مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
ذكر بيان صادر عن ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية أن رئيس الحكومة نفتالي بينت عقد أمس (الخميس) اجتماعاً مع قائد القيادة المركزية الأميركية المنتهية ولايته الجنرال كينيث ماكنزي، ناقش خلاله التحديات الأمنية المشتركة التي تواجه إسرائيل والولايات المتحدة، وخصوصاً سياسة إيران العدوانية في منطقة الشرق الأوسط.
وأضاف البيان أن بينت شدّد على الخطر الحقيقي الذي ستتعرض له المنطقة والعالم عندما تعيد القوى العظمى إحياء الاتفاق النووي المبرم مع إيران، كما شكر رئيس الحكومة ماكنزي على مساهمته في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وكذلك على التعاون الوثيق بين دولة إسرائيل والولايات المتحدة خلال فترة ولايته.
وكان ماكنزي وصل إلى إسرائيل أول أمس (الأربعاء) في زيارة رسمية تستغرق 3 أيام هي الأخيرة في ولايته كقائد للقوات المركزية الأميركية المسؤولة عن الشرق الأوسط.
وعقد ماكنزي في وقت سابق أمس اجتماعات مع كل من رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال أفيف كوخافي، ورئيس الدولة الإسرائيلية يتسحاق هرتسوغ، ووزير الدفاع بني غانتس.
قال بيان صادر عن ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية إن رئيس الحكومة نفتالي بينت أجرى مساء أمس (الخميس) اتصالاً هاتفياً بالمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رفاييل غروسي، عشية الزيارة التي سيقوم بها هذا الأخير إلى إيران غداً (السبت).
وأضاف البيان أن بينت شدّد خلال هذا الاتصال على مواقف إسرائيل من المفاوضات الجارية مع إيران في فيينا، وأشار إلى أن إسرائيل تتوقع من الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن تعمل كجسم مراقب مهني وغير منحاز.
وأوضح البيان أن هذا الاتصال جاء غداة تأكيد غروسي أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لن تتخلى أبداً عن جهودها الرامية إلى حمل إيران على تقديم توضيحات بشأن وجود مواد نووية في مواقع غير معلنة في أراضيها تجري فيها عمليات زيادة مخزونها من اليورانيوم المخصب أعلى من السقف الذي تعهدت به في الاتفاق المبرم معها سنة 2015.
قال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إنه في حال قيام إسرائيل بحل المشاكل مع الفلسطينيين، فإن المملكة العربية السعودية ستنظر إليها كحليف محتمل، وأعرب عن أمله بحلّ جميع القضايا العالقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وجاءت أقوال بن سلمان هذه في سياق مقابلة أجرتها معه مجلة "أتلانتيك" الأميركية ونشرتها أمس (الخميس)، وقال فيها أيضاً: "لا ننظر إلى إسرائيل كعدو، بل كحليف محتمل في العديد من المصالح التي يمكن أن نسعى لتحقيقها معاً، لكن يجب حلّ بعض القضايا قبل الوصول إلى ذلك".
وتطرّق ولي العهد السعودي إلى إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، فقال إن هناك اتفاقاً بين دول مجلس التعاون الخليجي يقضي بألَّا تقوم أي دولة بأي تصرف سياسي أو أمني أو اقتصادي من شأنه أن يُلحق الضرر بدول هذا المجلس الأُخرى، وأكد أن جميع دول المجلس ملتزمة بهذا الأمر، وما عدا ذلك، فإن كل دولة لديها الحرية الكاملة في القيام بأي شيء ترغب في القيام به، بحسب ما ترى.
قال وزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي عيساوي فريج [ميرتس] إنه لا يمكن مهاجمة إسرائيل مراراً وتكراراً بادعاء أنها دولة فصل عنصري، وأكد أنها ليست دولة فصل عنصري، مشيراً إلى أنه لا يمكن القول إنها دولة فصل عنصري في الوقت الذي يشغل فيه كمسلم منصب وزير في الحكومة الإسرائيلية.
