مختارات من الصحف العبرية

مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
كوخافي: الجيش الإسرائيلي يواجه جبهات عديدة آخذة بالاتساع في ظل ارتفاع عدد الأعداء
إسرائيل ستبيع الجبل الأسود منظومة أسلحة يتم التحكم فيها عن بُعد بنحو 35 مليون دولار
ساعر: حل الدولتين مع الفلسطينيين وهم ونتنياهو مسؤول عن إدامته
وزارة الخارجية والوكالة اليهودية ستعملان على الدفع قدماً بفكرة تعزيز الوعي في العالم حيال "مشكلة اللاجئين اليهود من الدول العربية وإيران"
مقالات وتحليلات
معاهدة دفاع مع الولايات المتحدة ستكون خطأ استراتيجياً
التسهيلات الاقتصادية ليست أداة استراتيجية
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"يسرائيل هيوم"، 17/12/2019
كوخافي: الجيش الإسرائيلي يواجه جبهات عديدة آخذة بالاتساع في ظل ارتفاع عدد الأعداء

قال رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال أفيف كوخافي إن الجيش يواجه جبهات عديدة آخذة بالاتساع في ظل ارتفاع عدد الأعداء، وأشار إلى أن الخطة العسكرية المتعددة السنوات، المعروفة باسم "تْنوفاه" [قوة دافعة] التي من المتوقع أن تدخل في حيز التنفيذ في مطلع السنة المقبلة ستُحدّد طابع الجيش الإسرائيلي ومستقبله. 

وأضاف كوخافي في سياق خطاب ألقاه خلال حفل توزيع جوائز هيئة الأركان العامة على الوحدات المتميزة في الجيش الإسرائيلي أقيم مساء أمس (الاثنين)، أن الجيش الإسرائيلي هو من أكثر الجيوش نشاطاً في العالم إن لم يكن الجيش الأنشط فعلاً، وأكد أن الجيش يعمل ليلاً ونهاراً في العديد من الجبهات التي اتسعت مؤخراً، مشدداً على أن عدد أعداء إسرائيل بات أكبر من عدد الجبهات العسكرية المباشرة.

وتطرق كوخافي إلى المخاطر الأمنية التي تهدّد إسرائيل فأشار إلى سورية ولبنان حيث تعمّق أذرع الإرهاب الإيرانية من نفوذها وقبضتها.

واعتبر كوخافي أن الجيش الإسرائيلي موجود في هذه الأيام في خضم فترة قد تحدد مستقبله ولها تأثير كبير في قدراته في السنوات المقبلة، مشيراً إلى أن خطة العمل العسكرية المتعددة السنوات جاءت نتيجة تفكير عميق وستسمح للجيش بتعزيز تفوقه على أعدائه.

"معاريف"، 17/12/2019
إسرائيل ستبيع الجبل الأسود منظومة أسلحة يتم التحكم فيها عن بُعد بنحو 35 مليون دولار

وقّعت وزارتا الدفاع في إسرائيل والجبل الأسود (مونتينيغرو) أول اتفاق أمني لبيع منظومة أسلحة يتم التحكم فيها عن بُعد للجيش في الجبل الأسود بأكثر من 100 مليون شيكل [نحو 35 مليون دولار] من إنتاج شركة "إلبيت" الأمنية الإسرائيلية.

ووقّع الاتفاق كل وزير الدفاع في جمهورية الجبل الأسود بريدراج بوسكوفيتش، والمدير العام لوزارة الدفاع الإسرائيلية اللواء احتياط أودي آدم، خلال احتفال أقيم في مقر وزارة الدفاع الاسرائيلية في تل أبيب الليلة قبل الماضية.

ويشمل الاتفاق بيع المنظومة وقطع الغيار، بالإضافة إلى تدريب وتوجيه الجيش ووزارة الدفاع في الجبل الأسود.

وقال مدير مديرية التعاون الدفاعي الدولي في وزارة الدفاع الإسرائيلية العميد احتياط يائير كولاس إن هذا الاتفاق يعتبر الأول بين وزارة الدفاع الإسرائيلية وجمهورية الجبل الأسود، وهي دولة حليفة لإسرائيل.

