مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
وفد سوداني رفيع المستوى سيصل هذا الأسبوع إلى إسرائيل لمناقشة سبل الدفع قدماً باتفاق سلام
نتنياهو يرد على تحذيرات مدير السي آي إي من مغبة نشوب انتفاضة ثالثة: "لا يوجد بديل من سيطرتنا الأمنية على الميدان"
جدعون ساعر: هذه الحكومة لا يهمها سوى شيء واحد هو تحطيم مؤسسات الدولة
بن غفير يسرّع إجراءات حصول المواطنين على رخص لحمل السلاح
مقالات وتحليلات
سحب الأموال هو بمثابة تصويت على نزع الثقة من الحكومة
المساعدات لتركيا - واجب إنساني أكثر مما هو فرصة سياسية
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"يديعوت أحرونوت"، 8/2/2023
وفد سوداني رفيع المستوى سيصل هذا الأسبوع إلى إسرائيل لمناقشة سبل الدفع قدماً باتفاق سلام

من المتوقع أن يقوم وفد يمثل الحكومة السودانية بزيارة إسرائيل هذا الأسبوع. يأتي ذلك بعد الزيارة التي قام بها وزير الخارجية إيلي كوهين إلى الخرطوم، حيث التقى رئيس المجلس السيادي الموقت الجنرال عبد الفتاح البرهان، ووزير الخارجية السوداني ومسؤولين كباراً آخرين. وسيُجري الوفد محادثات ونقاشات تتعلق بتفاصيل اتفاق السلام الجارية بلورته، وبكيفية الدفع قدماً بالعلاقات بين الدولتين. وسيترأس الوفد السوداني جنرال بمرتبة وزير.

وكان كوهين عرض في الخرطوم مسودة اتفاق السلام بين إسرائيل والسودان، وأعلن لدى عودته أنه يتوقع توقيع الاتفاق هذا العام. ومن المنتظر أن يتم التوقيع بعد انتقال السلطة في السودان إلى حكومة مدنية سيجري تأليفها ضمن إطار العملية الانتقالية الجارية في البلد منذ عدة أعوام، منذ إطاحة رئيس السودان عمر البشير في سنة 2019. إذا جرى توقيع الاتفاق، فسيكون السودان الدولة العربية الرابعة التي تطبّع علاقاتها مع إسرائيل في إطار "اتفاقات أبراهام"، بعد الإمارات والبحرين والمغرب.

يقع السودان في موقع استراتيجي على ساحل البحر الأحمر، وهو الدولة الأفريقية الثالثة من حيث الحجم (1.8 مليون كيلومتر مربع)، ويبلغ عدد سكانه قرابة الـ 47 مليون نسمة. ولقد قاتل السودان في الماضي إلى جانب العرب ضد إسرائيل في حرب 1948، وفي حرب الأيام الستة [حرب حزيران/يونيو 1967]، كما ساهم في تهريب السلاح إلى "حماس".

في سنة 1967، بعد شهرين على حرب الأيام الستة، استضاف السودان مؤتمراً في عاصمته الخرطوم، شارك فيه زعماء 8 دول عربية، وفي ختامه صدرت اللاءات الثلاث: لا للاعتراف بإسرائيل، لا للمفاوضات مع إسرائيل، لا للسلام مع إسرائيل. إقامة السودان علاقات مع إسرائيل ستُنهي 75 عاماً من العداء.

خلال المحادثات التي أجراها الوزير كوهين في السودان، طُرحت فكرة مساعدة إسرائيل للسودان في مجالات مدنية مختلفة، بينها الأمن والغذاء وإدارة الموارد المائية والزراعة وغيرها.

 

"N12"، 7/2/2023
نتنياهو يرد على تحذيرات مدير السي آي إي من مغبة نشوب انتفاضة ثالثة: "لا يوجد بديل من سيطرتنا الأمنية على الميدان"

التقى رئيس الحكومة يوم الثلاثاء مقاتلي وحدة الدوفدفان وهنأهم على عمليات التصدي الناجحة التي قاموا بها مؤخراً. كما حذّر من الواقع الأمني القابل للانفجار في الضفة الغربية، وحلّل الصورة الاستخباراتية المعقدة. وتطرّق في كلامه إلى تحذيرات رئيس السي آي إي وليام بيرنز من مغبة نشوب انتفاضة ثالثة، فقال: "لا خيار آخر غير سيطرتنا الأمنية على الميدان."

