مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في خطاب ألقاه في اجتماع الكنيست اليوم (الاثنين) إنه سينتقم لدماء الأخوين اللذين قُتلا في حوّارة. وأضاف أنه لن يقبل الفوضى. وقال نتنياهو إنه بالإضافة إلى ملاحقة "المخرب" الذي نفّذ الهجوم في حوّارة، الحكومة تعقد جلسات: "ونريد أن نقول لأعدائنا أنكم لن تستطيعوا اقتلاعنا من أرضنا، وهذا هو ردنا على 'الإرهاب'." ودافع نتنياهو في خطابه عن الإصلاحات القضائية، وتوجه إلى مؤيدي الإصلاحات والمعارضين لها بالقول: "كلنا نحب الدولة ولدينا وطن واحد، وهناك طريقة واحدة لتخفيف ألسنة اللهب، وهي طريقة بسيطة، البدء بالحوار. لقد أضعنا 7 أسابيع، وكل دعواتنا إلى الحوار لم تتم الاستجابة لها." وهاجم نتنياهو المعارضة، متهماً إياها بأنها بدلاً من الحوار، تساعد الخارج و"تهّرب المستثمرين، وتشجع على رفض الأوامر، وتدعو إلى عصيان مدني."
وتغيّبت كتلة قوة يهودية ويهدوت هتوراه عن حضور الجلسة، احتجاجاً على سلوك الائتلاف. وأعرب أعضاء كتلة بن غفير عن غضبهم على قمة العقبة التي عُقدت في الأردن في الأمس، وعن احتجاجهم على سياسة "الاحتواء" التي يمارسها وزير الدفاع ورئيس الحكومة، رداً على الهجمات. أما حزب يهدوت هتوراه، فادّعى أن الحكومة خرقت الاتفاقات الائتلافية بموافقتها على ميزانية الدولة يوم الجمعة. بعد الجلسة، اتهم الليكود غياب بن غفير وقوة يهودية عن جلسة الكنيست اليوم بأنه عمل غير مسؤول ضد حكومة اليمين.
دان البيت الأبيض أعمال الشغب التي وقعت في حوّارة، وقال: "المواطنون لا يمكنهم تطبيق القانون بأنفسهم." وأعربت وزارة الخارجية الأميركية عن قلقها حيال العنف المتصاعد في إسرائيل والضفة الغربية، وأعلنت أنها تتوقع من الحكومة الإسرائيلية ملاحقة المسؤولين عن الاضطرابات وإحالتهم على المحاكمة والتعويض على الخسائر في الأملاك.
وصرّح الناطق بلسان الخارجية الأميركية نيد برايس بأن الولايات المتحدة تشعر بالقلق إزاء "استمرار العنف في الضفة الغربية وإسرائيل." وقال برايس إن العنف في حوّارة "غير مقبول على الإطلاق،" ويجب "ملاحقة المسؤولين وتحقيق العدالة بالقدر نفسه من الصرامة في كل حالات العنف المتطرف، وتخصيص موارد متساوية لمنع مثل هذه الهجمات، ومحاكمة المسؤولين عنها." وأشار برايس إلى أن الأحداث تثبت مدى هشاشة الوضع في الضفة الغربية والحاجة الماسة إلى زيادة التعاون ومنع وقوع أحداث مشابهة في المستقبل. وأضاف برايس: "من أجل هذا الغرض بالذات، شاركت الولايات المتحدة مع إسرائيل والسلطة الفلسطينية والأردن ومصر في المؤتمر الأمني في العقبة."
الناطق بلسان البيت الأبيض لشؤون الأمن القومي جون كيربي قال إن البيت الأبيض يؤيد دعوات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ورئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ إلى اعتبار أحداث حوّارة "غير مقبولة تماماً"، وبحسب كلامه: "المواطنون لا يستطيعون تطبيق القانون بأنفسهم، الأمر الذي سمعناه بصوت عالٍ وواضح من شركائنا الإسرائيليين."
