مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إن العملية العسكرية التي قام الجيش الإسرائيلي بشنها في مدينة جنين، وأُطلق عليها اسم "بيت وحديقة"، واستهدفت مخيمها أساساً، واستمرت يومَين، كانت ناجحة ودقيقة وجريئة، وحققت الأهداف التي وُضعت لها.
وأضاف غالانت، في إفادة صحافية لمراسلي الشؤون العسكرية في وسائل الإعلام الإسرائيلية أمس (الأربعاء)، أن الجنود الإسرائيليين قاموا بتفكيك عشرات الورش لصناعة الأسلحة في جنين، وصادروا ذخائر وأنواعاً متعددة من الأسلحة التي كان المسلحون ينشرون بواسطتها الموت في أنحاء الضفة الغربية وداخل الخط الأخضر.
وقال غالانت: "خلال الساعات الـ48 الماضية، ألحقْنا أضراراً كبيرة بالبنية التحتية للإنتاج 'الإرهابي'، ودمرنا مصنع الإنتاج الذي تم إنشاؤه في جنين. ولقد حققت العملية أهدافها بالكامل، كما جرى تدمير ورش إنتاج متفجرات ومختبرات ومواقع تخزين وأنفاق."
وتابع غالانت: "إن الأيدي التي تقف وراء هذا النشاط هي أيدٍ فلسطينية، وخصوصاً حركة الجهاد الإسلامي التي تعتبر العامل الأكثر هيمنة في مخيم جنين للاجئين، لكن هناك جهات أُخرى أيضاً، فالتمويل إيراني، ونحن نلاحظ بصورة عامة منذ فترة طويلة محاولات إيرانية للترويج لـ'الإرهاب' داخل الضفة الغربية."
وأكد غالانت: "نحن في الاتجاه الرئيسي نحو الاستعداد لمواجهة إيران، ولذا انطلقنا في عملية في غزة قبل شهرَين، استمرت 5 أيام أو في عملية استمرت يومَين ضد جنين، وهذا نسميه في اللغة العسكرية ’ضربة في الخاصرة‘. لن يكون في استطاعة أي 'إرهابي' يعود إلى مخيم اللاجئين في جنين أن يتعرف عليه، فهو بالنسبة إليه لم يعد مكاناً محمياً، وسيصاحبهم شعور بأنهم مطارَدون. لقد عملنا في جنين بقوة، وسنعمل بعد ذلك بقوة أكبر إذا ما احتاج الأمر، في جنين وفي أي مكان."
قال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي العميد دانييل هغاري إن العملية العسكرية في مدينة جنين ومخيمها لن تكون الأخيرة التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في جنين، ويمكن أن يضطر إلى العودة سريعاً إلى هناك إذا استدعت الضرورة ذلك.
وأضاف هغاري في سياق مقابلة أدلى بها إلى خدمة البث الإذاعي المباشر في موقع Ynet أمس (الأربعاء): "إن المعلومات الاستخباراتية لم تكن كافية للوصول إلى جميع الأهداف في مخيم جنين، وإن كثيراً من الخلايا المسلحة انسحبت خارج المخيم، وضِمنها الخلية التي قتلت مستوطناً في جنوب غربي جنين قبل نحو شهر."
ووصف الناطق العسكري العملية بأنها معقدة في بيئة معادية، وأشار إلى أنه جرى خلالها اعتقال 300 فلسطيني، يُعتقد أن 30 منهم مطلوبون ضمن أهداف العملية، وأنه قُتل خلالها 12 فلسطينياً.
وأضاف أن العملية حققت الهدف الرئيسي لها؛ وهو الحيلولة دون تحويل مخيم جنين إلى مأوى لـ"الإرهابيين"، بالإضافة إلى تدمير البنى التحتية العسكرية، ومنها مختبرات لتصنيع المتفجرات وأماكن تخزين العبوات.
وتوعّد هغاري بالعودة إلى جنين في حال توفر معلومات استخباراتية، وأكد أن الجيش سيصل إلى "الإرهابيين" المصابين الذين وصلوا إلى مستشفيات جنين للعلاج، وذلك في الوقت المناسب.