وأضاف فريج، خلال حديث مع وفد من مراسلي وسائل إعلام من أوروبا يقوم بزيارة إلى إسرائيل: "يوجد لدينا الكثير من المشاكل، أنا أعرف ذلك، وتوجد عنصرية ولدينا قانون القومية، وهناك الكثير من المشاكل التي يجب إيجاد حلّ لها، لكن ثمة مسافة كبيرة ما بين تعريف إسرائيل بأنها دولة مع مشاكل وبين تعريفها بأنها دولة فصل عنصري".
كما تطرّق فريج إلى أوضاع حقوق الإنسان لدى الفلسطينيين في الضفة الغربية، فقال إنهم يعيشون تحت احتلال، وليس تحت نظام فصل عنصري.
وتأتي تصريحات فريج هذه على خلفية تقرير صدر، مؤخراً، عن منظمة العفو الدولية ["أمنستي"]، وأثار ضجة كبيرة بعد اتهامه إسرائيل بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وممارسة سياسة فصل وإقصاء ضد الفلسطينيين في المناطق [المحتلة] وداخل حدود "الخط الأخضر".
وأعلن وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد بعد صدور التقرير رفض إسرائيل بصورة تامة كافة الادعاءات الواردة فيه، والتي وصفها بأنها كاذبة. وقال لبيد: "إن التقرير ينكر حق دولة إسرائيل في الوجود كدولة قومية للشعب اليهودي، ويستخدم معايير مزدوجة، ويقوم بتشويه صورتها وشيطنتها، وهذه هي العناصر التي تتكون منها معاداة السامية الحديثة".
ذكر بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أن مستوطناً إسرائيلياً تعرّض للطعن في قرية حزما في قضاء مدينة القدس صباح أمس (الخميس)، ورجّح أن تكون عملية الطعن تمت على خلفية قومية.
وأضاف البيان أن المستوطن وصل بقواه الذاتية إلى حاجز حزما العسكري، وهناك قدمت له الطواقم الطبية الإسعافات الأولية، ثم نُقل لاستكمال العلاج في مستشفى "شعاري تسيدك" في القدس، ووُصفت جروحه بأنها متوسطة.
وأشار البيان إلى أن عملية الطعن هذه هي الثانية التي تجري في منطقة حزما خلال الساعات الـ24 الماضية، وأكد أن الشرطة وقوات الجيش تقوم بالتحقيق في العمليتين.
أكد رئيس الدولة الإسرائيلية يتسحاق هرتسوغ أن تحسين العلاقات بين إسرائيل وتركيا لن يكون على حساب علاقاتها الاستراتيجية مع جارتيها قبرص واليونان.
وجاء تأكيد هرتسوغ هذا بعد الاجتماع الذي عقده مع الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس، خلال الزيارة القصيرة التي قام بها إلى قبرص أول أمس (الأربعاء).
وأشار هرتسوغ إلى أنه يدرك أن زيارته إلى تركيا الأسبوع المقبل لمست وتراً حساساً في قبرص المنقسمة عرقياً، والتي تتهم أنقرة بمحاولة السيطرة على كل الجزيرة.
وأكد هرتسوغ للرئيس القبرصي أن لا شيء في زيارته إلى تركيا وما سيترتب عليها سيكون على حساب علاقات إسرائيل الاستراتيجية مع قبرص، وكذلك مع اليونان.
وأوضح هرتسوغ كذلك أن إسرائيل تسعى لتقوية علاقاتها والدفع قدماً بالحوار مع جميع الأمم والأديان، بما في ذلك تركيا التي وصفها بأنها "جارة مهمة جداً لنا ولها تأثير في حياتنا في الكثير من المجالات". وأضاف: "يجب علينا خفض التوتر قدر الإمكان، والمضي قدماً في حوار حقيقي من شأنه أن يشمل قضايا المناخ والاقتصاد".