كما تطرّق كيربي إلى البيان الصادر في ختام المؤتمر الأمني الذي عُقد في العقبة في الأمس، والذي ورد فيه التزام إسرائيل بعدم البناء في المستوطنات طوال 4 أشهر وعدم السماح بتشريع بؤر استيطانية غير قانونية لمدة 6 أشهر. وأعلنت الحكومة الإسرائيلية أن الالتزام لا يشمل قرار المجلس الوزاري المصغر، تشريع عشر بؤر استيطانية وبناء آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات.
وأوضح كيربي أن الموقف الأميركي من المستوطنات لم يتغير، وقال: "نحن نريد رؤية دولتين قابلتين للحياة، إن العنف الذي رأيناه في الأيام الأخيرة هو فقط دليل على أهمية الجمع بين الطرفين للعمل على سبل تهدئة التصعيد."
قُتل إيلان غالنس (27 عاماً) الذي يحمل الجنسية الأميركية أيضاً في هجوم بإطلاق النار نفّذته خلية "مخربين" في منطقة تقاطُع بيت عربا على الطريق 90. وجاء في بيان القنصلية العامة لإسرائيل في نيويورك أن إيلان عاش معظم حياته في ولاية كنتاكي، وأنهى في أيار/مايو الماضي دراسته الجامعية في كولومبيا وتطوع في الجيش الإسرائيلي.
وبعد عملية إطلاق النار، أحرق المهاجمون السيارة في منطقة دير مارجرجس وفروا في سيارة ثانية في اتجاه مخيم اللاجئين عقبة جبر، بالقرب من أريحا. وفي أثناء فرارهم، اصطدموا بدورية للشرطة أطلقت النار عليهم وجرحت أحدهم. وتقوم قوات من الجيش الإسرائيلي بتمشيط المنطقة، وأقامت حواجز على الطرقات.
قالت مصادر رفيعة المستوى في القدس اليوم، إنه على الرغم من البيان الأردني والموافقة الأميركية على التزام إسرائيل عدم البحث في أعمال بناء جديدة في المستوطنات، فإن ما حدث ليس "اتفاقات عملية، بل تصريحات". وأضافت هذه المصادر أن الأمر العملي الوحيد هو تشكيل لجنة أمنية مشتركة تبحث في قدرة السلطة الفلسطينية على تحمُّل مسؤولية محاربة الإرهاب.
وكان عضو الكنيست إيتمار بن غفير وأعضاء كتلته قاموا اليوم (الاثنين) بزيارة أفيتار وعقدوا اجتماعاً لكتلتهم في بؤرة سبق أن أُعلنت منطقة عسكرية مغلقة، بينما كانت القوى الأمنية تقوم بإخلاء عشرات المستوطنين هناك. وردّت وزارة الخارجية الفلسطينية على ذلك بالقول: "زيارة الفاشي بن غفير إلى جبل صبيح هي مخالِفة تماماً لتفاهمات العقبة." وتطرّقت الوزارة إلى الإعلان الأردني التزام الحكومة الإسرائيلية تجميد البناء في المستوطنات.
من جهة أُخرى، صرّح عضو الكنيست من الليكود داني دانون بأن "إعلان تجميد البناء لا يتطابق مع تعهدات الحكومة بالسماح بالعودة إلى مستوطنة أفيتار. وإذا كان هناك مَن يريد تجميد البناء، فعليه أن يطرح ذلك على الحكومة، وسوف نعارضه."
ورأى دانون أنه بدلاً من الحديث عن تجميد الاستيطان، يجب تعزيزه، وخصوصاً بعد الذي حدث في الأمس، ويجب الموافقة على البناء فوراً، وأضاف: "المستوطنات هي الجواب الصحيح، وليس تقليص قدرات الجيش على العمل."
