مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
مقتل شاب وفتى فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي في نابلس وبالقرب من جنين
الناطق بلسان وزارة الخارجية الأميركية: احتفال بن غفير بإرث منظمة "كاخ" الإرهابية مثير للاشمئزاز
بن زايد يهنئ نتنياهو بفوزه في الانتخابات ويدعوه إلى زيارة الإمارات العربية المتحدة
نتنياهو يتلقى التهاني بفوزه في الانتخابات الإسرائيلية من الرئيس التركي والمستشار الألماني ورئيسة الحكومة الإيطالية
64 عضو كنيست أوصوا أمام رئيس الدولة بتكليف نتنياهو بتأليف الحكومة الإسرائيلية المقبلة
مقالات وتحليلات
إذا عُيّن سموتريتش وزيراً للدفاع، فإن المؤسسة كلها ستدخل في حالة استيعاب
الانتخابات النصفية الأميركية قد تمنح نتنياهو مجالاً للمراوغة
خطر "الدولة الواحدة" – يهودية وفلسطينية: من السيناريو إلى الواقع
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"معاريف"، 11/11/2022
مقتل شاب وفتى فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي في نابلس وبالقرب من جنين

قال بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إن شاباً فلسطينياً قُتل برصاص القوات الإسرائيلية بعد أن حاول إلحاق أضرار بالسياج الأمني الفاصل بالقرب من قرية عنين غربي مدينة جنين مساء أول أمس (الأربعاء).

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية "وفا" أن الشاب القتيل هو رأفت عيسة (29 عاماً) من سكان قرية صانور جنوبي جنين.

يُذكر أنه حتى وقت قريب، دخل آلاف العمال الفلسطينيين إلى إسرائيل يومياً، عبر ثغرات في السياج الأمني المذكور، بحثاً عن عمل، لكن ابتداءً من وقت سابق من هذه السنة أرسل الجيش الإسرائيلي آلاف الجنود إلى عدة مناطق على طول السياج لمنع الفلسطينيين من العبور إلى إسرائيل، بعد سلسلة من الهجمات نفّذها أشخاص جرى الادعاء بأنهم استغلوا وجود ثغرات فيه. وقُتل عدد من الفلسطينيين في الأشهر الأخيرة خلال محاولتهم عبور السياج الفاصل المبني على شكل جدار أسمنتي في بعض الأماكن، ومن أسلاك شائكة، في أماكن أُخرى.

وكان بيان سابق للناطق العسكري الإسرائيلي ذكر أن فتى فلسطينياً آخر قُتل خلال مواجهات وقعت بين شبان فلسطينيين ومجموعة من المستوطنين الإسرائيليين خلال قيامها بزيارة إلى "قبر يوسف" على أطراف مدينة نابلس فجر أول أمس.

وأضاف البيان أن قوات الجيش الإسرائيلي، التي كانت تقوم بحراسة مجموعة المستوطنين، أطلقت النار على الفتى بينما كان يقوم بوضع عبوة ناسفة في المنطقة.

وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية بأن الفتى القتيل هو مهدي حشاش (15 عاماً).

ويقوم المستوطنون الإسرائيليون بزيارة إلى "قبر يوسف" باستمرار، وتثير هذه الزيارات على نحو شبه دائم مواجهات عنيفة مع الفلسطينيين عندما يدخل الجيش إلى نابلس مسبقاً لتأمين المنطقة، تمهيداً لوصول المستوطنين.

وشارك في الزيارة أول أمس ثمانية أعضاء كنيست حاليين ومقبلين، من ضمنهم أعضاء الكنيست من حزب الليكود عيديت سيلمان وبوعز بيسموت ونسيم فاتوري، وعضو الكنيست من حزب شاس يوني مشريكي، وعضوا الكنيست من "عوتسما يهوديت" ("قوة يهودية") ألموغ كوهين وليمور سون هار ميلخ، وعضو الكنيست من "الصهيونية الدينية" أوهاد طال.

"هآرتس"، 11/11/2022
الناطق بلسان وزارة الخارجية الأميركية: احتفال بن غفير بإرث منظمة "كاخ" الإرهابية مثير للاشمئزاز

قال الناطق بلسان وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس مساء أمس (الخميس) إن الاحتفال بإرث منظمة إرهابية يُعدّ أمراً مثيراً للاشمئزاز.

وجاءت أقوال برايس هذه في سياق تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام، تعقيباً على مشاركة عضو الكنيست إيتمار بن غفير، من حزب "عوتسما يهوديت"، في حفل إحياء ذكرى مقتل الحاخام مئير كهانا مؤسس حركة "كاخ" الإرهابية في وقت سابق أمس.

وأضاف برايس: "نحن قلقون بشأن استخدام إرث كهانا وخطابه من طرف ناشطين عنيفين من اليمين المتطرف. وهذا هو السبب في أن الولايات المتحدة لا تزال تعتبر منظمة كهانا منظمة إرهابية."

وشارك بن غفير بعد ظهر أمس في مراسم إحياء الذكرى الـ32 لمقتل الحاخام مئير كهانا، والتي نُظمت في القدس وتخللتها هتافات عنصرية معادية للعرب، وحُرق خلالها العلم الفلسطيني.

وألقى بن غفير كلمة في هذه المراسم، قال فيها: "لا يخفى على أحد أنني اليوم لست عضواً في حركة الحاخام كهانا ولا أؤيد طرد كل العرب ولن أقوم بتمرير قوانين لشواطئ منفصلة للعرب واليهود"، وتسببت هذه الكلمات بإطلاق أفراد من الحضور صيحات استهجان. ولكن في الوقت عينه تعهد بن غفير بالإصرار على ترحيل "الإرهابيين"، وهو مصطلح يستخدمه للإشارة إلى الفلسطينيين في المناطق [المحتلة]، وكذلك إلى ممثلي السكان العرب في الكنيست، وكل مَن يرفض التسليم بيهودية الدولة والفوقية اليهودية.

