مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
صادقت اللجنة الاستشارية الخاصة بتنصيب مسؤولين في القطاع العام برئاسة القاضي السابق في المحكمة الإسرائيلية العليا إلياكيم روبنشتاين أمس (الثلاثاء) على تعيين اللواء هرتسي هليفي رئيساً جديداً لهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، وقد تحدث خلال الجلسة كل من هليفي، ورئيس هيئة الأركان العامة الحالي الجنرال أفيف كوخافي، ووزير الدفاع بني غانتس.
وسيخلف هليفي كوخافي الذي ستنتهي ولايته في كانون الثاني/يناير 2023.
وتم اقتراح تعيين هليفي من طرف وزير الدفاع بني غانتس في أوائل أيلول/ سبتمبر الماضي، ومن المقرر إجراء تصويت نهائي للموافقة على ترشيح هليفي لمنصب الرئيس الـ 23 لهيئة الأركان العامة في الحكومة في الأسابيع المقبلة.
ورحب رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد بهذه المصادقة، وقال في بيان صادر عنه إن هرتسي هليفي ضابط موهوب ويتمتع بخبرة قوية.
يُشار إلى أن هليفي من مواليد سنة 1967، وهو من عائلة متدينة في مدينة القدس، وتخرّج في الفلسفة والأعمال من الجامعة العبرية في القدس، وحصل على درجة الماجستير في إدارة الموارد البشرية من جامعة الدفاع الوطني في واشنطن.
والتحق هليفي بالجيش الإسرائيلي سنة 1985 في وحدة المظليين قبل أن يُرقّى إلى "سييرت متكال" وحدة النخبة في الجيش، والتي قادها عدة أعوام. وتم تعيينه بعد ذلك سنة 2014 رئيساً لشعبة الاستخبارات العسكرية ["أمان"] ثم بعد ذلك بأربعة أعوام قائداً للمنطقة العسكرية الجنوبية.
ذكر بيان صادر عن الناطق بلسان الشرطة الإسرائيلية أن مسلحين فلسطينيين أطلقوا الليلة قبل الماضية النار على موقع عسكري تابع لحرس الحدود بالقرب من بلدة سالم المحاذية للسياج الحدودي في شمال الضفة الغربية.
وأضاف البيان أن إطلاق النار لم يتسبب بأي إصابات بشرية وأدى إلى وقوع أضرار مادية طفيفة، وأن جنود حرس الحدود ردّوا بإطلاق النار، وفرّ المسلحون الفلسطينيون إلى منطقة جنين. وأشار إلى أن ضباط حرس الحدود وقوات الجيش الإسرائيلي قاموا بعملية بحث للعثور على المشتبه بهم.
وجاء إطلاق النار هذا في وقت تتصاعد العمليات المسلحة في الضفة الغربية، ولا سيما في المنطقة الشمالية، حيث استهدف مسلحون فلسطينيون، مراراً وتكراراً، مواقع عسكرية وجنوداً إسرائيليين على طول السياج الأمني في الضفة الغربية، وكذلك مستوطنات ومستوطنين في الطرقات.
توجهت وزيرة الاقتصاد والصناعة الإسرائيلية أورنا بربيباي أمس (الثلاثاء) إلى أنقرة في زيارة رسمية تبحث خلالها في إمكانية توسيع التجارة بين إسرائيل وتركيا وسبل تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين، بحسب ما جاء في بيان صادر عن مكتبها.
وهذه هي أول زيارة رسمية لوزير اقتصاد إسرائيلي إلى تركيا منذ أعوام طويلة.
وأضاف البيان الصادر عن مكتب الوزيرة أن بربيباي ستبحث أيضاً إمكانية استئناف عمل اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين، والتي لم تجتمع منذ سنة 2009.
ونقل البيان عن الوزيرة بربيباي قولها إن تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين تركيا وإسرائيل من شأنه أن يعزّز العلاقات بين البلدين، وأن يساهم في الاستقرار الإقليمي.
يُذكر أن إسرائيل أعلنت في آب/أغسطس الماضي التوصل إلى اتفاق نهائي يقضي بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع تركيا إلى سابق عهدها وإعادة السفيرين والقناصل إلى تل أبيب وأنقرة.