وردّاً على سؤال طُرح بشأن فشل الجيش في الوصول إلى منفذي عملية قتل المستوطن في العملية التي جرت بالقرب من مستوطنة "حرميش" قبل أكثر من شهر، مع أنه وضع ذلك كأحد أهداف عملية اجتياح جنين، قال الناطق العسكري إن عدم توفر معلومات استخباراتية حال دون الوصول إليهم. وأضاف: "مع الأسف، لم تكن لدينا معلومات مسبقة عن مكان تواجدهم. وفي النهاية، سنصل إلى من نفّذ هذه العملية الفظيعة، وسنجعله يدفع الثمن، ولا توجد حلول سحرية لـ'الإرهاب'، وسنضطر إلى العودة إلى جنين في حال توفر معلومات محددة ودقيقة."
أعلن بيان صادر عن ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية أمس (الأربعاء) أن المواطنة الإسرائيلية - الروسية إليزابيث تسوركوف محتجزة لدى ميليشيا شيعية متطرفة في العراق.
وأضاف البيان أن آثار تسوركوف فُقدت منذ بضعة أشهر، وتعود آخر مشاركة لها على "تويتر" إلى آذار/مارس الماضي. وقال البيان إنها محتجزة من طرف كتائب حزب الله، وهي جماعة شبه عسكرية مدعومة من إيران، وأضاف أنها على قيد الحياة، وأن الحكومة الإسرائيلية تعتبر العراق مسؤولاً عن مصيرها وسلامتها.
وأوضح البيان أن تسوركوف هي باحثة أكاديمية، كانت تقوم بزيارة إلى العراق باستخدام جواز سفرها الروسي، وذلك بتكليف من جامعة برنستون التي تدرس فيها لنيل شهادة الدكتوراه، وهي محللة في شؤون سورية والشرق الأوسط بصورة عامة. وهي تحمل شهادتَين في العلاقات الدولية ودراسات الشرق الأوسط من الجامعة العبرية وجامعة تل أبيب. كما أن تسوركوف هي زميلة بحث في "معهد أبحاث السياسة الخارجية"، وهو مركز أبحاث أميركي، ويشير موقعه على الإنترنت إلى أن بحثها يعتمد أساساً على شبكة كبيرة من جهات الاتصال التي طورتها في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وخصوصاً في سورية، بالإضافة إلى العمل الميداني في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط.
عمّت الاحتجاجات مناطق عديدة في إسرائيل مساء أمس (الأربعاء) عقب إعلان تنحية قائد لواء الشرطة في منطقة تل أبيب عامي إيشد من منصبه، وهو ما اعتبره هذا الأخير لأسباب سياسية، لا مهنية، الأمر الذي دفع جماهير غفيرة إلى النزول إلى الشوارع في عدد من المدن وإغلاق مفترقات شوارع عديدة.
وأفادت أنباء أن قائد لواء تل أبيب قدّم استقالته بعد جولة من التعيينات الجديدة التي أجراها وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، وشملت تعيين قائد جديد للواء شرطة تل أبيب بدلاً من إيشد، وإحالته إلى منصب أدنى في جهاز الشرطة، وهو ما اعتبره الضابط إقالة مباشرة لأسباب سياسية، وليس لاعتبارات مهنية.
وقال إيشد، في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام أمس، إن هذا الإجراء ضده جاء بسبب اتهامه بالتعامل بليونة ولطف مع المتظاهرين ضد التغييرات في الجهاز القضائي مساء كل سبت، وعدم استخدام القوة معهم عند إغلاقهم الشوارع خلال هذه التظاهرات، وذلك خلافاً لتعليمات وزير الأمن القومي التي دعت إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد هؤلاء المتظاهرين.
وكان الوزير بن غفير أعلن إقالة إيشد من منصبه كقائد للواء شرطة تل أبيب في 9 آذار/مارس الماضي، مؤكداً أن سبب ذلك يعود إلى فشله في أداء واجبه في وقف الإخلال بالنظام وإغلاق شوارع رئيسية وحيوية.
وفي بيان مشترك للشرطة ووزارة الأمن القومي، أُعلن حينئذ أنه بناء على توصية القائد العام للشرطة، يعقوب شبتاي، سيتم نقل إيشد إلى منصب رئيس قسم التدريب، وهو منصب مكتبي متواضع.
كما شن بن غفير هجوماً حادّاً على قيادات في الشرطة خلال محادثات مغلقة، زعم فيها أنهم يرفضون اتّباع تعليماته المتعلقة بالاحتجاجات الواسعة المناهضة لحكومة بنيامين نتنياهو. لكن شبتاي تراجع عن موقفه في تصريح فاجأ بن غفير غداة اليوم التالي، وقال: "أخطأت في القرار، ولن أستسلم للضغوط السياسية." وأضاف أن إيشد هو ضابط مهني وذو خبرة.