وقبل مراسم إحياء ذكرى مقتل كهانا، قال بن غفير في تغريدة نشرها في حسابه الخاص على موقع "تويتر"، إن مشاركته في هذه المناسبة تأتي تقديراً لما كان يكنّه كهانا من حبّ لإسرائيل ونضاله من أجل يهود الاتحاد السوفياتي السابق وكفاحه ضد معاداة السامية.

"يسرائيل هيوم"، 11/11/2022
بن زايد يهنئ نتنياهو بفوزه في الانتخابات ويدعوه إلى زيارة الإمارات العربية المتحدة

ذكر بيان صادر عن مكتب رئيس حزب الليكود والمعارضة بنيامين نتنياهو أن رئيس الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان اتصل هاتفياً أمس (الخميس) بنتنياهو وهنّأه بفوزه في الانتخابات العامة التي جرت يوم 1 تشرين الثاني/نوفمبر الحالي.

وكتب نتنياهو لاحقاً في تغريدة نشرها في حسابه الخاص على موقع "تويتر": "تلقيت اتصالاً هاتفياً من صديقي رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد واتفقنا خلاله على زيادة تعزيز علاقاتنا بعد اتفاق السلام التاريخي الذي توصلنا إليه معاً. ولقد دعاني الشيخ بن زايد إلى زيارة بلاده. أشكره على المحادثة وعلى العلاقة الممتازة بيننا."

وقالت مصادر مقربة من نتنياهو إنه ردّ على دعوة بن زايد، قائلاً: "لقد توصلنا إلى اتفاق سلام تاريخي بيننا، ولدينا الكثير لنحققه معاً لمصلحة البلدين والعالم كله. إنني أرغب في زيارتك قريباً وتعزيز علاقاتنا يا صديقي العزيز."

وطبّعت الإمارات علاقاتها مع إسرائيل سنة 2020، في إطار سلسلة من الاتفاقيات التي عُرفت باسم "اتفاقيات أبراهام"، والتي تمت برعاية أميركية، بين دول عربية واسرائيل. وحذت حذوها البحرين والمغرب والسودان.

"يديعوت أحرونوت"، 11/11/2022
نتنياهو يتلقى التهاني بفوزه في الانتخابات الإسرائيلية من الرئيس التركي والمستشار الألماني ورئيسة الحكومة الإيطالية

هنّأ كلٌّ من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والمستشار الألماني أولاف شولتس، ورئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني، أمس (الخميس)، رئيس الحكومة الإسرائيلية المرتقب بنيامين نتنياهو بفوزه في الانتخابات العامة.

 وذكرت بيانات منفصلة صدرت عن مكتب نتنياهو أن الرئيس التركي أردوغان بعث برسالة تهنئة إلى رئيس الحكومة المرتقب وهنأه بفوزه في الانتخابات.

ونقل البيان عن أردوغان قوله إنه يعتقد أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة ستستمر في تعزيز التعاون بين إسرائيل وتركيا في كافة المجالات، بطريقة تحقق السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط كلها.

ويأتي ذلك بعد نحو شهرين من إعلان عزم الرئيس التركي على زيارة إسرائيل بعد الانتخابات، وذلك في خطوة أخرى نحو تعزيز العلاقات الثنائية بين القدس وأنقرة، عقب إعلان الجانبين في آب/أغسطس الماضي استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما بشكل كامل وعودة السفراء والقناصل إلى البلدين.

كما أعلن بيان آخر صادر عن مكتب نتنياهو أنه تلقى اتصالاً هاتفياً من المستشار الألماني أولاف شولتس هنّأه فيه على نتائج الانتخابات. وأضاف البيان أن نتنياهو بلّغ شولتس عزمه على توسيع دائرة السلام بين إسرائيل والدول العربية، وأن ألمانيا لها دور مهم في هذه العملية التاريخية. كما أشار نتنياهو إلى أن السلاح النووي في يدي إيران يشكل خطراً حقيقياً على أمن إسرائيل، وعلى السلام العالمي.

ووفقاً للبيان، اتفق نتنياهو مع المستشار الألماني على توسيع العلاقات الاقتصادية والسياسية بين ألمانيا وإسرائيل.

وذكر بيان ثالث صادر عن مكتب نتنياهو أن رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني أجرت أمس محادثة هاتفية مع نتنياهو هنأته خلالها بفوزه في الانتخابات. وأضاف البيان أن نتنياهو تحدث معها بشأن عقد لقاء قريب بين الحكومتين ودعم إيطاليا لسياسة إسرائيل في المحافل الدولية، وبشأن تعميق العلاقات الدبلوماسية والروابط الاقتصادية بين البلدين.

"معاريف"، 11/11/2022
64 عضو كنيست أوصوا أمام رئيس الدولة بتكليف نتنياهو بتأليف الحكومة الإسرائيلية المقبلة

قال بيان صادر عن ديوان رئاسة الدولة الإسرائيلية إن رئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ استكمل أمس (الخميس) مشاوراته مع جميع الكتل البرلمانية الممثلة في الكنيست الـ25 الذي تم انتخابه يوم 1 تشرين الثاني/نوفمبر الحالي، من أجل اختيار الشخص الذي سيتم تكليفه بتأليف الحكومة الإسرائيلية المقبلة.