وقال وزير الدفاع في جمهورية الجبل الأسود بوسكوفيتش إن اختيار العرض الإسرائيلي جاء بعد إجراء أبحاث مفصلة عن السوق، وفقاً للخصائص التقنية والمتطلبات التشغيلية لجيش الجبل الأسود. وأكد أن تجربة إسرائيل والحلول التكنولوجية في هذا المجال تجعلها شريكاً مخلصاً.

وتُعتبر "إلبيت" أكبر شركة دفاع غير حكومية في إسرائيل، وتعمل في تطوير مجموعة واسعة من منظومات الدفاع والأمن الداخلي والأنظمة التجارية التي يتم بيعها في مختلف أنحاء العالم.

وتتخصص الشركة التي يتم تداول أسهمها في بورصتي تل أبيب وناسداك في مجالات أنظمة الطيران والأنظمة البرية والبحرية والقيادة والسيطرة والاتصالات وأجهزة الكمبيوتر والمراقبة الاستخباراتية وأنظمة الاستطلاع.

"يديعوت أحرونوت"، 17/12/2019
ساعر: حل الدولتين مع الفلسطينيين وهم ونتنياهو مسؤول عن إدامته

قال عضو الكنيست غدعون ساعر الذي ينافس رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على رئاسة حزب الليكود في الانتخابات التمهيدية التي ستجري يوم 26 كانون الأول/ديسمبر الحالي، إن حل الدولتين مع الفلسطينيين هو وهم، وهاجم رئيس الحكومة على منحه هذه الفكرة صدقية خلال العقد الفائت.

وجاءت أقوال ساعر هذه في سياق كلمة ألقاها أمام مؤتمر الحوار الاستراتيجي بين إسرائيل وأستراليا والمملكة المتحدة الذي عُقد في القدس الليلة قبل الماضية، وأشار فيها أيضاً إلى أن نتنياهو حاول الدفع قدماً بفكرة حل الدولتين والتقى من أجل ذلك رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.

وأضاف ساعر أن حل النزاع مع الفلسطينيين يجب أن ينص على منحهم حكماً ذاتياً مرتبطاً بالأردن، وإقامة حلف اقتصادي بين إسرائيل والفلسطينيين والأردن. وقال إنه لن يكون هناك دولة مستقلة أُخرى بين النهر والبحر غير إسرائيل.

وقال ساعر: "في جميع أنحاء العالم يقولون إن حل الدولتين لا يزال الطريق نحو اتفاق سلام. عليّ أن أقول لكم إن هذا الموقف لا يساعد أحداً. وحل الدولتين هو مجرد وهم".

وهاجم ساعر نتنياهو واتهمه بإدامة فكرة أن حل الدولتين هو الحل الوحيد، كما اتهمه بتقديم تنازلات لامتناهية إلى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس خلال العقد الأخير، بما في ذلك تجميد البناء في مستوطنات يهودا والسامرة [الضفة الغربية].

"يسرائيل هيوم"، 17/12/2019
وزارة الخارجية والوكالة اليهودية ستعملان على الدفع قدماً بفكرة تعزيز الوعي في العالم حيال "مشكلة اللاجئين اليهود من الدول العربية وإيران"

أكدت وزارة الخارجية الإسرائيلية والوكالة اليهودية أمس (الاثنين) أنهما ستعملان على الدفع قدماً بفكرة تعزيز الوعي في العالم حيال مشكلة اللاجئين اليهود من الدول العربية وإيران بغية السعي لإيجاد حل لها.

وجاء هذا التأكيد في بيانين صدرا عن وزارة الخارجية والوكالة اليهودية، تعقيباً على قيام صحيفة "يسرائيل هيوم" أمس بكشف النقاب عن نتائج بحث سري جرى مدة سنتين بقيادة وزيرة شؤون المساواة الاجتماعية غيلا غمليئيل [الليكود] عمل على حصر الأملاك التي خلّفها اليهود في الدول العربية وإيران ووصلت قيمتها إلى نحو 150 مليار دولار، وذلك قبل نشر خطة السلام التي تعمل عليها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب والمعروفة باسم "صفقة القرن".

