته فقط. وقالت شاكيد إن "الاتفاقات يجب أن تُحترم، وهناك استمرارية في الحكم، وسندرس ذلك في المجلس الوزاري المصغر هذا الأسبوع. أعتقد أن هذا الاتفاق مهم وله تداعيات سياسية واجتماعية واقتصادية، ويجب طرحه على الكنيست."

ونقلت صحيفة "معاريف" عن مصدر سياسي رفيع المستوى صباح الثلاثاء أن يائير لبيد لن يوافق على التنازل عن المصالح الأمنية والاقتصادية لدولة إسرائيل. وأن إسرائيل تنتظر الملاحظات اللبنانية على الاتفاق بصورة رسمية كي تحدد كيفية المضي قدماً.

وبحسب تقارير إخبارية لبنانية، يرفض لبنان "منطقة أمنية". الاعتراض الثاني لبلاد الأرز هو فكرة ترسيم الحدود البرية في المفاوضات الدائرة على الاتفاق الحالي. وهو يريد إجراء مثل هذه المفاوضات في إطار الأمم المتحدة. كما أعلن لبنان رفضه ربط عمل شركة "توتال إنيرجي" بإسرائيل، وهو يريد أن تكون الشركة مرتبطة مباشرة مع لبنان، وهي التي تقوم بأعمال الحفر في الأراضي اللبنانية، من دون أي علاقة بإسرائيل. كما أعلن لبنان رغبته في أن تبدأ شركة توتال بأعمال الحفر في الوقت عينه الذي تبدأ فيه الأعمال في كاريش.  أمّا البند الرابع الذي أعرب لبنان عن معارضته له، فهو إقامة حفل توقيع رسمي للاتفاق في الناقورة.

تجدر الإشارة إلى أن هذه الملاحظات جاءت بعد نشر بعض ما جاء في الاتفاق الآخذ في التشكل، والذي احتوى على 3 مبادىء مركزية. الأول، اعتراف بالخط الأمني الإسرائيلي - خط العوامات، وهو خط له أهمية أمنية لم يؤكده من قبل أي مسؤول أمني، وهو مطروح الآن، وسيجري ترسيخه مع المشرفين على هذا الموضوع. وهذا الخط لم يحدَّد قانونياً حتى الآن، بل كان يطبَّق بقرار أحادي الجانب، والموافقة عليه الآن معناها التعامل معه كخط للحدود الإقليمية لدولة إسرائيل. وبحسب مصدر سياسي، تضمّن الاتفاق مبدأً آخر يسمح لإسرائيل بحق الحصول على تعويض عن حقوقها في المنطقة الواقعة تحت سيادتها عندما يدفع اللبنانيون مقابل الجزء من حقل قانا الموجود في المياه الإسرائيلية. وذكر المصدر أن الجزء الثالث من الاتفاق يحدد أن الاتفاق الاقتصادي يجب أن ينحصر في المنطقة المختلَف عليها، وليس خارجها، وأن الاتفاق سيسمح للبنانيين بالمحافظة على حقوقهم في الحقل حتى الخط الجنوبي لمنطقة النزاع، أي الخط 23، وليس الخط 29 الذي طالب به اللبنانيون.

 

"هآرتس"، 4/10/2022
عشرات الإسرائيليين يغلقون مداخل نابلس ويطالبون الحكومة بشن عملية عسكرية في الضفة

أقدم عشرات الإسرائيليين هذا الصباح على إغلاق مدخل نابلس، ودعوا الحكومة إلى شن عملية عسكرية في الضفة، على خلفية التصعيد الأخير. جزء من المشاركين في الاعتصام، الذي يجري للمرة الثانية هذا الأسبوع، منع السيارات الفلسطينية من المرور في المكان. وكان صدر أمر بالإغلاق التام للضفة الغربية قبيل عيد الغفران.

يوم الاثنين تظاهر عشرات الأشخاص بالقرب من مدخل نابلس وأغلقوا الطريق إلى المدينة أمام السيارات الفلسطينية، وطالبوا الجيش بشن عملية "سور واقٍ 2" وجمع السلاح، وإعادة كل الحواجز. جاء هذا بعد إطلاق النار يوم الأحد بالقرب من مستوطنة إيلون موريه، والذي أدى إلى إصابة سائق تاكسي بجروح. وبعد التظاهرة بوقت قصير، جرى إطلاق النار في اتجاه الجنود والمدنيين الذين كانوا متواجدين في المكان، وهو ما أدى إلى إصابة جندي بجروح طفيفة.