وجاء هذا الإعلان الإسرائيلي بعد اتصال هاتفي بين رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
قبل أقل من أسبوعين على الانتخابات الإسرائيلية العامة التي ستجري يوم 1 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، أظهر استطلاع للرأي العام أجرته قناة التلفزة الإسرائيلية "كان 11" [تابعة لهيئة البث الرسمية الجديدة] أمس (الثلاثاء) أنه في حال إجراء هذه الانتخابات الآن، سيحصل معسكر الأحزاب في المعارضة، بقيادة رئيس الليكود ورئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو، على 60 مقعداً، ولن تتمكن قائمة "البيت اليهودي"، برئاسة وزيرة الداخلية أييلت شاكيد، وقائمة بلد [التجمع الوطني الديمقراطي]، برئاسة عضو الكنيست سامي أبو شحادة، من اجتياز نسبة الحسم (3.25%).
وأظهر الاستطلاع أن المقاعد الـ60 التي يحصل عليها "معسكر نتنياهو"، موزعة على النحو التالي: حزب الليكود 31 مقعداً، وحزب الصهيونية الدينية، برئاسة عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش الذي يضم حزب "قوة يهودية (عوتسما يهوديت)" برئاسة عضو الكنيست إيتمار بن غفير، 14 مقعداً، وحزب شاس لليهود الحريديم [المتشددون دينياً] 8 مقاعد، وحزب يهدوت هتوراه الحريدي 7 مقاعد.
في المقابل، يحصل المعسكر المناوئ لنتنياهو على 56 مقعداً، موزعة على النحو التالي: حزب "يوجد مستقبل"، برئاسة رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد، 25 مقعداً، وتحالف "المعسكر الرسمي" الذي يضم كلاً من حزبيْ "أزرق أبيض"، برئاسة وزير الدفاع بني غانتس، و"أمل جديد"، برئاسة وزير العدل جدعون ساعر، والرئيس السابق لهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال احتياط غادي أيزنكوت، 11 مقعداً، وحزب "إسرائيل بيتنا"، برئاسة وزير المال أفيغدور ليبرمان، 7 مقاعد، وحزب العمل، برئاسة وزيرة المواصلات ميراف ميخائيلي، 5 مقاعد، وحزب ميرتس 4 مقاعد، وحزب راعام [القائمة العربية الموحدة]، برئاسة عضو الكنيست منصور عباس، 4 مقاعد.
وتحصل القائمة المشتركة، التي باتت مقتصرة على تحالف حزبيْ حداش [الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة] وتعل [الحركة العربية للتغيير]، على 4 مقاعد في الكنيست.
انتقد رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد إعلان استراليا أنها لن تعترف بعد الآن بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل، وفي الوقت نفسه، استدعت وزارة الخارجية الإسرائيلية السفير الأسترالي إلى جلسة خاصة لاستيضاح الأمر منه، وبغية الاحتجاج أمامه على هذا الإعلان الذي وصفته بأنه مفاجئ.
وقال لبيد في بيان صادر عنه أمس (الثلاثاء): "نظراً إلى الطريقة التي تم بها اتخاذ القرار في أستراليا كرد فعل متسرع على الأخبار غير الصحيحة في وسائل الإعلام، لا يسعنا إلاّ أن نأمل بأن تدير الحكومة الأسترالية الأمور الأُخرى بشكل أكثر جدية ومهنية. إن القدس الموحدة هي العاصمة الأبدية لإسرائيل، ولن يغيّر ذلك أي شيء على الإطلاق."
وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية التي يتولاها لبيد أيضاً، إن إسرائيل تعرب عن خيبة أملها العميقة بهذا القرار الأسترالي، ووصفته بأنه نتيجة اعتبارات سياسية قصيرة النظر.
وقال رئيس بلدية القدس موشيه ليئون في بيان صادر عنه أمس، إنه يشعر بالأسف لسماع قرار أستراليا، وأكد أن القدس الموحدة كانت وستظل عاصمة إسرائيل إلى الأبد، وأن مواقف من هذا النوع لا تقدم أي شيء.
في المقابل، أشادت السلطة الفلسطينية بالقرار الأسترالي.
وقال وزير الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية حسين الشيخ في تغريدة نشرها في حسابه الخاص على موقع "تويتر" أمس: "إننا نثمن قرار أستراليا حول القدس وكذلك دعوتها إلى حل الدولتين وفق الشرعية الدولية."