صادقت الهيئة العامة للكنيست بالقراءة التمهيدية أمس (الأربعاء) على مشروع قانون يقضي بتحييد نقابة المحامين الممثَّلة بعضوين في لجنة تعيين القضاة، في إطار تشريعات خطة الحكومة الإسرائيلية الرامية إلى إضعاف الجهاز القضائي، وذلك بعد أقل من شهر من انتخاب المحامي عميت بيخر رئيساً للنقابة. ويعلن بيخر معارضته الشديدة خطةَ الحكومة المذكورة.
وقدّم مشروع القانون عضو الكنيست حانوخ ميليفسكي من حزب الليكود. ويقضي مشروع القانون بتحويل نقابة المحامين إلى هيئة تطوعية. كما يقضي بتشكيل مجلس محامين، وبأن يقوم وزير العدل الإسرائيلي بتعيين رئيس له، يكون مؤهلاً لتولي منصب قاضٍ في محكمة مركزية.
وكان رئيس لجنة القانون والدستور والقضاء في الكنيست عضو الكنيست سيمحا روتمان قد قال في وقت سابق إنه لا يفترض أن تكون نقابة المحامين جزءاً من لجنة تعيين القضاة.
تجدر الإشارة إلى أن بيخر فاز برئاسة نقابة المحامين بأغلبية 73% من الأصوات في الانتخابات التي جرت مؤخراً، والتي اعتُبر خلالها أنه مرشح أحزاب المعارضة فيما يتعلق بخطة إضعاف الجهاز القضائي، بينما حصل رئيس النقابة السابق إيفي نافيه على 19% من الأصوات. واعتُبر نافيه مرشحاً مريحاً للائتلاف فيما يتعلق بإضعاف الجهاز القضائي.
أعلن الجيش الإسرائيلي انفجار قذيفتَين داخل الأراضي الإسرائيلية أُطلقتا من لبنان، وأن الجيش حالياً يقصف بالمدفعية المنطقة التي جرى منها إطلاق القذائف. وكان الجيش في البداية قد نفى سقوط قذائف في إسرائيل، لكنه اعترف بعد ذلك بانفجار قذيفتَين داخل الأراضي الإسرائيلية. وكانت وكالة رويترز قد نقلت عن 3 مصادر أمنية في لبنان أنه عند نحو الساعة الثامنة صباحاً، أُطلقت قذيفتان مدفعيتان من جنوب لبنان في اتجاه إسرائيل، ولم تستطع القبة الحديدية اعتراضهما، فانفجرتا بالقرب من قرية الغجر، وذلك نظراً إلى قِصر مدى القصف المدفعي.
وكان حزب الله قد نشر بياناً هذا الصباح اتهم فيه إسرائيل بإقامة جدار يحيط بالجزء اللبناني من قرية الغجر، معتبراً الخطوة "استفزازية وخطرة"، لأن هذا الجزء من القرية تابع للسيادة اللبنانية. وتجدر الإشارة إلى أن الجدار الذي أُقيم يغلق تماماً العبور إلى القرية من داخل لبنان، ولقد قام بتنفيذه مجلس الغجر، ومن بعد الانتهاء من العمل فيه، أزالت إسرائيل كل القيود المفروضة على الدخول إلى القرية.
من جهة أُخرى، كان حزب الله قد أقام في الأسابيع الأخيرة خيمتَين داخل أراضي مزارع شبعا بالقرب من الحدود اللبنانية، يتواجد فيها مسلحون على مدار الساعة. وذكرت مصادر إسرائيلية أن الحزب فكك إحدى الخيمتَين وأبقى على الثانية، وذلك بعد الضغط الدولي الذي مورس على الحكومة اللبنانية في هذا الشأن. وكانت الولايات المتحدة ودول أوروبية قد ضغطت على الحكومة اللبنانية كي تتدخل في هذه المسألة لمنع حدوث تصعيد بين حزب الله وإسرائيل.
- بعد انتهاء عملية "بيت وحديقة" يوم الثلاثاء في جنين، حقق الجيش ما كان يريده؛ ترسيخ بنية تحتية تسمح بحرّية العمل. كانت العملية في جنين عملية تمهيدية من أجل تحقيق حرّية العمل التي أرادها، الأمر الذي سيسمح بدخول قوات إلى المنطقة من دون أن تنفجر عبوة ناسفة تحت مركباتها. لكن الاختبار الحقيقي يبدأ منذ الآن، فأسلوب عمل الجيش الإسرائيلي في جنين يستند إلى مبدأين؛ استخبارات دقيقة يقدمها الشاباك، ومساعدة جوية.