وقالت الصحيفة إن هذه الأرقام التي تم الكشف عنها لأول مرة هي تقدير متواضع ونتيجة عمل استمر عدة سنوات.

وأضافت أن هذه الأرقام تكشف عن فصل مأسوي بصورة خاصة في تاريخ اليهود العرب والإيرانيين، والذي لم يتم حتى الآن الحديث عنه على نطاق واسع في الخطاب العام الإسرائيلي، وأكدت أن هذه هي أول مرة تتوفر فيها لدى إسرائيل بيانات شاملة بشأن القضية التي تتسم بأهمية سياسية واجتماعية ودولية بالغة.

ومن المتوقع أن تقدم غمليئيل النتائج التفصيلية بشأن هذه المسألة إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في الأسابيع المقبلة بعد أن نقلت نتائجها إلى مجلس الأمن القومي.

وتم تقسيم البيانات المتعلقة بالأملاك وحصرها، وفقاً للفئات التالية: الأراضي، والعقارات الريفية، والعقارات المدنية، وخسارة الدخل والدخل المحتمل، والأملاك المنقولة والعامة. وبموجب هذه البيانات، تقدَّر قيمة الأملاك التي خلفها اليهود في إيران بنحو 31.3 مليار دولار، وفي ليبيا بنحو 6.7 مليار دولار، وفي اليمن بنحو 2.6 مليار دولار، وفي سورية بنحو 1.4 مليار دولار، وفي مدينة عدن اليمنية بنحو 700 مليون دولار.

يُشار إلى أن البيت الأبيض لم يكشف النقاب بعد عن كامل خطة "صفقة القرن" التي يعكف مستشار الرئيس الأميركي وصهره جاريد كوشنير على صوغها. ولم يقدم كوشنير حتى الآن سوى خطة استثمارات بقيمة 50 مليار دولار لإحياء الاقتصاد في المناطق [المحتلة] والأردن ومصر ولبنان في حال توصلت إسرائيل والفلسطينيين إلى تسوية سياسية للنزاع القائم بينهما.

