مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
أكد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أن إسرائيل سترد بقوة في حال قيام حركة "حماس" بخرق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وجاء تأكيد نتنياهو هذا في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام خلال مؤتمر صحافي عقده مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في ديوان رئاسة الحكومة في القدس أمس (الثلاثاء)، بعد اجتماع تناول عدة ملفات، منها إعادة إعمار قطاع غزة والأسرى والمفقودون الإسرائيليون والتهديد الإيراني. وشدد نتنياهو أيضاً على أنه لا يجوز لإيران أن تمتلك أسلحة نووية، وعلى أن إسرائيل تحتفظ بحقها في الدفاع عن نفسها بمواجهة هذا التهديد.
من جانبه قال بلينكن إن الرئيس الأميركي جو بايدن طلب منه أن يقوم بزيارة إلى إسرائيل لأربعة أسباب: إظهار التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل، والبدء بالعمل من أجل استقرار أكبر، ودعم مساعدات إنسانية ملحة وإعادة إعمار لغزة، ومواصلة بناء علاقات واشنطن مع الفلسطينيين والسلطة الفلسطينية.
وتطرّق بلينكن إلى قطاع غزة فقال: "إننا نعلم بأن علينا الاعتناء بسلسلة من المواضيع من أجل منع العودة إلى العنف. ستعمل الولايات المتحدة من أجل تجنيد مساعدات دولية لغزة، وسنعمل مع شركائنا من أجل ضمان ألاّ تربح ’حماس’ من إعادة إعمار غزة. وينبغي توسيع الفرص للفلسطينيين في غزة والضفة، والاستثمارات ستساعد في الدفع قدماً ببيئة مستقرة يربح منها الفلسطينيون والإسرائيليون. إننا نؤمن بأن الإسرائيليين والفلسطينيين يستحقون أن ينعموا بالسلام والأمن، وأن يستفيدوا من الديمقراطية والاحترام."
وأضاف بلينكن أنه أعاد على مسامع رئيس الحكومة أن الولايات المتحدة تدعم بالمطلق حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها في مقابل إطلاق قذائف صاروخية من دون تمييز، وأكد أنه بالنسبة إلى بايدن يعتبر هذا الدعم بمثابة التزام شخصي لكونه أحد المؤيدين الأقوياء لإسرائيل منذ 50 سنة.
وأشار بلينكن إلى أنه ناقش مع نتنياهو بالتفصيل حاجات إسرائيل الأمنية وضرورة تزويدها بمخزون جديد من الصواريخ الاعتراضية لمنظومة "القبة الحديدية"، وكذلك آخر المستجدات المتعلقة بالمفاوضات المتواصلة في العاصمة النمساوية ڤيينا بشأن العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني، وبنشاطات إيران الرامية إلى استهداف الاستقرار الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط.
وكان بلينكن عقد أمس اجتماعاً مع وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي وتم الاتفاق خلاله على تشكيل طواقم عمل مشتركة من أجل الدفع قدماً بمشاريع مدنية لمصلحة الفلسطينيين في الضفة الغربية. وأكد كلاهما أن الدفع قدماً بهذه المشاريع مشروط بوضع السلطة الفلسطينية حداً للتحريض ووقف توجهها إلى مؤسسات قضائية دولية.
كما عقد وزير الخارجية الأميركي اجتماعاً مع وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس وبحث معه الملفين الفلسطيني والإيراني.
عقد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اجتماعاً مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في رام الله أمس (الثلاثاء) في الوقت الذي شهدت فيه المدينة تظاهرات تنديد بزيارة الوزير الأميركي.
وأكد بلينكن في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام في مستهل الاجتماع، أن واشنطن ستزيد من مساعداتها للفلسطينيين، التي ستبلغ نحو 360 مليون دولار، وشدّد على أنه سيتم ضمان عدم استفادة حركة "حماس" من المساعدات التي ستُخصّص لإعادة إعمار قطاع غزة. وأضاف أن جهود إعادة الإعمار لن تجدي نفعاً إذا ما قررت "حماس" مرة أُخرى إطلاق الصواريخ على إسرائيل كون ذلك سيؤدي إلى مزيد من الدمار.
