مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
واصل رئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ زيارته إلى الإمارات كما هو مخطط لها، على الرغم من إطلاق الحوثيين في اليمن صاروخاً على الدولة. وافتتح الإثنين "يوم إسرائيل" في معرض "إكسبو 2020" العالمي في دبي، وبعدها عقد اجتماعاً سياسياً مع حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.
ومما قاله هرتسوغ في افتتاح "يوم إسرائيل" في الجناح الإسرائيلي: "ما يجري يذكّرنا بالربح الذي يمكن أن نحققه عندما نعمل معاً على هدم الأسوار وتوحيد العقول وتخيُّل مستقبل آخر. هذا الجناح يقدم نموذجاً رائعاً لما يمكننا تقديمه من تكنولوجيا في مجال المياه، وفي الزراعة المستدامة، مروراً بالصحة والمدن الذكية، وصولاً إلى حلول رائدة في الاقتصاد. وهذا يمثل نتيجة التعاون بين الشعوب والمستقبل الذي نتخيله. هذا الخيال تحول هنا بالتحديد إلى واقع، عندما وقّعت الإمارات وزعماؤها اتفاقيات أبراهام التاريخية".
وأضاف: "هذا الاتفاق لم يهدف إلى تطبيع العلاقات فقط، بل إلى بلورة غد جديد للجيل المقبل في الدولتين، وللمنطقة كلها. مرّ وقت قصير منذ إعلان اتفاقات أبراهام، ولقد تخطت التجارة المشتركة بين البلدين المليار دولار، وأُبرم أكثر من 120 اتفاقاً بين إسرائيل والإمارات. الإسرائيليون والإماراتيون يتعلمون لغة وثقافة الآخر. لقد زار الإمارات نحو 250 ألف إسرائيلي، ونحن نتوقع زيارة العديد من الإماراتيين بعد انتهاء جائحة الكورونا".
وختم كلامه قائلاً: "دولة إسرائيل متحمسة للسير مع الإمارات وسائر شعوب المنطقة هنا في أكسبو 2020 نحو مستقبل أفضل وأكثر استدامة وسلاماً، من أجل شعبنا ومن أجل منطقتنا والعالم كله". وأضاف بالعربية: "بارك الله فيكم وأطال عمركم".
وفي الاجتماع الذي عقده هرتسوغ مع حاكم دبي، بحث الرجلان في موضوعات متعددة من أجل تعميق التعاون في مجالات الاقتصاد والاختراعات والسياحة والاستثمارات.
أجرى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن محادثة هاتفية أمس (الاثنين) مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ومع وزير الخارجية يائير لبيد. وبالاستناد إلى الخارجية الأميركية، تحدث بلينكن مع عباس عن "أهمية تعزيز علاقة الولايات المتحدة بالسلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وعن الحاجة إلى تحسين نوعية حياة الفلسطينيين بطرق ملموسة". وتناول مع لبيد العلاقات القوية بين الدولتين والتحديات المشتركة، بينها مخاطر الهجوم الروسي على أوكرانيا والتهديدات الإيرانية. كما تحدثا عن القضية الفلسطينية.
وفي البيان الصادر عن الخارجية الأميركية بشأن المحادثة مع عباس، تكرر الموقف الثابت لإدارة بايدن بأن من حق الإسرائيليين والفلسطينيين العيش بأمان، والتمتُّع بالأمن والحرية والازدهار. وأكدت الإدارة التزامها بحلّ الدولتين.
وجاء في البيان الصادر عن مكتب عباس أن بلينكن شدّد على معارضة الإدارة الأميركية للنشاطات الاستيطانية وعنف المستوطنين حيال الفلسطينيين، والممارسات الإسرائيلية في إخلاء منازل وهدمها. كما طلب عباس من بلينكن أن تتوقف إسرائيل عن الإساءة إلى الأسرى الفلسطينيين، وعن اقتطاع قيمة الأموال من الضرائب التي تُجبيها على المعابر لمصلحة السلطة الفلسطينية، والتي تدفعها الأخيرة للأسرى وعائلاتهم وللأسرى المحررين.
