مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
إطلاق أكثر من 100 صاروخ من غزة على إسرائيل مؤخراً، واعتراض منظومةِ القبةِ الحديديةِ 24 منها فقط
حزب قوة يهودية يقاطع التصويت في الكنيست احتجاجاً على الرد الضعيف للجيش الإسرائيلي على القصف من غزة
جمعية "عطيرت كوهانيم" اليمينية تقدّم خطة لإقامة حي جديد في القدس الشرقية بدعم من وزارة العدل
تقرير: على إسرائيل أن تقرر ماذا تريد من غزة ومن نفسها
مقالات وتحليلات
الموت الاستثنائي للأسير المضرب عن الطعام يمكن أن يؤدي إلى موجة جديدة من العمليات الانتقامية
تتعزّز قوّتها وتُغيّر قواعد اللعبة: "حماس" هي الرابح الأكبر من الوضع الحالي
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"هآرتس"، 2/5/2023
إطلاق أكثر من 100 صاروخ من غزة على إسرائيل مؤخراً، واعتراض منظومةِ القبةِ الحديديةِ 24 منها فقط

ذكر الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أنه تم إطلاق أكثر من 100 صاروخ من قطاع غزة على إسرائيل في اليوم الأخير، وقد اعترضت منظومة القبة الحديدية 24 صاروخاً منها فقط. وفي رأي الجيش، فإن هذه نسبة نجاح بنسبة 90%، وذلك بسبب سقوط 11 صاروخاً منها في البحر، و14 داخل أراضي القطاع، و48 في أراضٍ مفتوحة، بالإضافة إلى 7 صواريخ لم يُحدد مكان سقوطها. وبالاستناد إلى الجيش، فإن الجهاد الإسلامي هو وراء القصف، لأن الأسير خضر عدنان الذي توفي جرّاء إضرابه عن الطعام هو عضو في الحركة. وإن "حماس"، في رأي الجيش الإسرائيلي أيضاً، كانت على علم بالقصف، وشاركت بإطلاق صواريخ ضد طائرات سلاح الجو.

 من جهة أُخرى، هاجمت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي أهدافاً في غزة تابعة لـ"حماس" والجهاد الإسلامي، وبحسب التقارير، فقد تسببت الهجمات بمقتل شخص في موقع عسكري. وفي وقت لاحق، أعلن الجيش عودة الحياة الطبيعية إلى مستوطنات غلاف غزة واستمرار الدراسة في المدارس.

وأشارت تقديرات المؤسسة الأمنية إلى أن إسرائيل ربما تكون في مواجهة جولة قتال أُخرى في قطاع غزة. وقال مسؤولون رفيعو المستوى للصحيفة إنه في النقاشات التي جرت في الساعات الأخيرة جرى الاتفاق على أن إطلاق الصواريخ يستوجب رداً إسرائيلياً، ومع ذلك، فقد أشار هؤلاء إلى أن الرد يجب أن يكون مدروساً، وألاّ يجرّ الطرفَين إلى عملية عسكرية واسعة النطاق تستمر أياماً كثيرة. كما شدّدوا على خشيتهم من التصعيد في الضفة الغربية في ظل التوترات في السجون وسط الأسرى الأمنيين بعد وفاة الأسير الشيخ خضر عدنان.

وعند الظهيرة، قال مصدر في "حماس" لـ"هآرتس" إن الحركة قرّرت الرد في القطاع على وفاة عدنان بصورة مدروسة، لكن القصف لن يتخطى مستوطنات غلاف غزة. في المقابل، جاء من الذراع العسكرية في الجهاد الإسلامي: "لن نتنازل عن حقنا في الرد على الجريمة، ولن نهدأ حتى نرى الألم والندم في عينَي العدو، والفرح في عينَي الشعب الفلسطيني."

وقال دبلوماسي مطّلع على الاتصالات التي تجري بين إسرائيل والتنظيمات الفلسطينية من أجل التوصل إلى وقف إطلاق النار إن مختلف الأطراف تعمل في الساعات الأخيرة لمنع التصعيد بين الطرفين. وأضاف: "حذّرْنا إسرائيل مسبقاً من أن وفاة عدنان ستؤدي إلى رد، لكن مع الأسف لم يُصغوا إلينا."

