مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
ذكر بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أن قوات الجيش الإسرائيلي بدأت الليلة الماضية بالانسحاب من مدينة جنين بعد شنّ العملية العسكرية "بيت وحديقة" هناك، والتي استمرت نحو يومين. كما أعلن البيان مقتل أحد الجنود الإسرائيليين خلال العملية.
وأفادت مصادر فلسطينية بوقوع اشتباكات متفرقة مع قوات الجيش الإسرائيلي في أثناء انسحابها.
وفي وقت سابق أمس قال بيان صادر عن الناطق العسكري إن الجيش الإسرائيلي استجوب أكثر من 300 مشتبه فيه منذ بدء العملية في وقت مبكر من يوم الاثنين الماضي، وتم اعتقال 30 منهم.
وأضاف البيان أن قوات الجيش الإسرائيلي حدّدت وهدمت ما لا يقل عن 8 مواقع لتخزين الأسلحة و6 مختبرات للمتفجرات مع مئات العبوات الجاهزة و3 غرف حرب استخدمها مسلحون فلسطينيون لمراقبة القوات الإسرائيلية وغيرها، وهو ما يُعتبر بنية تحتية لـ"الإرهاب".
ووفقاً للبيان، صادر الجيش الإسرائيلي عشرات البنادق والمسدسات ومئات العيارات النارية. كما نفّذ سلاح الجو الإسرائيلي نحو 20 غارة بطائرات من دون طيار ضد أهداف مختلفة في مخيم جنين.
وقالت مصادر فلسطينية إن 18 فلسطينياً قُتلوا وأصيب أكثر من 100 بجروح، بينهم 20 في حالة خطرة، وذلك خلال الغارات الجوية الإسرائيلية والاشتباكات مع قوات الجيش الإسرائيلي.
وبحسب الجيش الإسرائيلي، فإن جميع القتلى الفلسطينيين شاركوا في القتال، ولكن كان هناك بعض الجرحى من غير المقاتلين. وأضاف الجيش أن هذه العملية لن تكون لمرة واحدة، وأنها استهدفت تسهيل العمليات المستقبلية للجيش الإسرائيلي في جنين.
وأكد الجيش الإسرائيلي مقتل أحد جنوده خلال عمليته العسكرية في جنين.
وقال بيان صادر عن الناطق العسكري الإسرائيلي إن مقاتلاً من الجيش قُتل بإطلاق نار مساء أمس خلال العملية العسكرية ضد البنية التحتية "الإرهابية" في مخيم جنين للاجئين.
وأكدت مصادر فلسطينية أن مقاتلين من جنين تمكنوا من إيقاع إصابات مباشرة في صفوف قوات الجيش الإسرائيلي المنسحبة، وهو ما ظهر أيضاً في مقاطع فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، اضطر الجيش الإسرائيلي بعدها إلى الاعتراف بسقوط أول قتيل في الهجوم. كما أظهرت مقاطع فيديو جنوداً إسرائيليين وهم يحملون أكثر من جثة بالقرب من مستوطنة "كيدوميم" شمالي جنين.
أعلن بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أن الطيران الحربي الإسرائيلي شنّ فجر اليوم (الأربعاء) غارات على موقع عسكري تابع لفصائل فلسطينية في بلدة بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، وذلك رداً على إطلاق 5 صواريخ من القطاع في اتجاه الأراضي الإسرائيلية مساء أمس (الثلاثاء)، واعترضتها كلها منظومة "القبة الحديدية" المضادة للصواريخ بنجاح.
ولم تعلن أي جهة فلسطينية مسؤوليتها عن عملية إطلاق الصواريخ.
وأضاف بيان الجيش الإسرائيلي أن إطلاق الصواريخ من القطاع تسبّب بإطلاق صافرات الإنذار في بلدة سديروت في المنطقة الجنوبية.
