مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
هدّدت حركة "حماس" إسرائيل من مغبة إجراء "مسيرة الأعلام" التي من المتوقع أن تُنظّم اليوم (الخميس) للاحتفال بـ"يوم القدس" في البلدة القديمة من المدينة.
وقال أحد قادة "حماس" صلاح البردويل في بيان صادر عنه إن "مسيرة الأعلام" لن تمرّ، والرد سيأتي حتماً.
وقالت "وحدة البالونات في غزة"، التي كانت مسؤولة عن إطلاق البالونات الحارقة والمتفجرة إلى إسرائيل في الماضي، ويُعتقد أنها مرتبطة بحركة "حماس"، إنها ستستأنف نشاطاتها اليوم.
وقالت مصادر أمنية إسرائيلية رفيعة المستوى إنه من المتوقع أن يشارك عشرات الآلاف من المستوطنين الإسرائيليين في هذه المسيرة التي ستمرّ عبر شوارع البلدة القديمة، بما في ذلك الحيّ الإسلامي، وسيلوّح المشاركون فيها بالأعلام الإسرائيلية.
وتأتي المسيرة بعد أقل من أسبوع من توصُّل إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، في إثر 5 أيام من القتال الدامي.
وأعرب مسؤولون إسرائيليون أمنيون عن اعتقادهم أن احتمالات إطلاق صواريخ من غزة خلال المسيرة ستكون ضئيلة، لكن بعض المسؤولين يخشى من تكرار ما حدث سنة 2021، عندما أطلقت حركة "حماس" صواريخ على القدس بالتزامن مع المسيرة، الأمر الذي أدى إلى اندلاع قتال دام أكثر من أسبوع بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة.
وأجرى وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير أمس تقييماً للوضع مع قيادة الشرطة عشية "يوم القدس" و"مسيرة الأعلام".
وقال بن غفير إن سياسته تتمثل في تمكين حرية الحركة الكاملة للمستوطنين اليهود في جميع أنحاء القدس.
وأضاف بن غفير: "إن مسيرة الأعلام هي مسيرة احتفالية يصعد خلالها اليهود إلى جبل الهيكل [الحرم القدسي الشريف] من دون أن يفكر أحد في إمكانية تعرُّضه للتهديد أو الأذى. وبشكل أساسي، هي رسالة إلى العالم أجمع، مفادها أن شرطة إسرائيل تحمي القدس."
لم يتضح بعد ما إذا كان بن غفير نفسه سيشارك في "مسيرة الأعلام"، أو ما إذا كان سيدخل إلى الحرم القدسي، وهو ما فعله في أيام القدس السابقة، قبل أن يصبح وزيراً.
وكان بن غفير قام في كانون الثاني/يناير الماضي بأول زيارة له كوزير إلى الحرم القدسي، هي الوحيدة حتى الآن، وفي حينه، أثارت إدانات دولية قوية وتهديدات من الأردن والفلسطينيين الذين اعتبروها خطوة استفزازية.
أقرّ الكنيست الإسرائيلي بالقراءة التمهيدية أمس (الأربعاء) مشروع قانون يحظر رفع العلم الفلسطيني، قدّمه عضو الكنيست ألموغ كوهين، من حزب "عوتسما يهوديت" ["قوة يهودية"]، بزعامة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.
وأيّد مشروع القانون 54 عضو كنيست، وعارضه 16 عضواً.
وينصّ مشروع القانون على فرض عقوبة تصل إلى السجن لمدة عام بحق كل مَن يلوّح بالعلم الفلسطيني. وحتى الآن، مُنحت سلطة حظر التلويح بالأعلام الفلسطينية في الأماكن العامة لقائد الشرطة الإسرائيلية، في حال تقديره أن العلم يمكنه إثارة مشاعر تنتهك الأمن العام.
وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان صادر عنها إن تمرير مشروع القانون هذا بالقراءة التمهيدية دليل على أن نظام الحكم في إسرائيل يتجه نحو الفاشية، تنفيذاً لتوجهات اليمين الفاشي والعنصري الحاكم.