من جهة أُخرى، عقد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو اجتماعاً شارك فيه وزير الدفاع يوآف غالانت، ورئيس الأركان هرتسي هليفي، ونائبه أمير برعام، وذلك لتقدير الموقف الأمني بعد عملية إطلاق الصواريخ، وجرى بحث الوضع. وصرّح نتنياهو في احتفال أُقيم بمناسبة انتهاء دورة للضباط: " أؤكد لكم أن الجيش سيرد وسيتحرك بصورة صارمة وحاسمة لإعادة الهدوء إلى سكان دولة إسرائيل."

وتجدر الإشارة إلى أن إطلاق الصواريخ من غزة على إسرائيل بدأ في ساعات الصباح بعد إعلان وفاة الأسير خضر عدنان، وقد أصاب أحدُها موقعاً للبناء في سديروت متسبباً بإصابة مواطن صيني بجروح طفيفة، كما أُصيب شخصان أجنبيان آخران بجروح طفيفة. بالإضافة إلى هؤلاء، جُرح تسعة أشخاص، بينهم امرأة (49 عاماً) من سكان سديروت كانت في طريقها إلى الملجأ.

 

"معاريف"، 3/5/2023
حزب قوة يهودية يقاطع التصويت في الكنيست احتجاجاً على الرد الضعيف للجيش الإسرائيلي على القصف من غزة

يسود الغضب الشديد الائتلاف الحكومي إزاء الرد العسكري على إطلاق الصواريخ من غزة. وأعلنت كتلة قوة يهودية أنها لن تشارك في التصويت في الكنيست خلال هذا اليوم، وستعقد جلسة خاصة في مدينة سديروت رداً على "الرد الضعيف على القصف من غزة". وصرّح عضو الكنيست من الحزب ألموغ كوهين أنه سيفتح مكتباً برلمانياً في سديروت، وأضاف: " سيدفع الرد الضعيف للجيش بالتأكيد إلى جولة قادمة ستؤذي حياة أطفالنا ونسيج الحياة الطبيعية في غلاف غزة وسكان الجنوب الذين وضعوا ثقتهم فينا. لن أسمح بأي صورة من الصور تحويل سكان النقب والجنوب إلى مواطنين من الدرجة الثانية. وأدعو زملائي في الكتلة وزعيمها إيتمار بن غفير إلى الانضمام إليّ في المكتب الذي سأفتحه في سديروت. لن نتخلى عن سكان غلاف غزة، وما ينطبق على تل أبيب ينطبق على غلاف غزة."

على صعيد آخر، هاجم عضو الكنيست داني دانون من الليكود سياسة الرد على القصف من غزة قائلاً: "سمعتُ غضباً كبيراً من سكان الجنوب، وهذا غضب محق، فَهُم أرادوا أن يروا رداً قوياً، وللأسف لم يحدث ذلك. وفي النهاية، هم لا يعالجون المشكلة الجوهرية ولا يعالجون الجذور، ولا يمكن بهذه الطريقة تجديد الردع." وأضاف: " بدأت جولة في غزة، والفلسطينيون يقررون متى تبدأ ومتى تنتهي. أقول للمستوى السياسي: ’يجب تغيير الخط‘. توقعتُ سماع خبر مقتل ’مخربين‘ وتدمير مبانٍ، ولقد هاجمنا مواقع من الرمل خالية من الناس، وقلنا أننا رددنا."

 

"هآرتس"، 2/5/2023
جمعية "عطيرت كوهانيم" اليمينية تقدّم خطة لإقامة حي جديد في القدس الشرقية بدعم من وزارة العدل

قدّمت الجمعية اليمينية "عطيرت كوهانيم" خطة لبناء حي جديد في القدس الشرقية داخل حي راس العمود، وذلك بتأييد من القيّم العام في وزارة العدل. الأرض التي سيقام عليها الحي الجديد، بحسب المخطط، اشترتها عائلات يهودية في بداية القرن الماضي. بعد احتلال الجيش الأردني المنطقة سنة 1948، انتقلت الأرض إلى يدَي القيّم العام الأردني المسؤول عن إدارة أملاك العدو. سنة 1967، بدأ القيّم العام في وزارة العدل إدارة هذه الأملاك، وعثر على عدد من الورثة لها، وسجّل باسمهم الأراضي، وظل جزء آخر من هذه الأراضي ضمن إدارة القيّم وملكيته. واشترى ناشطون من اليمين بمساعدة المليونير الأميركي أرفينغ موسكوفيتش جزءاً من الأراضي من أصحابها. وبعد إقامة جدار الفصل، ظل جزء كبير من الأراضي في الجانب الفلسطيني.

