مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
النتائج النهائية لانتخابات الكنيست الـ25: معسكر نتنياهو 64 مقعداً والمعسكر المناهض له 51 مقعداً
إصابة 3 من أفراد الشرطة الإسرائيلية خلال عملية طعن في البلدة القديمة من القدس
طائرات سلاح الجو تشنّ غارات على قطاع غزة ردّاً على إطلاق صاروخين في اتجاه الأراضي الإسرائيلية بعد اغتيال ناشط من الجهاد الإسلامي في جنين
الحكومة البريطانية الجديدة تؤكد أنها لا تخطط لنقل سفارتها في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس
تقرير: أحزاب المعسكر المناوئ لنتنياهو تحمّل لبيد المسؤولية عن فوز معسكر رئيس الليكود
مقالات وتحليلات
بعد 30 عاماً، وداعاً ميرتس
هزيمة اليسار الصهيوني كانت انتصار بيروس للتجمع
بنيامين نتنياهو بين سياسات الهوية اليهودية والسياسة النفعية البراغماتية
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"معاريف"، 4/11/2022
النتائج النهائية لانتخابات الكنيست الـ25: معسكر نتنياهو 64 مقعداً والمعسكر المناهض له 51 مقعداً

أظهرت النتائج النهائية لانتخابات الكنيست الإسرائيلي الـ25 التي جرت يوم الثلاثاء الماضي، والتي أعلنتها لجنة الانتخابات المركزية مساء أمس (الخميس)، أن معسكر رئيس الحكومة السابق ورئيس الليكود والمعارضة بنيامين نتنياهو حصل على 64 مقعداً، بينما بقي كلٌّ من أحزاب ميرتس وبلد [التجمع الوطني الديمقراطي] "والبيت اليهودي" تحت نسبة الحسم [3.25%].

وبحسب النتائج الحقيقية، حصل حزب الليكود على 32 مقعداً، وحصل حزب الصهيونية الدينية، برئاسة عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش الذي يضم حزب "قوة يهودية (عوتسما يهوديت)"، برئاسة عضو الكنيست إيتمار بن غفير، على 14 مقعداً، وحصل حزب شاس لليهود الحريديم [المتشددون دينياً] على 11 مقعداً، وحزب يهدوت هتوراه الحريدي على 7 مقاعد.

في المقابل، حصل المعسكر المناوئ لنتنياهو على 51 مقعداً موزعة على النحو التالي: حزب "يوجد مستقبل"، برئاسة رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالية يائير لبيد، 24 مقعداً، وتحالُف "المعسكر الرسمي" الذي يضم كلاً من حزبيْ "أزرق أبيض"، برئاسة وزير الدفاع بني غانتس، و"أمل جديد"، برئاسة وزير العدل جدعون ساعر، والرئيس السابق لهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال احتياط غادي أيزنكوت، 12 مقعداً، وحزب "إسرائيل بيتنا"، برئاسة وزير المال أفيغدور ليبرمان، 6 مقاعد، وحزب العمل، برئاسة وزيرة المواصلات ميراف ميخائيلي، 4 مقاعد، وحزب راعام [القائمة العربية الموحدة]، برئاسة عضو الكنيست منصور عباس، 5 مقاعد.

 وحصلت قائمة التحالف بين حزبيْ حداش [الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة] وتعل [الحركة العربية للتغيير] على 5 مقاعد في الكنيست.

"يديعوت أحرونوت"، 4/11/2022
إصابة 3 من أفراد الشرطة الإسرائيلية خلال عملية طعن في البلدة القديمة من القدس

قال بيان صادر عن الناطق بلسان الشرطة الإسرائيلية إن ثلاثة من أفراد الشرطة أصيبوا بجروح خلال عملية طعن وقعت صباح أمس (الخميس) في البلدة القديمة في القدس، وتم قتل منفّذها بالرصاص.