وأضاف البيان أن القانون يندرج كذلك في إطار تكريس الأبارتهايد كنظام تمييزي عنصري، يستهدف المواطنين الفلسطينيين ويحرمهم من أبسط حقوقهم الإنسانية، وفي مقدمتها رفع العلم الذي يمثل هويتهم وتاريخهم وقضيتهم وانتماءهم لهذه الأرض.
شارك مئات الإسرائيليين مساء أمس (الأربعاء) في تظاهرة مناهضة للحكومة الإسرائيلية، أقيمت في مدينة بني براك [وسط إسرائيل] التي يقطنها يهود حريديم [متشددون دينياً]، احتجاجاً على خطط الحكومة لتخصيص مبالغ كبيرة لليهود الحريديم، وهي خطوة أثارت انتقادات عديدة.
وقال بيان صادر عن منظّمي التظاهرة أنه قُرِّر إجراؤها في بني براك، كي يتم التوضيح لليهود الحريديم، الذين يتعاونون مع الديكتاتورية بيد، وبالأُخرى ينهبون الخزائن، أن باقي الشعب في إسرائيل ليسوا حميراً.
وأوضح البيان أن المتظاهرين هم من الذين عارضوا ما يُعرف بخطة الحكومة للإصلاح القضائي، وهم يوجهون انتباههم الآن إلى المبالغ الضخمة المخصصة لأحزاب الائتلاف الحكومي، بموجب الميزانية العامة الأخيرة. وأشار بصورة خاصة إلى الموافقة على تمرير 13.7 مليار شيكل (3.45 مليار دولار) إلى الحريديم، وإلى إقامة صندوق ضرائب بلدية جديد يأخذ أموالاً من البلدات الغنية، ويعيد توزيعها على سلطات محلية في القرى والمدن الفقيرة.
وكان أعضاء الكنيست من أحزاب الحريديم طالبوا أول أمس (الثلاثاء) بأموال أكثر مما تمت الموافقة عليه في الأصل، من أجل ضمان تمرير ميزانية الدولة. وإذا لم يتم تمرير مشاريع القوانين المتعلقة بالميزانية العامة بحلول 29 أيار/مايو الحالي، فسيتم حلّ الكنيست تلقائياً، وإجراء انتخابات مبكرة أُخرى.
علم موقع "واللا" من مسؤولين أميركيين كبار بأن واشنطن تدفع في اتجاه توقيع اتفاق تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية حتى نهاية العام الجاري، تحسباً لاحتمال تأثير الانتخابات الأميركية في مستقبل الرئيس جو بايدن.
ووفقاً لهؤلاء المسؤولين، للسعودية مصلحة في اتفاق تطبيع العلاقات مع إسرائيل ما دام بايدن موجوداً في البيت الأبيض، لأنه بهذه الطريقة، ستحظى الخطوة بدعم من الحزبين في واشنطن، وبشرعية أوسع في الولايات المتحدة الأميركية، وخصوصاً في ضوء حقيقة أن مثل هذا الاتفاق سيشمل أيضاً إجراءات أميركية تجاه السعودية قد لا تحظى بشعبية.
في المقابل، يرى مسؤولون أميركيون رفيعو المستوى أن إحدى أهم العقبات التي تعترض طريق التوصل إلى اتفاقية شاملة بين واشنطن والسعودية وإسرائيل، تتعلق بطلب السعودية تعزيز التعاون العسكري مع أميركا والوصول إلى منظومات أسلحة أميركية متطورة محظورة عليها حالياً. ووفقاً لمسؤولين إسرائيليين وأميركيين، هناك عقبة كبيرة أُخرى تتمثل في مطالبة وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بتلقّي الدعم الأميركي للبرنامج النووي السعودي، والذي سيشمل تخصيب اليورانيوم في الأراضي السعودية. كما أن السعودية أعلنت، علناً، أنها لن تطبّع العلاقات مع إسرائيل ما دام لا يوجد تقدّم في عملية السلام مع الفلسطينيين، وعليه، لا يزال من غير الواضح ما الذي سيطلبه السعوديون والأميركيون من إسرائيل، كجزء من اتفاقية شاملة كهذه، وإلى أي مدى يمكن لحكومة اليمين، التي يقودها بنيامين نتنياهو، أن تمضي قدماً في الموضوع الفلسطيني من أجل إبرام هذه الاتفاقية.
