مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إن إسرائيل سترسل إلى السودان فوراً شحنة من طحين القمح بقيمة 5 ملايين دولار في إثر إعلان البلدين التوصل إلى اتفاق على تطبيع العلاقات الثنائية بينهما بوساطة أميركية يوم الجمعة الفائت.
وأضاف نتنياهو في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام في مستهل الاجتماع الذي عقدته الحكومة الإسرائيلية أمس (الأحد): "إننا نتطلع إلى سلام دافئ مع السودان، وسنرسل فوراً إلى أصدقائنا الجدد هناك شحنة من طحين القمح بقيمة 5 ملايين دولار. وستعمل إسرائيل مع الولايات المتحدة بصورة وثيقة من أجل دعم عملية الانتقال في السودان."
وأشار نتنياهو إلى أن وفداً إسرائيلياً رسمياً سيتوجه قريباً إلى السودان من أجل بحث التعاون في العديد من المجالات، بما في ذلك مجال الهجرة. وأكد أن ما يقوم به هو "تحقيق السلام من منطلق القوة، السلام مقابل السلام والاقتصاد مقابل الاقتصاد."
وشكر نتنياهو الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد وساطته في توقيع 3 اتفاقات سلام، بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان، قائلاً: "أود مرة أُخرى أن أشكر الرئيس ترامب وفريقه. كان دورهم مهماً جداً في تحقيق اتفاقات السلام هذه. وأود أن أشكر في هذه المناسبة قادة السودان على قرارهم التاريخي التطبيع مع إسرائيل."
وأعلنت وزارة الخارجية السودانية في بيان صادر عنها أمس، أن اجتماعاً مشتركاً بين السودان وإسرائيل سيُعقد في الأسابيع المقبلة لبحث أفق التعاون في مجالات الزراعة والتجارة والاقتصاد والطيران وموضوع الهجرة وغيره.
وأكدت الخرطوم يوم الجمعة الفائت تطبيع علاقاتها مع إسرائيل وإنهاء حالة العداء بينهما، وفق ما جاء في بيان ثلاثي صادر عن السودان والولايات المتحدة وإسرائيل نقله التلفزيون الرسمي السوداني، ووُصف الاتفاق بأنه تاريخي.
صادقت الحكومة الإسرائيلية أمس (الأحد) رسمياً على اتفاق التطبيع مع الإمارات العربية المتحدة. كما وافقت على اتفاق إقامة علاقات دبلوماسية مع البحرين وحولته إلى الكنيست للمصادقة عليه.
وستدخل ما تسمى "معاهدة السلام، العلاقات الدبلوماسية، والتطبيع الكامل بين دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة إسرائيل"، والتي تم توقيعها في البيت الأبيض، يوم 15 أيلول/سبتمبر الفائت، في حيز التنفيذ بمجرد أن تجيزها الحكومة في أبو ظبي أيضاً. ومن المتوقع أن يتم ذلك بإصدار مرسوم.
وبمجرد أن يجيزها البَلَدان سيتم إرسال المعاهدة إلى الأمين العام للأمم المتحدة للتسجيل في مجموعة المعاهدات الدولية.
وبموازاة ذلك، يتفاوض المسؤولون الإسرائيليون والإماراتيون حالياً في اتفاقيات ثنائية متعددة، بما في ذلك فتْح سفارتين، وإعفاء الزوار من كلا البلدين من تأشيرات الدخول.
أجازت الحكومة الإسرائيلية في اجتماعها الأسبوعي أمس (الأحد) مشروع القرار الخاص بتمديد الخطة الاقتصادية الخمسية لتطوير المجتمع العربي، والتي تبلغ تكلفتها 4 مليارات و700 مليون شيكل. وتهدف الخطة إلى تقليص الفوارق بين المجتمع العربي وباقي شرائح الجمهور في إسرائيل في مجالات متعددة، بما في ذلك الإسكان والبنى التحتية والتعليم والتشغيل.