وأضاف البيان أنه مع انتهاء هذه المشاورات تبيّن أن 64 عضو كنيست من مجموع 120 عضواً [هم أعضاء الكنيست من حزب الليكود والأحزاب المنضوية ضمن ما يُعرف بـ"معسكر نتنياهو"] أوصوا بتكليف رئيس الليكود بنيامين نتنياهو بهذه المهمة.

وكان هرتسوغ أعلن عزمه على تسمية عضو الكنيست الذي سيكلفه بتأليف الحكومة يوم الأحد المقبل.

ومن لحظة صدور كتاب التكليف، ستكون أمام نتنياهو مهلة 28 يوماً لتأليف الحكومة، ويمكن تمديدها إلى 14 يوماً إضافية، بشرط موافقة رئيس الدولة.

 

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"هآرتس"، 11/11/2022
إذا عُيّن سموتريتش وزيراً للدفاع، فإن المؤسسة كلها ستدخل في حالة استيعاب
عاموس هرئيل - محلل عسكري
  • في ربيع 2006، فاز إيهود أولمرت وحزبه كاديما في انتخابات الكنيست الـ17. كان أولمرت قد تولّى قبل ذلك منصب نائب رئيس الحكومة لمدة 3 أشهر، بعد الجلطة الدماغية التي أصابت سلفه أريئيل شارون. وبعد الفوز الساحق على الليكود في الانتخابات، توجه رئيس الحكومة الجديد نحو تأليف حكومته. وأراد تعيين شريكه الكبير زعيم حزب العمل عمير بيرتس في البداية في وزارة المال، بناءً على طلب بيرتس. لكن حينها، هبّت عاصفة في مجال الأعمال، وضغط المسؤولون الكبار في القطاع على أولمرت من أجل عدم تعيين بيرتس في هذا المنصب الحساس، بحجة أن زعيم حزب العمل المخضرم سيخرّب إنجازات الاقتصاد الإسرائيلي، الذي خرج مؤخراً من الأزمة الاقتصادية الصعبة التي نشبت في فترة الانتفاضة الثانية.
  • أخذ أولمرت برأيهم، وأوكل إلى بيرتس حقيبة الدفاع، على الرغم من افتقاره إلى التجربة. بعد أن أنهى أسبوعه الأول في مقر هيئة الأركان العامة الكرياه، في بداية أيار/مايو، سارع بيرتس إلى دعوة الصحافيين من كتّاب الأعمدة في يوم الجمعة، كي يلخص لهم بداية عمله. على الرغم من شخصية الوزير الجديد الودودة والقريبة، فإن الخوف تسلل إلى قلوب ضيوفه. فقد بدا واضحاً أن بيرتس لا يفهم كثيراً في المجال الذي تولى مسؤوليته. أوساط رئيس الحكومة هدّأت القلقين، بالقول إن السياسة الأمنية يديرها مكتب رئيس الحكومة أولمرت، وإن دور وزير الدفاع ضئيل نسبياً في الهرمية، لذلك، لن تحدث مصيبة، ما دام يقف إلى جانبه رئيس الحكومة ورئيس الأركان دان حالوتس، الطيار الحربي الشهير وقائد سلاح الجو صاحب الخبرة الكبيرة. وكل شيء سيكون على ما يرام.
  • الكل يعرف كيف انتهى هذا الأمر. في مطلع تموز/يوليو 2006، عاد التصعيد في قطاع غزة، وكان الأول من نوعه منذ الانتهاء من عملية الانفصال عن غزة في حزيران/يونيو 2005؛ في 25 حزيران/يونيو، خُطف جلعاد شاليط. بعد مرور أسبوعين ونصف الأسبوع، خطف حزب الله جثمانيْ الجنديين في الاحتياط إلداد ريغف وإيهود غولدفاسر على الحدود الشمالية. وانزلقت إسرائيل، من دون أن تدرك، إلى حرب لبنان الثانية. طبعاً، لم يكن بيرتس المسؤول الأساسي في هذا الصيف المأساوي، فالدور الذي لعبه أولمرت وحالوتس والأداء الفاشل للجيش الإسرائيلي في أجزاء كبيرة من المعركة هو ما أدى إلى التعادل المؤسف والمحبط مع حزب الله، الخصم الذي كان، حينها، أضعف بكثير، مقارنةً بقوته اليوم.
  • ومع كل ذلك، اتضح أن المطلوب من الذي يتولى منصب وزير الدفاع القليل من الخبرة والمعرفة المسبقة، حتى لو أنه لا يأتي في قمة الهرم. بعد نهاية العام الأول، خرج بيرتس من الحكومة، وكان حالوتس غادر قبله منصبه، أما أولمرت فقد صمد عاماً ونصف العام، قبل أن تتراكم أزماته القانونية التي ستقضي على مسيرته السياسية بصورة كاملة.
  • في الأيام الأخيرة، جرى الحديث عن أن بنيامين نتنياهو يدرس تعيين بتسلئيل سموتريتش وزيراً للدفاع المقبل. وبالإضافة إلى إعطاء وزارة الأمن الداخلي للزعيم رقم واحد إيتمار بن غفير، تطالب الصهيونية الدينية إما بوزارة المال، وإما الدفاع. تتخوف الأحزاب الحريدية من أن يصبح المستوطنون مسؤولين عن صندوق الدولة (وهو ما سيغلق الطرق أمام ممثليهم). أيضاً تثور ثائرة حزب الليكود... ومن الصعب في هذه المرحلة معرفة ما إذا كان المقصود بالحديث عن تعيين سموتريتش في وزارة الدفاع هو بالون اختبار، أم احتمال حقيقي.
  • من المحتمل جداً أن يقرر نتنياهو الامتناع من ذلك، سواء أكان خوفاً من الإساءة إلى العلاقات الحساسة مع الإدارة الأميركية، أو كي لا يدير سموتريتش المناطق رغماً عن أنفه. لكن حتى لو حصل سموتريتش على حقيبة الدفاع، فإن نتنياهو سيبقى ممسكاً بمقاليد الوزارة بقوة. وهو سيكون الشخص الراشد والمسؤول، والقرارات ستُتخذ بينه وبين رؤساء الأجهزة الأمنية.
