مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قاطع وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير أمس (الأحد) الاجتماع الأسبوعي للحكومة، احتجاجاً على قيام إسرائيل بإعادة جثمان الشاب الفلسطيني شريف حسن رباع (22 عاماً) الذي قُتل بعد محاولته طعن جنود إسرائيليين في الضفة الغربية في وقت سابق من هذه السنة.
وجاءت إعادة جثمان رباع بعد يومين من إعادة إسرائيل يوم الجمعة الماضي جثامين ثلاثة مسلحين فلسطينيين قُتلوا في تبادُل لإطلاق النار مع جنود في الضفة الغربية في آذار/مارس الماضي، الأمر الذي أثار احتجاجات من بن غفير وزاد في حدة الخلاف داخل ائتلاف رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.
وقال بن غفير ووزراء آخرون من حزبه اليميني المتطرف ["عوتسما يهوديت"] إنهم قرروا مقاطعة اجتماع الحكومة الأسبوعي بسبب إعادة الجثامين، إلى جانب إطلاق سراح نائب أردني متهم بمحاولة تهريب أكثر من 200 قطعة سلاح ناري إلى إسرائيل.
وجاء في بيان صادر عن بن غفير: "في الأيام الماضية واصل رئيس الحكومة ووزير الدفاع سياستهما غير المقبولة علينا، وقاما بإطلاق سراح الإرهابي الأردني وإعادة جثامين إرهابيين فلسطينيين. هذا غير مقبول بالنسبة إلينا، ولا يمكن أن يستمر على هذا النحو. يجب أن تتغير السياسة، ويجب على الحكومة التحول إلى سياسة يمينية تماماً. لقد تلقينا تفويضاً من الجمهور لتغيير المسار، وهذا ما يجب أن يحدث."
وكان بن غفير تشاجر في الأسبوع الماضي مع نتنياهو بسبب استبعاده من المداولات الأمنية بشأن القتال بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة. ويوم الأربعاء الماضي، أعلن أعضاء الكنيست من حزب "عوتسما يهوديت" الامتناع من التصويت في الكنيست طوال اليوم، احتجاجاً على ما وصفوه بأنه ردّ الحكومة الضعيف على إطلاق الصواريخ من غزة. وتعقيباً على ذلك، قال حزب الليكود الحاكم إنه إذا كان بن غفير غير راضٍ عن الطريقة التي يدير بها نتنياهو الحكومة، فيمكنه مغادرة صفوفها.
قال بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إن قوة من الجيش قامت الليلة قبل الماضية بمداهمة مخيم نور شمس للاجئين الفلسطينيين في طولكرم وقتل الشابين الفلسطينيين سامر صلاح الشافعي وحمزة جميل خريوش بشبهة ارتكاب عملية إطلاق نار على مستوطنين إسرائيليين بالقرب من مستوطنة أفني حيفتس المجاورة قبل عدة أيام.
وأضاف البيان أنه جرى اعتقال فلسطينييْن آخريْن بشبهة تقديم المساعدة لهما، وأن أحدهما أصيب بجروح بعد أن حاول الفرار. كما ضبطت قوات الجيش بندقيتين من طراز إم 16 داخل المبنى الذي كان يختبئ فيه الشابان، ويُشتبه في أنهما كانا يخططان لارتكاب عملية أُخرى.
وهددت حركتا "حماس" والجهاد الإسلامي بالرد على هذه العملية.
ردّت المحكمة الإسرائيلية العليا أمس (الأحد) طلب التماس قدمته جمعية "ريغافيم" اليمينية للمرة السادسة، طالبت فيه بأن تُصدر المحكمة أمراً يُلزم الحكومة إخلاء سكان التجمّع البدوي الخان الأحمر القائم بجانب الطريق المؤدي إلى أريحا، وتنفيذ الأوامر السابقة الصادرة عن هذه المحكمة، والقاضية بهدم منازله.
