مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
أكدت مجموعة "عرين الأسود" الفلسطينية في بيان صادر عنها أمس (الأحد) مقتل أحد أعضائها البارزين، وهو تامر الكيلاني، في إثر انفجار عبوة ناسفة كانت مثبتة في دراجة نارية في مدينة نابلس، واتهمت إسرائيل بتنفيذ العملية.
وأضاف البيان أن إسرائيل زرعت القنبلة في الدراجة النارية، وهدد بردّ مؤلم من جانب المجموعة.
وتم تداول لقطات فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر لحظة الانفجار، إلى جانب مقطع فيديو يظهر متعاوناً مع إسرائيل ادعت المجموعة أنه قام بزرع القنبلة في الدراجة.
ونقلت قناة التلفزة الإسرائيلية "كان 11" [تابعة لهيئة البث الرسمية الجديدة] عن مسؤولين رفيعي المستوى في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية قولهم إن تصفية تامر كيلاني القيادي في مجموعة "عرين الأسود" في نابلس سيزيد من صعوبة مواصلتهم لنشاطاتهم في نابلس، لكنهم في الوقت عينه أكدوا أن الاغتيال لن يردع المجموعة وأن أعضاءها مصممون على تنفيذ عملية انتقامية. وقال المسؤولون "إنهم [ناشطو "عرين الأسود"] عازمون ومصممون ولا يخشون من أن يقتلوا من أجل تنفيذ هجوم انتقامي".
ولم يعلق الجيش الإسرائيلي علناً على الانفجار الذي أدّى إلى مقتل الكيلاني.
وقال المراسلون العسكريون الذين يتم اطلاعهم عادة بشكل غير رسمي من طرف كبار المسؤولين، إن الكيلاني الذي سبق أن سجنته إسرائيل، كان متورطاً بشكل مباشر في إرسال رجل فلسطيني لمحاولة ارتكاب هجوم واسع النطاق في تل أبيب الشهر الماضي، كما أنه كان مسؤولاً عن عدة عمليات إطلاق نار أُخرى في منطقة نابلس.
قال المرصد السوري لحقوق الإنسان في تقرير نُشر أمس (الأحد) إن الغارة الجوية التي وقعت في العاصمة السورية دمشق يوم الجمعة الفائت ونُسبت إلى إسرائيل، تسببت بإلحاق أضرار في بنية تحتية يتم فيها تجميع أجزاء من الطائرات الإيرانية المسيّرة.
وأفاد التقرير أن الموقع الذي تم قصفه هو مطار عسكري احتوى على معدات وأنظمة لوجستية عسكرية مصممة لتجميع طائرات من دون طيار تم تصنيع أجزائها في إيران وإرسالها إلى سورية. وبحسب التقرير جرى تدمير هذا الموقع في الغارة. كما ادعى أنه بالإضافة إلى الأضرار التي لحقت بموقع التجميع، تضرر أحد مدارج المطار العسكري ورادار عسكري في الموقع.
وفي سورية أفادت الأنباء أن الهجوم الجوي وقع في دمشق وجنوبي العاصمة السورية في منطقة هاجمتها إسرائيل مرات عديدة في الماضي.
وذكرت قناة التلفزة "العربية" السعودية أن الهجوم استهدف شحنة أسلحة إيرانية وفي الوقت نفسه استهدف أهدافاً تابعة إلى "الوحدة 4400" في حزب الله، المسؤولة عن نقل معدات عسكرية مهمة ومواد حساسة من إيران إلى الحزب في لبنان.
وجاء في تقرير قناة التلفزة نفسها أن اسم قائد الوحدة هو "الحاج فادي" وهي تعمل منذ عدة أعوام.
وتابع التقرير أنه في الأشهر الأخيرة قامت هذه الوحدة بتهريب أسلحة خطرة إلى حزب الله بالتنسيق مع "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني. وهاجمت إسرائيل على مدى الأعوام القليلة الماضية أهداف تلك الوحدة في الأراضي السورية.
وأفيد أيضاً أن المواد الخطرة التي تعمل الوحدة على تهريبها من سورية إلى لبنان تتم تحت غطاء أنها معدات إنسانية، وأن الوحدة بدأت في الأشهر الأخيرة بتوسيع نشاطاتها لتشمل عمليات تهريب أسلحة خطرة وحساسة.
صادقت الحكومة الإسرائيلية أمس (الأحد) على تعيين اللواء هرتسي هليفي في منصب الرئيس الـ 23 لهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي خلفاً لرئيس هيئة الأركان الحالي الجنرال أفيف كوخافي.