وشدّد البيان الفلسطيني على التزام إدارة بايدن فتح القنصلية الأميركية في القدس، والتي تخدم، بالإضافة إلى سكان القدس، آلاف الفلسطينيين من الضفة وغزة الذين يحتاجون إلى خدمات من قنصلية الولايات المتحدة.
والجدير بالذكر أن الرئيس الأميركي جو بايدن يريد تعزيز العلاقات مع السلطة الفلسطينية التي ضعفت خلال ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي قلّص المساعدة الأميركية للفلسطينيين وأغلق القنصلية الأميركية في القدس. وكانت إدارة بايدن استأنفت تقديم المساعدة للفلسطينيين وتعهدت إعادة فتح القنصلية في القدس، على الرغم من معارضة إسرائيل. لكنها دعت عباس إلى القيام ببعض الإصلاحات.
التحقيق الذي أجراه الجيش الإسرائيلي بشأن ظروف وفاة الفلسطيني عبد المجيد أسعد (80 عاماً) قبل 3 أسابيع، قُدِّم إلى رئيس الأركان أفيف كوخافي. وبالاستناد إلى خلاصات التحقيق، اتُّخذ قرار بأن يوجه قائد المنطقة الوسطى اللواء يهودا فوكس توبيخاً إلى قائد فرقة "يهودا الخالدة"، كما سيجري توقيف قائد السرية وقائد الفصيلة عن العمل فوراً لمدة عامين. ورأى فوكس أن ما جرى هو "فشل أخلاقي خطِر للغاية، وبلادة أحاسيس وانعدام للرحمة والإنسانية". وشدّد فوكس على أن أسعد كان تحت مسؤولية القوات الإسرائيلية، وأنه كان يجب فحص حالته، وما حدث هو خطأ جسيم يتعارض تعارضاً مطلقاً مع قيَم الجيش الإسرائيلي. ورداً على أسئلة الصحافيين، قال فوكس:" يجب استخدام التعقل في أي تحرك عملياتي. الحادث وقع بين جنود ورجل متقدم في السن. طبعاً، الشيخوخة ليست بطاقة تضمن عدم القيام بهجوم، لكن الأمور يجب أن تحدث بتعقُّل من القادة. لقد أبعدنا القادة الذين كان في إمكانهم منع ما حدث، والمسؤولون هنا هم الضباط وليس الجنود".
من جهة أُخرى، كتبت صحيفة "هآرتس" (1/2/2022) أن كتيبة "يهودا الخالدة" هي كتيبة تابعة للواء المشاة كفير، وطوال أعوام تراكم عدد كبير من الشكاوى ضد سلوك المقاتلين في الكتيبة حيال الفلسطينيين، خلال عمليات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية وفي غور الأردن. وجرى تقديم لوائح اتهام مرتين، في سنة 2019 وفي سنة 2021، ضد جنود وقادة في الكتيبة أمام محكمة عسكرية بسبب سلوكهم العنيف في أثناء الاعتقالات. وقبل 3 أعوام حوكم جنود من الكتيبة اعتدوا بالضرب على مواطن بدوي في محطة للوقود في النقب.
وأضافت الصحيفة أن عدداً من الضباط الرفيعي المستوى ممن يعرفون عمل الكتيبة عن قرب اعترفوا بأن الجيش يواجه مشكلة في فرض النظام والانضباط في الكتيبة، وأن حوادث استخدام العنف حيال الفلسطينيين أكبر في هذه الكتيبة منها في الوحدات الأُخرى، مع العلم بأن هذه الكتيبة موجودة لفترة طويلة من العام في المناطق الفلسطينية، وليس في أماكن أُخرى.