وكان هرتسوغ قام الأسبوع الفائت بزيارة إلى أثينا عقد خلالها اجتماعاً مع الرئيسة اليونانية كاترينا سكلاروبولو شدّد فيه على أهمية التحالف الاستراتيجي مع كل من اليونان وقبرص، مشيراً إلى أن زيارته ستعزز هذا التحالف والعلاقات الثنائية الاستراتيجية بين إسرائيل واليونان.
ومن المقرّر أن يتوجه هرتسوغ إلى تركيا يوم 9 آذار/مارس الحالي، تلبية لدعوة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وقالت مصادر سياسية رفيعة المستوى في القدس إنه على أعتاب زيارة هرتسوغ المرتقبة إلى تركيا قامت بعثة إسرائيلية بزيارة إلى كل من أنقرة وإستانبول من أجل الإعداد لهذه الزيارة.
- الذين لم يسافروا بحثاً عن الحرب الأوكرانية، بإمكانهم الاكتفاء بنسختها المصغرة على بُعد ساعات قليلة عن البلد. بعيداً عن التغطية الإعلامية، وعن الاهتمام العام، وتحديداً، خلال المأساة في أوروبا الشرقية، تستمر الاحتكاكات الأمنية والهجمات الجوية ما وراء الحدود، وفي الأساس المواجهات في المناطق. في الشهر الماضي، قُتل سبعة فلسطينيين بنيران الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية. في شمال الضفة وفي منطقة جنين ونابلس، والمقصود في الأساس حوادث إطلاق نار مع خلايا فلسطينية مسلحة. في جنوب الضفة، قُتل شاب خرج لإلقاء زجاجة مشتعلة على سيارة إسرائيلية، كما قُتل طالب في كمين للجيش الإسرائيلي، على ما يبدو عن طريق الخطأ.
- في ليل الاثنين، وبعد نصف عام، قلّل الجيش من دخوله إلى مخيم اللاجئين في جنين، نفّذ هناك عملية ليلية لاعتقال مطلوب من "حماس". في صباح اليوم التالي، جمع قائدا المنطقة الشمالية والمنطقة الوسطى قادة كتائبهما والألوية التابعة لهما في نقطة مراقبة عند جبل جرزيم [الطور] في مدينة نابلس، في يوم دراسي بمناسبة مرور 20 عاماً على عملية "السور الواقي"، التي حدثت في آذار/مارس 2002. تضافُر هذين الحدثين أثار عدة أفكار بشأن العقدين اللذين مرّا منذ ذلك الحين، والسؤال: إلى أي حد تغيرت الأمور، وما هي الوقائع التي ظلت في النهاية على حالها تقريباً؟
- تشكل عملية "السور الواقي" نقطة تحوّل في الانتفاضة الثانية. فقد وافق رئيس الحكومة، آنذاك، أريئيل شارون على بدء العملية العسكرية، بعد عام ونصف العام من العمليات الانتحارية التي زرعت الموت في المدن الإسرائيلية. حتى ذلك الحين، لم تنجح الردود العسكرية العنيفة في ردع الفلسطينيين عن كفاحهم. وخلال العملية التي بدأت في أعقاب المجزرة التي وقعت ليلة الفصح في فندق بارك في نتانيا، احتلت خمس فرق من الجيش الإسرائيلي كل المدن الفلسطينية الواقعة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية. بعدها جرى بذل جهد أمني عنيف وواسع لضرب البنية التحتية لـ"فتح" والمنظمات الفلسطينية في الضفة، وصولاً إلى إخماد الهجمات الانتحارية (وفي الواقع الانتفاضة كلها) في سنة 2005.
- منذ ذلك الحين، وبالتدريج، استعادت السلطة الفلسطينية السيطرة على مدن الضفة، بينما "حماس" طردت "فتح" من القطاع وسيطرت عليه في سنة 2007. أعادت السلطة ترسيخ نفسها من جديد كحكم أكثر استقراراً، لكنه فاسد. وعلى الرغم من الاشتباكات الموسمية و4 عمليات عسكرية كبيرة قامت بها إسرائيل في تلك الأعوام - فإن الضفة الغربية هي اليوم مكان أكثر أمناً للإسرائيليين والفلسطينيين، نسبياً، مما كانت عليه عند نشوب الانتفاضة الثانية في أيلول/سبتمبر 2000. بالإضافة إلى التنسيق الأمني مع السلطة، فإن الاستقرار النسبي تحقق بفضل أسلوب "جز العشب"، الآلية التي تتسم بالنجاعة والوحشية التي يستخدمها الجيش والشاباك لإحباط الهجمات، من خلال التعقب والوشايات والاعتقالات والتحقيقات، وأحياناً أيضاً الاغتيالات.
