مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
أكد "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب أن اغتيال قائد "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني من شأنه أن يؤدي إلى تغيير استراتيجي في منطقة الشرق الأوسط من السابق لأوانه تقييم انعكاساته الآن، لكنه يلزم إسرائيل الاستعداد لكافة السيناريوهات، ابتداء من تصعيد محدود وانتهاء بصراع واسع النطاق بين إيران والولايات المتحدة.
وجاء هذا التأكيد في سياق التقييم الاستراتيجي لإسرائيل ومؤشر التهديدات الأمنية لسنة 2020 الذي قدمه "معهد أبحاث الأمن القومي" إلى رئيس الدولة الإسرائيلية رؤوفين ريفلين أمس (الاثنين)، وشدد فيه أيضاً على أن التحديات الأمنية التي تواجه إسرائيل في الجبهة الشمالية [مع سورية ولبنان] تشكل التهديد الأمني الأخطر بالنسبة إليها في السنة الحالية. كما شدد على أن خطر التدهور إلى معركة عسكرية في الجبهة الشمالية ازداد كثيراً، وقد يسفر عن الانجرار إلى حرب جديدة في لبنان في إثر هجوم إيراني محتمل ضد أهداف إسرائيلية.
وأضاف التقييم الاستراتيجي أن البرنامج النووي الإيراني يأتي في المكان الثاني ضمن قائمة التهديدات التي أعدها المعهد، لكنه يُعتبر بمثابة التهديد الأخطر لوجود إسرائيل، مشيراً إلى أنه على الرغم من أن احتمال إنتاج قنبلة نووية من طرف إيران في سنة 2020 ضعيف من ناحية فعلية، إلّا إن الخطورة المحتملة لهذا التهديد بالنسبة إلى المستقبل هي الأعلى.
وذكر التقييم أن موضوع اندلاع مواجهة عسكرية في الجبهة الجنوبية [مع قطاع غزة] يأتي في المكان الثالث ضمن قائمة التهديدات الأمنية. ووفقاً له، فإن احتمال حدوث تصعيد مع حركة "حماس" يبقى كبيراً على الرغم من الجهود لإنجاز تهدئة بين الطرفين. وأكد التقييم أن شدة التهديد في الجبهة الجنوبية ضعيفة نسبياً مقارنة بما يواجه إسرائيل في الجبهة الشمالية، لكنه في الوقت عينه شدد على أنه إذا لم تتوصل إسرائيل و"حماس" إلى تفاهمات بشأن وقف إطلاق النار وتطبيقها فإن احتمالات المواجهة الواسعة في قطاع غزة ستزداد.
وقدم التقييم رئيس "معهد أبحاث الأمن القومي" اللواء احتياط عاموس يدلين.
وقال رئيس الدولة رؤوفين ريفلين بعد تسلمه التقييم إنه ينظر ببالغ الأهمية إلى هذه التقديرات، وأشار إلى أن دولة إسرائيل تمر حالياً بأزمة شلل سياسي بسبب عدم وجود حكومة منتخَبة فيها.
وأضاف ريفلين أن الأطراف السياسية المركزية تعلم خطورة هذه التحديات، ولا سيما التهديد الإيراني، لكنها لا تعمل على تضافر الجهود لمواجهتها بل تتجادل بشأن قضايا سياسية داخلية. وشدد على أن المهمة التي ستكلَّف بها الحكومة الإسرائيلية المقبلة هي التعامل بفاعلية مع التهديد الإيراني والاستقطاب السياسي المتزايد الذي يقوض الصمود الوطني.
قال رئيس الدولة الإسرائيلية رؤوفين ريفلين إنه فوجئ بقيام رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بطلب حصانة برلمانية لتجنب المثول أمام المحاكمة بشبهة ارتكاب مخالفات فساد.
وأضاف ريفلين في سياق مقابلة أجراها معه موقع Ynet أمس (الاثنين)، أن نتنياهو سبق أن قبِل المبدأ الذي يقول إن أي زعيم تُقدَّم ضده لائحة اتهام بشبهات جنائية يجب أن يذهب في إجازة، وبناء على ذلك، أعتقد أن هذا الأخير لن يطلب حصانة برلمانية.