ومن المقرر أن يتسلم هليفي مهمات منصبه في كانون الثاني/يناير 2023.
وبعد إعلان هذا القرار هنأ كوخافي رئيس هيئة الأركان الجديد وقال: "لقد عرفنا أنا وهرتسي بعضنا البعض منذ أعوام عديدة تعرفت خلالها على ضابط شجاع ومحترف وماهر وذي خبرة، وأنا واثق من قدرته على الاستمرار في قيادة الجيش الإسرائيلي إلى الأمام بالرغم من كل التحديات المتوقعة".
وكانت اللجنة الاستشارية الخاصة بتنصيب مسؤولين في القطاع العام برئاسة القاضي السابق في المحكمة الإسرائيلية العليا إلياكيم روبنشتاين صادقت يوم الثلاثاء الفائت على تعيين هليفي رئيساً جديداً لهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي.
وتم اقتراح تعيين هليفي من طرف وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس في أوائل أيلول/سبتمبر الماضي.
وهليفي من مواليد سنة 1967، وهو من عائلة متدينة في مدينة القدس، وتخرّج في الفلسفة والأعمال من الجامعة العبرية في القدس، وحصل على درجة الماجستير في إدارة الموارد البشرية من جامعة الدفاع الوطني في واشنطن. والتحق هليفي بالجيش الإسرائيلي سنة 1985 في وحدة المظليين قبل أن يُرقّى إلى "سييرت متكال" وحدة النخبة في الجيش، والتي قادها عدة أعوام. وتم تعيينه بعد ذلك سنة 2014 رئيساً لشعبة الاستخبارات العسكرية ["أمان"] ثم بعد ذلك بأربعة أعوام قائداً للمنطقة العسكرية الجنوبية.
رفضت المحكمة الإسرائيلية العليا بالإجماع أمس (الأحد) جميع طلبات الالتماس ضد اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان، ما يمهّد الطريق أمام الحكومة الإسرائيلية للموافقة على الاتفاق في وقت لاحق من الأسبوع الحالي.
وقالت المحكمة في بيان صادر عنها إن تفسير قرار الحكم سيصدر بشكل منفصل.
وكانت المحكمة العليا استمعت إلى مرافعات شفوية ضد الاتفاق من مندوبي أصحاب طلبات الالتماس التي بلغ عددها 4 طلبات، بما في ذلك من طرف المنظمتين اليمينيتين "لافي" و"منتدى كوهيلت"، بالإضافة إلى طلب من زعيم حزب "قوة يهودية" ["عوتسما يهوديت"] عضو الكنيست إيتمار بن غفير.
وأعرب القضاة الثلاثة الذين نظروا في طلبات الالتماس، وهم رئيسة المحكمة العليا إستير حيوت ونائب الرئيس عوزي فوغلمان ونوعم سولبيرغ، عن اعتقادهم بعدم صحة طلبات الالتماس.
وادعى طلب التماس "منتدى كوهيلت" أنه نظراً إلى أن جزءاً صغيراً من المياه الإقليمية لإسرائيل سينتهي به المطاف في الجانب اللبناني من الحدود البحرية بموجب الاتفاق، فإن مثل هذه الصفقة تتطلب إجراء استفتاء عام بموجب أحكام "قانون الأساس: الاستفتاء". لكن المحكمة أشارت إلى عدم تسوية مسألة الحدود البحرية بشكل قانوني، وإلى أن هناك شكوكاً في فرض إسرائيل لنفوذها القانوني على هذه المياه، مما يعني أن قانون الاستفتاء لا ينطبق.
وادعى طلب الالتماس الذي قدمته منظمة "لافي" أن الحكومة الإسرائيلية الحالية موقتة، وهي بموجب ممارسات الكنيست السائدة مُلزمة بتقديم المعاهدات الدولية إلى الكنيست للموافقة عليها. غير أن المحكمة العليا أعربت عن شكوكها فيما إذا كان يمكن اعتبار الممارسات البرلمانية السائدة ملزمة، وأضافت أنه وفقاً لما أعلنته الحكومة كان هناك دوافع أمنية ودبلوماسية واقتصادية ملحة لتوقيع الاتفاق الآن، وهي دوافع تستند إلى معلومات سرية لا يمكن كشف النقاب عنها.