وأشار الوزير الأميركي إلى أن بلاده تعارض اللجوء إلى أي نوع من أنواع العنف، وإلى أي أفعال قد تعرقل الحل البعيد المدى للنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي وهو حل الدولتين للشعبين. كما أشار إلى أن واشنطن ملتزمة بالحفاظ على الوضع القائم في الحرم القدسي الشريف.
وأعلن وزير الخارجية الأميركي مساء أمس أن واشنطن قررت إعادة فتح قنصليتها العامة في القدس، وهو ما يعني رفع مستوى العلاقات مع الفلسطينيين بعد أن أخضعت الإدارة الأميركية السابقة النشاطات القنصلية لإشراف السفارة لدى إسرائيل. وأضاف بلينكن أنه بلّغ بذلك كلاً من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
ذكر بيان صادر عن الناطق بلسان الشرطة الإسرائيلية أمس (الثلاثاء) أن الشرطة وعناصر جهاز الأمن العام ["الشاباك"] قاموا خلال اليومين الفائتين باعتقال أكثر من 250 شاباً وشابة من السكان العرب على خلفية مشاركتهم في تظاهرات الاحتجاج الأخيرة ضد عملية "حارس الأسوار" العسكرية التي قام الجيش الإسرائيلي بشنها في قطاع غزة، وضد محاولات اقتحام المسجد الأقصى وإجلاء عائلات فلسطينية من منازلها في حي الشيخ جرّاح في القدس الشرقية.
وشملت هذه الاعتقالات شباناً وشابات من مختلف المدن والبلدات العربية في المثلث والجليل والنقب.
وأضاف البيان أن هذه الاعتقالات جاءت في إطار "حملة القانون والنظام" التي أطلقتها الشرطة الإسرائيلية يوم الأحد الفائت وتهدف إلى تنفيذ اعتقالات وأعمال تفتيش وتحقيق مع المتظاهرين حتى تقديم لوائح اتهام وفرض عقوبة السجن بحقهم.
وقال البيان إن الحملة تهدف إلى تقديم مرتكبي أحداث العنف الخطرة والقومية والضالعين في حيازة الأسلحة والإتجار بها وإضرام النار والاعتداء على الأملاك والانتماء إلى منظمات الإجرام إلى المحاكمة.
وجاءت هذه الحملة استكمالاً لحملة اعتقالات نفذتها الشرطة بحق متظاهرين وناشطين من مختلف الأحزاب والحركات الفاعلة على الساحة العربية المحلية في الأسبوعين الفائتين وجرى خلالها اعتقال أكثر من 1550 شخصاً، بينما قُدمت لوائح اتهام ضد 150 منهم.
قال بيان صادر عن حزبيْ "يوجد مستقبل" برئاسة عضو الكنيست يائير لبيد و"إسرائيل بيتنا" برئاسة عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان أمس (الثلاثاء) أنهما توصلا إلى اتفاق كجزء من محاولة لبيد تأليف حكومة، وسيتولى ليبرمان بموجبه منصب وزير المال.
ولم يتبق أمام يائير لبيد سوى 8 أيام لتأليف حكومة جديدة.
ووفقاً للبيان، ستُسنَد إلى حزب "إسرائيل بيتنا" حقيبتان أُخريان لم يفصح عنهما، لكن يرجح أن تكونا وزارة الهجرة والاستيعاب ووزارة تطوير الجليل والنقب.
وأشار البيان إلى أن الطرفين اتفقا أيضاً على الخطوط العريضة للحكومة والدفع قدماً بمشاريع وطنية، مثل بناء مستشفيين في منطقة النقب وفي منطقة الجليل، وإقامة مطار بالقرب من مدينة بئر السبع، وتسيير قطار سريع لربط المدينة بوسط البلد. كما تم الاتفاق على أن يكون الحد الأدنى لدخل كبار السن 70% من الحد الأدنى للأجور.