وأشاد الشيخ على نحو خاص بتأكيد أستراليا أن مستقبل السيادة على القدس مرهون بالحل الدائم الذي ينبغي أن يكون قائماً على الشرعية الدولية.
وأفادت مصادر سياسية رفيعة المستوى في القدس أمس بأن إسرائيل فوجئت بالقرار الذي جاء بعد أشهر فقط من زيارة رئيس قسم الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأسترالية لإسرائيل، إذ أوضح لنظرائه أنه لا يوجد أي تغيير متوقع في سياسة أستراليا بشأن القدس الغربية.
ومع ذلك، فإن حزب العمل الأسترالي، الذي وصل إلى السلطة في أيار/مايو 2022 برئاسة أنتوني ألبانيز رئيساً للحكومة، تعهد في حملته الانتخابية بإلغاء قرار الحكومة المحافظة بقيادة سكوت موريسون من سنة 2018، والقاضي بالاعتراف بالشطر الغربي من القدس عاصمة لإسرائيل.
وأعلنت وزيرة الخارجية الأسترالية وعضو حزب العمال الحاكم بيني وونغ القرار أمس، رداً على تقرير إعلامي بشأن هذه المسألة، مؤكدةً أن الحكومة قررت العودة إلى الاعتراف بتل أبيب عاصمة لإسرائيل. وقالت وونغ إن وضع القدس يجب أن يُقرَّر من خلال محادثات سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وليس من خلال قرارات أحادية الجانب. وأضافت أن بلادها لن تدعم نهجاً يقوّض حل الدولتين، وأن سفارة استراليا كانت دائماً في تل أبيب، وستبقى فيها.
وأشارت وونغ أيضاً إلى أن القرار الذي اتخذته الحكومة المحافظة قبل 4 أعوام تسبب بنزاعات وأزمات في جزء من المجتمع الأسترالي، وأشارت إلى أن الحكومة تسعى الآن لحل هذا الأمر.
واتهمت وونغ حكومة موريسون بأن قرارها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل كان مدفوعاً بالرغبة في تحقيق الفوز في انتخابات فرعية حاسمة في ضاحية في مدينة سيدني تضم جالية يهودية كبيرة.
وأصرت وونغ على أن القرار الحالي لا يشير إلى أي عداء لإسرائيل، وقالت: "إن أستراليا ستظل دوماً صديقة قوية لإسرائيل. كنا من أوائل الدول التي اعترفت رسمياً بإسرائيل. لن يتزعزع دعمنا لإسرائيل وللجالية اليهودية في أستراليا. وبالمثل، لن يتزعزع دعمنا للشعب الفلسطيني، بما في ذلك الدعم الإنساني."
وجاء إعلان وونغ هذا بعد أن ذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية أول أمس (الاثنين) أن وزارة الخارجية الأسترالية حذفت النص الذي يرِد فيه الاعتراف بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل من موقعها على شبكة الإنترنت. ووصف هذا النص المحذوف القدس الغربية بأنها عاصمة لإسرائيل، وأشار إلى أن أستراليا "تتطلع إلى نقل سفارتها إلى القدس الغربية عندما يكون ذلك عملياً، ودعماً لحل الدولتين، وبعد تحديد الوضع النهائي لها."
وكان قرار حكومة موريسون لاقى استقبالاً فاتراً في إسرائيل في حينه، حيث انتقد العديد من السياسيين الإسرائيليين القرار، معتبرين أن الخطوة لم تكن كافية بعد عدم اعتراف أستراليا بالمدينة الموحدة كلها عاصمة للدولة اليهودية، وذلك بموازاة إبقاء سفارة أستراليا في تل أبيب.
- نسبة الاقتراع المنخفضة المتوقعة في المجتمع العربي تخلق ضغطاً متزايداً ومحقاً تماماً في معسكر "فقط لا لبيبي" عموماً، ولدى الأحزاب العربية خصوصاً. قبل أسبوعين من الانتخابات، تتأرجح نسبة الاقتراع المتوقعة في المجتمع العربي بين 40% و45%. وحتى الآن، لم تعثر الأحزاب العربية على طريقة لتغيير الاتجاه، وخصوصاً وسط المترددين بين المشاركة في الاقتراع أو الاستسلام، إلى اللامبالاة، وعدم الثقة بالمرشحين.
