مختارات من الصحف العبرية

مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
تخوف في إسرائيل وتركيا من أن يؤدي التصعيد مع طهران إلى كبح عودة الحرارة إلى العلاقات بين الدولتين
غانتس يبحث إمكانية إعلان منظمتي "لاهافا" و"لافاميليا" كتنظيمين إرهابيَين
وزير خارجية دولة سورينام يزور إسرائيل ويعلن فتح سفارة لبلاده في القدس
مقالات وتحليلات
مسيرة الأعلام مرت بسلام، لكن الجروح العميقة في القدس الشرقية لا تبشر بالخير
ثم جاءت القمصان البيضاء
العودة مجدداً إلى مضائق تيران
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"هآرتس"، 31/5/2022
تخوف في إسرائيل وتركيا من أن يؤدي التصعيد مع طهران إلى كبح عودة الحرارة إلى العلاقات بين الدولتين

البيان الصادر أمس عن مجلس الأمن القومي، والذي حذّر المواطنين الإسرائيليين الموجودين في تركيا من خطر التعرّض لهجومات إيرانية، أثار خيبة الأمل والإحباط في تركيا، الأمر الذي يمكن أن يضرّ بصورة تركيا، كدولة آمنة بالنسبة إلى السياح، قبل أشهر الصيف.  وكان التحذير الخارج عن المألوف نُشر قبل اغتيال المسؤول الرفيع المستوى في الحرس الثوري في طهران، وجاء بعد أيام معدودة من الزيارة التي قام بها وزير الخارجية التركي إلى القدس، والتي كان هدفها عودة الحرارة إلى العلاقات بين الدولتين.

وكان موظفو وزارة الخارجية أطلعوا نظراءهم الأتراك على الإعلان قبل نشره، كما نقلت مصادر أمنية إسرائيلية إلى الجانب التركي المعلومات التي لديها، المتعلقة بالجهود الإيرانية لمهاجمة أهداف إسرائيلية على الأراضي التركية. وافترضت إسرائيل أن التحذير لن يمسّ بالعلاقات بين الدولتين، لأن تركيا أيضاً تتخوف من وقوع هجمات ضد السياح على أراضيها، ومن النتائج الأمنية والاقتصادية لذلك.

ومؤخراً، أرسلت مصادر إسرائيلية توجيهات إلى السياح الإسرائيليين الموجودين في تركيا، طلبت منهم توخي الحذر خلال إقامتهم بتركيا. وعلى ما يبدو، أدى التحذير إلى موجة من إلغاء حجوزات السفر إلى تركيا.

تجدر الإشارة إلى أن جهود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أجل إعادة الحرارة إلى العلاقات مع إسرائيل، اصطدمت بطلب إسرائيلي واضح، أن تعمل تركيا على إحباط هجمات إيران، أو "حماس"، ضد أهداف إسرائيلية في تركيا. رئيس الدولة الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ حذّر خلال زيارته إلى تركيا في آذار/مارس الماضي، وكذلك وزير الخارجية يائير لبيد في الأسبوع الماضي، نظيريهما التركيَين من تمركُز "حماس" في إستانبول. وفي الأشهر الأخيرة، طالبت إسرائيل تركيا بالعمل ضد نشطاء للحركة يعيشون في ربوعها، كخطوة مسبقة لإعادة الحرارة إلى العلاقات.

 

"هآرتس"، 30/5/2022
غانتس يبحث إمكانية إعلان منظمتي "لاهافا" و"لافاميليا" كتنظيمين إرهابيَين

قال وزير الدفاع بني غانتس، في جلسة عقدتها كتلة أبيض أزرق يوم الإثنين، إنه يفحص إعلان تنظيمي "لاهافا" و"فاميليا" كتنظيمين إرهابيَين. وتطرّق غانتس إلى الأحداث في مدينة القدس، فقال: "سمعت هتافات مثيرة للاشمئزاز من حفنة من المحرضين وسط الجمهور اليهودي. سنواصل ملاحقتنا للمحرضين ومثيري العنف في كل مكان. وكوزير للدفاع، أعتقد أنه حان الوقت لتصنيف منظمتي "لاهافا" و"لافاميليا" كتنظيمين إرهابيَين".

كما تطرّق وزير الأمن الداخلي عومر بار ليف، في جلسة عقدتها كتلة حزب العمل، إلى الموضوع وصرّح لـ"هآرتس" بأنه ينوي الطلب من المستشارة القانونية للحكومة وضع هاتين المنظمتين خارج القانون.