  • سموتريتش سياسي حاد محنك، ولا مجال لمقارنته ببيرتس رجل الأعمال الذي أقسم قبل أعوام بأن يحلق شاربيه إذا انضم إلى حكومة نتنياهو (وبالتأكيد قفز في أول فرصة). الذين يعرفون سموتريتش جيداً يقولون عنه إنه يمكن أن يكون وزير مواصلات جيداً. لكن بالنسبة إلى حقيبة الدفاع، إذا ما حصل عليها، فهو سيصل حاملاً أجندة محددة، يمكن التعرف عليها من خلال تصريحاته في الأسبوع الماضي.
  • لقد اختار سموتريتش استغلال الأيام الأولى، بعد الفوز في الانتخابات، من أجل شنّ هجوم هستيري ومضلل ضد الشاباك بشأن اغتيال يتسحاق رابين، وبالدعوة إلى تفكيك الإدارة المدنية في الضفة الغربية. من المحتمل أن تكون قوة نتنياهو والكراسي بمثابة تأثير مهدئ في سلوكه وسلوك رفاقه. لكن هذا لا يظهر حالياً. أما بشأن كل ما له علاقة بالقانون والقضاء، يصل زعماء الليكود بروحية قتالية. وسيكون رأس الحربة في نشاط الائتلاف المقبل القضاء - وهذا ما يريده نتنياهو لوقف، أو إبطاء الإجراءات الجنائية ضده.
  • لكن سيكون لهذه الإجراءات مفاعيل أمنية. أولاً، إقرار قانون التغلب، الذي سيسمح بمسار للالتفاف على مسائل حساسة، وسيُهمّش تدخُّل المحكمة العليا الذي كان قد أنقذ الدولة من الكثير من التعقيدات في الماضي. ومن هذه المسائل قانون شرعنة البؤر الاستيطانية غير القانونية في الضفة الغربية.
  • ثانياً؛ كل خطوة يقوم بها نتنياهو وتنال تأييد شركائه سيكون لها ثمن، وجزء كبير من المقابل الذي سيطالب به اليمين المتطرف سيكون في المناطق. الصحف تركز على بن غفير، وعلى استفزازاته المحتملة في الحرم القدسي، وظروف الأسرى الأمنيين. لكن من المفيد أن ننتبه أيضاً إلى شريكه الأكثر تشبثاً منه برأيه.
"يسرائيل هَيوم"، 9/11/2022
الانتخابات النصفية الأميركية قد تمنح نتنياهو مجالاً للمراوغة
البروفسور أبراهام بن تسفي - محلل سياسي
  • في وقت كتابة هذه السطور، هناك حقيقة واحدة تصبح أكثر وضوحاً، علماً بأنها ليست حقيقة قطعية، وهي أن الحزب الجمهوري، الذي كان حتى الآونة الأخيرة حزب أقلية، في مجلس النواب من المتوقع أن يصبح (بعد الانتخابات النصفية التي جرت منذ يومين) حزب الأكثرية في هذا المجلس ولكن بصعوبة كبيرة.
  • هذا سيؤدي إلى توسيع هامش فرصة المناورة التي ستُمنح للحزب في نشاطاته. وذلك بهدف عرقلة خطوات إدارة بايدن وتحركاتها التشريعية، ووضعها في وضعية دفاع مستمرة بسبب سيطرته على لجان مجلس النواب، بالإضافة إلى قدرته على تأخير، بل إحباط مخططات الرئيس في مجالات المناخ والبيئة والبنية التحتية والتعليم والصحة والميزانية.
  • إلا إن معركة السيطرة على مجلس الشيوخ لم تُحسم بعد، ويبدو أن الموجة الحمراء العارمة التي حذّر منها دونالد ترامب مرات ومرات لم تغمر البلاد بعد. إذا نجح الحزب الديمقراطي فعلاً في الحفاظ على الحد الأدنى من التقدم في مجلس النواب، فإن الانقلاب الذي حدث أمس في المجلس، على ما يبدو، لن يكون أكثر من "تمرد". واستمرار السيطرة الديمقراطية على مجلس الشيوخ - إذا حدث ذلك فعلاً - سيضمن على الأقل أمراً مهماً، وهو تشكيل طبيعة المحكمة العليا وصورتها لأعوام عديدة قادمة، وستتمكن الإدارة من منع تحويل المؤسسة إلى قلعة للمحافظين المتشددين، وأن تكون الإدارة قادرة على إيقاف عملية تحويل المؤسسة إلى حصن محافظ متشدد متميز، مع ما قد ينتج عن ذلك من تداعيات أيديولوجية وعلى صعيد القيم.
  • ما جرى هو "انتصار" ديمقراطي محدود جداً، فحتى هذا الإنجاز لن يمنع تجميد العملية التشريعية في مجلس النواب (في حال فاز الجمهوريون فعلاً برئاسة هذا المجلس). إلى جانب احتمالية كبيرة لشلل موقت على الأقل في نشاط الإدارة الأميركية وانزلاقها إلى حالة من الجمود واستمرار الصراعات الداخلية بين الأحزاب. هذه الصراعات ستعكس ضعفاً كبيراً على كلٍّ من الفضاءين، المحلي والدولي، وستصعّب على الولايات المتحدة قدرتها على العمل بقوة وثقة، كما ستدفع القيادة إلى اتخاذ قرارات حاسمة في وجه التحديات المحتملة.
  • ومع ذلك، فإنه من الواضح أن شعبية ترامب الكبيرة تبددت أمس في رحلته للعودة إلى البيت الأبيض. وذلك بعد أن فشل جميع مرشحيه في مجلس الشيوخ، ومن المرجح أن يُحرَم حزبه السيطرة على مجلس النواب.
  • أمّا الرئيس بايدن، فقد خرج من الانتخابات النصفية مصاباً بكدمات وعَرَج. من هنا فإن محاولات الولايات المتحدة صياغة المحيط الدولي بيد قوية وواثقة تضررت بشدة بسبب السيطرة الداخلية الضعيفة الجزئية للإدارة الأميركية والضرر الذي لحق بها.
  • الحصيلة من ذلك واضحة: حكومة نتنياهو الجديدة ستحظى الآن بحرية كبيرة في المناورة وبالحد الأقصى من الميزات الناجمة عن هذا الضعف في القيادة الأميركية. وهي ستحاول أن تعزز أكثر العلاقة مع القاعدة الجمهورية الصلبة والمتشددة الملتزمة بإسرائيل.

