مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
عشية بدء فرض الإغلاق الشامل المشدد على إسرائيل أكد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي عقده في ديوان رئاسة الحكومة في القدس مساء أمس (الخميس)، أن البلد في حالة شبه حرب على الحياة والاقتصاد.
وعزا نتنياهو الارتفاع الحاد والمقلق في العدد اليومي للمصابين الجدد بفيروس كورونا إلى التخاذل في مراعاة التعليمات. ورأى أن تكلفة الإغلاق في أثناء فترة الأعياد العبرية ستكون أقل من التقديرات المتشائمة لوزارة المال، ولن تصل إلى ما بين 30 و50 مليار شيكل.
وانتقد نتنياهو التظاهرات الضخمة ضده، والتي جرت من دون الحفاظ على التباعد الاجتماعي، محذراً من أن يخرق المواطنون الإغلاق بذريعة أنهم في طريقهم إلى التظاهر. ولمّح إلى أن هناك بارقة أمل فيما يتعلق بتطوير اللقاح في إسرائيل ضد الفيروس.
ويأتي الإغلاق الجديد المشدد بعد أسبوع من بدء الإغلاق الحالي للبلد مع اقتراب عدد الإصابات اليومية المؤكدة بالفيروس إلى 7000 إصابة أول أمس (الأربعاء) لليوم الثاني على التوالي.
واعتباراً من اليوم (الجمعة) الساعة الثانية بعد الظهر ولمدة أسبوعين سيتم إغلاق جميع المصالح التجارية تقريباً باستثناء شركات ومصانع محددة صنفتها هيئة الطوارئ الوطنية التابعة لوزارة الدفاع بأنها حيوية. ويستثني القرار متاجر السوبر ماركت والصيدليات من الإغلاق، ويسمح للمطاعم بالعمل على أساس توصيل طلبيات إلى المنازل فقط. وستتوقف حركة وسائل النقل العام بالكامل تقريباً، وكذلك المؤسسات التربوية التي لا تزال تعمل، وأساساً برامج التعليم الخاص ودور الحضانة الخاصة. ولن يُسمح للإسرائيليين بالابتعاد إلى مسافة أكثر من كيلومتر واحد عن منازلهم، وسيتم نشر الشرطة في الطرق السريعة وعند مداخل المدن والبلدات لضمان عدم محاولة التنقل خلال فترة الإغلاق.
قال رئيس تحالف "يوجد مستقبل - تلم" وزعيم المعارضة عضو الكنيست يائير لبيد إن سبب فرض إغلاق شامل مشدد للمرة الثانية يعود إلى الإدارة الفاشلة للحكومة، وخصوصاً رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، في التعامل مع أزمة فيروس كورونا.
وأضاف لبيد في سياق مؤتمر صحافي عقده مساء أمس (الخميس)، أن الحكومة ليس لديها خطة وأهداف لما بعد الإغلاق، وأكد أنها فقدت ثقة الجمهور بها.
من ناحية أُخرى كرر المنسق العام لمكافحة فيروس كورونا البروفسور روني غامزو معارضته لقيود الإغلاق الجديدة المقرر تنفيذها اليوم (الجمعة)، وأكد أن الضرر الاقتصادي سيكون هائلاً.
وقال غامزو خلال جولة في بؤر تفشي الفيروس في القدس أمس، إنه أوصى بتشديد طفيف للإغلاق، لكن الحكومة قررت خلاف ذلك.
وأضاف غامزو أن معدل الإصابة مقلق للغاية وربما كان بالإمكان فرض إغلاق أخف، لكنه في الوقت عينه أكد أن لا بأس باتخاذ الحكومة هذا القرار.
وأفادت مصادر سياسية رفيعة المستوى بأن غامزو أكد للحكومة أنه لا يعتقد أن الإغلاق الكامل للاقتصاد مبرَّر، وسعى لخفض في النشاط الاقتصادي بنسبة 50%، مشيراً إلى أن ذلك من شأنه أن يقلل كثيراً الاختلاط الاجتماعي، كما سعى لاستمرار الإغلاق الجزئي فترة طويلة.