بعد ازدياد حوادث إطلاق النار، قرر الجيش الإسرائيلي تكثيف قواته العاملة في نقاط الاحتكاكات الحساسة، وخصوصاً في شمالي الضفة، وذلك في ضوء التحذيرات الكثيرة التي وصلت إلى المؤسسة الأمنية بشأن إمكانية وقوع هجمات في يوم الغفران.

"يسرائيل هَيوم"، 4/10/2022
غانتس في مقابلة خاصة: "الاتفاق مع لبنان سيقلص تبعية لبنان لإيران في المدى البعيد"

أجرت صحيفة "يسرائيل هَيوم" مقابلة مع وزير الدفاع بني غانتس ورئيس المعسكر الرسمي المرشح للانتخابات، سألته فيها عمّا إذا كان سيوقّع الاتفاق مع لبنان، فأجاب: "آمل ذلك بشدة. أتخيل وجود منصتين. وهذا وضع جيد جداً بالنسبة إلى لبنان وإسرائيل. السؤال: هل نقبل بعد الآن التصعيد أم لا. حقيقة توقيع اتفاق يعالج الحدود البحرية لا يعني أنه لن يحدث أي شيء في أماكن أُخرى لأسباب مختلفة. لكن إذا لم نحلّ مسألة الحدود البحرية، فإن أماكن أُخرى يمكن أن تُستخدم كأداة للتصعيد." وسُئل، هل الاتفاق سيجعل المنطقة أكثر استقراراً؟ فأجاب: "عندما يكون للدولتين بنى تحتية استراتيجية في مواجهة بعضهما البعض، فإن هذا يمكن أن يؤدي إلى الاستقرار." ورداً على سؤال: هناك مَن يدّعي أن الحكومة تتنازل عن أراضي الوطن من دون أن يكون لديها صلاحيات، أجاب غانتس: "المقصود المياه الاقتصادية لدولة إسرائيل، وهي خارج المياه الإقليمية. هناك مستشار قانوني يقول إن هذا يمكن أن يشكل سابقة، أنا لا أجد في هذه الادعاءات شيئاً غير الاتهامات السياسية." وسُئل: هل نتنياهو يحاول إفشال الاتفاق؟ فأجاب: "كل الاعتراضات لها اعتبارات سياسية. المسألة ليست اليمين أو اليسار، بل هي مسألة اقتصادية وأمنية صرفة." وعن كيفية رده على اتهام نتنياهو بأن الاتفاق هو خدمة لأهداف انتخابية، قال: "المقصود اتفاق عملنا عليه أعواماً. وكان نتنياهو رئيساً للحكومة عندما بدأت النقاشات. وقدّمه شتاينتس عندما كان وزيراً للطاقة. حسناً يفعل نتنياهو لو يُبقي الموضوع خارج الملعب السياسي، ولا يخدم نصر الله." وتابع: "الاتفاق هو في أساسه اتفاق اقتصادي، وسيُعرَض على الجمهور كاملاً إذا وُقِّع. ومن الطبيعي ألّا نقدمه اليوم والمفاوضات بشأنه لا تزال دائرة، يجب أن نذكر أنه بالإضافة إلى الناحية الاقتصادية للاتفاق، له أهمية أمنية. وهو في المدى القصير سيرفع الردع، وفي المدى البعيد سيقلص تبعية لبنان لإيران وتأثيرها في هذا البلد." وفي ختام المقابلة الطويلة، قال غانتس إن على نتنياهو الاعتذار من دولة إسرائيل.

