مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
أظهر فرز 87.6% من أصوات الذين اقترعوا في الانتخابات الإسرائيلية العامة التي جرت أول أمس (الثلاثاء)، أن معسكر رئيس الحكومة السابق ورئيس الليكود والمعارضة بنيامين نتنياهو ما زال يحتفظ بـ65 مقعداً، بينما لا يزال كلٌّ من حركة ميرتس وحزب بلد [التجمع الوطني الديمقراطي] تحت نسبة الحسم [3.25%].
وبحسب النتائج الحقيقية، حصل حزب الليكود على 32 مقعداً، وحصل حزب الصهيونية الدينية، برئاسة عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش، والذي يضم حزب "قوة يهودية (عوتسما يهوديت)"، برئاسة عضو الكنيست إيتمار بن غفير، على 14 مقعداً، وحصل حزب شاس لليهود الحريديم [المتشددون دينياً] على 11 مقعداً، وحزب يهدوت هتوراه الحريدي على 8 مقاعد.
في المقابل، حصل المعسكر المناوئ لنتنياهو على 50 مقعداً، موزعة على النحو التالي: حزب "يوجد مستقبل"، برئاسة رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد الحالية، 24 مقعداً، وتحالف "المعسكر الرسمي" الذي يضم كلاً من حزبيْ "أزرق أبيض"، برئاسة وزير الدفاع بني غانتس، و"أمل جديد"، برئاسة وزير العدل جدعون ساعر، والرئيس السابق لهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال احتياط غادي أيزنكوت، 12 مقعداً، وحزب "إسرائيل بيتنا"، برئاسة وزير المال أفيغدور ليبرمان، 5 مقاعد، وحزب العمل، برئاسة وزيرة المواصلات ميراف ميخائيلي، 4 مقاعد، وحزب راعام [القائمة العربية الموحدة]، برئاسة عضو الكنيست منصور عباس، 5 مقاعد.
وحصلت قائمة التحالف بين حزبيْ حداش [الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة] وتعل [الحركة العربية للتغيير] على 5 مقاعد في الكنيست.
وحتى الآن، لم تتجاوز أحزاب ميرتس وبلد و"البيت اليهودي" نسبة الحسم.
وقالت المديرة العامة للجنة الانتخابات المركزية أورلي عدس إن عملية فرز الأصوات، بما في ذلك المغلفات المزدوجة التي تضم أصوات الجنود والسجناء ونزلاء المستشفيات، ستنتهي عصر اليوم (الخميس) على الأغلب، وأعربت عن أملها بأن يتم، حينها، إصدار نتائج نهائية حتى صباح يوم غد (الجمعة).
من المتوقع أن يبدأ رئيس الدولة الإسرائيلية يتسحاق هرتسوغ الأسبوع المقبل جولة من المشاورات مع ممثلي الكتل البرلمانية التابعة للأحزاب المنتخَبة، ثم يتخذ قراراً بشأن هوية الشخص الذي سيكلفه تأليف الحكومة الإسرائيلية المقبلة.
ويجب على الشخص المكلف تأليف الحكومة الجديدة، استكمال مهمته خلال مدة أقصاها 28 يوماً، ويحق له أن يطلب تمديد هذه الفترة بـ14 يوماً إذا ما تعذر عليه استكمال المهمة المكلّف بها. وإذا لم ينجح في تأليف حكومة حتى بعد هذا التمديد، فيستطيع رئيس الدولة تكليف عضو كنيست آخر غيره.
وقال مقربون من نتنياهو أمس (الأربعاء) إنه أوعز إلى عضو الكنيست من الليكود ياريف ليفين والطاقم الليكودي المفاوض بالتوصل إلى تفاهمات مع مركّبات معسكر اليمين [معسكر نتنياهو] فور إعلان النتائج النهائية للانتخابات، وحتى يوم 15 تشرين الثاني/نوفمبر الحالي، وقام ليفين، بدوره، بتبليغ رؤساء كتل حزب "الصهيونية الدينية" وحزبيْ اليهود الحريديم بهذا الموضوع.
حمّل مصدر رفيع المستوى في تحالُف "المعسكر الرسمي"، برئاسة وزير الدفاع بني غانتس، رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد [رئيس حزب "يوجد مستقبل"] المسؤولية عن الهزيمة التي مُنيَ بها المعسكر المناهض لبنيامين نتنياهو وأحزاب اليمين واليهود الحريديم.
واتهم المصدر نفسه، في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام أمس (الأربعاء)، لبيد بأنه أحجم عن القيام بنشاطات محددة كان يتعين عليه القيام بها، وهو ما أدى بالتالي إلى الخسارة المدوية، ومنها الإحجام عن القيام بنشاطات ميدانية، وتجاهُل الآثار المترتبة على تفكّك القائمة المشتركة بين الأحزاب العربية، وإهمال الاتفاقيات المتعلقة بفائض الأصوات، والامتناع من الدعوة إلى التصويت لمصلحة حزب ميرتس كي يجتاز نسبة الحسم.
وتعقيباً على ذلك، قال مصدر رفيع المستوى في حزب "يوجد مستقبل" إن رئيس تحالُف "المعسكر الرسمي" هو الذي يتحمل المسؤولية عن هذه الهزيمة، لأنه امتنع طوال الوقت من أيّ تعاوُن مع لبيد.