يأتي هذا بينما تشهد الضفة الغربية توتراً كبيراً مع عملية "بيت وحديقة" العسكرية التي يقوم الجيش الإسرائيلي بشنها في جنين، والتي أدت إلى مقتل 18 فلسطينياً وإصابة عشرات آخرين بجروح، كما أدت إلى مقتل جندي إسرائيلي. كما شهدت تل أبيب أمس عملية دهس وطعن أدّت إلى إصابة عدد من الإسرائيليين ومقتل منفّذها.
قال بيان صادر عن الناطق بلسان الشرطة الإسرائيلية إن عملية الدهس التي قام بها شاب فلسطيني في شمالي تل أبيب أمس (الثلاثاء) أسفرت عن إصابة 9 إسرائيليين بجروح، وُصفت جروح 4 منهم بأنها خطرة.
وأضاف البيان أن مرتكب العملية هو عبد الوهاب خلايلة (20 عاماً) من سكان السموع في جنوبي جبل الخليل. وتبين أنه دخل اسرائيل خلافاً للقانون، وأنه ليس من ذوي السوابق الأمنية. وأشار البيان إلى أنه تم قتل مرتكب العملية بيد إسرائيلي مسلح.
وقالت حركة "حماس" إن العملية نُفِّذت رداً على العملية العسكرية الإسرائيلية في جنين. وأضافت أن خلايلة كان عضواً في الحركة، لكنها لم تتبنّ المسؤولية عن العملية.
وقال القائد العام للشرطة الجنرال يعقوب شبتاي خلال تصريح لوسائل الإعلام في مكان العملية، إن مرتكب الهجوم دهس بسيارة تجارية مجموعة مشاة لدى تواجدهم في محطة لحافلات الباص، ثم خرج من المركبة وبدأ بطعن آخرين. وقام مواطن مسلح بتصفيته. وأثنى شبتاي على تصرّف هذا المواطن، داعياً الجمهور إلى توخي الحيطة والحذر.
وتزامنت هذه العملية مع جلسة مشاورات هاتفية أجراها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مع رؤساء الأجهزة الأمنية لتقييم الوضع فيما يتعلق باستمرار عملية الجيش الإسرائيلي في جنين.
في سياق متصل، قالت الشرطة الإسرائيلية مساء أمس إنها قررت تعزيز قواتها في جميع أنحاء إسرائيل ونصب حواجز عند مداخل المدن، وذلك في إثر عملية الدهس والطعن التي نُفِّذت في تل أبيب.
مصادر رفيعة المستوى في قيادة الشرطة أفادت بأن الشرطة قررت الدفع بالعشرات من العناصر لتعزيز قواتها المنتشرة في المدن والبلدات والطرقات والمحاور الرئيسية، بما في ذلك نصب حواجز طرقات منذ صباح اليوم (الأربعاء) عند مداخل المدن في جميع أنحاء البلد.
كما ستقوم قوات معززة من الشرطة بدوريات في مراكز التسوّق والمراكز التجارية.
مع استمرار العملية العسكرية الإسرائيلية في جنين، والتي أطلق عليها الجيش الإسرائيلي اسم "بيت وحديقة" وأدت إلى مقتل 18 فلسطينياً وإصابة العشرات بجروح، دان كلٌّ من السعودية والمغرب وتركيا أمس (الثلاثاء) العملية وطالبت بوقفها فوراً.
وطالب وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام، المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لوقف العدوان الإسرائيلي الجديد على الشعب الفلسطيني، كما ندّد بالاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني، معتبراً أن الوضع خطِر جداً في المناطق [المحتلة].
وذكر بيان صادر عن وزارة الخارجية السعودية أن السعودية تُدين استمرار التصعيد الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة وآخرها العدوان على مدينة جنين، الأمر الذي أدى إلى سقوط ضحايا أبرياء وإصابة آخرين. وأعرب البيان عن رفض السعودية التام لما تقوم به القوات الاسرائيلية من انتهاكات.
وطالب وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بوقف العملية العسكرية في جنين بصورة عاجلة، بالإضافة إلى وقف اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين. وأضاف أن تركيا اهتمت بنقل وجهة نظرها هذه إلى إسرائيل.
