مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
ذكر بيان صادر عن وزارة الدفاع السورية أن مطار حلب الدولي تعرّض فجر اليوم (الأربعاء) لقصف إسرائيلي جوي، وهو ما أسفر عن وقوع أضرار مادية فقط.
ونقل البيان عن مصدر عسكري سوري رفيع المستوى قوله: "في حوالي الساعة 3:55 من فجر اليوم نفّذ العدو الإسرائيلي عدواناً جوياً بعدد من الصواريخ من اتجاه البحر المتوسط غربي اللاذقية، مستهدفاً محيط مطار حلب الدولي، الأمر الذي أدى إلى وقوع بعض الأضرار المادية في المطار."
وكانت وسائل إعلامية سورية معارِضة قالت في وقت سابق إن القصف استهدف أيضاً محيط مطار النيرب العسكري، وهما في الأصل مطار واحد يقع على بُعد قرابة 10 كيلومترات شرقي حلب. وبحسب ما قالت، فإن القصف الذي طاول مطار حلب أدى إلى وقوع عدة انفجارات سُمع دويّها في أنحاء المدينة.
وهذه هي المرة الثانية التي تستهدف فيها إسرائيل هذا المطار في آذار/مارس الحالي، إذ أطلقت صواريخ إسرائيلية من البحر الأبيض المتوسط في اتجاه المطار يوم 7 الجاري، وهو ما أدى إلى إخراجه من الخدمة.
كما كان المطار نفسه تعرّض لقصف إسرائيلي في أيلول/سبتمبر الماضي أخرجه من الخدمة أيضاً.
دعت وزارة الخارجية الأميركية الحكومة الإسرائيلية إلى منع الاستيطان في بعض مناطق شمال الضفة الغربية، والتي قامت إسرائيل بإخلائها ضمن "خطة الانفصال [فك الارتباط] عن قطاع غزة وشمال الضفة الغربية" سنة 2005، والتي شملت أيضاً التزامات قدمتها القدس إلى الولايات المتحدة.
وجاءت هذه الدعوة في سياق تعقيب واشنطن على مصادقة الكنيست فجر أمس (الثلاثاء) بالقراءتين الثانية والثالثة على إلغاء بنود من "قانون الانفصال" المذكور، وهو ما يمهّد لإعادة إقامة 4 مستوطنات في شمال الضفة أُخليت قبل 18 عاماً. ويلغي القانون قرار الانفصال عن مستوطنات "غانيم" و"كديم" و"حوميش" و"سانور"، التي تم تفكيكها سنة 2005، وينص على إلغاء العقاب الجنائي المفروض على المستوطنين الذين يدخلون إلى هذه المستوطنات أو يقيمون بها.
وقال نائب الناطق بلسان وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتل مساء أمس إن واشنطن منزعجة للغاية من هذا التحرك للكنيست. وأضاف أن تعديل القانون استفزازي بشكل خاص، ويؤدي إلى نتائج عكسية لجهود استعادة الهدوء. كما شدّد على أن الولايات المتحدة قلقة بشدة حيال تبنّي الكنيست القانون الذي يلغي أجزاء مهمة من قانون فك الارتباط العائد إلى سنة 2005.
وأشار باتل إلى أن حكومة أريئيل شارون كانت قدمت في صيف 2005 التزامات لواشنطن تعهدت فيها بمنع التراجع عن قانون الانفصال عن قطاع غزة والمستوطنات الأربع في شمال الضفة.
وقال باتل: "إن الولايات المتحدة تحثّ إسرائيل بشدة على عدم السماح بعودة المستوطنين إلى المنطقة التي يشملها القانون، بما يتفق مع التزام رئيس الحكومة السابق شارون والحكومة الإسرائيلية الحالية أمام الولايات المتحدة. ونكرّر القول إن المضي في إقامة المستوطنات يشكل عقبة أمام السلام وتحقيق حل الدولتين." وأشار أيضاً إلى أنه من المقلق للغاية تمرير مثل هذا التشريع المهم في الكنيست بأغلبية 31 صوتاً من مجموع 120 صوتاً. كما لفت إلى أن هذه الخطوة جاءت بعد يومين فقط من تأكيد إسرائيل التزامها وقف مناقشة إقامة مستوطنات جديدة وتشريع بؤر استيطانية [غير قانونية]، وذلك في إشارة إلى بيان مشترك صدر عن قمة شرم الشيخ في مصر، والتي اشترك فيها ممثلون من إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
وتطرّق باتل إلى تصريحات وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش [رئيس "الصهيونية الدينية"] التي أدلى بها في باريس، وذكر فيها أنه لا وجود لشعب فلسطيني، فقال إن واشنطن تعتبر هذه التصريحات ليست غير دقيقة فحسب، بل أيضاً خطِرة ومضرّة.
