مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إن الاعتمادات السياسية التي بحيازة الحكومة حتى من جانب الإدارة الأميركية الحالية برئاسة دونالد ترامب في كل ما يتعلق بالشأن الفلسطيني، ليست مفتوحة. وأكد أن إسرائيل يجب أن تبقى مسيطرة على مجال الأمن في مناطق يهودا والسامرة [الضفة الغربية] في إطار أي اتفاق لحل النزاع مع الفلسطينيين يتم التوصل إليه في المستقبل.
وجاءت أقوال نتنياهو هذه خلال الاجتماع الذي عقدته كتلة الليكود في الكنيست أمس (الاثنين)، وأشار فيها رئيس الحكومة أيضاً إلى أن الرئيس ترامب مصمم على التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين ولذا يجب على إسرائيل أن تتصرف بكل حكمة ومسؤولية.
وأضاف نتنياهو "نحن دولة ذات سيادة ونستطيع أن نقرر في كثير من الأمور وأن نصرّح بأمور كثيرة أخرى، لكن من ناحية الولايات المتحدة لا نمتلك شيكاً مفتوحاً على الرغم من أن العلاقات بيننا ودية للغاية وهناك تفهم كبير حيال مواقفنا الأساسية في ما يتعلق بالنزاع وسبل حلّه".
وأكد عدد من أعضاء الكنيست من الليكود أن الحزب يعارض إقامة دولة فلسطينية، وشدّدوا على وجوب أن تطرح إسرائيل بدائل لحل الدولتين على الإدارة الأميركية.
وقال عضو الكنيست ميكي زوهر لنتنياهو إن الليكود والجمهور الإسرائيلي العريض ضد إقامة دولة فلسطينية، ولذا يتعين على رئيس الحكومة أن يقول رأيه بهذا الشأن في هذا الوقت بالذات.
وقالت عضو الكنيست تسيبي حوتوفيلي نائبة وزير الخارجية إن هناك طرقاً كثيرة للتوصل إلى اتفاق سياسي عدا حل الدولتين، وأكدت أن على إسرائيل أن تعرض على الإدارة الأميركية بدائل لهذا الحل.
وتعقيباً على ذلك قال نتنياهو إن على إسرائيل أن تتصرف بمسؤولية ولا سيما في الوقت الحالي. وأشار إلى أنه شدّد أمام ترامب خلال زيارته لإسرائيل ومناطق السلطة الفلسطينية الأسبوع الفائت، على أن سبب عدم التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين يعود إلى كونهم يربون أبناءهم جيلاً بعد جيل على أنه لن تكون هناك دولة اسمها إسرائيل مهما تكن حدودها، وهذا يجعل إسرائيل مصرّة على أن تبقى مسيطرة على مجال الأمن في مناطق الضفة الغربية.
وكرّر نتنياهو أنه لن يعقد اجتماعات مع زعماء أجانب يقومون بزيارة إسرائيل ويلتقون منظمات تنشط ضد جنود الجيش الإسرائيلي، مشيراً إلى أنه تصرّف على هذا النحو مع أفضل أصدقاء إسرائيل.
وكان نتنياهو رفض أخيراً عقد اجتماع مع وزير الخارجية الألمانية زيغمار غابرييل بعد أن التقى هذا الأخير مندوبين من منظمتي "لنكسر الصمت" و"بتسيلم" اليساريتين الإسرائيليتين.
قال بيان صادر عن الناطق بلسان الشرطة الإسرائيلية إن الشرطة قامت أمس (الاثنين) بإجراء تحقيق مطوّل استمر 11 ساعة مع وزير الداخلية الإسرائيلي أرييه درعي [رئيس شاس] وعقيلته يافه كلا على حدة بشبهة ارتكاب مخالفات فساد ونقل أموال من ميزانيات حكومية إلى جمعيات تشرف عليها زوجة الوزير وتعمل فيها بناته الثلاث، وكذلك بشبهة ارتكاب مخالفات اقتصادية بما في ذلك مخالفات في مجال العقارات.
وأضاف البيان أن درعي وعقيلته وصلا صباح أمس إلى مقر الوحدة القطرية للتحقيق في الفساد والجريمة المنظمة التابعة للشرطة ["لاهف 433"]، وأشار إلى أن التحقيق تم بعد مصادقة المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية أفيحاي مندلبليت.