صادقت لجنة الدستور والقانون والقضاء في الكنيست أمس (الثلاثاء) على مشروع القانون الخاص بتقليص استخدام حجة المعقولية من طرف الجهاز القضائي، ولا سيما من أجل نقض قرارات تتخذها الحكومة، وذلك تمهيداً لطرحه على الكنيست للتصويت عليه بالقراءة الأولى.
وأيّد مشروع القانون 9 من أعضاء اللجنة وعارضه 5 أعضاء كنيست.
ودعا رئيس حزب "يوجد مستقبل" وزعيم المعارضة عضو الكنيست يائير لبيد، ورئيس تحالُف "المعسكر الرسمي" عضو الكنيست بني غانتس، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى اتخاذ قرار بالامتناع من طرح مشروع قانون حجة المعقولية على الكنيست للمصادقة عليه بالقراءة الأولى.
ووصف لبيد وغانتس إقرار مشروع القانون في لجنة الدستور والقانون والقضاء بأنه خطوة أحادية الجانب تمسّ مواطني الدولة وتمزّق وحدة الشعب.
كما حمل لبيد وغانتس على نتنياهو، مؤكديْن أن تصرُّفه في هذه القضية من شأنه توسيع الشرخ داخل صفوف المجتمع الإسرائيلي.
وقال رئيس نقابة المحامين في إسرائيل المحامي عميت بيخر إن النقابة ستعارض بكل طريقة ممكنة جماهيرية وقضائية مشروع قانون تقليص حجة المعقولية بالصيغة التي يقوم الكنيست بالتصويت عليها في الوقت الحالي. وأضاف أن الصيغة الحالية هي الأكثر تشدداً، إذ إنها تلغي بصورة قاطعة صلاحية المحكمة الإسرائيلية في توجيه نقد قضائي إلى أي قرار وزاري، وأكد أن ذلك يشكل خطراً على الديمقراطية وسلطة القانون.
وقال موشيه ردمان، من قادة الحراك الاحتجاجي ضد خطة التغييرات القضائية الحكومية، أنه سيكون هناك فعاليات احتجاج كبيرة للغاية ضد مشروع القانون هذا غداً (الخميس).
ربط وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين قرار إسرائيل المرتقب بالاعتراف بسيادة المغرب على منطقة الصحراء الغربية باستضافة الرباط لمنتدى النقب، الذي تم تأجيله أكثر من مرة، لوزراء خارجية الدول الموقّعة لـ"اتفاقيات أبراهام" لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، والتي تمت برعاية أميركية.
وقال كوهين في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام الليلة قبل الماضية: "إننا نعمل حالياً على هذه القضية، وخطتنا هي اتخاذ قرارنا النهائي في منتدى النقب"، وأشار إلى أنه من المتوقع أن يستضيف المغرب المنتدى، إما في أيلول/سبتمبر، أو في تشرين الأول/أكتوبر 2023.
يُذكر أن مؤتمراً لهذا المنتدى كان عُقد في آذار/مارس 2022 في النقب [جنوب إسرائيل]، وضم وزراء خارجية كلٍّ من مصر والبحرين والمغرب والإمارات العربية المتحدة، بحضور وزير الخارجية الأميركي، وكان محور المؤتمر بلورة موقف سياسي وأمني موحد ضد المشروع النووي الإيراني، على خلفية السعي لتجديد الاتفاق النووي بين دول مجموعة 5+1 وإيران. وفي 28 آذار/مارس 2022، تم الإعلان أن المؤتمر سيصبح منتدى سنوياً يسمى "منتدى النقب".
وكان المغرب أعلن في وقت سابق تأجيل استضافته الدورة الثانية للمنتدى إلى الخريف المقبل بسبب ازدياد وتيرة أعمال العنف في الضفة الغربية.
وقال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إن بلاده ترفض القرارات الحكومية الإسرائيلية الأخيرة بتوسيع النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية، والقرارات الصادرة عن متطرفين من الجانبين، وخصوصاً الجانب الإسرائيلي.