- يتجلى هذان المبدآن بطريقتَين: الأولى: دخول قوات إلى مخيم اللاجئين في جنين من أجل تنفيذ اعتقالات استناداً إلى معلومات استخبارية حصلت عليها من الشاباك. والثانية: تجري العمليات بمساعدة سلاح الجو، الأمر الذي لم يكن يحدث في الماضي. غيّرت العملية في جنين أسلوب العمل الذي كان الأول من نوعه، وذلك ليس بسبب استخدام مسيرات معينة، وإنما لأن هذا الاستخدام كان جزءاً من هذا العمل.
- مع ذلك، فإن هذا الأسلوب في العمل يمكن أن ينجح في حال استمرت العمليات، بعكس ما جرى في لبنان؛ حين قال رئيس الأركان شاؤول موفاز إن لبنان سيمحى عن الأرض إذا أطلقوا صواريخ منه في اتجاه إسرائيل، وهذا لم يحدث. إذا عادت الهجمات من جديد، فإنه شيء مؤسف بالنسبة إلى العملية الأخيرة، وهذا الأمر سنعرفه لاحقاً. يجب أن تكون طريقة النظر إلى الأمور مختلفة، وعلى افتراض حدوث شيء من هذا النوع، فإن إسرائيل يمكن أن تعتبر ذلك فشلاً لها. يتعين على إسرائيل شن عملية عند توفر المعلومات الاستخبارية وإحباط الهجمات قبل وقوعها، لا بعد حدوثها.
- الآن، وبعد العملية، يجب على المنظومة الأمنية أن تدرك أنه من أجل منع الفصائل المسلحة من القيام بهجمات أُخرى، فإنه يتوجب عليها الاستمرار في العمليات المتواصلة، والضغط العملاني المستمر، وما نقصده ليس القيام بعملية محدودة مرة كل عامَين، إنما القيام بعمليات متواصلة.
- مع خروج قوات الجيش الإسرائيلي من مخيم اللاجئين في جنين، عادت المسؤولية عن المخيم وعن المنطقة إلى لواء منشيه [المسؤول عن إحباط الهجمات في منطقتي جنين وطولكرم]. وعادت الأمور على الأرض كما كانت في الأيام التي سبقت عملية "بيت وحديقة"، عندما كان الجيش يقوم بعمليات جارية ومركزة في المنطقة كلها وفقاً للمعلومات الاستخبارية التي يحصل عليها. ومن الممكن أن تحدث عملية كالعملية الأخيرة في أي وقت في المستقبل القريب، وذلك للقيام باعتقالات أو لإحباط هجمات. والعملية في جنين ستنعكس على سائر المناطق في الضفة الغربية، وستسمح لإسرائيل بتكرار عمليات مشابهة في مدن أُخرى كنابلس.
- في أساس العملية، كانت هناك رغبة وجهد لضرب البنى التحتية لـ"الإرهاب" داخل مخيم اللاجئين. إن الواقع الذي كان على الأرض (تمركُز مجموعات تضم مئات المسلحين في المكان، وجمعها أسلحة، وخروجها من "حصنها" لتنفيذ هجمات وعودتها إلى هناك حيث كانت تشعر بالأمن) تضرر.
- إن الهدف الذي وضعه الجيش قبل العملية، والذي لم يتحقق تماماً، هو ضرب أكبر عدد ممكن من المسلحين المتواجدين في المكان، لكن أغلب هؤلاء فرّوا أو اختبؤوا مع بدء العملية، ولم تصل قواتنا إليهم. مع نهاية العملية، يدركون في جنين أنهم في حاجة إلى وقت طويل لإعادة إعمار ما دُمِّر، لكن هذا لا يعني أنهم غير قادرين على فعل ذلك. في هذه الأثناء، سيكون الهم الأساسي للمنظومة الأمنية المحافظة على هذا الإنجاز، واستمرار العمليات الجارية ضد "المخربين" في المخيم.
- حتى هذه الليلة، جرى الحديث عن إنجاز آخر حققته العملية؛ هو المحافظة على التفريق بين غزة والضفة الغربية، لكن الصواريخ التي أُطلقت من هناك هذه الليلة تدل على أنهم فعلاً لم يبقوا صامتين.