وتجدر الإشارة إلى أن التقرير الذي صدر عن الجيش الإسرائيلي أفاد بأن نتائج تشريح جثمان أسعد دلت على أن الوفاة نتجت من نوبة قلبية. بينما أفاد 3 أطباء فلسطينيين شرّحوا جثة أسعد بأن النوبة القلبية التي تعرّض لها وأدت إلى وفاته كان سببها "عنفاً خارجياً" تعرّض له. وقالت مصادر فلسطينية إن المعتقل تعرّض للضرب المبرح من الجنود.
بعد ارتفاع أسعار الكهرباء والوقود في إسرائيل، ارتفعت أيضاً أسعار المواد الغذائية بنسبة تراوحت بين 6% و8% في الأسابيع الأخيرة، وعلّق وزير المال أفيغدور ليبرمان على الارتفاع في أسعار الكهرباء والوقود، قائلاً إنها ظاهرة موجودة في كل دول العالم، وأشار إلى أنه بينما لم تتعدّ هذه الزيادة في إسرائيل الـ6% فقد بلغت في بريطانيا 34%، وفي السويد 35%، لكنه حذّر المستوردين من زيادة أسعار المواد الغذائية، وأشار إلى أنه ووزيرة الاقتصاد سيحرصان على مراقبة الارتفاع في الأسعار.
وكانت وسائل التواصل الاجتماعي شهدت موجة احتجاجات شعبية على الارتفاع في المواد الغذائية ودعوات إلى مقاطعة شراء البضائع التي ارتفعت أسعارها.
- زيارة رئيس الدولة إلى الإمارات هي سابقة في مجال التعاون بين إسرائيل ودول المنطقة في موضوعيْ الطاقة والكهرباء. في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، شارك وفد رسمي إسرائيلي في قمة المناخ العالمية في غلاسكو. أحد التصريحات الرائعة الذي لم يحظَ باهتمام وتغطية وسائل الإعلام في البلد تناول مبادرة مشتركة طرحها رئيس الحكومة الهندية ناريندرا مودي ورئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون اللذان اقترحا: "شمس واحدة، عالم واحد، شبكة واحدة".
- كما يوحي الاسم، تطمح المبادرة إلى ربط دول العالم بشبكة كهرباء واحدة ذكية، بحيث يمكن توليد كهرباء من ألواح شمسية في وادي عربة وعُمان والمغرب، وتصديرها إلى فرنسا وألمانيا والهند، أو تايلند، والعكس صحيح. وفي الواقع، من خلال هذه الخطوة سيكون من الممكن إيجاد حل للتقلبات في الطلب والإنتاج الطبيعي للطاقة الشمسية الذي يختلف من منطقة إلى أُخرى على مدار اليوم. ووقّعت الإعلان 87 دولة، بينها دولة الإمارات العربية المتحدة. ولم تقرر إسرائيل بعد ما إذا كانت تنوي الانضمام إلى الإعلان، لكن العالم وزعماءه يتحركون بالفعل في اتجاه الاعتراف والعمل على مواجهة تحديات المناخ.
- مؤخراً، وقّعت وزيرة الطاقة كارين الهرار اتفاقاً بين إسرائيل والأردن، بموجبه، تزود إسرائيل الأردن بالمياه العذبة في مقابل كهرباء تُنتج من الطاقة الشمسية (طاقة متجددة). وها هو رئيس الدولة وعقيلته يقومان بزيارة علنية إلى الإمارات، هي أول زيارة لرئيس إسرائيلي إليها.
- تشكل اتفاقات أبراهام الموقّعة في أيلول/سبتمبر 2021 انعطافة تاريخية بالنسبة إلى إسرائيل، وبالنسبة إلى مكانتها الشرعية في العالم العربي. وبالإضافة إلى التعهدات وحجم التجارة والتعارف الجاري بناؤه بين الشعوب، فإن اتفاقات أبراهام هي أيضاً إشارة واضحة إلى أن دول الخليج تتطلع إلى مستقبل يتضمن أزمة المناخ ونهاية عصر النفط.