وقبل خضوع درعي وعقيلته للتحقيق اعتقلت الشرطة صباح أمس 14 شخصاً بينهم المدير العام لوزارة شؤون تطوير الجليل والنقب أريئيل مشعال، ورجل أعمال تقلّد منصباً رفيعاً في وزارة المال، وعضو بلدية القدس موشيه ليئون، وشخصيات مقربة من عائلة درعي غالبيتها من شمال إسرائيل، وذلك من أجل التحقيق معهم والإدلاء بإفادات حول الشبهات التي تحوم حول درعي وعقيلته.
وقالت مصادر مسؤولة في قيادة الشرطة إن الشرطة تشتبه في أن بعض الذين تم اعتقالهم ضالعون في شبهة تحويل أموال إلى عائلة درعي بخلاف القانون.
وأضافت هذه المصادر أن التحقيق في هذه الشبهات بدأ في نيسان/ أبريل 2016 حيث اشتبه في البداية بوجود مخالفات ضريبية وخصوصاً في مجال عقارات وجرى توسيع التحقيق في وقت لاحق ليشمل شبهات أخرى منسوبة إلى العديد من الأشخاص بينهم درعي وعقيلته.
وكان درعي خرج من السجن سنة 2002 بعد أن أمضى محكومية استمرت عدة أعوام في إثر إدانته بارتكاب مخالفات فساد وتلقي رشوة، ومُنع من تولي أي منصب رسمي، وعاد إلى الحياة السياسية على رأس حزب شاس سنة 2012.
قال تقرير جديد بعنوان "الاحتلال: من يدفع الثمن؟ ـ تأثيرات الاحتلال على الاقتصاد والمجتمع في إسرائيل" أصدره "مركز أدفا" [معلومات حول المساواة والعدالة الاجتماعية في إسرائيل] أمس (الثلاثاء) في مناسبة ذكرى مرور 50 عاماً على الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة، إن نظرة الجمهور الإسرائيلي العريض إلى هذا الاحتلال باعتباره قضية أمنية وسياسية فقط ولا علاقة له بالمسألة الاقتصادية - الاجتماعية هي نظرة خطأ لكون "صيانة الاحتلال" مكلفة جداً وتمسّ النمو الاقتصادي وقدرة الدولة على رصد الموارد والاستثمارات لتطوير الأطراف والمناطق النائية، فضلاً عن أنه يحدّ من قدرتها على رفع وتحسين مستوى حياة جميع المواطنين في الدولة.
وأضاف التقرير الذي أعده الباحثان شلومو سفيرسكي ونوغا دغان - بوزاغلو، أن الضرر الأبرز والأكثر تأثيراً هو الثمن العسكري والذي ينعكس في الزيادات الكثيرة والمتكررة للميزانية الأمنية الإسرائيلية لتغطية نفقات العمليات والنشاطات العسكرية المتعددة. وأشار إلى أن هذه الزيادات بلغت بين السنوات 1988 و2015، نحو 55,6 مليار شيكل، بالإضافة إلى الميزانية الأمنية الاعتيادية التي تمول العمليات الجارية في المناطق [المحتلة].
كما أشار إلى أن الاحتلال يعود بالضرر على الاستقرار الاقتصادي في إسرائيل ويولّد عمليات نمو متقلبة جداً وغالباً ما يصطدم النمو الاقتصادي بعقبات تلجمه وتوقفه تماماً، وخصوصاً في فترات المواجهات العنيفة المتواصلة كما حدث في إبان الانتفاضتين الفلسطينيتين [1987 و2000] وعملية "الجرف الصامد" العسكرية في قطاع غزة في صيف 2014.
ووفقاً للتقرير فإن القطاع الاقتصادي الأكثر تأثراً من جراء النزاع هو القطاع السياحي. كما أن الاحتلال يمسّ مكانة إسرائيل في تدريج الاعتمادات المالية العالمي، علماً بأنها تحتل مرتبة متدنية أصلاً بالمقارنة مع الاقتصاديات المتطورة في العالم. وأكد أن سبب ذلك يعود إلى التهديدات الكامنة في الأخطار الأمنية التي تلقي بظلالها على الاستقرار الاقتصادي في إسرائيل. وشدّد على أن التصنيف المتدني لتدريج الاعتمادات المالية في العالم يعني الارتفاع الكبير في تكاليف الفوائد على الديون الخارجية.