وأضاف البيان أن قوة من الشرطة الإسرائيلية رصدت منفّذ العملية وهو يتصرف بطريقة تثير الشبهات بالقرب من مدخل "باب الحديد" الموصل إلى الحرم القدسي الشريف، فقام بعض أفرادها باستجوابه، وفي أثناء ذلك، استلّ سكيناً وطعن أحد الضباط في الجزء العلوي من جسده، وأطلق شرطيان آخران النار على المنفّذ فأصاباه بجروح خطِرة، توفي لاحقاً متأثراً بها.

وتم إغلاق المنطقة، بينما أجرى قائد شرطة منطقة القدس دورون ترجمان تقييماً في مكان الحادث، وأعلن في ختامه أن جروح شرطييْن من أفراد الشرطة الثلاثة الذين أصيبوا تسببت بها نيران الشرطييْن اللذين أطلقا النار على منفّذ العملية.

وقالت مصادر فلسطينية إن منفّذ العملية هو الشاب بدر عامر (20 عاماً) من حي بيت حنينا في القدس الشرقية.

وجاءت هذه العملية في أعقاب عدة عمليات شنّها فلسطينيون ضد قوات الجيش الإسرائيلي في الأيام الأخيرة.

موقع Ynet، 4/11/2022
طائرات سلاح الجو تشنّ غارات على قطاع غزة ردّاً على إطلاق صاروخين في اتجاه الأراضي الإسرائيلية بعد اغتيال ناشط من الجهاد الإسلامي في جنين

ذكر بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أن طائرات تابعة لسلاح الجو قامت فجر اليوم (الجمعة) بشنّ غارات على مواقع تابعة لحركتيْ "حماس" والجهاد الإسلامي في شمال قطاع غزة وجنوبه ووسطه، ردّاً على إطلاق صواريخ من القطاع في اتجاه الأراضي الإسرائيلية مساء أمس (الخميس).

وأفادت مصادر فلسطينية بأن هذه الغارات الإسرائيلية أسفرت عن انقطاع التيار الكهربائي في وسط قطاع غزة. وأشارت إلى أن مضادات أرضية تابعة للفصائل الفلسطينية أطلقت نيرانها في اتجاه الطائرات الإسرائيلية في شمال القطاع.

وأكد بيان صادر عن حركة "حماس" أن هذه الغارات الإسرائيلية تُعتبر عدواناً سافراً، وتشكّل امتداداً للحرب المفتوحة على الشعب الفلسطيني.

وكان بيان سابق للناطق العسكري الإسرائيلي أعلن أن الجيش رصد إطلاق صاروخين من قطاع غزة في اتجاه الأراضي الإسرائيلية مساء أمس، وأوضح أن منظومة "القبة الحديدية" قامت باعتراض أحدهما، بينما سقط الصاروخ الآخر في منطقة مفتوحة.

وأشار البيان إلى أن هذه هي المرة الأولى منذ نحو 3 أشهر التي يتم فيها إطلاق صواريخ من قطاع غزة في اتجاه الأراضي الإسرائيلية.

ورجّحت مصادر عسكرية إسرائيلية رفيعة المستوى أن يكون إطلاق الصاروخين جاء ردّاً على قيام الجيش الإسرائيلي بعد ظهر أمس باغتيال الناشط في حركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني فاروق سلامة في مدينة جنين. وفي إثر عملية الاغتيال هذه، قالت مصادر مسؤولة في قيادة الجيش الإسرائيلي إنها تتوقع ردّة فعل من الجهاد الإسلامي.

"يسرائيل هيوم"، 4/11/2022
الحكومة البريطانية الجديدة تؤكد أنها لا تخطط لنقل سفارتها في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس

أكدت الحكومة البريطانية الجديدة برئاسة ريشي سوناك أنها لا تخطط لنقل سفارتها في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس.

وجاء تأكيد الحكومة البريطانية هذا في سياق تصريحات أدلت بها ناطقة بلسان سوناك إلى وسائل إعلام أمس (الخميس)، وقالت فيها: "لا توجد خطة لنقل السفارة البريطانية من تل أبيب إلى القدس. إننا ندعو جميع الأطراف السياسية الإسرائيلية إلى الامتناع من الخطاب التحريضي، وإلى إبداء التسامح والاحترام تجاه الأقليات. لقد نظرنا في مسألة نقل السفارة في ظل الحكومة السابقة، ويمكنني أن أؤكد أنه لا توجد خطط لنقلها."