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"هآرتس"، 4/10/2022
افتحوا لهم أيضاً باب الهجرة
افتتاحية
  • بعد ثمانية أشهر على موجة اللاجئين الكبيرة من أوكرانيا، في أعقاب الغزو الروسي، تبرز اليوم موجة جديدة، هذه المرة من الشبان الروس الذين يغادرون بلدهم، خوفاً من تجنيدهم في الجيش وإرسالهم إلى الجبهة الأوكرانية.
  • ونظراً إلى كون إسرائيل من بين الدول القليلة التي لا يزال لديها علاقات طيران مع روسيا بسبب الأصل اليهودي للعديد من الروس، فقد تحولت بصورة طبيعية إلى هدف لعبور مئات المجندين المحتملين الذين يفرون للحفاظ على حياتهم. ووفق تقرير ليزا روزوفسكي وبار بيليغ في "هآرتس"، فإن جزءاً من مئات الشبان الروس الذين وصلوا إلى إسرائيل في الأيام الأخيرة، رُفض دخولهم. والبعض الآخر الذي نجح في الدخول، لا يزال يواجه خطر إعادته إلى روسيا. وما يجري هنا هو عودة إلى تطبيق السياسة المتشددة لوزيرة الداخلية أييلت شاكيد حيال لاجئي الحرب في أوكرانيا. يُضاف هذا النهج إلى قائمة طويلة من الإخفاقات الأخلاقية في السياسة الإسرائيلية "الحيادية" التي تجلت في الرفض المستمر لتقديم مساعدة جدية ومهمة إلى أوكرانيا، التي تقاتل دفاعاً عن وجودها كدولة مستقلة.
  • في إسرائيل، يعلمون بأن المواطن الروسي الذي سيُجنَّد في الجيش، بحسب الأوامر الجديدة التي أصدرها الكرملين، سيضطر إلى المشاركة في حرب دموية سقط فيها العديد من الجنود الروس. كما وُثّقت في مناطق الاحتلال آلاف الحوادث بشأن وقوع جرائم حرب منهجية ضد المواطنين الأوكرانيين. إن مساعدة رافضي المشاركة في مثل هذه الحرب هي بمثابة إنقاذ للأرواح، وأيضاً هي واجب أخلاقي، وخصوصاً حيال تصاعُد التهديدات من الطرف الروسي باستخدام سلاح نووي تكتيكي ضد أوكرانيا.
  • إن المواطن الذي يرفض التجنُّد في جيش بلاده الذي يرتكب جرائم حرب، من حقه المطالبة بوضع لاجىء والحصول على لجوء سياسي. ومن واجب دولة إسرائيل منحه مأوى إلى حين يتضح وضعه. لكن إلى جانب الالتزامات القانونية لإسرائيل، فإن لديها واجباً أخلاقياً، انطلاقاً من ظروف نشوئها كملاذ لليهود وأحفادهم بعد المحرقة. لا يزال يهود روسيا يحملون معهم ذكرى قرار تجنيدهم في القرن التاسع عشر في جيش القيصر، الذي انتزع في بعض الحالات أولاداً في الثانية عشرة من العمر، وأجبرهم على اعتناق الديانة المسيحية.
  • وبخلاف الدول الأوروبية التي تساعد أوكرانيا بتزويدها بالعتاد العسكري، والتي من المنتظر أن تعاني في الشتاء المقبل نقصاً كبيراً في الطاقة، فإن إسرائيل ليست مضطرة إلى دفع ثمن كبير نتيجة الحرب التي فرضتها روسيا على أوكرانيا. فتحُ إسرائيل بابها أمام طالبي اللجوء الموقت - سواء كانوا أوكرانيين أو من الروس - هو أقل ما تستطيع فعله، وما يجب أن تفعله.
"غلوبس"، 3/10/2022
مسودة الاتفاق واللغز: لماذا تنازلت إسرائيل عن كافة مطالبها أمام لبنان خلال أسابيع؟
أفيشاي غرينتسيغ - مراسل صحافي
  • قبل شهر، كان تقسيم المنطقة المتنازَع عليها في مسودة المفاوضات بين لبنان وإسرائيل بنسبة الثلث لإسرائيل والثلثين للبنان، أقل بقليل مما تم طرحه قبل ذلك. وبحسب إحدى الروايات، فإن المسودة اللبنانية أصرّت على الخط 23 - الموقف الأساسي للبنان. وبحسب رواية أُخرى، فإن اللبنانيين لم يصمموا على الخط برمته، إنما طالبوا بالسيادة على حقل "قانا/ صيدون"، ودار النقاش حول توزيع الأرباح منه.
  • وبحسب المسودة، فإن إسرائيل طالبت أيضاً بإدارة إسرائيلية - لبنانية مشتركة في "الحقل اللبناني"، أو تعويضات جدية بطريقة Buy out. لكن قبل شهر، وخلال جلسة حاسمة في وزارة الأمن، تم طرح التنازل كلياً عن المنطقة المتنازَل عنها مقابل تحديد كامل لخط الحدود الجغرافية الذي أقرته إسرائيل في سنة 2000. أودي أديري، رئيس الوفد الإسرائيلي المهني في المفاوضات عارض بشدة، وخصوصاً عارض التنازل عن الجزء الإسرائيلي في المنطقة المتنازَع عليها - وبعد رفض معارضته استقال، وتم تعيين المدير الحالي ليؤور شيلات.