والمغرب يعتبر الصحراء الغربية جزءاً من أراضيه، ولكن جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر تطالب بإقامة دولة مستقلة هناك.
- يمكن وصف العملية في جنين بأنها عملية تكتيكية ناجحة حققت هدفاً عسكرياً مركزياً، هو تقليص كميات السلاح الموجود في حوزة المسلحين الفلسطينيين في جنين - وهي تُعتبر من العمليات الناجحة سياسياً بالنسبة إلى بنيامين نتنياهو. وليس عبثاً أن نراه يكبّد نفسه عناء التقاط الصور في ضواحي جنين وإظهار وجوده. الإصلاح يمكن أن يتسلل ببطء، الاحتجاج أصبح أقل إثارة للاهتمام، وربما صور القتلى من جنين ستمنح حكومته غير المستقرة بضعة أسابيع أو أشهر من الاستقرار. وفي إمكان مؤيديه النجاح في جعل الناس ينسون حقيقة أنه منذ ولاية حكومة اليمين بالكامل، نشهد تصاعداً دراماتيكياً في الهجمات، وهجوم يوم الثلاثاء في تل أبيب هو نموذج آخر من ذلك.
- وفي الواقع، هذه هي المشكلة الكبيرة التي تحملها العملية في جنين: هي إعطاء مريض ميؤوس منه حبة أسبيرين. ربما ستقلل المخاطر المترتبة عن مخيم اللاجئين في جنين من ناحية العتاد العسكري الموجود فيه، لكنها بالتأكيد لن تخفض عدد الهجمات. هذه العملية ليست عملية سور واقٍ 2، كما يحاول أن يسّوق لها أنصار نتنياهو. وهي لا تقترب منها، وعدد المطلوبين المسلحين الذي قُتلوا في المعارك ليس مرتفعاً، مقارنةً بعدد المسلحين الذين كانوا موجودين في المخيم.
- وهناك حقيقة غير متوقعة لا يعرفها قسم كبير من الجمهور الإسرائيلي - أغلبية المطلوبين من المسلحين فرّت من المخيم فور بدء العملية والهجوم من الجو. هم فهموا من أين تهب الرياح، واختاروا الاختباء في مستشفيات المدينة، أو في منازل مواطنين في أحياء أُخرى خارج المخيم. فقد تعلموا جيداً الدرس من عملية الجدار الواقي (2002)، وتركوا الجيش الإسرائيلي في مواجهة مخيم من الأشباح.
- صحيح أنه توجد جيوب من المقاومة هنا وهناك، وصحيح أن الجيش نجح في العثور على معامل المتفجرات ومخازن السلاح، لكن في الخلاصة، لا وجود للمسلحين. ومنذ مساء يوم الإثنين، عملياً، أغلبية المدنيين الفلسطينيين غادرت المخيم. صور العائلات والآباء والأمهات يفرّون مع أولادهم كانت مشاهدتها صعبة، لكن دلالاتها واضحة - مع تراجُع الخطر على حياة المدنيين، تراجع أيضاً خطر فتح جبهة جديدة في مواجهة "حماس" في غزة، أو في الشمال.
- وهنا يجب أن نقول بضع كلمات عن "حماس". لقد أرسلت الحركة أفضل الناطقين بلسانها للتحذير والتهديد بردّ مؤلم ضد إسرائيل، وأنها "ستضرب العدو الإسرائيلي بصورة لا يتوقعها." لكن في الخلاصة، لم تفعل "حماس" شيئاً باستثناء إطلاق صواريخ ليلاً بعد انتهاء العملية. وبالنظر إلى الظروف الراهنة، المقصود ظاهرة ليست جديدة، لكنها مثيرة للدهشة حتى بالنسبة إلى الفلسطينيين أنفسهم.