سنة 2004، أقامت جمعية "عطيرت كوهانيم" مستوطنة صغيرة اسمها كدمات تسيون في الجانب الإسرائيلي من جدار الفصل، ومنذ ذلك الحين تسكنها بضع عائلات تحت حماية مشددة. وتحاول الجمعية منذ سنوات الدفع قدماً بمشروع لإقامة حي كبير في المكان، وقد حظيت بتأييد رئيس بلدية القدس السابق نير بركات، لكن معارضة الولايات المتحدة الخطوةَ والخوف من الضغط الدولي منعا إقامة الحي.

في رأي أفيف تاترتسكي - باحث في جمعية "عير عميم" [جمعية تهتم بالصراع الإسرائيلي - الفلسطيني] - فإن "الاستيطان في القدس الشرقية سيكون مدمِّراً بالنسبة إلى آلاف الفلسطينيين الذي يعيشون في المنطقة. وفي الوقت الذي يناضل فيه الجمهور اليهودي دفاعاً عن مستقبل النظام في إسرائيل، فإن هذا المشروع يوضّح أن لا مكان للديمقراطية عندما يتعلق الأمر بالقدس الشرقية."

"يسرائيل هَيوم"، 2/5/2023
تقرير: على إسرائيل أن تقرر ماذا تريد من غزة ومن نفسها

عادت إسرائيل أمس إلى مواجهة المعضلة المعقدة "كيف ترد على إطلاق الصواريخ من غزة من دون الانجرار إلى تصعيد لا ترغب فيه؟"، وأساس المعضلة واضح؛ إن هدف الإطلاق الاستفزازي للصواريخ عند الظهيرة من جانب الجهاد الإسلامي هو الإيذاء والقتل. ومن جهة ثانية، فقد استهدف إطلاق الصواريخ غلاف غزة فقط، وقد أتى كرد على وفاة الأسير المضرب عن الطعام خضر عدنان، ناقلاً رسائل من "حماس"، فحواها أنها ليست المسؤولة عن إطلاق الصواريخ لكنها على علم به، وأنها ليست معنية بالتصعيد.

في القيادتَين، السياسية والأمنية في إسرائيل، لم يكن هناك خلاف بشأن ضرورة الرد، لكن الجدل كان بشأن قوة هذا الرد، فالرد الضعيف يعكس ضعفاً، ويشجع الجهاد الإسلامي والتنظيمات الأُخرى على الاستمرار في إقلاق سكان مستوطنات غلاف غزة وتعكير صفوهم. أمّا الرد الحاد جداً، فيمكن أن يؤدي إلى سقوط إصابات في الجانب الفلسطيني، وبالتالي، سيتسبب برد مضاد، يتبعه انضمام "حماس" إلى المعركة. ويمكن لتبادل كهذا للضربات أن يخرج بسرعة عن السيطرة، في الوقت الذي يقوم فيه فرع "حماس" في لبنان بتوتير الأجواء، والميليشيات الشيعية في سورية تتنظر الفرصة المناسبة لضرب إسرائيل.

لقد سبق أن واجهت إسرائيل معضلة مشابهة الشهر الماضي، وذلك عندما تعرضت خلال عيد الفصح للقصف من الشمال ومن غزة. وكان القرار حينها الرد بصورة معتدلة نسبياً، بحيث لا تتسبب هجمات سلاح الجو بسقوط قتلى، وهذا ناجم عن عدد من الأوضاع؛ عدم سقوط قتلى في حوادث إطلاق النار، والشرخ الداخلي في إسرائيل بسبب التشريعات القضائية، ومعلومات استخباراتية قوية بشأن نية إيران توحيد الساحات، وتضافر شهر رمضان الحساس مع عيد الفصح اليهودي. كما أن رغبة الفلسطينيين في التصعيد في حرم المسجد الأقصى أدى إلى ضبط النفس من جانب إسرائيل. الآن، يبدو الوضع مختلفاً كلياً؛ صحيح أن الشرخ الداخلي لا يزال على حاله، وأن الضغط الإيراني موجود على الدوام، لكن أُضيف إلى المعادلة عنصر آخر لم يكن موجوداً في الشهر الماضي، هو عنصر الأسرى الفلسطينيين الأمنيين الذين سارعوا إلى تحويل خضر عدنان إلى رمز، ومن الممكن أن يستغلّوا المناسبة من أجل إثارة أعمال الشغب. لم تحاول حركة "حماس" - الحساسة جداً لموضوع الأسرى - لجم الجهاد الإسلامي ومنعه من الرد على إسرائيل. والذي سيحدد خطوات الحركة هو الضغط الذي سيمارَس عليها من داخل سجون الاعتقال.