وتابع، موجهاً كلامه إلى المقاتلين "عندما نتحدث عن الدخول إلى الميدان، فنحن نتحدث عن مجموعة عمليات. إن قدراتكم تتقدم على كل شيء. أنتم رأس حربة قوة إسرائيل الأمنية في الضفة الغربية، وليس هناك فقط."

وتابع: "أنتم تخاطرون كثيراً، والنتائج جيدة جداً، سواء في عدد عمليات التصدي، أو في عدد الخسائر التي تمكنتم من تفاديها. نحن نقاتل في منطقة تشهد صراعاً مستمراً بين الذين يريدون المضي قدماً نحونا وبين القوى الراديكالية - الإسلامية التي تريد إعادتنا إلى العصور الوسطى."

وانتقد رئيس الحكومة سلوك السلطة الفلسطينية بشدة، واتهمها بعدم القيام بدورها: "في معظم الحالات لا تواجه الأطراف التي يجب عليها مواجهتهم. لا نعرف إلى متى سيستمر ذلك، لكن بالتأكيد لا نستطيع الاعتماد عليها."

وقبل لقائه المقاتلين، كان نتنياهو أجرى تقديراً للوضع مع وزير الدفاع غالانت ورئيس مجلس الأمن القومي تسحي هنغبي ورئيس الأركان هرتسي هليفي وموظفين كبار آخرين. في نهاية الاجتماع، حضر رئيس الحكومة ووزير الدفاع عرضاً قدّمه رئيس وحدة الدوفدفان تحدث فيه عن العمليات التي قامت بها وحدته في الضفة الغربية والنجاحات التي حققتها، وعن التحديات.

يأتي كلام نتنياهو الحاد هذا رداً على كلام رئيس السي آي إي وليام بيرنز بعد اجتماعه مع الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، حين شبّه الوضع في إسرائيل اليوم بالوضع الذي سبق الانتفاضة الثانية.

 

"معاريف"، 8/2/2023
جدعون ساعر: هذه الحكومة لا يهمها سوى شيء واحد هو تحطيم مؤسسات الدولة

انتقد وزير العدل السابق جدعون ساعر في مقابلة أجرتها معه محطة 103FM بشدة الإصلاحات التي تقترحها الحكومة في المنظومة القضائية، وهاجم الحكومة قائلاً: " نحن نناضل بالأدوات التي يقدمها النظام البرلماني إلى عضو الكنيست، وبالأدوات التي يقدمها النظام الديمقراطي للمواطنين." وتابع: "أنا أناضل من خلال التأثير في الرأي العام، كما أن هذا الرأي العام ضد الانقلاب على النظام، وهذا الأمر يفاجىء هذه السلطة، إذ على الرغم من كل أجهزتها الدعائية، فإن أغلبية الجمهور، بينها جزء كبير من الليكود، تعارض هذه الخطوة."

وأضاف: "مما لا شك فيه أن هناك وسائل لمحاربة الانقلاب على الحكم، نضال قانوني، احتجاج في الشارع. وكل هذه الأمور تحدث. هناك أمر واحد لا يمكننا القيام به - لا يمكننا تغيير نتائج الانتخابات. لقد رفضت الحكومة اقتراح رئيس الدولة إجراء حوار لمدة أسبوعين، وهذا يدل على الوضع الجنوني التي هي فيه. التعديل الذي يقترحونه اليوم بشأن منع المراجعة القضائية لقانون أساس هدفه تحصين قانون درعي 2، وهو قانون شخصي، وفاسد. وفي رأيي أن المحكمة العليا ستُبطله، على الرغم من التعديلات التي يجري إقرارها اليوم."