وكانت رئيسة الحكومة البريطانية السابقة ليز تراس أعلنت في أيلول/سبتمبر الماضي إجراء مراجعة لمسألة مكان السفارة، وذلك في رسالة وجهتها إلى "منظمة أصدقاء إسرائيل" من حزب المحافظين خلال منافستها على قيادة الحزب.

وأثارت تصريحات تراس في حينه جدلاً واسعاً وردات فعل غاضبة.

ورحّب سفير السلطة الفلسطينية لدى بريطانيا حسام زملط بقرار عدم نقل سفارة المملكة المتحدة من تل أبيب.

وقال زملط في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام أمس: "نود أن نشكر حكومة المملكة المتحدة والقادة الدينيين والناشطين الذين ساعدت جهودهم في الحفاظ على التزام المملكة المتحدة بالقانون الدولي."

"هآرتس"، 4/11/2022
تقرير: أحزاب المعسكر المناوئ لنتنياهو تحمّل لبيد المسؤولية عن فوز معسكر رئيس الليكود

وجهت مصادر رفيعة المستوى في أحزاب المعسكر المناوئ لرئيس الحكومة السابق ورئيس الليكود والمعارضة بنيامين نتنياهو، والتي ألّفت الحكومة الإسرائيلية المنتهية ولايتها التي أطلقت على نفسها اسم "حكومة التغيير"، أمس (الخميس)، انتقادات حادة إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية الانتقالية ورئيس حزب "يوجد مستقبل" يائير لبيد، واتهمته بإدارة انتخابات الكنيست الـ25، التي جرت يوم الثلاثاء الماضي، بإهمال، وبحرق مئات آلاف الأصوات التي حصلت عليها أحزاب لم تتجاوز نسبة الحسم [3.25%]، كما حمّلته مسؤولية فوز أحزاب اليمين بقيادة نتنياهو في الانتخابات.

بموازاة ذلك، انتقد قياديون في حزب العمل رئيسة الحزب وزيرة المواصلات ميراف ميخائيلي وحمّلوها المسؤولية عن عدم وصول حزب ميرتس إلى الكنيست بسبب عدم تمكّنه من تجاوز نسبة الحسم، وذلك على خلفية رفضها خوض الانتخابات بقائمة واحدة للحزبين.

في المقابل، أدلت ميخائيلي بتصريحات إلى وسائل إعلام مساء أمس، حمّلت فيها لبيد المسؤولية عن فوز أحزاب اليمين وعدم تمكُّن ميرتس من اجتياز نسبة الحسم.

ومن بين الانتقادات التي وُجِّهت إلى لبيد أنه عمل في الخفاء على زيادة حجم تمثيل حزبه "يوجد مستقبل" في الكنيست على حساب حزبيْ العمل وميرتس، وهو ما أدى إلى تراجُع الحزب الأول وخسارة الحزب الثاني. وكذلك أنه ارتدع عن إدارة الأزمة لدى الأحزاب العربية [القائمة المشتركة] خوفاً من إبعاد ناخبين من معسكر الوسط– اليمين، وتسبب ذلك بإبعاد حزب بلد [التجمع الوطني الديمقراطي] من الكنيست ومنع إقامة كتلة مانعة تحول دون عودة نتنياهو إلى منصب رئيس الحكومة.

وقال قيادي في أحد أحزاب المعسكر المناوئ لنتنياهو لصحيفة "هآرتس" إنه بدلاً من أن يستخدم لبيد مفاتيح انتصار كانت بحيازته، مثل توحيد الأحزاب العربية، وحثّ ناخبي العمل وميرتس على التصويت لهذين الحزبين، بعد رفضهما التحالف، تنازل عنها، الواحد تلو الآخر، وتسبب بانهيار المعسكر الذي أدى إلى تغيير حُكم نتنياهو.

