مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي إيال حولاتا إن إيران لا تُعَد مشكلة بالنسبة إلى إسرائيل فقط، بل هي مشكلة عالمية، لكنه في الوقت عينه أكد أن إيران تُعتبر التحدي الأمني الرئيسي الذي يواجه إسرائيل.
وأضاف حولاتا في سياق كلمة ألقاها أمس (الثلاثاء) أمام المؤتمر السنوي للأمن القومي والديمقراطية، المنعقد في القدس بدعوة من "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية"، أن البرنامج النووي الإيراني والنشاطات العسكرية الإيرانية في منطقة الشرق الأوسط تُعتبر من القضايا الرئيسية التي تتصدر جدول أعمال إسرائيل، بالإضافة إلى الإرهاب العالمي الذي بات ملموساً ويتجاوز حدود هذه الأخيرة.
وأشار حولاتا إلى أن مشاكل إيران أصبحت تحظى بإجماع دولي، إذ إن رئيسة المفوضية الأوروبية أجادت تعريف إيران، باعتبارها مشكلة عالمية، وذلك خلال المؤتمر الذي عُقد في البحرين في نهاية الأسبوع الماضي وتناول موضوع الأمن القومي. كما أشار إلى أن إسرائيل تشهد فترة ازدهار كبير للغاية على مدار العام ونصف العام الماضيين فيما يتعلق باندماجها في المنطقة، بدءاً من "اتفاقيات أبراهام"، مروراً بمنتدى النقب والعلاقات الطويلة الأمد والحميمة للغاية، موضحاً أن هذا الازدهار غير منحصر في الناحية الأمنية فقط، وإنما ينسحب أيضاً على الناحيتين الاقتصادية والثقافية، بما في ذلك مع الدول المحيطة.
وكان حولاتا أشار خلال ندوة سابقة بشأن الشراكات الأمنية الجديدة لإسرائيل، والتي عُقدت يوم 20 تشرين الثاني/نوفمبر الحالي، إلى أن الشراكات بين إسرائيل وحلفائها في المنطقة تهدف إلى مواجهة أزمات الغذاء والطاقة والتهديدات الأمنية المتمثلة أساساً في إيران.
وقال خلال الندوة ذاتها إن إيران ضاعفت هجماتها بواسطة وكلائها في المنطقة، وعبر هجمات السايبر، على أهداف مدنية في إسرائيل وألبانيا وغيرهما من الدول، وطالب العالم الذي يفاوض إيران في فيينا بالكفّ عن تجاهُل سياسات إيران النووية والإقليمية، متحدثاً عن قمع نظام الملالي للمحتجين الإيرانيين.
ذكر بيان صادر عن وزارة الدفاع الإسرائيلية أن وزير الدفاع بني غانتس أجرى مساء أمس (الثلاثاء) محادثة هاتفية مع وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، بحث خلالها موضوع تعزيز العلاقات بين البلدين وتقوية التعاون الثنائي في محاربة الإرهاب والعمل على تحسين الأواصر بين جميع دول منطقة الشرق الأوسط.
وأضاف البيان أن غانتس أعرب عن يقينه من استمرار توطيد العلاقات الأمنية بين البلدين في ظل الحكومة الإسرائيلية المقبلة، وبدوره، أكد أكار أهمية تطوير العلاقات على أساس المصالح الثنائية والاحترام المتبادل.
قال وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس رئيس تحالُف "المعسكر الرسمي" إن الاتفاقيات الائتلافية التي يعتزم حزب الليكود توقيعها مع حزبيْ اليمين المتطرف "الصهيونية الدينية" و"عوتسما يهوديت" ["قوة يهودية"]، من شأنها أن تؤدي إلى تصعيد الأوضاع الأمنية.
وأضاف غانتس في سياق كلمة ألقاها الليلة قبل الماضية أمام المؤتمر السنوي للأمن القومي والديمقراطية، المنعقد في القدس بدعوة من "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية"، أن نقل المسؤولية عن وحدة حرس الحدود في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] إلى مسؤولية المرشح لتولّي منصب وزير الأمن القومي، رئيس "عوتسما يهوديت" إيتمار بن غفير، وإخضاع "الإدارة المدنية" التابعة للجيش الإسرائيلي لوزارة المال التي يُتوقع أن يتولاها رئيس "الصهيونية الدينية" بتسلئيل سموتريتش، من شأنها أن تساعد أعداء إسرائيل، وأن تشكل خطراً على الجنود الإسرائيليين في المحاكم الدولية، لأن كثيرين سيرون أن ذلك هو بمثابة بداية فرض سيادة إسرائيلية في الضفة.