قال بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إن ضابطاً أصيب بجروح خطرة في عملية دهس عند حاجز عسكري بالقرب من مدينة موديعين المجاورة لمدينة القدس صباح أمس (الأربعاء).
وأظهرت لقطات للعملية عند هذا الحاجز على طريق 443 سيارة تصدم الضابط قبل أن يخرج السائق من السيارة ويبدو أنه يحاول مهاجمة الجندي بفأس. وعندها أطلق الضابط المصاب النار على الفلسطيني، الأمر الذي أدى إلى مقتله.
وجاءت هذه العملية بعد يوم واحد من الانتخابات الإسرائيلية العامة التي تم خلالها إغلاق الحواجز بين الضفة الغربية وإسرائيل أمام الفلسطينيين.
وانتهى الإغلاق عند منتصف ليلة الثلاثاء - الأربعاء.
كما جاءت العملية في ظل تصاعُد التوتر في مناطق الضفة الغربية.
ففي يوم الأحد الماضي دهس سائق فلسطيني جنوداً إسرائيليين بسيارته في موقعين جنوبي مدينة أريحا، وهو ما أدى إلى إصابة 5 منهم قبل إطلاق النار عليه.
وفي مساء يوم السبت الماضي، قُتل مستوطن إسرائيلي في أثناء تواجده في متجر يقع بين مستوطنة كريات أربع ومدينة الخليل، بعد أن أطلق مسلح فلسطيني النار عليه.
وقام حارس أمن بدهس المسلح الذي قُتل بعدها برصاص جندي خارج الخدمة.
وفي الأشهر الأخيرة، استهدف مسلحون فلسطينيون بشكل متكرر جنوداً إسرائيليين وقوات إسرائيلية عملت على طول الجدار الفاصل في الضفة الغربية، كما استهدفوا مستوطنين في الطرقات.
سمحت الرقابة العسكرية الإسرائيلية أمس (الأربعاء) بنشر نبأ بشأن اضطرار طائرة مدنية تابعة لشركة أجنبية، كانت على متنها جندية إسرائيلية، إلى الهبوط على نحو اضطراري في أحد مطارات إيران يوم الخميس الماضي، وذلك بسبب مشكلة طبية مرّ بها أحد ركاب الطائرة وتسببت بتغيير مسار الرحلة الذي كان مخطَّطاً له أصلاً.
وكانت الجندية الإسرائيلية في رحلة لزيارة عائلتها في أوزبكستان، واستقلت الطائرة من طشقند، حيث كان من المقرر أن تهبط في دبي، لكن حين شعر أحد الركاب بسوء هبطت الطائرة لبضع ساعات في إيران.
وذكرت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية يوم الخميس الفائت، أن طائرة كانت متجهة من طشقند إلى دبي أعلنت حالة طوارئ لأن قائدها فقد وعيه وغيّر مسار رحلتها نحو مطار شيراز الدولي.
وذكرت مصادر أمنية إسرائيلية رفيعة المستوى أن المرأة كانت تخشى من اكتشاف حقيقة خدمتها في الجيش الإسرائيلي. ولذا، فإنها في أثناء الهبوط كانت على اتصال بجهاز الموساد الإسرائيلي الذي ظل على اتصال معها من أجل ضمان أمنها.
وأضافت المصادر نفسها أن الموساد شكّل على الفور فرقة عمل خاصة من أجل إيجاد طريقة لإخراج الجندية في أسرع وقت ممكن. وصدرت أوامر إلى الجندية بعدم التحدث باللغة العبرية خلال فترة وجودها في إيران، وبأن تقدّم جواز سفرها الروسي إلى السلطات الإيرانية.
وبقيت الطائرة والركاب على الأرض في المطار عدة ساعات، وبعد ذلك أقلعت وتوجهت إلى وجهتها الأصلية، من دون أي مشاكل.
وأفيدَ بأنه في أثناء هذه الحادثة كان رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد يعقد اجتماعاً للحكومة للمصادقة على اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، بينما كان وزير الدفاع بني غانتس يقوم بزيارة رسمية إلى تركيا.
أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد أمس (الأربعاء) إلغاء مشاركته في مؤتمر المناخ الدولي الذي سيُعقد في شرم الشيخ الأسبوع المقبل، وذلك في إثر خسارته في انتخابات الكنيست الـ25 التي جرت أول أمس (الثلاثاء).
وكان لبيد أعلن الأسبوع الماضي أنه يعتزم حضور مؤتمر المناخ، لكنه تراجع عن ذلك بسبب نتائج الانتخابات التي أظهرت فوز رئيس حزب الليكود والمعارضة بنيامين نتنياهو فيها.
وقال بيان صادر عن ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية إن مَن سيمثل إسرائيل في مؤتمر المناخ الدولي هذا، والذي تعقده الأمم المتحدة، ومن المتوقع مشاركة عدد كبير من قادة الدول فيه، هو رئيس الدولة الإسرائيلية يتسحاق هرتسوغ.
قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي إن لبنان لا يخشى إلغاء اتفاق ترسيم الحدود البحرية بينه وبين إسرائيل.