وأشار ريفلين إلى أنه سيجتمع مع مستشاريه القانونيين لمناقشة ما الذي ينبغي لنا القيام به بعد انتخابات الكنيست التي ستجري يوم 2 آذار/مارس المقبل في حال توجب على رئيس الدولة تكليف بنيامين نتنياهو الذي وُجهت اليه لوائح اتهام بمهمة تأليف الحكومة المقبلة.
قرر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أمس (الأحد) التنازل عن جميع الحقائب الوزارية التي يحتفظ بها، وتعيين عضو الكنيست ديفيد بيتان من الليكود وزيراً للزراعة، وإسناد حقيبة الرفاه الاجتماعي إلى وزيرة الإسكان يفعات شاشا - بيتون من الليكود، وتعيين نائب الوزير يتسحاق كوهين من حزب شاس وزيراً للبناء والإسكان، وإسناد حقيبة الشتات إلى نائبة وزير الخارجية تسيبي حوتوفيلي من الليكود.
يُشار إلى أن القانون الإسرائيلي يُلزم أي وزير تُقدم بحقه لائحة اتهام بالاستقالة من منصبه ما عدا رئيس الحكومة الذي لا يلزمه القانون بالاستقالة إلاّ في حال صدور قرار إدانة بحقه من طرف المحكمة العليا.
وعقّب تحالف "ازرق أبيض" على تعيين بيتان في منصب وزير الزراعة فقال إن رئيس الحكومة الذي يتهرب من العدالة عيّن مشتبهاً به آخر بتلقي رشوة في منصب المسؤول عن أسعار الطعام.
وأضاف التحالف في بيان صادر عنه أن حكومة نتنياهو أمست عصابة إجرامية تهدف إلى توفير الحصانة لرئيسها ليس أكثر.
قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إنه تحادث هاتفياً يوم السبت الفائت مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بعد الضربة الجوية الأميركية التي استهدفت قائد "فيلق القدس" الإيراني قاسم سليماني.
وأضاف بومبيو في تغريدة نشرها في حسابه الخاص على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" أمس (الأحد): "تحدثت للتو مع نتنياهو وشددنا على أهمية مواجهة نفوذ إيران وتهديداتها للمنطقة. أنا دائماً أشعر بالامتنان لدعم إسرائيل الثابت لقهر الإرهاب. العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة غير قابلة للكسر".
وذكر بيان صادر عن وزارة الخارجية الأميركية أن بومبيو ونتنياهو ناقشا الوضع في العراق حيث اغتيل سليماني، واستفزازات إيران وتهديداتها المستمرة للمنطقة.
وأشارت مصادر سياسية رفيعة المستوى في القدس إلى أن هذه المحادثة الهاتفية هي الثالثة التي جرت بين نتنياهو وبومبيو خلال الأسبوع الفائت.
وذكرت قناة التلفزة الإسرائيلية 12 [القناة الثانية سابقاً] مساء يوم الجمعة الفائت أن مصادر سياسية إسرائيلية رفيعة المستوى لمّحت لها إلى أن بومبيو أطلع نتنياهو مسبقاً على الخطط الأميركية لاغتيال سليماني.
وأضافت القناة أن بومبيو اتصل هاتفياً بنتنياهو مساء يوم الأربعاء الفائت لشكره على دعم إسرائيل الجهود لمحاربة إيران وبعد الهجوم على السفارة الأميركية في العراق. وأشارت إلى أنه قبل مغادرته إلى أثينا صباح يوم الخميس الفائت لمّح نتنياهو إلى أن هناك أموراً مهمة جداً تحدث في المنطقة.
وقال نتنياهو في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام في مطار بن غوريون: "نعلم أن منطقتنا هائجة وتقع فيها أحداث دراماتيكية للغاية. إننا نتابعها بكل يقظة ونقيم اتصالات مستمرة مع صديقتنا الكبيرة الولايات المتحدة، بما في ذلك من خلال المكالمة الهاتفية التي أجريتها بعد ظهر أمس".