وهذه المرة الأولى التي يُطرح فيها هذا الاقتراح، بعد طرحه عقب عملية "حارس الأسوار"، وفي ضوء أعمال العنف التي وقعت في المدن المختلطة، والتي تورط فيها نشطاء من المنظمتين. لكن كل هذه المحاولات اصطدمت بعقبات قانونية، ولم تسمح بتصنيف "لاهافا" تنظيماً إرهابياً، على الرغم من تأييد الشاباك لذلك. الآن، بعد كلام غانتس، من المنتظر أن تبحث الشرطة والنيابة العامة والمستشارة القانونية للحكومة في الموضوع وفحصه مجدداً، في ضوء المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بنشطاء أساسيين في التنظيمين.

في مسيرة الأعلام برز السلوك العدائي للمشاركين من التنظيمين الذين حملوا أعلاماً، ومحاولاتهم التشاجر مع الفلسطينيين ودعواتهم "الموت للعرب". كما تجدر الإشارة إلى أن رئيس "لاهافا" بنتسي غوبشتاين سبق أن اتُّهم في سنة 2019 بالتحريض العنصري والعنف ضد العرب الذين وصفهم بالسرطان، وبمدحه لمجزرة الحرم الإبراهيمي التي ارتكبها باروخ غولدشتاين.

 

"يديعوت أحرونوت"، 30/5/2022
وزير خارجية دولة سورينام يزور إسرائيل ويعلن فتح سفارة لبلاده في القدس

أعلن وزير خارجية دولة سورينام، وهي دولة تقع شمال أميركا الجنوبية، في أثناء زيارة له إلى إسرائيل، وبعد اجتماع عقده مع وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد، نية بلاده فتح سفارة لها في القدس قبل نهاية السنة.

وقال وزير الخارجية ألبرت رامدين لصحيفة "يديعوت أحرونوت": "هذه أول زيارة لي إلى إسرائيل وأول زيارة لوزير خارجية من سورينام، وهي زيارة تاريخية. بالنسبة إلينا، العلاقات مع إسرائيل مهمة جداً، وزيارتي الرسمية تؤكد ذلك. توجد جالية يهودية في سورينام منذ القرن السابع عشر. لقد بدأنا العمل على فتح سفارة، ولدينا اليوم قائم بالأعمال غير مقيم في إسرائيل، ووافقت إسرائيل على أوراق اعتماده.

وتحدث وزير خارجية سورينام عن اهتمام بلاده بتطوير العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل وسبل التعاون معها في مجالات الصحة والزراعة والبيئة، وأيضاً في موضوعات الأمن الغذائي والمائي. كما أعرب عن أمله بالتعاون مع القطاع الخاص، ومع رجال الأعمال. ودعا الإسرائيليين إلى زيارة بلاده وقضاء العطلة فيها.

خلال الزيارة، وقّع وزيرا خارجية البلدين اتفاقاً للاستشارات السياسية بين الدولتين. كما اقترح لبيد إرسال مساعدة إنسانية إلى سورينام بعد الطوافانات التي شهدها شمال البلاد قبل قرابة الشهر، ومن أجل مساعدة المواطنين الذين خسروا منازلهم.

تجدر الإشارة إلى أن دولة سورينام هي أصغر دولة مستقلة في أميركا الجنوبية، إذ يبلغ عدد سكانها 600 ألف نسمة. ومؤخراً، جرى الكشف عن مخزون للغاز والنفط فيها. اللغة المستخدمة فيها هي اللغة الهولندية من ذكرى أيام الاستعمار الهولندي. وحصلت على استقلالها في سنة 1975، وتعيش فيها أقلية مسلمة تشكل 20% من السكان، وجالية يهودية صغيرة يبلغ عددها 200 شخص.

 