وجاءت أقوال ميقاتي هذه تعقيباً على نتائج الانتخابات الإسرائيلية العامة التي جرت أول أمس (الثلاثاء)، وذلك في إطار تصريحات أدلى بها إلى وكالة "رويترز" للأنباء أمس (الأربعاء)، وأكد فيها ميقاتي أيضاً أن الولايات المتحدة قدمت ضمانات إلى لبنان للحيلولة دون إلغاء هذا الاتفاق.
في سياق متصل، أكد نائب رئيس مجلس النواب اللبناني إلياس بو صعب في تصريحات أدلى بها إلى وكالة فرانس برس الفرنسية للأنباء أمس، أن لبنان حصل على ضمانات أميركية بشأن استمرارية اتفاق ترسيم الحدود البحرية، حتى في حال تمكُّن رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق بنيامين نتنياهو من تأليف حكومة جديدة بعد الانتخابات.
وقال بو صعب الذي كان مكلفاً من لبنان بملف المفاوضات بشأن هذا الاتفاق: "قام لبنان ببحث هذا الموضوع خلال المفاوضات وبعد أن انتهت، وحصلنا على الضمانات الأميركية الكافية بأن هذا الاتفاق لا يُلغى بسهولة، وتأثير انسحاب أي فريق منه كبير على الدولتين. وطوال فترة المفاوضات، كنت أطرح موضوع موقف نتنياهو، وأطرح ضرورة ضمانة الاستمرارية، وكان الكلام يأتيني دائماً من الوسيط الأميركي أنه من الصعب على أي دولة أن تخرج منه."
وأضاف بو صعب: "إذا أراد نتنياهو الانسحاب منه، فانه ينسحب بذلك من اتفاق مع الولايات المتحدة، لأن الاتفاق وُقِّع بين إسرائيل والولايات المتحدة من جهة، وبين لبنان والولايات المتحدة من جهة."
وأشار بو صعب أيضاً إلى الترحيب الكبير الذي لاقاه الاتفاق من دول عدة، معتبراً أنه في حال انسحب نتنياهو من الاتفاق فإنه "سيضع نفسه في مواجهة مع المجتمع الدولي."
وأُبرم الاتفاق يوم 27 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بين لبنان والولايات المتحدة من جهة، وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة ثانية، وذلك بعد أشهر من مفاوضات مضنية، بوساطة واشنطن، وخشية من توتُّر أمني. وأتاح الاتفاق لإسرائيل البدء بإنتاج الغاز من منطقة كان متنازَعاً عليها، بينما يأمل لبنان، الغارق في أزمة اقتصادية، ببدء التنقيب قريباً.
ووصف رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالية [الانتقالية] يائير لبيد الاتفاق بأنه إنجاز سياسي، إلاّ إن نتنياهو وجّه له انتقادات لاذعة خلال الأسابيع التي سبقت الانتخابات، واعتبر أن إسرائيل بحاجة إلى قيادة مختلفة تمتلك خبرة ورئيس حكومة قوي قادر على مواجهة الضغوط ولا ينصاع للتهديدات، في إشارة إلى تهديد حزب الله لإسرائيل بالتصعيد العسكري. وأضاف نتنياهو أنه سينسحب من الاتفاق في حال عودته إلى تسلُّم منصب رئيس الحكومة بعد الانتخابات.
- الآن، بدأت مرحلة الأعذار وتبادُل الاتهامات، وهي كثيرة. زعيمة حزب العمل ميراف ميخائيلي رفضت أن تتوحد مع حركة ميرتس. بني غانتس من "المعسكر الرسمي"، نظر إلى نفسه وفكر في أنه يستطيع أن يكون رئيساً للحكومة - بدلاً من أن يبتلع كبرياءه ويخفف من أنانيته ويعود إلى حزب "يوجد مستقبل".
- غادي أيزنكوت أخطاً عندما انضم إلى غانتس، بدلاً من يائير لبيد. لبيد شفط الأصوات من حزب العمل، ومن ميرتس. الحملات الانتخابية لأحزاب الوسط واليسار كانت رمادية، تفتقر إلى الحيوية أو الإبداع. العرب يئسوا من الديمقراطية الإسرائيلية ولم يتدفقوا إلى صناديق الاقتراع. ورفض رجال الأعمال العرب أن يتوحدوا في قائمة واحدة وفضّلوا الانفصال، وفي حداش وتعل وبلد لم يكونوا قادرين على التوصل إلى اتفاق لتبادل الفائض في الأصوات.
- نتنياهو عاد إلى استخدام عنصر التحريض والشرذمة والفصل بين اليهود والإسرائيليين كما كتب ألوف بن في "هآرتس" أمس. إيتمار بن غفير يرتدي زيّ دبّ لطيف. صحيفة "يديعوت أحرونوت" تجندت إلى جانب نتنياهو لإلغاء محاكمته وإنقاذ ناشرها أرنون موزيس. في الأيام الأخيرة، نشرت الصحيفة عدة عناوين من نوع "إسرائيل أوقفت هجماتها في سورية بسبب اتفاق الغاز مع لبنان"، وقبل يوم من الانتخابات، كان عنوانها الأول "ذروة في عدد الهجمات والقتلى منذ سنة 2015"، هذه العناوين أظهرت ضُعف لبيد وحكومته.