وبعد صدور الأنباء عن الضربة الجوية الأميركية، أشاد نتنياهو بالولايات المتحدة والرئيس دونالد ترامب لقتل سليماني. وقال للصحافيين قبل مغادرته اليونان يوم الجمعة إن ترامب يستحق كل التقدير لعمله بحزم وبقوة وبسرعة. وأكد أن إسرائيل تقف بالكامل إلى جانب الولايات المتحدة في كفاحها العادل لتحقيق الأمن والسلام والدفاع عن النفس.
وأكد نتنياهو أنه مثلما تمتلك إسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، فإن الولايات المتحدة تمتلك نفس الحق. وأشار إلى أن سليماني يتحمل المسؤولية عن مقتل مواطنين أميركيين وأبرياء كثيرين آخرين، كما أنه قام بالتخطيط لتنفيذ أعمال هجومية أُخرى.
ونقلت قناة التلفزة الإسرائيلية عن المصادر السياسية الإسرائيلية الرفيعة المستوى ذاتها أنه من غير المرجح أن ترد إيران بضرب إسرائيل، لكنها في الوقت عينه أكدت أن الجيش الإسرائيلي عزز استعداده في منطقتي الحدود الشمالية والجنوبية تحسباً لاحتمال رد تلقائي من طرف المنظمات المدعومة من إيران مثل حزب الله في لبنان أو "حماس" والجهاد الإسلامي في قطاع غزة.
- أهمية الاغتيال المركّز لقاسم سليماني - رأس أفعى العمليات الإرهابية والتآمرية الإيرانية في الشرق الأوسط، والمصدّر للجهد الجهادي - الديني لترسيخ الهيمنة الإيرانية وإقامة دولة عظمى شيعية - أكبر بكثير من حقيقة إزالته من أرض الواقع. لكن من السابق لأوانه القول ما إذا كان يجب اعتبار ذلك تغييراً في قواعد السياسة التي انتهجها الرئيس ترامب في السنوات الأخيرة مقارنة بخطة الرئيس أوباما للانسحاب من الشرق الأوسط.
- الانسحاب الجزئي لجنود أميركيين من سورية، وما بدا كأنه تخلّ عن الحلفاء الأكراد، وعدم الرد على الهجوم على منشآت النفط السعودية، وعلى ناقلات النفط في الخليج الفارسي، وعدم الرد على إسقاط المسيّرة الأميركية - كل ذلك شجع طهران على الاستمرار في العدائية المتزايدة ضد الأميركيين. بهذه الطريقة تظهر إيران وزنها المتزايد حيال حلفاء الولايات المتحدة وخصومتها في مقابل ضعف أميركا المزعوم.
- المناورة البحرية المشتركة لإيران وروسيا والصين قبل نحو أسبوعين في خليج عُمان، هدفها التلميح إلى أن النفوذ الأميركي في الشرق الأوسط، وربما في العالم كله، آخذ في الخمود - هدف يخدم مصالح هذه الدول الثلاث خارج النطاق الشرق - الأوسطي. هذا بالإضافة إلى سعي روسياـ على الرغم من ضعفها الأساسي، لتصوير نفسها كقوة عالمية عظمى، وتحوُّلها في السنوات الأخيرة إلى لاعبة مهمة في المنطقة.
- عملية الاغتيال الأميركية، وقبلها الهجوم على قواعد تابعة لميليشيات شيعية في العراق وسورية، وإرسال مزيد من الجنود إلى العراق، الهدف من هذا كله إطلاع الإيرانيين على خطأ تقديرهم الاستراتيجي. بالإضافة إلى ذلك، سمحت العملية لدول الخليج العربية، الحليفة التقليدية لأميركا، برفع رأسها في مرحلة كانت تشعر بالقلق إزاء تصميم وفعالية جدار الدفاع الأميركي.