إسرائيل تنازلت عن مواقف تمسكت بها منذ عشرة أعوام

  • التنازل الإسرائيلي حدث في الأسابيع الأخيرة. إسرائيل قررت ترك جميع مطالبها التي تمسكت بها خلال الأعوام العشرة الماضية، والمسودة النهائية تتضمن، كما يبدو، تنازلاً كاملاً عن الـ860 كيلومتراً مربعاً في المنطقة المتنازَع عليها، وضمنه التنازل عن الإدارة المشتركة للمنصة، وهو ما كان مهماً بالنسبة إلى إسرائيل على صعيد استراتيجي. مسؤول إسرائيلي كبير قال إن موقف إسرائيل، حتى قبل عدة أشهر، كان أنه لا يوجد منطق في تنازُل إسرائيلي أكبر، لأن إسرائيل هي الجهة الأقوى اقتصادياً، وفي مجال الطاقة، مقابل لبنان الذي يعيش أزمة اقتصادية وأزمة طاقة صعبة جداً. ومن هنا، قال المنطق الإسرائيلي إن لبنان هو الذي يجب أن يتنازل.
  • وفي الوقت ذاته، تصاعدت الضغوط على شركة "إنيرجين"، بهدف تأجيل الاستخراج المقرر لمنع حدوثها مع تهديد حزب الله. وعلى الرغم من إنكار وزارة الطاقة، فإن ثلاثة مصادر على الأقل تؤكد لـ"غلوبس" أنه كان هناك ضغوط، الدولة نفسها كانت تقوم بالتأجيل، ولا يزال الاستخراج مؤجلاً.
  • بعد استقالة أديري، تولى رئيس مجلس الأمن القومي إيال حولاتا المسؤولية الكاملة عن الموضوع. حولاتا، بتوجيه من رئيس الحكومة ووزير الأمن، سعى لاتفاق تنازلت فيه إسرائيل عن كافة مطالبها الاقتصادية في المنطقة المتنازَع عليها ومنحتها للبنان.
  • يجب الإشارة إلى أن التنازلات الجارفة حدثت خلال الأسابيع الأخيرة، كما أن التنازلات كانت استثنائية لدرجة استقالة المسؤول المهني الذي رافق المفاوضات فترة طويلة، وهو ما يفرض تساؤلات جدية عن نية المصادقة على هذا الاتفاق خلال فترة حكومة تصريف أعمال، وفي المجلس الوزاري المصغر فقط، خلال جلسة سرية.

 