وأضافت المصادر نفسها أن رئيس الحكومة نتنياهو لم يوافق على ذلك وفضّل إغلاقاً شاملاً وفورياً لتقليل معدلات الإصابة بصورة كبيرة وبسرعة. وادعى نتنياهو في الحكومة أن الأعياد اليهودية القريبة (يبدأ يوم الغفران مساء بعد غد الأحد، وتبدأ عطلة عيد العرش التي تستمر ثمانية أيام في 2 تشرين الأول/أكتوبر المقبل) هي فترات لا يعمل فيها معظم الإسرائيليين بأي حال، وفرض الإغلاق خلال هذه الفترة أقل ضرراً على الاقتصاد من القيام بذلك بعد الأعياد.
وتعرّض قرار فرض إغلاق شامل لموجة من الانتقاد في حزبيْ الليكود وأزرق أبيض.
فقد انتقد وزير المال يسرائيل كاتس، من الليكود، إغلاق النشاط الاقتصادي بصورة شبه كاملة مدة أسبوعين، وهو قرار يتناقض مع توصيات وزارة المال من الأسبوع الفائت. وكان كاتس واحداً من بين الوزراء القلائل الذين صوتوا ضد قرار الإغلاق في الحكومة.
وقال كاتس بعد تصويت الحكومة إنه من الممكن اتخاذ خطوات لكبح الفيروس من دون إلحاق ضرر بالغ بالمصانع والشركات التابعة للقطاع الخاص غير المفتوحة للجمهور، والتي تحرص على الامتثال لإرشادات وزارة الصحة، وأضاف أن صمود الاقتصاد الإسرائيلي هو جزء من صمود البلد الوطني ويجب حمايته أيضاً.
وانسحب وزير العلوم يزهار شاي من حزب أزرق أبيض من اجتماع الحكومة احتجاجاً، وترك تصويته ضد القرار مكتوباً على ورقة. واعترض شاي على الإغلاق الشامل للاقتصاد وقال إنه يتعارض مع توصيات المستوى المهني.
كما احتج محافظ بنك إسرائيل أمير يارون على قرار الإغلاق الشامل وقال إنه سيتسبب بضرر كبير للاقتصاد.
قالت معطيات جديدة نشرتها مصلحة التشغيل الإسرائيلية أمس (الخميس) إن نحو 11.300 انضموا منذ أول أمس (الأربعاء) إلى فئة العاطلين من العمل في إسرائيل.
وأشارت المعطيات إلى أن أكثر من 120.000 شخص قدموا طلبات للحصول على عمل منذ يوم الخميس الفائت، أي قبل يوم واحد من دخول الإغلاق السابق في حيز التنفيذ، وأوضحت أن معظمهم تم إخراجه إلى إجازة غير مدفوعة الأجر.
وقال مدير عام مصلحة الاستخدام والتشغيل في بيان صادر عنه أمس، إن مئات آلاف المستخدمين لم يعودوا إلى أماكن عملهم منذ آذار/مارس الفائت، وحذر من أن هذه المدة الطويلة قد تتسبب ببطالة مزمنة، وهو ما سيؤدي إلى إيجاد جيل تائه من الشبان والشابات العاطلين من العمل إلى جانب عواقب أُخرى.
وأفادت إحصائيات جديدة بأن عدد العاطلين من العمل في إسرائيل في الوقت الحالي بلغ أكثر من 800.054 شخصاً.
في سياق متصل قال رئيس اتحاد نقابات المستقلين والمصالح التجارية إن قرار الإغلاق المشدد يفتقر إلى خطة عمل منظمة، ودعا الحكومة إلى تحويل أموال إلى المصالح التجارية على الفور، لكونها تعاني ضائقة اقتصادية خانقة. وأكد أن المستقلين وعددهم نصف مليون يشعرون بأنه تم تركهم ليواجهوا مصيرهم وحدهم من دون أي دعم من الحكومة.
قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية أول أمس (الأربعاء) إن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وزوجته سارة أحضرا معهما في عدة مناسبات حقائب من الملابس لغسلها وتنظيفها الجاف في أثناء إقامتهما ببيت الضيافة في البيت الأبيض.
ويعزز هذا التقرير مزاعم سابقة يعود تاريخها إلى عقد من الزمان فحواها أن الزوجين نتنياهو يفضلان تنظيف غسيلهما الوسخ خارج البلد، كشف عنها أحد كبار المساعدين السابقين للزوجين، والذي أصبح شاهداً ملكياً في محاكمة نتنياهو بشبهات فساد.