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"هآرتس"، 16/12/2019
معاهدة دفاع مع الولايات المتحدة ستكون خطأ استراتيجياً
لي- أون هدار - صحافي زميل سابق في معهد كاتو Cato الأميركي، ومحاضر في العلوم السياسية في "الجامعة الأميركية"
  • يحاول تشاك فرايليخ منذ 3 سنوات تحذير قراء "هآرتس" من أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب هو في أحسن الأحوال أحمق، وفي الأسوأ، هو يشكل خطراً على كل ما له علاقة بالمصالح الأمنية لإسرائيل والولايات المتحدة. ضمن هذا السياق، هو يرى أن الصداقة التي تجمع بين ترامب وبيبي ستكلف إسرائيل غالياً في نهاية الأمر.
  • لكن من المفارقات أن فرايليخ في مقاله الأخير ("هآرتس" 8/12) يقترح استغلال ما قد تكون السنة الأخيرة للرئيس في البيت الأبيض بقدر الإمكان، الذي يتهمه بأن لديه توجهاً مدمراً لقلب أنظمة العالم، وذلك كفرصة ربما أخيرة، للدفع قدماً بمشروع نتنياهو، رئيس الحكومة نفسه الذي حذّر فرايليخ، قبل الانتخابات الأخيرة، من أن استمرار حكمه يعرّض وجود إسرائيل للخطر. إنه يقترح محاولة توقيع معاهدة دفاع بين إسرائيل والولايات المتحدة، تحديداً الآن.
  • اعتقد حكماؤنا أن عمل الصالحين يقوم به آخرون، وهؤلاء بالتأكيد يمكن أن يشملوا حمقى يجلسون في البيت الأبيض. المشكلة المركزية في نظرية فرايليخ افتراضه أن متخذي القرارات في واشنطن، أعضاء الكونغرس وسائر الأميركيين، هم أيضاً حمقى سيقعون في الفخ الذي ينصبه لهم نتنياهو.
  • أيضاً إذا افترضنا أن واشنطن والقدس سيستقران سياسياً قريباً، وأن ترامب سيخرج سالماً من أزمة تنحيته، وأن نتنياهو سيترأس حكومة وحدة، فإن فكرة أن سياسيين كباراً في الولايات المتحدة، بينهم أولئك الذين يخوضون انتخابات رئاسية، سيحاولون إقناع الناخبين الأميركيين بأن على أبنائهم وبناتهم التعهد بالقتال إلى جانب إسرائيل في حرب ضد إيران، على سبيل المثال، هي فكرة واهية، من دون أن نتحدث عن مواجهات مع حزب الله و"حماس"، تُموَّل من أموال دافعي الضرائب الأميركيين.
  • كل من له صلة بالنقاشات السياسية في واشنطن يعرف أن زعماء الحزبين الكبيرين متأثرون بالرأي العام الأميركي في أعقاب النتائج المدمرة للحرب في العراق وفي أفغانستان. لذلك هم معنيون بتقليص التدخل العسكري الأميركي في العالم، وخصوصاً في الشرق الأوسط. وهم قطعاً لا يريدون توقيع تعهدات جديدة بإرسال جنود أميركيين إلى مناطق توتر إضافية.
  • فرضية أنه يجب إعادة فحص التعهدات العسكرية الأميركية في أوروبا والشرق الأوسط وآسيا، التي وُقّعت خلال الحرب الباردة كجزء من استراتيجيا كبح الاتحاد السوفياتي، ليست هاجساً لدى ترامب بقدر ما هي جزء من نقاش جدي يجري حالياً في واشنطن. إن أحد الأسباب التي أدت إلى انتخاب أوباما وترامب، كمرشحين للرئاسة في حزبيهما وفوزهما على خصومهما في الانتخابات العامة، كان تعهدهما بالخروج من الشرق الأوسط. لقد أثبت أوباما أنه لم يكن أحمقاً عندما عرقل محاولة نتنياهو ووزير دفاعه إيهود باراك، جذب الأميركيين إلى حرب شاملة ضد إيران، وبدلاً من ذلك وقّع اتفاقاً نووياً مع طهران. صحيح أن ترامب ألغى الاتفاق، لكن بخلاف توقعات نتنياهو والسياسة التقليدية الأميركية، امتنع من الدخول في مواجهة عسكرية مع إيران، حتى بعد مهاجمة الإيرانيين منشآت النفط السعودية، بل وحتى أعرب عن استعداده للدخول في مفاوضات مع آيات الله.