وقالت مصادر رفيعة المستوى في تحالُف "المعسكر الرسمي"، برئاسة وزير الدفاع بني غانتس، إن الأصوات التي حصل عليها معسكر الأحزاب المناوئ لنتنياهو، بما في ذلك أصوات حزبيْ ميرتس وبلد اللذين لم يتمكنا من اجتياز نسبة الحسم، كان بإمكانها أن تؤدي إلى فوز هذا المعسكر في الانتخابات.

وأضافت هذه المصادر: "لقد أدار لبيد الحملة الانتخابية من حديقة ورود، ومن المنصة، لا من الميدان. وحتى الآن، يتبين أن معسكر التغيير والأحزاب العربية حصلا على أصوات أكثر من معسكر الأحزاب المؤيدة لنتنياهو."

وردّ مصدر مسؤول في حزب "يوجد مستقبل" على هذه الاتهامات، قائلاً: "إن بني غانتس خاصم لبيد، بدلاً من نتنياهو، وفشل في الحصول على مقعدين من أحزاب اليمين، وهو المسؤول عن الخسارة. وبدلاً من التعاون مع لبيد، انشغل غانتس بنفسه بشكل مهووس. وبينما قام رئيس الحكومة لبيد بإدارة حملة إيجابية ومحترمة حيال جميع الشركاء في معسكر التغيير، ومن أجل مصلحة الدولة، قام غانتس بالثرثرة بشأن حكومة متخيّلة برئاسته. ولا شك في أن عدد المقاعد التي حصل عليها حزب غانتس تعكس رأي الجمهور العريض فيه."

وأفيدَ أمس أيضاً بأن لبيد أحبط اقتراحاً قدمه عضو الكنيست من حزب ميرتس موسي راز، يقضي بخفض نسبة الحسم من 3.25% إلى 2%، وذلك على الرغم من أن قائمتيْ "المعسكر الرسمي" وراعام [القائمة العربية الموحدة] وافقتا على الاقتراح.

 