وادعى طلب الالتماس الذي قدمه بن غفير أن المفاوضات بين إسرائيل ولبنان بشأن الحدود البحرية كانت انهارت قبل 28 حزيران/يونيو الفائت عندما تم حلّ الكنيست والدعوة إلى إجراء انتخابات عامة جديدة، ولم تُستأنف إلاّ بعد ذلك، ولذلك لا يمكن أن يُعتبر الاتفاق شرعياً في ظل هذه الظروف. غير أن المحكمة رفضت هذا الادعاء أيضاً.
وتعقيباً على قرار المحكمة هذا، قال بن غفير إنه يمثل المبدأ الذي تتمسك به المحكمة العليا منذ أعوام، وهو التدخل في كل خطوة تقوم بها الحكومات اليمينية وعدم التدخل في الخطوات التي تقوم بها الحكومات اليسارية.
وقال البروفيسور يوجين كونتوروفيتش، مدير قسم القانون الدولي في "منتدى كوهيلت"، إن الاتفاق يرقى إلى موافقة حكومة بطة عرجاء على التنازل عن أراضي الدولة السيادية لدولة معادية قبل أيام من الانتخابات.
وقالت منظمة "لافي" إن قرار المحكمة كان خطأ، وهو يسمح بشكل غير مبرر لحكومة موقتة في اللحظات الأخيرة من ولايتها بالتوصل إلى اتفاق استسلام لحزب الله يعرض الأمن الإسرائيلي للخطر.
من ناحية أُخرى، أكد الوسيط الأميركي في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان عاموس هوكشتاين، أمس، أنه من المقرر أن توقع كل من إسرائيل ولبنان يوم الخميس المقبل اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي تتضمن الاتفاق على توزيع حصص الغاز في المياه الاقتصادية لكل بلد.
وأفادت وسائل إعلام لبنانية أول أمس (السبت) أنه من المتوقع أن يصل هوكشتاين إلى بيروت غداً (الثلاثاء) أو بعد غد (الأربعاء) حاملاً نسخة من الاتفاق، وسيتم إعلان الموعد الدقيق للتوقيع وفقاً لاتصالات يجريها هوكشتاين مع الحكومة الإسرائيلية.
وأضافت وسائل الإعلام نفسها أن الحكومة الإسرائيلية بلّغت المعنيين في واشنطن بأنها ستكون جاهزة لتوقيع الأوراق يوم الأربعاء، أو يوم الخميس من هذا الأسبوع، كما تولّى هوكشتاين تبليغ لبنان بأنه لا يتوقع أي مفاجآت من نوع قانوني أو سياسي تؤخر توقيع حكومة يائير لبيد على الأوراق الخاصة بالتفاهم.
وأكدت وسائل الإعلام أيضاً أنه في حال تم ذلك سيصدر الرئيس اللبناني ميشال عون غداً قراراً بشأن اختيار الشخصية التي سوف تمثل لبنان في مراسم توقيع الاتفاق في رأس الناقورة.
- ظاهرة إيتمار بن غفير ستكون المفاجأة في الانتخابات المقبلة، كذلك فإن مفارقة حصول حزب الصهيوينة الدينية على 14 مقعداً (وربما أكثر) يوم الثلاثاء المقبل من شأنها أن تثير عدم الارتياح لدى الطرفين: فمن جهة حوّل حزب يوجد مستقبل وحركة ميريتس وحزب العمل بن غفير إلى حجر أساس في حملتهم، ومن جهة أُخرى يشعر الليكود والأحزاب الحريدية بالقلق إزاء التهديد الذي يمثله بن غفير سياسياً.
- يصور الخطاب العام-خطاب اليسار الوسط -بن غفير استناداً إلى مفاهيم قديمة مأخوذة من فترة التسعينيات، إذ ثمة حرص على اتهامه وحزبه بالعنصرية والقومية المتطرفة. لكن ظاهرة تعاظم قوة بن غفير لا علاقة لها بصعود التيار الكهاني ولا تعبر عنه. والواقع لا يشبه أيضاً ما تحدث عنه نائب رئيس الأركان السابق يائير غولان بشأن بروز ظواهر مشابهة في ألمانيا في الثلاثينيات.
- فقد أثارت ظاهرة بن غفير وصعود القوة السياسية للصهيونية الدينية ردة فعل على التوجه الوسطي في السياسة الإسرائيلية خلال السنوات الأخيرة، والذي تميزت به الأحزاب التي تتشارك توجهاً وسطياً مرناً في كل المجالات تقريباً، الأمنية والوطنية والاقتصادية والاجتماعية، مما يطمس الحدود الفكرية فيما بينها، الأمر الذي يمكن تشبيهه بحساء فكري كثيف لا يسمح بالتمييز بين المواد التي يتألف منها.