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"معاريف"، 31/5/2022
مسيرة الأعلام مرت بسلام، لكن الجروح العميقة في القدس الشرقية لا تبشر بالخير
طال ليف رام - محلل عسكري
  • مرت مسيرة الأعلام بهدوء في مواجهة "حماس" في غزة، لكن الجروح العميقة في القدس لا تبشر بالخير إزاء استمرار الاستقرار الأمني في الأشهر المقبلة. في المواجهة مع "حماس"، إسرائيل هذه المرة هي التي وضعت خطاً أحمر ولم تخضع للابتزاز. مع ذلك، ومع الأسف الشديد، مجموعة من الشبان اليهود المتطرفين جاءت أمس للاحتفال بعيد القدس، ورأت في إطلاق هتافات عنصرية، مثل "الموت للعرب"، ومضايقة الباعة المتجولين، تعبيراً لا لزوم له عن حبهم للدولة.
  • في القدس الشرقية، التطرف مستمر - تورُّط شبان فلسطينيين في "الإرهاب"، عنف ضد اليهود، رشق حجارة وأعمال شغب، هي بحد ذاتها بمثابة تحدٍّ لسلطة الدولة أهملته إسرائيل أعواماً كثيرة. لكن في الوقت عينه، لا يمكن التعامي وتجاهُل اتجاهات مقلقة نحو التطرف والعنف وسط شبان يهود، والاستخفاف بهذه التوجهات بالقول إن المقصود مجموعات هامشية ليست مهمة. يتعين على المسؤولين عن تطبيق القانون الدخول في عمق ما يجري هنا قبل فوات الأوان.
  • بالعودة إلى قطاع غزة: على الرغم من التشابه في ظروف الأحداث التي أدت إلى عملية "حارس الأسوار" في العام الماضي، كانت النتيجة هذه المرة مختلفة تماماً. في جميع الأحوال، حالة التأهب القصوى في مواجهة القطاع ستستمر أيضاً في الأيام القادمة. على الرغم من أن "حماس" فهمت، على ما يبدو، أن خسارتها ستكون أكبر بكثير من الربح الذي يمكن أن تحصل عليه من تصعيد جديد مع إسرائيل في التوقيت الحالي. وهذه نتيجة مزيج من الارتداع عن الدخول في حرب جديدة والحاجة إلى إعادة بناء قدراتها العسكرية والأثمان الباهظة للخسارة الاقتصادية، بدءاً من التسهيلات التي تقدمها إسرائيل، من خلال السماح بدخول العمال العرب من غزة للعمل في أراضيها، وصولاً إلى المشاريع الدولية والإدراك أن اختيار التصعيد مجدداً سيعقّد وضع قيادة "حماس" إزاء المصريين والقطريين على حد سواء.
  • في هذه الأثناء، تشعر "حماس" بأنها قادرة على تأجيج التوترات في داخل إسرائيل، من خلال التحريض والصمود في وجه الضغوط الداخلية، كونها لا تتحرك عسكرياً ضد إسرائيل. مع ذلك، فإن رد التنظيمات "الإرهابية" في غزة على أحداث القدس يمكن أن يحدث في الأيام المقبلة، كنوع من تخفيف الضغط. وأيضاً لأن هذه التنظيمات فهمت أن الرد في يوم القدس بحد ذاته هو بمثابة خط أحمر بالنسبة إلى إسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، ثبت هذه المرة، بوضوح، أنه عندما تكون "حماس" مهتمة بالأمر، لا يوجد تنظيم "مارق" واحد في قطاع غزة يطلق النار، وهذا يجب أن نتذكره في المرات المقبلة.
  • هذه المرة أوصت المؤسسة الأمنية بعكس ما أوصت به في العام الماضي، ولم تسمح لـ"حماس"، من خلال تهديداتها، بأن تلعب دوراً في سياسة إسرائيل الداخلية. هذا على الرغم من معرفة المؤسسة الأمنية أن قرارها، عدم تغيير مسار مسيرة الأعلام، ينطوي على إدارة ذكية للمخاطر وإدراك عميق بأن التراجع في مواجهة "حماس" يمكن أن يكون له تداعيات أكثر خطورة في المستقبل، من خطر تصعيد إضافي وإطلاق صواريخ من القطاع. في اختبار النتيجة، تعتقد المؤسسة الأمنية أن "حماس" هي الآن في ورطة.

 

