مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قالت مصادر رفيعة المستوى في وزارة الدفاع الإسرائيلية إن وزير الدفاع يوآف غالانت ترأس أمس (الثلاثاء) مشاورات أمنية مكثفة لم يكشف عن مضمونها، وسط تقارير أشارت إلى أن المداولات تمحورت حول التفجير الذي وقع في مجدو [شمال إسرائيل] أول أمس (الاثنين)، والذي تفرض عليه إسرائيل تعتيماً إعلامياً، ويحقق فيه جهاز الأمن العام ["الشاباك"].
وأضافت هذه المصادر نفسها أن المشاورات تأتي عقب أحداث أمنية أخيرة، من دون الكشف عن مضمونها.
وشارك في المشاورات كلٌّ من رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال هرتسي هليفي، ورئيس جهاز "الشاباك" رونين بار، ورئيس شعبة العمليات ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية ["أمان"]، وضباط آخرون، وتم فيها عرض نتائج أولية من التحقيق الذي جرى لتقصّي تلك الأحداث. وأوعز وزير الدفاع في ختام المشاورات باستمرار جهود ضمان الحياة العادية لمواطني إسرائيل.
وحظرت الرقابة الإسرائيلية نشر أي معلومات عن تفاصيل التفجير الذي طال مركبة في مفرق مجدو وأدى إلى إصابة شاب من بلدة سالم العربية بجروح وُصفت بأنها خطرة، وأوكل التحقيق في التفجير إلى جهاز "الشاباك"، وتم فرض تعتيم إعلامي بشأن أي تفاصيل تتعلق بالتحقيقات.
وكانت التحقيقات الأولية أشارت إلى أن الانفجار نجم عن تفجير عبوة ناسفة زُرعت على جانب الطريق القريب من سجن مجدو، بينما أشارت تقارير متطابقة إلى أن القنبلة المستخدمة غير مسبوقة في الساحة الفلسطينية، وكانت في مستوى متقدم عن العبوات الناسفة المألوفة، مشيرةً إلى أن الجيش الإسرائيلي كان يتعرض لتفجير مثل هذه العبوات الناسفة خلال أعوام احتلاله مواقع في الجنوب اللبناني.
وجاء في بعض هذه التقارير أن إسرائيل شهدت في الآونة الأخيرة عدة عمليات ومحاولات لتنفيذ عمليات تفجيرية أظهرت ارتفاع مستوى التطور العلمي والتكنولوجي للمنفّذين. وأشار بعضها الآخر إلى أن القنبلة المستخدمة تشبه القنابل التي استخدمها حزب الله لتفجير آليات إسرائيلية في لبنان قبل الانسحاب الإسرائيلي، وكانت تُزرع على جانب الطريق.
حذّر مراقب الدولة الإسرائيلية متنياهو إنجلمان في تقرير له أمس (الثلاثاء) من التداعيات الكارثية لعدم قدرة الحكومة والسلطات المحلية على الاستعداد لزلزال قوي، الذي من المرجح أن يضرب المنطقة في الأشهر المقبلة.
وجاء في التقرير أنه على الرغم من التحذيرات السابقة، فإن وزارة البناء والإسكان لم تكمل معالجة 1124 مبنى تتطلب تدخلاً فورياً، وعلى وجه التحديد في المدن الأكثر عرضةً لخطر الضرر من الزلزال. وهذا الرقم 93% من المباني التي سبقت الإشارة إليها في الماضي، يعني أنها مبانٍ من المحتمل أن تنهار.
وأشار إنجلمان أيضاً إلى أن إسرائيل تقع بالقرب من الشقّ السوري الأفريقي، وبالتالي فإن خطر حدوث زلزال بالغ الشدة يزداد كل عام، وقال إن هناك احتمالاً كبيراً لحدوث زلزال قوي خلال الأعوام الخمسين المقبلة في المنطقة الواقعة بين الجنوب اللبناني وجنوب البحر الميت. كما دعا الحكومة إلى العمل بسرعة وحسم، وأكد أنه نظراً إلى موارد الميزانية الكبيرة اللازمة لتعزيز المباني والبنية التحتية في البلدات البعيدة، ومعظمها في وضع اجتماعي واقتصادي متدنٍّ، فإن التزام جميع الأطراف المهنية والتخصيص المناسب للموارد ضروريان للغاية.