قال بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إن جنديين إسرائيليين أصيبا ظهر أمس (الثلاثاء) بجروح خطِرة وطفيفة، في إثر انفجار لغم بمركبة عسكرية تابعة للجيش الإسرائيلي بالقرب من المنطقة الحدودية مع الجنوب اللبناني، في مقابل قرية عيتا الشعب اللبنانية. وأضاف أنه يجري التحقيق لتقصّي وقائع الحادث.
وذكرت إذاعة "كان 11" [تابعة لهيئة البث الرسمية الجديدة] أن المركبة اصطدمت بلغم عسكري قديم في منطقة الحدود مع لبنان، وأكدت أن الحادث ليس أمنياً. كما أشارت إلى أن اللغم المُنفجر كان الجيش الإسرائيلي زرعه في الماضي، وعلى ما يبدو، انحرف من مكانه.
قام رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أمس (الثلاثاء) بجولة تفقّدية في مركز تجنيد للجيش الإسرائيلي في تل أبيب.
وأكد نتنياهو، خلال حديث مع مجندين جدد في صفوف الجيش، أن أعداء اسرائيل، وفي مقدمتهم إيران والمنظمات التي تدور في فلكها، لا يزالون يريدون إبادتها. وشدّد على أن وجود جيش قوي هو أفضل ضمان لاستمرار قيام الدولة.
وبدوره، قال وزير الدفاع يوآف غالانت الذي شارك في الجولة إن المجندين الجدد الذين ينتمون إلى جميع شرائح المجتمع هم أفضل دليل على المتانة الحقيقية لدولة إسرائيل، على الرغم من كل الخلافات التي يشهدها البلد في الفترة الأخيرة، على خلفية الخطة الحكومية الرامية إلى إجراء إصلاحات بعيدة المدى في الجهاز القضائي.
حذّر قادة احتجاجات تشكيلات الاحتياط في الجيش الإسرائيلي ضد خطة حكومة بنيامين نتنياهو، التي تهدف إلى إضعاف الجهاز القضائي، من مغبّة تفكُّك الجيش الإسرائيلي، وأكدوا أن عشرات الآلاف سيمتنعون من تأدية الخدمة العسكرية في حال استكمال تشريعات هذه الخطة القضائية الخطرة.
وجاء هذا التحذير في سياق مؤتمر صحافي عقده قادة الاحتجاجات في تشكيلات الاحتياط في هرتسليا [وسط إسرائيل] أمس (الثلاثاء)، وقالوا فيه إنهم سيبدؤون بجمع تواقيع من ضباط في قوات الاحتياط على عريضة تدعو إلى رفض الخدمة العسكرية في حال إقرار الخطة القضائية.
وأصدر هؤلاء القادة قبل المؤتمر الصحافي بياناً قالوا فيه: "إننا نتظاهر في الشوارع منذ أحد عشر أسبوعاً ووزير الدفاع صامت، والحكومة تسارع إلى فرض مخططها وتخرق العقد المبرم بيننا. إن الخط الأحمر يقترب، وإذا تمت الموافقة على التشريعات، فسنتوقف نحن وعشرات آلاف آخرين عن الخدمة العسكرية."
وقال المقدم رون شيرف، أحد قادة احتجاجات تشكيلات الاحتياط: "بقلب مثقل، نريد أن نعلن تصعيد النضال. إن جيش الشعب لا يمكن أن يوجد إلا في ظل الديمقراطية. إن السلطة التنفيذية ذات الصلاحيات غير المحدودة، هي سلطة ديكتاتورية. إذا تم تمرير القوانين، فسنتوقف، نحن وعشرات الآلاف معنا، عن الخدمة في الاحتياط. إن الجيش يتفكك، ونحن نرى ذلك. وقد منعنا رجالنا حتى الآن من اتخاذ هذه الخطوة، ولكن الخط الأحمر يتقدم بسرعة." وأضاف: "إننا نفعل ذلك من منطلق المسؤولية والحب الكبير للوطن؛ لذا، سنبدأ بحملة توقيع لرفض الخدمة، تشمل جميع ضباط وجنود الاحتياط. والمسؤولية ليست علينا، بل على الحكومة، فبيدها وقف هذا التمزق الرهيب."