"هآرتس"، 31/5/2022
ثم جاءت القمصان البيضاء
عميرة هاس - مراسلة شؤون المناطق الفلسطينية
  • "العرب يرفعون رؤوسهم. يسمحون لأنفسهم"، بهذه الكلمات اشتكت إفرات راز، التي تقطن في المستوطنة غير المسموح بها وغير القانونية، كيدا، على مسامع رئيس الحكومة نفتالي بينت. ونظراً لأن زوجها نوعام راز قُتل خلال اقتحام وحدة اليمام [الوحدة الخاصة لمحاربة الإرهاب] مخيم جنين يوم 13 أيار/مايو، عرفنا أنه كان جزءاً من القوة ذاتها التي قصفت منزلاً لا يزال سكانه فيه، بينهم 11 ولداً ينامون فيه. هذا بالإضافة إلى أن الوحدة استخدمت أباً وابنته، كدرع بشري.
  • كم عدد سكان المستوطنات غير القانونية الذين يخدمون، بشغف وولاء، في وحدات تنشر الرعب في أوساط أطفال فلسطين، وتزرع فيهم صدمات نفسية وغضباً طوال الحياة؟ كم من النساء هناك، وهم أيضاً، يعتقدن أن العرب يرفعون رؤوسهم؟ كم من الذين رأيناهم بالقمصان البيضاء في مسيرة الرعب أول أمس في القدس، يحلمون بالانضمام إلى اليمام؟
  • كان مهماً لو حددوا السياسة العامة التي يعمل بموجبها الجيش وأذرعه في الشرطة في حماية وتعميق المشروع الاستيطاني. لكن العكس هو الصحيح: على مدار أكثر من 50 عاماً، شكّل المجتمع المسياني - الديني - القومي أداة مريحة بيد الحكومات العلمانية الإسرائيلية التي حرصت على تعميق المشروع الصهيوني، من خلال السيطرة على بقايا المساحة الفلسطينية التي احتُلت في سنة 1967. أداة، نشدد ونقول إنها أداة.
  • هذه القمصان البيضاء - منذ الرقص في سبسطية وفرحة عيد المساخر في الخليل، بعد المجزرة التي ارتكبها د. باروخ غولدشتاين بحق المصلين الفلسطينيين- ما كانوا لينجحوا لولا أنهم خدموا جيداً أهداف الحكومات الصهيونية، واندمجوا في الخطط التي أعدتها. لولا تشجيع السياسيين (أعضاء في الاشتراكية الدولية)، من أمثال شمعون بيرس ويغآل ألون، الذين خططوا مسبقاً لتفكيك الضفة الغربية كحيز فلسطيني؛ لولا قيام الجيش، في أيام إشكول وموشيه ديان، بهدم ثلاث قرى فلسطينية في اللطرون، وهجّروا سكانها؛ لولا تجاهُل عنف "الأعشاب الضارة" لعشرات الأعوام؛ لولا سيطرة الجيش على مساحات واسعة لأهداف عسكرية، كما يبدو، ومررها للمستوطنين؛ لولا منع الاقتصاديين والمصممين والقانونيين الإسرائيليين للتطوير الفلسطيني - قبل وبعد اتفاق "أوسلو".
  • المشكلة هي أن الأدوات ترفع رأسها. شاهدنا هذا جيداً خلال الرقصة المرعبة أول أمس في القدس. اليوم، عددهم 50 ألفاً، يلبسون القمصان البيضاء ويسيرون في قلب القدس الفلسطينية. أمس، ساروا في الخليل، وطبّقوا فيها رؤية تفريغها من الفلسطينيين. غداً، سيكونون مئة ألف. رعاة الغنم العنيفون في البؤر الاستيطانية، هم أيضاً جزء من هذه الصيغة البيضاء المقدسة. وكما قال الأب الروحي زئيف حفير، من حركة الاستيطان "أمناه"، فإن هذه البؤر سيطرت على ضعف الأرض الفلسطينية التي سيطرت عليها المستوطنات المبنية. ما هو حجم الأرض التي سينجحون في سرقتها غداً؟ ثمانية أضعاف، أم سبعة فقط؟ اليوم، عدد اليهود الذين رقصوا واقتحموا الحرم الشريف هو 2600. لقد نجحوا سابقاً بسلب الحرم الإبراهيمي من المجتمع الفلسطيني. غداً، سيكونون 7000. كم عدد الذين سيوقّعون عريضة لبناء الهيكل الثالث منهم؟ ومتى سيكون لهم الأغلبية الديمقراطية في الكنيست؟
  • ألا يوجد في العالم كله اليوم دولة مسؤولة واحدة، تقول بصوت واضح: "تباً، هذه الطفرة اليهودية التي تتطور في الشرق الأوسط - دولة إسرائيل- ضربها الجنون. وقعت على رأسها. وبصورة خاصة بسبب قوتها العسكرية والنووية والتكنولوجية، الممزوجة بشغف ديني مجنون، بسبب علاقتها بالولايات المتحدة، هذا ما يجب أن يُقلقنا، جداً". في هذا العالم القاسي الذي نعيش فيه، هذا توقُّع غير منطقي، أن تخرج جهة دولية مسؤولة وكبيرة، وتعمل على كبح جماح هذا الاتجاه الذي يشارك في صوغه مواطنو دولة إسرائيل اليهود بشكل كامل.