وأشار التقرير إلى أن الدولة لم تعزز بعد نحو 70% من المدارس التي تتطلب معالجة البنية التحتية، على الرغم من المخاطر العالية.
وقّع نحو 1000 أديب وأكاديمي وفنان إسرائيلي رسالة وجّهوها إلى سفيريْ ألمانيا وبريطانيا في إسرائيل، طالبوا فيها الدولتين برفض استقبال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وإلغاء زيارتين متوقعتين له إلى كلٍّ من برلين ولندن.
ومن موقّعي الرسالة الأديبان ديفيد غروسمان ونوريت زارحي، ومخرجون ونحاتون وأكاديميون فازوا بجوائز إسرائيلية مهمة، بينها "جائزة إسرائيل".
وجاء في الرسالة: "إن دولة إسرائيل موجودة الآن في أزمة شديدة للغاية هي الأخطر في تاريخها، في ظل إجراءات متسارعة وخطِرة تهدف إلى تحويلها من ديمقراطية مزدهرة إلى ديكتاتورية يحكمها رجال دين. وإن ألمانيا وبريطانيا أثبتتا طوال أعوام وجود إسرائيل دعمهما لهذه الأخيرة كوطن ديمقراطي لليهود، وإن صوتيهما الآن ضروريان لنا اليوم أكثر من الماضي."
وأشارت الرسالة إلى أن نتنياهو يقود بنفسه تلك الإجراءات الهادفة إلى إضعاف الجهاز القضائي وتفكيك مؤسسات الدولة، ولذا، في حال إجراء الزيارتين السياسيتين المقررتين له إلى ألمانيا وبريطانيا، فإن ظلاً ثقيلاً سوف يخيم فوقهما.
صادق الكنيست الإسرائيلي بالقراءة الأولى، في ساعة متأخرة من الليلة قبل الماضية، على مشروع قانون مثير للجدل، ينص على إلغاء أقسام من قانون الانفصال [فك الارتباط] من سنة 2005، والتي مهدت الطريق لإخلاء 4 مستوطنات في شمال السامرة [الضفة الغربية].
وأيّد مشروع القانون 40 عضو كنيست وعارضه 17 عضواً.
وسيلغي مشروع القانون بنوداً من "قانون الانفصال" تحظر على الإسرائيليين العيش في المنطقة التي شملت في السابق مستوطنات "حومش" و"غانيم" و"كديم" و"سانور" في شمال الضفة الغربية.
ويُعد مشروع القانون عنصراً حيوياً في مسعى الحكومة الإسرائيلية الحالية لإضفاء الشرعية على بؤرة "حومش" الاستيطانية غير القانونية، والتي حاول المستوطنون مراراً إعادة بنائها.
وقالت جمعيات متخصصة في مراقبة الاستيطان في المناطق [المحتلة] ومعارضون لمشروع القانون إنه سيُستخدم لتوسيع النشاط الاستيطاني في المنطقة بشكل عام، وسيؤدي إلى ضم فعلي لأجزاء كبيرة من الضفة الغربية.
وقدّم مشروع القانون هذا عضو الكنيست يولي إدلشتاين، رئيس لجنة الخارجية والأمن البرلمانية، من حزب الليكود.
وقال إدلشتاين: "بعد أعوام عديدة، أصبح من الواضح للجميع مدى ظلم خطة الانفصال. آمل بأن نتمكن من أن نكون قدوة بأننا نعرف في الكنيست كيف نصحّح الظلم، حتى لو استغرق الأمر أعواماً طويلة."