"يديعوت أحرونوت"، 3/10/2022
الغاز والذعر والانتخابات
ناحوم برنيع - محلل سياسي
  • حسن نصر الله الرجل الحقيقي، وليس المقلدين له، أدى دوره في إثارة الرعب في نهاية الصيف بصدق. إثارة جو على حافة الحرب كان ممكناً، وكان ضرورياً. لا يمكننا قضاء الأعياد من دون الاستعداد لانتفاضة في الضفة الغربية، ولوضع عسكري في لبنان، أو الاثنين في آن معاً، بالإضافة إلى إطلاق الصواريخ من غزة. وكل خطاب تهديديّ من نصر الله حظيَ بأصداء كبيرة في إسرائيل.
  • حتى حرب لبنان الثانية في سنة 2006 [حرب تموز/يوليو]، اعتُبر نصر الله شخصاً موثوقاً به - وأحياناً أكثر ثقةً من وزراء في الحكومة الإسرائيلية. مرّ 16 عاماً منذ ذلك الحين، وهذا وقت طويل بمفهوم الشرق الأوسط. حسن نصر الله تحول عن قصد، أو بالقوة، إلى زعيم تنظيم "إرهابي" بالكامل، وإلى سياسي لبناني بالكامل. سيطرته على قوات حزب الله المنتشرة على طول الحدود مع إسرائيل هي سيطرة جزئية. وعناصر الحزب متورطون في صفقات خاصة، أو شبه خاصة، في "تهريب السلاح والمخدرات".
  • حزب الله لم يعرقل أعمال بناء العائق الجديد على الحدود. ولم يعرقل أيضاً ضم إسرائيل لجزء صغير من قرية الغجر العلوية، التي كانت حتى سنة 1967 تابعة للسيادة السورية. بعد سيطرة إسرائيل على الجنوب اللبناني، أقامت في القرية مستوطنة أُطلق عليها اسم "الغجر الفوقا" ما وراء الحدود على الأراضي اللبنانية. وعندما انسحبت إسرائيل في سنة 2000 إلى الخط الدولي، لم يتم إخلاء المستوطنة. في السنة الماضية، أقامت إسرائيل سياجاً حدودياً حول القرية ضم جزأيها، الجزء الشمالي والجزء الموجود على الأراضي اللبنانية. وفُتحت قرية الغجر أمام السياح الإسرائيليين، بمباركة قائد المنطقة الشمالية أمير برعام. ونصر الله أشاح ببصره.
  • نصر الله يتحدث مع إسرائيل، لكنه يتوجه إلى بيروت. الآن، حان دوره كي يغرق في الوحل اللبناني. وهو ليس فقط شريكاً في إفلاس الدولة، في نظر جزء كبير من الرأي العام، بل هو المسؤول الأساسي والمباشر. تهديداته بمهاجمة منصة التنقيب عن الغاز في كاريش كانت خطوة سياسية، وليست عسكرية. كانت حرباً على الصدقية: أنا نصر الله، أخفت اليهود، وإسرائيل اضطرت إلى التنازل، وحصل لبنان على اتفاق أفضل.
  • نصر الله وجد بعض الحلفاء له في إسرائيل، من خلال متلازمة حرب يوم الغفران التي لا تزال تسود الجيش والمعلّقين العسكريين على حد سواء. كل خطاب تهديدي هو إشارة تدل على حرب؛ كل احتواء للحدث هو مقدمة للتقصير. صحيح أنه لا يجب تجاهُل أي تهديد عسكري. لكن يجب التفريق بين الإنشاء وبين خطوة عسكرية حقيقية، عندهم وعندنا.
  • هناك حليف ثانٍ هو بنيامين نتنياهو. فقد قرر مهاجمة الاتفاق قبل توقيعه. هو يصفه بأنه خضوع للحكومة الإسرائيلية على صعيد الأرض، وعلى صعيد الاقتصاد. مؤخراً سمعته يخطب في أشدود من وراء الزجاج، متباهياً بأربع اتفاقيات سلام وقّعها خلال بضعة أسابيع، من دون أن يدفع ثمناً. هي بالطبع ليست اتفاقيات سلام، بل اتفاقيات تطبيع، وليس من دون دفع الثمن. فقد اضطر نتنياهو، بضغط من البيت الأبيض، إلى التراجع عن وعده بضم جزء من الضفة. وكانت الاتفاقيات هي المقابل والتعويض. هناك اتفاقيات ممتازة وجيدة لإسرائيل، لكن نتنياهو لا يريدها.
  • هذا ينطبق على الاتفاق مع لبنان. فقد توصل الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين إلى تسوية يستطيع أن يتعايش معها الطرفان. لم يُحسَم خط الحدود البحرية نهائياً. وستحصل إسرائيل على تعويض مالي معين بضمانات من شركات نفطية مصرية وإيطالية مقابل الجزء الذي يعود لها في الحقل الذي سيجري منه استخراج الغاز.
  • المهم أن الطرفين سيحتفظان بتوازن رعب متبادل: إذا هاجمت أعمالي في التنقيب، فسأهاجم أعمال التنقيب التابعة لك. هذه ليست بالضرورة بداية صداقة رائعة، لكنها بداية البداية. من السهل رؤية المديح الذي كان نتنياهو سيغدقه على نفسه لو كان هو الذي وقّع الاتفاق.
  • الاتفاق مرتبط بمسألة قانونية: بحسب القانون، أي تغيير في الحدود الإقليمية يتطلب استفتاءً عاماً. هل ترسيم الحدود الاقتصادية في عرض البحر هو بمثابة تغيير للحدود الإقليمية؟ المسألة تنتظر الرأي القانوني للمستشارة القانونية للحكومة. وعلى افتراض أن المستشارة قررت أن من صلاحية الحكومة إنجاز الاتفاق، فإن المعضلة ستنتقل إلى نتنياهو: هل سيتوجه إلى المحكمة العليا ومتى؟
  • كل شيء له علاقة بالانتخابات: إذا أبقت النتائج نتنياهو في المعارضة، فإنه سيواصل محاربة الاتفاق؛ وإذا أعادته النتائج إلى مكتب رئاسة الحكومة، فهو سيفكر مرتين: لماذا عليه التخلي عن اتفاق بسبب رفضه له قبل الانتخابات. والدرس من هذا كله واضح: يتعين على حكومة إسرائيل ألا تخاف من خطابات نصر الله، ولا من خطابات زعيم المعارضة. من حقها استخراج الغاز.