وحثّ المشاركون في المؤتمر الصحافي وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت على الضغط لوقف العملية التشريعية. كما أشاروا إلى مساعي الحكومة لتغيير تركيبة لجنة اختيار القضاة، وعبّروا عن رفضهم للمخططات البديلة التي يطرحها الائتلاف.
يُذكر أنه يشارك في الاحتجاجات الواسعة على خطة إضعاف القضاء متظاهرون بقيادة قدامى المحاربين وضباط في الاحتياط في سلاحيْ الجو والبحر والوحدات الخاصة والوحدات الميدانية والسيبرانية والاستخباراتية ومجموعة من جنود الاحتياط في الجيش الإسرائيلي.
وخلال الأسبوعين الأخيرين، أعلن مئات الضباط وجنود الاحتياط في سلاح الجو والوحدات الخاصة والاستخبارات الإسرائيلية أنهم لن يخدموا في وحداتهم، في حال تمرير الخطة المثيرة للجدل التي تُضعف سلطات القضاء إلى حدّ بعيد.
ويوم الأحد الماضي، بدأ المئات من جنود الاحتياط في وحدات النخبة في الجيش الإسرائيلي بالامتناع من المثول للخدمة التطوعية، منفّذين بذلك تهديداً أصدروه قبل عدة أسابيع، رداً على خطة الحكومة. وأعلن قادة هذه المجموعة، التي تضم ما بين 450 و650 ضابطاً وجندياً في شعبة العمليات الخاصة ووحدات السايبر، أنهم سيتوقفون عن الالتحاق بالخدمة التطوعية بسبب المضي قدماً بتشريع خطة الحكومة.
وأعرب الرئيس السابق لهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال احتياط دان حالوتس عن دعمه لموقف المحتجين من تشكيلات الاحتياط. وقال مخاطباً إياهم: "إنكم تصرخون صرخة حقيقية. هناك مَن يحاول وصم جنود تشكيلات الاحتياط بأنهم رافضون للخدمة العسكرية، ولكن الرافضين الوحيدين هم في الحكومة."
- دولة إسرائيل تخوض معركة ضد الصحافيين الفلسطينيين في القدس. أفراد شرطة بلباس مدني دخلوا أول أمس (الاثنين) إلى مكاتب شركة إنتاج في القدس، اعتقلوا 5 صحافيين هناك، وأصدروا أمر إغلاق للمكاتب لمدة 6 أشهر. والسبب؟ الشركة زودت "تلفزيون فلسطين" بالخدمات.
- وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير برّر القرار، استناداً إلى قانون تطبيق اتفاقيات أوسلو من سنة 1994، والذي يمنع السلطة الفلسطينية من العمل داخل حدود إسرائيل. لكن مراجعة القانون تدلّ على أنه لا ينطبق على الصحافيين، والهدف منه هو "منع نشاط ذي طابع سياسي أو نظامي". القانون لا ينطبق على الصحافيين الفلسطينيين في القدس؛ مدينة 40% من سكانها فلسطينيون. بن غفير ليس طلائعياً في هذا المجال، بل يستمر في تطبيق سياسة سلفيْه، جلعاد إردان وعومر بار ليف، اللذين أحبا أيضاً استعمال "قانون التطبيق" ضد الفلسطينيين في القدس: بالأساس قاما بمنع مهرجان ودوري كرة قدم ولقاءات أولياء أمور، بادّعاء أن السلطة الفلسطينية تدخلت في تنظيم هذه الأحداث.
- إن الملاحقة الحالية للصحافيين الفلسطينيين تشكل استمراراً للسياسات الهادفة إلى تقليص حرية الصحافة الفلسطينية. فلمى غوشة، صحافية فلسطينية من القدس، لا تزال منذ نصف عام في الحبس المنزلي، وتطالب النيابة بسجنها فعلياً مدة عام. وهذا بعد أن تمت إدانتها بـ "التضامن مع تنظيم إرهابي والتحريض على العنف"، بسبب ما نشرته على وسائل التواصل الاجتماعي. كان يمكن النظر إلى طلب النيابة على أنه "معقول"، لو أنها لا تغضّ النظر عن التحريض الكبير الذي نشره صحافيون وإسرائيليون، ويتعدى ما قامت به غوشة: بدءاً بوزير المال الذي طالب بمحو حوارة، مروراً بنشطاء الليكود الذين يقومون بحملة تحت عنوان "يساريون خونة"، وصولاً إلى المغردين الذين يطالبون بقلع عيون المحتجين والصحافيين.
