مختارات من الصحف العبرية

مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
بينت يصادق على شق شارع جديد في منطقة E1
المحكمة المركزية في القدس ترفض طلب نتنياهو تأجيل بدء محاكمته بتهم الفساد شهراً ونصف الشهر
رئيسة حزب "غيشر" تعلن أنها لن تؤيد حكومة تستند إلى دعم القائمة المشتركة
فرض حجر صحي لأسبوعين على كل شخص يصل إلى إسرائيل من الخارج بهدف تجنب تفشّي فيروس كورونا
مقالات وتحليلات
طريق سريعة إلى الأبرتهايد
إسرائيل .VS حزب الله: حرب لبنان الثالثة
الطريق المسدود في الحلبة السياسية يعطل الدور الذي يمكن أن تقوم به إسرائيل حيال العواصف التي تهب على الشرق الأوسط
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"هآرتس"، 11/3/2020
بينت يصادق على شق شارع جديد في منطقة E1

صادق وزير الدفاع الإسرائيلي نفتالي بينت الليلة قبل الماضية على شق شارع جديد في منطقة E1 الخلافية عند مدخل القدس. وسيربط الشارع مستوطنة معاليه أدوميم بمدينة القدس، وسيتم الشروع في الإجراءات التخطيطية للمشروع بالشراكة بين وزارتي الدفاع والمواصلات.

ويؤكد الفلسطينيون أن قيام إسرائيل بالبناء في منطقة E1 سيقسم الضفة الغربية إلى شطرين، وهو ما سيمنع إمكان إقامة دولة فلسطينية ذات تواصل جغرافي.

"معاريف"، 11/3/2020
المحكمة المركزية في القدس ترفض طلب نتنياهو تأجيل بدء محاكمته بتهم الفساد شهراً ونصف الشهر

رفضت المحكمة المركزية في القدس أمس (الثلاثاء) طلب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو تأجيل بدء محاكمته بتهم الفساد شهراً ونصف الشهر وأبقت الموعد المقرر الأسبوع المقبل وأشارت إلى أن الجلسة الأولى ستكون مخصصة لتلاوة التهم فقط.

وكان محامو نتنياهو طلبوا من هذه المحكمة أول أمس (الاثنين) تأجيل محاكمته المقررة يوم 17 آذار/مارس مدة 45 يوماً. وجاء في رسالة بعث بها المحامون إلى المحكمة أن الفريق القانوني لرئيس الحكومة لم يحصل على الوثائق المتعلقة بالتحقيق. لكن المحكمة قالت في قرارها إن الرد على اتهامات المتهم غير مطلوب في هذه المرحلة، ولذلك لا توجد أسباب كافية لتبرير التأجيل.

"هآرتس"، 11/3/2020
رئيسة حزب "غيشر" تعلن أنها لن تؤيد حكومة تستند إلى دعم القائمة المشتركة

تقلصت فرص تأليف حكومة أقلية برئاسة زعيم تحالف "أزرق أبيض" بني غانتس، والتي تستند إلى دعم خارجي من القائمة المشتركة في إثر إعلان رئيسة حزب "غيشر" عضو الكنيست أورلي ليفي - أبكسيس من تحالف أحزاب العمل و"غيشر" وميرتس أنها لن تؤيد حكومة كهذه.

وقالت ليفي - أبكسيس في بيان صادر عنها أمس (الثلاثاء)، إنها غير ملتزمة بتحالفها مع ميرتس ولن تدعم حكومة أقلية بأي ثمن، مشددة على أنها لن تكون جزءاً من حكومة أقلية بمشاركة القائمة المشتركة التي تضم حزباً متطرفاً مثل بلد [التجمع الوطني الديمقراطي].

وأشارت أبكسيس إلى أن التحالف مع ميرتس فُرض عليها وعلى رئيس حزب العمل عضو الكنيست عمير بيرتس عشية الانتخابات تحت ضغط العديد من العناصر ومن ضمنها "أزرق أبيض"، وأكدت أنها من الآن فصاعداً لا تعتبر نفسها ملتزمة به.

على صعيد آخر قرر المكتب السياسي لحزب بلد بأغلبية أعضائه أمس المشاركة في اللقاء الذي سيجمع القائمة المشتركة و"أزرق أبيض" اليوم (الأربعاء).

"يديعوت أحرونوت"، 11/3/2020
فرض حجر صحي لأسبوعين على كل شخص يصل إلى إسرائيل من الخارج بهدف تجنب تفشّي فيروس كورونا

أصدرت وزارة الصحة الإسرائيلية مساء أمس (الثلاثاء) تعليمات جديدة في إطار التدابير الاحترازية للتصدي لفيروس كورونا.