من ناحية أُخرى بلّغ عضو الكنيست جدعون ساعر رئيس حزب "أمل جديد" يائير لبيد أنه لن ينضم إلى أي ائتلاف لا يضم حزب "يمينا" بزعامة عضو الكنيست نفتالي بينت.
وأفادت قناة التلفزة الإسرائيلية 12 أن ساعر يعارض بشدة حكومة تستند إلى القائمة المشتركة، لكنه مستعد للجلوس مع راعم [القائمة العربية الموحدة] برئاسة عضو الكنيست منصور عباس.
وأُفيدَ أمس أن الكتل المعارضة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تعمل على الدفع قدماً بمشروع قانون الأسبوع المقبل ينص على حل الكنيست إذا ما تبين أنه لا أمل بتأليف حكومة. كما أن اللجنة المنظمة في الكنيست صوتت أول أمس (الاثنين) لمصلحة تسريع عملية سن مشاريع قوانين تنص على تقييد ولاية رئاسة الحكومة ومنع تفويض مشتبه بارتكاب مخالفات جنائية من تأليف حكومة.
قال بيان صادر عن الناطق بلسان الشرطة الإسرائيلية إن إسرائيليين أصيبا بجروح في عملية طعن بالسكين قام بتنفيذها شاب فلسطيني في إحدى محطات قطار القدس القريبة من مقر قيادة الشرطة وحي الشيخ جرّاح أمس (الاثنين). ووُصفت حالة أحدهما بأنها خطرة.
وأضاف البيان أن عناصر من الشرطة الإسرائيلية الذين هرعوا إلى مكان العملية قاموا بإطلاق النار على منفذها فأردوه قتيلاً. وأشار إلى أن الشرطة باشرت إجراء تحقيق لتقصّي وقائع الحادث.
وقالت مصادر فلسطينية إن الشاب الفلسطيني القتيل هو زهدي الطويل (17 عاماً) من بلدة كفر عقب شرقي القدس الشرقية.
أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أمس (الاثنين) تعيين دافيد برنياع رئيساً لجهاز الاستخبارات والعمليات الخاصة الموساد خلفاً ليوسي كوهين الذي تولى رئاسة هذا الجهاز مدة 5 سنوات. وأُعلن تعيين برنياع بعد مصادقة المستشار القانوني للحكومة أفيحاي مندلبليت على هذا التعيين على الرغم من أن الحكومة الحالية ما زالت تُعتبر حكومة تصريف أعمال.
وأعلن نتنياهو التعيين في حفل تم خلاله منح جائزة رئيس الحكومة لأفراد من الموساد لما قاموا به من عمليات للحفاظ على أمن الدولة. وقال نتنياهو في كلمة ألقاها في أثناء الحفل إن الأعمال التي ينفذها مقاتلو الموساد تُعد خيالية ولا نرى مثلها حتى في الأفلام.
وأكد رئيس الحكومة أن دولة إسرائيل لن تسمح لإيران بالحصول على أسلحة نووية، وشدّد على أن هذه المهمة تحتل قمة سلم الأولويات لدى الموساد.
وأُفيدَ أن برنياع (56 عاماً) خدم في وحدة النخبة "سييرت متكال" [وحدة هيئة الأركان العامة] ويحمل شهادة ماجستير في إدارة الأعمال من جامعة نيويورك والتحق بالموساد سنة 1996، إذ كان قائداً لوحدات خاصة في البلاد وخارجها، وفاز بـ4 جوائز أمن إسرائيل، وشغل منصب نائب رئيس الموساد منذ سنة 2019.
وسيتولى برنياع مهمات منصبه الجديد في مطلع حزيران/يونيو المقبل.