حذّر وزير الدفاع السابق ورئيس المعسكر الرسمي بني غانتس في مقابلة أجرتها معه الصحيفة من استمرار التصعيد الأمني، قائلاً: "المقصود واقع أمني يزداد حدة. نحن أمام خطر حقيقي للتصعيد، وفي مواجهة أحداث تتطلب ردوداً. وهذا قد يؤدي إلى تصعيد واسع النطاق تشارك فيه غزة." وبحسب كلامه: "يجب اقتلاع جذور الإرهاب، وليس حرق الغابة كلها."
وعن أحداث الشغب في حوّارة والتأييد لها داخل الائتلاف، قال غانتس إن "هذا خطر تدمير ذاتي. مَن سيحتل غزة إذا احتجنا إلى ذلك؟ ميليشيات؟ نحن بحاجة إلى زعامة مسؤولة، وهذا ما لا أراه. نتنياهو صامت، وغالانت يبذل كل ما في وسعه، والآخرون يصبون الزيت على النار، وأقصد سموتريتش وبن غفير." وأضاف: "في وزارة الدفاع وزير للمستوطنين، انظروا ماذا يفعل هناك. وهذا ما ينظمه نتنياهو. هؤلاء الأشخاص ليسوا مسؤولين، ونتنياهو منحهم سلطة السيطرة والعمل، ونحن كلنا ندفع ثمن ذلك."
- أول أمس الأحد، خلال ساعات بعد الظهر، أخذ رضوان الضميدي زوجته وابنه الرضيع ونقلهما من بيته في حوّارة إلى بيت عائلة زوجته في نابلس. ضميدي هو صاحب دكان لبيع الذهب في نابلس، ويسكن في منزل كبير في حوّارة. علِم عبر شبكات التواصل الاجتماعي، مباشرة بعد العملية، بأن المستوطنين يخططون لعملية انتقام كبيرة في قريته، لذلك، سارع إلى نقل زوجته وابنه إلى مكان آمن.
- زميلتي أيضاً، هاجر شيزاف، عرفت مسبقاً أن المستوطنين يخططون لمسيرة انتقام. هذا علمته بعد الظهر، خلال وجودها في باريس. من حوّارة إلى باريس - مَن أراد أن يعلم، علِم بأن عملية انتقام واسعة كانت ستجري في حوّارة. جهة واحدة فقط لم تعلم، لم ترَ ولم تسمع، أو أنها سمعت وعرفت وتجاهلت: أجهزة الأمن. الجيش و"الشاباك" و"حرس الحدود" لم يتجهزوا لمنع الهجوم، ولم يقوموا بأي شيء لمنعه. يمكن أن يكون هذا بسبب اللامبالاة والتجاهل، ويمكن أن يكون قصداً. 400 مستوطن على الأقل، بحسب الجيش، جزء منهم مسلح وآخر بعصي وسلاسل حديدية ووقود، اقتحموا حوّارة، ولم يوقفهم أحد. لم يحاول أحد أصلاً.
- مصادر من "حرس الحدود" قالت إن أفراد الوحدة بصورة خاصة منعوا دخول المهاجمين إلى حوّارة، وأنهم اقتحموا البلدة من الجهة التي يسيطر عليها الجيش. أما المراسلون العسكريون، فقالوا إن الجنود حاولوا منع الاقتحام على محاور الطرق، ولذلك نزلوا من الجبال. من جميع الجهات، اقتحم مئات المستوطنين البلدة، بهدف نشر الفوضى والهدم، ولم يوقفهم أحد، ولم يتحمل أحد مسؤوليتهم.
- مرة أُخرى اتضح أنه لا يوجد أحد يمكن للفلسطينيين الاعتماد عليه، ولا يوجد أي جهة تدافع عن حياتهم وأملاكهم. أول أمس أيضاً، كان هناك شك في أن غض نظر الجيش لم يكن صدفة: يمكن أن يكون هناك مَن أراد في داخل الجيش أن يقوم المستوطنون بالعمل بدلاً منهم، ويعاقبون الفلسطينيين ويحققون الردع من خلال الهجوم، كما وصفه تسفيكا فوغل.