وقال قضاة المحكمة في قرارهم إنه بعد اطّلاعهم على المواد العلنية والسرية التي وردت في اللائحة الجوابية التي تقدمت بها الحكومة، تبين أنه لا مبرر قضائياً في هذه المرحلة لتدخُّلها في قرارات المستوى السياسي في هذه المسألة، والتي نصّت على تأجيل عملية الهدم.
وأضاف القضاة أن قرارهم اتُّخذ من خلال الأخذ بعين الاعتبار مسائل ترتبط بالعلاقات الخارجية والأمنية للدولة، والتي لا تتيح إخلاء سكان هذا التجمّع في الفترة الحالية.
وعقّبت جمعية "ريغافيم" على قرار المحكمة هذا، قائلةً: "إن رفض طلب الالتماس عار على دولة إسرائيل وعار على المحكمة العليا."
يُذكر أن المحكمة العليا، وعقب مسار قضائي طويل امتد لسنوات، أصدرت يوم 5 أيلول/سبتمبر 2018 قراراً نهائياً بإخلاء تجمّع الخان الأحمر، بعد رفضها طلب التماس سكانه ضد تهجيرهم، وأمرت بهدم التجمّع المكون، في أغلبيته، من خيام ومساكن من الصفيح.
وفي حينه، حذّرت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا إسرائيل من هدم الخان الأحمر. وقالت بنسودا إن تهجير السكان عنوةً يشكل جريمة حرب بموجب ميثاق روما.
وتعتبر السلطات الإسرائيلية أن الأراضي المُقام عليها التجمّع البدوي الخان الأحمر أراضي دولة، وتم البناء عليها من دون ترخيص.
وينحدر سكان الخان الأحمر، الذي يبلغ تعدادهم نحو 200 شخص، من صحراء النقب.
أفرجت إسرائيل أمس (الأحد) عن النائب الأردني عماد العدوان، بعد اعتقاله لأسبوعين بشبهة محاولة تهريب أسلحة وذخيرة إلى الضفة الغربية.
وقال بيان صادر عن جهاز الأمن الإسرائيلي العام ["الشاباك"] إنه تقرر تسليم العدوان إلى الأردن لاستكمال إجراءات التحقيق معه ومحاكمته هناك.
وكانت إسرائيل أعلنت صباح أمس إلغاء جلسة تمديد اعتقال النائب الأردني، إذ كان من المقرر أن تعقد المحكمة العسكرية الإسرائيلية جلسة لها بعد الظهر. وأفيدَ بأن النتيجة المباشرة لإلغاء تلك الجلسة هي الاتفاق على إطلاق سراح العدوان.
وأشارت قناة التلفزة الإسرائيلية 14 إلى أنه من المتوقع أن تفرج إسرائيل عن النائب الأردني الذي حاول تهريب مئات الأسلحة عبر معبر اللنبي، ولم يتضح بعد ما إذا كان سيتم التحرك لنزع عضوية النائب من البرلمان الأردني ومحاكمته في محاكم المملكة، كجزء من اتفاق إطلاق سراحه.
يُذكر أن العدوان اعتُقل يوم 22 نيسان/أبريل الفائت للاشتباه في تورُّطه في عمليات تهريب عبر معبر اللنبي، وادّعت إسرائيل أنه في أثناء تفتيش سيارته، تم العثور على 12 بندقية و194 مسدساً. وأفيدَ أيضاً بأنه في موازاة التحقيق في إسرائيل، اعتقلت الأجهزة الأمنية الأردنية عدداً من المسؤولين في الأردن على صلة بقضية التهريب نفسها.
كما ادّعت إسرائيل أنه منذ شباط/فبراير 2022، قام العدوان بتهريب 12 سلعة مختلفة إلى أراضي إسرائيل، باستخدام جواز سفره الدبلوماسي. وتم في وقت لاحق اعتقال المزيد من الأشخاص في الضفة الغربية للاشتباه في ضلوعهم في عمليات التهريب مع النائب نفسه.