يتعين على إسرائيل أن تقرّر "ماذا تريد من غزة ومن نفسها؟". إن بنيامين نتنياهو شخص محافظ جداً عندما تكون المغامرات الأمنية هي المطروحة على جدول الأعمال، ويمكن تقدير أنه سيمتنع من القيام بعملية تؤدي إلى التصعيد وتعقيد الوضع. من جهة أُخرى، فإن الأصوات داخل حكومته التي تطالب بالرد بشدة أكبر تتزايد، لاسيما في ضوء تردي الوضع الأمني في غلاف غزة خلال الأشهر الأربعة الأخيرة عما كان عليه في فترة ولاية الحكومة السابقة.

لكن إسرائيل سترد الآن باعتدال من أجل الوصول إلى هدوء لوقت قصير. وسيؤدي عدم النجاح في التفريق بين الضفة الغربية وغزة إلى ردود تلقائية من القطاع على كلّ حدث عنيف في الضفة، وهذا واقع لا تستطيع إسرائيل القبول به.

 

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
هآرتس"، 2/5/2023
الموت الاستثنائي للأسير المضرب عن الطعام يمكن أن يؤدي إلى موجة جديدة من العمليات الانتقامية
عاموس هرئيل - محلل عسكري
  • كما كان متوقعاً، لقد أدت وفاة خضر عدنان، الناشط في الجهاد الإسلامي من منطقة جنين، والذي كان مضرباً عن الطعام في السجن الإسرائيلي، إلى رد فلسطيني عنيف؛ فقد أُطلِقت قذائف بلغ عددها نحو 30 قذيفة من قطاع غزة يوم الثلاثاء. وفي جولة القصف الحادة نسبياً في ساعات الظهيرة، أُصيب شخص واحد بجروح متوسطة، واثنان آخران بجروح طفيفة في سديروت. والمسؤول عن إطلاق هذه القذائف هو الجهاد الإسلامي، بالتنسيق مع "حماس". أمّا في الضفة الغربية، فتم إطلاق النار صباح أمس الثلاثاء أيضاً على مركبة إسرائيلية بمحاذاة طولكرم، أُصيب على إثرها راكب واحد بإصابة طفيفة، وكان هذا ضمن حدث، ليس واضحاً إن كان مرتبطاً، ولو بصورة غير مباشرة، بالأخبار التي خرجت من السجن.
  • ليست جولات التصعيد في قطاع غزة بالأمر الجديد، وقد تعاملت الحكومات كافة خلال السنوات العشر الماضية مع معضلات كهذه، لكن الفرق الوحيد هو أن الحكومة الحالية متطرفة جداً، والطرف الأكثر صقرية فيها هو الطرف الذي يطالب دائماً بردود أقوى ضد الفلسطينيين. عملياً، وخلال التصعيد الأخير قبل نحو شهر، تبنّت حكومة نتنياهو، بعد إطلاق النار من غزة كرد على اقتحام المسجد الأقصى، نهجاً أكثر اعتدالاً، في الوقت الذي بقيت محافظة على نبرة عدوانية وقتالية.
  • ستزداد الآن الانتقادات التي صدرت سابقاً عن المعارضة، ومع ذلك، سيترتب على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أن يدرس جيداً إن كان معنياً بدخول جولة تبادل للضربات طويلة أكثر مع الجهاد الإسلامي، بينما جرت المحافظة على الهدوء النسبي مع "حماس" منذ عامين تقريباً، بعد حملة "حارس الأسوار". ويبدو أنه في هذه المرة أيضاً، ستظهر فجوة بين الخطابات الطافحة بالوطنية وبين الخطوات العملية في الميدان.
  • هناك جهود غير بسيطة تُبذل في الكواليس لمنع موت عدنان من أن يتحول إلى شهيد فلسطيني، وألاّ يؤدي إلى اشتعال الأجواء لوقت طويل في الضفة وقطاع غزة. صباح أمس الثلاثاء، طالبت أرملته في تصريح استثنائي، بالامتناع عن إطلاق القذائف. كما أن الاستخبارات المصرية، التي لها علاقات واسعة مع قيادة "حماس"، وقيادة الجهاد الإسلامي أيضاً في غزة، مشغولة الآن بمحاولة تهدئة الأمور. وفي حال لم تنجرّ إسرائيل إلى خطوات عبثية، ولم تعلن أنها ستبقي على جثّة الأسير محتجزة لديها - كجزء من ورقة ضغط من أجل المخطوفين والجثث في قطاع غزة - فيمكن أن يتم إنهاء التوتر الحالي بأقرب وقت.