- كل هذا صحيح، لكنه مجرد ذرائع، أو لمزيد من الدقة، تفسيرات آنية. لكن الجداول لا تكذب.
- نتنياهو - بن غفير - سموتريتش والحزبان الحريديان سيحصلان في انتخابات الكنيست الـ25 على 52 % وحتى 53% من المقاعد. الأحزاب العربية على 8%، وكتلة التغيير على أقل من 40%.
- وإذا أخذنا في الاعتبار وجود تمثيل قوي - من خلال جدعون ساعر ومتان كهانا وأفيغدور ليبرمان – لليمين التقليدي البيغيني [نسبةً إلى زعيم الليكود السابق مناحيم بيغن]، يحترم القانون، لكنه أيضاً يمين اقتصادي يؤيد الخصخصة والاقتصاد الحر، فإن تمثيل اليسار والوسط التقليديَين يصبح أقل ولا يتعدى 30% من مجموع الناخبين والجمهور عموماً.
- باختصار، اليسار والوسط هما فئة تحتضر في المجتمع الإسرائيلي. وهذا ليس فقط مسألة أرقام ومقاعد في نتائج الانتخابات، بل المقصود شيء أعمق بكثير، بدأ من خلال مسار غيّر وجه المجتمع الإسرائيلي، وهو مستمر منذ أعوام. ومن أوجه هذا التغيير القومية المتطرفة، والعنصرية، وكراهية الآخر، والمسيانية، والحنين إلى زعيم متسلط ديني، استقوائي عسكري، مؤيد للاحتلال، يستخف بالقانون ويكره القيم الليبرالية الغربية.
- منذ سنة 1992، يخوض اليسار - الوسط وكلّ مَن يمثلهما حرباً شاملة. في سنة 1992 نجح رابين في قطع الطريق على تواصُل نجاحات اليمين، وبعده فعل ذلك إيهود باراك في سنة 1999، وقبل عام ونصف العام، يائير لبيد (بمساعدة نفتالي بينت). لكن حُكم هؤلاء الثلاثة، (مع بينت) الأربعة، كان فترة توقُّف قصيرة استمرت قرابة أقل من 5 أعوام، وهو ما يعني نحو 16% من الأعوام الثلاثين الأخيرة. هذه هي الحقيقة، ويجب علينا أن ننظر إليها كما هي، لأنها لن تتغير.
- الصحوة يمكن أن تحدث فقط إذا تأثر الشعب في إسرائيل بكارثة كبيرة خارجية، تؤدي إلى إصابته بعوارض قوية، مثل حرب يوم الغفران [حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973]. وأنا لا أتمنى ذلك.
- على الرغم من الثقافة الماركسية التي تلقيتها في شبابي، ودراستي لتاريخ البلشفية ولينين، فإنني لست من أنصار وجهة النظر القائلة: كلما كان أسوأ، كلما كان أفضل. علاوةً على ذلك، سيناريو الكارثة ليس في صناديق الاقتراع.
- إسرائيل دولة قوية إلى حد أن لا إيران، ولا حزب الله، ولا "حماس"، ولا الثورة في الضفة الغربية، تقدر على إحلال مثل هذه الكارثة بإسرائيل. كلٌّ من هؤلاء مصدر إزعاج، لكنه لا يشكل تهديداً لوجود إسرائيل.
- أيضاً الاعتقاد، أو الأمل، بأن رئيس الولايات المتحدة، أو دول الاتحاد الأوروبي، سيضغطون على الحكومة الإسرائيلية لتغيير عاداتها، هو مجرد وهم.
- الآية التي تقول: " شعب يسكن وحده ولا يهتم بالأغراب" هي صحيحة الآن أكثر من أي وقت مضى. لكن ليس بمعنى أنه ليس هناك مفر سوى الاتكال على النفس، بل بمعنى أنه يوجد خيار وهو: ما يريده الشعب. الشعب يريد الانغلاق، وأن يدير ظهره للعالم الغربي والقيم الديمقراطية، ويريد قمع العرب أكثر فأكثر وضم المناطق.
- في تشرين الثاني/نوفمبر 1995، اغتال متطرف ديني يهودي قومي رئيس الحكومة يتسحاق رابين وعملية السلام. في تشرين الثاني/نوفمبر 2022، أغلبية الشعب ضاقت ذرعاً بالديمقراطية الإسرائيلية القائمة منذ 75 عاماً.
- قام بنيامين نتنياهو والليكود بإدارة حملة انتخابية مخططة، مهندَسة ومنضبطة، خلال الأشهر الماضية. أعضاء الكنيست الذين يصرخون من المقاعد الخلفية جرى اخراسهم حتى إغلاق الصناديق، التحالف مع بن غفير تمت تهدئته والمرشح لرئاسة الحكومة قدم شخصية مسؤولة، رسمية تقريباً. في كل مرة وُجِّه إلى نتنياهو السؤال عن إمكانية تمرير قوانين تُحدث تغييرات دراماتيكية بعد انتخابه، اختار إجابة غير واضحة، عن قصد.