- منذ بداية عملية "حارس الأسوار" التي بدأت في 10 أيار/مايو كان واضحاً أن حزب الله غير معني بفتح جبهة قتال إضافية في الشمال، وامتنع من المشاركة في المعركة العسكرية ضد إسرائيل. يعود هذا في الأساس إلى رغبته في السيطرة على توقيت وظروف المواجهة العسكرية مع إسرائيل، بما يتلاءم مع اعتباراته ومصالحه، سواء كانت داخلية لبنانية أو خارجية إيرانية إقليمية، وليس الالتزام بتوقيت تفرضه المصلحة الفلسطينية. التوقيت الحالي لا يناسب حزب الله بسبب الوضع الصعب في الدولة اللبنانية المنهارة وازدياد الانتقادات الداخلية له، وكذلك عدم رغبة الراعي الإيراني في عرقلة المفاوضات التي تتقدم بعد عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي، ورغبة إيران في المحافظة على الذراع العسكرية اللبنانية التي بنتها طوال العديد من الأعوام من أجل مواجهتها العسكرية مع إسرائيل.
- طوال أيام القتال بقي حزب الله بعيداً نسبياً عن الأنظار واكتفى بالتعبير عن التأييد والتضامن مع "حماس" في صراعها من أجل القدس. وقد شجع مع الفصائل الفلسطينية التظاهرات في شتى أنحاء لبنان، وفي الأساس على طول الحدود مع إسرائيل، والتي شملت أعمال عنف، بينها مهاجمة العائق الحدودي والمعدات التكنولوجية عليه، وحتى محاولات التسلل إلى أراضي إسرائيل التي أحبطها الجيش الإسرائيلي.
- لكن الأخطر من ذلك كانت الحوادث الثلاث لإطلاق الصواريخ من لبنان على إسرائيل:
- في 13 أيار/مايو أُطلقت 3 صواريخ من كفركلا وسقطت في البحر. فسارع الجيش اللبناني إلى فرض وجوده على الأرض موضحاً أن مصدر الصواريخ طرف فلسطيني، وأنه منع إطلاق المزيد من الصواريخ وألقى القبض على مشتبه بهم.
- في ليل 17 أيار/مايو أُطلقت 6 صواريخ من منطقة كفرشوبا، لكنها سقطت في الأراضي اللبنانية. وردّ الجيش الإسرائيلي بقصف مدفعي على المنطقة من دون وقوع ضحايا في الأرواح وأصاب أنابيب المياه بأضرار. الجيش اللبناني حدد هذه المرة منطقة إطلاق الصواريخ وعثر على صواريخ لم تُطلَق وأعلن البدء بالتحقيق.
- في 19 أيار/مايو أُطلقت 4 صواريخ من صدّيقين في منطقة صور تخطت هذه المرة الحدود إلى إسرائيل: جرى اعتراض صاروخ، وسقط آخر في منطقة شفاعمرو، وإثنان في البحر. وعثر الجيش اللبناني على صاروخ خامس لم يُطلَق، وهذه المرة أيضاً رد الجيش الإسرائيلي بقصف مدفعي محدود في اتجاه مصدر إطلاق النار.