- في عملية حارس الأسوار في أيار/مايو 2021، حاولت "حماس" السيطرة على الضفة الغربية والقدس والعرب في إسرائيل، لكنها قررت منذ ذلك الوقت إبقاء غزة خارج المعركة. لكن ليس بأي ثمن، فلو كان عدد القتلى بين المسلحين الفلسطينيين، أو بين المدنيين، مرتفعاً لكنّا شهدنا حينها رداً مختلفاً. لكن حقيقة أنه قُتل حتى الآن 12 فلسطينياً "فقط" في العملية، أغلبيتهم الساحقة من المسلحين، تسمح لـ"حماس" بإبقاء نفسها خارج المعركة، مع المحافظة على لغة التهديد. والاعتبار بالنسبة إليها واضح، فهي تريد المحافظة على الإنجازات الاقتصادية، وعلى عملية إعادة البناء البطيئة، وخروجها من تحت الدمار.
- حتى الجهاد الإسلامي الذي يُعتبر أكثر تشدداً، فإنه تجنّب إطلاقاً كثيفاً للصواريخ على إسرائيل، على ما يبدو، في ضوء الثمن الذي دفعه في جولة القتال الأخيرة في مواجهة الجيش الإسرائيلي. هناك طرف آخر لم يقم بخطوة لا يمكن العودة عنها، هو السلطة الفلسطينية التي أعلنت أنها "ستواصل وقف التنسيق الأمني" مع إسرائيل، لكنها لم تسارع إلى إلغاء التنسيق المدني والاتفاقات الاقتصادية.
- يبدو أن الفلسطينيين - السلطة في الضفة و"حماس" في غزة - فهموا ما لم يفهموه في إسرائيل: هذه ليست عملية عسكرية واسعة ومهمة. وهي تخدم أهدافاً سياسية لنتنياهو. لكن مع الأسف، بعد وقت قصير على خروج الجيش الإسرائيلي من أزقة المخيم، سيعود المسلحون إليه، وسيستأنفون الهجمات من هناك.
- فقدان بنيامين نتنياهو السيطرة السياسية أثمر عملية استعراضية. فما من إنسان عاقل في الجيش، وفي الشاباك، وحتى في دوائر اليمين، يصدق أن هذه العملية قضت على "الإرهاب" في مخيم اللاجئين في جنين، ناهيك بمدينة جنين ونابلس والقدس، وكل الأراضي المحتلة.
- ونقدّر ونأمل أن يكون نتنياهو نفسه لا يصدق الكلام الذي خرج من فمه عندما قال "نسعى لتغيير المعادلة في مواجهة 'الإرهاب'. فعلنا هذا قبل عامين ونصف في عملية حارس الأسوار في مواجهة 'حماس'، حين أرجعنا الحركة عشرة أعوام إلى الوراء. وفعلنا هذا قبل أسابيع في عملية 'ردع وسهم'، عندما قتلنا مسؤولين رفيعي المستوى في الجهاد الإسلامي، وسنفعل ذلك اليوم في جنين."
- كتالوغ عمليات "القضاء على البنى التحتية" الذي يشمل كبار مسؤولين وقادة ومهندسين و"غير متورطين"، وهدم منازل مخربين، كان يجب أن يقنعنا بأن البضاعة التي يبيعها رئيس الحكومة هي بضاعة قديمة وكاذبة ومسمومة وخطِرة. التهديد الحقيقي يكمن في عدم الثقة الذي تحول إلى بنيوي في كل ما تدّعي هذه الحكومة أنها تفعله، وفي الأهداف التي تسوّقها.
- عملية "درع وسهم" يمكن أن يكون إنجازها المركزي عودة إيتمار بن غفير إلى حضور جلسات الحكومة بعد إعلانه مقاطعتها، كذلك بدأت عملية "بيت وحديقة" في جنين، تحديداً في اليوم الذي جرت فيه التظاهرات في مطار بن غوريون، ومن الصعب فصلها عن إملاءات الجناح اليميني واستخدام الجيش الإسرائيلي كأداة صاخبة لتهدئة صراخهم.