- هذا التجاهل لا يمكن إلاّ أن يذكّرنا بما حاولنا نسيانه. خلال مجزرة صبرا وشاتيلا، أغمض الجيش أيضاً عينيه وسمح بارتكاب المجزرة. في حوّارة، لم يكن هناك مجزرة، حتى الآن على الأقل، ولكن لا أحد يستطيع أن يضمن عدم حدوثها. لو أراد المهاجمون ارتكاب مذبحة ضد السكان، لن يقف أحد بوجههم.
- في صبرا، كما في حوّارة، لم يوقف أحد المجرمين. أول أمس، اكتفوا بزرع الخراب والهدم. انتظروا النشاط الانتقامي القادم، وخاصة إن لم تتم محاكمة أيّ منهم ومعاقبته على ما قام به. صبرا وشاتيلا 2 على الطريق، ولا يوجد مَن يوقفها.
- حوّارة كانت بالأمس كبلدة أشباح، بلدة في حرب وحصار؛ خارسون [المدينة الأوكرانية المدمرة] في حوّارة. الصحافيون في ملابس الحرب، جميع الحوانيت مغلقة، الطرق مقفرة، والسكان يغلقون البيوت على أنفسهم، بعضهم ينظر بحذر من خلف القضبان - المركّبة هنا على كل شباك بسبب الهجمات السابقة. وجوه بعض السكان الذين شاهدناهم في الشوارع كانت ممتلئة بالغضب واليأس.
- لم يُسمح إلاّ للمستوطنين بالتنقل في شوارع البلدة - صورة أبارتهايد واضحة - وأغلبيتهم قامت بذلك من أجل الاستفزاز ببرودة أعصاب. وهتفوا "الموت للعرب"، بالإضافة إلى بقية الشتائم. كان هناك مَن توقّف، خرج من السيارة بحماية الجيش، وبدأ باستفزاز المواطنين عن قرب، وهم على عتبات منازلهم، وإلى جانب مركباتهم المشتعلة، كانوا كمن ينفجرون من الغضب، ولم يتجرأوا على قول كلمة. يد حنونة وضعها الجندي على كتف أحد الزعران كانت كافية لوصف الحالة أفضل من ألف كلمة.
- أول أمس مساءً، عندما عاد رضوان من نابلس، حيث ترك زوجته وابنه للبقاء ليلة، ذُهل عندما شاهد عشرات المستوطنين المسلحين في باحة منزله يعيثون خراباً. كسروا الشبابيك وحرقوا بيت الاستقبال التابع للعائلة، والذي لم ينتهوا من تجهيزه إلاّ قبل أشهر معدودة فقط. سرقوا التلفاز الجديد، وحرقوا دراجة تمارين منزلية. أربعة جنود وقفوا حول المنزل ولم يحركوا ساكناً.
- قمة العقبة التي عُقدت في الأول من أمس تعبّر عن رغبة ومصلحة الطرفين - رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وأيضاً رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن، في منع حدوث تصعيد إضافي عشية رمضان وعيد الفصح - لكن الأرض تشتعل، وقطار التصعيد الأمني خرج عن السيطرة من المحطة، ومن الصعب جداً كبحه.
- الهجوم الصعب في حوارة وأعمال شغب المستوطنين التي أعقبته في القرية، هما حادث آخر في سلسلة الحوادث والتصعيد الأمني المستمر منذ سنة تقريباً. وهذه الحوادث المهمة يمكن أن تشكل حافزاً لتصعيد آخر على الأرض.
- مَن يعتقد ويقول إن الانتقام من حوارة هو الحل لتحقيق التهدئة التي لم تنجح المؤسسة الأمنية في تحقيقها في حربها على "الإرهاب"، سيكون من الصعب عليه أن يفهم حجم الضرر الذي لحق بدولة إسرائيل ومكانتها الدولية. لكن ما لا يقل أهمية عنه الضرر الأمني.