- مع تصاعد القلق بشأن أزمة المناخ ونضج التكنولوجيا واقتصاد الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية، من المتوقع حدوث انخفاض دراماتيكي في الطلب على النفط، الذي يشكل اليوم قرابة 90% من مداخيل دول الخليج الغنية. ويفرض هذا التحليل للواقع "الدفع قدماً بعلاج للداء"، وتستطيع اتفاقات أبراهام أن تشكل أرضاً خصبة لتشجيع التعاون الإقليمي في مجال الطاقة المتجددة، من خلال التوظيف في شبكة تنقل الطاقة من الشرق الأوسط، وتنتج وتصدّر مئات آلاف الميغاوات من الطاقة الشمسية. مثل هذه الخطوة يمكن أن يشكل قاعدة لاقتصاد كهربائي مستقبلي مرتبط بأوروبا، وبالشرق الأوسط، ومن المتوقع أن يعزز الحصانة الاقتصادية – الاجتماعية في الدول المرتبطة بالشبكة.
- والمقصود فرصة ذات تداعيات اقتصادية وجيوسياسية غير مسبوقة بالنسبة إلى إسرائيل. فارتباطها بحقول إنتاج الطاقة الشمسية في صحاري الخليج سيخفض تعرفة الكهرباء بنحو 50%. ومثل هذا التطور سيسمح بتطوير آلاف الميغاوات من الطاقة الشمسية في النقب كوسيلة لتحريك الاقتصاد بالنسبة إلى سكان النقب عموماً، والمجتمع البدوي خصوصاً. وسيخلق مثل هذه البنية التحتية تنوعاً وظيفياً في مدن الأطراف، ويعزز مداخيل سكان النقب اقتصادياً. كما سيجذب استثمارات من القطاع الخاص تقارب الـ5 مليارات دولار.
- إن الدفع قدماً بمثل هذا المشروع سيعطي مضموناً عملياً لاتفاقات أبراهام، وسيشكل قاعدة متينة لتعاون طويل الأجل، وسيكون بمثابة مرساة للأجيال المقبلة، وذلك بعد تبدُّل الحكم في مختلف الدول في المنطقة ومجيء جيل "لم يعرف اتفاقات أبراهام".
- أخيراً، بفضل التوقف عن استخدام الغاز والنفط والفحم، ستكون إسرائيل قادرة على الوفاء بالالتزامات التي تعهدت بها في قمة المناخ في العام الماضي، من أجل خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وسيحصل مواطنوها على هواء نظيف. ومن خلال خطة منظمة وتمويل واتفاق سياسي، يمكن إنجاز شبكة النقل من إسرائيل إلى دبي خلال ثلاثة أعوام فقط.
- في الساحة الدولية، يمكن أن نرى بشائر مشاريع شبيهة. فالصين أصبحت في مراحل متقدمة من بناء أطول خط بري في العالم، يبلغ طوله 3000 كيلومتر؛ ويوظف المغرب وبريطانيا في شبكة كهربائية تحت البحر، يبلغ طولها 3800 كيلومتر، تنقل الشمس من الصحاري المغربية إلى إنكلترا الملبدة بالغيوم. قد يبدو هذا حلماً، لكنه بالتأكيد يمكن أن يصبح واقعاً إقليمياً هنا.
- في الختام، اتفاق "المياه مقابل الطاقة" مع الأردن هو نقطة الانطلاق نحو عهد اقتصاد الطاقة المتجددة العابرة للحدود. مشروع كهذا، على خلفية زيارة رئيس الدولة إلى الإمارات، وإلى جانب اتفاقات أبراهام، يخلق فرصاً استثنائية تنتظرنا. يجب علينا ألّا نضيعها.
......