وقال غانتس: "يبدو من المفاوضات الائتلافية الحالية أنهم لا يرتكبون فقط أخطاء ذات دلالة سياسية خطِرة، وإنما أيضاً أخطاء ستؤدي إلى مسّ جوهري بالأمن، وقد تكلف حياة بشر. إن الدوس على المستوى المهني وسحب صلاحيات منه والالتفاف على رئيس هيئة الأركان العامة والقائد العام للشرطة وصفة أكيدة لاستهداف الأمن وكبار الضباط."
ووصف غانتس مطالبة بن غفير بنقل المسؤولية عن شرطة حرس الحدود في الضفة الغربية إلى مسؤوليته، بأنها نابعة من عدم فهم في أحسن الأحوال، ومن نية إقامة ميليشيات لبن غفير في أسوئها. وأكد أن اتفاقيات كهذه قد تؤدي في نهاية الأمر إلى وقف التنسيق الأمني مع الفلسطينيين، ودعا رئيس الليكود بنيامين نتنياهو إلى الامتناع من خطوات كهذه، التي وصفها بأنها عمل عدائي عسكري وسلطوي. وأعرب غانتس عن خشيته من مسّ قيم الجيش الإسرائيلي بسبب دعوة بن غفير واليمين المتطرف إلى تسهيل تعليمات إطلاق النار على الفلسطينيين. وقال إن هذه الدعوة صادرة عن سياسيين لم يوجدوا دقيقة واحدة في ميدان القتال، ولا توجد لديهم أدنى خبرة في الموضوع.
وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية المنتهية ولايته يائير لبيد ألقى كلمة في المؤتمر نفسه قال فيها إن نتنياهو يعتزم تحديد هوية المدعي العام في محاكمته وهوية القضاة الذين سينظرون في طلب الاستئناف الذي سيقدمه، كما أن نتنياهو يؤيد سنّ قانون يمنع تقديم لوائح اتهام ضد رئيس حكومة، لكونه رئيس الحكومة الذي تم تقديم لوائح اتهام ضده، ووصف ذلك بأنه عمل جنائي.
وأضاف لبيد: "إننا مصرون على مكافحة ذلك. نحن هنا، ليس فقط من أجل دفع الضرائب وإرسال أولادنا إلى الجيش."
كشف تقرير جديد صدر عن مراقب الدولة الإسرائيلية متنياهو إنغلمان أول أمس (الإثنين) أن نسبة عالية من الفتيات الإسرائيليات يتعرضن للتحرش الجنسي، أو الاعتداء الجنسي، في أثناء قيامهن بأداء الخدمة الوطنية الإلزامية في شرطة إسرائيل وحرس الحدود ومصلحة السجون.
وذكر مكتب مراقب الدولة أن إعداد التقرير جرى في إثر حادثة سجن جلبواع سنة 2018، والتي اتُّهم فيها كبار ضباط السجن بتقديم حارسات في السجن لأسرى أمنيين.
وأشار التقرير إلى أنه عندما يتم التبليغ بشأن هذه المضايقات لا تتم معالجتها بشكل كاف، أو لا يتم التعامل معها على الإطلاق.
وأظهرت النتائج المركزية للتقرير أن 25% من المجندات اللاتي يؤدين خدمتهن الإلزامية، التي تبدأ عادة في سنّ 18 عاماً، تعرّضن لسوء سلوك جنسي.
وقال مراقب الدولة: "يبدو أن حادثة جلبواع هي غيض من فيض، إذ تتعرض المجندات لمضايقات جنسية من طرف سجناء أمنيين، ومن طرف موظفين يستغلون ضعف المجندات. إن الحالة التي تتعرض فيها واحدة من كل 4 مجندات يؤدين الخدمة الوطنية في الشرطة ومصلحة السجون للاعتداء الجنسي هي أمر غير مقبول. ولا يمكننا أن نغفر حقيقة أن 70% من الشكاوى لم يتم التعامل معها بالشكل المناسب."