- طبقة تلو الأُخرى، تبني الأطراف الهامشية المتطرفة خطة الأكاذيب التي تنخر بعمق أيضاً في لحم البقرات المقدسة - الجيش وقدراته. في أساس شكوى المستوطنين المطالبة بإطلاق يد الجيش وتحريره من القيود التي تفرضها الحكومة عليه، ومنحه السلطة والصلاحية للقيام بعملية انتقامية وفق المخطط الذي يفرضونه، ومن أجل خلق ميزان رعب في مواجهة الفلسطينيين.
- لكن ميزان الرعب الحقيقي هو بين المستوطنين والجيش الإسرائيلي. إدانة مذابح "شبان التلال" من طرف "القيادة المسؤولة" للمستوطنين ليست أكثر من تهديد علني. والمقصود مَن لا يريد مذابح خاصة يجب عليه أن يجعلها قانونية ويكلف شركة مختصة، مثل الجيش الإسرائيلي، بتنفيذها.
- وهذا أسلوب مثبت ومجرب، يستخدمونه في كل الجرائم التي يرتكبونها. مثلاً، مَن لا يريد بؤراً استيطانية غير قانونية، عليه تشريعها وتسوية أوضاعها، وإذا كان التواجد في حومش يُقلق الذين يريدون احترام القانون، فيمكن تغيير هذا القانون (ولقد تغير فعلاً). قبل يومين، طالب رئيس المجلس الإقليمي للسامرة يوسي داغان باستمرار العملية في جنين حتى "القضاء على البنية التحتية لـ"الإرهاب" وتغيير المعادلة على الأرض."
- ولم يكن ظهور مصطلح "تغيير المعادلة" صدفة في اليوم نفسه في التصريح الذي نشره نتنياهو، كأنه أراد أن يثبت أنه ينفّذ المهمة التي طلبها داغان منه. الآن، يجب أن ننتظر موافقة داغان على قرار وقف العملية، من أجل عودة الجيش الإسرائيلي إلى نشاطه العادي.
- لكن تغيير المعادلة التي يراها المستوطنون أمام أعينهم لا يشبه ما يقصده نتنياهو. الطريقة التي يطرح فيها المستوطنون مطالبهم ويضغطون ويهددون نتنياهو، ويقدمون أنفسهم كضحايا تنتظر التعويض هي صيغة قديمة وغير ذات صلة. وهم الآن يعيدون صوغ كلام صادم قالته ميري ريغيف: "ما قيمة الجيش إذا كنا غير قادرين على السيطرة عليه." لديهم الآن وزير في وزارة الدفاع مسؤول عن المستوطنات، ووزير أمن قومي يتطلع إلى السيطرة على حرس الحدود في المناطق. ويبدو وزير الدفاع [يوآف غالانت] كأنه مدير شعبة مهمات، وماذا عن نتنياهو؟ يبدو أن المستوطنين يوافقون على أن يتركوا له موضوعيْ إيران وحزب الله.
- جيش تبدو معداته كأنها من فيلم خيال علمي، يهاجم قبيلة للهنود الحمر. تقريباً، هذه هي موازين القوى، ومن هذه الناحية، يتحول الفلسطينيون في مخيم جنين إلى أبطال. المواطنون، كالعادة، هم أبطال رغماً عنهم. أما مَن اختاروا حمل السلاح وحاولوا مهاجمة الغزاة - فإن بطولتهم وشجاعتهم (وأيضاً لامبالاتهم بالموت، لأنهم منذ ولادتهم لا يوجد أفق لحياتهم )، لم تستطيعا خلال الـ23 عاماً الماضية إيقاف الخطة الإسرائيلية العليا: ضمان أن يتم ضم أغلبية الضفة الغربية فعلياً إلى إسرائيل، وفصلها عن الفلسطينيين، عبر حشرهم في معازل محددة.