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"هآرتس"، 4/11/2022
بعد 30 عاماً، وداعاً ميرتس
أوري مسغاف - محلل سياسي
  • في انتخابات 1992، حزب جديد خاض الانتخابات للمرة الأولى، وكان ثمرة الاتحاد المنشود لقوى اليسار الإسرائيلي. وعندما فُتحت صناديق الاقتراع، بدا كأن أبواب السماء فُتحت أيضاً. خلال أقل من عام، بدأت المفاوضات السياسية مع سورية، ومع الفلسطينيين. وأدى هذا، من بين أمور أُخرى، إلى الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل رسمي للأمة الفلسطينية، وإلى اتفاقات أوسلو والسلام مع الأردن. في المقابل، أسس ميرتس في الحكومة الجناح الاجتماعي الأساسي ليسار يحترم نفسه.
  • مرّت ثلاثون عاماً. ومن 56 مقعداً مشتركاً، بقي أربعة. كل توسلات ميرتس إلى حزب العمل بالاتحاد معه، وإلى لبيد كي لا يبتلعه، وإلى الناخبين كي يرحموه، لم تنفع. فقد شُطب الحزب من الخريطة، ومعه اليسار الصهيوني. وهذا أمر له رمزيته الكبيرة، ويبدو كأمر مطلوب... في انتخابات شهدت صعوداً غير مسبوق للكهانيين والحريديم. ولم يعد من المنطقي في كنيست يحكمه بن غفير وسموتريتش أن يبقى مكان لزهافا غالؤون ويائير غولان.
  • مع ذلك، وعلى الرغم من الإغراء، يجب ألا نذهب بعيداً في الشاعرية. منذ زمن طويل، تحول ميرتس إلى حزب صغير، ونضاله الدائم، دفاعاً عن بقائه، كان منهكاً، وأحياناً مثيراً للشفقة. وتحت إدارة قادة الحزب حاييم أورون وزهافا غالؤون، نال الحزب 3 مقاعد؛ لكن نسبة الحسم كانت أقل مما أتاح عدم شطبه. وكان التهديد الدائم للحزب ولشقيقه الأعرج حزب العمل يأتي من جانب الحزب الكبير الذي يطالب بالسلطة، كما جرى في أيام حزب كاديما وحزب أبيض أزرق. وفكرة الاتحاد بين ميرتس وحزب العمل طُرحت في الأعوام الأخيرة، لكن النتائج كانت هزيلة، مع أنها أبقت على الحزب بشق النفس.
  • هذا الأسبوع، أنتهى هذا الأمر. لو أن بضعة آلاف من الناخبين من أحزاب التكتل اقترعت لميرتس، لكانت أطالت حياة الحزب، موقتاً وبصورة مصطنعة. لقد عانى ميرتس جرّاء أزمة زعامة لم تنتهِ تقريباً منذ رحيل المؤسّسين للحزب شولاميت ألوني ويوسي سريد، لم ينجح أحد في الحلول محلهما، لا يوسي بيلين، ولا أورون اللطيف، ولا هوروفيتس، ولا تمار زاندبرغ الشابة، ولا زهافا غالؤون، سابقاً وحالياً. الرغبة في عودتها إلى الزعامة كشفت بالأساس الحنين إلى القديم الذي نعرفه والخوف من المستقبل، ومن الحاضر. وهذا يعبّر عن شعور بالهزيمة. وفعلاً الهزيمة حدثت.
  • بيْد أن المشكلات الحقيقية لميرتس تتخطى هوية الرئيس، أو الرئيسة. ولا علاقة لها بالميزة الإنسانية والمهنية لأعضاء الكنيست من الحزب على مرّ السنين. عدد كبير منهم أظهر مثابرة وقام بعمل برلماني ممتاز، حتى في الكنيست الأخير. الأمور معروفة: إسرائيل تتوجه نحو اليمين، وقاعدة الحزب الانتخابية تقدمت في السن وانكمشت. إلى جانب ذلك، يجب الإشارة إلى أنه لم يتعرض حزب في تاريخ السياسة الإسرائيلية لمثل هذا القدر من الجحود - من الجمهور الواسع، ومن جانب مؤيديه وناخبيه. والأمر ليس محصوراً بالبطاقة الانتخابية التي توضع في صندوق الاقتراع. الصعوبة الحقيقية كانت في الحياة اليومية، وفي هذا الإدمان الإسرائيلي على النقد الذاتي الذي لا ينتهي، والإحساس بالذنب، وعدم الرضا المرَضي. يكفي أن نرى ماذا جرى لميرتس منذ عام ونصف العام: استقالة هوروفيتس [من وزارة الصحة] ووزيرين آخرين، والهبوط إلى ما دون نسبة الحسم. لكن الضربة القاتلة وجّهها إلى الحزب القطب التقدمي – الطهراني، أي اليهود اليساريون الذين يتماهون مع الوطنية الفلسطينية، والذين لم يمنحوا ميرتس 100 دقيقة سماح عندما كان في الحكومة.
  • الجحود التاريخي برز من خلال وصم الحزب بأنه حزب النخبة الأشكينازية، على الرغم من التزامه الشديد بالموضوعات الاجتماعية، وبحقوق الإنسان لليهود والعرب، وفي الأعوام الأخيرة اتُّهم بالعنصرية اليسارية...
  • إسرائيل ستفتقد ميرتس. أكثر من ذلك: الكنيست سيشتاق إلى الحزب، وليس فقط إلى أعضائه. سيشتاق إلى إنسانية الحزب، وإلى يساريته غير المشروطة، وإلى سعيه للسلام والتعايش، وإلى علمانيته ودفاعه عن حقوق الفرد، وإلى عمله المتواصل، دفاعاً عن المثليين. إسرائيل من دون ميرتس، ستصبح مكاناً أكثر ظلاماً. مدينة تل أبيب صوتت للحزب بنسبة عالية، ولو حدث هذا على صعيد قُطري، لكان الحزب حصل على 12 مقعداً. من المحتمل أنه حان الوقت كي نودع حزباً يسارياً صهيونياً صاحب نيات جيدة وقدرات محدودة على التأثير في الواقع. هذه نهاية ميرتس، والقلب مكسور.