وحظرت الوزارة تجمهر أكثر من 2000 شخص في مكان واحد وأشارت إلى أن هذا الرقم سيتم تحديثه وفقاً للتطورات. ولفتت الوزارة أيضاً إلى ضرورة الامتناع من عيادة مرضى في مختلف المستشفيات ودور المسنين. وأكدت أن كل من تظهر عليه أعراض الفيروس لا يُسمح له بمرافقة مرضى أو زيارة أماكن يمكث فيها كبار السن.

وأوصت وزارة الصحة شريحة كبار السن، وخصوصاً المسنين الذين يعانون أمراضاً أو لديهم جهاز مناعة ضعيف أن يقلصوا من احتكاكهم بالآخرين قدر الإمكان.

وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أعلن الليلة قبل الماضية فرض حجر صحي مدة أسبوعين على كل شخص يصل إلى إسرائيل من الخارج بهدف تجنب تفشّي فيروس كورونا. وقال نتنياهو: "بعد يوم من المباحثات الصعبة اتخذنا قراراً ينص على وضع جميع من يصلون إلى إسرائيل من الخارج في الحجر طوال 14 يوماً".

وأعلنت الشرطة أنها ستقوم بمشاركة طواقم من وزارة الصحة بفرض تعليمات الحجر الصحي على الأجانب القادمين إلى إسرائيل أو على الإسرائيليين العائدين من خارج البلد.

ويأتي هذا كله بالتزامن مع ارتفاع أعداد المصابين بالفيروس في إسرائيل إلى أكثر من 70، إحداها خطرة.

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"هآرتس"، 11/3/2020
طريق سريعة إلى الأبرتهايد
افتتاحية

 

  • في وقت يتوجه فيه الاهتمام العام نحو فيروس كورونا والمحاولات التي لا تنتهي لتأليف حكومة، "الحياة ذاتها" تستمر كالعادة، وبدأت إسرائيل بتخطيط طريق جديدة في الضفة الغربية، سمّاها وزير الدفاع نفتالي بينت "طريق السيادة".
  • المقصود طريق خاصة بالفلسطينيين، ستمكّن إسرائيل نظرياً وعملياً من بناء المستوطنات في منطقة E1، وهي منطقة تبلغ مساحتها 12 كيلومتراً مربعاً، مضمومة إلى بلدية معاليه أدوميم. مشاريع البناء في هذه المنطقة مجمدة منذ سنوات، لأن مثل هذا البناء سيقسم الضفة الغربية إلى جزأين، وهذه خطوة ذات انعكاسات سياسية ودبلوماسية دراماتيكية.
  • على ما يبدو، الطريق الجديدة هي حل لهذه المشكلة، وهدفها المعلن هو تحويل حركة السير الفلسطينية من الطريق رقم 1 إلى طريق خاصة تمر بين قرى فلسطينية، وإبقاء الطريق رقم 1 "نقية" من الفلسطينيين. وبحسب كلمات بينت "منع احتكاك لا لزوم له بالسكان الفلسطينيين".
  • الطريق الجديدة ستمكّن إسرائيل من استكمال مخطط جدار الفصل حول معاليه أدوميم وE1، ومنع وصول الفلسطينيين إلى الطريق رقم 1 في القسم المجاور لهم. إنها استمرار لـ"طريق الأبرتهايد"، مع مسارات منفصلة للفلسطينيين والإسرائيليين، يفصل بينها جدار.
  • من المفترض أن تمر الطريق الجديدة تحت الجدار، وبحسب بينت بعد أن توجد إسرائيل "استمرارية مواصلاتية" من أجل الفلسطينيين، سيختفي الإدعاء بأن إسرائيل تقسم الضفة بصورة لا تسمح بحركة الفلسطينيين. تضاف هذه الطريق إلى الطريق 443 التي تفصل بين القرى الموجودة شمالها وجنوبها، وإلى طرقات تحت الأرض تربط بين تلك القرى، والتي تسميها إسرائيل، من دون خجل، "طرقات نسيج الحياة". ويجب أن نضيف إليها كل الطرق الالتفافية" التي تخطط لها إسرائيل وتبنيها في السنوات الأخيرة في الضفة الغربية، وبحسب اسمها، هي تلتف على قرى فلسطينية وتسمح للمستوطنين بالتنقل في الضفة الغربية من دون خوف من الاحتكاك بالسكان المحليين.
  • بينت على الأقل لا يخفي نواياه. البيان الذي أعلن فيه شق الطريق انتهى بكلمات" تطبيق السيادة – في الأفعال وليس في الأقوال". سيُسجّل لوزير الدفاع، أنه يُسخّف ادعاء إسرائيل أنها تدير الضفة الغربية من أجل مصلحة الفلسطينيين و"نسيج حياتهم". لكن عندما ينضم هذا البيان إلى إعلان نتنياهو قبل بضعة أسابيع أنه يجب معاودة البناء في المنطقة، من الواضح إلى أين ستواصل حكومة اليمين برئاسة نتنياهو سعيها إذا بقيت في السلطة: ضم المناطق وتعميق الأبرتهايد بواسطة بنى تحتية منفصلة للمواصلات، ومنظومة قوانين موازية.
من أوراق معهد بيغن السادات، العدد 1474، 9/3/2020 (بالإنكليزية)
إسرائيل .VS حزب الله: حرب لبنان الثالثة
د. إيهود إيلام - محلل في الأمن القومي لإسرائيل