- أمر واحد كان استثنائياً من الخط العام، ومن التصميم المحافظ لليافطات الانتخابية. كانت يافطة علّقها "الليكود" بألوان سوداء، تحت عنوان: "خلص، اكتفينا". ويظهر فيها على منصات الإعلانات في كل زاوية في البلد رئيس الحكومة المنتهية ولايته يائير لبيد، وشريكه في الائتلاف منصور عباس (الموحدة). وشكراً للفوتوشوب الذي أظهر في الصورة أيضاً كلٌّ من أيمن عودة وأحمد الطيبي (حداش - تعل)، اللذين عملياً قاما بكل ما هو ممكن لمساعدة نتنياهو على إسقاط "حكومة التغيير".
- يبدو أن ناخبي "الليكود" والصهيونية الدينية والأحزاب الحريدية التقطوا هذه الرسالة جيداً. وحتى أنها ساعدت نتنياهو على الوصول إلى النصر. فإلى جانب سياسة الهويات وصراع بقاء نتنياهو ضد النظام القضائي الذي يدّعي أنه يلاحقه، هناك عامل أساسي لعب دوراً مركزياً في حسم الانتخابات: كراهية العرب وضمان إبعادهم عن كلّ مركز قوة. نتنياهو، كما هو نتنياهو، عزف جيداً على وتر العنصرية، عبر نشر ادعاءات مبالَغ فيها عن 53 مليار شيكل حولّتها حكومة بينت – لبيد - غانتس، قائلاً "منحوها للإخوان المسلمين وحماس."
- ازداد الكره للعرب في إسرائيل والخوف منهم، في أعقاب المواجهات التي جرت داخل "المدن المختلطة" خلال حملة "حارس الأسوار" في أيار/مايو 2021 (نهاية فترة حُكم نتنياهو السابقة)، يجب أن نضيف إلى ذلك تطوُّراً آخر لم يحصل على الاهتمام الكافي في الإعلام: ازدياد "الجرائم" من المجتمع العربي، الموجهة ضد اليهود (سرقات واقتحامات زراعية، أموال حماية، ومواجهات)، وبصورة خاصة في النقب والجليل. هذه المسارات التي ازدادت خلال أيام نتنياهو، تعمقت في العام الأخير.
- الشعور العام كان فقدان السيادة والأمن الشخصي، وخصوصاً في التعامل مع العرب في إسرائيل، أكثر من الفلسطينيين في الضفة. "الليكود" يستمر في استغلال التوجهات الديموغرافية الواضحة أيضاً، واستغلال حقيقة أنه، وبعيون جمهور واسع، محافظ، متدين - قومي وحريدي، فإن مشاركة العرب في الحكم هي خط أحمر يجب الانقضاض عليه بكل قوة. وكما أشيرَ سابقاً، في الوقت الذي انشغل نتنياهو ببناء جدار معسكره، عبر اتفاقيات مسبقة، قام المعسكر المقابل بتسجيل أهداف مذهلة في مرماه، تبدأ من غرور رئيسة حزب "العمل" ميراف ميخائيلي، وصولاً إلى الخلافات الداخلية ما بين الأحزاب العربية.
- خلال الأعوام الـ15 من حُكم نتنياهو، بينها 10 أعوام متتالية، رأينا وجوهاً مختلفة لنتنياهو. وأكثر من مرة، رأينا الاختلاف ما بين اللهجة القتالية الصارمة وبين الأفعال ذاتها. تهديد أعداء إسرائيل لم يُترجَم إلى مغامرات عسكرية، والهجوم على النظام القضائي لم يُستعمل حتى اليوم لمحاولات تغيير الديمقراطية الإسرائيلية جذرياً. الظروف هذه المرة مختلفة، كما هو معروف. الحاجة (قوانين توقف المسار القضائي ضده) ستجتمع مع القدرة (حكومة يمين متطرف، التي سيفرح الأعضاء فيها بتحجيم قوة المحكمة العليا والشرطة والنيابة العامة).
- في المرات النادرة سابقاً، حين تطرّق نتنياهو إلى التغييرات القضائية المتوقعة، تحدث عن لجنة خاصة عليها أن تبحث وتوصي. يمكن التقدير، بنوع من الثقة، أن أعضاء هذه اللجنة عُيِّنوا وأهدافها حُدِّدت. النتيجة المهمة، بالنسبة إلى نتنياهو، ستكون وقف محاكمته، ولكن سيتم إدخال تعديلات قانونية عليها، يمكنها تغيير الديمقراطية الإسرائيلية من أساسها. مختصون في القضاء يتابعون الخطوات المتوقعة، ولديهم قناعة بأن الائتلاف الجديد سيستطيع استكمال هذه الخطوات خلال بضعة أشهر من دون صعوبة، باستثناء "احتجاجات بلفور" أمام مقر رئاسة الحكومة، جديدة وموسعة في الشوارع.