  • على الرغم من انتقادات الديمقراطيين سياسة ترامب الخارجية، من المفيد أن نأخذ في الحسبان أن أغلبية المرشحين للرئاسة من قبل الحزب الديمقراطي يطالبون بتقليص التدخل العسكري الأميركي في الشرق الأوسط، وبخلاف ترامب - يعبّرون عن مواقف انتقادية إزاء إسرائيل. وحتى لو انتُخب نائب الرئيس السابق جو بايدن، المعروف بأنه صديق لإسرائيل، كمرشح ديمقراطي للرئاسة، فإن ضغط حزبه سيمنعه من تأييد اتفاق دفاعي مع إسرائيل. حتى الأحمق ترامب يدرك أن المصالح الأمنية لإسرائيل والولايات المتحدة ليست دائماً متطابقة، وأن إيران النووية لن تشكل خطراً وجودياً مباشراً على الولايات المتحدة كما كان الاتحاد السوفياتي في حينه. وإذا كانت ستهدد فعلاً إسرائيل وأيضاً السعودية وفرنسا، ربما حان الوقت كي تبدأ هذه الدول الاعتناء بنفسها من دون الولايات المتحدة.
  • إسرائيل متورطة اليوم بما يمكن وصفه نزاعات قبلية، نزاع مع الفلسطينيين على السيطرة في أرض إسرائيل، ومع الشيعة في لبنان، ومع العلويين في سورية. ليس واضحاً لماذا سيكون الأميركيون مهتمين بالتدخل في تلك النزاعات، وخصوصاً في ظل عدم وجود اتفاق أساسي بين الإسرائيليين والأميركيين على طريقة حلها. يعلن نتنياهو خطة لضم غور الأردن - خطوة تتعارض مع السياسة الأميركية- وفي الوقت عينه يقترح توقيع حلف دفاعي مع الولايات المتحدة. فهل يتوقع الحصول على مساعدة أميركية في حال اتخذ الأردن خطوات مضادة؟
  • وإذا نسينا للحظة إشكالية حلف كهذا بالنسبة إلى الأميركيين، ماذا ستربح منه إسرائيل؟ الولايات المتحدة ستظل قوة عظمى مقررة في السنوات القريبة، كما يقول فرايليخ، لكن المنظومة الدولية تمر حالياً بعملية تغييرات دراماتيكية على خلفية تعاظُم قوة الصين الاقتصادية والعسكرية، ومن المحتمل أن تصبح هذه الأخيرة شريكة مع الولايات المتحدة في تقرير موازين القوى الدولية.
  • حالياً، يدور في واشنطن نقاش جدي بشأن مستقبل العلاقات بين القوتين العظميين الدوليتين، ومجموعة كبيرة من أصحاب النفوذ في الولايات المتحدة تضغط من أجل تبني استراتيجيا على شاكلة صيغة الحرب الباردة، في إطارها يكبح الأميركيون قوة الصين ونفوذها، ويجندون حلفاء في هذه المعركة. في مثل هذه الحالة، ليس واضحاً لماذا إسرائيل التي تشكل قوة مركزية في غرب آسيا وقوة تكنولوجية عظمى، لها مصلحة في أن تتحول إلى تابعة لأميركا في حربها الباردة الجديدة، بدلاً من مواصلة الاستفادة من المرونة التي تسمح بها شبكة العلاقات الحالية مع الولايات المتحدة. كل هذا من دون أن نتحدث عن التأثير السلبي لحلف دفاعي كهذا في علاقات الصداقة مع روسيا.