الساحة الإقليمية
- في العام الماضي، واجهت إيران صعوبات متزايدة في الساحة الإقليمية. لقد اعتُبر انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان تطوراً استراتيجياً إيجابياً، لكن عودة سيطرة طالبان تشكل تحدياً جدياً لمصالح أمنية واقتصادية حيوية بالنسبة إلى إيران. في العراق، مُنيت الميليشيات الشيعية الموالية لإيران بهزيمة قاسية في الانتخابات البرلمانية، مع ازدياد الانطباع بحدوث ضعف في رقابة الحرس الثوري على هذه الميليشيات. هذه التطورات، بالإضافة إلى جهود بغداد للتقرب من الدول العربية السُّنية، هي دليل على التحديات التي تواجهها إيران ووكلاؤها في العراق. في لبنان، يواجه حزب الله تصاعداً في الانتقادات لأدائه وازدياد النفوذ الإيراني في البلد، لكن طهران تواصل تزويد البلد بالسلع والنفط من خلال الحزب. في سورية، الهجمات التي تستمر إسرائيل في تنفيذها وضعت إيران أمام تحدٍّ كبير، على الرغم من أنها لم تؤدّ إلى وقف مساعي إيران لتزويد حزب الله بسلاح متقدم. وفي ضوء استمرار عملية التسوية في سورية، تتواصل أيضاً عملية تقليص القوات الإيرانية والشيعية هناك، بالإضافة إلى زيادة تمركُز مقاتلين سوريين مجندين في ميليشيات مدعومة من إيران. في الوقت عينه، يبرز تقدّم بطيء في مشاريع اقتصادية في سورية، واستمرار الجهود لتوسيع النفوذ الاجتماعي والثقافي والتعليمي في الدولة. في اليمن، تستمر المساعدة العسكرية للحوثيين في الحرب الدائرة ضد السعودية والهجمات بالصواريخ والمسيّرات. أيضاً في القوقاز، تواجه إيران تحديات جدية، على خلفية انتصار أذربيجان في المواجهة العسكرية ضد أرمينيا في إقليم ناغوركي كاراباخ، وتوثُّق العلاقات بين أذربيجان وإسرائيل، وتصاعُد النفوذ التركي في المنطقة...
- في المقابل، تتطور عملية بدأت منذ أيام حسن روحاني، من أجل تحسين العلاقات وتبديد التوترات بين إيران وجيرانها في الخليج. تعكس هذه العملية إدراك دول الخليج استمرار الولايات المتحدة في توجهها نحو الانفصال عن الشرق الأوسط، كما يجري ذلك على خلفية المفاوضات مع إيران والعودة إلى الاتفاق النووي، وإذا نجحت فإنها ستقوّي إيران من الناحيتين السياسية والاقتصادية. من جهة أُخرى، تعبّر هذه العملية عن رغبة إيرانية في تبديد التوترات مع جيرانها - كجزء من سياستها الرامية إلى حوار إقليمي من دون مشاركة واشنطن، وكردّ على الدعوة إلى ربط النقاشات في الموضوع النووي بالسياسة الإقليمية الإيرانية. المهم في هذا السياق، الإمارات التي تشكل أفقاً مهماً للتجارة مع إيران. في هذا الإطار، تبرز زيارة مستشار الأمن القومي في الإمارات وشقيق ولي العهد إلى طهران. أيضاً السعودية، خصم إيران المركزي، أجرت في العراق، وبوساطة منه، جولة محادثات رباعية، لم تؤدّ حتى الآن إلى حدوث انعطافة في العلاقات بين البلدين.