 

"هآرتس" 3/11/2022
هزيمة اليسار الصهيوني كانت انتصار بيروس للتجمع
ألوف بن - رئيس تحرير صحيفة "هآرتس"
  • الهزيمة المزدوجة. خسر في الانتخابات معسكران سياسيان، اللذان كان اللقاء بينهما جزئياً: "معسكر فقط لا لنتنياهو"، و"اليسار الصهيوني". أحزاب "لا لنتنياهو" نجحوا على مدار أربعة أعوام في تحجيم قوة بنيامين نتنياهو، منعوه من إلغاء التحقيقات ومحاكمته، وتأجيل استبدال النخب الذي كان يقوم بها، بالإضافة إلى خطوات قمع حرية التعبير السياسي. المعسكران فشلا في الانتخابات لأنهما لم يطرحا أيّ رؤية يتماسكان حولها، على عكس "معسكر اليمين"؛ ولأن قيادة رئيس الحكومة يائير لبيد لم تكن مقبولة من شركائه، على عكس المكانة التي يتمتع بها نتنياهو في المعسكر المنافس.
  • إنجازات حكومة التغيير - إدارة الدولة بهدوء؛ وقف إغلاقات الكورونا؛ تمرير الميزانية؛ تعيين المناصب الرفيعة في الأمن والقضاء - لم تكن كافية لتقليص الخلافات الأيديولوجية بين مركّباتها، والتي أدت إلى انهيارها مبكراً وانسحاب رئيس الحكومة السابق نفتالي بينت. كما أن الشركاء في الائتلاف لم ينجحوا في تخطّي الخلافات الشخصية: بني غانتس قاد حملة ضد لبيد، وعرضه كخاسر سياسي لا يستطيع تشكيل ائتلاف، كشخص يفتقر إلى التجرية أو الفهم في قضايا الأمن والجيش.
  • زعيمة "حزب العمل" ميراف ميخائيلي تجاهلت لبيد، الذي طلب منها الاتحاد مع "ميرتس"، وكذلك الأمر بالنسبة إلى رؤساء "الحركة العربية للتغيير" و"التجمع" الذين افترقوا في اللحظة الأخيرة، ولم يأخذوا لبيد بالحسبان. من الممكن أنه لو تصرّف معسكر "لا لنتنياهو فقط" بطريقة أُخرى، كان سينجح في الوصول إلى تعادُل، وأن يستمر بضعة أشهر في الحكم حتى الانتخابات السادسة. في كل الأحوال، كان سيكون موقتاً.
  • هزيمة "اليسار الصهيوني" أعمق. التهديد الذي كان واضحاً منذ بداية الانتخابات، بأن لا ينجح "ميرتس"، أو "حزب العمل"، في عبور نسبة الحسم، عكس الفهم في أن بضاعتهم لم تعد مطلوبة. وأن حملة "النجدة" التي أطلقها "ميرتس" لم تكن لعبة لجذب الناخبين، إنما اعتراف مؤلم بالواقع: لا يوجد ما يكفي من الناخبين الذين يريدون معارضة الاحتلال ويرفضون فرض التديُّن، الشعارات التقليدية لليسار الصهيوني، وأيضاً أن يكونوا جزءاً من المعسكر التقدمي العالمي في صراعه لمعالجة التغيير المناخي، وحقوق "المثليين"، والإجهاض، وقوننة القنب. جميع هذه الصراعات، المحلية والعالمية، عادلة جداً - لكن من الصعب بيعها اليوم للجمهور الإسرائيلي. مَن سيخلف ميخائيلي وزهافا غالؤون، عليه أن يبحث عن طريق جديدة لقلب الناخبات والناخبين.