 

  • التوتر بين إسرائيل وحزب الله، وكيل إيران في لبنان، وصل إلى نقطة قد تؤدي إلى اندلاع حرب لا يرغب فيها أحد من الطرفين، على الأقل في الوقت الراهن، لكن هذا قد يحدث، سواء نتيجة خطأ في الحسابات أو حدوث تدهور سريع يخرج عن السيطرة.
  • الطرفان واجها بعضهما بعضاً في لبنان في الثمانينيات وفي التسعينيات، وأيضاً خلال الـ34 يوماً في الحرب التي دارت في صيف 2006 وانتهت بالتعادل. بالاستناد إلى وثيقة استراتيجية للجيش الإسرائيلي في سنة 2018، في المرة المقبلة التي ستشتبك إسرائيل وحزب الله في حرب، سيحرص الجيش الإسرائيلي على توجيه ضربة قاسية إلى الحزب من أجل تحقيق نصر سريع.
  • لن يكون هذا سهلاً. حزب الله ليس لديه مركز ثقل واضح يمكن سحقه، وبالتالي تحقيق نصر سريع وواضح لإسرائيل. كما يحظى الحزب بتأييد واسع من الطائفة الشيعية في لبنان.
  • يملك الجيش الإسرائيلي سلاحاً وقوة بشرية أكبر مما يملكه حزب الله، لكن لدى الحزب أكثر من 150 ألف صاروخ موجه إلى إسرائيل. وإسرائيل كلها في مرمى صواريخ الحزب، لكن هذه الصواريخ قد تستهدف أولاً شمال إسرائيل. الكمية الهائلة من الصواريخ لدى حزب الله تعني أن منظومات الدفاع الإسرائيلية مثل القبة الحديدية ستكون قادرة فقط على اعتراض جزء منها. والسبيل الوحيد لوقف إطلاق الصواريخ والقذائف بصورة كاملة، سيكون من خلال شن عملية هجومية واسعة النطاق داخل لبنان.
  • يتدرب سلاح الجو الإسرائيلي على القيام بطلعات جوية لتدمير أهداف تابعة لحزب الله، في الأساس صواريخه. لكنه لن يكون قادراً على إنهاء المهمة بنفسه، وخصوصاً إذا أصابت تلك الصواريخ المطارات. قد لا يكون أمام إسرائيل من خيار غير القيام بعملية هجومية برية كبيرة.
  • هذا لن يكون شبيهاً بما حدث في سنة 2006، عندما ترددت إسرائيل في القيام بهجوم بري واسع النطاق، خوفاً من وقوع إصابات كبيرة. في الحرب المقبلة ستكون الفكرة معاكسة. بكلام آخر، تقليص الخسائر الإسرائيلية، سواء على الجبهة مع لبنان أم في الجبهة الداخلية الإسرائيلية، يتطلب بدء الحرب بهجوم بري واسع النطاق.
  • يسعى كثيرون في الجيش الإسرائيلي لإثبات استعداد إسرائيل لشن هجوم بري حتى لو كانت كلفته باهظة. والمبدأ هو أن يعلم أعداء إسرائيل بأنها لا تخاف من تعريض وحداتها البرية للخطر، وأنها  تفضل دائماً الاعتماد على سلاح الجو. في العمليات العسكرية في قطاع غزة في الفترة 2008-2009، وفي سنة 2014، نفّذت إسرائيل هجمات برية محدودة واعتمدت على سلاح الجو الإسرائيلي.