  • لكن على المدى البعيد، فإن الخطر الأكبر الذي سيعزّزه هذا الموت الدراماتيكي في السجن كامن في الضفة؛ ففي جنين - التي كان يعيش عدنان في البلدة المقابِلة لها - الأوضاع أصلاً معقدة؛ فسيطرة السلطة الفلسطينية في المدينة ضعيفة جداً، والتوتر هناك عالٍ، وبالتالي، فإن كلّ دخول لقوة إسرائيلية للقيام باعتقالات في جنين، ونابلس إلى حد ما، تواجه مقاومة عنيفة من طرف مسلَحين فلسطينيين. يبدو أنه في الفترة القريبة ستكون هناك محاولات للانتقام لموت عدنان، عبر عمليات إطلاق نار في الطرقات التي تتشاركها المركبات الفلسطينية والإسرائيلية في محيط المدن شمال الضفة.
  • كان عدنان معروفاً في الضفة بسبب نشاطه في الجهاد الإسلامي، بالإضافة إلى فترات سجنه الكثيرة والإضرابات المستمرة عن الطعام التي قام بها، ففي سنة 2012 تقريباً، كان سيموت خلال إضراب سابق عن الطعام، كان قد احتج خلاله على اعتقاله الإداري المستمر، لكن تم تحريره من السجن في اللحظة الأخيرة، ونجح بطريقة ما في أن يتعافى جزئياً. في هذه المرة، عاد إلى الإضراب بعد أن تم اعتقاله في شباط/فبراير الماضي. وقد ادّعى الشاباك، لسنوات طويلة، أن عدنان يستغل عمله السياسي - المدني كغطاء لدعم "الإرهاب" الذي يقوم به تنظيمه. لكن عدنان أنكر هذه الادّعاءات، ووصف نفسه بأنه سياسي، يقاتل الاحتلال الإسرائيلي. كان الإضراب الأخير عن الطعام هو الإضراب الخامس الذي يقوم به، إلاّ إنها كانت المرة الأولى التي يحتج فيها على لائحة اتّهام جنائية تم تقديمها ضده، بذريعة أنه ألقى خطابات للتحريض على العنف في إطار عمله الحزبي.
  • إن موت معتقل أمني أضرب عن الطعام أمر نادر جداً في السجون الإسرائيلية. لكن بصورة ما، وربما بسبب الانشغال الواسع بالأزمة السياسية، لم يتم مناقشة سؤال هل كان من الممكن منع هذا الموت، الذي يمكن أن يؤدي الآن إلى تصعيد أمني إضافي. إن مصلحة السجون تقع ضمن مسؤولية وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وفي حالات استثنائية في المصلحة، يجب أن يتدخّل رئيس الحكومة أيضاً. والمعروف حتى الآن أن كلَيهما لم ينشغلا بالموضوع، باستثناء تحديثات روتينية تلقّاها الوزير خلال تقدير الوضع مع الجهات التي تقع تحت مسؤوليته.
  • منذ تولّيه المنصب، قبل نحو أربعة أشهر، لم ينشغل بن غفير في مصلحة السجون إلاّ بأمور تافهة؛ وقف عملية خبز الأرغفة داخل الأقسام الأمنية، وفكرة تحديد مدة الحمّام للأسرى (التي تراجع عنها في صمت، كجزء من تسوية بعد تهديد بإضراب أسرى واسع)، ووصولاً إلى تأجيل موعد إطلاق سراح الأسرى العرب من المواطنين في إسرائيل، لمنع احتفالات استقبالهم. أمّا إضراب عدنان، فلم يهمه بصورة خاصة، على الرغم من أنه وضع كلاسيكي يمكن أن يتحول حدث تكتيكي، مركزه شخص واحد، إلى أزمة استراتيجية.
  • وهناك سؤال إضافي يُطرح، وهو بشأن دور أجهزة الأمن ذاتها، وعلى رأسها "مصلحة السجون" و"الشاباك"؛ هل حذّروا من أن عدنان على وشك أن يموت؟ وهل تم ذكر التداعيات في المناقشات مع المستوى السياسي المسؤول؟ في الأجواء الحالية، من غير الواضح مدى الانتباه الذي يحصل عليه المستوى المهني، وإن كان يقوم برفع أعلام التحذير أمام حكومة، التي يتفاخر جزء من كبار المسؤولين فيها بتوجّهه الحاد تجاه الفلسطينيين.
  • يجب الآن أن نرى إن كان موت عدنان في هذه الظروف الصعبة، سيحوله إلى بطل شعبي في الضفة، أم سيكون فقط شخصية رمزية لدى تنظيمه، فالنضال الفلسطيني ضد إسرائيل في حاجة إلى أبطال جُدد، لكن ما يميّز العنف في الأعوام الأخيرة - في فترة العمليات سنة 2015 ولاحقاً في فترة "الإرهاب" الحالية التي بدأت قبل نحو عام ونصف - هو غياب العلاقة بالفصائل الفلسطينية؛ فالأغلبية العظمى من منفذي العمليات هم شبّان من دون انتماء فصائلي، ولا يحتاجون إلى أوامر من الأعلى من أجل التحرك، بل إلى مساعدة بالمال والسلاح، والذي يأتي جزء منه خلال الأشهر الأخيرة من إيران وحزب الله.