- في كل حادثة إطلاق صواريخ سارعت الجهات الأمنية اللبنانية إلى التوضيح أن المسؤول أطراف فلسطينية، وحتى الآن لم تُعرَف بوضوح هوية الفصائل الفلسطينية المقصودة. وسارع حزب الله إلى إعلان عدم مسؤوليته، كما دحض نعيم قاسم أي علاقة للحزب بإطلاق الصواريخ. على الرغم من ذلك، يمكن التقدير أنه نظراً إلى كون حزب الله هو الطرف العسكري المهيمن في لبنان إلّا أنه كان قادراً على منع إطلاق الصواريخ لو شاء ذلك، أو على الأقل أن يوضح لمن أطلق الصواريخ بصورة مستقلة أنه لا يسمح له بذلك لأنه سيجر لبنان وحزب الله إلى مواجهة عسكرية يمكن أن تشعل حرباً واسعة. من المحتمل أن الحزب اختار غض النظر وحتى المساعدة في القصف من خلال الحرص على أن يبقى محدوداً ورمزياً، ولإظهار التعاطف مع الشريك الفلسطيني، في ضوء الانتقادات التي وُجهت إليه لعدم انضمامه إلى النضال الفلسطيني، وفي الوقت عينه منع التصعيد. يشير غض النظر من جانب حزب الله إلى أن الحزب مستعد للمخاطرة كما أثبت في الماضي، على الرغم من الثمن الباهظ الذي من المتوقع أن يدفعه نتيجة احتمال التدهور إلى مواجهة عسكرية مع إسرائيل. يأتي هذا بعد عدد من محاولات هجوم نفذها الحزب في السنة الماضية ضد الجنود الإسرائيليين انتقاماً لمقتل مقاتل من الحزب في سورية في تموز/يوليو السنة الماضية، والذي هدد الحزب في إثره بالانتقام لمقتله.
- وقعت عملية أكثر خطورة من الحدود السورية تحديداً عندما أُطلقت منها مسيّرة مزودة بالذخيرة أسقطها الجيش الإسرائيلي. بالاستناد إلى تصريحات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، جرى القصف بمبادرة من إيران من العراق أو من سورية. إذا كان هذا صحيحاً فمن المحتمل أن تكون إيران شريكة في إطلاق الصواريخ، وهي التي أمرت به من أجل خلق انطباع بأنها تشارك في الجهد الفلسطيني بثمن زهيد نسبياً. وباستثناء إطلاق المسيّرة الوحيدة من سورية، حرص الحرس الثوري الإيراني والميليشيات الشيعية في العراق واليمن على الاكتفاء بتصريحات تأييد وتضامن مع النضال الفلسطيني ضد الاحتلال من دون التدخل فعلياً في القتال.
- بالنسبة إلى حزب الله، تشير الطريقة التي اختارها خلال العملية العسكرية على غزة بوضوح إلى الأهمية التي يوليها لأن يكون هو مَن يملي توقيت وظروف المواجهة مع إسرائيل وليس عناصر خارجية، بينها الشركاء الفلسطينيون. لا يزال الحزب يركز على مواصلة تعاظُم قوته العسكرية وترسيخ "معادلة الردع" الموسعة إزاء إسرائيل، بحيث تشمل منع هجمات إسرائيلية ضد مقاتليه في سورية كما في لبنان. ضمن هذا السياق يمكن تفسير تشديد الناطقين بلسان الحزب في تصريحاتهم على إنجازات "حماس" التي في رأيهم انتصرت في المعركة ونجحت على ما يبدو في خلق معادلة ردع جديدة تربط بين المس الإسرائيلي بالحرم القدسي وبالقدس الشرقية، وبين إطلاق النار من قطاع غزة على إسرائيل.
- المعركة بين إسرائيل و"حماس" أتاحت لحزب الله ولرعاته في إيران فرصة فحص الاستراتيجيا الإسرائيلية في زمن مواجهة عسكرية والتعلم منها ما هي نقاط قوة إسرائيل ونقاط ضعفها. ومن المعقول أن نتائج هذه المواجهة ستُدرس وستؤخذ في الاعتبار في قراراتهم المستقبلية بشأن احتمالات المواجهة مع إسرائيل في الساحة الشمالية. درس أساسي بالنسبة إليهما هو قوة الجيش الإسرائيلي مع التشديد على القدرة التدميرية لسلاح الجو الإسرائيلي وكثافة عملياته، واستعداده للتسبب بدمار واسع النطاق يشمل البنى التحتية المدنية رداً على قصف مدن ومواطنين إسرائيليين. يمكن التقدير أن المعركة في غزة أوضحت للحزب أن "عقيدة الضاحية" في حرب لبنان الثانية ليست حادثة منفردة، وعندما تُهاجم إسرائيل وتقاتل دفاعاً عن نفسها فإنها تعمل انطلاقاً من شرعية ضرب أهداف عسكرية في بيئة مدنية- بصورة يمكن أن تُلحق أضراراً كبيرة بالخصم. في وضع لبنان سيؤدي رد إسرائيلي بهذا الحجم إلى الانهيار الكامل للدولة التي تعاني جرّاء وضع صعب اليوم.