- منذ أعوام طويلة، يشعر الصحافيون الفلسطينيون الذين يعملون في القدس، بظلم أذرع دولة إسرائيل. من الصعب إيجاد صحافي في المدينة لم يُصب برصاصة مطاطية، أو تم الاعتداء عليه بالعصي، أو اعتُقل من دون مبرر، أو تم إذلاله على يد الشرطة. فهم في أغلبيتهم، تعرضوا لهذا كله وأشدّ منه أكثر من مرة. وعلى الرغم من أن العنف الموجّه ضد الصحافيين وُثِّق كثيراً، فإن قسم التحقيق مع أفراد الشرطة لم يفتح أيّ تحقيق مع أفراد الشرطة.
- إن معركة الحكومة ضد حرية الصحافة وحق الجمهور الفلسطيني في المعرفة، هي معركة غير قانونية، وغير أخلاقية، كما أنها من دون جدوى في الواقع الإعلامي اليوم. الهدف الفعلي هو محو الهوية الفلسطينية والوجود الفلسطيني في القدس. الحديث يدور حول ذراع إضافية للاحتلال، تحاول قمع حرية التعبير؛ والآن، تدعمها رسمياً أخطر حكومات إسرائيل.
- إسرائيل موجودة في الوقت الحالي أمام التقاء تهديدات خطِرة لأمنها القومي: تراجُع اقتصادي في ظل أزمة اقتصادية عالمية، وشقوق تتوسع في علاقتها بالولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه، فإن المجتمع الإسرائيلي غارق في صراع داخلي غير مسبوق بسبب الدفع قدماً بالإصلاحات القضائية، وهو ما يعزز التهديدات، ويُلحق الضرر بقدرة إسرائيل على التعامل معها. ومن دون الخوض في مضمون الإصلاحات القضائية الخلافي، فلا شك في أن الحديث يدور حول تغييرات كبيرة في قواعد اللعبة والنظام السياسي والقضائي الإسرائيلي، الأمر الذي يتعامل معه كثيرون على أنه تهديد حقيقي للديمقراطية الإسرائيلية، يتم الدفع به بسرعة البرق من دون منح فرصة حقيقية للوصول إلى تفاهمات واسعة. ونتيجةً لذلك، تتصاعد الاحتجاجات الجماهيرية الواسعة، وتتمدد بشكل لا يمكن منعه إلى مؤسسات الدولة، وضمنها الجيش.
- قبل نحو 20 عاماً، كان على إسرائيل التعامل مع مزيج من أزمتين حادّتين على جبهتين: الانتفاضة الثانية؛ وانفجار فقاعة الـ com. حينها، استطعنا التعامل مع التحديات، لأن الرد جاء من داخل مجتمع متماسك، وصفوفه مرصوصة. هذه المرة، لا يدور الحديث فقط حول ثلاث جبهات - أمنية، ودبلوماسية واقتصادية- بل إن الدفع بالإصلاحات يرفع من حدة الاستقطاب الداخلي، وهو بذلك يضرّ بالحصانة الاجتماعية التي تشكل أحد أعمدة الأمن القومي. والأكثر من ذلك، فإن الدفع بالإصلاحات والاحتجاجات الاجتماعية ضدها يضللان الانتباه النظامي والطاقة الجماعية حيال المواجهات حولنا، ويدفعان إلى إهمال التعامل مع التحديات الخارجية التي تتعاظم بسبب الضعف الداخلي.