نهاية فترة

  • يبدو أن إسرائيل مستمرة في معركتها ضد إيران وحزب الله في سورية، ضمن إطار يحصد اهتماماً أقل من جانب المجتمع الإسرائيلي؛ فقد تم فجر أمس قصف جوي، مرة أُخرى، على أهداف في محيط مطار حلب، شمال سورية، وهذا هو الهجوم الثاني خلال 4 أيام، أمّا الأول، فقد تركّز في مدينة حمص.
  • ومن المتوقع أن يصل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في زيارة استثنائية غداً إلى دمشق. وعلى الرغم من إغراء رؤية الضربات المتتالية على أنها رسالة سياسية إسرائيلية، يبدو في الحقيقة أن هناك استغلالاً لفرصة عملياتية. ومن المرجّح أن إسرائيل - التي لا تتطرّق إلى هذه الضربات رسمياً - تحاول عرقلة استمرار تهريب السلاح، عبر البر أو الجو، من إيران إلى حزب الله في لبنان. خلال الأشهر الأخيرة، هناك ارتفاع ملحوظ في عدد الضربات في سورية، وعلى الرغم من ذلك، ربما نشهد نهاية المرحلة.
  • عزّزت إيران في السنة الماضية علاقاتها بروسيا، بعد أن بدأت تزويدها بمئات المسيّرات الهجومية لاستعمالها في الحرب الأوكرانية. وإذا قرّرت موسكو تزويد دمشق بأنظمة الدفاع الجوي المتطورة أكثر، أو عزّزت تأثيرها على ما يحدث هناك، يمكن أن تجد إسرائيل نفسها في وضع جديد. إن المعركة بين الحروب مستمرة منذ نحو 10 أعوام، وقد أبطأت من تعاظم قوة حزب الله ومن تَزَوُّدِه بأسلحة دقيقة بحسب المسؤولين في وزارة الدفاع. لكن في الأوضاع الاستراتيجية الجديدة، وعلى رأسها مكانة إيران المتصاعدة، أشك فيما إذا كانت الخطوات الإسرائيلية يمكن أن تستمر لوقت طويل من دون أن يكون لها ثمن كبير.

 