 

مركز دراسات الأمن القومي، 7/11/2022
خطر "الدولة الواحدة" – يهودية وفلسطينية: من السيناريو إلى الواقع
أودي ديكل ونافي شيلو - باحثان
  • انتهت الانتخابات الخامسة التي جرت في إسرائيل خلال العامين الماضيين، ومرة أُخرى - من دون مناقشة مستقبل الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، باستثناء التعامل مع "الإرهاب" الفلسطيني المتصاعد. جميع الأحداث خلال الأعوام الماضية - الفشل المستمر في الوصول إلى "اتفاق نهائي"؛ الانقسام الفلسطيني بين "فتح" و"حماس"؛ مأسسة الرواية الإسرائيلية بانعدام وجود شريك في اتفاق نهائي في الجانب الفلسطيني؛ موجات "إرهابية" وصراعات "عنيفة" - كلها أمور دفعت بالمجتمع الإسرائيلي، وكذلك متخذي القرار، إلى فقدان الثقة بالوصول إلى اتفاق شامل ينهي الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي بروح حلّ الدولتين. الحكومات الإسرائيلية غير القادرة على اتخاذ قرارات صعبة وتطبيقها وأن تبقى صامدة، تحاول شراء وقت الهدوء المستمر أطول مدة ممكنة في ساحة الصراع. لكن عدم التقدم في اتجاه حلّ، وإدمان "الطرفين" حالة إدارة الصراع يعمّقان من تعقيد الساحة، وصولاً إلى لحظة لن يكون ممكناً فيها وجود كيانين سياسيَّين في المستقبل، يهودي وفلسطيني، واضحيْن ومنفصليْن، سياسياً وجغرافياً وديموغرافياً. المعنى هو تهديد جوهر دولة إسرائيل كدولة يهودية، "ديمقراطية"، آمنة ومتطورة. يتم تحليل التهديد الكامن في هذا الواقع من خلال الاستناد إلى الوضع القائم في القدس، كنموذج لدمج المجتمعيْن اليهودي والفلسطيني في إطار واحد.

الاتجاهات الحالية

  • فقد المجتمع الإسرائيلي ثقته بالقدرة على الوصول إلى اتفاق مع الهيئات التمثيلية الرسمية الفلسطينية، إذا كانت موجودة أصلاً، ويعبّر عن لا مبالاة تجاه الوضع القائم في الميدان. المجتمع الفلسطيني أيضاً فقد ثقته بالطريق السياسية، انجرف إلى "الإرهاب" و"العنف" (في العامين الأخيرين تم تسجيل ارتفاع حاد في العمليات في الضفة والقدس)، ويعبّر عن اهتمام متصاعد بواقع "الدولة الواحدة"، مع حقوق كاملة للسكان الفلسطينيين.
  • وفي الخلفية، خلال الأعوام الماضية، برز إعجاب إسرائيلي، وبصورة خاصة في أوساط السياسيين، بفكرة "تقليص الصراع" التي تعني إدارة مستمرة للصراع تحت عتبة الحرب، صحيح أنها تتضمن تحسين ظروف حياة المجتمع الفلسطيني، لكن مع افتراض أنه سيكون من الممكن وأد الطموح القومي الفلسطيني ورغبة المجتمع الفلسطيني في حقوق مدنية كاملة. فكرة "تقليص الصراع"، كـ"السلام الاقتصادي"، هي أفكار أُخرى لكسب الوقت وتأجيل القرارات الصعبة، وفي أساسها إنزال الحِمل الفلسطيني عن ظهر دولة إسرائيل. لكن الزمن عامل مهم جداً في مسار الانجراف البطيء، غير المحسوس تقريباً، لواقع "الدولة الواحدة" بين النهر والبحر.
  • حتى الذين "يسجدون" لفكرة "تقليص الصراع" يتخوفون من تهديدين وجوديَين، وهما: 1) أن يؤدي إلى دولة واحدة ثنائية القومية؛ 2) إقامة دولة فلسطينية على أساس دولتين لشعبين، في وقت يكون فيه الاحتمال الأعلى أن تتحول هذه الدولة إلى عدوانية وتشكل نموذجاً من "الإرهاب" ضد إسرائيل. إشكالية الاحتمالين تردع متّخذي القرار في إسرائيل عن التعامل مع تحدّي الصراع.
  • لكن هناك سلسلة من القرارات التي اتخذتها الحكومات الإسرائيلية كانت من دون دراسة معمقة للإسقاطات البعيدة المدى الممكنة، والتي تدفع في اتجاه واقع دولة واحدة. وفي الوقت الذي تشكل المجموعات الداعمة للدولة الواحدة، علناً، أقلية من اليمين واليسار، فإن انعدام الأفق السياسي البديل يدفع بمسارات الانجراف. بين هذه القرارات كان إعلان بناء آلاف الوحدات "السكنية" في الضفة الغربية، أغلبيتها في مستوطنات معزولة خارج الكتل الأمنية، وتشريع "بؤر غير مصرَّح بها". هذه كلها أمور لا تساعد على تهدئة النفوس المشتعلة في أوساط الفلسطينيين، وترفع حدة التعقيدات بين المجتمعَين - اليهودي والفلسطيني- في المنطقة، وتهدف إلى إحباط أيّ إمكانية للانفصال عن الفلسطينيين. هذا بالإضافة إلى أن منح تصاريح دخول لـ120 ألف عامل فلسطيني للعمل في إسرائيل، يرفع مستوى الاعتماد الفلسطيني على إسرائيل، ويثقل من العبء الفلسطيني على كاهلها؛ هذا بالإضافة إلى 40 ألف فلسطيني يعيشون في إسرائيل من دون تصريح، مستغلين الفجوات في الجدار "الأمني" الذي تم استثمار أكثر من 20 مليار شيكل في إنشائه.