وتابع ساعر: "الأمر الثاني المُلح هو تغيير أسلوب اختيار القضاة. هذا الأسلوب موجود منذ سنة 1953، حزب مباي، الذي كانت له أكثر الحكومات الليبرالية في العالم، تخلى بعد 5 أعوام عن صلاحيته في اختيار القضاة، وحوّلها إلى لجنة مكونة من ممثلين للحكومة والكنيست والمحكمة العليا ونقابة المحامين. بالنسبة إلى مَن هم الآن في السلطة، من المهم فرض مَن سيكون رئيساً للمحكمة العليا، ونظراً إلى أن رئيس المحكمة العليا يتغير في كل سنة، فإنه هو الذي يحدد تركيبة القضاة في قضية الاستئناف الخاصة بنتنياهو. هذا هو كل شيء، ما يجري هو تغيير إجراءات قضائية دستورية من أجل الدفع قدماً بمصالح شخصية للمتهم في ارتكاب جنايات."

وأضاف: "الأمر الذي يجب أن يُقلق المواطنين ليس نتنياهو، أو أنا، أو أي شخص آخر من رفاقي. بل مَن سيدافع عن حقوق المواطن في دولة تسيطر فيها السلطة على اختيار القضاة، ولا تسمح بمراجعة قضائية للتشريعات؟ أي مؤسسة ستفعل ذلك؟ يتعاملون مع ما يجري على أنه معركة سياسية، أو معركة بين السلطات، هذا غير صحيح - هذه معركة الشعب من أجل حريته في مواجهة سلطة مصرة على جعله  عارياً من أي دفاع في مواجهة المسّ بحقوقه وحريته."

وختم بالقول: "باستثناء الاهتمام بتدمير المؤسسات المولجة فرض القانون، فإن هذه الحكومة لم تفعل شيئاً. فهي لم تطرح على الكنيست أي قانون يتعلق بغلاء المعيشة والأمن الفردي ومحاربة الجريمة. لقد اجتمعت مع وزير العدل، ومع وزير الأمن القومي، وعرضت عليهما مجموعة قوانين أعددتها خلال الفترة التي كنت فيها وزيراً للعدل، والتي عرقلتها المعارضة، وتعهدت أن أؤيدهما. أعتقد أن على المواطنين الإسرائيليين أن يدركوا أننا نعيش أياماً حاسمة في الصراع على صورة الدولة، ويجب علينا اتخاذ كل الخطوات الديمقراطية ضمن إطار القانون للتعبير عن معارضتنا لتغيير النظام."

"مكور ريشون"، 7/2/2023
بن غفير يسرّع إجراءات حصول المواطنين على رخص لحمل السلاح

أعطى وزير الأمن القومي تعليماته لشعبه منح تراخيص حمل السلاح بالإسراع في منح التراخيص للمواطنين الذين تقدموا بطلبات في هذا المجال، والذين يبلغ عددهم أكثر من 17000 طلب قُدم منذ العام الماضي، بحسب الوزارة.

وبعد اجتماع عقده بن غفير في مكتبه مع موظفي شعبة منح التراخيص، جرى اتخاذ عدد من القرارات لإصلاح الوضع في الشعبة، بشكل يسمح بزيادة منح تراخيص سلاح للآلاف شهرياً. كما تم إقرار مضاعفة عدد الموظفين في الشعبة وزيادة ساعات العمل من أجل هذه الغاية.

وتجدر الإشارة إلى أن العامين الأخيرين شهدا ارتفاعاً ملحوظاً في عدد طلبات رخصة لحمل السلاح، بعد اضطرابات عملية حارس الأسوار التي وقعت بين مواطنين عرب ويهود خلال أيار/مايو 2021. وسجلت سنة 2022 ارتفاعاً كبيراً في عدد الطلبات الذي بلغ 42.236.