شارك الآلاف من السكان العرب أمس (الأحد) في مراسم تشييع جثمان الشاب ديار العمري في قرية صندلة العربية [شمال إسرائيل]، والذي قُتل برصاص أحد سكان كيبوتس يهودي مجاور.
وكان ديار عمري (19 عاماً) تعرّض لعملية إطلاق نار أول أمس (السبت)، الأمر الذي أدى إلى مصرعه. ويُظهر تسجيل فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي رجلاً، اتضح فيما بعد أنه من كيبوتس غان نير اليهودي المجاور، يشهر مسدسه ويطلق النار في اتجاه الشاب ديار، بعد قتال بالأيدي على الطريق بينما كان الأخير متوجهاً إلى سيارته. وعقب الحادث، ألقت الشرطة القبض على المشتبه في ارتكابه جريمة القتل، وصادرت المسدس المرخص الذي كان بحيازته. وقررت محكمة الصلح في الناصرة أمس تمديد اعتقاله.
وفور إذاعة خبر مقتل العمري، وصل المئات من سكان صندلة إلى مدخل غان نير، وقام بعضهم بإلقاء الحجارة على الشرطة التي ردت بإطلاق القنابل الصوتية وتفريق الشباب الغاضبين. كما أصيبت شرطية بجروح طفيفة في رأسها جرّاء إصابتها بحجر. وتم إغلاق مدخل غان نير، وتجنباً لأي تداعيات خطرة، دعت الشرطة سكان القرية اليهودية ماغن شاؤول القريبة من صندلة إلى تجنّب مغادرة منازلهم زيادة في الحيطة والأمان، واعتقلت الشرطة اثنين من المشتبه فيهم بقذف الحجارة.
وأكد عدد من سكان صندلة أن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير هو الشخص المُلام على تدهور الأوضاع الأمنية في إسرائيل، نظراً إلى حثّه كل مَن يحمل رخصة على حمل السلاح، وهذه هي النتيجة. وقال أحد السكان: "تم قتل ديار بست طلقات من أجل نزاع على حق الأولوية في الطريق. أيُعقل ذلك؟"
من ناحية أُخرى، هددت حركة "حماس" بالثأر لمقتل العمري، وأكدت أنه تم على خلفية قومية. كما أن رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية دان عملية القتل، وقال إن كل هذه الأحداث ستُضاف إلى ملف المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
وعلّق رئيس كتلة راعام عضو الكنيست منصور عباس على الحادث بالقول: "نحن نعتبر حكومة بنيامين نتنياهو مسؤولة عن اندلاع الجريمة، وعن السهولة التي يتم فيها إطلاق النار على الأبرياء العزّل." كما هاجم عضو الكنيست وليد الهواشلة، من راعام، وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، قائلاً: "هذه هي النتيجة المؤلمة والمروعة عندما يوزع الوزير السلاح على اليمين وعلى اليسار، ويدعو إلى التصرف من دون حساب. هذه السياسة ستؤدي إلى فوضى وإعدامات في الشارع كما حدث اليوم."
شارك مئات الآلاف من السكان في مدينة تل أبيب، وأيضاً في العديد من المراكز الأُخرى، الليلة الماضية وللأسبوع الـ18 على التوالي، في التظاهرات ضد خطة الإصلاحات القضائية لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير العدل ياريف ليفين.
وشارك في التظاهرة المركزية في تل أبيب أكثر من 150.000 شخص.
وازدادت في الأيام الأخيرة وتيرة الاحتجاجات في الشوارع الإسرائيلية، ونُظّمت احتجاجات أمام منازل وزراء في حكومة نتنياهو، في محاولة للضغط عليهم وثنيهم عن التصويت لمصلحة خطة وزير العدل، كما نُظّم عدد من التظاهرات أمام مقر رئيس الدولة الإسرائيلية يتسحاق هرتسوغ.