كيف سيبدو واقع "دولة واحدة ثنائية القومية" بين النهر والبحر؟

  • منذ تجديد الاستيطان اليهودي في "أرض إسرائيل"، منحت قيادات الحركة الصهيونية البعد الديموغرافي أهمية فائقة. قيادة "الييشوف" وافقت على فكرة "تقسيم الأرض" بين دولتين لشعبين، والتأكد من الحفاظ على الهوية اليهودية للدولة والأغلبية اليهودية داخل "حدود" دولة إسرائيل. اليوم، عدد اليهود تقريباً مساوٍ لعدد العرب في مساحة "أرض إسرائيل" الانتدابية - من نهر الأردن حتى البحر المتوسط (وضمنها قطاع غزة).
  • هل هناك احتمال أن يكون لشعبين متساويَين من حيث الحجم (حتى بميزان 60% لليهود و40% للفلسطينيين، من دون قطاع غزة)، يعيشان حالة صراع لأعوام طويلة، إثنية، وقومية، ودينية، ويطالبان بملكية الأرض نفسها، وبالقدس عاصمة، أن يكون لديهما القدرة على العيش سوياً؟ كي يعيش المجتمعان بهدوء، يجب أن يتحقق شرطان: مساواة مدنية كاملة، وتعاوُن كامل، وثقة بين الشعبين.
  • للوصول إلى اتفاق واسع في المجتمعَين على وضعية "دولة واحدة"، يجب أن يكون هناك اتفاق واسع على كلّ ميزة من ميزاتها السيادية المشتركة - الدستورية، والاقتصادية، والاجتماعية، والأمنية. كيف يمكن إقناع الإسرائيليين اليهود بالتنازل عن الدولة اليهودية واستبدالها بالديمقراطية- الثنائية القومية، بعد 74 عاماً من الاستقلال والحروب الدامية؟ هل سيقبل المواطنون في دولة إسرائيل أن يستوعبوا الانخفاض الملحوظ المتوقع للناتج المحلي الإجمالي للفرد (من 51500 دولار في العام إلى 34500 دولار في العام)؟ هل سيقبل المجتمع اليهودي المقارنة بين شروط "قانون العودة" مع شروط "حق العودة" للاجئين الفلسطينيين إلى "إسرائيل"؟ وفي المقابل، هل سيقبل المجتمع الإسرائيلي بالتنازل عن الشكل "الديمقراطي" للدولة، ويعيش في دولة نصف سكانها من غير اليهود، ولا يتمتعون بمواطنة كاملة؟ وهل سيقبل السكان الفلسطينيون بالحياة في هذه الظروف، حيث يتمتع جيرانهم بحقوق أكثر؟
  • استناداً إلى قراءة واعية للظروف القائمة في المجتمعين - قوة الكراهية المتبادلة؛ اللامبالاة تجاه معاناة الآخر؛ عدم وجود رغبة جدية في المصالحة والتعايش؛ طموح الفلسطينيين القديم إلى الحكم الذاتي - من الصعب عدم الوصول إلى استنتاج أن نشوء وضع يعيش فيه المجتمعان بالتوافق ليست احتمالاً، بل أمراً مستحيلاً. هذا بالإضافة إلى أن الدولة الواحدة لن تعمل كما يجب.
  • بهدف فهم واقع "الدولة الواحدة"، درسنا السيناريوهات والتحديات الممكنة في هذا الواقع. ففي أغلبية السيناريوهات، يندفع الطرفان إلى اشتباك حاد. الفلسطينيون لم يقبلوا بمقابل أولّي وطالبوا بحقوق متساوية بالكامل، وإغلاق الفجوات الاقتصادية - الاجتماعية (وضمنه المكانة الاجتماعية، والتعليم، والرفاه، وغيرها). مشاعر الظلم استمرت لديهم، وكذلك اتهام الجانب اليهودي بسوء الوضع. هذه المشاعر رفعت مستوى العنف والإجرام. من هنا، ترتفع حدة التوتر بين الشعبين، ولا تقلّ في إطار واقع يكون فيه الفلسطينيون جزءاً من الدولة الواحدة ذات الهوية اليهودية، من دون اعتراف بهويتهم القومية الفلسطينية. هذا بالإضافة إلى أنه لن يكون هناك في هذه الدولة هوية معرفة - فلسطينية أو يهودية - وهو ما سيرفع مستوى هذه المشاعر.