وقالت الصحيفة الأميركية إن الزائرين المقيمين بدار الضيافة في البيت الأبيض يحصلون بصورة روتينية على تنظيف الملابس الخاصة بهم كميزة إضافية، لكن يشمل ذلك عادة قميصاً واحداً أو اثنين بالنظر إلى فترات إقامتهم القصيرة، ونقلت عن مسؤول أميركي قوله إن عائلة نتنياهو هي الوحيدة التي تجلب حقائب من الغسيل الوسخ لتنظيفها، وأكد أنه بعد عدد من الزيارات أصبح من الواضح أن هذا العمل كان مقصوداً.
ونفى ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية هذا التقرير، وأكد أن هذا الافتراء المجهول الهوية والمكرر من أرشيف الإعلام الإسرائيلي يهدف إلى التقليل من أهمية الاتفاقين التاريخيين اللذين توصل إليهما رئيس الحكومة نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب مع كل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين.
وأصدرت السفارة الإسرائيلية في الولايات المتحدة بياناً قالت فيه إن هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة وتهدف إلى التقليل من شأن الإنجاز الضخم لرئيس الحكومة نتنياهو في قمة السلام التاريخية التي عُقدت بوساطة من الرئيس ترامب في البيت الأبيض.
وأشارت السفارة إلى أنه لم يكن هناك تنظيف جاف في أثناء الزيارة، التي تم خلالها توقيع اتفاقيْ التطبيع مع الإمارات والبحرين، وتم غسل قميصين فقط للاجتماع العام وكي بدلة رئيس الحكومة وفستان السيدة نتنياهو.
وتعود التقارير التي تتحدث عن رغبة عائلة نتنياهو في غسل ملابسها في الخارج إلى التحقيق في إساءة استخدام عائلة نتنياهو لأموال الدولة.
وكانت سارة نتنياهو دينت في حزيران/يونيو 2019 بسوء استخدام الأموال العامة في إطار صفقة مع النيابة العامة في قضية تتعلق بقيامها باستئجار خدمات مطاعم بطريقة غير قانونية وتقديم بيانات مضللة بهذا الشأن. وبموجب الصفقة تمكنت سارة من الإفلات من إدانتها بتهمة الاحتيال المشدد، لكنها أقرت بتهمة استغلال خطأ وهي تهمة أخف، وأمرتها المحكمة برد مبلغ 55.000 شيكل إلى الخزينة العامة للدولة.
كشفت وثائق جديدة تتعلق بحرب يوم الغفران [حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973]، سمحت الرقابة العسكرية الإسرائيلية بنشرها هذا الأسبوع، أن رئيس جهاز الموساد خلال الحرب تسفي زامير أكد أن "معلومة ذهبية" قدمها مسؤول مصري رفيع المستوى جنّده الموساد غيرت مسار الحرب لمصلحة إسرائيل.
وأوضح زامير أن هذه "المعلومة الذهبية" جاءت في أثناء اجتماع وصفه بأنه مصيري عقده المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر لشؤون الحرب يوم 12 تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقيادة رئيسة الحكومة آنذاك غولدا مئير، بعد ستة أيام على اندلاع الحرب. وأضاف: "كانت توقعات وزير الدفاع موشيه دايان بالغة القتامة والسوداوية بشأن مستقبل الحرب، ولفت إلى أن الجيش الإسرائيلي قد يضطر إلى الانسحاب والدفاع عن تخوم تل أبيب. وفجأة بعد أن ساد التشاؤم الاجتماع رن الهاتف وطُلب مني أن أرد عليه، فخرجت مسرعاً وعدت بعد ساعة، وبلّغت مئير والوزراء بأن مسؤولاً مصرياً رفيعاً يعمل عميلاً لدى الموساد اتصل قبل قليل وزود ضابط الموساد المشرف على تشغيله بتفصيلات الخطة الهجومية المصرية المستقبلية، التي كان يفترض أن تبدأ بعد يوم. وأظهرت المعلومات أن لدى المصريين نية تنفيذ عمليات هجومية في عمق سيناء، إلى جانب أن المسؤول المصري العميل قدم معلومات وافية عن تفصيلات وآليات تنفيذ هذه العمليات، وبلّغ بأن أهم بنود الخطة المصرية تنص على إنزال مظليين مصريين بأعداد كبيرة من خلال مروحيات في محيط مواقع عسكرية إسرائيلية مهمة في عمق سيناء والقضاء عليها."