لا يمكن لأحد أن يكذّب أن العلاقات الدبلوماسية والعسكرية مع الولايات المتحدة تحافظ على أمن إسرائيل، لذلك فإن رصيد تنميتها هو مصلحة إسرائيلية واضحة. لكن محاولة تحويل هذه العلاقات إلى موضوعات رسمية غير عملية، وفي المدى الطويل يمكن أن يُظهر تناقض المصالح الذي نميل حالياً إلى إخفائه تحت البساط.

"يسرائيل هَيوم"، 16/12/2019
التسهيلات الاقتصادية ليست أداة استراتيجية
دان شيفتان - رئيس المشروع الدولي للأمن القومي في جامعة حيفا
  • التحسن الاقتصادي يساعد أحياناً كإحدى الوسائل لتهدئة الساحة والتخفيف من حدة المواجهة. من السهل الخلط بين الفائدة المحدودة لهذه الأداة، وبين افتراض إمكان تحويلها، من خلال جرعة عالية منها، إلى أداة لتغيير السلوك. والذين يخطئون في التمييز بين الأمرين في العلاقات الإسرائيلية - العربية، لم يتعلموا كثيراً من التاريخ.
  • في الضفة الغربية، ينجح تضافر صدمة عملية "الجدار الواقي"، والسيطرة العسكرية الكاملة، والصيانة العنيفة لإنجازات هذه العملية، ورخاء اقتصادي نسبياً، في وجود عقد ونصف العقد من الهدوء النسبي. في ظروف قمع صارم ومتواصل للعنف، وسكان قدرتهم على تحمل المعاناة محدودة، يكون للتحسن الاقتصادي نتيجة إيجابية مهمة.
  • في غزة لا توجد هذه الظروف كلها. لا يوجد فيها (لحسن الحظ) سيطرة كاملة على الأرض، وليس فيها صيانة مستمرة، وهي تعاقَب فوراً وبصورة قاسية على كل هجوم تشنه على إسرائيل. يوجد فيها مجتمع آخر، لا يحاول قط تأمين مستقبل أفضل لأبنائه، وقيادة مختلفة تستمد حقها في الوجود من الصراع العنيف والمستمر ضد جوهر وجود إسرائيل. هذه القيادة أنفقت الجزء الأكبر من مليارات الدولارات التي دخلت إلى القطاع منذ خطة الانفصال، ووظفتها في صواريخ وأنفاق، وليس في تخفيف العبء وبناء المجتمع. مؤخراً، عرّض أبو مازن مساعدة غربية حيوية للخطر وتحويل ملايين كثيرة من إسرائيل، وقلّص رواتب موظفي السلطة، من أجل الاستمرار في دفع مبالغ سخية إلى الإرهابيين وعائلاتهم.
  • ضبط النفس الإسرائيلي بشأن القيام برد كبير في غزة، بسبب الحاجة (المحقة) إلى التركيز على تهديد أخطر بكثير من إيران في الجبهة الشمالية، علّم الغزيين أن في إمكانهم أن يمسوا بشدة روتين الحياة الطبيعية في إسرائيل من دون دفع ثمن لا يُحتمل، بحسب معاييرهم. كما تعلموا، على مر السنوات، أن في أوروبا وفي إسرائيل يخافون من كارثة إنسانية تلحق بأطفال غزة أكثرمما يخاف أهلهم عليهم. واتضح لهم من تجاربهم أن إسرائيل والمجتمع الدولي مستعدان لأن يقدما لهم غذاء، ودواء، وعلاجاً طبياً، وحتى ملايين الدولارات، ووقوداً ومواد يستطيعون استخدامها  في أغراض عسكرية أيضاً في الأيام التي هاجموا فيها سكان إسرائيل المدنيين. خلاصة الأمر - تعلّموا أن المساعدة الاقتصادية ستستمر على الرغم من الهجمات المستمرة.
  • على الرغم من هذا كله، من الأفضل استخدام التسهيلات في غزة كأداة محدودة في محاولة مركزة لتهدئة المواجهة. لكن محاولة أن نبني على تحسّن اقتصادي دراماتيكي - مثل مرفأ، وجزيرة اصطناعية، ومطار، وفتح الحدود، وإعطاء تصاريح عمل في إسرائيل - كأداة استراتيجية لتحقيق تهدئة طويلة الأجل، هي محاولة ستبوء بالفشل مثل كل المحاولات السابقة التي جرت في المئة عام الأخيرة.
  • في العشرينيات، اعتقد الصهيونيون الأوائل أن تحسين مستوى ونوعية حياة العرب سيخفف من معارضتهم المشروع الصهيوني. بعد حرب الأيام الستة، توقّع موشيه دايان ومؤيدوه أن دفيئات زارعة الفريز، والجسور المفتوحة على الأردن، ستسمح بتعايش هادىء ودائم في يهودا والسامرة [الضفة الغربية].
  • الانتفاضة الأولى نشبت بعد عقد من نمو حققه الاقتصاد الفلسطيني بعشرات في المئة. حرب الإرهاب في "الانتفاضة الثانية" نشبت عندما كان الوضع الاقتصادي هو الأفضل من أي وقت سابق. نظرة شمعون بيرس بشأن شرق أوسط جديد سعت لتحقيق المنطق الخاطىء عينه بشأن المنطقة كلها.
  • الغزيون سيقبلون التحسن الاقتصادي، وسيواصلون تطبيق فحوى رشوة الحماية التي توفرت لهم في السنوات الأخيرة: العنف سيعود بسرعة كوسيلة مقايضة، عندما لا تجري الاستجابة لهذا الطلب أو لآخر، أو عندما تهاجم استعداداتهم لخوض مواجهة كبيرة. في جميع الأحوال، سنضطر إلى التحرك في غزة بحجم كبير وبطريقة واسعة ومؤلمة جداًـ وهذا أيضاً سيخفض نسبة العنف فقط فترة قصيرة.

لا يوجد حل لغزة، لأن ليس لدى أبنائها أي رؤية بناءة باستثناء المواجهة العنيفة، التي هي أيضاً لا حظوظ لها.