وقال الوزير بن غفير، تعليقاً على ذلك، في الأسبوع الماضي: " أنا مسرور جداً من انضمام شعبة منح تراخيص السلاح إلى الجهود الرامية إلى مساعدة المواطنين في إسرائيل على الدفاع عن أنفسهم. حدثان وقعا في نهاية الأسبوع أثبتا الفرق: الحادثة في النبي يعقوب، حيث لم يكن هناك مواطن يحمل سلاحاً، وللأسف ذُبح سبعة يهود، والحادثة في مدينة داود، والتي أطلق فيها مواطن النار من سلاحه الشخصي، واستطاع تحييد "المخرب" بسرعة. وهذا مثل ممتاز يدل على الأهمية الكبيرة لحمل المواطنين السلاح. من واجبنا تسريع العملية وتقليص البيروقراطية من أجل أولادنا، ومن أجل حياة كل فرد منا." 

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"هآرتس"، 8/2/2023
سحب الأموال هو بمثابة تصويت على نزع الثقة من الحكومة
  • الثورة الدستورية التي بدأت في سنة 1992، في أعقاب قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته؛ وقانون أساس: حرية العمل، وسع فعالية المحكمة العليا، وهي المستهدفة في جوهر خطة رئيس الحكومة ووزير العدل ياريف ليفين لتخريب النظام القضائي. إلاّ إنه، وبحسب أسلوب الذين يحاولون التخريب أيضاً، فإن خرق التوازن بين السلطة القضائية والتنفيذية جرى بالتدريج، على مدار 30 عاماً. قرار آخر واستئناف آخر دفع دعاة الإصلاح إلى فهم ضرورة إحداث هذا التغيير. لكن السؤال، هل يمكن تغيير ما جرى على مدار 30 عاماً بمسار بطيء، من خلال عملية تشريعية عاجلة تستغرق عدة أسابيع لم نشهد مثلها قط، وحتى تغييرات بسيطة أكثر لا تنطوي على انقلاب في نظام الحكم؟
  • الوتيرة، النبرة، وجوهر الإصلاحات المطروحة، نابعة من مشاعر انتقام لدى أعضاء الائتلاف، ومن افتراض أن ما لا يحدث سريعاً - لن يحدث. لذلك، هم يغلقون آذانهم ويتجاهلون كل ما يقوله القانونيون والاقتصاديون ونشطاء حقوق الإنسان في البلد والخارج، الذين يطالبونهم بالتوقف. إنهم يحضّرون الذريعة التي تبّرر الانهيار الذي سيحدث في اقتصاد إسرائيل بعد الإصلاحات، ويتهمون مسبقاً المعارضة بإدارة "حملة هدفها إلحاق الضرر واغتيال الاقتصاد الإسرائيلي"، بحسب ما قاله وزير المالية بتسلئيل سموتريتش.