وقال المسؤولون الأميركيون لموقع "واللا" إن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان التقى وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان في جدة الأسبوع الماضي، وناقش معه كل ما يتعلق بتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل. وبعد ذلك، وصل مستشاران للرئيس بايدن إلى القدس، وأطلعا رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على المحادثات التي جرت بين سوليفان وبن سلمان.
وشدد سوليفان خلال لقائه بن سلمان على أن واشنطن تعتقد أن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل حتى نهاية العام الحالي. من جانبه، أكد بن سلمان أنه ليس مهتماً بتنفيذ المزيد من الخطوات الصغيرة لتعزيز العلاقات مع إسرائيل، إنما يسعى لاتفاقية واحدة تشمل التطبيع مع إسرائيل ودعماً أميركياً جوهرياً للسعودية، مثل تعزيز التعاون الأمني.
المحادثات التي أجراها سوليفان سبقت زيارة السيناتور الأميركي ليندسي غراهام، من الحزب الجمهوري، إلى السعودية، حيث التقى بن سلمان وحثّه على التوصل إلى اتفاق مع بايدن من أجل تعزيز العلاقات مع واشنطن وتطبيعها مع إسرائيل.
المتحدث بلسان مجلس الأمن القومي الأميركي رفض التطرق إلى ما اعتبره مباحثات سياسية مغلقة، لكنه في الوقت عينه، أكد أن الولايات المتحدة ملتزمة توسيع "اتفاقيات أبراهام" ودعم انخراط إسرائيل في الشرق الأوسط. وأضاف: "سنواصل التشديد على هذه القضية والتركيز عليها خلال الفترة القريبة، وسنحاول تحقيق منطقة فيها مزيد من التكامل والاستقرار والازدهار بما يخدم مصالح الولايات المتحدة وشركائها في المدى الطويل."
وقال مسؤول إسرائيلي مطّلع على محادثات تطبيع العلاقات مع السعودية إنه يتفق مع تحليل المسؤولين الأميركيين، وأكد أنه من الأفضل للسعودية إبرام اتفاقية مع رئيس ديمقراطي.
وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو ذكر في وقت سابق أن حكومته تسعى لتطبيع العلاقات، وللسلام مع السعودية، وأنه يعدّ ذلك خطوة كبيرة نحو إنهاء الصراع العربي – الإسرائيلي، كما أنه يمكن أن يكون لهذه الاتفاقية تداعيات ضخمة وتاريخية بالنسبة إلى إسرائيل والسعودية والمنطقة، والعالم بأسره.
- يصادف اليوم إحياء يوم القدس للاحتفال بذكرى مرور 56 عاماً على توحيد المدينة. فالحدث المركزي في هذه المناسبة "الرقص بالأعلام"، أو الاسم المعروف اليوم "مسيرة الأعلام"، حيث يتظاهر عشرات الآلاف من الشابات والشبان، أغلبيتهم الساحقة من الصهيونية الدينية، في أزقة الحي الإسلامي. ومع الأسف، هذه المناسبة، وما تنطوي عليه من مظاهر عنصرية وكراهية وعنف، تعكس جيداً الواقع في المجتمع الإسرائيلي، وليس فقط في القدس، وليس فقط في يوم القدس.
- جوهر مسيرة الأعلام هو إغضاب السكان الفلسطينيين في المدينة وإهانتهم، والتشديد على حقيقة أن 40% من سكان عاصمة إسرائيل يعيشون تحت الاحتلال. والأمر المنافي للعقل أن هذه المسيرة تشدد على ضعف السيادة الإسرائيلية في القدس الشرقية. يقوم المتظاهرون بمسيرتهم تحت حماية مشددة ومدججة بالآلاف من عناصر الشرطة التي فرضت قيوداً قاسية على الجمهور والتجار الفلسطينيين.