- المواجهة بين إيران وإسرائيل تتواصل، وازدادت حدة في السنة الأخيرة. وتجلت في عمليات تخريب للبرنامج النووي الإيراني نُسبت إلى إسرائيل؛ وفي هجمات إسرائيلية في سورية ازدادت تصاعداً مع استمرار مسعى إحباط التمركز العسكري الإيراني في سورية، ومنع انتقال الصواريخ إلى حزب الله؛ وفي الصراع البحري الذي تمت في إطاره مهاجمة 12 باخرة إيرانية، والكشف العلني عن ذلك أدى إلى الهجوم على باخرة تجارية لها علاقة بإسرائيل؛ هجمات سيبرانية متبادلة، ومهاجمة شركات مدنية ونشر معلومات عنها، كجزء من عمليات الصراع على الوعي؛ عمليات تشويش في مرفأ بندر عباس نُسبت إلى إسرائيل، وتشويش جدول رحلات وبطاقات ذكية لشراء الوقود. في المقابل، وفي غياب هجوم مباشر ومهم في إسرائيل، جرى مؤخراً كشف وإحباط عدد من الخطط لتنفيذ عمليات إرهابية ضد جهات إسرائيلية في الساحة الدولية. وبالإضافة إلى التحركات الإقليمية، تبرز توجهات في السياسة الخارجية الدولية الإيرانية، وعلى رأسها القرار الاستراتيجي الاعتماد على روسيا والصين، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً. ضمن هذا الإطار، أبرمت إيران اتفاقاً للتعاون الاستراتيجي مع الصين لمدة 25 عاماً (آذار/مارس 2021)، وجرى تجديد التعاون الاستراتيجي مع روسيا؛ وفي أيلول/سبتمبر 2021، جرى قبول إيران عضواً في منظمة شنغهاي للتعاون، كما أجرت إيران عدداً من التدريبات البحرية المشتركة مع روسيا والصين. هذه التطورات تعزز المعسكر المحافظ بقيادة الحرس الثوري الذي يؤيد دائماً هذا الاتجاه، في مواجهة معسكر روحاني الذي يفضل تعزيز العلاقة مع الغرب؛ كما تساعد في المواجهة الإيرانية للعقوبات وتعزيز مكانتها الدولية، بما في ذلك خطوات مستقبلية إزاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وفي مجلس الأمن والأمم المتحدة.
البرنامج النووي ومفاوضات العودة إلى الاتفاق
النووي مع إيران العائد إلى العام 2015
- منذ أيار/مايو 2019، عندما بدأت إيران بخرق الاتفاق النووي رداً على انسحاب الولايات المتحدة منه، فإنها سجّلت في السنة الأخيرة تقدماً مهماً وغير مسبوق في البرنامج، بحسب تقرير الوكالة الدولية، إذ تكفي كميات اليورانيوم المخصّب على درجة 20 وحتى 60% لتخصيب مواد انشطارية في منشأة نووية أولى خلال 3 أسابيع؛ وإذا قررت إيران التخصيب على المستوى العسكري، حتى ولو كانت المادة مخصّبة على درجة 5%، فسيكون المطلوب شهرين للحصول على مواد انشطارية في منشأة نووية ثانية، ونحو 3 أشهر ونصف الشهر لمواد انشطارية في منشأة نووية ثالثة. في المقابل، يستمر تخصيب اليورانيوم من الحديد على درجة تخصيب 20% (وهذا عنصر مهم في السلاح النووي)؛ وجرى البدء بتخصيب اليورانيوم على درجة 20%، من خلال أجهزة طرد مركزي متقدمة في منشأة فوردو، وتقلصت بصورة كبيرة رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية - سواء بحسب بروتوكول الملحق، أو بحسب الاتفاق النووي. هذه الأرقام دفعت المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى الإعلان أن "عدم التعاون يؤثر بصورة كبيرة في قدرة الوكالة على ضمان الطابع المدني للبرنامج."
- يجري كل ذلك إلى جانب عدم التعاون الإيراني في مسألة الكشف عن كميات يورانيوم لم يُعلن عنها في 4 منشآت. في هذه المنشآت يجرى تطوير آليات تفجير (المكون الأساسي الثاني في تطوير سلاح نووي). وبحسب التقديرات، في إمكان إيران القيام بتجربة نووية خلال 6 أشهر، منذ اللحظة الذي تتخذ فيها قراراً كهذا. لكن المرحلة الثالثة من البرنامج، وهي التطابق بين آلية التفجير وبين إطلاقه كسلاح (من خلال طائرة أو صاروخ)، ستستغرق عدة أعوام.