- في المقابل، كشْف قدرات الجيش الإسرائيلي يمكن أن يشجع حزب الله على بلورة رد لمواجهتها وتوظيف جهد في تطوير قدرات من نوع تحسين دقة الصواريخ لديه وبناء مظلة دفاعية في مواجهة سلاح الجو الإسرائيلي، أو محاولة التشويش المسبق على عملياته. كشْف نقاط الضعف في جهوزية الجبهة الداخلية الإسرائيلية الذي تجلى أيضاً في القصور الواسع في تأهيل الملاجىء، سواء في جنوب إسرائيل أو في شمالها، لم يغب بالتأكيد عن أنظار كل الأطراف في الساحة الشمالية. كذلك زعزعة نسيج العلاقات بين العرب في إسرائيل والسكان اليهود في المدن المختلطة، والتي يمكن أن تشجع حزب الله على دعوة الجمهور العربي في إسرائيل إلى استخدام العنف في زمن مواجهة عسكرية، في الأساس في سيناريو حرب متعددة الجبهات تشمل إطلاق النار من قطاع غزة.
- بالنسبة إلى إسرائيل، على الرغم من أن حزب الله يبدو مرتدعاً في الوقت الحالي، فإن نهاية العملية في غزة تتطلب، لا بل تفرض على الجيش الإسرائيلي العودة إلى الاهتمام بالتهديد المركزي الذي يواجهه في الجبهة الشمالية من طرف حزب الله والمحور الشيعي. المطلوب من الجيش إبداء جهوزية ويقظة في هذه الساحة وتحديد موعد جديد للتدريب العسكري المتعدد الأذرع "عربات النار" الذي تأجل بسبب الأحداث على الساحة الفلسطينية.
- مع وتيرة الأحداث التي تقع في مختلف جبهات المواجهة مع إسرائيل، ليس واضحاً في هذه المرحلة ما إذا كانت الخلاصات التي استخلصها حزب الله وإيران من المعركة القصيرة بين إسرائيل و"حماس" ستشجع التنظيم اللبناني على محاولة استفزاز إسرائيل من خلال تنفيذ تهديدات نصرالله بالانتقام لمقتل أحد عناصر الحزب والمخاطرة بمواجهة يمكن أن تتصاعد كما أثبتت إسرائيل في ردها على إطلاق "حماس" صواريخها على القدس، أم ستُضعف تحديداً استعداده للمخاطرة بردّ قوي على حادث محلي.
- بعد عشرة أيام من القتال انتهت الحرب الرابعة بين "حماس" وبين إسرائيل منذ سيطرة الحركة الإسلامية على القطاع في سنة 2007. وكسابقاتها انتهت الحرب من دون حسم واضح، لكن يوجد انطباع بأن الاشتباك الحالي كان مختلفاً اختلافاً مطلقاً عن جولات القتال السابقة من حيث اختلاف اللغة والتفكير بين "حماس" وإسرائيل، والذي كشف فجوة فكرية ومفهومية.
- بينما اتسم التفكير الإسرائيلي طوال القتال بمنطق تكتيكي - كمي، كان تفكير "حماس" استراتيجياً - نوعياً. برز هذا جيداً في النقاش الداخلي الإسرائيلي الذي تركز على الإنجازات الكمية للقتال، مثل عدد الأهداف التي هوجمت وعدد عناصر "حماس" الذين قُتلوا، وكميات الصواريخ التي أُطلقت، والتي جرى اعتراضها، وعدد الأبراج التي دمرها سلاح الجو وغيرها. من وجهة النظر هذه، إن هذا الأسلوب القتالي أي معركة غير مباشرة من الجو رسخ أكثر المقاربة الإسرائيلية التي وضعت آمالها على محاولة تحقيق أكبر عدد ممكن من الإنجازات من خلال ضرب "أهداف".