- ثمة رسالة أُخرى لترامب، هي أن الهجوم على السفارة الأميركية سيُعتبر هجوماً على أميركا نفسها - مقارنة بالتقصير الأميركي إزاء الهجوم الإرهابي على القنصلية الأميركية في بنغازي في فترة حكم أوباما ووزيرة الخارجية كلينتون، والذي قُتل فيه أيضاً السفير الأميركي في ليبيا. في هذه الأثناء، الأوروبيون - بريطانيا، فرنسا، ألمانيا - كعادتهم، بدلاً من الوقوف مع الجانب الأميركي، دعوا "الطرفين" الى الامتناع من التصعيد. أيضاً المرشحون الديمقراطيون للرئاسة وقفوا ضد اغتيال سليماني- خطأ سياسي ونفسي سيُضاف إلى أخطائهم الأُخرى.
- قبل العملية الأميركية، سارع معلقون في إسرائيل أيضاً إلى التباكي على ما اعتبروه في نظرهم انسحاباً أميركياً مستمراً من المنطقة، وأعطوا درجات عالية للاستراتيجيا الإيرانية، لكن يتضح أن تقديراتهم كانت خاطئة، في جزء منها على الأقل، وفي كل الأحوال سابقة لأوانها. مع ذلك يجب عدم التسرع إلى الاستنتاج أنه من الآن فصاعداً ستضيف إدارة ترامب إلى سياسة العقوبات بعداً عسكرياً دائماً ضد استفزازات طهران، لأن الرئيس لا يزال مصراً على عدم الوقوع في حرب إضافية شاملة في الشرق الأوسط. لكن القيادة الإيرانية أيضاً ستضطر إلى الاعتراف بأن استراتيجيتها فشلت على الرغم من كل كلام المباهاة، وأن مواجهة عسكرية حقيقية مع الولايات المتحدة لا حظوظ لها بتاتاً بالنسبة إليها.
- من المحتمل طبعاً أن نرى عملية انتقامية إيرانية هنا أو هناك ضد ممثليات أميركية متعددة، وضد حلفاء الولايات المتحدة، بينهم إسرائيل، في الأساس من جانب وكلائها، لكن الوضع السياسي اللبناني، والتهديد الفعلي برد إسرائيلي كثيف يمكنهما أن يقلصا، وحتى يلغيا، حرية عمليات حزب الله في الوقت الحالي.
بحسب تقارير متعددة، كان سليماني مستهدَفاً من إسرائيل منذ أكثر من عقد، لكن حكومة أولمرت امتنعت من القيام بذلك بضغط أميركي - وكما تبين لاحقاً أن هذا كان خطأ من جانب الولايات المتحدة ومن جانبنا، لأن سليماني تحوّل في تلك السنوات إلى شخصية مهيمنة وفاعلة في كل مكان نجد فيه بصمات إيران الهجومية: صمود نظام بشار الأسد في سورية، السعي الإيراني للسيطرة على العراق، حرب أهلية في اليمن، عمليات إرهابية متعددة ضد السعودية، وتحويل حزب الله إلى عنصر عسكري. الكلمة الأخيرة لم تُقَل بعد، لا من جانب الأميركيين ولا من جانب الإيرانيين.
- مواطنون أميركيون يعيشون في العراق طُلب منهم تحصين مساكنهم والمكوث بالقرب من الملاجىء. جنود أميركيون موجودون في معسكرات عسكرية عراقية حيث يقومون بتدريب الجيش العراقي، يشددون حراستهم ويزيدون من أكياس الرمل حول أماكن إقامتهم. ثلاث دول من التحالف الغربي قاتلت تنظيم الدولة الإسلامية أعلنت تجميد عملياتها لزيادة الحفاظ على حياة جنودها.
- بعد أن افتتحت القيادة الإيرانية وزعيم حزب الله حسن نصر الله الحقل لصيد أهداف أميركية، وفي أعقاب إطلاق نيران راجمات وصواريخ على قواعد أميركية في العراق بعد اغتيال قاسم سليماني، تحول الدفاع التكتيكي إلى استراتيجيا فورية ضد التهديدات. وإذا قررت إيران المسّ بأهداف أميركية وموالية لأميركا، فهي ليست بحاجة إلى التخطيط لأهداف بعيدة، ففي أفغانستان توجد أهداف أميركية كافية موقتاً. ويوجد مثلها في شمال سورية أيضاً.