- في كتلة التغيير عموماً، وفي الأحزاب العربية خصوصاً، يتوجهون من جديد إلى الجمهور العربي بكلام سبق أن سُمِع في كل المعارك الانتخابية الأخيرة: هذه الانتخابات مصيرية، ومصير الناخبين (وخصوصاً العرب) على المحك إلخ. لكن هذه الكليشيهات حتى الساعة تفشل في إقناع المترددين والمعارضين للاقتراع، والذين يتبنون مقولة إن خلاص الجمهور العربي لن يأتي من الكنيست. وكدليل على ذلك، هم يتذكرون أنه حتى عندما وصل تمثيل الأحزاب العربية إلى ذروة الـ15 مقعداً لم يحدث أي تغيير حقيقي؛ وكذلك وجود القائمة العربية الموحدة (راعام) في الحكومة، لم يؤدّ إلى تغيير جوهري في علاقة الدولة بالجمهور العربي، باستثناء بعض التحسينات المالية والمدنية؛ وأكثر من ذلك انضمام راعام إلى الحكومة، الذي كان من المفترض أن يتسرب إلى الوعي في إسرائيل ويقرّب بين اليهود والعرب، خلق اتجاهاً معاكساً: عملياً، الذي صعد في الاستطلاعات ويهدد بأن يكون القوة الثالثة في الكنيست، من حيث الحجم، هو نقيض التقارب والعيش المشترك - إيتمار بن غفير.
- يبدو أن الجمهور العربي يلاحظ نقطة تحاول أغلبية الأحزاب الصهيونية التقليل من أهميتها: دعوة "كتلة التغيير" الجمهور العربي إلى التوجه بكثافة إلى صناديق الاقتراع، المعطوفة على كلام من نوع "الدفاع عن الديمقراطية وسلطة القانون" وغيرها، المقصود منها في الواقع محاولة واضحة من الكتلة للتخلص سياسياً من رجل واحد اسمه بنيامين نتنياهو. وعلى الرغم من أن نتنياهو يجسّد وسط كتلة "فقط لا لبيبي" خطراً على الديمقراطية، فإن الجمهور العربي لا يخاف من ذلك، لأن العلاقة التمييزية التي يُعامَل بها الجمهور العربي لا علاقة لها بنتنياهو فقط، بل بالنظرة التي تسود التيار الأساسي في الجمهور اليهودي.
- ومن بين الادعاءات السائدة، إذا لم ينجح نتنياهو هذه المرة أيضاً في تأليف حكومة، فإن حياته السياسية ستنتهي - وبهذه الطريقة ستُفتح السدادة، وسيُطرح على الطاولة خيار تأليف حكومة واسعة بمشاركة الليكود. وهذا الادعاء، تحديداً، يعبّر عن المشكلة التي تُقلق الجمهور العربي. فإذا حدث ذلك، لن تكون مفاجِئةً رؤية أشخاص، مثل جدعون ساعر وزئيف إلكين وحتى أفيغدور ليبرمان، يعودون إلى الليكود تحت الذريعة المعهودة "مصلحة الدولة". وحتى بني غانتس ويائير لبيد، فإنهما سيعتبران الليكود خياراً مثالياً لتأليف حكومة من دون نتنياهو.
- لكن هذه الصيغة لها مغزى واحد - إذا خرج المواطنون العرب للاقتراع بكثافة، فسيقومون بعمل السنكرية، إذ يكون المطلوب منهم فتح ما هو مسدود، ثم الرحيل. جميع قادة الأحزاب العربية يدركون ذلك، يشمل ذلك منصور عباس وأيمن عودة وأحمد الطيبي، كلهم يفهمون ذلك جيداً. هم يدركون أنه بعد الانتخابات، حتى ولو قاموا بما هو مطلوب منهم، من المحتمل أن يجدوا أنفسهم خارج دائرة التأثير.