وأغلقت الشرطة الإسرائيلية العديد من الشوارع، تزامناً مع التظاهرات الاحتجاجية ضد حكومة نتنياهو.
وأُعلن خلال هذه التظاهرات أن الحكومة الإسرائيلية ما زالت تسعى لإقرار "خطة إصلاح قضائي" تصفها المعارضة بأنها انقلاب على جهاز القضاء والقيم الديمقراطية لدولة إسرائيل، إذ تهدف إلى الحد من سلطة المحكمة العليا ومنح السلطة التنفيذية السيطرة على لجنة اختيار القضاة. وستفرض عملية الإصلاح المقترحة تغييرات شاملة في الأنظمة القانونية والقضائية، وتقضي بشكل كامل تقريباً على سلطة المحكمة العليا للمراجعة القضائية، وتعطي الحكومة أغلبية تلقائية في لجنة اختيار القضاة.
أما المبادرة التي أطلقها رئيس الدولة هرتسوغ للتوصل إلى تسوية وإنهاء الانقسام في الشارع الإسرائيلي إزاء هذه المسألة، فإنها ما زالت مستمرة، وتجري حيالها مفاوضات مكثفة في مقر رئيس الدولة في القدس بين مندوبين من أحزاب الائتلاف الحكومي ومندوبين من بعض أحزاب المعارضة.
- هدأ احتجاج عناصر الاحتياطيين في الجيش خلال عطلة الكنيست وعيد الفصح وذكرى قيام الدولة، وشهر رمضان الذي مرّ بهدوء نسبي. حتى الآن، لا توجد تهديدات في وسائل الإعلام بعدم التطوع، كما لم تتحقق تهديدات سابقة بعدم التطوع. علاوةً على ذلك، وبعد إطلاق الصواريخ من لبنان، ومن قطاع غزة، جرت خلال عيد الفصح دعوة الاحتياط بشكل محدود وفق أمر التجنيد رقم 8. وكان حضور عناصر الوحدة السيبرانية والطيارين والطواقم التقنية واللوجستية كاملاً. وفي تلك الأيام، وبالاستناد إلى تقارير أجنبية، شنّ سلاح الطيران (الذي يضم طيارين في الاحتياط) هجمات على سورية، وكتائب الاحتياطيين في وحدات سلاح البر تتدرب كالعادة، ونِسب حضورها أعلى من العام الماضي. لكن مهارة المقاتلين وحضورهم هو وجه فقط من وجوه الأزمة التي يعانيها الجيش. هناك جانب آخر هو تأثير الاحتجاج في الاحتياطيين، وفي تماسُك الجيش، وفي إمكان الاستخدام السياسي للخدمة العسكرية.
- عدم التطوع:
- مع بداية الاحتجاج ضد الإصلاحات القضائية التي تدفع بها الحكومة قدماً، أُرسلت عشرات الرسائل الموقّعة من آلاف الجنود الذين هددوا بعدم التطوع في خدمة الاحتياط (الذي يسميه البعض "رفضاً"، لكنه بالأساس احتجاج). أغلبية الجنود الذين يهددون بعدم التطوع، تخدم في وحدات ومنظومات خاصة، في طليعتهم الطيارون الذين كانوا أول مَن كتب بحدّة، ووقّع، وأنشأ مجموعات على وسائل التواصل الاجتماعي. وبحكم موقعهم ووظيفتهم الحساسة في الجيش، استقطب الطيارون الجزء الأكبر من الاهتمام والردود. مع ذلك، فإن عدداً قليلاً جداً حتى الآن، وبالأساس في سلاح الجو، نفّذ تهديداته وتوقف عن التطوع. أغلبية الطيارين، وكذلك في المنظومات السيبرانية وفي الاستخبارات وفي الوحدات الخاصة من الذين وقّعوا رسائل التهديد بعدم التطوع، خدمت منذ ذلك الوقت في الاحتياطيين (سواء في عمليات عملانية، أو تدريبات). كذلك كان حضور الذين تم استدعاؤهم إلى الخدمة بموجب الأمر 8 خلال عيد الفصح كاملاً. وتجدر الإشارة إلى العدد القليل نسبياً من العرائض أو الرسائل الموقّعة من قادة وجنود الذراع البرية، والكتائب المدرعة والمدفعية والهندسة، أو سلاح البر. ولهذا المعطى أهمية كبيرة بالنسبة إلى طبيعة ومستقبل ونموذج تشغيل منظومة الاحتياطيين.
