مختارات من الصحف العبرية

مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
غانتس: لن أدعم فرض السيادة الإسرائيلية على مناطق مع سكان فلسطينيين كثر في الضفة
وزير الخارجية الأردني في رام الله: موضوع الضم خطر غير مسبوق على العملية السلمية
مستشار بايدن: ضم مناطق من الضفة سيكون خطأ رهيباً من جانب إسرائيل
مقالات وتحليلات
درجة الحرارة في الضفة والقطاع آخذة بالارتفاع وقد تصل إلى حد الغليان
السلطة الفلسطينية لا تستطيع بلع الضم لكن حلها أيضاً غير وارد
الأزمة مع الولايات المتحدة – وجهة النظر الصينية
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"يديعوت أحرونوت"، 19/6/2020
غانتس: لن أدعم فرض السيادة الإسرائيلية على مناطق مع سكان فلسطينيين كثر في الضفة

قال وزير الدفاع ورئيس الحكومة البديل بني غانتس [رئيس حزب أزرق أبيض] إنه لن يدعم فرض السيادة الإسرائيلية على مناطق مع سكان فلسطينيين كثر في الضفة الغربية، وشدّد على أن حزبه سيحرص على عرض هذه المسألة أمام جميع المستويات الأمنية المهنية حتى تبدي رأيها حيالها.

وذكرت قناة التلفزة الإسرائيلية 12 أمس (الخميس) أن أقوال غانتس هذه جاءت في إثر قيام عدد من أعضاء الكنيست من الليكود بشن هجوم عليه على خلفية هذه المسألة، وأدلى بها في إطار سلسلة اجتماعات عقدها في الأيام الأخيرة مع كبار المسؤولين الأمنيين أعرب فيها أيضاً عن ثقته بأن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لن يعرّض اتفاق السلام مع الأردن والعلاقات الاستراتيجية لإسرائيل مع الولايات المتحدة للخطر من خلال خطوة غير مسؤولة. 

وأضاف غانتس: "قبل الإقدام على أي عملية ضم، سنحرص على أن تقوم كافة المستويات المهنية بعرض رأيها، وفي كل الأحوال لن ندعم فرض السيادة على مناطق يسكنها فلسطينيون كثر حتى نمنع الاحتكاك." كما أكد الحاجة إلى العمل في مقابل الجانب الفلسطيني والقيام بخطوات تحسّن حياة الفلسطينيين كجزء من عمليات فرض السيادة. 

يُذكر أن نتنياهو وغانتس عقدا عدة اجتماعات خلال الأيام الأخيرة في محاولة للتوصل إلى اتفاق ضم متفق عليه، وحتى الآن لم يتم التوصل إلى تفاهم بهذا الشأن.

 

"هآرتس"، 19/6/2020
وزير الخارجية الأردني في رام الله: موضوع الضم خطر غير مسبوق على العملية السلمية

حذر وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي من خطورة التوجه الإسرائيلي لضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية في مطلع تموز/يوليو المقبل.

وقال الصفدي في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام عقب اجتماع عقده مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في رام الله أمس (الخميس)، إن موضوع الضم هو خطر غير مسبوق على العملية السلمية. وأكد أنه في حال حدوثه سيقتل حل الدولتين، وسينسف كل الأسس التي قامت عليها العملية السلمية، وسيحرم كل شعوب المنطقة من حقها في العيش بأمن وسلام واستقرار، وبناء على ذلك، فمنع الضم هو حماية للسلام.

وكان الصفدي وصل إلى رام الله ظهر أمس على متن طائرة مروحية في رحلة نادرة إلى مقر قيادة السلطة الفلسطينية. وتعتبر زيارته إلى هذه المدينة الأولى لمسؤول رفيع المستوى منذ بداية تفشي فيروس كورونا الذي أغلق الحدود في جميع أنحاء العالم. 

وقال الصفدي لدى وصوله إن الأردن كان وسيظل يقوم بكل جهد ممكن وبكل ما يستطيع من أجل إسناد الأشقاء الفلسطينيين وتحقيق السلام الشامل والعادل الذي سيحمي المنطقة من تبعات صراع سيكون طويلاً وأليماً إذا ما قامت إسرائيل بضم ثلث الضفة الغربية المحتلة. 

 

 

 

"هآرتس"، 19/6/2020
مستشار بايدن: ضم مناطق من الضفة سيكون خطأ رهيباً من جانب إسرائيل

قال نيكولاس برنس مستشار المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأميركية جو بايدن إن ضم مناطق من الضفة الغربية سيكون خطأ رهيباً من جانب إسرائيل.

