مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
ذكرت أوساط من الجيش في ختام تحقيق أولّي أجراه بعد حادثة إصابة الفتاة الفلسطينية جنى مجدي زكرانة (16 عاماً) بالرصاص في أثناء وجودها على سطح منزلها، أن يكون أحد مقاتلي حرس الحدود قد أطلق النار عليها عن طريق الخطأ. وذكر الجيش أن هناك شكوكاً في أن تكون الفتاة ساعدت المسلحين الذين أطلقوا النار على عناصر الجيش الإسرائيلي الذين دخلوا إلى جنين لاعتقال مطلوبين، وأنها كانت تقف بالقرب من المسلحين على أحد أسطح البنايات، لذلك اشتُبه، عن طريق الخطأ، في أنها أحد المسلحين.
وذكر الناطق بلسان الجيش أن الحديث عن إطلاق قوات الجيش الإسرائيلي النار على أبرياء هو أمر عار من الصحة، ولا أساس له، وأضاف: "الجيش الإسرائيلي وقادته يعتذرون عن أيّ أذى قد يصيب أبرياء، حتى هؤلاء الذين يتواجدون بالقرب من مناطق تشهد قتالاً وتبادُل إطلاق نار، وبالقرب من مخرّبين. وستواصل قوات الأمن عملها للتصدي لأيّ عملية إرهابية في أيّ مكان عندما يُطلب منها ذلك، وستحافظ على عدم المسّ بالأبرياء."
وتابع الناطق بلسان الجيش: "خلال العملية، تأكدت إصابتنا لمسلحيْن اثنين، وربما شوهدت الفتاة واعتُبرت من المسلحين، عن طريق الخطأ، ومع الأسف قُتلت. المقاتل الذي أطلق النار هو قناص وحصل على وسام مؤخراً. ويمكننا أن نتساءل ماذا كانت تفعل الفتاة هناك."
وعبّر وزير الدفاع بني غانتس عن أسفه لمقتل الفتاة، وقال إنه خلال عملية كانت تقوم بها القوات الأمنية في جنين، تعرضت لإطلاق نار كثيف، وألقى المسلحون عبوات وزجاجات مشتعلة عليها. وأضاف: ردّ الجنود على مصادر إطلاق النار، دفاعاً عن أنفسهم، وأن حادثة مقتل الفتاة هي موضع تحقيق. وتابع: "بعكس الذين يجلسون على المحاور مع السلاح، ومع حجارة وزجاجات مشتعلة، وينتظرون فرصة لقتل شابات وشبان إسرائيليين ونساء وكهول وأطفال - فإن جنود الجيش الإسرائيلي لا يطلقون النار في اتجاه الأبرياء عن قصد. وسيواصل الجيش تصدّيه للإرهاب في كل مكان وزمان، ومن خلال التقيد بتعليمات فتح النار، نحن ندعم القادة والجنود دعماً كاملاً لمواصلة القيام بمهماتهم بمهنية وحزم."
كما تطرّق رئيس الحكومة يائير لبيد إلى الحادثة، معرباً عن أسفه لمقتل الفتاة، وشدد على أن التحقيق الذي نشره الجيش هو تحقيق أولّي، وأن القوى الأمنية ستواصل التحقيق في الحادثة.
من جهة أُخرى، توجه رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية إلى الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة فيرجينيا غامبا، التي تقوم حالياً بزيارة إلى إسرائيل، وطلب منها إدخال إسرائيل ضمن القائمة السوداء للدول التي تقتل الأطفال. واعتبر رئيس الحكومة الفلسطينية مقتل الفتاة جنى جريمة تُضاف إلى الجرائم البشعة لقتل الأولاد التي يرتكبها جنود الاحتلال. ومن المنتظر أن تلتقي غامبا خلال زيارتها عائلات أولاد فلسطينيين قُتلوا في المناطق. كما ستلتقي مسؤولين في وزارة الخارجية والجيش والشرطة، بمن فيهم رئيس أركان الجيش أفيف كوخافي.