وخوّلت الحكومة وزارة المساواة الاجتماعية مسؤولية إدارة دفة المشاريع في هذه المجالات وتنفيذها.
ورحب رئيس القائمة المشتركة عضو الكنيست أيمن عودة بقرار الحكومة تمديد مفعول الخطة، مشيراً إلى أنه جاء بفضل العمل الدؤوب لرؤساء السلطات المحلية العربية بمشاركة أعضاء الكنيست من القائمة المشتركة بالتعاون مع وزيرة المساواة الاجتماعية ميراف كوهين ["أزرق أبيض"].
أعلن بيان صادر عن "المعهد البيولوجي الإسرائيلي" في نس تسيونا [وسط إسرائيل] أمس (الأحد) أن المعهد سيبدأ الأسبوع المقبل بإجراء تجارب على بني البشر للقاح ضد فيروس كورونا قام بتطويره، وذلك بعد أن أعد أكثر من 25.000 جرعة تطعيم.
وأضاف البيان أن المرحلة الأولى من التجربة ستشمل 80 متطوعاً سالماً، وبعد 3 أسابيع سيتم فحص ما إذا نشأت لديهم أجسام مضادة للفيروس.
وأكد البيان أن المعهد البيولوجي حصل على كافة التراخيص اللازمة من وزارة الصحة للشروع في اختبار اللقاح على بني البشر. وأشار إلى أنه من المتوقع أن تمتد التجربة نحو ستة أشهر، وفي ختامها سيُقرَّر ما إذا كان في الإمكان تلقيح جميع سكان الدولة بصورة آمنة.
من ناحية أُخرى قرّر المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر لشؤون كورونا أمس تمديد القيود الصحية المتعلقة بفيروس كورونا حتى منتصف ليلة الأحد المقبل 1 تشرين الثاني/نوفمبر.
وقال رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو خلال الاجتماع أنه من المحتمل أن يتم فتح المدارس جزئياً للصفين الأول والثاني بعد هذا التاريخ، وسيُناقش أيضاً احتمال عودة التجارة جزئياً، وأكد أن كل هذا يعتمد على مستوى العدوى.
وأعرب المنسق العام لشؤون مكافحة كورونا روني غامزو عن قلقه من انخفاض عدد الفحوصات في المجتمع العربي ولدى اليهود الحريديم [المتشددون دينياً]. وأضاف أن هناك شعوراً بأننا في نهاية كورونا في المجتمع العربي الذي تقام فيه على ما يبدو عشرات الأعراس يومياً. وأشار إلى أنه سيطلب فرض إغلاق شامل على بلدة مجدل شمس في هضبة الجولان، وإضافة سخنين وأم الفحم إلى قائمة المدن الحمراء.
لمّح رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى قيام إسرائيل بشن هجوم في السودان لم تعلن مسؤوليتها عنه.
وجاء ذلك في سياق مؤتمر صحافي خاص عقده نتنياهو في ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية في القدس مساء أمس (السبت) غداة إعلان إسرائيل والسودان التوصل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بينهما بوساطة أميركية.
وقال نتنياهو وهو يقف أمام أعلام إسرائيلية وأميركية وسودانية: "إن إيران استخدمت السودان كمنطقة تهريب للأسلحة الخطرة إلى حركة ’حماس’ مروراً بمرج النيل وسيناء، الأمر الذي أجبرني على اتخاذ إجراءات ضد هذا الأمر."
وبشأن تطبيع العلاقات مع السودان قال نتنياهو: "بالأمس اتخذنا خطوة نحو سلام تاريخي بين إسرائيل والسودان، الذي كان دولة معادية لنا. إسرائيل الآن تتصل بالعالم كله، وسيكون هناك دول أخرى. وسيغادر وفد إسرائيلي في الأيام المقبلة متوجهاً إلى السودان لإتمام الاتفاقات. الاتفاقات جيدة لأمن إسرائيل ولجيبها. نحن نغير خريطة الشرق الأوسط. وسيوفر هذا ساعات وأموالاً في الرحلات شرقاً وغرباً."