ووفقاً للتقرير، فإن الرقم الأعلى للمضايقات الجنسية هو في مصلحة السجون، حيث أفادت 38% من المجندات بتعرُّضهن للتحرش أو الإساءة، مقارنةً بـ27% في حرس الحدود و22% في شرطة إسرائيل. وفي نحو 70% من إجمالي الحالات، كان الجاني عضواً غير مجند في إحدى القوات، إما من السجناء أو من الموظفين المدنيين.
كما أظهر التقرير أنه من بين المجندات اللاتي بلّغن عن تعرُّضهن لتحرش جنسي، قال نحو 70% إنه لم يتم التعامل مع شكواهن على الإطلاق، أو لم يتم التعامل معها بشكل كاف.
واستند تقرير مراقب الدولة بشأن الانتهاكات في قوات الأمن الثلاث هذه، والتي تخضع جميعها لسلطة وزارة الأمن الداخلي، إلى 7 زيارات قام بها مسؤولون من مكتب مراقب الدولة إلى السجون التي تأوي أسرى أمنيين، وإلى محادثات أجريت مع 150 مجندة في تلك المرافق. بالإضافة إلى ذلك، أرسل مكتب مراقب الدولة استبياناً عبر الإنترنت إلى 13.000 مجند في الأجهزة الثلاث، أجاب عنه 1275 مجنداً ومجندة. ومن بين 644 امرأة أجبنَ عن الاستبيان، قالت 161 امرأة، أي واحدة من كل أربع نساء، أنهن تعرّضن للتحرش الجنسي، أو ما هو أسوأ من ذلك، خلال فترة خدمتهن التي تستمر 24 شهراً.
وقال مراقب الدولة إنه سيتعين على وزير الأمن الداخلي المقبل اتخاذ إجراءات فورية لمعالجة المشكلة.
وقالت قيادة شرطة إسرائيل، والتي تشرف أيضاً على شرطة حرس الحدود، رداً على التقرير، إنها تنظر إلى التحرش الجنسي بجدية، لكنها أصرت على أن جميع الشكاوى المتعلقة بمثل هذا التحرش يتم فحصها بدقة ومعالجتها بشكل مناسب.
وقالت مصلحة السجون الإسرائيلية إنها اتخذت خطوات من أجل التصدي للتحرش والانتهاك الجنسيين، بما في ذلك فتح خط ساخن لحارسات السجون وحملة تنظيمية تشارك بشكل فعال في الدعوة الداخلية والمستمرة لخلق بيئة عمل وقائية. ومع ذلك، أضافت مصلحة السجون أنه ليس هناك شك في أن نتائج تقرير مراقب الدولة هذا تُظهر أن أمامها المزيد من العمل.
- أصداء التفجيرات في القدس في الأول من أمس تدفعنا إلى التفكير في احتمال اندلاع انتفاضة ثالثة، وبحكم تجربتنا، التفكير في ظروف اندلاع الانتفاضات السابقة.
- سببان كانا وراء اندلاع الانتفاضة الأولى في سنة 1987: الأول، نشوء جيل فلسطيني جديد في الضفة الغربية لم يعرف صدمة حرب الأيام الستة، حرب حزيران/يونيو 1967، ولا يخاف من إسرائيل. والسبب الثاني مظاهر الضعف التي أظهرتها إسرائيل، وفي طليعتها الفشل الاستراتيجي المتمثل في صفقة جبريل في سنة 1985، والتي في إطارها، أطلقت إسرائيل سراح 1150 "إرهابياً" من الأخطر في العالم، والذين انتقلوا فوراً إلى شوارع الضفة الغربية. أيضاً نجاح "مخرّب" منفرد من لبنان في قتل 6 جنود إسرائيليين، ساهم في تآكل الردع. لكن نظراً إلى أن المنطقة كانت خالية آنذاك تماماً من السلاح، اكتفى الفلسطينيون برشق الحجارة، وبإضراب المحال التجارية وأعمال الشغب.
- لكن المؤسسة الأمنية ترددت في استخدام القمع العنيف للتمرد، وتركت آلاف المتعاونين معها تحت رحمة مثيري الشغب، ولم تطرد المحرضين والمنظمين. حدث هذا كله بإيحاء من رؤساء المؤسسة الأمنية آنذاك، المؤلفة من أشخاص يساريين: رئيس الشاباك يعقوب بيري، ورئيس الإدارة المدنية إفرايم سنيه، ورئيس الأركان دان شومرون، وقائد المنطقة الوسطى عميرام متسناع، ووزير الدفاع يتسحاق رابين. وبتشجيع كبير من اليسار السياسي ووسائل الإعلام والأكاديميين، الكل تماهى مع السردية الفلسطينية للمنتفضين، بصورة أو بأُخرى، وهو ما أدى إلى منع أيّ ردات فعل، كأنهم قصدوا أن يخسروا. هذا الإخفاق هو الذي أدى إلى الفشل الاستراتيجي المتمثل في اتفاقات أوسلو، التي بدورها أدت إلى الانتفاضة الثانية التي كلّفت قرابة 1700 قتيل إسرائيلي.