وتشير الوثائق إلى أن المسؤولين الإسرائيليين شددوا على أن هذا العميل ليس أشرف مروان صهر الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر، مع تأكيدهم مجدداً أن مروان كان أيضاً عميلاً للموساد وزود إسرائيل بمعلومات بالغة الأهمية والخطورة قبل الحرب وخلالها وبعدها، كما أنه بلّغ بموعد الحرب قبل يومين من اندلاعها.
- قررت إيران إخراج أظفارها علناً. فهي تهدد علناً مملكة البحرين بتمرد السكان الشيعة ضد حكامهم بسبب اتفاق السلام مع إسرائيل. قبل هذا التهديد هاجمت الإمارات بحدة للسبب عينه، وقبل ذلك عقدت في الأراضي اللبنانية اجتماعاً بين زعماء التنظيمات الفلسطينية لتنسيق المعارضة ضد اتفاق التطبيع مع إسرائيل. وضمن هذا الإطار التقى هنية، من "حماس"، حسن نصر الله، من حزب الله. وهكذا وُلدت جبهة معارِضة برعاية إيران.
- بعد مرور 30 عاماً لم تزُر خلالها شخصية فلسطينية لبنان وصل هنية في زيارة إليه. السبب المعلن هو الاجتماع مع كل الفصائل الفلسطينية في المنطقة، من أجل تنسيق النضال الفلسطيني ضد موجة تطبيع الدول العربية مع إسرائيل. عملياً استغل هنية زيارته للاجتماع بشخصيات مركزية من أجل الدفع قدماً بأجندة المقاومة. كما التقى شخصيات رسمية لبنانية، وقام بجولة على أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في لبنان، مخيم عين الحلوة، حيث استُقبل بالتصفيق.
- أبرز نشاطات هنية، وربما الهدف الأساسي من زيارته إلى لبنان، كان اجتماعه بنصر الله. من المعقول جداً أن إيران مهتمة بتنسيق الخطوات بين التنظيمين الخاضعين لرعايتها.
- تستغل إيران الشرخ بين "حماس" والسلطة الفلسطينية من أجل توحيد حركة "حماس" في غزة مع ذراعها الأساسية في الشرق الأوسط، حزب الله. لقد هدد هنية في مخيم عين الحلوة إسرائيل بأسلوب نصر الله نفسه خلال حرب لبنان الثانية الذي قال إن صواريخه ستصل إلى ما بعد حيفا. كذلك قال هنية إن صواريخ "حماس" ستصل إلى ما بعد تل أبيب. ويجب عدم الاستهانة بهذا الكلام.
- كلام هنية ولقاؤه نصر الله أثارا غضباً في لبنان، لكن ليس على المستوى الرسمي. وزراء سابقون ووسائل إعلام، وشخصيات معروفة، وزعيم القوات اللبنانية المسيحية، قالوا إن كلام هنية يشكل خطراً على الأمن الوطني اللبناني، وطلبوا منه الإدلاء بهذا الكلام في غزة وليس من لبنان.
- يتعين على "حماس" أن تدرك أن تنسيق خطواتها مع نصر الله، أسوأ عدو لإسرائيل، لن يُسكَت عنه. من المهم أن نوضح لزعماء "حماس"، ربما عن طريق مصر، أنه لا يمكن الإمساك بالعصا من الطرفين. إسرائيل معنية بتهدئة إزاء غزة ومستعدة لمد يد المساعدة اليوم تحديداً في التعامل مع الكورونا. لكن هذا لن يجري عندما يضع هنية خططاً مع إيران بواسطة حزب الله. هناك رياح جديدة تهب في الشرق الأوسط، والوقوف ضدها مخاطرة لا يستطيع أحد معرفة نتائجها.
- انتظار توقيع اتفاق تطبيع مع السعودية بأنفاس منبهرة من اللهفة، يمكن أن يطول قليلاً. التأخير الحالي يعزوه معلقون في وسائل إعلام عربية وغربية إلى الخلاف الذي اندلع بين الملك سلمان وابنه محمد بن سلمان بشأن مسألة النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني. وبينما أعلن الملك سلمان في خطاب استثنائي هذا الأسبوع تمسّكه بالمبادرة العربية التي تشمل إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وانسحاباً إسرائيلياً كاملاً كشرط للتطبيع مع إسرائيل، يدفع ابنه بن سلمان نحو تسريع هذه الخطوة كجزء من رؤياه الاستراتيجية، وفي الأساس الاقتصادية.