كما تطرق نتنياهو إلى صفقة بيع الولايات المتحدة مقاتلات من طراز F-35 إلى الإمارات العربية المتحدة، فأوضح أن لا أساس لأي تصريح بأنه أجرى مفاوضات سرية في هذا الشأن أو أنه أخفاها، في إشارة إلى انتقادات وجهتها إليه جهات إسرائيلية عدة.
وتحدث نتنياهو أيضاً عن الانتخابات الرئاسية الأميركية قائلاً أنه حتى لو لم يتفق على قضايا متعددة مع الرؤساء الأميركيين السابقين، فإن دعم الحزبين الجمهوري والديمقراطي لإسرائيل مهم للغاية. وأضاف: "خلال 25 عاماً لم نتوصل إلى أي اتفاق، لكننا توصلنا في عهد الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب إلى 3 اتفاقات خلال 6 أسابيع. هذا قرار عابر للأحزاب في إسرائيل، وآمل بأن تستمر هذه السياسة لأنها صحيحة. لقد أثبتت جهودنا نفسها، وأنا سعيد لأن الولايات المتحدة انضمت إلى تلك الجهود."
وكان الرئيس الأميركي ترامب أعلن أول أمس (الجمعة) اتفاق إسرائيل والسودان على تطبيع العلاقات الثنائية بينهما. وقام كل من ترامب ونتنياهو بالاتصال بقادة السودان.
وجاء هذا الإعلان بالتزامن مع إعلان مجلس السيادة الانتقالي في السودان، في وقت سابق من أمس الأول، أن ترامب وقّع رسمياً وثيقة تزيل اسم السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب بعد 27 عاماً من وضعها فيها. كما وقّع السودان والبنك الدولي في الخرطوم أمس الأول اتفاقاً تحصل بموجبه الحكومة السودانية على منحة قدرها 370 مليون دولار أميركي.
رحب بيان صادر عن وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي أول أمس (الجمعة) بقرار غواتيمالا إدراج حزب الله بجميع مؤسساته ضمن لائحة المنظمات الإرهابية ومنع عناصره من دخول أراضيها والحد من تمويلها.
وأشار البيان إلى أن غواتيمالا هي الدولة الـ12 التي تقوم بإدراج حزب الله ضمن هذه اللائحة، إذ قامت ثماني دول منها بمثل هذا الإجراء خلال سنة 2020 الحالية.
يُذكر أن رئيس غواتيمالا أليخاندرو غياماتي وعد بإدراج حزب الله ضمن لائحة المنظمات الإرهابية في أثناء زيارة قام بها إلى إسرائيل منذ نحو سنة.
استمر أمس (السبت) الحراك الاحتجاجي ضد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو للأسبوع الثامن عشر على التوالي.
وتجمهر آلاف المتظاهرين في عشرات المفترقات والجسور في شتى أنحاء إسرائيل، رافعين الأعلام السوداء ولافتات تدعو نتنياهو إلى الاستقالة. كما أقيمت تظاهرات حاشدة قبالة المقر الرسمي لرئيس الحكومة في القدس، وفي ميدان رابين في تل أبيب، وفي حيفا.
وقال منظمو التظاهرات أنها جاءت أيضاً احتجاجاً على إلغاء نتائج التصويت في الكنيست يوم الأربعاء الفائت بشأن تشكيل لجنة تحقيق برلمانية في قضية الفساد المتعلقة بالغواصات، والتي تُنسَب إلى نتنياهو، وأكدوا أن الحكومة الحالية فقدت ثقة الجمهور بها، وأن حزب الليكود اختُطف من طرف مَن وصفوه بأنه تنظيم إجرامي مقره مسكن نتنياهو، يحتجز الدولة بأسرها كرهينة، ويجازف بمستقبل أطفالها، ويجرها إلى كارثة اقتصادية واجتماعية لن تتعافى منها.