  • لكن يتعين على إسرائيل ألّا تشن هجوماً برياً فقط كي تثبت شيئاً إذا كانت الظروف غير ملائمة. إذا حدثت مواجهة محدودة وأعرب الطرفان عن رغبتهما في إنهائها بسرعة، فإن إرسال قوات برية إلى لبنان سيؤدي تحديداً إلى إطالة الحرب بلا جدوى. وبدء الحرب بهجوم كبير ليس دائماً خياراً صحيحاً.
  • الجيش الإسرائيلي قد يتغلغل عميقاً داخل لبنان، ويتقدم عشرات الكيلومترات على الأرض. ربما لن تصل القوات الإسرائيلية إلى بيروت كما فعلت في سنة 1982، لكنها قد تضطر إلى التقدم مسافة أبعد مما فعلته في سنة 2006. عمليات الاختراق البعيدة المدى يمكن ألّا تقوم بها المدرعات بل الهجمات الجوية. وحدات الصدم مثل لواء الكوماندوس الجديد 89 (الذي أقيم في سنة 2015) يمكن أن تهبط من الجو. وستكون هذه عمليات محفوفة بالمخاطر، إذ ستكون القوات الإسرائيلية معزولة وراء خطوط العدو، وتتلقى المساعدة من خلال الطائرات التي ستزودها بالإمدادات وتوفر لها الدعم الناري.
  • الجيش الإسرائيلي لن يبقى هناك مدة طويلة. سيكون الهدف تدمير صواريخ حزب الله ثم الانسحاب. سيكون هذا أشبه بغارة واسعة النطاق وليس غزواً. لا ترغب إسرائيل في العودة إلى التسعينيات، عندما تورطت بقتال لا نهاية له في داخل لبنان وكلفها غالياً.
  • وحدات النخبة مثل اللواء المدرع 401، ستتقدم على الأرض. الجيش الإسرائيلي سيعتمد على دبابة ميركافا مارك 3 و4، وعلى ناقلات مدرعة ثقيلة (أخزاريت [ومعناها بالعربية المرأة المتوحشة] والنمر، بالإضافة إلى الدبابة القديمة M-113). الشبكة المعقّدة للجيش الإسرائيلي C41 (قيادة، تحكّم، اتصالات، كومبيوتيرات، واستخبارات) ستكون حاضرة، لكن يتعين على الجيش الإسرائيلي ألّا يعتمد عليها كثيراً.
  • مسؤولون عسكريون كبار حذروا عدة مرات من الانعكاسات الخطيرة لتحوّل لبنان إلى مركز لإطلاق النار ضد إسرائيل. لقد أخفى حزب الله عن قصد صواريخه في مناطق آهلة. قوة النيران الإسرائيلية التي ستستهدف الصواريخ في هذه المناطق ستؤدي إلى وقوع أضرار جانبية كبيرة.
  • إذا فتح حزب الله النار أولاً مستهدفاً مدناً إسرائيلية، فإن هذا سيجبر إسرائيل على الرد فوراً وبصورة كبيرة. ضربة استباقية إسرائيلية ليست مرجحة، على الرغم من أن المفاجأة هي عنصر أساسي للسيطرة على حزب الله على الأرض.
  • يتفوق الجيش الإسرائيلي على حزب الله تفوقاً ساحقاً، لكن هذا الأخير يتمتع بعدد من المزايا، في الأساس صواريخه وقذائفه. سيواصل الطرفان محاولة تجنب خوض حرب مكلفة، لكن الحرب ربما تقع على الرغم من إرادة أحد الطرفين أو الطرفين معاً.
"يسرائيل هيوم"، 11/3/2020
الطريق المسدود في الحلبة السياسية يعطل الدور الذي يمكن أن تقوم به إسرائيل حيال العواصف التي تهب على الشرق الأوسط
إيال زيسر - مستشرق ونائب رئيس جامعة تل أبيب

 