- لكن إيران لا تزال مكبلة بالمعضلة عينها التي لازمتها منذ انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وفرضت عليها جرعة مؤلمة من العقوبات: ما هي حدود الرد الفعال الذي يستطيع أن يُحدث منعطفاً في السياسة الأميركية، لكن لا يحوّل إيران إلى هدف شرعي للحرب. هذه المعضلة أضاف إليها اغتيال سليماني اعتباراً خاصاً، الانتقام للإهانة التي لحقت بكرامتها.
- في سلسلة الهجمات جميعها على أهداف في الخليج، وعلى منشآت النفط السعودية، وعلى قواعد يوجد فيها مقاتلون أميركيون في العراق، تعمدت إيران إظهار قدرة على عرقلة حركة الملاحة في الخليج، والتسبب بذعر دولي يخلق ضغطاً يؤدي إلى تغيير سياسة العقوبات. وكان تفسيرها لسياسة دونالد ترامب بعدم الرد هو أن مهاجمة أهداف منفردة لن تؤدي إلى هجوم شامل ضدها، بل يمكن أن تجند إلى جانبها تأييد جزء من الدول الأوروبية، وصناعة النفط، وحتى دول الخليج. وأحد الفوائد التي حققتها إيران من سياستها الهجومية هذه هو انسحاب قوات دولة الإمارات العربية المتحدة من الساحة اليمنية، وعقد اتفاقات تعاون عسكرية بينها وبين إيران، وهذه خطوة أنهت هجمات المتمردين الحوثيين على أهداف تابعة لدولة الإمارات.
- الهجوم على منشآت النفط السعودية في منتصف أيلول/سبتمبر، كان اختباراً مهماً لاستراتيجيا هجومية موضعية، لأن حجم الهجوم والضرر الذي يسببه طرح علامات استفهام أولى بشأن استعداد الولايات المتحدة للقيام بمهاجمة إيران بنفسها بسبب هجومها على دولة حليفة لها. اجتازت إيران الاختبار بنجاح. يومها سارع ترامب إلى التوضيح أن السعودية هي التي يجب أن تقرر كيف سترد ومتى، وأن الولايات المتحدة ستقف إلى جانبها في مقابل المال طبعاً. أعلنت السعودية أنها تعارض حرباً على إيران، وبذلك رسمت حدود التعاون الائتلافي المعادي لإيران. لكن أرباح إيران لم تحررها من المشكلة الأساسية، وكل هذه الهجمات لم تنجح في إحداث تغيير في سياسة الولايات المتحدة حيالها. أيضاً سياسة "تقليص الالتزامات بالاتفاق النووي" التي تعني خروجاً مدروساً ومخطَّطاً له من الاتفاق النووي بهدف تسريع الحوار الدولي ورفع العقوبات، لم تثمر النتيجة المرجوة بالنسبة إلى إيران. لم تنجح دول الاتحاد الأوروبي في تطبيق آليات الالتفاف على العقوبات التي طرحها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وظهرت روسيا والصين كشريكتين صامتتين قادرتين على منع فرض عقوبات في منتديات دولية مثل مجلس الأمن، لكنهما لا تستطيعان إلغاء العقوبات الموجودة.
- هذا الأسبوع وصلت إيران إلى نهاية مسار خرق الاتفاق النووي عندما أعلنت أنها تعتبر نفسها غير ملزمة بأي قيد فرضه عليها الاتفاق، سواء بالنسبة إلى كميات تخصيب اليورانيوم، أو بالنسبة إلى نوعيته، وأنها من الآن فصاعداً ستخصب اليوارنيوم بحسب "حاجاتها التقنية". تجدر الإشارة إلى أن إيران تحاذر حتى الآن أيضاً من تقديم ذريعة لحرب ضدها.