- سلمان هو الملك السعودي الثاني الذي خطب في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وتطرّق في كلامه في الأساس إلى إيران التي وصفها بالمسؤولة عن كل عدم استقرار في المنطقة، وبأنها "تُظهر عدم اهتمام مطلق باستقرار اقتصادي في العالم، أو باستقرار في تزويد الأسواق الدولية بالنفط"؛ ووصف السعودية كمملكة وُلد فيها الإسلام، وكمسؤولة عن الأماكن المقدسة الإسلامية، وبأنها تدعم عملية السلام. ولم يأتِ قط على ذكر اتفاقات السلام بين إسرائيل والإمارات والبحرين، كأنها غير موجودة.
- هل أراد الملك سلمان أن يثبت أنه لا يزال الحاكم الذي يسيطر ويراقب سلوك المملكة، وأنه مع كل الاحترام لابنه هو الذي يحدد السياسة الخارجية؟ هل هو صراع بين الأجيال، بين "مشروع" الابن وبين النظرة التقليدية للأب؟ بين أيديولوجيا عربية جامعة تعتبر القضية الفلسطينية مركزاً للتعبئة، ولهوية عربية شاملة، وبين وجهة نظر بن سلمان الخاصة القائلة إن على كل دولة أن تعمل وفقاً لمصالحها من دون الأخذ في الحسبان مصلحة عربية عامة، أو قومية عربية مغروس في قلبها القضية الفلسطينية كخطيئة أصلية يجب التطهر منها أولاً؟ أو ربما المقصود هو انتظار تكتيكي لنتائج الانتخابات في الولايات المتحدة لفحص مَنْ سيحظى بـ"الهدية" السعودية - ومع مَنْ يمكن الحصول على مقابل أكبر لقاءها.
- من الصعب التقدير أي من هذه العوامل هو الذي فرض حالياً صيغة خطاب الملك سلمان. السعودية هي دولة غامضة في كل ما يتعلق بعمليات اتخاذ القرارات فيها، وبالعلاقات بين أبناء العائلة المالكة، باعتباراتها السياسية الداخلية والخارجية. قبل بضعة أسابيع فقط، وبعد زمن قصير من إعلان التطبيع مع الإمارات تنبأ مستشار الرئيس ترامب وصهره جاريد كوشنير، بأن تكون السعودية الدولة التالية التي ستوقّع اتفاق سلام مع إسرائيل - وبأن هذا سيحدث في وقت قريب. كوشنير الأكثر قرباً من بن سلمان في واشنطن كان على الأقل من المفروض أن يعرف ماذا يدور في رأس بن سلمان، لكن يبدو أنه حتى هو لم يتوقع التأخير. ليس واضحاً أبداً ما إذا كان التأخير مبدئياً، أي إلى حين قيام دولة فلسطينية، أو على الأقل استئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، كما أوضح الأب، أو أنه تأخير موقت إلى أن ينجح بن سلمان في إقناع والده.
الهدف: الولايات المتحدة
- الأكثر وضوحاً هو حتمية حاجة السعودية إلى "صنع السلام" مع واشنطن، قبل صفقة مع إسرائيل أو كجزء منها. سبب الخلاف المركزي بينهما هو الحرب في اليمن، التي بدأت مع تعيين سلمان ملكاً في سنة 2015. أظهرت هذه الحرب مدى الوحشية التي استخدمها جيشا السعودية والإمارات ضد السكان المدنيين، مستخدمين سلاحاً أميركياً. أكثر من 125 ألف شخص قُتل حتى الآن في هذه الحرب، بينهم نحو 14 ألفاً قُتلوا في هجمات وُجهت ضد أهداف مدنية. الضغطان الشعبي والدولي أديا إلى اتخاذ الرئيس باراك أوباما قراراً في سنة 2016 قضى بتجميد صفقة سلاح للسعودية بهدف الضغط عليها لتغيير تكتيكها الهجومي في اليمن. بعد مرور عام، ألغى الرئيس ترامب القرار وفتح الباب أمام التسلح السعودي بالسلاح والقنابل الأميركية. في سنة 2018 تعرضت السعودية للانتقادات مجدداً في أعقاب قتل الصحافي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول. منذ ذلك الحين مُنع بن سلمان من زيارة واشنطن: قيل له إنه شخصية غير مرغوب فيها في الكونغرس، وباستثناء البيت الأبيض ثمة شك في أن يكون هناك مَنْ يريد الاجتماع به.