...
أربعة سيناريوهات محتملة في العام المقبل:
- الاتفاق على العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران العائد إلى العام 2015 خلال فترة زمنية قصيرة - ضئيل المعقولية؛ استمرار النقاشات لأشهر طويلة من دون التأكد من فشلها - متوسط المعقولية؛ اتفاق موقت – less for less - ترفضه إيران حالياً، لكن يمكن أن توافق عليه الأطراف - متوسط المعقولية؛ عدم التوصل إلى اتفاق، ووقف الاجتماعات وبدء تنفيذ خطوات ضد إيران (حتى ولو واصلت الأطراف، عملياً، الإبقاء على المسار الدبلوماسي مفتوحاً) - متوسط المعقولية.
- من بين هذه السيناريوهات الأربعة، الأفضل بالنسبة إلى إسرائيل العودة إلى الاتفاق النووي، طبعاً بشرط عدم ترك الانتهاكات التكنولوجية التي قامت بها إيران منذ الانسحاب الأميركي من الاتفاق، الذي على الرغم من المعلومات ومن التجربة التي راكمتها إيران، فإنه سيتيح المجال لعدة أعوام من التخطيط وإعداد بديل. يتعين على إسرائيل أن تأخذ في حسابها أن أصدقاءها في الخليج سيقفون مع الإدارة الأميركية، وهم يعبّرون عن تأييدهم للعودة إلى الاتفاق النووي، وفي المقابل، يدفعون قدماً بالحوار مع إيران.
- مع الأخذ في الحسبان حقيقة أن العودة أو عدم العودة إلى الاتفاق مرتبطة اليوم في الأساس بإيران، وأن فرص عدم العودة مساوية، وربما تفوق فرص التوصل إلى اتفاقات تسمح بالعودة إلى الاتفاق، فإنه من الأفضل لإسرائيل التوصل إلى تفاهمات مع الولايات المتحدة بشأن مصالحها الحيوية - حرية العمل في الساحة الإقليمية، استمرار العمليات لإحباط البرنامج النووي، وتفاهمات بشأن التطورات المحتملة في المستقبل وطريقة مواجهتها.
- في الخلاصة، التقدم في البرنامج النووي يمنح إيران فترة زمنية قصيرة كي تصبح قادرة على القفز إلى سلاح نووي إذا قررت ذلك. بالنسبة إلى إيران، ما دامت تتقدم في برنامجها النووي، يزداد الإغراء بعدم العودة إلى الاتفاق من دون مقابل كبير، ثمة شك في أن لدى واشنطن الرغبة أو القدرة على منحها إياه.
- على هذه الخلفية، إسرائيل في ورطة استراتيجية. السيناريوهات المتعددة المحتملة كلها سلبية، في نظر إسرائيل، سواء أكان المقصود اتفاقاً جزئياً، أم مماطلة مستمرة، أم تفجير المفاوضات. من هنا، تزداد الحاجة إلى المحافظة على حوار وثيق مع الإدارة الأميركية يسمح ببلورة استراتيجيا شاملة تتضمن بناء تهديد عسكري ذي صدقية في الأعوام المقبلة والدفع قدماً بضغط متعدد الأبعاد على إيران؛ وإحباط مكونات متقدمة في البرنامج النووي عند الحاجة؛ وتوسيع نطاق المعركة بين الحروب للجم تمركُز إيران، ليس فقط في النطاق السوري؛ وبلورة حلف إقليمي واسع (من خلال استغلال اتفاقات أبراهام) وحلف دولي للتضييق على تحركات إيران، وتعزيز الردع حيالها.