وقال التقرير إن مشكلة انعدام المساواة في إسرائيل تفاقمت بصورة حادة خلال العقود الثلاثة الأخيرة وتعتبر اليوم من الأعلى في العالم الغربي، وتمس هذه المشكلة أكثر شيء القطاع العربي.
ولفت الباحثان إلى أن بحثهما هذا يهدف إلى إغناء النقاش العام في إسرائيل من خلال توضيح العلاقة الوثيقة بين ما يجري في جانبي الخط الأخضر، ومن خلال التركيز على بعض الإسقاطات الاجتماعية والاقتصادية المركزية المترتبة على الاحتلال المستمر منذ 50 عاماً بشكل خاص، والمترتبة على النزاع الإسرائيلي -الفلسطيني المستمر منذ 70 عاماً بشكل عام.
•"لا يوجد صوت أقوى من صوت السلام العادل والشامل، ولا يوجد صوت أقوى من حق الشعوب في تقرير المصير والتحرر من ظلم الاحتلال. حان الوقت لنعيش، أنتم ونحن، بسلام، بتناغم، بأمن واستقرار. إن السبيل الوحيد لإنهاء الصراع والكفاح ضد الإرهاب في المنطقة وفي العالم، يكمن في حل الدولتين بالاستناد إلى حدود حزيران 1967، فلسطين الى جانب إسرائيل. لقد وافقنا على قرارات الأمم المتحدة، اعترفنا بإسرائيل ووافقنا على حل الدولتين، واعترف العالم، أيضاً، بدولة فلسطين. حان الوقت كي تعترف دولة اسرائيل بدولتنا وتنهي الاحتلال. نحن لا نزال نمد يدنا إلى السلام".
•هذا الكلام وجّهه الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى الجمهور الإسرائيلي بمناسبة التظاهرة التي نظمتها حركة "السلام الآن" بعد ظهر يوم السبت في تل أبيب بمناسبة مرور 50 عاماً على الاحتلال، والتي دعا المتظاهرون فيها إلى تطبيق حل الدولتين. إنها كلمات يحظر علينا تجاهلها: فهي تعبّر بصورة واضحة، وحادة، ودقيقة ليس عن تطلعات الشعب الفلسطيني فقط، بل عن تطلعات كل مواطن إسرائيلي نصير للسلام ويريد العيش في دولة طبيعية.
•وعلى الرغم من حقيقة أن المشاركين في التظاهرة يتماهون مع الجانب اليساري في الخريطة السياسية في إسرائيل، يتضح أن عدد المؤيدين لحل الدولتين كبير جداً، وهناك مؤيدون له في داخل أحزاب تنتمي إلى الجانب اليميني في الخريطة. وهذا ما أظهره استطلاع للرأي نشرته مساء السبت القناة الثانية في التلفزيون. فقد قال نصف الذين شملهم الاستطلاع إنهم يؤيدون اتفاق سلام يستند إلى حل الدولتين وعلى أساس خطوط 1967.
•يدّعي رئيس الحكومة طوال الوقت أنه يطمح إلى تسوية مع الفلسطينيين. وخلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قال نتنياهو: "للمرة الأولى في حياتي أرى فرصة كبيرة للتغيير". فإذا كانت وجهة الأمور حقاً كما يقول، فإنه يحظرعلى نتنياهو تجاهل الكلام المهم الذي قاله محمود عباس، ويتعيّن عليه أن يبادر إلى عقد لقاء مع الرئيس الفلسطيني، والتوقف عن اختراع شروط مسبقة للمفاوضات لا تهدف إلاّ إلى إفشالها، ومن بينها المطلب القديم بالاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، والمطلب الجديد المتمثل بوقف تحويل الأموال من السلطة الفلسطينية إلى عائلات مخربين.