- هذه العملية هي جزء من المعركة المتعددة الجبهات التي تخوضها المؤسسة الأمنية على 4 جبهات في أسبوع واحد؛ العملية في جنين، والهجوم في سورية، والهجوم في غزة، وما يجري في مزارع شبعا. كل جبهة من هذه الجبهات يمكن أن تتحول من حادث تكتيكي إلى حادث استراتيجي.
- في نهاية الأمر، أي عملية مشابهة تنفّذها إسرائيل في مدن أُخرى في الضفة الغربية وتعطي نتيجة إيجابية في إطار عدد القتلى من "المخربين"، تحقق أمراً واحداً فقط؛ كَسْب الوقت، وإبعاد إسرائيل نسبياً عن الحدث الاستراتيجي المقبل. هذا بالتأكيد لا يحل المشكلة في الضفة الغربية، ولا في غزة، إذ الحل يجب أن يأتي من المستوى السياسي.
- يستطيع الجيش الإسرائيلي، بالاعتماد على قدراته، تحقيق مستوى مرتفع من الأمن بأثمان باهظة، ولقد نجح بواسطة خطط عملانية في نشر غطاء دفاعي كبير والتخفيف من ألسنة اللهب. لكن المرحلة الثانية من هذا الحدث لم تجر منذ سنوات عديدة (والمقصود هو التحرك السياسي). هناك تحديداً كل شيء محطم.
- يتعين على إسرائيل أن تعرف ما الذي تريده لاحقاً، وما الذي يمكن أن يُحسّن الأوضاع وينشئ للمستوى العسكري واقعاً أفضل، وأكثر ملاءمة للمناورة. إن العمليّات العسكرية مفيدة وتساعد في إنشاء هذا الواقع، لكنها لن تغير الصورة الكبيرة. الجيش ليس قادراً على تقديم كل الحلول.
- إسرائيل غير مؤهلة وغير قادرة وربما لا تريد أن تقرر إلى أين تذهب. لذلك، نعود في كل مرة إلى واقع "الجولات". لا يوجد سبب حقيقي يمنعنا من العودة إلى البحث في موضوع جنين وقطاع غزة وسائر المناطق في ضوء عدم تغير أي شيء في الواقع السياسي.
- حققت حملة الجيش في جنين نجاحاً على الصعيد التكتيكي - العملياتي، لكن لا يجب التفاخر أكثر من اللازم بذلك؛ فالعدو الذي هرب من المخيّم لا يشبه أي قوة مقاتلة يمكن أن يواجهها الجيش في غزة أو لبنان. لم تكُن المشكلة التي دفعت إلى القيام بالحملة العسكرية في نوعية "المجموعات الإرهابية" أو قوّتها هناك، إنما في الحرّية المطلقة التي كانت لديها، والتي صعّبت كثيراً عمليّات الإحباط التي تقوم بها القوى الأمنية.
- كان هذا هو الهدف المحدود والتكتيكي للحملة؛ استعادة حرية العمل لعمليات الإحباط الخاصة بالجيش و"الشاباك". خلال الأشهر الأخيرة، كان يتوجب على الوحدات، التي تدخل لتنفيذ اعتقالات أو تفكيك مجموعات تنوي تنفيذ عمليات، أن تقوم بذلك خلال ساعات النهار، أو بقوات كبيرة وخاصة، وذلك لأن المجموعات هناك نجحت في صنع حلقة حماية من الكاميرات وأدوات أُخرى، منحتهم إنذاراً مسبقاً بالاقتحامات الليلية، وحلقة مادية من العبوات الناسفة كتلك التي انفجرت بمركبة عسكرية تابعة للجيش قبل نحو أسبوعَين. هناك ثمن للعمليّات الكبيرة، أو العمليات في وضح النهار، لا يُحصر بإمكان تورّط القوّة المنفّذة، بل أيضاً بوقوع مصابين في الجانب الآخر، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى إشعال مناطق أُخرى في الضفة، أو حتى التورط في جبهات أُخرى.