موقع "N12"، 2/5/2023
تتعزّز قوّتها وتُغيّر قواعد اللعبة: "حماس" هي الرابح الأكبر من الوضع الحالي
د. ميخائيل ميلشتاين - رئيس ملتقى الدراسات الفلسطينية في جامعة تل أبيب، وباحث في جامعة رايخمن
  • كان من المفترض أن تبشرنا نهاية شهر رمضان وفترة الأعياد بانخفاض التوتر الأمني الذي كان سائداً خلال الأسابيع الأخيرة. عملياً - كما انعكس في التصعيد الحالي - لا يزال التوتر الحالي مستمراً، وفي إطاره يبرُز الدور المركزي الذي تقوم به "حماس" لتأجيج الأمور والدفع بخطوات عنيفة ضد إسرائيل.
  • ونظرة واسعة إلى السنوات الماضية الأخيرة تظهر مساراً استراتيجياً، يحاول في إطاره أعداء إسرائيل القيام بإنجازات استراتيجية بسبب انشغال إسرائيل بالأزمة الداخلية التي لا تنتهي؛ إذ تبدو حركة "حماس" المحلل الأسرع والأكثر فاعلية للواقع، وتغدو الرابحة الأكبر منه.
  • كان شهر رمضان الأخير أحد أشهر رمضان في السنوات الـ3 الأخيرة التي استغلّتها "حماس" جيداً منذ سنة 2021 بهدف إلحاق الضرر بإسرائيل، ومعاظمة قوتها الجماهيرية والعسكرية، بالإضافة إلى فرض قواعد اللعبة وتنفيذ المبادئ الأيديولوجية للتنظيم، وعلى رأسها المقاومة. وهذا كلّه يحدث من دون أن تدفع "حماس" ثمناً كبيراً على هيئة معركة صعبة مع إسرائيل. خلال حملة "حراس الأسوار"، بادرت "حماس" إلى إطلاق الصواريخ من غزة عقب التوتر في القدس، وفي الوقت نفسه، نجحت الحركة في تحريض المجتمع العربي في إسرائيل (من دون أن يكون مخططاً له). وبعد عام من ذلك، قرّرت "حماس" - بعد أن حصلت على "تسهيلات" مدنية واسعة ومهمة بالنسبة لها - أن تُبقي على غزة خارج المواجهة، لكنها في المقابل ساهمت في تحريض جبهات القدس والضفة والمجتمع العربي في إسرائيل. في هذه السنة، افتتحت "حماس" جبهة جديدة من جنوب لبنان. هذا بالإضافة إلى جهود دفع "الإرهاب" والتحريض في الضفة، والسماح بإطلاق صواريخ متقطّعة من غزة. كما قرّرت أمس المشاركة في إطلاق النار عقب موت الناشط في الجهاد الإسلامي خضر عدنان.
  • إذن، فإن "حماس" تُدير معركة متعددة الأبعاد ضد إسرائيل، الموجودة في أزمة داخلية متصاعدة وتُدار على يد حكومات عمرها قصير، ولا تستطيع صوغ استراتيجيا بعيدة المدى، لذلك تُدير الصراع بصورة تكتيكية بالأساس. في صُلب السياسة الإسرائيلية، هُناك طموح للمحافظة على الهدوء في الجبهات المتعددة، ولقتال كلّ واحدة من أذرع "حماس" منفردة، من دون التعامل مع التحدي التنظيمي الذي يفرضه التنظيم. تبدو "حماس" كلاعب شطرنج مركّب، في الوقت الذي تبدو فيه إسرائيل فيه كلاعب "سكواش" منشغل بالرد على الكرات التي تُطلق في اتجاهه.

نقاش حاد بشأن التفاهمات في غزة

  • إن التفاهمات في غزة موجودة في صُلب المصيدة الاستراتيجية التي تعيشها إسرائيل، ففي إطارها، يتم منح تسهيلات مدنية، وعلى رأسها خروج العمال، في مقابل هدوء وبفضله تتعاظم قوة "حماس"، وذلك في الوقت نفسه الذي تدفع فيه الحركة بعمليات ضد إسرائيل في جبهات غير غزة. لقد عاش القطاع حالة هدوء غير مسبوقة حتى يوم أمس، لكن في الوقت ذاته، يتم تصدير تصعيد غير مسبوق إلى الضفة والجبهة الشمالية من القطاع. تتحرك "حماس" استناداً إلى تقديرات تبدو صحيحة، وبحسبها، فإن إسرائيل لن تضع محدِدات على "التسهيلات" المدنية تجاه غزة، على الرغم من الاستفزازات المستمرة الصادرة عنها. وبهذه الطريقة تطبق "حماس" مفهوم "التمايز" وهو المصطلح الذي بلورته إسرائيل من أجل التعامل مع الحركة.
  • بسبب الأزمة الداخلية، تستصعب إسرائيل صوغ استراتيجيا منظمة ضد "حماس"، والأصعب من ذلك هو الاعتراف بأن السياسة المتّبعة خلال الأعوام الماضية تتضمّن كثيراً من التحديات والفجوات الحادة. هذه الفجوات تنكشف بين الحين والآخر حين تقرّر "حماس" تحدّي إسرائيل، لكن يتم تغليفها أكثر من مرة بتفسيرات، فحواها أن قيادات "حماس" فقدت علاقتها بالواقع، أو منشغلة بخلافات داخلية، أو أنها تتبنى نهجاً مستقلاً، كما قيل بشأن سلوك "حماس" إزاء حزب الله بعد إطلاق القذائف من لبنان.
  • بات الصراع ضد "حماس" أيضاً، كقضايا كثيرة أُخرى، ضحية النقاش الداخلي المحتدم في إسرائيل، الذي يمنع إيجاد تحليل استراتيجي واضح، ويضع كلّ حدث تلقائياً في إطار الإنجاز أو الفشل للمعسكرات المتنافسة. إن النظرة الواعية تشير إلى أنه لا يوجد اختلاف حقيقي في الواقع الأمني الذي شهدناه خلال حكم الحكومات السابقة كافة، كما أنه لا يوجد اختلاف حقيقي في السياسة التي تبنّتها هذه الحكومات، بل هي تعكس استمرارية. لم تكن "حماس" في وضعية ردع أكبر خلال رمضان الماضي، ولم يكن رمضان الماضي أكثر هدوءاً من الحالي كما يدّعي رؤساء الحكومة السابقون، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الحكومة الحالية وما سبقها قبل صيف 2021.
  • إن الحقيقة بالنسبة إلى "حماس" تختلف عن الرواية الإسرائيلية؛ فـ"حماس" أقوى في سنة 2023 منها قبل عدّة أعوام، فقد سمحت التفاهمات للتنظيم بأن يؤسس سيطرته على غزة، وعودة أبو مازن إلى هناك غير منطقية الآن. وبسبب الضعف الذي تعيشه السلطة، وفقدانها السيطرة على مواقع متعددة في الضفة، تبدو "حماس" تنظيماً متماسكاً، وملتزماً بمبادئه، وموجوداً مع الطرف الصحيح في الصراعات الجيوسياسية الإقليمية، وعلى رأسها إيران التي ارتفعت قوّتها في مقابل قوة الولايات المتحدة وحلفائها التي ضعفت. وهذا كلّه في الوقت الذي يقود فيه التنظيمَ الثنائي: يحيى السنوار وصالح العاروري، اللذَان لديهما الخبرة العسكرية الوفيرة، والمعرفة العميقة بإسرائيل (منذ وجودهما في السجن)، والمكانة الداخلية الثابتة، وهو ما لا تتمتع به القيادات القديمة كإسماعيل هنية أو خالد مشعل.