وجاءت مصادقة الكنيست بعد أن وافقت الحكومة على تشريع 9 بؤر استيطانية غير قانونية، وعلى خطط لبناء أكثر من 7000 وحدة سكنية جديدة في المستوطنات الشهر الماضي.
وفي كانون الثاني/يناير الماضي، بلّغت الحكومة المحكمة الإسرائيلية العليا أنها تراجعت عن التزامها السابق بإخلاء "حومش"، وبدلاً من ذلك، هي تسعى لتشريع البؤرة الاستيطانية من خلال إلغاء المادة ذات الصلة من قانون الانفصال الذي أُقرّ في سنة 2005. وجاء ذلك في إطار ردّ الحكومة على طلب التماس قدمته إلى هذه المحكمة منظمة "يش دين" المناهضة للاستيطان، وطالبت فيه بإزالة البؤرة الاستيطانية والسماح للسكان الفلسطينيين في قرية برقة المجاورة بالوصول إلى أراضيهم الخاصة التي تقع البؤرة الاستيطانية في داخلها.
- مؤخراً، ازدادت التقديرات التي تشير إلى أن إيران باتت دولة على "عتبة نووية"، وأن القرار وحده هو الذي يفصل بين قدراتها الحالية وبين حصولها على سلاح نووي.
- ستحتاج إيران إلى 12 يوماً، بعد اتخاذها القرار، لتخصيب الكمية الكافية من المواد التي تحتاج إليها لصنع أول قنبلة نووية. أما تصميم السلاح وتركيبه على صاروخ أو قنبلة، فسيتطلبان عاماً أو عامين إضافيين. بعد مرحلة العتبة النووية، ستنهض إيران إلى واقع جديد، ستحاول عبوره للوصول إلى الهدف: مظلة نووية تحمي النظام من التهديدات المختلفة، وتسمح له أيضاً بنشر مزيد من العدوانية والتوسع في منطقة الشرق الأوسط، وأبعد منها أيضاً، بالإضافة إلى تهديد وجود دولة إسرائيل.
- وبالإضافة إلى التهديد النووي، يمكن ملاحظة المستقبل من مجرد الوصول إلى دولة "عتبة نووية"؛ فالسعودية أعلنت أنه في حال حصلت إيران على سلاح نووي، ستسعى هي للتسلح بمثله أيضاً (التفاهمات الأخيرة ما بين طهران والرياض لن تغيّر في ذلك)؛ الولايات المتحدة التزمت منع إيران من الوصول إلى سلاح نووي، وإسرائيل صرّحت بأنها ستقوم بكل ما هو مطلوب لمنع ذلك أيضاً، وكلتاهما أجرت تدريبات مشتركة، وهما تتجهزان للتعامل مع هذا السيناريو. لذلك، على إيران الحسم ما بين الفائدة المتوقعة من الانتقال بين مرحلة العتبة النووية ومرحلة السلاح النووي؛ وبين المخاطر التي يمكن أن تواجهها في الطريق إلى الهدف، أو بعده. من طرفها، تتجهز إسرائيل لتستبق السيناريو السيئ، ومن الممكن أن يكون ذلك في المستقبل القريب.
- خلال العام الماضي، شهدت الساحة الفلسطينية تدهوراً أمنياً، سببه ضعف السلطة الفلسطينية في أواخر فترة حُكم محمود عباس، وصعود جيل جديد من الشباب لا يعرف الانتفاضة سابقاً، في ظلّ تحريض على الاستمرار في القتال، بالإضافة إلى عدم وجود أفق، وطريق سياسي مسدود. منذ عمليات آذار/مارس 2022، يدير الجيش حملة مستمرة سُميت "كاسر الأمواج"، لإحباط العمليات. في حين ينفّذ شبان فلسطينيون مسلحون عمليات ضد الاستيطان الإسرائيلي وقوات الجيش، وعلى محاور الطرق، ويهاجمون الجيش في أثناء تنفيذ الاعتقالات. القدس لا تزال مكاناً يستقطب العمليات، والصراع للسيطرة على المسجد الأقصى. حساب الدم يرتفع، وفي إطاره، تتعرض إسرائيل لهجمات صعبة وموجعة، أما الفلسطينيون فدفعوا الثمن من جانبهم بمئات القتلى والجرحى وآلاف المعتقلين. هذا بالإضافة إلى أن التقديرات تزداد بأن الساحة الفلسطينية على أعتاب انفجار واسع عشية شهر رمضان والأعياد اليهودية، قد تتوسّع حلقته إلى داخل إسرائيل كما جرى في أثناء عملية "حارس الأسوار".