- وبناءً على ذلك، هناك فجوة بين قوة التهديد والضجة التي يثيرها وبين تنفيذ التهديد. ويمكن التقدير أنه إذا جرى تشريع القانون المتعلق بتكوين لجنة القضاة، فإن احتجاج الاحتياطيين سيثور من جديد في غمضة عين، ونتوقع أن ينفّذ الكثيرون من الاحتياطيين تهديداتهم ويتوقفوا عن التطوع.
- سياسة الاحتواء وتداعياتها:
- مواجهة الجيش الإسرائيلي لظاهرة عدم التطوع في خدمة الاحتياطيين جرت على الصعيد الدعائي بصورة أساسية. وبحسب توجيهات رئيس الأركان، اجتمع القادة ورئيس الأركان نفسه بجنود وقادة في سلاح الاحتياط من أجل توضيح المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها الجيش في حال عدم التطوع. وتطرقت المحادثات إلى هذه المخاطر، سواء على الصعيد الأمني الصرف (تراجُع الكفاءة العملانية في منظومة الاحتياطيين، وتراجُع الردع إن كان على الصعيد القيمي – الاجتماعي)، أو على صعيد الحفاظ على الالتزامات المتبادلة والحؤول دون تصدُّع سلاح الاحتياطيين، ستؤثر نتائجه في الجيش كله.
- إن سياسة الجيش اليوم حيال التهديدات بعدم التطوع هي سياسة احتواء و"احتضان" المترددين، وإبعاد المترددين عن المهددين بعدم التطوع في الخدمة، انطلاقاً من فهم الحاجة إلى منظومة احتياط كفوءة ومتكاتفة. يبدو أن الصورة الحالية التي وصلت إلى رئيس الأركان وضباط قيادة الأركان العامة جعلتهم يصلون إلى الاستنتاج أن الخطوات التي اتخذوها حتى الآن كانت صحيحة ونتائجها مُرضية. ويبدو أن هذا الاستنتاج صحيح في هذه المرحلة، مرحلة "التهدئة"، لكنه لن يكون كافياً عندما يتجدد تهديد سن التشريع.
- عقيدة الاحتواء، أي عدم المعاقبة أو الإبعاد، مقبولة جداً في سلاح الجو ولدى قسم من قادة الاحتياطيين في سلاح البر. مع ذلك، هناك جنود وقادة في سلاح البر والاحتياط يعتقدون أن عدم التطوع أو رفض الخدمة يجب أن يُرَد عليه بخطوات صارمة.
- والانتقادات الأكثر حدّة التي وُجهت إلى الجيش وإلى رئيس الأركان ضد سياسة الاحتواء، جاءت من جانب المؤيدين للإصلاح القضائي. وتجلّت هذه الانتقادات في وسائل التواصل الاجتماعي، وشملت مطالبة واضحة من رئيس الحكومة، موجهة إلى رئيس الأركان والضباط في قيادة الأركان العامة، بإظهار المزيد من التشدد في معالجة مسألة رافضي الخدمة. أيضاً إقالة وزير الدفاع يوآف غالانت فُسّرت بضعف معالجته مسألة عدم الحضور إلى الخدمة الطوعية. وعلى الرغم من الانتقادات، فإن الجيش يتمسك بسياسة الاحتواء. وهذه السياسة تكبد الجيش ثمناً باهظاً، وهي تُستخدم كوسيلة في يد الذين يريدون استغلال التجنيد في الجيش الإسرائيلي من أجل الدفع قدماً بأهداف سياسية.