  • 2 انتصار ثمنه باهظ. أخيراً، حقق داعمو التجمع حلمهم القديم بتفتيت "اليسار الصهيوني" الذي وصفوه بأنه المسؤول الأساسي عن الضرر، والقمع والعنصرية تجاه الفلسطينيين منذ أيام الانتداب البريطاني، وصولاً إلى النكبة سنة 1948، والاحتلال سنة 1967؛ وختاماً، حملات الجيش ضد "عرين الأسود" في نابلس خلال تولّي "حكومة التغيير" الحالية. مَن ادعى أن غالؤون أسوأ من إيتمار بن غفير، لأن موقفها منافق، هو على الأقل يقول الحقيقة، هم سعداء الآن بنزول "ميرتس" عن المنصة. بحسب رأيهم، لم يعد هناك أقنعة، وحقيقة الصهيونية كأبرتهايد تخرج أخيراً إلى العلن. حسناً، ماذا سيحدث منذ الآن؟ هل سيلقي ما تبقى من اليسار اليهودي بالصهيونية إلى القمامة وينضم إلى "التجمع في صراعه من أجل "دولة جميع مواطنيها"، أم سيتجه إلى الوسط وتختفي هذه الرسالة من النقاش المجتمعي في المستقبل القريب؟
  • بقراره خوض الانتخابات منفرداً وسقوطه تحت نسبة الحسم، التجمع تحرر أيضاً من المعضلة الثقيلة التي عانى جرّاءها طوال سنوات وجوده، كيف يمكن معارضة الصهيونية والدولة اليهودية، وعلى الرغم من ذلك، القيام صباحاً للعمل في الكنيست تحت صورة ثيودور هرتسل. لكن الرهان كان عالياً: هناك احتمال جيد في عدم السماح للتجمع وأعضائه بخوض انتخابات الكنيست مستقبلاً، وهذه ستكون فرصتهم الأخيرة كي يكونوا لاعبين في الساحة السياسية. والمبرر لتفكيك القائمة المشتركة - النقاش بشأن التوصية على لبيد لتأليف حكومة، أو الامتناع من التوصية- يبدو الآن كالنقاش على ترتيب المقاعد في سفينة التايتانيك.
  • مَن سيدافع عن حق التجمع في خوض الانتخابات للكنيست المقبلة؟ غانتس، جدعون ساعر، ولبيد؟ أفيغدور ليبرمان وإفرات رايتن؟ ومَن كان يعدّ النقود على الدرج، كالعادة، كان نتنياهو، الذي قرر للمرة الأولى عدم معارضة خوض التجمع للانتخابات، كي تُحرَق أصوات منافسه. حساباته كانت دقيقة جداً.
"يديعوت أحرونوت"، 4/11/2022
بنيامين نتنياهو بين سياسات الهوية اليهودية والسياسة النفعية البراغماتية
دورون متسا - مستشرق ومحاضر في كلية "إحفا"
  • التوجه الذي أظهرته نتائج الانتخابات في إسرائيل ليس استثنائياً وغير مسبوق في المشهد الإقليمي والعالمي. المقصود العودة إلى السياسة التي تعتمد على تحديد الهويات. لقد رأينا هذا منذ أكثر من سنة في الساحة الفلسطينية، وفي الحرب الروسية - الأوكرانية، وفي فوز اليمين في الانتخابات في إيطاليا، وصعود اليمين في الانتخابات الفرنسية.
  • في العقود الأخيرة، شهدنا صداماً بين "منطقين سياسيين". الأول، هو المنطق ما بعد الحداثي الجديد للسياسة النفعية التي تقدس الاقتصاد، وتعتبر تجسيداً متطرفاً للفردية؛ والثاني، هو المنطق الذي يتماهى مع سياسة الهويات في العصر الحديث التي تعطي الأولوية للجماعة القومية والانتماء الوطني والمستقبل الطوباوي.
  • المنطق الأول يعبّر عن سياسة فضفاضة ونسبية ومناورة، والثاني سياسة الحدود والوضوح. شهدت إسرائيل في العقد الماضي السياسة النفعية، لكن بصورة مختلفة، مقارنةً بالعالم: فالذي قادها كان اليمين ظاهرياً: الليكود ورئيسه بنيامين نتنياهو. وخلال فترة حكمه، انتهجت إسرائيل – في المجال الاجتماعي والاقتصادي والأمني - نهجاً وسطياً أُعطيت فيه الأولوية للفائدة على أيّ شيء آخر. وتصرُّف نتنياهو تميز بالبراغماتية وانضم إليه شركاء مريحون من وسط الخريطة السياسية، مثل تسيبي ليفني ويائير لبيد وبني غانتس، الذين حولوا الليكود إلى نوع من حزب مباي. وبالتالي، لم تنفَّذ خلال تلك الفترة خطوات يمينية، مثل ضم مناطق، أو حدوث انقلاب في المنظومة القضائية.