- في سنة 2021، وخلال ولاية بنيامين نتنياهو في الحكومة السابقة، توقفت المسيرة بسبب صاروخ أطلقته "حماس" على القدس. وكانت إشارة البداية إلى عملية "حارس الأسوار". في العام الماضي، جرت المسيرة في ذروة حملة اليمين بقيادة بنيامين نتنياهو، الطافحة بالعنصرية والكراهية، ضد حكومة التغيير [حكومة بينت – لبيد]. هذه الحملة والرغبة في "محو" إخفاق المسيرة السابقة أدّتا إلى أن تكون هذه المسيرة الأكثر سوءاً وبشاعة. الآلاف من الشباب عبروا المدينة القديمة، وهم يغنون "سيحرقون قريتكم"؛ "الموت للعرب"؛ انشدوا نشيد الانتقام [من فيلم وثائقي للمخرج آفي مغربي، يعود إلى سنة 2005، صوّر طريقة تعامُل الجيش الإسرائيلي مع الفلسطينيين] والذي أصبح نشيداً للمتظاهرين في المسيرة.
- على هامش المسيرة، وقعت حوادث عنف كثيرة وهجوم على عابري سبيل من الفلسطينيين، ومن الصحافيين. وفشلت الشرطة في الدفاع عن الفلسطينيين ومعاقبة المتورطين. وما يعكس الأيديولوجيا المسيطرة في الصهيونية – الدينية أن أياً من الحاخامين والزعماء لم يرَ في هذه المشاهد فشلاً ثقافياً.
- من المهم فحص الأناشيد والشعارات المختلفة، والإشارة إلى العنصرية والعنف اللتين تنطوي عليهما تلك الشعارات، لكن الأهم أن نتذكر أن النقاش بشأن مضمون الأناشيد والشعارات التي يطلقها الشبان لدى مرورهم في بوابة نابلس، هو نقاش داخلي - إسرائيلي. بالنسبة إلى الفلسطينيين في الحي الإسلامي، المسيرة تعطل حياتهم وتشكل إهانة لكرامتهم - حتى لو حرص المتظاهرون فقط على إنشاد أناشيد القدس الموحدة.
- في ظل الحكومة الحالية، لا أمل بتغيير المسار، أو بالجهود التي تبذلها زعامة اليمين لتهدئة الأجواء. لكن يجب على الشرطة التحرك من دون هوادة ضد مظاهر العنصرية والعنف. كما يجب عليها ألّا تخضع لضغوط نشطاء اليمين، وألّا تسمح لهم بمسارات أُخرى لتوسيع المسيرة نحو مناطق أُخرى في القدس الشرقية.
- مرة أُخرى، أظهرت حملة "درع وسهم"، التي انتهت في بداية الأسبوع، "معضلة قطاع غزة". فمع كل حملة عسكرية جديدة، تزداد الأصوات من اليمين واليسار، والتي تقول إن الوقت حان لتغيير الواقع غير المحتمل حيال قطاع غزة، مرة واحدة، وإلى الأبد، أي واقع التهديد الدائم للبلدات القريبة من القطاع، وحتى تلك البعيدة أكثر عنه.
- تعاظُم قوة "التنظيمات الإرهابية" في القطاع، وعلى رأسها تعاظُم قوة "حماس"، تدفع بجهات كبيرة وذات نيات "حسنة"، إلى المطالبة بحلّ فوري هنا.
- خبراء وضباط كبار في جيش الاحتياط، والكثير من الأطراف، يطرحون أفكاراً ومقترحات مفصلة، هدفها الإجابة عن سؤال، ماذا يجب أن تفعل إسرائيل من أجل تغيير الواقع الحالي؟ نبدأ بالموقفيْن "الأكثر شيوعاً" المطروحيْن منذ أعوام.
- اليساريون يدّعون أن الحلّ الوحيد لهذا الواقع هو حلّ سياسي. وبحسبهم، حان وقت الحوار مع "حماس" والتوصل إلى تفاهمات واتفاقات. ومن دون حوار سياسي، بحسب ما يدّعيه اليسار، سنحكم على أنفسنا بالحياة بين جولات لا تنتهي من "الإرهاب" والرد وإعادة الكرّة.