- نتيجة ذلك، يتم إحباط جزء كبير من الهجمات قبل أن ينفَّذ. وفعلاً، توقفت الهجمات الانتحارية في الضفة، سواء بسبب عدم قدرة فلسطينية، أو عدم وجود رغبة ناجمة عن الردع الإسرائيلي.
- نجاح الأسلوب لم يمنع مفارقة مهمة. الأغلبية الساحقة من كبار مسؤولي الجيش والشاباك، الذين خدموا في المناطق بعد تسريحهم من الخدمة، يظهرون كأنهم يساريون في نظرتهم. وهذا يتعلق بالثمن الذي دفعوه: الآثار النفسية التي تركتها الانتفاضة الأولى والثانية وما بينهما. هؤلاء هم جيل من مقاتلي الجيش الإسرائيلي الذين شاركوا في القتال هناك مع الظلم الأخلاقي المرافق له. ينطبق هذا أيضاً على الفترات التي وقعت عملية "السور الواقي" خلالها، والتي حاربت فيها إسرائيل دفاعاً عن نفسها، وللتصدي لإرهاب الانتحاريين.
- لقد كان للانتفاضة أيضاً تداعيات سياسية بعيدة المدى. الهجمات المخيفة على الباصات، وعلى المطاعم والطرقات، رجّحت كفة اليمين في وسط الجمهور الإسرائيلي، وأدت إلى عدم ثقة عميقة في مدى استعداد الفلسطينيين للسلام. الذكريات والندوب من هذه الفترة تجعل من الصعب، حتى اليوم، الحصول على تأييد من أجل إحراز تقدُّم حقيقي في العملية السياسية.
- لقد كان هدف العملية الليلية في جنين اعتقال ناشط من "حماس" متهم بتورطه بالإرهاب. دخل مقاتلو وحدة المستعربين في حرس الحدود (الذين بدوا كأنهم خارجون من المسلسل التلفزيوني "فوضى") إلى مخيم اللاجئين بسيارات فلسطينية. ونظراً إلى أن المطلوب هو أب لأربعة أولاد، جرى اقتحام باب المنزل من دون استخدام إطلاق النار.
- سيطر المستعربون عليه من دون مقاومة فعلية، وخرجوا معه سيراً عبر شوارع المخيم. هناك اصطدموا، كما هو منتظَر، بصعوبات أكبر: بدأ عشرات الشبان برشقهم بالحجارة والزجاجات المشتعلة، وبسرعة انضم إليهم نشطاء مسلحون. ولدى وصول الجيب العسكري لقائد الفرقة العسكرية والجيب العسكري لقائد اللواء الإقليمي إلى خط التماس، بين المخيم والمدينة، تطور هناك مشهد أشبه بالغرب المتوحش. فقد طارد عدد من الدراجات النارية ومن المسلحين في سيارات الجيبين العسكريين، ومن حين إلى آخر، أطلقوا النار بصورة عشوائية. قناصة من المستعربين قتلوا فلسطينيين إثنين، هما: سجين سابق مسلح من الجهاد الإسلامي، وشاب في الـ18 من عمره، صودف وجوده هناك، بحسب السكان، لكن بحسب الجيش، كان هو أيضاً مسلحاً. بعد الخروج من المدينة، كانت مدهشة رؤية نجاعة الدفاع العسكري. فقد أصابت رصاصة واحدة الباب الخلفي للسيارة العسكرية لقائد الفرقة من دون أن تخترقه، والمقاتلون الذين كانوا خارج سياراتهم تعرّضوا، طبعاً، لخطر أكبر بكثير.