التهديد المركزي: طموح "حماس" بـ"احتلال" الضفة

  • من الصعب إقناع صنّاع القرار في إسرائيل بوضع الأزمة الداخلية جانباً والتعامل مع التحديات الخارجية المتصاعدة كالنووي الإيراني، لكن يجب كشف الواقع بصورة حادة، وإجراء حوار بشأنه. في الوقت الذي تعيش فيه إسرائيل أزمة حادة بشأن "الإصلاحات القضائية"، تتعزّز قوة "حماس" ومكانتها في النظام السياسي الفلسطيني، وتنظر إلى الضفة الغربية وإلى كيفية تمكنها من السيطرة عليها في "يوم ما بعد" أبو مازن.
  • يتوجب على إسرائيل أن تتعامل مع "حماس" بصورة منظّمة؛ أولاً، يجب إعادة بحث التفاهمات في غزة وفحص مدى صلابتها. لا يجب وقف التسهيلات الاقتصادية مرة واحدة، بل فرْض قيد عليها بسبب استفزازات "حماس" المستمرة، وخصوصاً إطلاق القذائف والدفع قدماً بالـ"إرهاب" في الضفة. ومستقبلاً، يجب فحص الإعلان القائل "ما كان لن يكون"، الذي سُمع بعد حملة "حارس الأسوار" حين قيل إن كلّ "تسهيل" مدني لغزة سيكون مشروطاً بموضوع الأسرى والمختطَفين.
  • وفي المقابل، على إسرائيل أن تفتح أعينها جيداً على خطوات "حماس" في الضفة، فبالإضافة إلى محاولة التنظيم وتقوية مكانته في المنطقة وزعزعة مكانة السلطة الفلسطينية، فإن الحركة تطمح للقيام بانقلاب استراتيجي بـ"طرق سلمية" كما يبدو، وعلى رأسها انتخابات أو مصالحة وطنية، وهو ما سيسمح لها بالتمركز في الحيّز الجماهيري والحكم. لقد انهارت التقديرات التي تشير إلى أن الجلوس على كرسي الحكم سيدفع التنظيم الأيديولوجي إلى مزيد من الاعتدال بعد سيطرته على غزة، ومن المتوقع أنه في حال حدث الأمر نفسه في الضفة، فإن "حماس" ستحصل على موارد كثيرة لتحقيق طموحاتها، ولن تتحول إلى طرف "معتدل" ومستعد لتسوية مع إسرائيل.
  • إن الاستمرار في "إخماد النار" والاستمتاع بالهدوء المؤقت كإنجاز استراتيجي يمكن أن يدفع إسرائيل في المستقبل غير البعيد إلى أن تجد نفسها أمام جبهة تقف على رأسها جهة تعتبر الصراع المستمر ضد إسرائيل حتى إبادتها هو الهدف الأسمى.