- جرى إخماد الانتفاضة الثانية بواسطة عملية "السور الواقي"، وبعد أن بلغ عدد القتلى خلال شهر واحد 130 قتيلاً. في آذار/مارس 2002، احتل الجيش الإسرائيلي مجدداً المنطقة أ، ودمّر البنية التحتية "للإرهاب"، ورمم البنى التحتية الاستخباراتية، وحقق التهدئة مدة عامين.
......
- وها نحن اليوم في سنة 2022، 20 عاماً مرت، وبرز جيل جديد لم يعرف صدمة "السور الواقي"، ومرة أُخرى، أظهرت مؤسستنا الأمنية ضعفها. في آب/أغسطس من العام الماضي توقفت، لأسباب سياسية، وأيضاً بسبب التبدل في السلطة، معظم الاعتقالات في أماكن، مثل مخيم اللاجئين في جنين، وفي القصبة في نابلس. وأدى هذا الإهمال إلى انفجار العنف في آذار/مارس 2022، وإلى الهجمات في تل أبيب وبني براك وإلعاد وغيرها، والتي نفّذها مهاجمون جاؤوا من هذه المناطق...
- الاغتيالات التي لحقت ببعض قادة "عرين الأسود" في نابلس، كانت خطوة صحيحة، لكنها توقفت في ذروتها من أجل "تعزيز" "فتح" ونقل الصلاحيات إليها. الضعف في شمال الضفة أدى إلى انزلاق العنف جنوباً إلى القدس والخليل. في شمال الضفة، تقيم إيران و"الجهاد الإسلامي" التابع لرعايتها " "كتائب" تتضمن قرابة 1000 مسلح. ويوجد مثل هؤلاء في جنين، وفي طوباس وبلاطة وطولكرم.
- الدرس المرير من الماضي يفرض أن تكون معالجة موجة الهجمات الجديدة حازمة وسريعة. يجب القضاء على هذه الكتائب في شمال الضفة قبل أن تتحول إلى جيش "إرهابي" خارج عن السيطرة. ويجب على المؤسسة الأمنية العودة إلى استخدام أسلوب عملها في غزة في الأعوام الماضية: وضع قوائم بالمطلوبين والقضاء عليهم.
- هذا سيكون اختباراً للحكومة الجديدة: فهل سيكون لديها الشجاعة كي تتحرك وتقف في مواجهة الأميركيين، والأهم، هل ستتمكن من التغلب على المؤسسة الأمنية الإسرائيلية المدمنة على التعاون مع "فتح"؟
- لا أعلم ما إذا كان توسيع صلاحيات وزير الأمن القومي بشأن الشرطة ستُطبَّق. لقد أخبرني أردان أنه عندما كان وزيراً للأمن الداخلي طلب من نتنياهو تغيير عمل الشرطة، لكنه لم يتغير، لكن من المهم شرح معنى ذلك للجمهور مسبقاً.
- إن تدخُّل السياسة يوجه ضربة قوية إلى جوهر الديمقراطية الإسرائيلية، وإلى شرعية الشرطة. وفي الواقع، في الأعوام الأخيرة اقتنعت بأن الجمهور تعب من النقاش في الديمقراطية. وليس هناك أسوأ من بقاء الشرطة مدة عامين من دون مفوض عام لها، ومع ذلك، لم تظهر أي بادرة في هذا الصدد. كان هناك بعض "المجانين" مثلي الذين تحدثوا عن الموضوع على المنابر المهنية، وبصورة أقل في وسائل الإعلام. لم أسمع صوتاً يصرخ، ولم أشعر بضغط جماهيري حقيقي، ولا حتى عندما قام السياسيون "بالسمسرة" في التعيينات، كما لو كانت عملة مفاوضات سياسية.