- كلما ازدادت وتيرة الحوادث، كلما اتضح للمؤسسة الأمنية أن وقوع هجمات جديدة هو مسـألة وقت. ولقد استغل "المخربون" المناسبة في وادي الأردن، بالقرب من أريحا، ونفّذوا هجوماً آخر في الأمس. وهذه ليست الإشارة الأولى التي تدل على أن هذه المنطقة تزداد سخونة بصورة غير مسبوقة، ربما منذ بداية الألفية الثالثة.
- حتى في السنوات الصعبة، ظلت أريحا المزدهرة نسبياً خارج دائرة التصعيد. الهجوم في بيت عربا يبدو أكثر تخطيطاً من هجمات أُخرى. بعد فشل الهجوم بإطلاق النار على مطعم في تسوميت ألموغ، يبدو أن "المخربين" الذين خططوا لهجوم الأمس، استخلصوا الدروس وقاموا باستعدادات مسبقة تجلّت في الهجوم. من بين ذلك تأمين طريق للفرار وإحراق السيارة والهرب بسيارة أُخرى، على ما يبدو، عادت في اتجاه أريحا في الأراضي الفلسطينية.
- الأزمة الأمنية في الضفة الغربية، والتي تُعتبر الأخطر منذ الانتفاضة الثانية في بداية الألفية الثالثة، لم تبدأ في الأمس في حوارة. بل كانت بدايتها في الهجمات "الإرهابية" القاسية التي شهدتها السنة الماضية، بالإضافة إلى العمليات التي ينفّذها مقاتلو الجيش الإسرائيلي في كل ليلة في مخيمات اللاجئين في جنين، وفي القصبة في نابلس.
- فيما يتعلق بعنف المستوطنين، المؤسسة الأمنية كلها سهت عن القيام بواجبها. حجم الضرر يجب أن يكون واضحاً الآن للجميع، لا مجال للكلام المستهلك. مَن يحرق منزلاً ويعرّض حياة شخص آخر للخطر، على خلفية قومية، هو إرهابي ينفّذ هجوماً، وليس عملية "جباية ثمن"، أو جريمة وطنية. إحراق منزل هو إرهاب، وليس شيئاً آخر.
- الضرر المحتمل الذي يمكن أن يلحق بدولة إسرائيل، الأمني والسياسي، هو أكبر مما يمكن تقديره. المؤسسة الأمنية، وبصورة خاصة الجيش والشرطة، فشلت في فهم صورة الوضع. وذلك على الرغم من ظهور مؤشرات واضحة على الأرض، بعد الهجوم على حوارة، إلى أن رد المستوطنين سيكون قاسياً.
- لقد استعدت المؤسسة الأمنية بصورة روتينية في الأشهر الأخيرة وبعد الهجمات، ونشأ نموذج تحرُّك ثابت: مجموعات من الشبان ليست مكونة فقط من شبان التلال [مجموعات استيطانية يمينية تنشط في البؤر الاستيطانية غير الشرعية] الذين يصلون إلى تقاطع طرقات معروفة، في حوارة وفي يتسهار، ويقومون برشق سيارات الفلسطينيين بالحجارة.
- القوى الأمنية كانت بانتظار المتظاهرين في التقاطعات المركزية، وهؤلاء وصلوا فعلاً. في المقابل، وفي عملية مُعَدّ لها مسبقاً، تسلل عشرات الشبان في مجموعات مختلفة إلى داخل القرية، وبدأوا بأعمال التخريب. قرية حوراة التي شهدت في الأعوام الماضية، وحتى التصعيد الأخير، هدوءاً نسبياً ونسيج حياة مشتركة على الطريق المشتركة بين اليهود والفلسطينيين - تروي، إلى حد بعيد، حكاية التصعيد في السنة الماضية. صوت العنف ينتصر، واتجاهات التصعيد يحددها المتطرفون لدى الطرفين، وهم الذين يفرضون وتيرتها.