وتأتي زيارة غامبا إلى إسرائيل بعد التحذير الذي وجهته إليها بأنها إذا لم تغيّر طريقة تعامُلها مع الأولاد الفلسطينيين، فإنها تفكر في إدخالها إلى القائمة السوداء في السنة المقبلة. ولقد تقرر أن تتعامل إسرائيل مع الموضوع بمنتهى الجدية، وتنظر إلى هذه الزيارة بكثير من الاهتمام، وهي تريد إقناع المبعوثة الأممية بأن إسرائيل تتصرف وفق القانون الدولي، ولا مجال لإدخالها إلى القائمة.
وتأتي هذه الزيارة على خلفية الاتهامات من جانب الفلسطينيين بأن إسرائيل قتلت العديد من الأطفال والشبان خلال عملية كاسر الموج الأخيرة، وهو ما يبرر إدخالها إلى القائمة السوداء.
قال الناطق بلسان وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن إن الولايات المتحدة تدعو إلى تحمُّل المسؤولية عن مقتل الفتاة الفلسطينية جنى زكرانة التي قُتلت على سطح منزلها في جنين، ووصف الحادثة بـ"المأساوية". وعندما سُئل الناطق تيد برايس عمّا إذا كان مَن نفّذ الجريمة يجب أن يتحمل المسؤولية، أجاب بأن سماع خبر مقتل مواطنة في عملية كان يقوم بها الجيش الإسرائيلي أمر محزن جداً. وأعرب عن قلقه حيال تدهور الوضع الأمني في الضفة الغربية وازدياد حوادث إطلاق النار وموت فلسطينيين وإسرائيليين، بينهم العديد من الأولاد.
انتخب الكنيست هذا الصباح عضو الكنيست ياريف ليفين (الليكود) رئيساً موقتاً له، بعد حصوله على 64 صوتاً. وكان قد ترشح للمنصب زعيم حداش أيمن عودة الذي حصل على خمسة أصوات، كما ترشحت للمنصب ميراف بن آري، من حزب يوجد مستقبل، التي حصلت على 45 صوتاً.
وقال ليفين بعد انتخابه إنه يأمل بأن يكمل الكنيست الـ25 ولايته، وأن تقوم قريباً حكومة مستقرة في إسرائيل. كما شدد على ضرورة تعزيز دور الكنيست كسلطة تشريعية.
ردّ زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو في كلمة له أمام الكنيست اليوم على الانتقادات التي وُجهت إليه بعد المطالب التي طرحها ممثلو حزب يهدوت هتوراه في المفاوضات الائتلافية، موضحاً: "سنواصل المحافظة على الوضع القائم، ولن نكون دولة هالاخاه. وسنحافظ على نهج اليمين الليبرالي." كما تطرّق نتنياهو إلى مطالب يهدوت هتوراه بقطع الكهرباء في أيام السبت، والفصل بين الجنسين في شواطىء السباحة، فقال: "ستبقى الكهرباء في أيام السبت، وستبقى شواطىء السباحة."
وتجدر الإشارة إلى أنه من بين الطلبات التي تقدم بها حزب يهدوت هتوراه في المفاوضات الائتلافية، تقديم تخفيضات في المواصلات العامة للحريديم، وإلغاء حفلات التخرج في الثانويات، وحظر إدخال الخميرة إلى المستشفيات في أيام الفصح، وقطع الكهرباء في أيام السبت.
ضمن هذا السياق، توجّه رئيس الحكومة يائير لبيد في كلمة له في الكنيست إلى حزب يهدوت هتوراه، قائلاً: "لست مستعداً لإعطائكم ملكية الديانة اليهودية، فهي ليست ملكاً لكم. وأنتم لستم يهوداً أكثر منا... إذا اعتقدتم أننا سنسكت عن ذلك، فإنكم فعلاً جننتم. لن نسمح لكم بتدمير ديمقراطيتنا." ووصف لبيد الاتفاق الذي جرى التوصل اليه بين الليكود ويهدوت هتوراه بأنه "اتفاق خنوع مشين"، وكتب على حسابه على تويتر أن بنيامين نتنياهو "ضعيف ويقودنا نحو دولة الهالاخاه، ويبيع ديمقراطيتنا من أجل مصالحه الشخصية."