- علاوة على ذلك، من خلال لقاءاتي أساتذة ومشرفين، اكتشفت الجهل الكبير فيما يتعلق بمسألة مَن يتبع المفوض العام للشرطة. الإجابات كانت محرجة. فالأغلبية الساحقة لا تميز بين تبعية رئيس الأركان لوزير الدفاع، ورئيسيْ الشاباك والموساد لرئيس الحكومة، واستقلالية المفوض العام للشرطة (الخاضع للقانون منذ لحظة تعيينه).
- وحتى عندما تجاوز الوزير أمير أوحانا الحدود وفرض تعيينات في الشرطة-بينها تعيين أشخاص لا يستوفون المعايير المهنية-ساد الصمت. الآن، عندما يخبرنا الوزير المعيّن، بفخر، عن "موكب" الضباط الذين يقومون بزيارته، فإنه، عملياً، يخبرنا عن الضرر العميق الذي لحق بالشرطة في الأعوام الأخيرة.
- هناك تفسير لعدم مبالاة الجمهور. قالوا لنا إن المشكلة المركزية هي الأمن الشخصي، ومن أجل معالجتها، المطلوب "فرض سلطة الدولة". وطبعاً هذه مرتبطة بقدرة نواب الأمة على السيطرة على "الموظفين".
- الأمر الذي لم يقولوه لنا هو كيف تضرر الأمن الشخصي والقومي. لقد حدث ذلك بسبب المسّ باستقلالية عمل الشرطة. لم يخبرونا ماذا جرى لأرقام الجريمة منذ ذلك الحين؛ ولم يقولوا لنا كيف وافقت حكومة نتنياهو، من أجل تحقيق "سلطة الدولة"، على ميزانية سنة 2019 في بداية سنة 2018، ومن أجل تمويلها، جرى اقتطاع مئات الملايين من خطة تعميق سلطة الدولة في المجتمع العربي عندما كانت الخطة في ذروتها. وبهذه الطريقة، الحكومة لم تقلص فقط ميزانية سنة 2018، بل ألغت قرار الحكومة بشأن خطة السنوات الست خلال الفترة القادمة. لم يتحدثوا عن تقليص عدد عناصر الشرطة في المراكز والنقاط التي جرى إنشاؤها في السلطات المحلية العربية، وعن تدمير الجهاز التكنولوجي للشرطة وغيره.
- لقد كانت أحداث "حارس الأسوار" نتيجة مباشرة لهذا الإهمال. وبسبب نشاط الشرطة، وُضِع الجناح الشمالي للحركة الإسلامية خارج القانون، وهو ما أضعفه بصورة دراماتيكية، وأضعف بصورة خاصة تأثيره في القدس والحرم القدسي. والإهمال هو الذي سمح له برفع رأسه وتعزيز تعاونه ونشاطه مع منظمات الجريمة.
- عمل الشرطة ليس علماً إسرائيلياً خالصاً. وعمل الشرطة في مجتمع منقسم وفيه أقليات كثيرة، لم يُنزَل في توراة إسرائيل. نأمل من الوزير المقبل أن يقرّب منه خبراء في مجال علم الجريمة، وأن يفهم أن عمل الشرطة يفرض تعاوناً وثيقاً مع عناصر حفظ الأمن، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بالأقليات. أيُّ مقاربة أُخرى ستعمّق الضرر بالأمن الشخصي، الأمر الذي سيؤدي إلى التصعيد... إذا كان الأمن الشخصي مهماً، من المؤسف أن نكتشف ذلك فقط ونحن على حافة الفوضى.
- الجنود يحبون إيتمار بن غفير. حتى أن جدعون ليفي يدّعي أن اثنين من كل عشرة جنود صوتوا له، وهم بذلك صوتوا لنهجه أيضاً. وبسبب هذه الظاهرة وظواهر العنف التي تصدر عن الجنود عموماً، التي كان آخرها اعتداء جندي في الخليل على ناشط يساري، يمكن تبنّي وجهة النظر السائدة لدى اليسار الصهيوني، التي تصنف الجنود بصورة نمطية، بهدف تصويرهم كداعمين للكهانية، كما يطرح ليفي نفسه. وجهات نظر أكثر محافظة تلقي التهمة على وسائل التواصل الاجتماعي، كما فعل الجيش بعد قضية الجندي إليئور آزاريا. وهناك من يرى في الجيش انعكاساً للمجتمع الإسرائيلي، بحسب وجهة نظر المعهد الإسرائيلي للديمقراطية.