- يتعين على رئيس الحكومة أن يقود عملية دعم الجيش في مواجهة القوى السياسية. من دون ذلك، فإن عشرات الاجتماعات في العقبة وفي شرم الشيخ لن تساعد على استقرار السفينة غير المستقرة من الناحية السياسية، بالأساس بسبب الخلافات بين شركائها من اليمين.
- الهجوم الصاخب من الوزيرين سموتريتش وبن غفير على مؤتمر العقبة ونتائجه سجّل رقماً قياسياً جديداً من إلحاق الضرر بالأمن القومي لدولة إسرائيل. يمكننا أن نفهم هذين الوزيرين اللذين يسعيان لضم كامل وسريع للضفة الغربية إلى دولة إسرائيل، بما يتلاءم مع رؤيتهما، ومن دون إجراء تقدير منهجي للوضع مع كل تداعياته. لكن في المقابل، من الصعب أن نفهم كيف سمح رئيس الحكومة بإرسال وفد رفيع المستوى مع شخصيات رفيعة المستوى إلى نقاش مصيري مع الولايات المتحدة والأردن والسلطة الفلسطينية لمنع وقوع كارثة وشيكة في الأسابيع القادمة.
- الأحداث الخطِرة التي وقعت في حوّارة بعد الهجوم الدموي، تؤكد ما كان مفروغاً منه: الأرجل الأربعة للمؤسسة الأمنية، ومن بينها الإدارة المدنية ومنسق الأنشطة في المناطق، يجب أن تكون خاضعة لقيادة واحدة هي الجيش، وأن تكون تابعة لقائد المنطقة الوسطى ورئيس الأركان. كما يجب أن تكون خاضعة لاعتبارات أمنية تتيح لها مواجهة كل أنواع العنف ومنع التدهور الأمني في مختلف الساحات.
- ما المقصود بذلك؟ قوة إسرائيل الاستراتيجية تعتمد على دعامتين: القوة العسكرية للجيش الإسرائيلي، والشاباك والاستخبارات العسكرية وشرطة إسرائيل وغيرها. بالإضافة إلى الدعامة الثانية، التبصّر السياسي - الاستراتيجي. الجمع بينهما يخلق قوة استراتيجية، والفصل بينهما يخلق ضعفاً استراتيجياً. ونحن نسير برؤوس مرفوعة نحو الاصطدام بحائط ضعف مصدره الحماقة.
- تُعتبر الولايات المتحدة ركيزة أساسية في الأمن القومي الإسرائيلي. والتعاون العسكري والاستراتيجي والاستخباراتي والاقتصادي والدبلوماسي معها هو رصيد هائل لدولة إسرائيل. والسبب الأساسي للعلاقة بين الولايات المتحدة، القوة العظمى، وبين إسرائيل الصغيرة هو قبل كل شيء منظومة القيم المشتركة التي تربط إسرائيل بأساس النظام الديمقراطي في الدولتين. ولا شك في أن الصورة التي رأيناها في الأمس في حوّارة لا تساعد العلاقة الخاصة بين الدولتين.
- علاوةً على ذلك، خطوات الانقلاب القضائي ستؤدي إلى إلحاق الضرر بعلاقات إسرائيل بالولايات المتحدة، وستُضعف إسرائيل. يكفي أن نفهم أن رئيس الحكومة نتنياهو لم يُدع إلى زيارة البيت الأبيض. ولهذه الزيارة أهمية استثنائية، لأنها من المفترض أن تعالج التنسيق الأمني في مواجهة التهديدات المركزية الآخذة في التعاظم، وعلى رأسها التهديد الإيراني...