- مجلس الأمن اجتمع مرتين لبحث التطورات في هذه الساحة، وتدخُّل الولايات المتحدة وحده منع قراراً ضد إسرائيل، وجعل المجلس يكتفي فقط ببيان الإدانة. أما القيادات الأمنية والسياسية للولايات المتحدة والأردن ومصر، فهي مشغولة بجهود التهدئة قبل المواجهات. وحكومة إسرائيل تدفع بسياسة تهدئة وإدارة الصراع من جهة، ومن جهة أُخرى، بسياسة تصعيد تهدف إلى حسمه. وأبعد من العتبة، ينتظرنا تصعيد إضافي أوسع، يتضمن قطاع غزة، وأيضاً ضمّاً واسعاً في الضفة. لذلك، منذ الآن، يمكن رؤية المستقبل في الضفة: زيادة حجم القوات العسكرية؛ مذبحة ترتكبها مجموعات يهودية خارجة على القانون في حوارة في الوقت الذي تكون قوات الجيش والشرطة حاضرة غائبة؛ مطالبات بحرق القرية تحصل على تأييد وزير كبير (حتى لو تراجع لاحقاً)؛ هجمات من المستوطنين ضد الجيش، ودخول وزير وأعضاء كنيست إلى مستوطنة أفيتار، وذلك بعد خرق قرار الإغلاق العسكري.
- وفي مقابل هذا كله، تعيش إسرائيل في الأشهر الأخيرة زلزالاً سياسياً غير مسبوق، في مركزه عملية تشريع سريعة وعنيفة لتغيير ميزان القوى بين السلطات في الدولة. والحكومة تطرح هذا كإصلاحات قضائية لإعادة القوة إلى الشعب؛ أما معارضو الخطوة فيعتبرونه انقلاباً دستورياً لتركيز الصلاحيات جميعها في يدي الحكومة، ويبدأ ذلك بتسييس النظام القضائي، وينتهي بسلطة من دون قيود. الحكومة تنوي استكمال التشريع حتى نهاية الفترة الشتوية للكنيست، وتتقدم بسرعة إلى هذا الهدف الذي ينتظرنا بعده واقع جديد. ومن هنا، يبدو ما بعد العتبة كالتالي: انشقاق داخلي يتوسع؛ تراجُع اقتصادي سريع؛ عرائض ورسائل تحذير من خبراء اقتصاديين كبار؛ قطاع التكنولوجيا العالية الدقة في خطر؛ جيش الاحتياط في وحدات رأس الحربة داخل الجيش في خطر؛ تحذيرات من يهود الشتات، وحتى من الإدارة في واشنطن، على الرغم من وجود أحد الرؤساء الأكثر وداً لإسرائيل هناك.
- حتى اللحظة، الذين يدفعون بالتشريعات إلى ما بعد العتبة يتجاهلون هذا كله، ويتهمون المعارضين بعدم قبول نتائج الانتخابات وبكل الإسقاطات السلبية، ويرفضون التوقف ولو للحظة، بالإضافة إلى أنهم يعتقدون أن المشكلة هي فقط تكمن في عدم التفسير الكافي للخطوات التي يقومون بها. أصوات قليلة من الائتلاف تطالب بالتمهل في الإصلاحات والدخول في حوار، استناداً إلى المقترح الذي طرحه رئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ، ولا شيء يتغير: الاندفاع نحو العتبة التي بعدها تنتظر إسرائيل الهاوية.