- لكن على الرغم من هذا كله، فإنه لا يزال لدى زعماء الأحزاب العربية سبب للتشجيع على الاقتراع من أجل زيادة التمثيل العربي في الكنيست، والأمل بأن هذا سيفتح باباً نحو التغيير في المستقبل. وإذا كانت كتلة التغيير لا تزال تطمح إلى تغيير حقيقي، وليس إلى تغيير تجميلي، فيتعين على أعضائها التوجه إلى المواطنين العرب الذين يتطلعون إلى شراكة حقيقية. هم لا يريدون أن يكونوا أداة لإبعاد نتنياهو فقط. إذا كنتم تريدون تشجيع الاقتراع في المجتمع العربي، فيجب أن تقرروا ما هي مكانة العربي في نظركم: هل هو مواطن، أو سنكري؟
- ردات فعل أجزاء كبيرة من المنظومة السياسية على اتفاق ترسيم المياه الاقتصادية مع لبنان التي أساسها أنه لم يكن هناك سبب للخوف من حزب الله، ذكرني بإحدى آيات الكتاب المقدس: "طوبى للرجل الذي يخاف دائماً، ومن الصعب أن يقع قلبه في الشر" (كتاب الأمثال الجزء 28 الآية 14). كما تعلمون، فإن سفر الأمثال تعليمي، ويهدف إلى جعل القارئ إنساناً أفضل. هذه الآية تنصح القارئ بالانتباه، لأن مَن يتجاهل الخطر قد يتعرض له.
- حتى لو كان اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل منبعه خوف صنّاع القرار الإسرائيليين من حرب مع حزب الله، فهو مبارك. كوني شخصاً نجا من حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973حرب الغفران، وانطلاقاً من معرفتي بخطيئة التكبر التي وقع فيها السياسيون والعسكريون الإسرائيليون عشية الحرب، فأنا مقتنع تماماً بأن أفضل حرب هي تلك التي لا تقع.
- حتى تلك الحرب كان يمكن تفاديها لو أننا قبلنا بمبادرة السادات للسلام، ولم نرفضها لأسباب كثيرة ومتنوعة أراها ذات صلة في يومنا هذا: أولاً، وكما ذكرت سابقاً، الشعور بالقوة إلى حدّ الثمالة وتجاهُل قدرات العدو، وثانياً قرب موعد المفاوضات من موعد إجراء الانتخابات.
- يجب النظر إلى الاتفاق مع لبنان انطلاقاً من معايير واضحة: هل منع الاتفاق مواجهة مسلحة كان من شأنها، بتقديرات العديد، أن تلحق ضرراً كبيراً بالجبهة الداخلية المدنية الإسرائيلية حتى ولو انتصرنا؟ وهل يساهم الاتفاق في دعم أمن إسرائيل أم يعرّضه للخطر؟ هل إيجاد توازُن رعب بين منصتيْ استخراج النفط قادر على أن يتحول إلى منعطف لاستقلال لبنان اقتصادياً والتحرر من اعتماده المفرط على إيران؟ إذا كان الجواب إيجاباً عن تلك الأسئلة، فيجب الأخذ بالاتفاق بكل ما أوتينا من قوة. وإذا كان "اتفاق الاستسلام" مع لبنان يساهم في أمن إسرائيل ورفاهية سكانها، أنا أدعم إبرام المزيد من "اتفاقيات الاستسلام".
- يُقرّ معظم معارضي الاتفاق بأنهم لم يقرأوا حرفاً واحداً منه. هم على استعداد لجرّ إسرائيل نحو حرب ستتسبب بأضرار كبيرة، فقط لأنهم اشتموا رائحة سيئة خلال عملية المفاوضات. لذلك، أقول للسادة المعارضين: يحبَّذ أن تُبقوا أنوفكم مسدودة، ودعكم من العملية وادعموا ما يحمي إسرائيل من حرب طاحنة.
- بالإضافة إلى ذلك، يرعبني سماع التصريحات التي يطلقها مسؤولون حاليون وسابقون في المعارضة، لأنها تعيد لي ذكريات الأيام التي كنت فيها متحدثاً باسم حزب العمل برئاسة رابين، والتي تضمنت استخداماً متكرراً لمصطلح "خائن" ومشتقاتها وكل ما يدور في فلكها، والجملة الساحقة مثل "لا سلطة لديك". يغال عمير ترجم تلك الكلمات إلى ثلاث رصاصات قتلت رئيس الوزراء "الخائن" الذي "لم تكن لديه سلطة".