- نموذج بارز من ذلك، الردود على الحادث المهم الذي وقع قبل عدة أسابيع في الكتيبة 51 في لواء غولاني. فبعد نقل قائد الكتيبة من منصبه والرغبة في تعيين قائد من لواء المظليين، غادرت سرية من المقاتلين القاعدة، تاركةً وراءها سلاحها. بعض هؤلاء المقاتلين نشر تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي شرح فيها أنهم سيتغيبون لأنهم "لا يحبّون هذا القائد الجديد"، وبعد نقاش وكلام مع الجنود، عادوا إلى القاعدة. وعلى الرغم من أن ما جرى لا علاقة له باحتجاج الاحتياطيين، فإن الجيش الإسرائيلي يواجه معضلة لأن أطرافاً مختلفة تستخدمه سياسياً. وقبل أن يُحدَّد الحكم على هؤلاء الجنود، امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بالاتهامات بأن مَن تساهل مع رافضي الخدمة في سلاح الجو، عليه ألّا يتفاجأ بحدوثه في غولاني. ولقد ازدادت هذه الانتقادات عندما عُلم بأن مقاتلي غولاني عوقبوا بصورة رمزية من خلال إبقائهم في القاعدة (لاحقاً اتُّخذت خطوات أكثر صرامة ضد قسم منهم). في المقابل، إذا كانت العقوبات شديدة الصرامة، فإن الجيش سيُتّهم بأنه ينتهج سياسة تمييز بين الطيارين الذين يُعتبرون "نخبة" وبين جنود غولاني (ومن دون أي علاقة بالاعتبارات الموضوعية) من الطبقات الدنيا.
- نموذج آخر هو العقوبة السريعة ضد ضابط شارك، بسلاحه ولباسه العسكري، في تظاهرة جماهيرية مؤيدة "للإصلاحات". وحُكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ، وادّعت جهات يمينية في وسائل التواصل أن السبب هو أن الجندي يميني. في المقابل، لو لم يُعاقَب، لكان هناك مَن سيدّعي أن الجيش يخاف من الحكومة ويخفف العقوبة.
- وتشير هذه الأحداث والردود عليها إلى أنه في الوقت الذي خمد احتجاج الاحتياطيين، فإن تداعياته لا تزال واضحة، ومن بينها التوظيف السياسي له.
- قانون التجنيد
- من المحتمل أن تحدّي الاحتياطيين الذين حذّروا من عدم الحضور، ومن عدم التطوع، إذا نُفّذت خطة "الإصلاح"، كان مقدمة فقط للتحدي الذي سيواجهه رؤساء المنظومة السياسية - الأمنية إذا جرى تمرير قانون التجنيد الذي يعفي من الخدمة مَن هم في عمر 23 عاماً (أو في عمر قريب منه)، والأخطر من ذلك، إذا طُرح للنقاش "قانون أساس تعليم التوراة" الذي يطالب بالمساواة بين طلاب التوراة وبين الذين خدموا "خدمة مهمة". الاحتجاج ضد "الإصلاح القضائي" يجعل هذا الموضوع في مركزه من خلال الدعوة الواضحة إلى عقد اجتماعي جديد تجري في إطاره المساواة في العبء. وضمن هذه الفكرة، جرى احتجاج تحت عنوان "يوم المساواة"، وطُلب من طواقم المفاوضات بشأن الإصلاح القضائي في بيت الرئيس معالجة الموضوع.