وأضاف برنس في سياق مقابلة مع مجلة إسرائيلية يصدرها المركز المتعدد المجالات في هرتسليا نُشرت أمس (الخميس)، إن ضم أجزاء من الضفة الغربية إلى إسرائيل يمكن أن يلحق ضرراً كبيراً جداً بالعلاقات بين الولايات والمتحدة وإسرائيل. 

وسئل برنس في إطار المقابلة عن الدور الذي ستؤديه إسرائيل في انتخابات الرئاسة الأميركية، فقال: "كلا الحزبين في الولايات المتحدة يؤيدان بشدة إسرائيل وكذلك كلا المرشحين، والولايات المتحدة تؤيد إسرائيل بشكل دائم وتلتزم مساعدتها لحماية أمنها القومي. مع ذلك أنا أعتقد أن ضم أجزاء من الضفة الغربية الذي أعلنت إسرائيل نيتها القيام به يمكن أن يضر جداً بعلاقات الولايات المتحدة وإسرائيل". 

وأشار برنس إلى أن هناك توافقاً بين أصحاب مناصب كثر في الإدارات الأميركية السابقة الجمهورية والديمقراطية على حد سواء على أن الضم، في حال قيام إسرائيل بتنفيذه، لن يكون خطوة غير حكيمة فقط، إنما أيضاً خطأ كبير سيلحق بإسرائيل ضرراً فادحاً في الساحة الدولية.

وتعليقاً على مثلث العلاقات بين الولايات المتحدة والصين وإسرائيل، قال برنس إن أي إدارة أميركية لا تريد أن ترى إسرائيل تتقرب أكثر من اللازم مع الصين كون مثل هذا التقارب قد يتسبب بضرر لها.

 