- العملية الليلية والحوادث الأُخرى التي وقعت في الفترة الأخيرة تزيد في حدة ما هو مفروغ منه - أيادي الجيش الإسرائيلي في المناطق ليست مكبلة. هذا الكلام هو هراء مطلق من صنع مغني الراب "الظل" (هو مغنٍّ إسرائيلي وناشط سياسي يميني) واليمين المتشدد. تعليمات إطلاق النار واسعة النطاق للغاية، وتترك القرار في أيدي القادة والجنود. لكن القادة بصورة عامة يعرفون كيف يركزون على الهدف الأساسي - في هذه الحالة، اعتقال المطلوب- وليس على تعداد جثث المسلحين. لو لم يُشرح للمقاتلين سلّم الأولويات، لكانت تلك الليلة انتهت مع عشرة قتلى من الفلسطينيين، من دون أن تجد النيابة العامة العسكرية ومكتب التحقيق الجنائي عيباً في سلوك المقاتلين.
- طرقات الضفة تشهد مناوشات من نوع آخر. ازدياد الهجمات على السيارات الإسرائيلية يؤدي إلى شعور المستوطنين بعدم الأمان، ويضغط على القادة كي يتحركوا. عدد من الكمائن على جانبي الطرقات ينتهي بإطلاق النار على راشقي الحجارة والزجاجات المشتعلة، وأغلبيتهم من الأولاد والشباب.
- بعد أسبوع من بدء غزو أوكرانيا، وعلى الرغم من الفجوات في المعلومات والتضليل بشأن الوضع على الأرض، فإن التطورات في الساحة الدولية، بالإضافة إلى تطور القتال على الأرض، يبدو أنهما لا يتطابقان مع التقديرات والتطلّعات المسبقة للرئيس بوتين. فالضائقة الاستراتيجية والصعوبات العملانية يبدو أنها دفعت إلى توجيه بوتين تعليمات مغطاة إعلامياً إلى وزير الدفاع ورئيس الأركان لرفع مستوى جهوزية المنظومة النووية. والهدف هو نقل رسالة إلى دول الغرب بشأن حدود تدخُّلها في الأزمة، في ضوء التصعيد التدريجي في استخدام قوة الجيش الروسي، والذي سيؤدي إلى العديد من القتلى والدمار.
- من خلال صور المعركة الدائرة، يمكن التقدير أنه يوجد تأخير في تنفيذ الخطط العملانية للجيش الروسي، ولا سيما السيطرة السريعة على كييف وإسقاط الحكم. مع ذلك، وفي ضوء الضباب الكثيف الذي يغطي ساحة القتال، وحقيقة أنه لم تمر سوى أيام معدودة على بدء المعركة، من الصعب الإشارة إلى عمق الفجوات بين الخطط العملانية وبين تنفيذها الفعلي.
- عشية غزو أوكرانيا، يبدو أن الرئيس بوتين قدّر أن ظروف تصعيد الأزمة مع أوكرانيا ملائمة له، ومنها: غرق دول الغرب في أزمات داخلية في مواجهة الكورونا والتضخم المتصاعد؛ صورة زعامة غربية مأزومة - الرئيس الأميركي يبدو ضعيفاً ويتردد في استخدام القوة، ويركز على الساحة الداخلية، إلى جانب زعامة أوروبية ضعيفة (المستشار الألماني الجديد شولتس يبدو قليل الخبرة، والرئيس ماكرون عشية انتخابات رئاسية، ورئيس الحكومة البريطانية جونسون مشغول بشؤونه الداخلية)؛ الاعتماد الكبير للدول الأوروبية على الغاز الروسي؛ تعزيز المحور الاستراتيجي مع الصين. كل ذلك إلى جانب الوضع الاقتصادي، وهو أفضل من الماضي، مع فوائض في العملات الأجنبية تبلغ أكثر من 630 مليار دولار، ومعارضة داخلية مسحوقة.