- في مواجهة هذه التهديدات، نحن نعمّق الخطوط التي تفصلنا عن الولايات المتحدة. الإدارة الأميركية تسمح لإسرائيل بالانضمام إلى "سنتكوم" - القيادة المركزية الأميركية، التي تجمع بداخلها كل قادة الجيوش العربية ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي. وهذا رصيد كنا نحلم به منذ أعوام كثيرة، وهو رصيد أمني كبير. المملكة الهاشمية في الأردن تشكل عمقاً استراتيجياً لإسرائيل، ومن خلال التعاون معها، منعنا هجمات مرعبة وتجنّبنا شرور الإرهاب وضرراً كبيراً. كما تشكل العلاقات العميقة مع الدول العربية ميزة استراتيجية. كل هذا يمكن أن يتضرر إذا واصلت إسرائيل السعي غير المفهوم للمسّ بنظامها الديمقراطي وإضعاف العلاقات مع الولايات المتحدة، وإهانة الدول العربية.
- لا يمكن أن يخطر في البال، ومن غير المعقول أن نصدق، أنه بعد أن أرسل رئيس الحكومة وفداً رفيع المستوى إلى نقاشات مهمة، الغرض منها إعادة الاستقرار إلى الوضع الصعب في الضفة الغربية... أن يبصق وزراء في وجوه حلفائهم في الحكومة التي ينتمون إليها. لا يوجد مثيل لذلك في العالم كله. ويمكن أن نشعر بأن أعداءنا يتساءلون في هذه المرحلة، كما يبرز في خطبهم وتصريحاتهم، ما إذا كانت إسرائيل قد دخلت مرحلة ضيق الأفق التي سيكون لها تأثير كبير.
- وبدلاً من أن تخصص الحكومة وقتها لتعزيز قوتها العسكرية وقوتها الاستراتيجية التي يمكن أن تضعف، نراها مشغولة في شجارات وخطوات لا يمكن أن تخطر في البال، مثل البصق على مؤتمر استراتيجي مهم [مؤتمر العقبة].
- وفي هذا الصدد، يجب أن نضيف إلى ما قيل أعلاه إصرار الوزيرين سموتريتش وبن غفير على تدمير وجودنا في الضفة الغربية، الذي يعتمد على القوة العسكرية والاستخباراتية لإسرائيل من جهة، ومن جهة ثانية، على الإدارة المدنية التي تقيم شبكة علاقات كثيفة ومعقدة مع السكان الفلسطينيين، ومع السلطة الفلسطينية. وبعكس الدعاية، هي تساعدنا على فرض السيطرة الإسرائيلية، ومع غياب السلطة الفلسطينية، قد ننجرّ إلى احتلال عسكري مباشر يكلف مليارات الشيكلات، ومعناه إدارة مباشرة لحياة الفلسطينيين بصورة لن يقبلها العالم الحر، وستسبب لنا الكثير من المشكلات السياسية والاستراتيجية والقانونية والداخلية. ويمكن أن نتوقع أنه ما دامت هذه الخطوات تتقدم ويستمر استخفاف أعضاء في الحكومة بكل ما له علاقة بالأرصدة الاستراتيجية لإسرائيل، فإن هذا سيعمّق الاحتكاك والاشتباك مع الفلسطينيين، ويثمر هجمات "إرهابية" مصدرها تنامي مشاعر العداء.
- من هنا، ندعو رئيس الحكومة نتنياهو إلى وقف التدهور العميق وخطوات الانقلاب القضائي التي تؤذي العلاقات مع الولايات المتحدة قبل أي شيء آخر، وعليه أن يمنع المسّ بالأرصدة الاستراتيجية والسياسية، مثل الحلف مع الولايات المتحدة ومع الدول العربية. هذا الحلف يمنح إسرائيل مزايا هائلة توازي في أهميتها الامتناع من الاستخدام غير الضروري للقوة. إنها الساعة الأخيرة للدعوة العاجلة إلى منع التدهور!