- كما أن التحول نحو الوسط ألغى عملياً الخطوط التي كانت تميز تقليدياً اليسار من اليمين في إسرائيل. فالنموذج السياسي لحكومة بينت-لبيد يعتمد على هذا الأمر، إذ سمح بالجمع بين أطراف سياسية متناقضة في السياسة اليهودية (بين ميرتس اليسارية وحزب يمينا اليميني)، وأتاح الربط بين السياسة اليهودية والسياسة العربية، ومكّن القائمة العربية الموحدة راعام من الانضمام إلى الائتلاف.
- لقد انتهجت الحكومة المنتهية ولايتها خطوطاً سياسية طمست سياسات الهوية التقليدية، والموضوعات الخلافية البارزة، ولا سيما في المجال السياسي. واعتمدت إلى حد بعيد على تصور حكومات نتنياهو، الذي يبدو ظاهرياً كشخص يميني بارز، وكصاحب خطاب يميني صارم، لكنه، عملياً، زعيم انتهج سياسة وسطية براغماتية واقعية في كل المجالات تقريباً. فقد أظهرت حكومات نتنياهو قدرة على المناورة في المجال السياسي-الأمني بين موقف علني نشط وبين سلوك حذر في مواجهة إيران و"حماس" وحزب الله، وقادت في المجال الاقتصادي – الاجتماعي نهجاً وسطياً بين الاقتصاد الحر وبين محاولة التعويض عن تأثيراته المضرة.
- لقد تحول الاقتصاد خلال فترة نتنياهو إلى نقطة الثقل المركزية التي لم تسمح بتطوير ثقافة الاستهلاك فحسب، بل ساهمت أيضاً في دمج المواطنين العرب في الدولة من خلال مجموعة خطط حكومية ذات ميزانيات كبيرة (شكلت بالطبع منصة لاتفاقات أبراهام على الساحة السياسية الإقليمية وساعدت في إرساء هدوء نسبي في غزة والضفة الغربية).
- ومن النتائج السياسية المرافقة لزوال الحدود بين اليمين واليسار تآكل قوة الليكود، ذلك بأن توظيف نتنياهو جهوده، هذه الأيام، في استعادة الناخبين يعبّر عن نجاح سياسته الوسطية التي أدت إلى الاضمحلال الاجتماعي لـ "إسرائيل الثانية"، وتحولها إلى إسرائيل الأولى – ناقص، أي إلى مجموعة أكثر ثراء وأقل نشاطاً في كل ما له علاقة بالتعبير عن معارضتها من خلال التصويت لليكود. في المقابل، ساهمت في خلق فجوة لدى بعض ناخبي الليكود التقليديين بين الصورة اليمينية للحزب وبين سياسته الفعلية التي هي فعلاً سياسة براغماتية شبيهة بسياسة حزب العمل أيام مباي. ففي رأيهم تراجع استعداد الحزب لاتخاذ موقف صهيوني متشدد في وجه التهديدات الخارجية والداخلية لصالح أجندة غامضة أخفقت في مواجهة الظواهر المرافقة لسياسته الوسطية، أي خسارة الحوكمة وتفاقم الجريمة، كما أظهر الحزب ضعفاً استراتيجياً-أمنياً على الساحة الخارجية.
- يشكل حزب الصهيونية الدينية الوعاء السياسي-الفكري لاستيعاب مَنْ خاب أملهم من الأجندة الجديدة التي تعتمد على السياسة الوسطية، فهو البديل المعاصر للواقع ما بعد الحداثي. ويطرح بن غفير وسموتريتش نفسيهما على أنهما البديل الذي يعتمد على حدود وخطوط ترسيم وتعريفات حادة وبارزة وواضحة. وعلى هذا الأساس يجذبان جماهير كبيرة سئمت من مرحلة ما بعد الحداثة التي تدفعهم إلى صناديق الاقتراع مرة تلو أُخرى، وتمنع التوصل إلى حسم سياسي وفكري في إسرائيل.
- لم يثر التقرير الذي صدر نهاية هذا الأسبوع بشأن هجوم نُسب إلى إسرائيل في سورية ضجة كبيرة؛ فهو واحد من تقارير كثيرة تصدر كل بضعة أسابيع، أو أيام، تبيّن مصدر صدى الانفجارات التي تُسمع في سورية منذ أن حاول الأسد اعتراض الصواريخ والطائرات التي تشكل جزءاً من نشاط سلاح الجو الإسرائيلي لمنع تمركز إيران في الأراضي السورية.