- مقابل موقف اليسار، تقف جهات في اليمين العميق، وتدّعي أنه بعد اتفاق "أوسلو" و"فك الارتباط"، الحلّ الوحيد الذي سيغيّر الواقع السيئ الذي نعيشه منذ أكثر من 20 عاماً هو الحلّ العسكري، والحديث يدور حول حملة عسكرية واسعة نبادر إليها. وبحسبهم، فإنه من المحظور الحوار مع "الإرهابيين"، لأن اللغة الوحيدة التي يفهمونها هي لغة القوة. احتلال القطاع هو إمكانية واقعية بالنسبة إليهم، وذلك لأن احتلال القطاع سيؤدي إلى وأد "الإرهاب" الغزّي وتغيير قواعد اللعبة.
- التوجهان معروفان ومُستنفدان ومرّ عليهما الزمن. ويبدو أن مَن يقترحهما أيضاً يعلم بأنهما غير قابليْن للتطبيق، ولن يؤديا إلى الحلّ المرغوب فيه. توجُّه اليسار القائل إن كل صراع ديني/ قومي/ جغرافي يمكن حلّه بالحوار بين الأطراف، هو توجُّه ساذج، مراهق وخطِر. كرقصة التانغو؛ للتوصل إلى تفاهمات واتفاقات، يجب أن يكون هناك طرفان. يمكن الحديث بصوت مرتفع لمصلحة الحوار، ويمكن طرح ترتيبات مفصلة بشأن المواعيد الزمنية وعرض الشروح التفصيلية؛ لكن، في نهاية المطاف، الطرف الآخر لا يعترف بنا، ولا يعترف بحقنا في الوجود؛ لذلك، لا يوجد فعلاً مَن يمكن الحوار معه.
- هذه هي الحال إزاء "حماس" وبقية التنظيمات "الإرهابية". مَن يعتقد أن "حماس" منفتحة على الحوار، لا يعرف ماذا يقول، ولا يعرف ما المقصود.
- لقد أثبت اتفاق "أوسلو" أن الحديث بصوت مرتفع عن نهاية الصراع، تم تفسيره لدى الفلسطينيين الأكثر اعتدالاً من "حماس"، بأنه تحسين لموقفهم قبل المرحلة المقبلة. حتى اليوم، لا تزال السلطة الفلسطينية، ومن المؤكد التنظيمات "الإرهابية"، ترفض الاعتراف بحق دولة إسرائيل في الوجود كدولة للشعب اليهودي. مَن لا يعترف بهذه الحقيقة الأساسية يكشف عن هدفه الضمني، وهو طردنا من هنا بأي طريقة ممكنة. لذلك، فإن الخلاصة واضحة؛ إمكانية الحوار مع "حماس" تشبه إمكانية الحوار مع أفعى.
- الحلّ الذي يطرحه ما أسمّيه "اليمين العميق" غير واقعي أيضاً. أسلوب توجيه ضربة وانتهينا غير موجود فعلاً. صحيح، دائماً نستطيع إرسال ألوية دبابات وأسراب من الطائرات الحربية لتنظيف الميدان، ولكننا جميعاً نعلم بأن هذا لن يحدث. لماذا؟ بسبب الكثير من الأسباب القيمية - الأخلاقية، والقانونية، والسياسية، والأمنية. وذلك لأن استخدام قوتنا كلها غير مطروح، وبالتالي بقينا مع أدوات عادية نستخدمها في كل حملة وجولة. احتلال القطاع أيضاً ليس واقعياً.
- الأغلبية الساحقة في المجتمع الإسرائيلي، أكثر من 85%، غير مستعدة للسماع عن احتمال احتلال القطاع. المجتمع الإسرائيلي في جيله الحالي، انفصل عن قطاع غزة، مادياً ونفسياً. يمكن أن نحبه، وأن نكرهه أيضاً، لكن شيئاً لن يغيّر هذا الواقع.