- من هذه الزاوية قام الجيش الإسرائيلي بعمل جيد، إذ أدار المعركة جيداً من خلال التنسيق بينه وبين الشاباك، بينما المستوى السياسي المختلف سياسياً مع بعضه البعض نجح في المحافظة على الانسجام، وعلى تعاون يستحق الثناء. ومن دون شك تلقت "حماس" ضربة عسكرية واسعة من وجهة نظر عسكرية- لكن هنا تكمن المشكلة. فالمنطق التكتيكي- الكمي منع إسرائيل من تحقيق نتيجة عسكرية واضحة لا جدال فيها، بينما استخدمت "حماس" منطقاً مغايراً للغاية وركزت بصورة منهجية على أهداف استراتيجية.
- من وجهة النظر هذه نجحت "حماس" نجاحاً لم يكن متوقعاً. فهي لم تبادر فقط إلى المعركة من خلال إطلاق الصواريخ على القدس في يوم عيد الفطر، وبذلك فاجأت إسرائيل (كما اعترف جزء من كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية)، بل نجحت حتى في خلق موجة تداعيات لهذه الحرب خارج حدود القطاع. الخلافات التي ظهرت في العلاقات اليهودية - العربية في إسرائيل، والاضطرابات في المدن المختلطة إلى جانب تسخين قطاع الضفة الغربية كانت من النتائج التي رافقت الحرب في القطاع، وفعلاً نجحت "حماس" في توحيد المنظومة الفلسطينية كلها (في غزة، وفي الضفة وداخل إسرائيل)، وفككت بعد سنوات من نجاح غير قليل المنطق الأساسي في السياسة الإسرائيلية التي تعتمد على دق إسفين بين أجزاء المنظومة الفلسطينية بهدف إضعافها.
- علاوة على ذلك، خاضت "حماس" المعركة انطلاقاً من منظور إقليمي ودولي. وضع القدس كهدف رمزي للمعركة بخلاف جولات القتال السابقة، حيث كانت مشكلة "الحصار" هي أساس القتال وهدفه، سمح لها بتنصيب نفسها رئيسة لمعسكر "المقاومة" الإقليمي الشامل على حساب حزب الله، الذي اضطر في الأسبوع الماضي إلى السكوت عن إطلاق أطراف فلسطينية "مارقة" الصواريخ من لبنان في اتجاه إسرائيل، عملية يمكن أن تتطور كنموذج عمل دائم في مواجهة إسرائيل.
- لقد حددت "حماس" في المعركة الأخيرة جدول الأعمال في الشرق الأوسط ولم تعد المعركة في غزة مجرد "جولة قتال" محلية بينها وبين إسرائيل، بل أصبحت تعبيراً أو حجر أساس في المعركة الكبيرة التي تجري في الشرق الأوسط بين مدرستين فكريتين تمثلان معسكرين إقليميين:
- الاستراتيجيا الاقتصادية – البراغماتية "أصحاب الأدمغة"، حيث تقف إسرائيل إلى جانب الدول الثرية التي تكره المجازفة في المنطقة. هذه المدرسة وضعت في مركزها سياسة تتركز على الدفع قدماً بجدول أعمال اقتصادي، وكانت وراء اتفاقات أبراهام، وكذلك وراء ظاهرة منصور عباس. وهي فعلياً التي حددت "صفقة القرن" لإدارة ترامب.