- هذه المواقف تتجاهل الاتجاهات العميقة داخل الجيش. فكما ادّعيت بعد العاصفة التي جرت في أعقاب موت الجندي بارئيل شموئيلي على حدود غزة خلال شهر آب/أغسطس 2021، هناك احتجاجات في الجيش تقوم بها الفئات المهمشة اجتماعياً وثقافياً. هم يرسلون أبناءهم إلى الجيش ويشعرون بالإحباط من الخدمة التي تبدو أنها لا تنال التقدير: أعمال شرطة قذرة لا تمنح مَن يقوم بها أي تقدير، ولا تبني أسطورة البطولة، ولا تحقق أي إنجازات كبيرة، إنما هدفها فقط الحفاظ على الوضع القائم. لذلك، تحتج هذه الفئات ضد قواعد الثقافة العامة للجيش الرسمي، وهذا ما جرى التعبير عنه في قضية دافيد هنخلافي [الذي تم تصويره في مواجهة مع فلسطيني] وأزاريا وشموئيلي.
- كل هجوم هو فشل يُلصق اليمين التهمة بالجيش وقياداته السياسية، لكن في الوقت نفسه، يتم التعامل مع كل هجوم على أنه فشل للجنود. الجنود بدورهم، والكثيرون منهم من الفئات المهمشة، يرون كيف تُفتح الطريق أمام أبناء الطبقات الميسورة اقتصادياً للوحدات التكنولوجية، التي تحولت إلى رمز جيش التكنولوجيا العالية الدقة، الذي طوّره رئيس هيئة الأركان الحالي أفيف كوخافي. وهم يلتقون ممثلي هذه المجموعات كـ"نشطاء يسار"، يراقبون عملهم.
- يتم تسريح هؤلاء الجنود إلى سوق عمل قاس، من دون أن يراكموا معرفة مهنية ذات قيمة خلال خدمتهم العسكرية-خدمة تفرض عليهم المواجهة من أجل شروط ملائمة. وهم يتهمون السياسيين بتعريض حياتهم للخطر من خلال أوامر تكبل أيديهم في قواعد فتح النار، حتى لو كانت هذه القواعد متساهلة. كما أن التغطية الإعلامية الواسعة التي ترافق سقوط كل جندي خلال العمليات توضح من أين أتى هؤلاء: أغلبيتهم العظمى ليست من الفئات العلمانية الميسورة. وهكذا يتم صوغ هويتهم التي تثور ضد ثقافة الجيش.
- ثم جاء بن غفير، شرقي ومتدين، يشبه الكثيرين من الجنود. لأول مرة، يرون سياسياً يتفهم أزمتهم، ويطالب بالدفاع عنهم أمام السياسيين الذين "يتركونهم وحدهم"، ويمنحهم حصانة، حتى لو أخطأوا. بن غفير يعاملهم على أنهم أبطال مخصيين، يمنعهم السياسيون من الانتصار. يتكلم معهم بلغتهم، وليس باللغة المعقدة الاستعلائية التي يتحدث فيها ضباطهم، لغة النخب الرسمية.
- بن غفير يطلق على عمل الشرطة التي يقوم بها أصحاب الياقات الزرقاء-الطبقات المهمشة، اسم "مهمة قومية"، وهي بعيدة كل البعد عن بقايا لغة "معارضة الاحتلال" التي يتحدث بها اليسار الصهيوني، أو على الأقل مطالباته باحتلال أخلاقي على حساب الجنود. وفجأة، يرى الجنود أن مهمتهم لها معنى، ويرفعون رؤوسهم. استعمال العنف لم يعد يتناقض مع "قيَم الجيش"، إنما بات يعبّر عمّا يرمز إليه الجيش. إدانة الجنود ومحاولات نزع الشرعية عن بن غفير وحزبه ستعمّق شعور هؤلاء الجنود بالاغتراب.
لا يوجد دواء سحري، باستثناء إيقاف ما تقوم به الدولة منذ تأسيسها: وضع الطبقات المهمشة في المجتمع في مواجهة الفلسطينيين في الضفة، أو المواطنين الإسرائيليين. تنمية العدوانية التي كانت ضرورية، بهدف تنمية الروح القتالية بعد حرب 1948، تتحول، تدريجياً، إلى وحش ينتفض على صاحبه، لدرجة الخوف من تغيير نظام الحكم.