- في نهاية الأسبوع الماضي نشر الناطق بلسان مجلس الأمن القومي الأميركي تفاصيل مقلقة تتعلق بالتعاون الأمني الذي يزداد توطداً بين روسيا وإيران. الأرقام التي قدمها جون كيربي لشبكة بي بي سي البريطانية وشبكة أن بي سي الأميركية بشأن ما سمّاه مسؤولون رفيعو المستوى في الكونغرس "التعاون الدفاعي الكامل" بين إيران وروسيا، تثير مخاوف المعسكر الغربي - الديمقراطي كله، وبالأساس إسرائيل.
- وفي الواقع، إن ما يجري هو منعطف في نظام القوى العالمي. لقد انضمت إيران إلى المعسكر المعادي للغرب، والمؤلف من أعضاء كبار، بينهم الصين وروسيا، وهي تستفيد من ذلك. وتقوم روسيا والصين بمساعدتها على بيع نفطها وتحقيق أرباح عبر الالتفاف على العقوبات الأميركية، كما تعطل روسيا أي قرار ضد إيران في الأمم المتحدة. لكن هذا ليس سوى جزء صغير.
- يقدّرون في الغرب وإسرائيل، بمعقولية كبيرة، أن روسيا ستساعد إيران في المستقبل على الحصول وعلى إنتاج قدرات لجمع معلومات استخباراتية من الفضاء، ومن الأرض. مثلاً من خلال إطلاق أقمار إيرانية اصطناعية، تجسّسية وللتصوير، بواسطة صواريخ روسية الصنع. أيضاً تتخوف مصادر استخباراتية غربية مؤخراً من أن يأمر بوتين، اليائس بسبب الهزائم العسكرية لجيشه في أوكرانيا والخائف على بقائه السياسي، علماءه بمساعدة البرنامج النووي العسكري الإيراني. في مواجهة هؤلاء الذين يطرحون مثل هذه الإمكانية، يوجد خبراء يدّعون أنه لا يمكن لأيّ روسي عاقل قبول دولة إسلامية نووية متطرفة على الحدود الجنوبية لـ"روسيا الأم". علاوة على ذلك، ما الذي سيحدث لو سقط النظام الحالي في إيران وحلّ محله نظام موالٍ للغرب؟
- في هذه الأثناء، المشكلة المباشرة للغرب وإسرائيل، والناجمة عن الحلف الروسي - الإيراني الذي يتوطد بسرعة، هي التعاون في مجال الأبحاث والتطوير والإنتاج الصناعي. ما من شك لدى أحد أنه، عاجلاً أم آجلاً، ليس الأوكرانيون وحدهم مَن سيتعرفون على المنتوجات الدقيقة والفتاكة للتعاون التكنولوجي – العسكري بين إيران وروسيا، بل نحن أيضاً وسائر دول الشرق الأوسط؛ ومستقبلاً أيضاً ربما دول الناتو. ومن الممكن التقدير منذ الآن، بثقة، أن السلاح المطور الذي ستُنتجه إيران بالتعاون مع الروس ستزود به وكلاءها في لبنان واليمن والعراق وفنزويلا.
- يدّعي الأوكرانيون أنهم يُسقطون 10 من كل 15 مسيّرة هجومية من إنتاج إيراني، ومن المعلومات التي تصل إلى الغرب، يمكن معرفة أن الروس ليسوا راضين تماماً عن النوعية التكنولوجية للمسيّرات التي تزودهم بها طهران. لكن عملياً، الزبائن في روسيا راضون: فهم ينجحون، بواسطة المسيّرات الإيرانية الانتحارية، في حرمان المواطنين الأوكرانيين من الحصول على الكهرباء، ويدركون أن التعاون مع الإيرانيين يمكن أن يقدم لهم حلاً سريعاً لإحدى أكبر العقبات التي يواجهونها في الحرب في أوكرانيا – النقص الكبير في السلاح الدقيق، وعجز الصناعة العسكرية الروسية عن تجاوُز هذه المشكلة بقواها الذاتية.
- هذا هو السبب الذي دفع بروسيا إلى الطلب من إيران الحصول على رخصة لإنتاج المسيّرات الإيرانية في أراضيها، الإيرانيون أعطوها الرخصة من دون تردد، ليس فقط بسبب المقابل المادي، بل أيضاً لأن للمهندسين والعلماء الروس قدرة كبيرة على تحسين مدى ودقة المسيّرات الإيرانية وقدرتها التدميرية (بحسب التقارير، هي تقليد للمسيّرات الإسرائيلية من طراز "هاربي"). ويمكن جداً التقدير أن التحسينات التي سيقوم بها الروس ستنتقل إلى الإيرانيين. وستكون النتيجة النهائية مسيّرات وصواريخ محسّنة من كل الأنواع، ومتوفرة لدى حزب الله في لبنان والميليشيات الشيعية في العراق وسورية واليمن.