- على الرغم من ذلك، فإن التقرير الأخير كان دراماتيكياً، وأظهر أن إيران لم تتخل عن رغبتها في جعل نصر الله أكثر دقة وفتكاً. وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن الهجوم الذي وقع ليل الجمعة-السبت في دمشق لم يستهدف موقعاً عادياً، وإنما استهدف موقعاً يبني فيه نصر الله شبكة لتجميع قطع المسيّرات الإيرانية.
- ووفقاً للتقرير، فإن الهجوم الأخير دمّر موقعاً يحتوي على عتاد وأنظمة لوجستية عسكرية تُستخدم في صناعة طائرات من دون طيار تُشغَّل عن بعد، وبعض قطع هذه الطائرات يتم تصنيعها في سورية وبعضها الآخر يصل من إيران بواسطة طائرات يتم الادعاء بأنها تحمل عتاداً له طابع إنساني. وهذه ليست أول مرة تستخدم فيها إيران طائرات لمهمات عسكرية وتدعي أنها لمهمات إنسانية. فقد كشفت الاستخبارات الإسرائيلية هذا الأمر أكثر من مرة ولم تتردد في التحرك ضدها، إذ كانت تستهدف مواقع حساسة لها أهمية رمزية في سورية، مثل المطارات المدنية وبعض المواقع في دمشق، بالإضافة إلى المستودعات التي تستخدمها الميليشيات الإيرانية.
- تحظى الطائرات من دون طيّار التي يتم تشغيلها عن بعد باهتمام كبير في التقارير التي تتحدث عن استخدامها في الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، وهي تحقق أهدافاً لبوتين على صعيد الوعي. وقد كان الهدف تصنيع هذه الطائرات في مكان يعتبر "شرعياً" بالنسبة إلى الأسد، وبالتالي التحذير من تدميرها، لكن يبدو أن هذا التحذير لم يتحقق. فقد كانت هذه الطائرات معدّة لأن يتم تركيبها في مطار ديماس العسكري في دمشق، لكن وبحسب التقرير تم تدمير هذا الموقع، وتُظهر الصور التي التقطتها الأقمار الصناعية الهجوم بشكل واضح، على أن يتم نشر التحليل الخاص بها خلال الساعات الـ 48 المقبلة.
- ويزعم التقرير أنه بالإضافة إلى تدمير موقع تركيب الطائرات من دون طيار جرى تدمير أحد مدرجات المطار العسكري، وأحد الرادارات العسكرية الموجودة في الموقع. والجهة التي دمرت الرادار هدفها المحافظة على حرية العمل وعلى التفوق الجوي.
- مَنْ يقف خلف هذه العملية على الجانب الآخر هو الوحدة 4400، أي وحدة النخبة التي أسسها حسن نصر الله بهدف نقل عناصر وتكنولوجيا إنتاج المسيرات بعيداً عن لبنان. ويُعتقد أن هذه الوحدة مكلّفة أيضاَ تهريب أسلحة خطرة إلى حزب الله مباشرة من فيلق القدس الإيراني، وهي تعمل على الأراضي السورية وكانت قد تعرضت في السابق لهجمات استهدفت مواقع تابعة لها.
- في مطلع تشرين الأول/ أكتوبر 2022، قدم الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين المقترح النهائي للتسوية بين لبنان وإسرائيل بشأن الحدود البحرية واستخراج الغاز، وذلك بعد جولة أخيرة مليئة بالضغوط بين الطرفين، إذ طالب لبنان بإجراء بعض التعديلات التي رفضتها إسرائيل، وقررت إسرائيل بدء الضخ العكسي من حقل "كاريش" (فحص المعدات قبل بدء الاستخراج). وفي 11 تشرين الأول/ أكتوبر أعلن الطرفان، رئيس الحكومة يائير لبيد والرئيس اللبناني ميشال عون، أن الصيغة الأخيرة من الاتفاق مقبولة بالنسبة إليهما، وأن الاتفاق سينتقل إلى مرحلة المصادقة النهائية عليه. وفي اليوم التالي، صادق "الكابينيت" والحكومة في إسرائيل على الاتفاق، وقررت الحكومة أن التصويت عليه لن يتم في الكنيست (على الرغم من أنه لم يكن الخيار المفضل لدى المستشارة القضائية للحكومة)، وإنما سيتم طرحه على الكنيست لمدة أسبوعين للاطلاع عليه، وفي 26 تشرين الأول/ أكتوبر، ستصادق عليه الحكومة بصورة نهائية، الأمر الذي بات ممكناً الآن بعد أن رفضت المحكمة العليا كل الالتماسات المقدَّمة ضده.