- ملاحظة أخيرة لقادة الاتفاق لا تبالغوا في استخدام تعابير كـ"اتفاق تاريخي" وغيرها. إذ مهما كانت إيجابيات هذا الاتفاق، فإن استخدام تلك التعابير الرنانة سيقلل من ثقة الرأي العام بها. تذكروا قصة الرئيس المنتخَب الذي جاء في خطابه: ارفعوا الصوت عالياً لأن الحجة غير مقنعة. إن مبررات هذا الاتفاق في جوهرها مقنعة جداً، فلا حاجة إلى رفع الصوت عالياً.
- تنشط في الآونة الأخيرة في نابلس "منظمة إرهابية" تضم عشرات المقاتلين المسلحين، ولا تنتمي إلى "حماس"، أو "فتح - كتائب شهداء الأقصى"، أو الجهاد الإسلامي. الأعضاء فيها، في أغلبيتهم، شبان فلسطينيون، بعضهم انتمى سابقاً لـ"فتح - التنظيم"، أو "حماس"، أو "الجهاد الإسلامي". وبعضهم أيضاً أبناء لأشخاص في الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية. وتُنسب إلى هذه المجموعة أغلبية عمليات إطلاق النار التي حدثت في منطقة نابلس خلال الأسابيع الأخيرة، وتشكل أساس حالة التوتر القائم في الضفة الغربية. ففي شهر أيلول/سبتمبر وحده، تم تسجيل رقم قياسي بأكثر من 34 عملية إطلاق نار في الضفة الغربية - هو الأعلى منذ 10 أعوام. بعض العمليات تضمّن إطلاق نار تجاه مستوطنات، وإطلاق نار على السيارات في محاور الطرق، وإطلاق نار على قواعد ونقاط ارتكاز الجيش، وبالأساس الاشتباك المسلح مع قوات الجيش التي تنشط في البلدات الفلسطينية. معظم نشاط التنظيم يتركز في نابلس، وفي حالة واحدة، كان هناك علاقة ما بينها وبين شاب وصل إلى يافا لتنفيذ عملية، وكان مسلحاً بسلاح محليّ الصنع وعبوات، لحسن الحظ، قبضت عليه قوات الأمن قبل التنفيذ.
- الدوافع الأساسية وراء التنظيم هي التطورات التي حدثت في الميدان - العمل الناشط للجيش و"الشاباك" في إطار حملة "كاسر الأمواج" في شمال الضفة الغربية؛ ضُعف السلطة الفلسطينية وازدياد الصراعات الداخلية، تحضيراً لما بعد عباس. ولهذا يضاف ضعف قبضة أجهزة أمن السلطة الفلسطينية وانعدام الدافع لديها لمنع العمليات؛ الوضع الاقتصادي الصعب للشباب الفلسطيني الذي لا يعمل في إسرائيل؛ الانتشار الواسع والوفرة في وجود السلاح والذخيرة. المجموعة أطلقت على نفسها اسم "عرين الأسود"، وتبنّت رموزاً جديدة - ملابس سوداء، رمزاً يتضمن بندقيتيْ M-16 تلتقيان فوق قبة الصخرة وأشرطة حمراء (إشارة إلى أن أسلحتهم غير موجهة تجاه أبناء شعبهم - على عكس الأجهزة). أمّا هدفها، بحسب بيانها- "المضي في طريق الشهداء" - الاشتباك مع جنود الجيش الذين ينشطون داخل المدن والقرى الفلسطينية، والتشويش على روتين حياة المستوطنين، وكذلك الدخول إلى "قبر يوسف"، بالإضافة إلى استنهاض الشعب الفلسطيني لتنظيم احتجاجات شعبية واسعة.
- المجموعة نشطة جداً في وسائل التواصل الاجتماعي، بالأساس تقوم بحملات في "التيك توك"، إلى جانب توثيق الاشتباكات ونشرها على شبكات التواصل مباشرةً، وتطالب الشعب الفلسطيني بالتجنّد لخدمة الأقصى، بالإضافة إلى إعلان إضرابات وتظاهرات ضد السلطة. فمثلاً، إعلان الإضراب العام، بعد العملية على حاجز مخيم شعفاط، دفع بمئات النشطاء في شرقي القدس، بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي، إلى مواجهات "عنيفة" في الشارع، بالإضافة إلى الإضراب العام في أغلبية الجامعات في مناطق السلطة ووقف التجارة في مدن فلسطينية. وعلى الرغم من أن المجموعة لا تنتمي إلى أيٍّ من الفصائل أو الحركات، فإنها مزودة بأسلحة مهربة ومصنّعة محلياً، ويبدو أنها تلقت الأموال والسلاح من "حماس".