- حكومات إسرائيل، الواحدة تلو الأُخرى، دفعت بهذه الخطة - وكل يوم يتبين من جديد كم أنها استراتيجية محسوبة، لديها الكثير من المفكرين، والعديد من أذرع التنفيذ. وبصدق، يقول الداعمون للكفاح المسلح إن تكتيك الدبلوماسية والمفاوضات الذي التزم به رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، لم يوقف جشع التوسع الإسرائيلي، ولا تجاهل إسرائيل منذ اليوم الأول لاتفاقيات "أوسلو" وللفهم الدولي بأن المستوطنات تتناقض مع "مسار السلام" ويجب وقف بنائها. إلاّ إن ما يسمى "الكفاح المسلح" أيضاً لم يوقف خلال الثلاثين عاماً الأخيرة السعي الإسرائيلي للسيطرة على الأراضي الفلسطينية وقتل الطموحات القومية الفلسطينية. وفي كل الأحوال، كان أكثر من مرة مبرراً لهذه السرقة - كبناء الجدار الفاصل ومنطقة خط التماس حوله، التي يُمنع الفلسطينيون من الاقتراب منها.
- إخلاء المستوطنات في قطاع غزة - الذي تقدمه "حماس" كانتصار وكإثبات على نجاعة الكفاح المسلح - خدم هدفاً إسرائيلياً آخر: الاستمرار في تقسيم المجتمع الفلسطيني وإدخاله في تقسيمات منفصلة داخل معازل، الواحدة معزولة عن الأُخرى، وفي الوقت نفسه، تعميق الاستيطان في الضفة الغربية، وضمنها شرقي القدس. إخلاء المستوطنات الأربع في شمال الضفة في سنة 2005 لم يغيّر الكثير: إسرائيل لا تزال تصنّف المنطقة التي بُنيت فيها هذه المستوطنات على أنها "منطقة ج"، ومنعت الفلسطينيين من استعمالها وتطويرها، بحسب حاجاتهم، حتى بعد إخلاء المستوطنين. المواقع المُخلاة هناك بقيت على حالها، بالانتظار، حتى تغيرت الظروف السياسية وبات هناك إمكانية لإرجاع الساعة إلى الوراء.
- يجب أيضاً قراءة الهجوم على "قبيلة" لاجئي جنين في هذا السياق - وليس فقط في سياق محاكمة نتنياهو، واعتماده على أحزاب المستوطنين والتظاهرات ضد الانقلاب القضائي. حكومة نتنياهو – سموتريتش - بن غفير - ليفين أبطلت قانون "الانسحاب" من شمال الضفة. وعلى أراضي برقة وسيلة الضهر تنمو "المدرسة الدينية" - الاستيطانية "حومش" وتتوسع، برعاية الجيش. وفي الواقع، برعاية الجيش ومساعدته، فرضت وجودها على أصحاب الأرض قبل إبطال القانون بكثير.
- تبقى ثلاثة مواقع يستهدفها إلغاء القانون: ما كانت سابقاً مستوطنات "شانور"، و"كيديم" و"غانيم"، وجميعها في محافظة جنين. الخبرة المتراكمة تسمح لنا بأن نقدّر أن القيادة العليا - حركات المستوطنين بأنواعهم المختلفة وممثليهم في الحكومة، يخططون منذ الآن لإسكان هذه المواقع من جديد. وفي المقابل، يمكن قبل ذلك توقُّع أن يقام هناك بعض المزارع التي يقودها أفراد وتبدو عفوية مع قطعان من المواشي والأبقار، أما الميليشيات الخاصة والتمويل الكبير فستسمح لبعض العائلات المتدينة من الحسيديم بممارسة فريضة سرقة الأراضي الفلسطينية. وذلك، مع مزيج من التوابل المعروفة، كقلع الأشجار، وإشعال الحرائق، وسرقة المحاصيل، وإغلاق الطرقات، وإطلاق النار هنا وهناك، وأيضاً المذابح المباشرة التي لم تعد تكتفي بالهجوم وإخافة راعي مواشٍ واحد أو فلاح، بل باتت تتوجَّه ضد قرية كاملة.
- الألف جندي، والطائرات، والمسيّرات التي تقصف، بالإضافة إلى غرف القيادة والجرافات، ومئات المركبات المدرعة وأحدث ما تعرفه التكنولوجيا الدقيقة، والذي من الصعب حتى تخيّله، هذا كله يهدف إلى عملية إخضاع مسبقة - قتل، واعتقال، وإصابة، وردع، وإخافة - كل ما يمكنه التشويش على تنفيذ إلغاء قانون "الانسحاب".