ما الذي سمح بالوصول إلى اتفاق؟
- لقد بات توقيع الاتفاق ممكناً بعد التغيير الذي طرأ مطلع حزيران/ يونيو الماضي على موقف لبنان، هذا البلد الذي يعاني جرّاء انهيار اقتصادي وأزمة سياسية عميقة. ومع وصول منصة "كاريش" إلى إسرائيل في 5 حزيران/ يونيو الماضي، تم استدعاء الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين إلى بيروت، التي تراجعت عن المطالبة بالخط الأقصى (خط29) وتبنت موقفاً فيه تنازل واستعداد لاستكمال الصفقة في أسرع وقت ممكن. فقد ساهمت تهديدات نصر الله (إطلاق مسيّرات في اتجاه منصة كاريش في 26 حزيران/ يونيو وتصريحاته خلال شهر آب/ أغسطس بأن التنظيم سيضرب المنصة) في رفع حدة التوتر الأمني، وزادت التخوف من تصعيد عسكري، كما أن اقتراب موعد الانتخابات في إسرائيل واقتراب انتهاء ولاية الرئيس اللبناني (31 تشرين الأول/ أكتوبر) أوجدا شعوراً بأن ثمة فرصة زمنية محددة يجب استغلالها. وتمثلت المساهمة الإضافية في تركيز الوسيط الأميركي هوكشتاين على رصد ما هو أكثر أهمية بالنسبة إلى الطرفين، كي يشعر كلاهما بالإنجاز.
مضمون الاتفاق
- تم صوغ الاتفاق على شكل رسالة إلى الطرفين من جانب الولايات المتحدة، بسبب عدم رغبة لبنان بإجراء محادثات مباشرة مع إسرائيل، وتضمنت الرسالة البنود التي تم الاتفاق عليها ومسار استكمالها. وفيما يلي المبادئ التي تم الاتفاق بشأنها:
- الحدود البحرية: يتفق الطرفان على تحديد الحدود الثابتة والعادلة على أساس الخط 23 (الذي عاد وتمسك به لبنان بعد تراجعه عن المطالبة بالخط 29)، على أن يتم حفظ الوضع القائم في الكيلومترات الـخمسة الأولى الموازية للساحل، بحسب الخط العائم الذي حددته إسرائيل عقب انسحابها من لبنان عام 2000 (وهو طلب لم تقبل إسرائيل بالتنازل عنه لأسباب أمنية)، إذ نصّ البند 1 E على موافقة الطرفين على الحد المعلَّم كحد ثابت وعادل ينهي النزاع بينهما فيما يتعلق بالحدود البحرية، وضمنه البند الذي ينص على تحديد الكيلومترات الخمسة الأولى استناداً إلى الخط العائم الحالي، بحيث لا يُفتح نقاش بشأنه مستقبلاً. أمّا بالنسبة إلى تداعيات الاتفاق على الحدود البرية، فتم الاتفاق على أن تحديد الحدود البحرية لن يؤثر في الحدود البرية. وصحيح أن إسرائيل تنازلت عن أغلبية المنطقة المتنازع عليها بين الخط 1 والخط 23 (860 كيلومتراً)، لكن أغلبية المنطقة موجودة في المياة الاقتصادية (EEZ)، وعملياً لم تتنازل إسرائيل إلاً عن 5.8 كيلومتر من مياهها الإقليمية.
- الاتفاق على استخراج الغاز: حقل "كاريش" غير مذكور لأنه موجود بالكامل في الجانب الإسرائيلي، وبالتالي لا يوجد أي مانع من المباشرة في تشغيله. في المقابل، جاء في الاتفاق أن للبنان كامل الحق في حقل الغاز المحتمل "صيدون-قانا"، والذي يدخل طرفه أيضاً في الجانب الإسرائيلي، وستبدأ الحفريات فيه مباشرة بعد توقيع الاتفاق من جانب جهة دولية موثوقة تستجيب للمتطلبات المهنية العالية ولا تخضع للعقوبات الدولية. في المقابل، ستحصل إسرائيل على تعويضات عن الجزء الموجود في منطقتها، وسيتم الاتفاق على حجم التعويض خلال المفاوضات بين إسرائيل والشركة الدولية التي ستعمل في حقل "صيدون-قانا" (بقيادة شركة توتال الفرنسية وبدعم من حكومة فرنسا)، وسيشكل جزءاً من اتفاق مالي قبل بدء الحفريات. من جهته لن يتدخل لبنان في الأمر، وهو غير ملزم بدفع التعويضات، وسيكون مسموحاً للشركات المولجة بالتنقيب أن تقوم بحفريات في الجانب الإسرائيلي إن لزم الأمر، بعد سماح إسرائيل بذلك.