- يبدو أن بوتين كان على حق في تقديره عدم استعداد بايدن لاستخدام القوة العسكرية، لكنه أخطأ في تقديره بشأن إصرار الرئيس الأميركي وقدرته على بلورة جبهة واسعة وموحدة مع الدول الغربية وتدفيع روسيا ثمناً باهظاً نتيجة عدوانها. من المحتمل أيضاً أن تكون زلة لسان الرئيس بايدن، بأن العملية العسكرية المحدودة التي تقوم بها روسيا سيرد عليها بردّ ملائم، عززت تقدير بوتين للرد الضعيف المتوقع من الولايات المتحدة.
- عملياً، وبعكس تقديرات بوتين، نجح بايدن من خلال نظرية القيادة التي وضعها الرئيس أوباما قبل عقد، وهي "القيادة من الخلف" (Leading From Behind)، في بلورة ائتلاف عريض يشمل عشرات الدول في أوروبا وآسيا وأستراليا. كلام بايدن في خطابه إلى الأمة، الذي أشار فيه إلى أن "الحكام المستبدين الذي لا يدفعون ثمن عدوانيتهم يتسببون بالفوضى"، يدل على إصراره على تدفيع روسيا ثمناً باهظاً على سلوكها.
- بالإضافة إلى ذلك، بعد فترة طويلة بدا حلف الناتو خلالها كأنه فقد دلالته، نجح بايدن في إحياء الحلف من جديد، وبرزت أهميته في تأمين مظلة دفاعية لكل الدول الأعضاء فيه. كما أرسلت الولايات المتحدة وبريطانيا قوات وعتاداً إلى دول في شرق أوروبا أعضاء في الناتو، وأعلنتا التزامهما الدفاع عن كل الدول الأعضاء في الحلف. بالإضافة إلى ذلك، فإن حقيقة إظهار فنلندا والسويد، اللتين حرصتا طوال سنوات على المحافظة على الحياد، استعدادهما لعمل مشترك مع الناتو، تعكس الوحدة التي نشأت بين دول الغرب خلال الأزمة وحيال التهديد الذي تشكله النيات الروسية......
توصيات لإسرائيل
- في الخلاصة، أثبتت تطورات المواجهة حتى الآن أن الاستخبارات الأميركية والبريطانية كانتا على حق بشأن نية بوتين غزو أوكرانيا، وأن الرئيس الروسي نفسه أخطأ في تحليل الردود المتوقعة من المنظومة الدولية، وبشأن قدرة الجيش الروسي على تحقيق حسم سريع.
- يتعين على إسرائيل الاستمرار في انتهاج سياسة صحيحة توازنُ بين الاعتبارات الاستراتيجية والأخلاقية، وبين القيود الأمنية. في ضوء ذلك، إلى جانب التعبير عن إدانة الغزو الروسي والاستمرار في تقديم المساعدات الإنسانية، ونظراً إلى أهمية التنسيق الأمني مع روسيا من أجل المحافظة على عمليات "المعركة بين الحروب" في سورية، وأهمية العلاقات معها في مسائل أُخرى، يجب على إسرائيل الدفع قدماً بحوار بعيد عن الأضواء مع الولايات المتحدة وروسيا بهدف التوصل إلى تفاهمات هادئة في هذا الشأن.
- في الوقت عينه، يوضح الرد الغربي لإسرائيل حدود التأييد من طرف واشنطن ودول أوروبا، وخصوصاً عند حدوث مواجهة عسكرية. بناءً على ذلك، يجب عليها مواصلة العمل على تطوير قدرات عمل مستقلة لمواجهة التهديدات التي تواجهها، في الأساس إزاء إمكانية أن يزيد الاتفاق النووي الجديد في التحديات من طرف طهران وحلفائها في المنطقة. في هذا السياق، وفي ضوء احتمال تجميد مفاوضات فيينا في الفترة المقبلة، يجب على إسرائيل محاولة استغلال هذه الفترة من الوقت لإقناع الأميركيين والأوروبيين بالتشدد في مواقفهم حيال مسائل جوهرية، كأحد الدروس التي يمكن استخلاصها من سلوك روسيا العنيف.