- أكثر من 10 نشطاء من أوساط "عرين الأسود" قُتلوا خلال اشتباكات مع قوات الجيش، بينهم محمود العزيزي، وهو ناشط فتحاوي بالأصل تحول إلى مستقل وكان القوة الدافعة إلى إقامة المجموعة برفقة إبراهيم النابلسي. تم اغتيال العزيزي في 24 تموز/يوليو في بيت عائلته. وبعدها تم اغتيال النابلسي أيضاً، فتولى مصعب اشتية قيادة المجموعة، وبات مطلوباً أيضاً للسلطة الفلسطينية، بعد حصوله على مساعدة مالية من "حماس". وفي 19 أيلول/سبتمبر، قامت أجهزة أمن السلطة بإلقاء القبض عليه بتهمة حمل السلاح، وتهم ضريبية، بالإضافة إلى الحصول على أموال والضرر بأمن السلطة. وعلى الرغم من الاحتجاجات على الاعتقال، فإن السلطة لا تزال تسجن اشتية. رئيس السلطة محمود عباس، الذي لا يزال متمسكاً برؤيته "سلطة واحدة، سلاح واحد وقانون واحد"، وجّه تعليماته بتفكيك المجموعة، يبدو أنه من خلال الطريقة المعروفة بدمج الأعضاء داخل الأجهزة التابعة للسلطة. على الأقل 20 ناشطاً في المجموعة، أو أبناء عائلاتهم، معتقلون لدى أجهزة الأمن الفلسطينية، وتُبذل جهود لإقناعهم بترك المجموعة والحصول على وظائف في السلطة، أو الأجهزة، بالإضافة إلى ضمان بحصانة من الاعتقال الإسرائيلي.
إلى أين يقودنا هذا كله؟
- مجموعة "عرين الأسود" تشكل اتجاهاً ثورياً، شاباً ومقاتلاً، يعارض خط الرئيس عباس السياسي، وخصوصاً التنسيق الأمني مع إسرائيل والفساد في السلطة الفلسطينية. في المرحلة الحالية، تركز المجموعة على اشتباكها مع الجيش والمستوطنين، ولكنها يمكن أن تتحول إلى معارضة بارزة لقيادة السلطة. وللمجموعة تأييدها في صفوف "فتح"، وبصورة خاصة في صفوف المعارضين للرئيس عباس والمقربين منه - حسين الشيخ وماجد فرج. لذلك، من الصعب القول، بحسم، إن مجموعة "عرين الأسود" هي تنظيم فردي سيتفكك في المستقبل. من الممكن أن تكون النبتة الأولى لسلسلة تنظيمات محلية لخلايا "إرهابية" مستقلة، لا تنتمي إلى أيٍّ من الفصائل، وتنشط في منطقة نابلس والخليل وشرقي القدس - هناك منذ الآن تنشط مجموعات من الشبان الفلسطينيين التي، بالإضافة إلى هدفها الحفاظ على الأقصى، تقوم بـ"أعمال عنف" داخل الأحياء العربية- كما حدث خلال عيد العرش.
- من المريح لإسرائيل العمل مقابل السلطة الفلسطينية بشكلها الحالي، ومن ضمنه الانقسام الداخلي الفلسطيني الذي يساعد في الاستمرار في هذه المعادلة، وذلك لأن أغلبية ثقل المسؤولية عن حياة السكان الفلسطينيين لا تقع على أكتافها. وإلى جانب ذلك، هناك حرية عمل عملياتية - أمنية إسرائيلية داخل مناطق السلطة الفلسطينية. المجتمع الإسرائيلي، في معظمه، لا يزال يتمسك بالرؤية القائلة إن لا حاجة إلى مسار سياسي من أجل الوصول إلى اتفاق، وأننا "سنعيش على حدّ السيف". الجمهور الفلسطيني أيضاً يعيش في واقع يبدو أن لا مخرج له، ولا طريقاً مؤكدة لمستقبل قومي أفضل، ولا يوجد قيادة يمكن الاعتماد عليها. لذلك، حدث الفراغ الذي تنشط داخله المجموعات الشبابية الفلسطينية المقاتلة، التي تنجح في استقطاب عدد أعلى من الشباب، مبرر وجودهم هو قتال الاحتلال، عبر المحاولات للدفع قدماً باحتجاجات جماعية. الثمن الذي تحصده هذه المجموعات لا يتوقف فقط على الضرر بالإسرائيليين والجنود، إنما تُضعف السلطة أيضاً وتزعزع قدرتها على السيطرة وفرض القانون والنظام والاستقرار في مناطقها.