- لا فائدة كبيرة من صراخ "اليسار" عن نهاية الدولة. على عكس الكثير من التقديرات التي تم نشرها في الأيام الماضية، أشك كثيراً في أن يتم إغلاق صحف، ورمي المثليين عن السطوح، أو إقامة معسكرات لمعارضي النظام. ولكن، المخطط لا يقل سوءاً. لا يمكن تجاهُل الارتفاع المذهل لحزبٍ، جزء كبير منه مركّب من داعمي مئير كهانا، الذين يحملون أيديولوجيا عنصرية. هنا تلتقي معاً داخل النظام السياسي، الرؤية الأيديولوجية والتأثير الممكن في الواقع الأمني. سيشارك في الحكومة المقبلة أعضاء، بعضهم لديه ملفات كبيرة لدى الوحدة اليهودية في "الشاباك". سيكون على رئيس الجهاز رونين بار ورجاله مشاركتهم معلومات أمنية حساسة.
- سيشارك في القرارات المصيرية داخل "الكابينيت"، والتي تتعلق بخطوات عسكرية أو استخباراتية مهمة تجعل إسرائيل على عتبة الحرب، أشخاص علاقتهم بالخدمة العسكرية ضعيفة جداً، وهذا قبل الحديث عن المخاطرة بخدمة عسكرية قتالية. أغلبية ناخبي "يهدوت هتوراه" ورؤساء الأحزاب وجزء من ناخبي حركة "شاس"، لا يخدمون في الجيش بتاتاً أمّا في زعامة الصهيونية الدينية، فعدد لا بأس به منهم أمضى خدمة عسكرية غير مكتملة، أو مؤجلة، وجزء منهم رفضه الجيش بسبب آرائه المتطرفة. في الأسابيع الأخيرة برز اهتمام كبير بعد الروايات المتضاربة التي قدمها لبيد عن المسار الذي أوصله من خلاله خدمته العسكرية إلى صحيفة "بمحانيه" [صحيفة يصدرها الجيش الإسرائيلي] وبالمقارنة مع جزء من الذين خلفهم في "الكابينيت"، يكون لبيد نصف جنرال. وفي الحكومة الآخذة في التشكل يُصوّر زعماء الصهيونية الدينية كآلهة حرب.
- هذه كلها عوائق يجب على نتنياهو التعامل معها لاحقاً لكن يبدو أنها ستحظى بأولوية ثانوية في سلّم الأولويات بالنسبة إلى خططه بخصوص النظام القضائي. سيبحث نتنياهو تعيين الجنرال يوآف غالانت في منصب وزير الأمن، لكن من المتوقع أن يحتفظ لنفسه بتأثير كبير فيما يحدث في الوزارة. وفي هذه الحالة، سيكون هناك أهمية كبيرة للسؤال عن هوية رئيس مجلس الأمن القومي، ومدير عام وزارة الأمن. يمكن التقدير، بحذر، أن الموجودَيْن في المنصبين الآن، د. إيال حولاتا والجنرال في جيش الاحتياط أمير إيشل، لن يبقيا هناك وقتاً طويلاً. بين المرشحين لهذه المناصب الذين تم ذكر أسمائهم، كترجيحات حالياً، رئيس مجلس الأمن القومي السابق خلال حُكم نتنياهو، مئير بن شابات، والجنرالان في الاحتياط إيال زمير وعميكام نوركين.
- وفي الوقت نفسه، سيتولى هرتسي هليفي منصب قائد هيئة الأركان في كانون الثاني/يناير. وإلى جانبه، سيستمر في منصبه كلٌّ من رئيس جهاز "الشاباك" رونين بار ورئيس "الموساد" دافيد برنيع. تم تعيين هليفي وبار على يد الحكومة المنتهية ولايتها وحاول "الليكود" وضع عقبات أمام تعيين هليفي من قبل حكومة انتقالية.
- المعركة المتكاملة – الدعائية والعسكرية والدبلوماسية، التي شنها حزب الله، بدءاً من حزيران/يونيو، بشأن ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، كانت موجهة إلى جمهورين أساسيين: الجمهور اللبناني والجمهور الإسرائيلي. فيما يتعلق بالجمهور اللبناني، جاءت حملة حزب الله على خلفية أزمة سياسية واقتصادية حادة وانتقادات شعبية متزايدة موجهة إلى الحزب، بصفته أحد المسؤولين عن هذه الأزمة. وبرزت أصوات وسط الجمهور اللبناني تقول إن حزب الله يفضّل المصلحة الإيرانية على المصلحة اللبنانية، وهو الذي يفرض، عملياً، سياسة لبنان في موضوعات أمنية وسياسية، كما ازدادت الانتقادات الموجهة إلى احتفاظه بقوته العسكرية. في مواجهة هذه الانتقادات، كان على حزب الله تبرير استمرار تمسُّكه بترسانة سلاحه وتوطيد نفوذه السياسي في مواجهة خصومه، وأن يثبت أنه "درع لبنان".
- في مواجهة إسرائيل، أراد حزب الله تعزيز الردع من خلال إعلانه أنه لا يخاف من مواجهة معها، وأنه مستعد للقيام بعملية عسكرية ضدها. ضمن هذا الإطار، أدار الحزب المنظومة الدعائية التي يسيطر عليها من أجل أن يخلق شعوراً في إسرائيل بالإلحاح والتهديد الحاد، من خلال التشديد على قدرته على ضرب أهداف استراتيجية في أيّ مكان في إسرائيل، بما في ذلك حقل "كاريش" وما بعده.