التهديدات الأمنية
- بغض النظر عن الإصلاحات القضائية، فإن التهديدات الأمنية لإسرائيل قد تصاعدت كثيراً في الآونة الأخيرة: أولاً، هناك ارتفاع في التهديد الصادر عن إيران، التي تحولت عملياً إلى دولة على عتبة نووية، تحصل على خبرة عسكرية كبيرة وثمينة من الحرب الأوكرانية، وحتى أنها يمكن أن تحصل من روسيا على أسلحة متطورة. وفي الوقت نفسه، تعمّق إيران تأثيرها الإقليمي، عبر تقوية علاقاتها مع جاراتها في الخليج، برعاية صينية. ثانياً، نشهد منذ فترة حالة تصعيد خطِرة على الجبهة الفلسطينية: موجة عمليات "إرهابية" مستمرة، في ظل ضُعف السلطة الفلسطينية ونموّ مجموعات مسلحة على نمط "عرين الأسود"، وذلك عشية رمضان وما يرافقه من احتمالات انفجار واسع، وخصوصاً بسبب المسجد الأقصى. ثالثاً، حزب الله صار أكثر عدوانية، وهو ما يشير إلى احتمال أنه لم يعد مردوعاً.
- إن المتوقع من إسرائيل هو أن تركز بكامل قوتها على التعامل مع هذه التحديات الخطِرة بما يكفي، إلا إن الأزمة الداخلية تضرّ بقدرتها على القيام بذلك. الضرر الأكبر لحِق بالجيش، وهو الذي كان في السابق المنظومة التي تُعتبر فوق كل الخلافات الداخلية، وبالاستعداد للخدمة فيه الذي لا يستند فقط إلى التجنيد الإجباري، بل إلى الشعور بالانتماء أيضاً، وإلى الرواية المشتركة. لذلك، فإن الضرر الأكبر لحِق بمنظومة الاحتياط، وبصورة خاصة بوحدات النخبة التطوعية - طواقم سلاح الجو، والقوات الخاصة، وأجهزة الاستخبارات. ضباط كبار يواجهون صعوبة في الموازنة بين ضرورة الحفاظ على الجيش وحمايته من التأثير السام للأزمة، وبين معرفتهم بالمحتجين - كثيرون منهم جنود متميزون، ومن أفضل جنود وضباط الجيش. هذا بالإضافة إلى أن مقترحات القوانين التي ستمنح الإعفاء الكامل لفئات واسعة، ستُلحق ضرراً كبيراً وجوهرياً بفكرة الجيش كـ"جيش الشعب"، وبذلك يتم الإخلال بالاتفاق بين الدولة والمواطنين الخادمين عسكرياً فيها. ضرر كبير لحِق منذ الآن بالتكتل والثقة المتبادلة داخل الوحدات المقاتلة، وبينهم وبين الضباط المسؤولين عنهم. إذا استمر الدفع بالإصلاحات، فسيؤدي ذلك بشكل شبه مؤكد إلى أضرار كبيرة أكثر، حتى في أعمال الجيش اليومية، وجهوزيته للتعامل مع حالات الطوارئ.
- وأكثر من ذلك، فإن التعامل مع الأزمة الداخلية يسيطر على القيادات السياسية والدبلوماسية والأمنية، ويستنفد قدرة هذه القيادات على التعامل مع القضايا الأمنية الحارقة - إيران، وما يجري في الضفة الغربية والجبهة الشمالية. وهو الأمر نفسه بالنسبة إلى الوضع الاقتصادي والعلاقات مع الولايات المتحدة.
- وختاماً، لا شك في أن ما يجري في إسرائيل شفاف كلياً نحو الخارج، ويشجع أعداءها الذين يمكن أن ينجرفوا بسبب ذلك إلى خطوات خطِرة.
الضرر بالعلاقات مع الولايات المتحدة وبمكانة إسرائيل الدولية
- العالم يتابع عن قُرب ما يجري في الساحة الداخلية في أعقاب الدفع بالإصلاحات، وكذلك الأمر فيما يخص الموضوع الاقتصادي. الرد العالمي تقريباً هو استغراب وقلق عميق، يتم التعبير عنه من خلال تصريحات رؤساء الدول والتظاهرات في الشوارع. العلاقات المميزة مع الولايات المتحدة، والتي لا تستند فقط إلى مصالح، بل إلى قيم مشتركة، يبدو أنها تتراجع باستمرار بسبب الإصلاحات والخطوات الأحادية الجانب في الساحة الفلسطينية. وهذا يضاف إلى الاتجاهات المقلقة التي تجري أصلاً في الولايات المتحدة من دون علاقة لإسرائيل، وتتميز بتغييرات ديموغرافية وسياسية وابتعاد الجاليات اليهودية هناك عن إسرائيل.