- لكن التعاون لا يتوقف عند هذا الحد. في استطاعة روسيا مساعدة إيران في مجال المسيّرات، وأيضاً في مجال الصواريخ، من خلال تزويدها بمكونات تكنولوجية حساسة، من الصعب على إيران شراؤها من الغرب بسبب العقوبات المفروضة عليها. كما في استطاعة الروس جعل المسيّرات الإيرانية أكثر تحصيناً ضد التشويش وأكثر دقة، باستخدام شبكة الأقمار الصناعية الروسية "غلوناس"، بالإضافة إلى شبكة الأقمار الصناعية الغربية GPS التي يستخدمها الإيرانيون اليوم.
- هذا ينطبق على الصواريخ والقذائف القصيرة والمتوسطة المدى التي تعهد الإيرانيون، على ما يبدو، تزويد سورية بالمئات منها. ليس من المعقول أن يطلب الروس من الإيرانيين الإذن لإنتاج صواريخ من طراز "فاتح 110"، أو "ذو الفقار"، التي تنتجها إيران في معامل الصناعة العسكرية الروسية. لكنهم يستخدمون هذه الصواريخ في أوكرانيا ويتشاركون مع الإيرانيين في الدروس التي تعلموها - وهؤلاء سيحسّنون دقة وفتك هذه الصواريخ.
هل السلاح الغربي الذي استولت عليه
روسيا سيمرّ بـ"هندسة عكسية"؟
- هذا لا ينطبق فقط على العتاد الجوي، بل أيضاً على السلاح البري، مثل الصواريخ المضادة للدبابات وقذائف المدفعية الدقيقة. من المعروف أن الروس استولوا على صواريخ "جافلين" ضد الدبابات التي زوّد الأميركيون أوكرانيا بها، ونقلوها إلى إيران. وتُعتبر صواريخ الكتف هذه الأكثر تقدماً في العالم. وهي تسمح بمهاجمة الدبابات من فوق وضرب برج الدبابة، وهو الأكثر عرضة للإصابة فيها. هذه التكنولوجيا سمحت للمقاتلين الأوكرانيين بالعمل بصورة منفردة، أو عبر طواقم صغيرة، لتدمير دبابات ومدرعات الجيش الروسي. الصواريخ الروسية المضادة للدبابات الأكثر تطوراً ليس لديها هذه القدرة على الإصابة من الأعلى.
- الآن، في إمكان الإيرانيين تطوير صواريخ الناتو من طراز "جافلين"، بواسطة الهندسة العكسية، ووضعُها في استخدام حزب الله في لبنان والجهاد الإسلامي و"حماس" في قطاع غزة، عاجلاً أم آجلاً. لدى قوات الجيش الإسرائيلي وسائل دفاعية جديدة ضد الصواريخ المضادة للدبابات– مثل منظومة "السترة الواقية" و"القبضة الحديدية" اللتين تمنحان دفاعاً فعالاً جيداً للدبابات والمدرعات وناقلات الجنود وغيرها. لكن حصول الجيوش "الإرهابية" في الشمال والجنوب على صواريخ مشابهة، عملانياً، لصواريخ "جافلين" ضد الدبابات، يشكل تحدياً بالنسبة إلينا.
- ثمة مجال جديد بدأت روسيا بمساعدة الإيرانيين فيه، هو إعادة بناء القوات الجوية الإيرانية. فبسبب العقوبات الأميركية والدولية، لا يستطيع سلاح الجو الإيراني شراء سلاح جديد، وهو مضطر إلى استخدام طائرات حربية وطوافات أميركية وروسية قديمة تعود إلى السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي. ولذا، فهو لا يشكل تهديداً أو عقبة في مواجهة سلاح جو عصري يمكنه مهاجمة أهداف إيرانية جواً عندما يشاء....