- لقد أعادت الحملة العسكرية - القوية، والذكية وذات الأهداف الميدانية المحددة - الوضع إلى ما كان عليه، وبعثت برسالة فحواها أن إسرائيل لن تسمح لهذه "المحميات الإرهابية" بأن تتطور. وعلى الرغم من الألم بسبب سقوط المقاتل في وحدة "إيغوز" دافيد يهودا يتسحاك، فإن الانطباع العام هو أن مستوى التنفيذ كان جيداً. عدا ذلك، فإن كل ما تبقى هو الخطاب العدائي الصادر عن أعضاء الائتلاف الحالي، والوهم الأبدي من دون أي فائدة بشأن "القضاء على الإرهاب"، وسحب كل موضوع، حتى لو كان أمنياً – موضعياً، كحرية الحركة في مخيم اللاجئين إلى المستنقع المشتعل لسياسة الهويات داخل إسرائيل.
- لقد عكست الشاشة المنقسمة إلى جزئين منذ يوم الاثنين (الصور من جنين من جهة، والمتظاهرين وَهُم يشتبكون مع الشرطة خلال احتجاجات في مطار "بن غوريون" من جهة أُخرى) الوضع المستحيل الذي دفعت الحكومة قيادات الجيش إليه؛ فمن جهة، هُناك حاجة إلى القيام بالخطوة المطلوبة وإحباط "الإرهاب" من دون الانجرار إلى مواجهة واسعة، وذلك في الوقت الذي يندفع فيه الوزراء المنفعلون، ويطالبون بالمزيد من "الإنجازات" التي لا معنى لها، ومن جهة أُخرى، هناك جنود الاحتياط المقتنعون بأن كل ما تقوم به الحكومة، وضِمنه الخروج في حملة عسكرية، يهدف إلى توجيه اهتمام الجمهور بعيداً عن الانقلاب القضائي. وهذا ما سيتعزز خلال أشهر الخريف والشتاء، إذ سيكون قانون "التجنيد" في مركز النقاش.
- لكن الأهم من هذا كلّه هو أن الحملة تعكس نتائج السياسة التي تبنّتها حكومات إسرائيل كلّها خلال الأعوام الماضية؛ إضعاف السلطة الفلسطينية وتقوية "حماس". بالنسبة إلى نتنياهو - وسموتريتش وشركائه طبعاً - هذه خطوة موجّهة، الهدف منها إلغاء إمكان أي تسوية سياسية. لقد تبنّى آخرون هذه السياسة للوصول إلى هدوء مؤقت في قطاع غزة. والجدير بالذكر أن "حماس" خرجت أقوى من هذه العملية أيضاً، إذ إن إسرائيل، كما في عمليّتَي "بزوغ الفجر" و"الدرع والسهم"، تقوم بكُل ما يمكنها لتقول لها إنها غير معنية بمواجهة مع الحركة.
- لا يوجد فراغ في العالم؛ إن وجود سُلطة ضعيفة يعني وجود فوضى في الضفة، ستدخلها "منظّمات إرهابية" برعاية إيران، وستقوم بتنظيم مجموعات على نمط هذه الموجودة في جنين. وفي الوقت الذي تستهدف فيه الحملات الإسرائيليّة الأعداء الأضعف لإسرائيل (الجهاد الإسلامي في غزة أو المجموعات في جنين)، فإن الأعداء الأخطر يزدادون قوة وثقة بالنفس، يبثّون لأبناء شعبهم رسالة، فحواها أن الطريق الوحيد للحصول على شيء من إسرائيل هو المقاومة والقوّة.
- لا يمكن أن نتوقع من الحكومة الحالية، التي جوهرها تأبيد سيطرة إسرائيل على الضفة والقضاء على إمكان الوصول إلى تسوية، أن تعمل لتقوية الشريك الممكن في رام الله. وهذه السياسة التي ستكون لها إسقاطات تاريخية على مكانة إسرائيل وصورتها، لا توجد أيضاً معارضة جدّية لها في السياسة الإسرائيلية، أو في الاحتجاجات ضد المسار التشريعي، التي تجنبت حتى الآن أي تعاطف مع معارضة الاحتلال. لكن حتى من يُريد الحديث عن الأمن الخالص، وكأنه يوجد شيء كهذا أصلاً، يجب أن يتذكر إسقاطات سياسة إسرائيل؛ سُلطة فلسطينية ضعيفة تعني "إرهاباً" قوياً يقوم في هذه المرحلة بصناعة محميات كتلك الموجودة في جنين، ستفرض على سلاح الجو وأفضل الوحدات في الجيش أيضاً التعامل معها، وفي المرحلة القادمة يمكن أن يدفع قدماً بهجمات قاسية ويشعل حريقاً كبيراً.