- هذه التطورات مقلقة جداً، وخصوصاً أننا بحاجة إلى دعم الولايات المتحدة الصلب، أكثر من أي وقت مضى، في مقابل التهديد الموجود أمامنا- الإيراني. دعم الولايات المتحدة مصيري لحفظ تفوّق إسرائيل النوعي والدفاع عنها في المؤسسات الدولية. وأكثر من ذلك، فإن السعي لتوسيع "اتفاقيات أبراهام" مع دول إضافية كهدف مركزي للسياسة الخارجية الإسرائيلية، يتعلق بشكل حاسم بما تريده الولايات المتحدة. لذلك، فإن التراجع في هذه العلاقات بسبب الإصلاحات القضائية، يزعزع أحد أهم أعمدة الأساس في الأمن القومي الإسرائيلي، ويضع علامة استفهام واضحة على المنطق الكامن وراء هذه السياسة. مكانة إسرائيل في الدول الغربية الأُخرى، يلحق بها ضررٌ لا يقل عما يجري مع الولايات المتحدة، حتى أن دولاً غير ديمقراطية تتساءل عمّا يجري هنا، بسبب عدم الاستقرار والانشقاق الداخلي الذي تكشفه الأزمة. الإقليم يردّ هو الآخر: الإمارات العربية المتحدة تتحفّظ عن تعميق العلاقات، وحتى أنها تقلص بعضها، ودول أُخرى تبتعد بدورها.
التراجع الاقتصادي
- إن جائحة كورونا، والحرب في أوكرانيا، والمواجهة المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين، كلها أحداث تسببت بزعزعة الاقتصاد العالمي خلال الأعوام الأخيرة، وأدت إلى تضخّم مالي كبير، وارتفاع في نسبة الفائدة، وتراجُع في العولمة. الارتدادات تصل إلى إسرائيل وتغذي التضخم المالي هنا، وهو ما يؤدي إلى إقالات جماعية في قطاع التكنولوجيا العالية الدقة، ويضرّ بالنمو. الأمور سيئة بما فيه الكفاية، وكان يجب تجميع كافة الموارد للتعامل مع الأزمة التي تتشكل- وهي وزارة المال، وبنك إسرائيل، ورئيس الحكومة- كما جرى خلال أزمة 2008. وبدلاً من ذلك، يؤدي الدفع بالإصلاحات القضائية إلى ضرر إضافي بالاقتصاد، وإلى مخاوف كبيرة في أوساط اقتصادية واسعة في إسرائيل وخارجها تحذّر من إسقاطاتها الصعبة، وما يمكن أن تُلحقه من ضرر بالسوق الإسرائيلية.
- إن الانهيار المفاجئ لبنك SVB عكَس ضُعف الاقتصاد الدولي، كما عكَس حجم الإسقاطات المصيرية عندما تتزعزع الثقة بالمؤسسات. قطاع التكنولوجيا العالية الدقة الإسرائيلي حساس جداً إزاء هذه المخاطر، ذلك بأنه يعتمد على التصدير، ويستند إلى رأس مال خارجي. الدفع بالإصلاحات القضائية سيعزز عدم الاستقرار السياسي، والمجهول في الاقتصاد الإسرائيلي، وبذلك يُلحق الضرر بالمستثمرين الأجانب واستعدادهم للاستثمار هنا. هذا بالإضافة إلى أن موظفي قطاع التكنولوجيا العالية الدقة، هم جزء فاعل في الاحتجاجات ضد الإصلاحات القضائية، حتى أن بعضهم أعلن رغبته في إخراج أعماله من البلد. وكما هي الحال مع جنود الاحتياط، القضية ليست تصريحات فارغة، إنما تعكس مشاعر حقيقية بأن لديهم قوة للتأثير في الواقع الذي يُصاغ.
- إذا استمر الدفع قدماً بالإصلاحات القضائية، فمن المؤكد تقريباً أن التقييم الائتماني لإسرائيل سيتراجع، وستنجم عن ذلك إسقاطات كارثية على السوق. والأكثر من ذلك، سيكون من الصعب جداً ترميم الضرر الذي لحِق بمكانة إسرائيل كدولة ترتبط بالنجاح الاقتصادي، بنَت خلال عشرات الأعوام من السياسات الاقتصادية المسؤولة استقراراً سياسياً ونظاماً قضائياً مستقلاً و"موضع ثقة".
- بسبب هذه الأزمة الخطِرة، ومن منطلق المسؤولية، وبحزن شديد، يُصدر "معهد أبحاث الأمن القومي" لأول مرة تحذيراً استراتيجياً كهذا.