واشتكى عدد من المتظاهرين من أعمال عنف تعرضوا لها من أشخاص يُشتبه بأنهم مؤيدون لنتنياهو.
وقالت الشرطة الإسرائيلية أنها اعتقلت 4 أشخاص للاشتباه بارتكابهم أعمال عنف بحق مشتركين في تظاهرات الاحتجاج ضد رئيس الحكومة.
- "أخيراً أخيراً في استطاعة الإسرائيليين طلب لجوء سياسي في السودان"، انتشرت هذه النكتة في يوم الجمعة، بعد إعلان اتفاق التطبيع بين الدولتين. بلهجة أكثر جدية، بدأت في إسرائيل الأحاديث عن الربح المنتظَر من طرد طالبي اللجوء والعمال المهاجرين السودانيين مجدداً إلى وطنهم. وكما هو متوقع، "روتين" توقيع اتفاقات تطبيع مع دول المنطقة ينشّط تلقائياً الأوراق السياسية والعسكرية الحافلة بقوائم الربح والخسارة لكل طرف من الطرفين، كأن السلام مع دولة أُخرى في المنطقة ليس أكثر من عملية تجارية.
- الفوائد للطرفين واضحة ومفروغ منها. سيُرفع اسم السودان عن قائمة الدول المؤيدة للإرهاب في الولايات المتحدة، وسيستطيع البدء بالحصول على قروض خارجية من مؤسسات مالية دولية، في الأساس من صندوق النقد الدولي؛ وفي استطاعة شركات دولية الاستثمار فيه وإيجاد آلاف مراكز العمل؛ وربما سيكون في إمكان الدولة الأكثر فقراً في العالم البدء بإعادة بناء نفسها، بعد عشرات السنوات من حكم الزعيم المجرم عمر البشير.
- تستكمل إسرائيل مع هذا الاتفاق حزام أمنها في البحر الأحمر، الذي يتشارك فيه كلّ من مصر، والأردن، وجنوب السودان، والسعودية؛ وسيُكبح بصورة أكبر معبر انتقال السلاح من سيناء إلى غزة، الذي اعتمد على طرق التهريب من السودان، لكن الرصيد الأساسي بالنسبة إلى إسرائيل هو ترسيخ التطبيع مع دول المنطقة وقبوله كاستراتيجيا إيجابية تخدم المصالح العربية.
- التطبيع مع السودان والإمارات والبحرين، ولاحقاً ربما أيضاً مع السعودية، وقطر ودول أُخرى، لن يؤدي إلى تبخُّر النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، لكنه ينفي الحجة التقليدية بأن السلام مع الفلسطينيين مشروط بإنهاء النزاع الإسرائيلي العربي. وبينما يأخذ هذا النزاع بالتفتت، ستبقى المشكلة الفلسطينية مشكلة إسرائيلية، من دون أن يكون لذلك علاقة بعدد السياح الإسرائيليين الذين سيزورون الأبراج الفاخرة في الإمارات، أو عشاق الرحلات الميدانية الذين سيكون في إمكانهم السفر مباشرة من تل أبيب إلى الخرطوم.
- اتفاق التطبيع مع السودان، مثل الاتفاقات التي سبقته مع دول الخليج، هو ثمرة مفاوضات سياسية – اقتصادية حيكت بتعاون وثيق مع السعودية، التي يبدو أنها هي التي ستمول التعويضات البالغة 335 مليون دولار، التي تعهد السودان دفعها إلى المتضررين من عمليات إرهابية أدخلت السودان إلى قائمة الدول الإرهابية في الولايات المتحدة. نشأت علاقات قوية بين السعودية والسودان منذ نهاية فترة ولاية عمر البشير، عندما انضم السودان إلى الائتلاف العربي الذي أنشأه الملك سلمان في بداية الحرب على اليمن في سنة 2015. لاحقاً طرد السودان الوجود الإيراني من أراضيه، وأرسل مقاتليه إلى ساحة القتال اليمنية ضد الحوثيين.