  • ومن المهم الإشارة إلى أن العنف اليومي المستمر بين الفلسطينيين واليهود كان السبب الأساسي وراء قرار تقسيم الأرض الرقم 181، الصادر عن الأمم المتحدة للعام 1947. مذهل كم لا تزال صالحة استخلاصات لجنة بيل التي تم نشرها في سنة 1937، والتي أشارت إلى أنه "لا يوجد أيّ احتمال للدمج، أو زرع الثقافة اليهودية والعربية... القومية العربية ثابتة، بالضبط كما اليهودية... لن يسمح أيٌّ من الأطراف القومية بدمج الطرفين في دولة واحدة." سيكون من السخرية الافتراض أن عشرات الأعوام من الصراع الدامي - الحروب، والهجمات "الإرهابية" والعمليات العسكرية؛ 55 عاماً من السيطرة العسكرية على المجتمع الفلسطيني؛ سلب الأراضي؛ الاحتجاجات الفلسطينية العنيفة و"حروب الإرهاب"؛ بالإضافة إلى عدد لا يُحصى من المواجهات - أمور كلها غيّرت هذا الاستنتاج.
  • إذا كان الأمر كذلك، فإن إقامة "دولة واحدة" لن تمنع الاحتجاج الفلسطيني "العنيف"، وكذلك الاحتجاج اليهودي الذي لن يقبل بالوضع الجديد. ولذلك هناك احتمالان: الأول، انفصال سياسي - لسلطتين سياسيتين واضحتين، جغرافية وديموغرافية؛ أما الثاني فهو منح حقوق متساوية وكاملة للفلسطينيين في الدولة الواحدة. ولكن معنى منح الفلسطينيين حقوقاً كاملة هو أنهم سيستطيعون السكن أينما أرادوا في "حدود" دولة إسرائيل، وسيكون هناك عودة جماعية للاجئين الفلسطينيين، كما سيكون لهم الحق في الانتخاب والترشّح إلى انتخابات الكنيست، وتؤلَّف الحكومة من فلسطينيين ويهود. وسيتم تشريع قوانين لمصلحة الفلسطينيين، ويمكن تغيير رموز الدولة.
  • بالنسبة إلى تقسيم الأرض: يبدو أن واقع "دولة واحدة" سيكون جيداً للمستوطنات والبؤر الإسرائيلية في الضفة الغربية، حيث يبقى سكانها في مكانهم من دون خوف من الإجلاء. لكن هذه المستوطنات أقيمت على "أراضي دولة"، وأحياناً على أراضٍ فلسطينية خاصة، وصادقت "الإدارة المدنية" والنظام القضائي الإسرائيلي على مصادرتها من أجل الاستيطان. في واقع "دولة واحدة"، ستكون "أراضي الدولة" مخصصة أيضاً لحاجات المجتمع الفلسطيني، ولن تستمر في السماح بمصادرة الأراضي الفلسطينية الخاصة لمصلحة الاستيطان اليهودي. من المتوقع أن تتوسع البلدات الفلسطينية وتحيط أيضاً بالبلدات اليهودية - وهو ما سيرفع منسوب التوتر بين المجتمعَين، وضمنه "الجريمة" و"العنف"، أكثر مما هو موجود اليوم. المراحل المقبلة ستكون لمطالب فلسطينية بإيقاف قانون "أملاك الغائبين" واستعادة الأملاك في القدس وحيفا ويافا واللد والرملة وقرى ومدن أُخرى، حيث كان يقيم المجتمع الفلسطيني قبل إقامة دولة إسرائيل.