- الحلف الإيراني - الروسي يمكن أن يثمر تهديداً خطِراً لإسرائيل. ومع غرق الجيش الروسي في الوحل الأوكراني، والخوف على بقائه السياسي، يصبح بوتين اليائس أكثر اعتماداً على الإيرانيين، ونتيجة ذلك، فإنه يمكن أن يطلب من إسرائيل الحد من هجماتها الوقائية التي تقوم بها ضمن إطار المعركة بين الحروب ضد تمركُز الإيرانيين ووكلائهم، وضد "برنامج الصواريخ الدقيقة" الإيراني في سورية.
......
- مع كل السيئات والمخاطر التي ينطوي عليها الحلف الروسي - الإيراني بالنسبة إلى إسرائيل، فإنه أيضاً يمنح إسرائيل بعض الحسنات: أولاً - الحلف غير المقدس بين طهران وموسكو، الذي ساعد الروس على تجميد المواطنين الأوكرانيين من البرد، دفع بأغلبية الدول التي تنتمي إلى الغرب الديمقراطي إلى الإدراك أن إيران هي تهديد حقيقي وملموس وخطر على السلام العالمي، ولا تشكل فقط تهديداً للاستقرار في الشرق الأوسط، ولوجود إسرائيل. كل هذا بينما القدرات العسكرية الإيرانية هي قدرات تقليدية، ويمكن أن نقدّر ماذا سيجري عندما تحصل إيران على سلاح نووي.
- في جميع الأحوال، يتعين على إسرائيل أن تتابع على الدوام، وعن قرب، ما يجري على المحور الروسي - الإيراني، وأن تستعد، سياسياً ودبلوماسياً وعسكرياً، لمواجهة تطورات غير مرغوب فيها، وأيضاً استغلال الفرص عندما تسنح.
- الإنجازات المهمة لمنتخب المغرب في المونديال، وتأهُّله إلى نصف النهائي، وضعت المغرب في العناوين الرئيسية. بين ليلة وضحاها، تحول المنتخب إلى الممثل الرسمي للعالم العربي في صراعه على الكأس الدولية. أما في إسرائيل، فالشعور بالخذلان بسبب تضامُن لاعبي المغرب مع الفلسطينيين، لم يعكر فرحة مشجعي المنتخب.
- لم يمر أكثر من عامين على تجديد العلاقات ما بين الدولتين، ويبدو أنه لم تحدث قطيعة أصلاً. ففي الوقت الذي يعيش العالم صراعاً على النظام العالمي إلى جانب أزمات اقتصادية في العالم، تستطيع إسرائيل والمغرب طرح حلول تساعد على التعامل مع تحديات العصر. هذه الحلول يمكنها أن تعكس نقاط القوة النسبية لكلٍّ من الدولتين، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الشراكة بينهما. اليوم، أكثر من أي وقت مضى، حان الوقت لنقل العلاقات إلى درجة جديدة ما بين القدس والرباط.
- الاتفاق التاريخي كان بوساطة إدارة ترامب، وجزءاً من "اتفاقيات أبراهام". وفي إطارها، تحول المغرب خلال أشهر معدودة، إلى الدولة العربية الرابعة التي لديها علاقات مع دولة إسرائيل. البيان الثلاثي غيّر الخريطة وصنع مرحلة جديدة بين الدولتين. قبلها بـ20 عاماً، خلال سنة 2000، قطع المغرب علاقاته بإسرائيل في أعقاب الانتفاضة الثانية. لكن العلاقات العميقة كانت جزءاً لا يتجزأ من إرث الشعبين.
جالية صغيرة، وتقاليد قديمة
- تاريخ الشعب اليهودي في المغرب عميق، ويمتد على مدار أكثر من ألف عام. التقديرات تشير إلى أن اليهود الأوائل وصلوا إلى المغرب بعد خراب الهيكل الثاني. ولأجيال عديدة، استقبل المغرب الكثيرين من حكماء يهود إسبانيا والمحيط، وتحول هو نفسه إلى معقل لليهودية، على الرغم من الملاحقات الدينية والأزمات الصعبة التي مرّ بها اليهود. فمدينة السويرة مثلاً، سجلت حالة استثنائية في العالم المسلم، إذ كانت المدينة الوحيدة التي توجد فيها أغلبية يهودية.