- وزير الدفاع بني غانتس قال في مقابلة مع موقع "واينت" يوم 13 تشرين الأول/أكتوبر، بعد المواجهات التي اندلعت في شرقي القدس، إن "الحديث يدور حول فترة حساسة جداً"، لكنه أوضح: لم نفقد السيطرة... نستخدم جميع الأدوات الموجودة لدينا ونعززها كلما أمكن. نحن نقوم بخطوات هجومية في نابلس وجنين وكل مكان آخر يحتاج إلى ذلك." وأضاف: "في نهاية المطاف، سنجد هؤلاء الإرهابيين. الحديث يدور عن مجموعة من 30 شخصاً، علينا أن نعرف كيف نصيبهم وسنصيبهم. هذه المجموعة ستصل إلى نهايتها بطرق مختلفة، وآمل أن يحدث هذا بأسرع وقت ممكن." هذا بالإضافة إلى سحب تصاريح الدخول إلى إسرائيل من 164 قريباً عائلياً من مجموعة "عرين الأسود"، بحسب منسّق أعمال الحكومة في الضفة.
- في إسرائيل، هناك مَن يرى أن الوقت حان لـ"سور واقٍ 2". لكن السؤال: ماذا سيكون الهدف من هكذا حملة، إن لم يكن لإسرائيل أيّ هدف سياسي تساعد الحملة على تحقيقه؟ ما معنى دعم فكرة "الدولتين" التي تحدث عنها رئيس الحكومة يائير لبيد فوق منصة الأمم المتحدة، من دون أعمال تعكس هذه المقولة؟ فلا يمكن إخضاع الطموحات الإثنية والدينية والقومية بقوة الذراع فقط. حتى الآن، الإنجاز الوحيد لإسرائيل هو عدم وجود الدافع لدى المجتمع الفلسطيني بالتجند لمواجهة شعبية "عنيفة"، متوترة، وواسعة. الجمهور الفلسطيني تعب من قيادة السلطة ويئس منها، وحتى لو ما زال يرى أهمية وإنجازاً وطنياً في وجود السلطة ومؤسساتها بحد ذاته، لكنه يريد التغيير الحقيقي في قيادتها وطريقة عملها.
- "عرين الأسود" هي إشارة إضافية إلى إسرائيل بأنها لن تستطيع "احتواء" المناطق الفلسطينية إلى الأبد، ومرحلة إضافية في مسار ضعف السلطة الفلسطينية في يوم ما بعد عباس. عدة سيناريوهات يمكن أن تنمو في الوضع الحالي: 1) مبادرة من الأسفل تحصل على تأييد الجمهور الفلسطيني لتغيير القيادة وقواعد اللعبة الحالية؛ 2) سيطرة "حماس" على التنظيم وتعزيز "الإرهاب" والفوضى في الضفة الغربية؛ 3) ضغوط دولية على إسرائيل من أجل السماح بإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية للسلطة الفلسطينية، كطريق وحيدة للحفاظ على السلطة. حملة عسكرية من نوع "السور الواقي" ستسرع مسار ضعف السلطة، وتحولها إلى عنوان غير صالح لترتيبات سياسية، يضر بالغطاء الذي تنشط من خلاله أجهزة أمن السلطة الفلسطينية، ويؤدي إلى نمو مجموعات شبابية فلسطينية مستعدة للتضحية بنفسها في الصراع مع إسرائيل، ومن شأنه أن يؤدي إلى أحد السيناريوهات التي تم ذكرها سابقاً. هل إسرائيل - الجمهور والقيادة، ومن دون علاقة بالانتماء الحزبي- جاهزة لذلك، أو تعبّر عن رأيها في ذلك؟