مختارات من الصحف العبرية

إن حرب الاستنزاف الجارية ضد مدينة حيفا وسكانها تُشن من مدينة صور اللبنانية. وإن الوحدة التابعة لحزب الله المنتشرة في صور والمناطق المجاورة لها هي التي تقصف حيفا بصواريخ سورية وصواريخ كاتيوشا إيرانية محسّنة. وإذا لم يتم إسكات هذه الوحدة الموجودة في صور فستستمر الكوارث التي تواجهها حيفا.

.... إن مهاجمة هذا الهدف، صور وضواحيها، هي في هذه المرحلة أهم من مهاجمة بيروت والضاحية الجنوبية الشيعية. ومن المؤكد أنها أهم من العديد من القرى المختلفة الواقعة في القطاع الأوسط من جنوب لبنان. إذا لم تُضرب الصواريخ الموجودة في صور وضواحيها عاجلاً فلن تتوقف حرب الاستنزاف ضد حيفا وضواحيها ....

قال ضابط كبير لـ "يديعوت أحرونوت" أن الجيش الإسرائيلي لا ينوي التوقف عند منطقة بنت جبيل] وأنه يعد خططاً لعملية أرضية أيضاً في منطقة صور، وأضاف: "صحيح أن هذا الأمر يتطلب انتشار قوات أخرى لكننا بكل تأكيد مستعدون لذلك"....

في موازاة ذلك [معارك بنت جبيل] يفكّر الجيش الإسرائيلي منذ الآن في الخطوة القادمة، من خلال افتراض بأن القيادة السياسية لن تصدر أمراً بوقف إطلاق النار، وبخاصة في الوقت الذي تقف فيه الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل.

يوجد لدى الجيش الإسرائيلي خطة طويلة المدى للعمليات في لبنان، وإحدى هذه العمليات تتمحور حول منطقة صور، وبشكل خاص ضد مناطق إطلاق الصواريخ الموجهة إلى حيفا وضواحيها.... وقال ضابط كبير: "يوجد في هذه المنطقة أيضاً بنى تحتية أخرى تابعة لحزب الله كمؤسسات اقتصادية يمكننا أن نضربها أيضاً. يوجد ما يكفي من الطرق للقيام بذلك بواسطة عمليات أرضية من دون احتلال المدينة أو الدخول إلى كل زاوية فيها".

يوم السبت شهد تطوراً آخر في مكانة حكومة فؤاد السنيورة في مقابل قوة حزب الله (....) وزير الطاقة محمد فنيش، أحد ممثلي حزب الله، أعلن أنه عندما ينسحب الجيش الإسرائيلي من منطقة مزارع شبعا، فإن دور حزب الله كجيش "تحرير" سوف ينتهي، وسوف يقوم بدور دفاعي محض.

هذا تصريح مهم جداً لأنه يمثل بداية تعريف بالشروط لنزع سلاح حزب الله ....

في هذه المرحلة، مع ذلك، لا يكفي أن يتفق حزب الله والحكومة اللبنانية على أن إعادة مزارع شبعا ستؤدي إلى إنهاء دور الحزب "التحريري". إذ أن سورية لاعب لا يقل أهمية عن ذلك فيما يتعلق بهذا الخصوص.

.......

مع بداية اليوم الثالث عشر للعملية، من الجدير الاعتراف بالحقائق: إن المجهود الإسرائيلي، الجوي والأرضي، يوقع أضراراً مهمة بحزب الله، الذي يخسر محاربين وصواريخ، لكنه لم ينجح حتى الآن في النيل من وتيرة إطلاق صواريخ الكاتيوشا على الإطلاق. وتبدر عن الحكومة إشارات تدل على عدم ارتياح من حقيقة أن الوقت يمر من دون أن تبدو أهداف الحملة أقرب إلى التحقيق. أما هيئة الأركان العامة فهي أكثر تفاؤلاً بقليل وتلاحظ تراجعاً في قوة حزب الله واستعداداً متزايداً من جانب الحكومة اللبنانية في المساعدة على نشر قوة دولية في الجنوب. كم من الوقت بقي في تصرف الجيش الإسرائيلي؟ تذهب تقديرات يوم أمس إلى أن الأمر يتعلق بأسبوع إلى عشرة أيام، أي حتى الزيارة الثانية التي ستقوم بها وزيرة الخارجية الأميركية للمنطقة. وكم من صواريخ الكاتيوشا بقي لدى حزب الله؟ بقي ما يكفي لشهر على الأقل، وهذا شرط ألا تتمكن سورية وإيران خلال هذه الفترة من استئناف الإمدادات.

على إسرائيل أن تفعل كل ما في وسعها للامتناع عن خطوات تترك الحكومة في لبنان محطمة في نهاية الحرب، نتيجة تدمير كامل للبنى ومئات الآلاف من اللاجئين المزدحمين في معسكرات اللاجئين حوالي العاصمة (....)

على إسرائيل أن تستجيب لطلب رئيس الحكومة اللبنانية على نحو يخرج موضوع الأسرى الثلاثة اللبنانيين من سيطرة حزب الله ويفصل بينهم وبين الأسرى الفلسطينيين، ويؤدي إلى نشر الجيش اللبناني جنوبي الليطاني، مع إن الحديث يدور بالأساس الآن على ائتلاف قوات مسلحة.

من الواضح لقيادة الجيش العليا أنه لا يمكن التوصل إلى حسم عسكري قاطع في المعركة التي نخوضها الآن. ولا يرجع ذلك إلى أن الجيش لا يريد أو لا يستطيع أن ينتصر، وإنما لأنه من الصعب تحقيق انتصار عسكري واضح على منظمة تخوض حرب عصابات ـ وخاصة، إن كانت دوافعها نابعة من تعصب ديني ـ ولأن ثمن انتصار كهذا بالخسائر البشرية مرتفع جداً. لذلك إن الوضع الحالي، حتى ولو تم سحق حزب الله تماماً، فلن يرفع الرايات البيضاء في أرجاء لبنان، ولن يوقع نصر الله على اتفاقية استسلام في أفضل الأحوال.

ما سنشهده هو أن المقاومة البرية في جنوب لبنان ستضعف جداً، وسيهرب المقاتلون والنشطاء إلى قرى واقعة شمالي الليطاني وفي البقاع. وستنخفض أعداد الكاتيوشا والصواريخ المطلقة باتجاه إسرائيل إلى عشرة أو عشرين في اليوم، وستكون أقل دقة. وستكون من علامات الضعف الذي سيصيب حزب الله ازدياد الانتقادات الموجهة للمنظمة الشيعية من جانب الطوائف الأخرى ووسائل الإعلام في لبنان. إن هذا هو الوضع الذي يرغب الجيش بالوصول إليه. لا ضربة قاضية، بل انتصار بالنقاط، يمكّن الحكومة الإسرائيلية من إجراء المفاوضات السياسية من موقع قوة.

إن هدف الهجوم هو التوصل إلى إنجاز يخترق الوعي: تحطيم الأسطورة التي يحاول نصر الله الترويج لها .... وفرضية الجيش أنه إذا تبخرت أسطورة " لا يمكن هزيمتنا في معركة برية" فإن المنظمة ومن يرعاها سيكونون أكثر براغماتية ومرونة في المفاوضات السياسية.