- لأجيال عديدة، هاجر اليهود من المغرب إلى إسرائيل. المهاجرون من المغرب شاركوا في تجديد الييشوف اليهودي في القرن التاسع عشر وتطوير مدن عديدة، بينها يافا وحيفا وطبرية والقدس. وخلال السنوات الأولى من "تأسيس الدولة" هاجرت إليها أغلبية يهود المغرب، وبقيت في المغرب جالية يهودية صغيرة، معظمها يسكن في كازابلانكا وقلة منها في مراكش. ما زالت الجالية تحافظ على التقاليد، وبتشجيع ودعم من ملك المغرب، هناك مبادرات دائمة لترميم القبور والأحياء اليهودية (الملاح)، حيث يسكن اليهود.
- ومع تجديد العلاقات في إطار "اتفاقيات أبراهام"، تم فتح خطوط طيران مباشرة ما بين تل أبيب وكازابلانكا ومراكش. وتحول المغرب إلى أكثر الوجهات شعبيةً للإسرائيليين. تم توقيع العديد من الاتفاقيات بين الوزارات الحكومية، والمؤسسات الأكاديمية، والشركات والمنظمات في الدولتين. شعور الشراكة والرضى عن تجديد العلاقات لا يميز فقط القيادات، بل يبرز جيداً في الشارع المغربي، وفي التعامل مع الإسرائيليين.
طغيان التفاؤل
- الآن، بعد عامين على تجديد العلاقات، وبعد أن وُضعت الأساسات، حان الوقت لاستنفاد الإمكانات الكامنة الكثيرة في التعاون بين الدولتين. المغرب وإسرائيل يشكلان بوابتين للبحر المتوسط من الشرق والغرب. إسرائيل والمغرب والسودان يستطيعون التعاون لإيجاد حلول لأزمة الغذاء العالمية، التي باتت أصعب بعد الحرب في أوكرانيا. لدى السودان مثلاً الأراضي الخصبة المطلوبة لتحويلها إلى مصدّرة للقمح، لكن تنقصها المعرفة والأدوات المطلوبة.
- لدى إسرائيل والمغرب القدرة على سدّ هذه الفجوة. فبإمكانهما نقل المعرفة الإسرائيلية في مجال التكنولوجيا الزراعية إلى أفريقيا، والفوسفات من المغرب، وصناعة التغيير من أجل مصلحة شعوب المنطقة. هذا بالإضافة إلى أنه في أعقاب أزمة الطاقة العالمية والعقوبات المفروضة على استيراد الغاز الروسي، يمكن للتعاون الإقليمي أن يمنح حلولاً بديلة. مشاريع كخط الغاز الطبيعي بين نيجيريا والمغرب، وخط غاز من إسرائيل إلى أوروبا، إلى جانب خط النفط من الخليج إلى أوروبا، ستكون ضرورية أكثر من أي وقت مضى. وهو ما من شأنه خلق فرص عمل في الدولتين، بالإضافة إلى مدخول يساعد الاقتصاد.
- إلى جانب التعاون الحكومي والفرص الاقتصادية، من الضروري تعميق العلاقات بين المواطنين. المغرب صادق مؤخراً على مسار تسهيل الدخول للإسرائيليين عبر الفيزا الإلكترونية، وعلى إسرائيل تبنّي سياسة مشابهة، بهدف تشجيع السياحة المغربية في إسرائيل. في نهاية المطاف، على إسرائيل الاعتراف رسمياً بسيادة المغرب على الصحراء الغربية. هذه الخطوة مطلوبة، بعد أن قامت بها دول كثيرة، بينها الولايات المتحدة. القيادة في المغرب تتوقع هذا أيضاً.
- من جانب إسرائيل، فبالإضافة إلى ما ستقدمه هذه الخطوة لتطوير العلاقات مع الغرب، فإنها ستُضعف في الوقت نفسه جبهة البوليساريو، المدعومة من إيران وحزب الله. وفي نظرة إلى إنجازات العامين الماضيين، القلب يكبر والتفاؤل يطغى. هذه بداية صداقة مذهلة. فرص كثيرة موجودة أمامنا للتطور، وتحويل السلام مع المغرب إلى نموذج يحتذى بالنسبة إلى كل دول المنطقة.