  • يتجاهلون البنوك الكبيرة في العالم، التي تحذر من أن الإصلاحات القضائية ستؤدي إلى تراجُع في تصنيف الائتمان الخاص بإسرائيل، وفي الاستثمارات الأجنبية فيها. ويستندون بالأساس إلى افتراض أنه وإلى حين حدوث هذه الأضرار، فإن الإصلاحات القضائية ستكون قد جرت، وسيطرة الائتلاف على تعيين القضاة قد تم، كما تم إنجاز عملية إخصاء المراجعة القضائية وإقصاء المستشارين القضائيين في الوزارات المختلفة. وهو ما يخلق معضلة بشأن السؤال عن الجمهور الذي يتم تحذيره من الإسقاطات الهدامة: الأضرار المتوقعة ستكون في المدى البعيد، ومن الصعب الشعور بها الآن. فارق الوقت يلعب لمصلحة الائتلاف، لأن ما يحدث الآن لا علاقة له ظاهرياً بالإصلاحات القضائية. هناك حاجة إلى زيادة حدّة الصوت ورفع الأعلام، كي يعلم الجمهور بمَ ينتظرنا.
  • قرار شركات التكنولوجيا العالية الدقة، مثل "ويز" و"بابايا"، إخراج أموالها من إسرائيل، لم يكن بسبب الخوف على الأموال. لا يوجد لدى حكومة إسرائيل أي نية للحجز على الأموال أو الضرر بها. على العكس، يمكن أن تدفع الانتقادات الواسعة للإصلاحات القضائية بالحكومة إلى منح امتيازات للمستثمرين. سحب الأموال هو بمثابة تصويت على حجب الثقة عن الحكومة التي تدفع قدماً بخطوات ستحوّل إسرائيل ومؤسساتها المهمة- المحكمة، الشرطة، وحتى الجيش، إلى مؤسسات أكثر فساداً وتديناً وتطرفاً.
  • لدى شركات التكنولوجيا العالية الدقة قدرة أكثر من غيرها، على أن تقول للحكومة لا، نحن لا نريد ولا نستطيع أن ننتج هنا ونستثمر في دولة كهذه. لا يجب عليهم الانتظار حتى تظهر نتيجة الاصلاحات القضائية، وذلك لأن الإسقاطات هنا أصلاً، تبدو واضحة مع دفع الحكومة بـ"قانون درعي" الذي سيسمح بتعيينه وزيراً، على الرغم من قرار المحكمة العليا الذي أقرّ بأنه من غير المعقول تعيين مُدان 3 مرات بقضايا جنائية في منصب وزير في حكومة إسرائيل، ومع تجاهل درعي قرار المحكمة ويدير وزارات عن بُعد، وأيضاً مع دفع عضو الكنيست عميت هليفي باقتراح قانون يشرّع التبرعات لتغطية النفقات القضائية لنائب منتخب من الجمهور، وأيضاً من أجل "زوجته أو من أجل ابنه". الهدف من هذا القانون هو الالتفاف على قرار المحكمة العليا التي أرغمت نتنياهو على إعادة تبرُّع بقيمة 270 ألف دولار حصل عليه من ابن عمه، وطبعاً منح ابنه رخصة لزيادة سيطرته على وسائل التواصل الاجتماعي، على افتراض أنه سيكون هناك مَن يدفع لقاء ذلك.
  • الهدف ليس التوازن والاصلاح، إنما الهدم الذي سيؤدي إلى الإفساد. وهو ما يدفع برجال الأعمال والقطاع الخاص إلى سحب أموالهم من هنا. وهذا سيزداد فقط.