- وخارجاً، يجلس أعداء إسرائيل، من طهران حتى بيروت، ويستمتعون. الدولة الصهيونية قامت على نفسها بعاصفة انتحارية، هناك تصدعات في صفوف جيشها الكبير، تهدد فاعليته؛ قواته منشغلة بالساحة الفلسطينية وغير متفرغة لتتجهز للحرب المقبلة المحتملة في لبنان؛ اقتصادها يتراجع، وكذلك الدعم الدولي لها الذي يتراجع أيضاً. قنوات البروباغندا التابعة لـ"محور المقاومة" بدأت فعلاً بحملة "بيت العنكبوت"، التي تشدد على ضعف المشروع الصهيوني، والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يتنبأ بزوال إسرائيل قبل عامها الثمانين. تعالي أعداء إسرائيل لا يبشر فقط بالمدى البعيد، إنما يشير إلى خطر حقيقي: رغبة متزايدة لدى الأعداء في المخاطرة والذهاب إلى العتبة، التي ستكون نهايتها سوء التقدير والحرب. وللتذكير، نقول إن حرب لبنان الثانية، وأيضاً عملية "الرصاص المصبوب"، اندلعتا عن طريق الخطأ، من دون أن يريد الطرفان منذ البداية الوصول إلى مواجهة واسعة.
- كل واحد من التحديات الأمنية الخارجية، إيران نووية، أو التصعيد في الساحة الفلسطينية، أو التهديد على الجبهة الشمالية، معقد بما فيه الكفاية ليحصل على تركيز كامل من القيادة في إسرائيل، حيث كل قرار، أو فعل، أو فشل، سيكون مصيرياً عندما يكون الرهان على حياة الكثير من الناس ومستقبل الدولة. ولكن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية - الأمنية [الكابينيت] الذي لا يجتمع أصلاً، توجد فيه قلة من الأشخاص لديها تجربة أمنية كبيرة، وأشك في أن يتمكن أيّ منهم من دراسة عميقة للقضايا الأمنية الموجودة. في أول شهرين من عمر الحكومة، تركز بالأساس على الإصلاحات القضائية، ومن المؤكد أن هذا يحدث على حساب التحديات الأمنية التي تواجهنا.
- إن الموجود على عتبة الباب يرى واقعاً واحداً، معروفاً ومألوفاً، لكن ما بعده لا يزال مجهولاً، جزء منه واضح أمامنا، وجزء آخر مجهول. عبور العتبة من المعروف إلى ما بعده يمكن أن يكون عبر قرار واعٍ، ويمكن أن يكون بالانجراف من دون انتباه. الآن، يبدو أن حكومة إسرائيل تهرول إلى مسار تشريع، وتبذل جهوداً للتوقف قبل تخطّي العتبة في اتجاه تصعيد واسع مع الفلسطينيين. وفي الوقت نفسه، إيران باتت على عتبة النووي، وعشية اتخاذ القرار في طهران، على القدس أن تتخذ قرارات صعبة أيضاً. جهود كبيرة تُبذل لردع إيران عن اتخاذ القرار والتقدم نحو السلاح، لكن القرار في نهاية المطاف سيُتخذ في طهران فقط. أما التصعيد في الساحة الفلسطينية فيتعلق بقرار الطرفين، ولإسرائيل وزن كبير في هذا السياق، في الاتجاهين الجيد والسيئ.
- عبور العتبة التشريعية من إسرائيل الحالية إلى تلك التي لا نعرفها في يد حكومة إسرائيل وحدها. في منطقة متعددة العتبات، حيث مصير إسرائيل على المحك، لا يزال التوقف ممكناً، من أجل الحوار والاتفاق، قبل العبور، وقبل هاوية الفوضى.