•يعلم نتنياهو أن المعتدلين من كلا الطرفين يريدون سلاماً ويعون جيداً أنه لا يوجد حل سوى حل الدولتين. وفي ضوء الكلام الأخير للرئيس الفلسطيني، يجب على كل مواطن إسرائيلي أن يسأل نفسه: لماذا بدلاً من مد اليد للرئيس الفلسطيني المعتدل في محاولة لإنهاء 50 عاماً من السيطرة على شعب آخر، يفضّل نتنياهو وحكومته الاستمرار في سياسة الرفض التي يزداد ثمنها ارتفاعاً؟
•إذا سمحنا لأنفسنا ببضع دقائق من الخيال الجامح وتخيلنا أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب هو بالفعل عميل للكرملين، فإنه ليس هناك أدنى شك بأنهم سعداء جداً من أدائه. فخلال 130 يوماً من توليه منصبه قام بتلبية تطلعاتهم بصورة تتخطى أقصى تمنياتهم، فهو قوّض ثقة الشعب الأميركي بنفسه من خلال أوصاف صورت الدولة وكأنها على حافة الانهيار. هدم ثقة المواطنين بالديمقراطية من خلال إثارة الشكوك في صدقية العملية الانتخابية، وزعزع مكانة الإعلام الحر، وهاجم مؤسسة القضاء في محاولة واضحة لعرقلة التحقيق في صلاته مع الكرملين. كما أعلن ترامب كذلك الحرب على أجهزة الاستخبارات التي تقف كجدار في وجه مؤامرات روسيا، وشوّه سمعتها باتهامها بأن عملها تشوبه دوافع سياسية، وطرد بفظاظة أحد أهم رؤسائها وحاول استغلالها في خدمة حاجاته السياسية.
•وترامب الذي أعلن نيته تجفيف مستنقع الفساد في واشنطن، إذا به يتبنى علناً توظيف أقاربه وتضارب المصالح والدفعات العلنية لأعماله وأعمال أولاده. وتحول البيت الأبيض في أيامه إلى صندوق للدفعات النقدية.
•ولا تقل إنجازات ترامب على صعيد السياسة الخارجية إدهاشاً. فهو دمر رؤية رونالد ريغن التوراتية بشأن "المدينة المشرقة على هضبة"، وتخلى عن تباهي الولايات المتحدة بالدفاع عن الحريات والأخلاق في العالم كله. وهدد بحروب تجارة وهجرة ضد كندا والمكسيك، الجارتين الجيدتين للولايات المتحدة، وحولهما إلى خصمين مفجوعين تسودهما الشكوك. وألغى بجرة قلم اتفاق التجارة الحرة مع شرق آسيا، وبذلك دفع دول المنطقة إلى البحث عن زعامة أكثر استقراراً في الصين، وهو الآن يهدد باستخدام الخدعة ذاتها من خلال الانسحاب من اتفاق باريس المتعلق بالتبدل المناخي. صحيح أنه استقبل كالمخلص والمنقذ في إسرائيل، وحظي باستقبال ملوكي في السعودية، واعتبر هدية من الله إلى الأمة السنية، وقصف سورية باعثاً البهجة في نفوس من انتقدوا الضعف الذي أبداه الرئيس الذي سبقه باراك اوباما، لكن من دون أن يغيّر ذلك شيئاً في وضع السوريين الذي يتعرضون للذبح والاضطهاد.
•لكن من المحتمل أن النجاح الأكبر والأكثر أهمية لترامب، على الأقل في نظر مشغليه الوهميين في موسكو، هو ما حققه في أوروبا على عتبة دارهم. فقد واظب ترامب على الامتناع عن توجيه النقد إلى الخطوات الروسية التي أثارت غضب الغرب في السنوات الأخيرة، بما في ذلك غزو أوكرانيا وشبه جزيرة القرم، وبالطبع التدخل الصارخ في انتخابات الديمقراطيات الغربية، وهو يصرح علناً ضد حجر الأساس التاريخي للتحالف الأطلسي وللجبهة الغربية- الديمقراطية. وتآمر ترامب علناً ضد الاتحاد الأوروبي من خلال تبني البركسيت [خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي]، وتشجيع الذين يقلدونه في شتى أنحاء أوروبا. وهو يخوض حملة ممنهجة من الافتراءات ونزع الشرعية ضد حلف شمال الأطلسي من خلال زرع الشكوك في قدراته وتهديد جوهر وجوده إذا لم تدفع دول أوروبا مساهماتها وحصتها في الدفاع عن نفسها. وأثار غضب دول البلطيق عندما لمّح إلى أنه لن يدافع عنها في مواجهة غزو روسي، وامتنع عن قصد عن ذكر التعهد بالدفاع المتبادل الموجود في أسس حلف شمال الأطلسي. وترك ترامب دول أوروبا مع الانطباع بأن الجدار الحديدي الذي حماهم في الـ70 عاماً الأخيرة صار ضعيفاً، وأن روسيا تنتظر بفارغ الصبر انهياره.