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"معاريف"، 19/6/2020
درجة الحرارة في الضفة والقطاع آخذة بالارتفاع وقد تصل إلى حد الغليان
ألون بن دافيد - - المحلل العسكري لقناة التلفزة الإسرائيلية 13
  • يمكن القول إنه بعد شهور من الهدوء في الجبهتين الفلسطينيتين [الضفة الغربية وقطاع غزة] بدأت درجة الحرارة ترتفع في الأيام الأخيرة ويمكن أن تصل إلى حد الغليان، وذلك من دون أدنى علاقة بمسألة ما إذا كان سيصدر إعلان بشأن الضم في الأول من تموز/يوليو المقبل أو لا يصدر. صحيح أن الضم يهم الفلسطينيين ولو أقل مما يهم الإسرائيليين، لكن لا بد من التأكيد أن قطع السلطة الفلسطينية علاقاتها بإسرائيل ووقف دفع الرواتب يشكلان وصفة للاشتعال. وسيكون رئيس السلطة محمود عباس مسروراً لو أن الانفجار يحدث في قطاع غزة وتبقى الضفة الغربية هادئة، بينما تريد حركة "حماس" عكس ذلك تماماً. ويمكن أن تكون النتيجة انفجاراً في الجبهتين.
  • خرج الفلسطينيون في المناطق [المحتلة] من وباء كورونا من دون أضرار فادحة تقريباً وبشعور بالنجاح. لكن الفرحة بهذا النجاح، سواء في القطاع أو في الضفة، لم تدم طويلاً وعكّرها إعلان عباس قطع العلاقات بإسرائيل. ولا يمكن للسلطة الفلسطينية أن تنفصل عن إسرائيل مثلما لا يمكن لطفل عمره شهر واحد أن يعلن الانفصال عن أمه، نظراً إلى عدم وجود أي قدرة لديها على الوجود المستقل. وقد حاول جميع رؤساء الأجهزة الأمنية وكبار قادة حركة "فتح" شرح ذلك لعباس، لكنه بقي مصراً على رأيه بوجوب تنفيذ هذا الانفصال المطلق غير المسبوق الذي يتم الإشراف على تنفيذه بقوة.
  • في الأسبوعين الأولين لانفصال السلطة جرت محاولات لإقامة محادثات هادئة، بما في ذلك بين الجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية الفلسطينية عبر تطبيق "واتساب"، لكن قادة الأجهزة الفلسطينية تلقوا أوامر بإغلاق هذا التطبيق في وجه قادة الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام ["الشاباك"]. في الوقت عينه، أصدر عباس أوامر واضحة إلى أجهزة السلطة الأمنية تقضي بالامتناع من أي احتكاك بقوات الجيش الإسرائيلي حتى في أثناء قيامها بتنفيذ اعتقالات في المناطق الخاضعة للسلطة الفلسطينية. بموازاة ذلك، واصلت هذه الأجهزة القيام بنشاطاتها ضد البنى التحتية لحركتي "حماس" والجهاد الإسلامي في الضفة.
  • مع ذلك، وفي ظل انعدام التنسيق الأمني لا تستطيع السلطة الفلسطينية أن تحرك قواتها بين المدن من أجل معالجة أحداث مدنية، الأمر الذي ضاعف الشعور بتفاقم الفوضى وأدى إلى زيادة الحوادث الإجرامية.
  • تظل المشكلة الرئيسية كامنة في وقف التنسيق المدني. فقد رفض عباس هذا الشهر تلقي أموال الضرائب من إسرائيل، بقيمة 800 مليون شيكل، والتي يدفع منها رواتب مستخدمي السلطة وعناصر الأجهزة الأمنية في الضفة وكذلك في غزة. ويعني وقف التنسيق المدني بقاء عشرات الآلاف من أرباب العائلات الفلسطينية من دون رواتب، بالإضافة إلى عدم تمكّن 150.000 فلسطيني يمتلكون تصاريح عمل داخل إسرائيل والمستوطنات من تجديد هذه التصاريح. ومن المتوقع أن يبدأ جميع هؤلاء قريباً بإبداء غضبهم ضد السلطة الفلسطينية في البداية، لكن سرعان ما سيتم توجيهه إلينا.
  • كذلك توجد في ميناء أسدود بضائع اشتراها الفلسطينيون بأموالهم، بما في ذلك حاويات تضم مئات الأطنان من اللحوم ولا أحد يهتم بتحريرها. ولا تصل شحنات البريد من الخارج إلى سكان مناطق السلطة الفلسطينية، بما في ذلك شحنات من شركتي علي إكسبرس وأمازون. صحيح أن هذا الوضع لم يتسبب بعد بزيادة الإرهاب الشعبي، لكن السبب الحقيقي لانخفاض حجم هذا الإرهاب يعود إلى الوضع الاقتصادي الجيد نسبياً في يهودا والسامرة.
  • إن ما يقلق إسرائيل بشكل رئيسي هو ازدياد قوة تنظيم حركة "فتح" في الشهور الأخيرة. وهو يضم أكثر من 30.000 مسلح لا يخضعون لإمرة أحد ويرون أنفسهم كميليشيا شعبية للفلسطينيين. وعندما انفجرت أزمة فيروس كورونا تم استدعاؤهم من جانب الأجهزة الأمنية للمساعدة في فرض إجراءات الإغلاق والعزل. ولا يتلقى أفراد التنظيم أوامر من محمود العالول الذي يُعتبر عملياً رئيس "فتح"، بل يعملون تحت إمرة قادة محليين، وهم ما زالوا من أنصار مروان البرغوثي وينصتون إلى توفيق الطيراوي، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات وأحد المعارضين البارزين لعباس الآن. ويمكن لأوامر صادرة عن أحد القادة المحليين أن تغير الواقع القائم في الميدان، سواء من خلال عمليات إطلاق نار أو من خلال تشجيع إجراء تظاهرات عنيفة.
  • ما زال الجيش الإسرائيلي يمتنع من زيادة قواته في يهودا والسامرة كي لا يتسبب ذلك بزيادة التوتر. لكن من شأن أي حادثة أن تشعل من جديد الإرهاب الشعبي أو إرهاب الأفراد.