- خاض الحزب المعركة بالأساس من خلال خطابات ومقابلات نصر الله والمسؤولين الرفيعي المستوى في الحزب في وسائل الإعلام المؤيدة له في لبنان، ومن خلال شبكات التواصل الاجتماعي. في هذه التصريحات، جرى التشديد على البعد الاستراتيجي لمسائل الغاز وأهمية حل مشكلات لبنان الاقتصادية، وجرى تظهير فكرة أن الحزب وحده قادر على استعادة حقوق لبنان في البحر المتوسط. ومن بين أمور أُخرى، جرى بثّ فيديوهات ورسوم كاريكاتورية تدل على خوف إسرائيل من قدرة الحزب على مهاجمتها في أيّ مكان من أراضيها، بما في ذلك منصة "كاريش". كما نُظّمت جولات لكبار مسؤولي الحزب على طول الحدود مع إسرائيل.
- في إطار هذه المعركة، أضاف الحزب أدوات عسكرية: ففي مناسبتين، أطلق مسيّرات غير محملة بالسلاح نحو منصة "كاريش" (في حزيران/يونيو وتموز/يوليو 2022). والهدف من إطلاق هذه المسيّرات إظهار القدرة العسكرية لحزب الله، والتوضيح أن ترسانة السلاح الدقيق التي في حوزته قادرة على ضرب إسرائيل إذا استمرت هذه الأخيرة في تجاهُل مصالح لبنان في البحر، وعموماً. وإلى جانب التهديدات اللفظية، كان الهدف من المسيّرات التأكيد أن حزب الله مستعد للتصعيد. بالإضافة إلى ذلك، توجّه أسطول رمزي من شواطىء طرابلس نحو المياه الاقتصادية الإسرائيلية، كنوع من التحدي وسط البحر، بالإضافة إلى تكثيف انتشار قوات حزب الله على طول الحدود ووضع نقاط مراقبة إضافية، والقيام باستفزازات حيال الجنود الإسرائيليين بالقرب من السياج الحدودي، واحتجاج رمزي للسياسيين اللبنانيين الذين جالوا على طول السياج ورشقوا الحجارة على الأراضي الإسرائيلية. كما نقل حزب الله رسائل تهديدية عبر قنوات دبلوماسية.
- هناك عدد من الشروط التي أثّرت في إدارة المفاوضات من جانب إسرائيل وحزب الله، وساهمت في الضغط الذي دفع إسرائيل ولبنان إلى التوصل إلى اتفاق، خدمةً لمصالحهما، ولتقليص خطر التدهور إلى مواجهة. لدى الطرفين، كان هناك ساعة سياسية تدق- في إسرائيل انتخابات الكنيست، وفي لبنان انتهاء عهد رئيس الجمهورية. علاوةً على ذلك، الموعد الذي حددته إسرائيل للبدء بالتنقيب في حقل "كاريش" شجع حزب الله على التهديد بأنه سيعرقل الخطة. بالنسبة إلى الجانب الإسرائيلي، كان هناك أهمية واضحة للضغط الذي مارسته الإدارة الأميركية للتوصل إلى اتفاق، وذلك على خلفية أزمة الطاقة العالمية والإدراك أن اتفاقاً كهذا، من شأنه أن يجعل لبنان شريكاً في استخراج الغاز، وسيمنح المنطقة استقراراً استراتيجياً، ويقدم إلى لبنان أفقاً اقتصادياً، وسيجعل من الصعب على حزب الله القيام بخطوات ضد استخراج الغاز الإسرائيلي، في ضوء الثمن الذي سيدفعه لبنان وحزب الله.
- خاض حزب الله معركته من خلال السير حتى النهاية، لأن تقدير نصر الله كان أن إسرائيل ليست معنية بالتصعيد، بل بالتوصل إلى اتفاق، فأعلن أنه مستعد للمخاطرة بمواجهة عسكرية. وفعلاً، أطلق الحزب مسيّرات غير محملة بالذخيرة، وصعّد لهجته الخطابية والكلامية، ووجّه إنذاراً، وهدد بأنه سيصعّد نشاطه العسكري، على الرغم من امتناعه من تنفيذ تهديداته. إلى جانب التهديد، كرر نصر الله تشديده على تفضيل الحل، بواسطة المفاوضات، على الحرب، وأصرّ على الإشارة إلى أنه سيحترم أيّ اتفاق مستقبلي تقرره الحكومة اللبنانية، وبهذه الطريقة، احتاط من المخاطر، وضمِن أن يكون له الفضل إذا جرى التوصل إلى اتفاق.
- من وجهة نظر حزب الله، ما جرى هو "انتصار بالتهديد بالحرب، وليس بخوض الحرب". لقد أدار استراتيجيته كحرب على الوعي مدعومة بتهديدات وبخطوات عسكرية، وتجلّت بصورة واضحة في خطابات نصر الله في 27 و29 تشرين الأول/أكتوبر. ووفقاً له، الانتصار الكبير هو" للدولة والشعب والمقاومة". والمعركة التي خاضها حزبه، الغرض منها الدفاع عن حقوق لبنان والتهديدات باستخدام السلاح والمقاومة لردع إسرائيل عن استخدام القوة ضد لبنان، انتهت باتفاق من دون أن يلتزم لبنان بالتطبيع مع إسرائيل.