•وبالإضافة إلى الشك في أن روسيا تستغله أو على الأقل هي المسؤولة عن انتخابه، فقد تصرف ترامب في أوروبا بصفات من الغطرسة السافرة التي سيطر بواسطتها على قلوب ملايين الناخبين الأميركيين، لكن هذه الصفات جسدت في أوروبا الوجه الأميركي القبيح. واختار ترامب كي يظهر أكبر قدر من فظاظته بالذات لدى استقباله المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، ربما لكونها امرأة، أو لأنها أكثر رصانة وخبرة وانضباطاً منه أو ربما لأنها كانت تود أوباما وبوش، أو ربما لأنه اعتقد أن ألمانيا ستقع في وقت قريب في قبضة حركة كبيرة يمينية انفصالية قد يجعل نفسه زعيماً لها. في الأيام الأخيرة أوضحت ميركل له بدقة كيف تراه، وذلك عبر مجموعة من التصريحات المذهلة التي مست بهيبته وبالانطباع الإيجابي الذي حاول أن ينشره حول زيارته في أوروبا، كما شككت في متانة الصلة التي تربط أوروبا بالولايات المتحدة. لقد زرع ترامب ريح الشر، وهو الآن يحصد عاصفة خطرة.
•إن التعددية التي تكمن في أسس الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى القيم الليبرالية، كانت محط كراهية العديد من الأميركيين منذ زمن بعيد، وقبل زمن طويل من دخول ترامب في الصورة. لكن حتى رؤساء محافظون وصقريون مثل جورج بوش عرفوا أهمية حلف شمال الأطلسي في الدفاع عن الغرب، ومدى أهميته بالنسبة إلى أوروبا وخاصة بالنسبة إلى ألمانيا، وأهميته لمحاربة الإرهاب. ومن أجل المحافظة على هذا كله، مع إجراء التعديل الصحيح لمساهمة أوروبا في الدفاع عن نفسها، فإن هذا يتطلب الكثير من اللباقة والحكمة، وهما صفتان لا يملكهما ترامب.
•هناك إسرائيليون كثر يشاركون اليمين الأميركي استخفافه بأوروبا، ويمكن أن نضيف إلى ذلك اللهجة التقليدية للقدس حيال سياسة الاتحاد الأوروبي في موضوع النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني وعظاته بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في المناطق المحتلة. لكن الذين يحتفلون مع ترامب بالضجة الأخيرة التي أثارها، يجب أن يتذكروا أن الولايات المتحدة التي تنفر منها أوروبا، لن تتمكن من كبح مبادرات الاتحاد الأوروبي المعادية لإسرائيل، ولا هي ستمنع إلحاق الضرر بالعلاقات الاقتصادية الحيوية بين أوروبا وإسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، يجب ألا ننسى أن إسرائيل قامت وازدهرت وقويت خلال سنوات وجودها ليس بفضل الدعم الأميركي فقط، بل تحت مظلة الحلف بين أوروبا والولايات المتحدة الذي حافظ على الاستقرار، وكرس الديمقراطية، وقاوم المخططات الشريرة للاتحاد السوفياتي، وأنقذ وأعاد بناء أوروبا الشرقية بعد سقوط الاتحاد السوفياتي. إن الأمن القومي لإسرائيل مرتبط بصورة مباشرة باستقرار الأنظمة التي وقفت إلى جانبها.
•من المبكر الحديث عن خسارة الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي أو خسارة علاقات الولايات المتحدة بالدول الأوروبية. لكن يجب أن نواجه الصاروخ غير الموجّه الذي اسمه دونالد ترامب. إن لسانه غير المنضبط وسلوكه غير المتوقع وغروره الذي لا يعرف حدوداً، يمكن أن يؤدي ذلك كله إلى ازدياد تدهور الوضع.