  • يجب أن نضيف أن قائد "حماس" في غزة يحيى السنوار يراقب هذا الوضع ويبحث عن طريقة لصب الزيت على النار، ولا سيما على خلفية تدهور الأوضاع الاقتصادية في القطاع بسبب أزمة فيروس كورونا، والتي كان من أبرز مؤشراتها وصول نسبة البطالة إلى أكثر من 50%. وهو تدهور يأتي بعد شهور تنفّس فيها سكان غزة الصعداء وتمتعوا فيها بهدوء نسبي نتيجة توقف نشاطات "مسيرات العودة" التي كانت تنظَّم كل يوم جمعة على مدار السنتين الأخيرتين تقريباً. ولا يبدو أن سكان غزة مشتاقون إلى فترة المسيرات والبالونات الحارقة، لكن في حال شعور السنوار بتصاعد حدّة الغضب الاجتماعي ضده سيسارع إلى توجيه هذا الغضب نحو إسرائيل.
  • ويوصي الجيش الإسرائيلي بتزويد قطاع غزة بالحاجات الإنسانية الأساسية، مثل السماح للعمال بالعمل داخل إسرائيل وإدخال أموال المساعدات من قطر، وباشتراط أي مشاريع مهمة بحصول تقدّم في مسألة الأسرى والمفقودين الإسرائيليين.
  • يظل الغائب الأكبر في هذه المعادلة هو ما الذي ينوي رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو فعله في الأول من تموز/يوليو المقبل. وما هو واضح الآن هو أنه حتى في حال إعلانه الضم الجزئي للكتل الاستيطانية الكبرى التي تُعتبر محل إجماع إسرائيلي فمن شأن ذلك أن يجرّ ردة فعل قاسية من طرف الأردن. ومن غير الواضح كيف ستكون ردة الفعل في المناطق الفلسطينية. لكن في الجيش الإسرائيلي يستعدون لسيناريوهات تتراوح بين ردة فعل تتمثل في تصعيد الإرهاب والاحتكاكات، وبين اندلاع مواجهة واسعة في الجبهتين الفلسطينيتين.
"هآرتس"، 19/6/2020
السلطة الفلسطينية لا تستطيع بلع الضم لكن حلها أيضاً غير وارد
تسفي برئيل - محلل سياسي
  • علي الجرباوي، الوزير السابق في السلطة الفلسطينية والمحاضر في جامعة بيرزيت، ينظر بواقعية إلى الورطة التي وقعت فيها السلطة الفلسطينية إزاء خطة الضم. ففي رأيه، السلطة حالياً في وضع غير القادرة على بلع الحكم الجائر ولا لفظه. "الأخطاء الأساسية حدثت عندما واصلنا الاتصالات بإسرائيل بعد سنة 1999 التي كان من المفترض أن تنتهي فيها اتفاقات أوسلو، وأن تقوم دولة فلسطينية"، هذا ما قاله مؤخراً في مقابلة أجراها معه الموقع الفلسطيني "عرب 48". ويشكو الجرباوي من أن السلطة لم تشترط استمرار الاتصالات بجدول زمني صارم وبتجميد البناء في المناطق، بالإضافة إلى معارضة تقسيم الضفة الغربية إلى مناطق أ وب وج. وبحسب كلامه، ربما حينها كان هناك على الأقل "أمل بدولة فلسطينية وحل الدولتين." وحالياً يعتقد أنه في الوقت الذي تمنع إسرائيل الإمكانيتين، لم يعد أمام السلطة خيار: "لا يمكن حل السلطة، ومن غير الممكن الانفصال عن الاتفاقات مع إسرائيل."
  • عندما يفكر محمود عباس بصوت عال في الاستقالة ووضع مفاتيح السلطة على طاولة إسرائيل، هو يهدد بأن إسرائيل ستضطر إلى إدارة الضفة مباشرة، ومعالجة مشكلات الصحة والتعليم والبيئة، ودفع الرواتب إلى أكثر من 150 ألف عامل في السلطة - بالإضافة إلى تحويل أموال إلى غزة. في الوقت عينه، هو يدرك أن حل السلطة معناه صرف عشرات الآلاف من العاملين، وضرر هائل للاقتصاد في الضفة، وفي الأساس خسارة صلاحية التمثيل السياسي. هذا في وقت تبدو فيه أغلبية الدول العربية، وخصوصاً تلك القادرة على التأثير في العمليات السياسية، مثل السعودية ودولة الإمارات ومصر، لا مبالية حيال الضم أو تكتفي بتحذيرات، مثل تحذير سفير دولة الإمارات في الولايات المتحدة، يوسف العتيبة.
  • عبد الله ملك الأردن، الزعيم الأكثر قلقاً من الضم، حذّر إسرائيل والولايات المتحدة، لكن يبدو أنه لا وقت لديهما للإصغاء إليه. كان هناك أيضاً مَن أراد أن يصوّر تحذيراته بأنها موجهة نحو السلطة.... السلطة من جهتها تخوض صراعاً مزدوجاً - ضد الضم وضد التوظيف السياسي الذي تحاول "حماس" الاستفادة منه. الرسالة التي بعث بها رئيس المكتب السياسي في "حماس" إسماعيل هنية إلى الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، طالباً منه عقد قمة طارئة للجامعة لمناقشة الضم، جرى الرد عليها باستهزاء من جانب السلطة وحركة "فتح" بحجة أنه غير مخول تقديم مثل هذا الطلب. عباس من جهته اكتفى بمراسلات مع زعماء اللجنة الرباعية لشؤون الشرق الأوسط (باستثناء الولايات المتحدة) طالب فيها بالضغط على إسرائيل لكبح الضم. إعلانه في الشهر الماضي أنه سيوقف التنسيق الأمني ويعتبر نفسه غير ملزم بالاتفاقات حظي بردود مشككة. وزير الشؤون المدنية في السلطة حسين الشيخ قال للنيويورك تايمز: "لا نريد الوصول إلى نقطة اللاعودة، لكن الضم هو مثل هذه النقطة في العلاقات مع إسرائيل." وأوضح في الوقت عينه: "إذا عرفنا أن أحداً ما يخطط لهجوم ضد إسرائيل، فإننا ننقل اليها المعلومة. إذا نفّذ أحد ما هجوماً في المناطق نعتقله ونحاكمه عندنا." على الرغم من أن الشيخ لم يقل إن المعلومات تُنقل مباشرة إلى إسرائيل، فإن كلامه أثار كما هو متوقع انتقادات حادة، لأنه لا يدل فقط على أن التنسيق الأمني لا يزال قائماً، بل على أن السلطة لا تشجع نشوب انتفاضة.