- النجاح الأساسي لحزب الله هو، تحديداً، حيال الرأي العام اللبناني، فقد عزّز الحزب وطنيته اللبنانية وبأنه درع لبنان، وأنه بواسطة قوته العسكرية يساعد في تحقيق المصالح اللبنانية، وأنه ينتهج نهجاً مسؤولاً. ولقاء ذلك شكره الرئيس اللبناني ميشال عون على مساهمته في إنجاح المفاوضات. في المقابل، نجح الحزب، ظاهرياً، في المحافظة على معادلة الردع إزاء إسرائيل - أيضاً في البحر - ووطّدها.
- في مقابل ذلك، بالنسبة إلى إسرائيل، فقد جرت المحافظة على الردع المتبادل، وتهديدات حزب الله لم تتحقق، ولم تنشأ مواجهة عسكرية، ولم تحصل خسائر في الأرواح، أو أضرار في البنى التحتية. الأرباح الاقتصادية المستقبلية، وتراجُع خطر التصعيد وإمكانية نشوء بيئة أمنية هادئة حول استخراج الغاز، وزرع بذور التفاهمات السياسية والأمنية إزاء لبنان مستقبلاً، كل ذلك استقبله الجمهور الإسرائيلي بإيجابية.
- مع ذلك، الخطوات الإسرائيلية العلنية على صعيد الوعي كانت قليلة، ولم تجرِ الاستفادة منها. مثلاً، إمكانية تشويه صورة حزب الله في لبنان وخارجه، من خلال التشديد على أنه الطرف الذي يدعو إلى الحرب، ويمكن أن يتسبب بحلول كارثة في لبنان، المنهار أصلاً. بالإضافة إلى ذلك، كان يمكن إظهار الدور السلبي لحزب الله الذي يمنع وصول مساعدة اقتصادية دولية إلى لبنان. اكتفت إسرائيل بتحذيرات وزير الدفاع بني غانتس وقائد المنطقة الشمالية المستقيل أمير برعام ضد حزب الله من مغبة التسبب بحرب، وبجولة مغطاة إعلامياً لرئيس الحكومة يائير لبيد فوق منصة "كاريش".
- من المحتمل أن الرد الإسرائيلي، المحسوب اللهجة، على تهديدات حزب الله، كان جزءاً من استراتيجيا إعلامية مقصودة، هدفها تعزيز إمكانات التوصل إلى اتفاق، وإلى إنجاز اقتصادي - استراتيجي، في نظر إسرائيل - حتى لو كان الثمن تقديم حزب الله الاتفاق كإنجاز له. وفعلاً، فقد سمح هذا التوجه لحزب الله بإظهار نجاحه في المعركة على الوعي التي خلقت لدى أطراف كثيرة في لبنان، ومن مؤيدي "محور الممانعة" الإقليمي، وحتى في إسرائيل، شعوراً بأن الحزب خرج من الأزمة وكفّته راجحة.
- وفعلاً، يوجد في إسرائيل سياسيون وغيرهم ممن يتبنون وجهة النظر هذه التي قدمها حزب الله، والتي تقول إن "فرض" الاتفاق على إسرائيل هو إنجاز للحزب. وبحسب المنتقدين، من المحتمل أن تكون إسرائيل حققت نقاطاً مهمة في المعركة الحالية في مواجهة حزب الله، وأيضاً على الصعيد الإقليمي الواسع، لكنها يمكن أن تدفع ثمناً في المدى البعيد، لأن الحزب قد يستنتج أن تهديداته هي التي دفعت إسرائيل إلى الاتفاق، وبناءً على ذلك، فإن التهديدات والضغوط يمكنها أن تؤثر في إسرائيل مستقبلاً. ووفقاً لهذه النظرة، فإن إسرائيل خاطرت، لأنه بعد شعور حزب الله بالانتصار، يمكن أن يطوّر شعوراً كاذباً بفائض من القوة حيال ما يفسره بأنه ضعف إسرائيلي، الأمر الذي سيشجعه على العودة إلى التصعيد واستفزاز إسرائيل، والانزلاق إلى منحدر زلق، نهايته مواجهة عنيفة.
- مع نهاية الأزمة الحالية، التحدي الذي تواجهه إسرائيل هو كيف تمنع حزب الله من تفسير ما يعتبره ويقدمه نجاحاً للمعركة التي خاضها بأنه خضوع وضعف من جانب إسرائيل، وأنه فرض عليها سياسة مضبوطة ومحسوبة في مواجهة تهديداته. ومن أجل الوضوح الاستراتيجي، يتعين على إسرائيل جعل نصر الله يفهم أنها فضّلت نجاحاً سياسياً واقتصادياً على ردّ عسكري- حتى لو بثمن تكتيكي، منح حزب الله إنجازاً جزئياً على صعيد الوعي.
- إلى جانب ذلك، فإن التحدي الذي ينتظر إسرائيل ربما في المستقبل القريب، هو التأكد من المحافظة على مكوّن الردع في مواجهة حزب الله، في ضوء الاستفزازات والاحتكاكات المتوقعة به بشأن القضايا الحدودية التي ما زالت موضع خلاف.