- مرة أُخرى تدرس إيران سياسات الاحتواء التي تتبعها الولايات المتحدة ودول أوروبا. هي تعرف جيداً حدود "ما يمكن أن تتحمله" والخطر المتعلق بخرقه، لكن المقصود هنا ليس "اختباراً للتحمل" تقوم به إيران للدول الغربية وإسرائيل، بل هي تصدرها وكأن ليس لديها استراتيجيا فاعلة تستطيع إعادة سريان مفعول الاتفاق النووي، أو بدلاً من ذلك معاقبة إيران عسكرياً. بعد أن استنفدت الولايات المتحدة سلاح العقوبات، وعلى الرغم من الضربات الاقتصادية، فإنها لم تنجح في تدمير الاقتصاد الإيراني، وليس هناك ما يؤكد أن خياراً عسكرياً يمكن أن يؤتي ثماره، في ضوء سياسة ترامب عدم الغوص عميقاً في صحاري الشرق الأوسط.
- قد تكون إيران دفعت إلى الحائط الاقتصادي، لكن الغرب أيضاً موجود في قفص سياسي وهامش رده ضيق إذا لم يجد قناة عقلانية للتحاور مع إيران. لقد غرّد الرئيس ترامب في الأمس عبر تلميحات كبيرة إلى أن إيران لن يكون لديها سلاح نووي أبداً. هذه التغريدة تشبه بدقة تعهُّد الرئيس أوباما. لكن كيف سيتعامل ترامب مع مراحل خرق الاتفاق الذي انسحب هو نفسه منه؟ هل تخصيب اليوارنيوم على درجة 20% سيعتبره تجاوزاً للحدود على طريق التوصل إلى سلاح نووي؟ هل سيحتاج، مثل أوباما، إلى المساومة مع بنيامين نتنياهو؟ ومتى ستصبح لدى إيران قدرة على صنع قنبلة؟ ترامب لم يقع في هذا الفخ، من الأسهل التهديد بقصف مراكز ثقافية إيرانية، رداً على المسّ بمدنيين وجنود أميركيين، كما فعل في الأمس، من رسم خطة طريق مخطَّط لها تنقذ المنطقة والعالم من التهديد الذي تسبب به بعد انسحابه من الاتفاق النووي.
- إلى أن يتوجب عليه التعامل مع هذا الموضوع، تلقى ترامب صفعة إضافية عندما وافق البرلمان العراقي على اقتراح قانون يطلب من الحكومة طرد كل القوات الأجنبية من العراق. القانون أُقر بأغلبية كبيرة، لكن من دون أصوات النواب السنة والأكراد الذين تغيبوا عن الجلسة، وهو بحاجة الآن إلى موافقة الحكومة، لكن ترامب سارع إلى التهديد بأنه سيفرض عقوبات قاسية على العراق، ستبدو العقوبات على إيران باهتة مقارنة بها.
- مواطنون عراقيون ونشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي في العراق سارعوا إلى الإعراب عن معارضتهم القانون، وتظاهروا أمام مبنى البرلمان ودعوا إلى حله، والسؤال المطروح هو هل حركة الاحتجاج الكبيرة التي هدأت في الأيام الأخيرة ستتجدد وستهدد النظام في العراق؟ إذا افترضنا أن القانون سيمر في الحكومة والعقوبات ستُفرض على العراق، ماذا ستحقق الولايات المتحدة؟ نشوء وضع تأخذ فيه سيطرتها في الشرق الأوسط بالتبدد، والقطيعة مع العراق ستحوله إلى دولة واقعة تحت الوصاية الإيرانية بالكامل، ويشكل هذا تهديداً لحلفاء الولايات المتحدة وبينهم إسرائيل.
في مواجهة تصعيد كلامي غير مسبوق، والتهديدات الاستراتيجية التي يؤججها، فإن الخوف من انتقام إيراني لمقتل سليماني يصبح ثانوياً. المطلوب الآن عملية وساطة دولية سريعة وحكيمة وحازمة تلجم التدهور. ثمة شك في أن هناك الآن مَن هو قادر ومستعد للقيام بهذه المهمة.