"مباط عال"، العدد 1337، 18/6/2020
الأزمة مع الولايات المتحدة – وجهة النظر الصينية
إيال بروفر - باحث في معهد دراسات الأمن القومي، خبير في الصين
  • وثيقة محدثة بشأن "التوجه الاستراتيجي الأميركي إزاء الصين"، وزعها البيت الأبيض (في 20 أيار/مايو 2020)، تجسد الفجوة النظرية والسياسية التي تفصل بين الزعامتين في بيجين وفي واشنطن. زعماء "الحزب الشيوعي في الصين" يتعاملون بانتقاد شديد مع وجهة النظر الأميركية، ومع هدفها المعلن، الدفع قدماً بخطوات تؤذي طابع النظام والمجتمع، وفي الأساس استقرار حكم الحزب. يرفض الصينيون أساساً وجهة النظر الأميركية التي تقول "في العقدين الأخيرين تباطأت الإصلاحات وتوقفت وعادت إلى الوراء. النمو الاقتصادي وعلاقة جمهورية الصين الشعبية الوثيقة بالعالم لم يؤديا إلى مجتمع منفتح وحر كما أملت الولايات المتحدة." في رأيهم، قطعت الصين شوطاً طويلاً في مجال الإصلاحات الاقتصادية وغيرها، مع المحافظة على حكم مركزي واحد قوي يضمن استقرار الصين. في نظر بيجين، تُعتبر النظرة الأميركية "تدخلاً في الشؤون الداخلية" للصين.
  • ورقة التوجه الأميركي، وكذلك تصريحات مسؤولين أميركيين كبار ضد حكم الحزب، تعزز النظرة السياسية الصينية القائمة على عدم ثقة عميقة وشكوك تعود إلى سنوات كثيرة. كانت بدايتها في فترة الحرب الأهلية في الصين (1946-1949)، التي دعمت خلالها الولايات المتحدة الحزب الوطني بالتدريب والعتاد العسكري. بعد انتصار الشيوعية في تشرين الأول/أكتوبر 1949 وإقامة "جمهورية الصين الشعبية"، غضبوا في بيجين من استمرار دعم الولايات المتحدة عضوية "جمهورية الصين في الأمم المتحدة"، أي تايوان. في نظر الصين، الولايات المتحدة هي التي عزلتها ومنعتها طوال عقدين من الانضمام إلى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.
  • منذ بداية العلاقات الفعلية بين الدولتين في السبعينيات، ترافق عدم الثقة والشكوك أيضاً بغيرة وتقدير، وتطلُّع إلى الوصول إلى مستوى الإنجازات العلمية والتكنولوجية الأميركية.
  • منذ دخول الصين إلى الأمم المتحدة وزيارة نيكسون، واعتراف الولايات المتحدة لاحقاً بسياسة "صين واحدة"، وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة في كانون الأول/يناير 1979، جرى بناء مخزون غني من العلاقات الاقتصادية والتجارية والأكاديمية بين الدولتين، وكان هناك تطلّع مشترك لاستغلالها من أجل تشجيع النمو الاقتصادي في كل منهما. في سنة 2019، وصل ميزان التبادل التجاري بينهما إلى نحو 541 مليار دولار (تصدير أميركي بـ123 مليار دولار، وتصدير صيني بـ418 مليار دولار). حتى زمن الكورونا، عمل في الصين بصورة دائمة عشرات الآلاف من ممثلي شركات ومنظمات أميركية. كثيرون من كبار رجال الأعمال والأكاديميين في الصين أقاموا علاقات متشعبة مع نظرائهم الأميركيين، وقامت شركات أميركية بتصنيع جزء كبير من منتوجاتها في الصين. في العقد الأخير، درس في الولايات المتحدة أبناء كثيرون من النخبة السياسية والاقتصادية، بمن فيهم ابنة الرئيس الصيني التي درست في هارفارد. في العام الماضي، درس في الولايات المتحدة أكثر من 390 ألف طالب صيني، وهم يشكلون أكبر مجموعة من الطلاب الأجانب هناك.
  • ازدياد حدة التصريحات الأميركية منذ بداية ولاية الرئيس دونالد ترامب لم تكن غريبة على أسماع القيادة العليا في بيجين. "الحرب التجارية" بدت للصينيين كاستمرار واضح لصراعات سابقة، ولقد عملوا بحسب أسلوبهم من خلال تمرير الوقت ومفاوضات دقيقة على مكونات الاتفاق، وأحياناً إعادة فتح نقاط اتُّفق عليها. مع ذلك، يبدو مؤخراً أن الصين تفاجأت من قوة وكثافة النشاطات الأميركية، وبخلاف تصريحات ماضية وعمليات محدودة، هذه المرة تبدو سياسة الولايات المتحدة حادة وواضحة وطويلة الأمد، وهي تدعو دولاً أُخرى بل تطلب منها عدم الدفع قدماً بعلاقاتها بالصين، وتسنّ قوانين جديدة هدفها الدفع قدماً بعلاقات الولايات المتحدة مع تايوان، وفرض قيود على النشاطات التجارية والأكاديمية لجهات صينية في الولايات المتحدة والعالم. الزيارة القصيرة التي قام بها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى إسرائيل (13 أيار/مايو 2020) كجزء من الضغط الأميركي لمنع الشركات الصينية للفوز بمناقصات تتعلق بالبنية التحتية في إسرائيل، شكلت بالنسبة إلى الصينيين نموذجاً إضافياً للنشاط الأميركي ضدها. الرد الرسمي على الزيارة الذي صدر عن السفارة الصينية في إسرائيل (في 15 أيار/مايو) شدد على أن "وزير الخارجية يكرر فكرة قديمة تتعلق بـ"التخوف الأمني"، من دون تقديم أي دليل فعلي، وذلك للإضرار بالعلاقات التجارية بين الصين وإسرائيل."