- دور مركزي للولايات المتحدة: تلتزم الولايات المتحدة ببذل أقصى الجهود من طرفها كوسيط بين إسرائيل ولبنان، وضمنها تمرير الرسائل والمعلومات بين الدولتين، والوساطة في حال تبيان أي خلافات بشأن تطبيق الاتفاق، أو اكتشاف حقول غاز أُخرى في المنطقة. بالإضافة إلى إشارة -من دون تفصيل-إلى الالتزام الأميركي بمساعدة لبنان في عمله على موضوع الغاز بشكل فوري ومستمر (يبدو أن الحديث يدور عن جهود للدفع قدماً بصفقة تمرير الغاز من مصر إلى لبنان عبر الأنبوب العربي الذي يمر من الأردن وسورية). ولا يتضمن الاتفاق تفاصيل علنية عن الضمانات الأميركية لإسرائيل، ولا سيما في مجال الأمن وضمان عدم حصول حزب الله على أرباح من استخراج الغاز من حقل "صيدون-قانا".
- العلاقات بين الدولتين: لا يوجد في نص الاتفاق أي ذكر لجوهر العلاقات بين إسرائيل ولبنان، باستثناء التعريف أنهما يتفقان على الحدود البحرية فيما بينهما بشكل ثابت، بحيث يمكن رؤية ذلك على أنه اعتراف لبناني بإسرائيل.
- إجراءات لاستكمال توقيع الاتفاق: بعد المصادقة على الاتفاق سيكون على لبنان وإسرائيل إرسال رد مكتوب إلى الولايات المتحدة يفيد بأن مبادئ الاتفاق مقبولة لديهما، ثم عليهما تسجيل حدودهما البحرية في الأمم المتحدة، كل بلد على حدة، بدلاً من الحدود المسجلة سابقاً في الأمم المتحدة. ويدخل الاتفاق حيز التنفيذ في اليوم الذي ترسل فيه الولايات المتحدة رسالة مكتوبه تصادق فيها على أن الطرفين قاما بالخطوات اللازمة. وثمة إشارة إلى إمكان أن يتم توقيع الاتفاق على المستوى المهني برعاية الأمم المتحدة في الناقورة.
تداعيات الاتفاق على إسرائيل ولبنان
- بعد مراجعة الاتفاق يمكن الاستنتاج أن الطرفين حققا إنجازات من خلاله، حتى لو كان عليهما تقديم بعض التنازلات. وفي بعض المجالات يخدم مصالح مشتركة بين الطرفين، ولا سيما فيما يتعلق بمساهمته في استقرار المنطقة وأمنها.
- في المجال الاقتصادي: سيتمكن لبنان أخيراً من البدء بأعمال الحفر والبحث عن الغاز في الحقل المحتمل "صيدون-قانا" الذي رفضت كل الجهات الدولية العمل فيه ما دام النزاع على الحدود لم يتم حله. وفي حال كان هناك غاز في الحقل، فإن الاستخراج سيبدأ بعد عدة سنوات، وبالتالي فإن الحديث يدور عن ربح بعيد المدى للبنان. وعلى الرغم من ذلك، فإن الاتفاق يبعث الأمل لدى الشعب اللبناني ويبشر بالاستقرار والهدوء في المنطقة، الأمر الذي من شأنه استقطاب مزيد من الاستثمارات، وتسريع المساعدات الاقتصادية للبنان التي تأجلت حتى الآن، كما من شأن هذا الاتفاق أن يحسّن من فرص لبنان المنهار للانضمام إلى نادي الدول المصدِّرة للغاز في شرق المتوسط. وبالنسبة إلى إسرائيل، فإن هذا الاتفاق يضمن لها تعويضات مادية عن النسبة التي تعود إليها من الحقل الذي يمر في منطقتها. ولا يوجد إشارة إلى حجم التعويض، لكن بحسب ما تم نشره في الإعلام فإن الحديث يدور عن نسبة 17٪ على الأقل، أي أقل من النسبة التي كانت مستعدة إسرائيل لقبولها في الماضي، لكن الحديث يدور عن أرباح لم تكن لتحصل عليها إسرائيل من دون الصفقة الحالية. كذلك فإن الإيجابيات الاقتصادية بالنسبة إلى إسرائيل مصدرها الاستقرار والأمن اللذين يضمنهما الاتفاق في المنطقة البحرية، مثل جذب الاستثمارات وتخفيض كلفة التأمين والأمن.