- الفجوة الكبيرة في موازين القوى تنعكس، كالعادة، أيضاً في مجال توفّر المعلومات: المتحدثون باسم الجيش والشرطة و"الشاباك" ينشرون التفاصيل المختارة التي لديهم مباشرة: إذا أرادوا يكثرون من التفاصيل، وإذا أرادوا يقلّصون التفاصيل. الأمر الأساسي أن المجتمع الإسرائيلي يتعامل معهم على أنهم يعرفون كل شيء، وبموضوعية كما يبدو. وعندما ينشرون صور حاويات مع وقود ويكررون، المرة تلو الأُخرى، كلمات "بنى إرهاب" و"مختبرات تصنيع متفجرات" في قلب المناطق السكنية المدنية، من الصعب على الإسرائيليين أن يتجاهلوا أن قواعد الجيش و"الشاباك" ومكاتب وزارة الدفاع وهيئة القيادة العليا للجيش، جميعها تعمل من قلب المناطق السكنية المدنية بصورة واضحة. ويجب عليهم أيضاً أن يتجاهلوا أن كتيبة واحدة من الجنود، أو من "حرس الحدود"، مسلحة أكثر من كل المخيم. لا يتذكرون، لذلك أيضاً يستطيعون أن ينسوا أن إسرائيل هي القوة القائمة بالاحتلال التي فرضت نفسها على الفلسطينيين.
- المعلومات الأُخرى التي تظهر من الميدان جزئية وشحيحة. وذلك لأن الجيش هدم بنى الكهرباء في المخيم، وباتت بطاريات الهواتف المحمولة فارغة، ولأن الناس مشغولون بإنقاذ أنفسهم والآخرين، ولأن المواطنين لا يرون أكثر من قطعة صغيرة من الطريق الذي تهدمه الجرافة العسكرية الآن، ولأن السلطة الفلسطينية لم تبنِ أي منظومات تقوم بتمرير المعلومات الموجودة لديها (باستثناء وزارة الصحة والهلال الأحمر وبعض المحافظات). علينا أن نجمع المعلومات من الأشخاص الذين عاشوا بأجسادهم القصف، والهدم، والرعب، وهو ما سيغدو ممكناً فقط بعد انسحاب القوات الإسرائيلية الكبيرة التي تم إرسالها لهدم مخيم اللاجئين في جنين مرة أُخرى.
- نحن نعلم منذ الآن بأن الآلاف من سكان المخيم أرغموا على ترك منازلهم يوم الاثنين مساءً (هناك مَن خرجوا بعد أن أمرهم الجيش بذلك، آخرون "اختاروا" الخروج لأنه لا يمكنهم البقاء من دون ماء). الآن، وهم خارج المخيم، يتنقلون ما بين المدارس أو الأقارب في القرى المجاورة، لا يعرفون إلى أي واقع سيعودون، وبأي حال سيجدون منازلهم عندما يعودون: مدمرة، وأبوابها وجدرانها محطمة، والقلة من الأغراض مسروقة، وكذلك صورة الجد بالكوفية ممزقة، والتلفاز الذي دفعوا ثمنه من توفيراتهم قد تحطم بفعل الرصاص، وأكياس الأرز والسكر ممزقة ومرمية على الأرض.
- عندما نستطيع أن نلتقي سكان المخيم، سيتضح على الأقل جزء من التفاصيل: هل كان فعلاً أبناء الـ16 والـ17 عاماً مسلحين حين قتلهم الجيش، أو كانوا يلقون الحجارة على جيب مدرع. سنعرف عدد المعتقلين وأين هم، ويكون لدينا فكرة دقيقة عن حجم الدمار الذي تركه الجيش خلفه. وحينها، ستكون هذه أخبار الأمس، غير المهمة بالنسبة إلى الجمهور الإسرائيلي.