- عندما أُزيح البشير في نيسان/أبريل 2019، في أعقاب تظاهرات كبيرة قُتل فيها عشرات الأشخاص، سارعت السعودية والإمارات إلى تقديم مساعدة مالية مقدارها 3 مليارات دولار إلى المجلس العسكري الذي استولى على السلطة. وبذلك أصبحتا راعيتيْ القيادة السودانية الجديدة. هذه القيادة مؤلفة من ذراعين: المجلس العسكري الموقت الذي يتضمن 11 عضواً، بينهم خمسة عسكريين وخمسة مدنيين، وزعيمه الجنرال عبد الفتاح البرهان. تحته تعمل حكومة برئاسة عبد الله حمدوك، وبحسب القانون الذي وُقِّع في سنة 2019، يجب أن تستمر هذه التركيبة حتى تشرين الثاني/نوفمبر 2022، الموعد المحدد لإجراء انتخابات عامة.
- في هذه الأثناء لا يوجد برلمان بعد حلّه عقب طرد البشير. وهذه التركيبة الهشة تعرضت لانتقادات عامة من الشارع الذي لم يتوقف عن الغليان. في يوم الأربعاء الماضي جرت تظاهرات في عدة مدن في البلد، احتجاجاً على الوضع الاقتصادي الصعب، وعلى الارتفاع الكبير في الأسعار، وعلى النقص في الوقود الذي تسبب بطوابير طويلة أمام محطات الوقود، وعلى نية الحكومة تقليص الدعم على المحروقات. لا علاقة لهذه التظاهرات باتفاق التطبيع، لكنها تدل على فقدان الثقة بالحكومة الموقتة والغضب عليها.
- هذا التوتر يمكن تجنيده بصورة طبيعية أيضاً لأهداف سياسية، وهو يتغذى من حجة أن اتفاق التطبيع ليس شرعياً، لأنه موقّع من حكومة موقتة ومن دون موافقة البرلمان. من أجل تهدئة الأجواء صرّح وزير الخارجية السوداني عمر قمر الدين، بأن الاتفاق سيدخل في حيز التنفيذ فقط بعد موافقة البرلمان، أي بعد عامين على الأقل، لكن المجلس العسكري الموقت لا ينوي الانتظار: تطبيق الاتفاق بدأ مع فتح الأجواء في السودان أمام طائرات إسرائيلية، وبدء النقاشات بشأن الاتفاقات الاقتصادية في مجاليْ الزراعة والصحة. لكن صراعات القوى السياسية بدأت للتو.
- الصادق المهدي زعيم حزب الأمة الإسلامي، أحد الأحزاب المشاركة في الحكومة هدّد بأن حزبه سيستقيل من الحكومة إذا وقّعت اتفاق التطبيع. وهذا تهديد مهم لأن المهدي المعارض لسلطة المجلس العسكري الموقت على الرغم من مشاركته في الحكومة، لا يمثل فقط حركته، بل أيضاً تيارات إسلامية كثيرة أُخرى في البلد. استقالته واستقالة حركات أُخرى يمكن أن تؤدي إلى سقوط الحكومة، وتجدُّد التظاهرات ونشوب مواجهات عنيفة بين الجيش والشرطة وبين المدنيين، تحديداً في فترة يحتاج السودان إلى هدوء واستقرار.