 

"N12"، 6/2/2023
المساعدات لتركيا - واجب إنساني أكثر مما هو فرصة سياسية
رامي دانييل - باحث في معهد أبحاث الأمن القومي
  • تشهد تركيا خلال هذه الأيام إحدى أصعب الكوارث في تاريخها. فقد تكون الهزة الأرضية التي وقعت في جنوب شرق الدولة، الهزة الأرضية الأقوى التي تم تسجيلها تاريخياً في تركيا، التي شهدت أحداثاً كهذه مرات عدة في تاريخها. التضاريس الجبلية وظروف الطقس وانهيار البنى التحتية تصعّب عمل المنقذين، ويمكنها أن ترفع الثمن الإنساني للكارثة.
  • الصور القاسية التي تصل من مكان الحدث تذكّر الكثيرين من الأتراك بصور الهزة الأرضية التي وقعت في سنة 1999، حينها، قُتل 18 ألف شخص. ذاكرة الإسرائيليين بما يخص تلك الحادثة مختلفة بعض الشيء، عملية الاغاثة بعد الكارثة تُعد إحدى اللحظات الأكثر إيجابية في العلاقات ما بين أنقرة والقدس. حينها، أرسلت إسرائيل إلى تركيا بعثة طبية كبيرة، وشكّلت صور الجنود الإسرائيليين الذين كانوا يعملون هناك رمزاً للعلاقات الدافئة ما بين الدولتين.
  • لم تبدأ "دبلوماسية الكوارث" بين تركيا وإسرائيل في بداية التسعينيات من القرن الماضي. فمنذ التسعينيات، ومن دون علاقة بمستوى العلاقات السياسية بين أنقرة والقدس، مدت إسرائيل يد العون لجارتها تركيا حين شهدت الأخيرة كوارث طبيعية. المساعدات لم تكن أحادية الجانب، ففي سنة 2010 مثلاً، وبعد بضعة أشهر فقط على حادثة "مرمرة"، أرسلت تركيا إلى إسرائيل طائرة إطفاء حرائق لإخماد حريق الكرمل.
  • نحن اليوم في وضع مشابه. الحكومة التركية فهمت حجم الكارثة والأضرار سريعاً، وطالبت بمساعدات دولية. وعلى الرغم من الخطورة الأمنية - وقعت الكارثة في منطقة حدودية مع سورية ومليئة بالتحديات الأمنية- استجابت حكومة إسرائيل للطلب التركي، وبدأ وزيرا الدفاع والخارجية بالتحضيرات لإرسال بعثة مساعدات إلى تركيا.
  • في كل مرة يقع فيها حدث من هذا النوع، ويتم عرض أو طلب مساعدات، تندمج الحسابات السياسية بالإنسانية. اليوم أيضاً، لا يمكن تجاهُل التفكير في الإسقاطات السياسية الممكنة في أعقاب إرسال مساعدة إسرائيلية إلى تركيا. تشير الأبحاث المختلفة المتعلقة بـ"دبلوماسية الكوارث" إلى أن المساعدة في وقت الكوارث لا تؤدي، عادةً، إلى تغيير جذري في العلاقات بين الدول. في أفضل الحالات، فإن مساعدة كهذه يمكنها تسريع مسارات تقارُب قائمة أصلاً، لكنها لا تبدأ بها.
  • يبدو أن العلاقات بين تركيا وإسرائيل موجودة في هذه الخانة. فتحسين العلاقات بدأ قبل عامين تقريباً، والمساعدة الإسرائيلية لتركيا يمكنها أن تكون خطوة إضافية في تقريب هذه العلاقات. إلا إن تأثير خطوة كهذه يمكن أن يكون محدوداً زمنياً. المساعدة الإسرائيلية لتركيا في سنة 1999 أوضحت هذا. فعلى الرغم من الصور العاطفية، فإنني أشك في أن هذه المساعدة كان لها أي تأثير سياسي ملحوظ في المدى المتوسط - البعيد.
  • لذلك، في هذه الحالة أيضاً، لا يجب النظر إلى البعثة الإسرائيلية إلى تركيا على أنها فرصة سياسية ستؤثر في العلاقات بين تركيا وإسرائيل في المدى البعيد، ويجب أن تجري بغض النظر عن الحسابات السياسية. الحديث يدور عن كارثة إنسانية صعبة تؤثر في كل العالم، ودول المنطقة تتجند من دون علاقة لوضع العلاقات بينها وبين تركيا. حتى اليونان، التي لديها صراع تاريخي مع تركيا، أرسلت بعثة إنقاذ - بعد أقل من أسبوع على وقوع حادثة بحرية بين الدولتين. أرمينيا أيضاً، التي لها حدود مغلقة أصلاً مع تركيا بسبب العلاقات السيئة بين البلدين، عرضت المساعدة. وفي هذا السياق، فإن البعثة الإسرائيلية لن تقوم بأي خطوة سياسية، بل ستستجيب لطلب جارة في أزمة، وتقوم بدورها الأخلاقي في إنقاذ الحياة حين يمكنها ذلك.
  • للأسف، الهزات الأرضية ليست الكوارث الطبيعية الوحيدة التي تهدد شرق المتوسط، وبصورة خاصة مع إسقاطات التغيير المناخي المحسوسة أكثر فأكثر. تحديات كبيرة كحالات الطقس الخارجة عن المألوف والحرائق الكبيرة هي مشكلات سيتعين على دول المنطقة التعامل معها بوتيرة عالية. والتعاون الإقليمي في هذا المجال ضروري.
  • عندما ينتهي التعامل مع حالة الطوارئ في الكارثة الحالية يستطيع كل من تركيا وإسرائيل المشاركة في بناء بنية تحتية واسعة للتعاون في قضايا الكوارث الطبيعية. هذا التعاون يمكن أن ينقذ حياة المواطنين الأتراك والإسرائيليين، ويؤدي إلى تقارُب بين المجتمعات، وبالتالي يقوّي العلاقات السياسية بين الدولتين. لكن الحديث يدور عن مسار منفصل. الآن، يجب القيام بالعملية من دون حسابات سياسية، والهدف منها ليس تحسين العلاقات - إنما إنقاذ حياة الإنسان.