- لا شك في أن رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال هرتسي هليفي، أو رئيس جهاز الأمن العام ["الشاباك"] رونين بار، هما الآن في وضع لا يُحسدان عليه. من المؤكد أن مَن سبقهما، أفيف كوخافي ونداف أرغمان، يشكران الرب يومياً على أن ولايتيهما انتهتا في الوقت الصحيح. ففي أسوأ كوابيسهما، لم يتخيل بار، أو هليفي، أنه يمكن أن تتفكك أجهزة الأمن، وتجد إسرائيل نفسها أمام حرب أهلية في أثناء تولّيه المسؤولية. الاحتجاجات ضد الانقلاب القضائي يضعهما بين المطرقة والسندان، بين الالتزام بالقانون وقيمة المؤسسة، وبين الالتزام بقرارات الحكومة المسؤولة عنهما. في هذا الامتحان غير المسبوق، لا خيار أمامهما إلا العمل بحكمة ومنطق وحساسية. الضلع الثالث في هذا المثلث هو القائد العام للشرطة، كوبي شبتاي، الذي يبدو حتى الآن الحلقة الأضعف.
- وفي المقابل، لا يجب النظر بعين الرحمة إلى حراس التخوم هؤلاء. فلم يرغمهم أحد على هذه التعيينات في الوظائف المهمة. هم أرادوا ذلك، وعملوا طوال مسيرتهم المهنية على الوصول إلى هذه النقطة تحديداً. لذلك، يرافق الصلاحيات أيضاً امتحان المسؤولية. خلال الهجوم على حوارة - فشل الثلاثة، ولو كان فشل بار أقل. وحتى الوعود التي أصدرها قائد المنطقة الوسطى في الجيش يهودا فوكس، بأنه "سنحاسب المخلين بالنظام"، تبين سريعاً أنها فارغة من المضمون. الشرطة لم تنجح حتى الآن في الحصول على أدلة، ولذلك، تم تسريح جميع المعتقلين، باستثناء اثنين منهم تم تحويلهما إلى الاعتقال الإداري لأربعة أشهر، بتوصية من "الشاباك".
- عندما يدور الحديث حول تظاهرات للحريديم واليهود من أصول أثيوبية، أو المتظاهرين ضد الانقلاب الدستوري، أو لمجرد مواطنين عاديين، تظهر قوة الشرطة. أما عند الحديث عن مستوطنين عنيفين، فإنها تتجاهل. "الشاباك" أيضاً فشل في مهمته الأساسية: التحذير من الخطر المقبل. لم يكن هناك حاجة إلى أن يكون الإنسان جيمس بوند ليفهم أن المستوطنين سينتقمون بعد قتل الأخوة هيلل وياغيل يانيف. لقد قاموا بذلك، المرة تلو الأُخرى، ولم تكن المرة الأولى. وأكثر من ذلك، فإن الذين يعملون في "المكتب اليهودي" في "الشاباك" يعلمون جيداً بأن أيام ما قبل عيد المساخر هي أيام هجوم لدى المستوطنين، مثل رمضان لدى الفلسطينيين، مع فارق واحد: دائماً يحذرون من رمضان مسبقاً. الإرهاب من طرف المستوطنين دائماً ما يبدو مفاجئاً. لقد حان الوقت لأن يفهموا أن المستوطنين العنيفين هم تهديد لوجود إسرائيل، حتى أكثر من "الإرهاب" الفلسطيني.