  • لكن هذه السياسة النفعية طُبقت تحت غطاء تصحيحي يتماهى مع سياسة الهويات، تحديداً. وهكذا قام نتنياهو بالمناورة بين المجالين وحمل الكرتين - كرة النفعية التي حددت المضمون، وكرة الهويات التي حددت الشكل. هذا الواقع خلق الانطباع بأن إسرائيل باتت مهيأة للانتقال إلى المرحلة المقبلة: تحويل السياسة النفعية إلى أيديولوجيا، أو نظرية علنية تسمح بطمس أسس الهويات.
  • هذا هو الأساس والبنية التحتية التي سمحت بقيام "التغيير"، أي حكومة بينت – لبيد وخطوات أُخرى كانت تبدو سابقاً مستحيلة، مثل انضمام حزب عربي إلى الائتلاف، والذي مع المنطق الجديد، اختار الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية. ضمن هذا السياق، يجب الإشارة إلى أن نتنياهو انتهج طوال مدة ولايته سياسة براغماتية للغاية حيال المجتمع العربي، وقاد سياسة ترمي إلى دمجه اقتصادياً، لكنه فعل ذلك من تحت الطاولة، ومن خلال إظهار نزاعه المعلن الذي عبّر عنه في عبارته المعروفة "العرب يتدفقون على صناديق الاقتراع".
  • وما الذي جرى في انتخابات هذا الأسبوع؟ كلما تسربت السياسة النفعية إلى عروق المنظومة السياسية، كلما كبرت ردة الفعل عليها. ليس نتنياهو والليكود وحدهما اللذان أدركا أن عليهما إعادة تحديد الهوية القومية – التصحيحية - مثلاً بواسطة الهجوم على حزب راعام الذي حاوره نتنياهو بنفسه وتعاون معه، أو من خلال الإشارة إلى فقدان سيطرة القانون و تفشّي العنف في المجتمع العربي (على الرغم من ظهورهما خلال ولاية نتنياهو)، أو من خلال الوقوف ضد الاتفاق النفعي الموقّع مع لبنان. أوساط واسعة في المجتمع الإسرائيلي اكتشفت أنه تحت السياسة النفعية، تآكلت هويتهم اليهودية، وطُمست هويتهم الشخصية إلى حد أنه من المحتمل أن إسرائيل تدفع ثمن ذلك من خلال عجزها عن وضع حدود في الأماكن التي تتطلب ذلك (الأمن الفردي/الجريمة وغيرها).
  • جاءت ردة الفعل على السياسة النفعية من جانب المجتمع اليهودي، وقد تجلى ذلك من خلال ظاهرة إيتمار بن غفير (الذي إلى جانب كونه ممثلاً للكهانية، فهو يجسّد الاتجاه النقيض لسياسة طمس الهويات الذي رافق السياسة النفعية). كما جاءت ردة الفعل من المجتمع العربي: بالأساس من حزب التجمع (بلد) الذي يعبّر عن تمثيل أيديولوجي واضح، والذي على الرغم من عدم تجاوزه نسبة الحسم، فإنه نال نسبة تأييد كبيرة نسبياً.
  • لا يزال المجتمع الإسرائيلي بحاجة إلى محددات للهوية، والتحدي الذي يواجهه نتنياهو سيكون في كيفية الحؤول دون التطابق الكامل بين المضمون وبين الأسلوب ويصبح كل شيء يعتمد على سياسة الهويات. هذه هي مصلحة بن غفير وسموتريتش، لكن مَن سيؤلف الحكومة، سيضطر إلى إبقاء أسس السياسة النفعية والبراغماتية كي يخلق توازناً بين نقيضين، كلٌّ منهما يخدم المجتمع الإسرائيلي على طريقته.