- تقنياً، احتلال القطاع ممكن. يستطيع الجيش ومنظومة الأمن القيام بذلك خلال أقل من 24 ساعة، ولكن سيرافق هذه الخطوة سؤالان. السؤال الأول هو بالطبع عن الثمن؛ والثاني الذي لا يقل أهمية، هو ماذا سيحدث بعد احتلال القطاع. هل نملك خطة منظمة لإدارة القطاع، وهل نستطيع القيام بذلك؟ المجتمع الإسرائيلي يعارض ذلك. ولذلك، فإن الحديث عن حلّ "ضربة وانتهينا" غير قابل للتطبيق، وعملياً، غير مطروح أصلاً.
- إذا كانت الأمور على هذه الحال، فماذا تبقى لنا لنفعله؟ الكثير، حتى أنه يمكن القول الكثير جداً. لكن، وقبل القيام بأيّ شيء مهم، يجب فهم الاستراتيجيا التي علينا تبنّيها. فكما هي الحال مع الأمراض المستعصية التي لا يملك الطب حلاً كاملاً لها، ما يقوم به الأطباء هو تحسين لحالة المريض، ووضعه في حالة استقرار تسمح له بالعيش حياة طبيعية بقدر الإمكان.
- وكذلك هو الأمر بشأن "معضلة قطاع غزة". الهدف الواقعي لا يمكن أن يكون اقتراح حلول لا يمكن تطبيقها وغير موجودة الآن، إنما تبنّي سياسات تسمح لدولة إسرائيل بالاستمرار في مسار حياتها، ونموها، وتعزيز قوتها وتقدُّمها. كيف يمكن القيام بذلك؟ عبر اتخاذ سلسلة قرارات، الهدف منها خلق حالة ردع فعالة. الاغتيالات هي مثال ممتاز لذلك. جميع قيادات وزعماء التنظيمات "الإرهابية" في غزة يتخوفون من أن تقوم إسرائيل باغتيالهم.
- لذلك، بالنسبة إلينا، يجب أن تبقى هذه الأداة على الطاولة طوال الوقت، وفي مواجهة جميع الجهات. هذا بالإضافة إلى أنه يجب تشجيع العمل بحكمة، كي ندفع سكان غزة إلى التمرد على "حماس". هذا لن يحدث غداً، ولا بعد غد أيضاً، ولكن سياسة "فرّق تسُد" ضرورية وجيدة لنا، وأيضاً لسكان غزة الذين لا علاقة لهم بـ"الإرهاب". ومن أدوات الضغط الإضافية، هناك بالطبع استغلال جيد لمعابر الدخول إلى القطاع. هذا بالإضافة إلى سياسة إدخال المواد إلى القطاع. ممنوع أن يشعر الطرف الآخر بأن هذا الموضوع لا يمكن أن يتغير. علينا أن نشرح لهم بوضوح، وعلى عكس الماضي، أننا لن نسمح لهم بالعمل ضدنا ونتصرف كأن شيئاً لم يكن.
- واقعنا يشبه وعاءً ممتلئاً بالماء الذي يغلي فوق النار، وهدفنا هو منع الماء من الخروج خارج الوعاء. أحياناً، يجب التقليل من حدّة النار، وأحياناً يجب التنفيس، ولكن يجب التأكد دائماً أن الماء لا تخرج من الوعاء. هكذا هو "الإرهاب" في غزة. هل هذا مثالي؟ طبعاً لا. هل هذه السياسة واقعية، طبعاً نعم. وأكثر من ذلك، هذه سياسة جيدة، وهي الأكثر نجاعةً وأمناً من بين ترسانة الخيارات الموجودة لدينا. يمكن أن تؤدي تغييرات كهذه أو غيرها إلى حرب أهلية بين السلطة الفلسطينية و"حماس" مثلاً، وتتغير الأمور. وما دام الواقع مستمراً على ما هو عليه، فإن مصلحتنا هي إدارة الأزمة بمسؤولية وأمان، وبصورة جيدة، وهذا ما قامت به بالضبط حملة "درع وسهم".