الدلالات بالنسبة إلى إسرائيل

  • تدرك الصين جيداً العلاقات الاستراتيجية العميقة لإسرائيل مع الولايات المتحدة. إلى جانب ذلك، جرت المحافظة على العلاقة الإيجابية بين الشعب الصيني واليهود على مر السنوات، وتعززت داخل الحزب والجمهور الصيني صورة إسرائيل كدولة قوية مبدعة يمكن التعلم منها كثيراً في مجال الابتكارات والتكنولوجيا. في النظرة الصينية، إسرائيل ليست في وسط ساحة الصراع الدائر بين الدولتين العظميين، وكونها حليفة قوية للولايات المتحدة، لا يعني ذلك منع تطوير العلاقات التجارية معها على أساس مدني. الصين نفسها تدير شبكة علاقات متوازية مع دول بينها عداء في الشرق الأوسط، مثل إيران والسعودية وإسرائيل، وهي تفرّق بين المواقف والتصريحات السياسية وبين النشاطات الاقتصادية والتجارية.
  • بالإضافة إلى المحافظة على علاقتها الاستراتيجية الخاصة بالولايات المتحدة، يتعين على إسرائيل فهم وجهة النظر الصينية والتعرف على هامش مرونتها، والامتناع من إعطاء تصريحات لا فائدة منها، ومن القيام بخطوات تصعيدية يمكن أن تؤذي النسيج الهش للعلاقات التي بُنيت مع الصين في السنوات الأخيرة.