- السودان ليس دولة مثل الإمارات والبحرين، حيث السلطة موجودة في يد العائلة المالكة التي لا تسمح بخطوات ديمقراطية لتغيير السلطة. هو دولة فيدرالية، حيث للقبائل المحلية قوة ونفوذ. حركات احتجاج مدنية نجحت في طرد حكم مستبد استمر سنوات طويلة، والوثيقة القانونية تفرض انتخابات وتعديلات تسمح بنشاط سياسي واسع لحركات المعارضة. لذا ليس هناك ما يضمن نجاح الحكومة في الصمود أمام الضغوط الداخلية (وربما ستؤجل تطبيق اتفاق التطبيع)، كما أنه ليس هناك ما يضمن أن حكومة جديدة لن تخرق الاتفاق. على هذه الخلفية يُفهم إعلان رئيس الحكومة حمدوك، الذي قال فيه، في الفترة الأولى لن يكون هناك تبادُل سفراء أو سفارات.
- هذا الحذر يجب أن تلتزم به إسرائيل أيضاً. مظاهر احتفالية وتصريحات علنية بشأن الاتفاقات والفرص، ستخدم جيداً معارضي الاتفاق وحركات المعارضة، الذين سيوظفون الآن جهودهم لعرقلة تطبيق هذه الاتفاقات. الاختبار سيكون في الفائدة الاقتصادية المباشرة التي يستطيع أن يقدمها الحكم للمواطنين؛ السودان غارق في ديون تقدَّر بـ60 مليار دولار، وميزانيته ضعيفة وواقعة تحت العجز، ونحو 75% من موارده النفطية اقتُطعت منه بعد إنشاء جنوب السودان في سنة 2011، والتضخم ارتفع في الشهر الماضي ليصل إلى أكثر من 212%، وانخفضت قيمة الجنيه السوداني في السوق السوداء ليصل إلى 250 جنيهاً للدولار الواحد، في مقابل السعر الرسمي، نحو 52 جنيهاً للدولار.
- لا تستطيع قيادة السودان الاكتفاء بقروض من صناديق دولية أو جدولة الديون؛ هي بحاجة إلى تدفق مباشر للمال من أجل حاجات التنمية، وهذه نظرياً يمكن أن تأتي من السعودية، ومن دول خليجية أُخرى. السؤال المطروح: مَن سيفوز في المنافسة؟ الدولة المانحة أو الاحتجاج الداخلي. وبهذا سيرتبط أيضاً مصير اتفاق التطبيع مع إسرائيل.
- الإنجاز الأساسي الذي تحقق بين إسرائيل والسودان ليس ثنائياً بل إقليمياً: دولة أُخرى تخرج من دائرة المواجهة، وتوقف استخدامها مرتعاً لنشاطات سياسية وأمنية معادية لإسرائيل.
- بخلاف الإمارات، أهمية السودان الاقتصادية بالنسبة إلى إسرائيل ضئيلة. ليس لديه ما يصدّره إلى إسرائيل، وفي وضعه الاقتصادي الحالي من الصعب أن يكون قادراً على الاستيراد من دولة غالية نسبياً مثل إسرائيل. كالعادة سيكون هناك رجال أعمال يقومون بصفقات مع السودان، وأيضاً تكنولوجيا إسرائيلية - وفي الأساس في المياه، والزراعة، والغذاء - ستساعد في محاولات إطلاقه نحو القرن الحادي والعشرين، لكن يمكن الافتراض أن التجارة الإجمالية بين البلدين ستكون ضئيلة نسبياً.
- فائدة الاتفاق هي في ثلاثة أمور أُخرى. الأول، دولة أُخرى معادية لإسرائيل تخرج من دائرة العداء، وتعترف بها، ومستعدة لإقامة علاقات دبلوماسية وتجارية معها. لذلك أهمية، ليس فقط على صعيد التصريحات- من التصويت في المنظمات والمنتديات الدولية، وصولاً إلى محاولات ممارسة ضغط على إسرائيل، أو فرض مقاطعة أو قيود.