- مؤخراً طُرحت الحرب في اليمن وسلوك السعودية على جدول الأعمال، بعد التقرير السري الذي وضعه مراقب وزارة الخارجية بشأن تدخل الولايات المتحدة في الحرب في اليمن. وتدل الأجزاء العلنية من التقرير التي نُشرت في وسائل إعلام أميركية على حجم جرائم الحرب التي ارتكبتها السعودية، والإمارات، والمرتزقة التابعة لهما، طوال سنوات الحرب، إلى حد أنه يوجد تخوف حقيقي من ملاحقة الولايات المتحدة في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي... وقد وصلت تحذيرات بهذا الشأن إلى آذان ترامب ووزيري خارجيته، ريكس تيلرسون ومايك بومبيو. لكن ترامب قدم الجواب التالي: "ليس لديهم (للسعوديين والإماراتيين) شيء آخر سوى المال. هم يدفعون لنا في مقابل خدمات وحماية وأمور أُخرى." وفيما يتعلق بقتل المدنيين في اليمن أوضح أنهم "(السعوديون) لا يعرفون كيف يستخدمون السلاح."
- لم يقبل الكونغرس الأميركي تفسير ترامب، وفي نيسان/أبريل 2019 اتخذ الحزبان، الجمهوري والديمقراطي، قراراً بإنهاء التدخل العسكري الأميركي في اليمن. ترامب فرض الفيتو على القرار والتف على قرار منع بيع السلاح إلى السعودية بإعلان حال الطوارىء مع إيران، الأمر الذي سمح له بمواصلة الاستجابة لطلبات السعودية. لقد خصصت الإدارة الأميركية ميزانية تقدّر بـ750 مليون دولار لإعداد مقاتلين وطيارين سعوديين للقتال في أماكن آهلة بهدف منع المس بالمدنيين، وقدمت للسعوديين قائمة تضمنت 33 ألف هدف يجب عدم المس بها، لكن لا يبدو أن السعوديين تأثروا بهذه الخطة والخروقات مستمرة حتى اليوم.
- بخلاف السعودية، يبدو أن الإمارات أدركت الخطر الذي يتربص بها جراء التدخل في الحرب في اليمن، وقررت سحب قواتها. هكذا نجحت في إلغاء منع بيعها طائرات أف-35 وصفقات سلاح أُخرى . وتغلبت على العقبة الإسرائيلية بواسطة اتفاق السلام معها. بن سلمان الذي بادر مع والده إلى الحرب في اليمن، لا يزال غارقاً في الوحل اليمني الذي يعقّد علاقاته مع الولايات المتحدة. يضاف إلى ذلك إخفاقاته المدوية في إدارة السياسة الخارجية، مثل فرضه استقالة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، وحصار قطر، وحرب النفط الفاشلة مع روسيا، والتي أدت إلى ارتفاع الأسعار، وتخلّيه عن القضية الفلسطينية.
- في إمكان بن سلمان أن يغار من صديقه محمد بن زايد، ولي العهد والحاكم الفعلي في الإمارات، لأنه نجح في إنقاذ نفسه من الحرب في اليمن، وأصبح المفضل لدى واشنطن، ليس فقط بسبب اتفاق السلام مع إسرائيل، وفي الأساس لأنه غير محاط بشرنقة عائلية معادية. وفي الوقت نفسه تقول جهات استخباراتية أميركية إن بن سلمان لم يتردد في وضع والدته في الإقامة الجبرية وإبعادها عن والده سلمان خوفاً من أن تعمل ضده - ويمكن أن يتضح أن طاعة الوالدين لا تشكل جزءاً من ثقافته.
- في استطاعة الملك سلمان إلقاء خطاب تأييد للشعب الفلسطيني، لكن ابنه وزير الدفاع لديه القوة للقيام بانقلاب ضد والده، إذا اعتقد أن مثل هذه الخطوة تخدمه أو تخدم أجندته التي ربما تشمل أيضاً سلاماً مع إسرائيل.