- تمرير القانون المقترح يمكن أن يؤدي إلى تآكل الحوافز في الخدمة الإلزامية، وفي الاحتياط، ويمكن أن يهدد استمرار وجود نموذج "جيش الشعب". علاوةً على ذلك، معالجة الجيش (تحت مظلة وزارة الدفاع) لعمر الإعفاء من الخدمة وربطه بمكافآت تُدفع إلى الذين خدموا (قانون "أهمية الخدمة") يُقحم الجيش، رغماً عن إرادته، بصورة عميقة في المجال السياسي، ويمكن أن يُظهره كأنه يبارك هذا القانون. وهذه وصفة لتعميق الأزمة التي يواجهها الجيش.
خلاصة
- على الرغم من انحسار احتجاج الاحتياطيين مؤخراً، فإن أصداءه تشغل كثيراً قيادة الأركان العليا ورئيسها الذين يجدون صعوبة (وعن حق) في تقدير إلى أين ستتجه الأمور. إن الجيش المعتاد على الإجراءات القتالية وعلى "الحوادث والردود عليها" والسيناريوهات المختلفة في ميدان القتال، من الصعب عليه الاستعداد لشيء يجهله في الساحة الاجتماعية، وخصوصاً في الساحة السياسية التي انزلق إليها رغماً عنه. القول "إن ساحة القتال هي مملكة عدم اليقين"، ينطبق أيضاً على المعركة الاجتماعية- السياسية، وأكثر حيال احتمال توسُّع احتجاج الاحتياطيين، وفي الوقت عينه، احتمال توسُّع الانتقادات للجيش بسبب سياسته الاحتوائية لاحتجاج الاحتياطيين. يستخدم منتقدو الجيش بكثرة سردية "إسرائيل الأولى" (الطيارون) و"إسرائيل الثانية" (جنود المشاة). وبذلك يقحمون الجيش في النقاش السياسي العام المتعلق بخطة "الإصلاح" والاحتجاج ضدها. وهذا السلوك ألحق ضرراً كبيراً بالجيش، والتغلب عليه سيستغرق وقتاً طويلاً.
- على خلفية الصراع على صورة دولة إسرائيل، على قادة الجيش الاستعداد للمستقبل حتى لو أن التشريع الذي تقوده الحكومة سيطبّق بصورة جزئية فقط. على الجيش الاستعداد لهذا المستقبل من خلال استخدام واسع النطاق لأدوات سوسيولوجية - اجتماعية تختلف في طبيعتها عن الأدوات التي لديه في ساحات القتال الحقيقي في مواجهة أعداء الدولة. يبدو أنه من الأفضل التعامل مع الوضع الحالي فيما يتعلق بالخدمة العسكرية عموماً، وبخدمة الاحتياطيين خصوصاً، وفقاً للمبدأ القائل "توقّع الأفضل واستعد للأسوأ".
- خذوا اليوم أي إسرائيلي بالصدفة في الشارع وستجدون أن لديه رأياً في فصل السلطات ومنظومات التوازن الدقيقة في نظام الأقدمية، والتمثيل الإثني في المحكمة العليا. كلمة "ديمقراطية" على لسان الجميع في كبلان- تل أبيب [ساحة تظاهرات الرافضين للانقلاب القضائي]، وأيضاً في القدس، من اليمين ومن اليسار. لكن في الوقت نفسه، سيكون من الأصعب العثور على إسرائيليين لديهم رأي في "الذئب الأزرق"، أو "الذئب الأحمر"، أو يعلمون أصلاً علامَ يدور الحديث.
- وهكذا في الوقت الذي نتظاهر دفاعاً عن "الديمقراطية"، يتم تصوير الفلسطينيين الذين يعبرون الحواجز من دون أخذ رأيهم، وتجمع منظومات التعرف إلى الوجوه صورهم في مخازن المعلومات المحوسبة والمخفية. وفي الوقت الذي تُكتب المقالات عن القضاة، يوقف الجنود في الضفة الأطفال الفلسطينيين في الطرقات، ويصورونهم كجزء من منافسة بين الوحدات في الجيش. وجزء من ألاعيب ديكتاتورية.