- على الصعيد الأمني: من الناحية الإسرائيلية، لا يضر الاتفاق مطلقاً بقدرة الجيش على الدفاع في البحر؛ فقد تم حفظ الخط العائم في الكيلومترات الخمسة الأولى، كما ليس للتنازل الذي جرى تقديمه في المياه الاقتصادية وفي المنطقة المتنازع عليها أي تأثير في قدرات سلاح البحرية والاستخبارات التي تعمل هناك عن بعد، فضلاً عن أن الاتفاق من شأنه أن يقلّص إمكان وقوع أعمال عنف في المنطقة البحرية المشتركة مع "حزب الله"، إذ ليس من مصلحة هذا الأخير إلحاق الضرر بأعمال استخراج الغاز من حقل "صيدا-قانا". وعلى الرغم من ذلك، فإن إمكان المواجهة مع حزب الله لا يزال قائماً في مناطق أُخرى، وذلك بسبب شعور الحزب بالثقة الزائدة بعد الاتفاق، والذي، بحسبه، لم يكن ممكناً التوصل إليه لولا تهديداته. لذا من الممكن أن يخاطر الحزب بمعركة محدودة مع إسرائيل على الرغم من أنه لا يريدها، الأمر الذي يمكن أن يقود إلى تصعيد.
- على الصعيد الاستراتيجي:
- إزاء لبنان-على الرغم من الحوار غير المباشر والجهد اللبناني للابتعاد عن أي مظاهر تطبيع مع إسرائيل، بسبب معارضة حزب الله لذلك، فإن الاتفاق يعبر عن تغيير جذري في العلاقات بين الدولتين، ذلك بأنه يسحب البساط من تحت قدمي حزب الله فيما يتعلق بادعائه أن إسرائيل كيان غير شرعي ويجب عدم الاعتراف بها، كما يثبت أن حزب الله لا يستطيع تحقيق كل ما يريده في لبنان، إذ عليه أيضاً أن يتنازل. ومن شأن الاتفاق أن يحسّن من صورة إسرائيل وسط الجمهور اللبناني، ويفتح الباب أمام تطور العلاقات في مجالات أُخرى مستقبلاً، فضلاً عن أن الاستقرار الأمني وتحسين الوضع الداخلي في لبنان أمران مهمان أيضاً بالنسبة إلى إسرائيل.
- مكانة حزب الله: صحيح أن حزب الله يطرح الاتفاق أمام مؤيديه من اللبنانيين على أنه إشارة إضافية إلى أهمية المقاومة وسلاحها في الدفاع عن لبنان، لكن يمكن أن يتم التعامل معه على أنه قيد إضافي على حزب الله الذي بات هدفاً لانتقادات داخلية آخذة في التوسع، ويلاقي صعوبة في التأثير في تشكيل الحكومة (التي لا تزال حكومة انتقالية منذ الانتخابات النيابية في أيار/ مايو) وفي تنصيب رئيس كما يريد.
- بالنسبة إلى إيران التي تعارض أي اتفاق مع إسرائيل: يشكل الاتفاق بالنسبة إلى إيران فشلاً إضافياً في صراعها مع إسرائيل (الشيطان الأصغر)، ولا سيما أنه تم التوصل إليه بفضل الولايات المتحدة (الشيطان الأكبر). كما يشكل هذا الاتفاق عقبة أمام جهود إيران التي يقودها حزب الله لتوسيع نفوذها في لبنان، ومن شأنه أن يقوي علاقة لبنان بالغرب (وخصوصاً بالولايات المتحدة وفرنسا)، بخلاف رؤية نصر الله الذي يريد ضم لبنان إلى "المحور الشيعي".
- في الخلاصة، يمكن القول إن الوصول إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان تم بفضل التقاء عدة مصالح بين الدولتين، ورغبتهما في التنازل واستغلال الفرصة التي أُتيحت لوقت محدود. صحيح أن ثمة تنازلاً في الاتفاق، لكنه يخلق حالة win-win بين الدولتين، وبالتالي فإن احتمالات تطبيقه ليست سيئة.