- إن الفشل الأكبر خلال "ليلة البلور" اليهودية - الإسرائيلية هذه، هو فشل الجيش. لساعات طويلة، هاجم مئات المستوطنين المتعطشين للدم حوارة والقرى المجاورة لها، كبورين مثلاً. أحرقوا المنازل على سكانها، وأحرقوا المركبات، وهدموا حوانيت. موت فلسطيني واحد في هذه الليلة كان معجزة. الجيش لم يكن جاهزاً، ولم يقدّر بالشكل الصحيح، وفي النهاية، لم يرد أيضاً على المذبحة. الفشل الإضافي كان في منح قائد المنطقة الوسطى يهودا فوكس المسؤولية عن التحقيق. هذا كالذي يمنح القط مهمة حراسة الحليب. صحيح أن فوكس اعترف بفشله بشكل شخصي، لكن التحقيق الذي سلّمه لرئيس هيئة الأركان هذا الأسبوع يبدو كمجموعة من التبريرات. فمن جهة، ما جرى هو "حدث كبير وخطِر جداً يجب منعه،" ومن جهة أُخرى، "تبين أن حجم الهجوم وقوته كانا استثنائيين نسبة إلى ما كان يحدث سابقاً. لذلك، لم يكن هناك ما يكفي من القوات للتعامل مع الحدث وملاحقة منفّذ العملية والدفاع من ‹الإرهاب›، وأيضاً منع الهجمات العنيفة."
- جاء في بيان الناطق الرسمي بلسان الجيش أنه تم استخلاص العبر في منطقة القيادة الوسطى بشأن التعاون بين الجيش والشرطة و"الشاباك" و"حرس الحدود"، وأيضاً بشأن التحضير وتعزيز القوات بشكل أسرع عندما يكون هناك تخوُّف من وضع خطِر كما حدث. هل تم استخلاص العبر فعلاً؟ ليس كما يجب. بعد ذلك بأيام، خلال عيد المساخر ذاته، عاد الذين يعتقدون ويتصرفون وكأنهم سادة الأرض، وهاجموا مرة أُخرى. ومرة أُخرى وقف الجيش جانباً. وإن كان هذا غير كافٍ، فإن بعض الجنود من وحدة "غفعاتي" انضم إلى الرقص مع المستوطنين، كما كانوا أخوة في السلاح.
- بعد الهجوم على حوارة، تطرّق رئيس هيئة الأركان هليفي بأقوال كبيرة إلى ما حدث، وكان نقدياً تجاه الجيش، إلا إن أقواله لم تلحقها أي أفعال. بعد أن قام سلفه، كوخافي، وعلى مدار 4 أعوام، بالتغطية من خلال التحقيقات على حوادث الجيش والسلوكيات غير اللائقة من طرف الجنود، وحتى أنه قام بترقية جنود وضباط انزاحوا عن التعليمات، كان متوقعاً من هليفي أن يكون مختلفاً. سلوكه يشير إلى أنه يسير على ذات طريق عدم استخلاص العبر من حوادث استثنائية. هليفي صادق أيضاً على التحقيق الذي لا يوجد فيه ولا أي قرار قيادي أو خطوات جدية. التعامل يشبه، إلى حد بعيد، قول أمير أوحانا، حين كان وزيراً للأمن الداخلي وحدثت كارثة ميرون: "أنا مسؤول؛ ولكنني لست متهماً." لا توجد مسؤولية من دون تهمة.
- وفي خلفية هذا كله، هناك المقولة المذهلة والمخجلة التي قالها هليفي، وبحسبها، "في السيناريو الأسوأ... من الأفضل أن يكون هناك ديكتاتورية آمنة، من وجود فوضى غير محمية،" والتي تشير إلى ضياع وبلبلة. إنه يفضل الديكتاتورية، والمهم أن يكون الجيش قوياً، وحتى لو جاء كلامه رداً على سؤال خيالي، تفوح منه رائحة الفاشية. صحيح أن هليفي اعتذر عنها وقال إنه كان من الخطأ قولها، ولكن مجرد حقيقة أن رئيس هيئة الأركان يستطيع التفكير بهذه الطريقة، والأسوأ أن يقولها خلال جلسة مع جنود في جيش الاحتياط هو شيء مرعب. عادةً، يتم منح مَن يتولى رئاسة هيئة الأركان 100 يوم من الرحمة، لم يتبقّ لهليفي منها إلّا 20 يوماً لكي يسيطر على نفسه.