- مدرسة "أصحاب القلوب" في "معسكر المقاومة" التي تركز على السياسات القديمة التي تعتمد على الدفع قدماً برؤى مثالية وطوباوية وتعطي الأولوية للمستقبل على الحياة في الوقت الحاضر. في العقد الماضي تمكنت المدرسة البراغماتية من تحقيق تفوّق واضح في المنطقة تحت رعاية الإدارة الأميركية، ويبدو أن المعركة في غزة كانت بمثابة تحدّ لها وذلك لثلاثة عوامل: تغير الإدارة في الولايات المتحدة، وتخلّي الرئيس بايدن وإدارته التقدمية عن سياسة خلفه؛ ضعف المنظومة السياسية في إسرائيل، وفي الأساس ضعف نتنياهو الذي يُعتبر محوراً استراتيجياً مركزياً ورادعاً؛ تقدير أطراف المقاومة ضعف الغرب (بما فيه إسرائيل) على خلفية الصعوبات الداخلية خلال أزمة الكورونا.
- وبينما كان العقد الأخير يمتاز باستقرار أمني نسبي في المنطقة، وبضعف أطراف "المقاومة" وتراجُع كبير للمسألة الفلسطينية جاءت المعركة في القطاع لتقلب هذا الواقع، وجرّت وراءها كل أنصار سياسات الهوية، سواء في القطاع أو بين العرب في إسرائيل وبين الفلسطينيين في الضفة الغربية. لقد حوّلت المعركة في غزة الصدام التكتيكي بين الطرفين إلى صدام استراتيجي بين مدرستين وتوجّهين ونظريتين ومعسكرين مختلفين. من هذه الناحية كان لدى إسرائيل فرصة استثنائية لتحويل غزة و"حماس" إلى درس إقليمي ودولي، واستعادة التوازن السابق وإعادة ترسيخ أجندة براغماتية اقتصادية.
- المطلوب لهذا الغرض أن تغير إسرائيل استراتيجيتها إزاء غزة، وأن تحدد أهدافاً عملانية متعددة تؤدي إلى معركة تنتهي بتحطيم كامل لقواعد القوة العسكرية لـ"حماس". وهذا يعني التخلي عن الاستخدام المعروف للمعركة الجوية لمصلحة معركة تجمع بين الجو والمناورة البرية. لكن يبدو أن الفجوة بين اللغة وتوجه إسرائيل التكتيكي- الكمي وبين التوجه الاستراتيجي - النوعي لـ"حماس" كشف عن الصعوبة الإسرائيلية في فهم طبيعة المعركة الحالية ودلالاتها الخاصة مقارنة بسابقاتها والتعرف على الإطار الواسع الذي تجري ضمنه.
- لقد واصلت إسرائيل العمل وفق المنطق العملاني العسكري عينه الذي استخدمته في الجولات السابقة واعتبرت القتال مجرد جولة تخوضها ضد "حماس". في هذه الظروف انتهت المعركة بإنجاز تكتيكي مدهش، لكن في تحليل استراتيجي أوسع يذكّرنا هذا بالإنجاز الكمي الأميركي في مقابل الخسارة الأميركية الاستراتيجية في حرب فيتنام [(1959-1975)]. ولذلك تداعيات واضحة على السياسة الشرق الأوسطية على مختلف المستويات تقريباً.
- حالياً كفة "أهل القلوب" هي الراجحة. لقد نصّبت "حماس" نفسها لاعباً استراتيجياً مهماً يتخطى الساحة الفلسطينية، ونجحت في تقويض النموذج الاقتصادي البراغماتي لـ"صفقة القرن"، ودقت إسفيناً بين اليهود والعرب في إسرائيل، وأعطت الأطراف المسلحة في المنطقة أسباباً وجيهة لمواصلة تحدّيهم لإسرائيل. وهذه ليست أخباراً جديدة "لأصحاب الأدمغة" وللذين يحبون الحياة. أيّ تصحيح للمسار الناشىء يتطلب قبل كل شيء استيعاباً معرفياً للدلالات الحقيقية للحرب الأخيرة، ونتائجها الفعلية، وفي أسرع وقت ممكن.