- الأمر الثاني، هو إسلامي - عربي. حجر آخر سقط في جدار المعارضة لإسرائيل في العالم العربي الإسلامي، وهو ليس مجرد حجر، إنه السودان الذي عُقد في عاصمته الخرطوم بعد حرب الأيام الستة المؤتمر الشهير الذي وافقت فيه الدول العربية على اللاءات الثلاث: لا للاعتراف بدولة إسرائيل، لا للمفاوضات، ولا للسلام. هذه اللاءات الثلاث أبطلها السودان عندما وقّع اتفاق التطبيع مع إسرائيل، وعلى الطريق سقط مكوّن صمد مدة 53 عاماً - الربط بين كل تقدم سياسي من جانب الدول العربية وبين الموضوع الفلسطيني.
- الأمر الثالث هو أمني. ليس صدفة أن السودان تبوأ حتى الآن قائمة الدول المؤيدة للإرهاب. على أراضيه توالدت بكثرة عمليات إرهابية لتنظيمات متعددة. فقد سكنه أسامة بن لادن وأقام فيه قيادته حتى هربه إلى أفغانستان في تسعينيات القرن الماضي في أعقاب الهجوم الأميركي على الخرطوم، انتقاماً للهجمات على السفارة الأميركية في كينيا، وفي تنزانيا.
- السودانيون لم يفهموا حينها الرسالة، وواصلوا مساعدتهم للإرهاب، في الأساس لإيران. سفن إيرانية رست في مرفأ بور سودان وأنزلت هناك شحنات محملة بصواريخ وراجمات، وحتى صواريخ مضادة للطائرات، وعبوات ناسفة وأسلحة فردية - موجهة إلى حزب الله و"حماس" والجهاد الإسلامي. هذه الأسلحة حُملت في شاحنات واستخدمت الطريق البري الطويل مجتازة مصر، وصولاً إلى سيناء، ومن هناك (بواسطة القبائل البدوية التي تسيطر على التهريب) وصلت إلى التنظيمات الإرهابية الفلسطينية في القطاع.
- بالاستناد إلى تقارير أجنبية، عملت إسرائيل عدة مرات على إحباط مساعي التهريب هذه. أغلبية العمليات كانت بحرية، بما فيها، بحسب التقارير، سفن أُغرقت وشحنات سلاح فُجِّرت. عندما اتضح للإيرانيين أن الطريق البحري أصبح سهل الإصابة، انتقلوا إلى أسلوب آخر: إنتاج وسائل قتالية على أرض السودان. فبحسب التقارير، دُمِّر في تشرين الأول/ أكتوبر 2012 مصنع أقيم بموافقة حكومة السودان التي حصلت على مقابل له؛ الذي نفّذ الهجوم الليلي، بحسب التقارير عينها، هو سلاح الجو الإسرائيلي، في عملية مشتركة مع الموساد الذي قدم المعلومات عن المصنع السري. هذه العمليات خفّضت بصورة كبيرة حجم الإرهاب من السودان، لكن يبدو الآن أن الاتفاق الجديد سيتيح تشديد الرقابة على ما يُنفَّذ في هذه الدولة الأفريقية. المقصود ضربة غير بسيطة للتنظيمات الإرهابية، في الأساس لراعيتهم إيران، التي يبدو أنها تتابع بقلق القنوات المتعددة التي تُغلق في وجهها، بعد اختيار دول إسلامية، الواحدة تلو الأُخرى، الانضمام إلى إسرائيل.
- ستحاول إيران بالتأكيد إيجاد طرق إرهاب جديدة لدعم حلفائها في لبنان وغزة، وفي الموازاة أيضاً ستستخدم ضغطاً سياسياً في محاولة لمنع دول أُخرى من الانضمام إلى إسرائيل. يدور وراء الكواليس صراع حول قطر، إذ تحاول الولايات المتحدة وإسرائيل المصالحة بينها وبين السعودية والإمارات، لإبعادها عن المحور الإسلامي المتشدد برئاسة تركيا، وتقريبها منهما. إذا نجحت هذه الجهود، ستجد الدول الراديكالية نفسها أكثر عزلة من قبل، وستتلوّن المنطقة بألوان واضحة، "طيبون" مقابل "أشرار".