  • منذ فترة طويلة، وحتى قبل تفشي فيروس كورونا، تغط إسرائيل فيما يشبه النوم العميق كنتيجة مباشرة للطريق المسدود في الحلبة السياسية. وهذا في وقت تتراكم الأحداث في العالم الكبير، بما في ذلك في المنطقة المحيطة بنا، والتي تجعل إسرائيل تراوح في موقع المراقب الجانبي لتطورات درامية من شأنها أن تلقي بظلها أيضاً عليها في المستقبل.
  • وثمة تطوران مرتبطان بعضهما ببعض؛ الأول، توقيع اتفاق سلام بين إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وحركة طالبان في أفغانستان. والثاني، تورط تركيا في الحرب الدائرة في سورية إلى درجة الصدام العسكري بين جنود أتراك وبين جنود جيش الرئيس السوري بشار الأسد وجنود إيرانيين وعناصر حزب الله.
  • ولا شك في أن هذين التطورين خطران بالنسبة إلى إيران، ومن شأنهما أن يهددا مكانتها، وذلك بشرط وجود من يعرف تشبيك الخيوط وقيادة عملية دولية وإقليمية ضدها.
  • إن اتفاق السلام بين واشنطن وطالبان، والذي من المفترض أن يضع حداً لسنوات من القتال الدموي والوجود العسكري الأميركي في أفغانستان، هو إنجاز مهم لإدارة ترامب. ومعروف أن الأميركيين لم يغزوا هذه الدولة كي يسيطروا عليها، بل كي يكبحوا التهديد الذي شكلته لأمن العالم. وحكومة طالبان كانت ساعدت في ذلك الوقت تنظيم القاعدة من أجل تنفيذ هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001 الإرهابية في الولايات المتحدة.
  • الآن وبعد مضي عقدين، ها هي ذي طالبان ترفع الراية البيضاء. وهي مستعدة للتراجع عن سياستها الإرهابية وحتى تعرب عن أملها بالتعاون مع الولايات المتحدة. ويحدث هذا بفضل إصرار الولايات المتحدة وقدرتها على الصمود، وذلك على الرغم من أن هذه الحرب جبت الكثير من الضحايا وتسببت بارتفاع أصوات كثيرة داخل الولايات المتحدة تطالب بالانسحاب، بل وحتى بالهروب من أفغانستان قبل إتمام المهمة.
  • إن الخاسر الأكبر من هذا هو إيران، فحركة طالبان ترى في نظام الملالي عدواً أيديولوجياً ودينياً خطراً وصعباً. وعندما ستتمكن أفغانستان من الوقوف على قدميها يمكن أن تتحول إلى خلية مهمة في جبهة الكفاح الآخذة في تضييق الخناق على إيران.
  • ثمة جبهة مواجهة أُخرى غير مريحة لإيران اندلعت في الأسابيع الأخيرة في شمال سورية. وهذا الحيّز كان بمثابة الجيب الأخير الذي سيطر عليه المتمردون ضد نظام بشار الأسد، وذلك بفضل الدعم الذي تلقوه من تركيا. وقبل نحو سنتين توصل كل من تركيا وإيران وروسيا إلى تفاهمات حظيت بتأييد الولايات المتحدة تنص على أن تكون منطقة شمال سورية منطقة محمية يُحظر على جيش الأسد العمل فيها. لكن يبدو أن الأقوياء في الشرق الأوسط لا يحترمون أي تفاهمات أو اتفاقيات، وبناء على ذلك، قام الأسد وحلفاؤه، وعلى ما يبدو بدعم من موسكو، بمهاجمة المتمردين في هذه المنطقة وقتلوا عشرات الجنود الأتراك.
  • ورفض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المرور مر الكرام على ذلك، وزج بجيشه في القتال داخل الأراضي السورية. وكشفت هذه الخطوة التركية عمّا كنا نعرفه منذ فترة طويلة، وهو أن جيش الأسد مُستنزف ومفتقر إلى القوة، ولذا فهو يعتمد بشكل مطلق على المساعدة الإيرانية التي وُجهت هذه المرة ضد تركيا. وإلى جانب هذا لا بد من الإشارة إلى أن موسكو محدودة القوة أيضاً، ولذا سارعت هذه المرة أيضاً إلى محاولة التوصل إلى اتفاق يوقف إطلاق النار قبل أن تهدد كل الإنجازات التي حققتها في سورية.
  • أمامنا تطوران من سلسلة تطورات مهمة في منطقة الشرق الأوسط، ويمكن أن نضيف إليهما التوتر الآخذ بالتصاعد بين مصر وأثيوبيا، وهما حليفتان مهمتان لإسرائيل، بشأن مياه نهر النيل، وتصاعد الحرب الأهلية في ليبيا، والتي يمكن أن تؤثر في الأمن والاستقرار في حوض البحر الأبيض المتوسط. وعلى إسرائيل أن تعود وتقوم بأداء دور نشيط ومبادر في قيادة عمليات إقليمية ودولية جرّاء العواصف التي تهب على المنطقة.