- تقرير جديد صدر عن "أمنستي"، يستند إلى شهادات أفاد بها الجنود، يكشف حجم الاختراق التكنولوجي والملاحقة البيومترية في المناطق الفلسطينية، وضمنها القدس الشرقية. في الخليل، حيث يتم دائماً تجريب تطبيقات سيطرة جديدة قبل تعميمها على الضفة، تُشغّل منذ أعوام منظومة تحت اسم "مدينة ذكية". وهي شبكة كاميرات ذكية تغطي المنطقة التي تسيطر عليها إسرائيل، وأحياناً، تصور داخل منازل الفلسطينيين مباشرة. الخصوصية هي امتياز محفوظ لليهود. عندما كشفت "هآرتس" أن الشرطة تلاحق نشطاء الاحتجاجات استخباراتياً، أصيب المحتجون بصدمة. "هذا جنون"، قالت إحدى الناشطات. في الضفة، حيث الاحتجاج بحد ذاته غير قانوني، لا حاجة إلى أن تكون ناشطاً كي يلاحقوك. الملاحقة هي الوضع الطبيعي.
- هذه ليست رؤى من الصين، أو تهويلات على طريقة جورج أورويل [مؤلف رواية عن نظام الرقابة بعنوان 1984)، أو تحذيراً من المستقبل. هذا هو الحاضر. هذا ما قمنا به، وما نقوم به، وما نطوّره. من المتوقع أن يتم تسويقه أيضاً على هذا الأساس. اختراق خصوصية كل فلسطيني، أكان مشتبهاً فيه أم لا، بصورة تلقائية، من دون أي تمييز، ومن دون مراقبة برلمانية أو جماهيرية، ومن دون سلطة يمكن التوجه إليها في حال وقع أي خطأ، بهدف الشرح وتقديم شكوى، أو التصحيح - هذا كله يعتبره الجيش "تحسين الخدمة".
- وهنا، يجب الإشارة إلى أنه، وعلى عكس ما تدل عليه عبارة "تحسين الخدمة"، فإن الفلسطينيين ليسوا من مستهلكي الخدمة الإسرائيلية، ولا يستطيعون أصلاً اختيار أي بديل منها. هم يعلمون هذا جيداً. الجنود الذين قدموا الشهادات لنا بشأن أدوات الملاحقة هذه، يعلمون هذه الحقيقة أيضاً. بالأساس، نحن نكذب على أنفسنا.
- الشهر الماضي، قامت جرافة كان يقودها مستوطن بهدم بعض الدكاكين الفلسطينية الموجودة في منطقة المستوطنات اليهودية في الخليل. كانت هذه الجرافة موجودة في إحدى أكثر المناطق التي تحتوي على كاميرات في الضفة، حيث يوجد حاجز طيار في كل زاوية، ولا تبعد كثيراً عن حاجز الأمن الخاص بـ"الشاباك"، الموجود بالقرب من بيت الوزيرة أوريت ستروك. الجيش اعتبر الحادث "خطِراً"، ولكن أحداً لم يرَه، ولم يُعتقل أحد. البلدة ذكية فعلاً، ولذلك تتعامى حيال جرائم اليهود.
- من الصعب تفسير المشكلة لدى مَن جعلته عشرات الأعوام من النظام الوحشي يفقد حساسيته التاريخية وحسّه السليم. الجميع يصور، ما المشكلة؟ الأمن هو الأمن. صحيح يمكنك تفسير هذا لمن لم تكن حقوقه يوماً موضع تساؤل، ولم يشعر يوماً بالخوف من أنه لن يستطيع الوصول إلى العمل لأن قريباً بعيداً من عائلته ارتكب جريمة. فجوة عميقة تفصل ما بيننا وبينهم. لكن الاستبداد ليس شيئاً جامداً، كما تعلمنا. بل يتوسع ويمتد. وإن اعتقدتم أن السجن الذي نطوره في الضفة سيبقى فقط مشكلة فلسطينية، فإن هناك "إصلاحات" أُخرى يجب القيام بها.