القدس كنموذج لواقع الدولة الواحدة

  • تشكل القدس نموذجاً من نمط الحياة في واقع "الدولة الواحدة". ففي سنة 1967، قامت حكومة إسرائيل بضم شرقي القدس وتطبيق القانون الإسرائيلي عليه، وعملياً، خلقت بذلك "مدينة واحدة لشعبين". سكان القدس الشرقية معرّفون بأنهم "سكان دائمون"، يحملون الهوية الإسرائيلية ولهم الحق في التصويت في الانتخابات المحلية للبلدية، والحق في تقديم طلب الحصول على جنسية إسرائيلية، تمنحهم جواز سفر إسرائيلياً وحق التصويت للكنيست. حالياً، يقوم النظام البيروقراطي في وزارة الداخلية بتأجيل المصادقة، بقدر الإمكان، على عدد الطلبات المرتفع من سكان شرقي القدس للحصول على الجنسية. الفلسطينيون في شرقي القدس قاطعوا الانتخابات البلدية استجابةً لقرار منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة. كان هدف هذه السياسة منع الاعتراف بسيادة إسرائيل في المدينة. لكن مؤخراً، هناك مطالبات من سكان القدس بالتصويت في الانتخابات البلدية، وحتى مطالبات برفع أعداد حمَلة الجنسية. فإذا حدث هذا السيناريو فعلاً، فإن العرب في شرقي القدس سيشكلون ثلث المقاعد في المجلس البلدي، وهو ما يجعلهم لاعباً مركزياً في تشكيل سياسات القدس، وحتى هويتها. ويجب الإشارة أيضاً إلى أنه وعلى مدار الأعوام الـ55 الماضية، تقلصت الأغلبية اليهودية في القدس من 74% إلى نحو 60% فقط (تشير المعطيات إلى أن نحو 530 ألف يهودي تركوا المدينة، وجاء إليها فقط 325 ألفاً).
  • تحليل الواقع الاجتماعي - السياسي للقدس يشير إلى أن الفجوات تعمقت ما بين المجتمعين اليهودي والعربي على مدار 55 عاماً من الحكم الإسرائيلي في "المدينة الموحدة". نسبة الفقر في المدينة في سنة 2022 هي 43% من مجمل السكان، وهي أعلى بكثير من المعدل العام للفقر في إسرائيل كلها - 21%. هذا بالإضافة إلى أن نسبة الذين يقع دخلهم تحت خط الفقر في المجتمع اليهودي هي 32% - نصف نسبة الفقر في المجتمع العربي، حيث النسبة هي 61%.
  • صحيح، اعترفت دولة إسرائيل بأن الفجوات في البنى التحتية والاجتماعية والاقتصادية ما بين سكان شرقي القدس والسكان اليهود في المدينة، هي السبب وراء حالة العداء لدى سكان المدينة الفلسطينيين. ولهذا إسقاطاته على الوضع الأمني. لذلك، تم في أيار/مايو 2015 تفعيل خطة حكومية لسدّ الفجوات، تكلفتها نحو 2 مليار شيكل (القرار الحكومي رقم 3790). لكن بعد عام من تفعيل الخطة، أشار تقرير مراقب الدولة إلى أنه على المؤسسات المعنية الإسرائيلية العمل بشكل طارئ، بهدف تحسين الظروف الاجتماعية - الاقتصادية لسكان شرقي القدس، وتخصيص الموارد اللازمة لذلك.
  • هناك قضية مركزية في القدس، ستشكل أيضاً عامل توتُّر في واقع "الدولة الواحدة"، هي الصراع على الحرم القدسي الشريف - وفي مركزه المسجد الأقصى. الشبان العرب طوروا هوية ورسالة تحت عنوان "حماة الأقصى". من الصعب جداً تخيُّل وضع سيوافق فيها العرب والمسلمون على صلاة اليهود داخل الحرم ودخولهم الجماعي إليه. منطقة المسجد الأقصى ممتلئة بالوقود، ويمكنها أن تشتعل كل يوم، وبصورة خاصة في فترات أعياد الطائفتين الدينيتين.
  • القدس هي التجسيد والنموذج لنمط الحياة بين العرب واليهود في مساحة مشتركة. الاحتكاك بين المجتمعين موجود يومياً. ففي الوقت الذي يتدفق الجمهور العربي إلى المراكز الطبية، والتجارية والمشتريات في غربي المدينة، يبتعد الجمهور اليهودي عن كل الأحياء في شرقي القدس، باستثناء البلدة القديمة. ومن دون أن ننسى - أن حرية الحركة بين شرقي وغربي المدينة تشكل فجوة لكل مَن يريد الدخول وتنفيذ "عمليات إرهابية"، أو "جرائم".

إلى أين نتجه؟

  • الذين يفضلون الحفاظ على الوضع القائم - إدارة الصراع، حتى لو كان معنى ذلك الانجرار إلى واقع "دولة واحدة"، أكثر من خطوات جذرية، كالانفصال السياسي والجغرافي والديموغرافي عن الفلسطينيين- يغمضون عيونهم عن رؤية أنه لا يمكن تخطّي الكراهية المتبادلة، والتجسير بين التوترات الإثنية - القومية والدينية العميقة، كما أنه لا يمكن أن يتم إرغام الفلسطينيين على ترك طموحهم القديم إلى حكم ذاتي. ثلاثة تهديدات تتجه نحونا ونتجاهل اقترابها: نمط حياة مشترك ومتشعب بين اليهود والعرب، لا يمكن فصله؛ انغلاق الأفق السياسي، إذ لن يعود من الممكن إعادة إحياء المسار وتحقيق الإمكانات السياسية؛ وواقع "دولة واحدة" ستتحدى الرؤية الصهيونية لـ"دولة يهودية" و"ديمقراطية"، آمنة ومتطورة، مع تداعياتها على مكانة إسرائيل الدولية وحالتها الاجتماعية الاقتصادية، وكذلك أمنها - الداخلي والخارجي.
  • المجتمع في إسرائيل يتخوف من الموضوع الأمني ولا يرى أيّ بدائل من الوضع القائم. لا يشعر بتهديد آني ومحسوس في مسار الانجراف إلى واقع "الدولة الواحدة"، ولذلك، لا يقوم بتفعيل ضغط على القيادة السياسية لتغيير المسار. النظام السياسي الإسرائيلي منشغل بقضايا الساعة ولا يرى المستقبل، ويتجاهل أنه يجب بناء طريق تمنع الانجراف إلى واقع لا تريده أغلبية المجتمع الإسرائيلي. نتائج استطلاع للرأي أجراه معهد أبحاث الأمن القومي في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، تشير إلى أن قرابة 60% من الجمهور (55% منهم يعرّفون أنفسهم بأنهم من اليمين في الساحة السياسية) يعتقدون أن على دولة إسرائيل القيام بخطوات انفصالية عن الفلسطينيين، بهدف منع واقع "دولة واحدة ثنائية القومية". تبنّي طريق عكسية للانفصال عن الفلسطينيين يؤدي إلى منع الانجراف إلى واقع "الدولة الواحدة" هو تحدٍّ أساسي مطروح أمام حكومة إسرائيل - بغض النظر عن تركيبتها.