 

"هآرتس"، 30/5/2022
العودة مجدداً إلى مضائق تيران
شاوول حوريف - رئيس مركز أبحاث السياسة والاستراتيجيا المائية في جامعة حيفا - وبني شفناير، زميل باحث في المركز
  • ازدادت في الأيام الأخيرة الأخبار التي تتحدث عن خطوات تقودها الإدارة الأميركية بشأن إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين السعودية وإسرائيل. في الأسبوع الماضي، نشر باراك رابيد في موقع "والا" خبراً عن توسُّط الولايات المتحدة بين إسرائيل والسعودية ومصر، من أجل تسوية وضع الجزيرتين الواقعتين على مدخل خليج إيلات. نحن في مركز أبحاث السياسة والاستراتيجيا المائية في جامعة حيفا نعتقد أن خطوة التسوية هذه هي خطوة مُلحة وضرورية بالنسبة إلى أمن دولة إسرائيل في أي اتفاق يجري التوصل إليه بين الدول. أيضاً الأحداث الأخيرة في مضائق البوسفور والدردنيل، في إطار المعركة بين روسيا وأوكرانيا، وفي مضائق باب المندب، في إطار عمليات المتمردين الحوثيين في المنطقة، تشدد على أهمية حرية الملاحة في نقاط حساسة من هذا النوع.
  • تقع مضائق تيران وجزيرتا تيران وصنافير في أقصى جنوب خليج إيلات، في الطريق المؤدية إلى شرقي البحر الأحمر. الخلاف بشأنها يعود إلى أسباب تاريخية، وقضايا تتعلق بالحقوق الإقليمية وعلاقات دولية واستراتيجية. للمضائق أهمية استراتيجية بالنسبة إلى دولة إسرائيل، وإغلاقها على يد المصريين أمام عبور السفن القادمة إلى إسرائيل، أو المنطلقة منها، كان من بين الأسباب التي أدت إلى نشوب عملية قادش في سنة 1956، وحرب الأيام الستة في سنة 1967. هذا الأمر أدى إلى إعطاء هذه المنطقة الحساسة اهتماماً خاصاً في إطار اتفاقية السلام بين إسرائيل ومصر في سنة 1979، والتي جرى خلالها الالتزام بحُرية الملاحة من إسرائيل وإليها في هذه المضائق، كما وُضعت آلية لنزع السلاح من هذه المنطقة ومراقبتها بواسطة قوة مراقبين من الأمم المتحدة برئاسة الولايات المتحدة.
  • لكن مضائق تيران والجزر الموجودة فيها لها تاريخ طويل يتعلق بمصر والسعودية. في البداية، كانت هذه الجزر تابعة للسعودية، وفي نهاية سنة 1949، وُقِّع اتفاق بين الطرفين، لم يخرج إلى العلن، سُمح فيه لمصر بإدخال عتاد عسكري إلى تيران وصنافير لمنع إسرائيل من احتلالهما. أثار هذا الأمر توتراً، ويومها، بحثت الولايات المتحدة مع مصر تداعيات منع حرية الملاحة في المضائق عموماً، وبصورة خاصة بالنسبة إلى إسرائيل.
  • منذ ذلك الوقت، تحولت هذه المنطقة إلى مصدر للتوتر بين مصر وإسرائيل جرت تسويته، كما ذكرنا، في اتفاقيات السلام بين الطرفين في سنة 1979. لكن في سنة 2016، وخلال زيارة الملك السعودي إلى مصر، وقّعت الدولتان اتفاقاً يقضي بأن تعيد مصر الجزيرتين إلى السعودية في مقابل مساعدة اقتصادية كبيرة تضمن بناء جسر يربط الدولتين فوق المضيق. وعلى الرغم من المعارضة الشعبية للاتفاق في مصر، فإن المحكمة العليا أقرّته في سنة 2017، ووقّعه الرئيس المصري. عندما استعادت السعودية سيادتها على الجزيرتين، "ورثت" أيضاً اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل، المتعلق بهذه المنطقة، من دون أن تكون طرفاً فيه. ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم، صرّحت السعودية بأنها لا تجد نفسها مُلزمة بما تضمّنه الاتفاق، وأنها ليست مُلزمة بضمان حرية الملاحة لدولة إسرائيل، وهي تعتبر قوة المراقبين الدوليين في المنطقة لضمان اتفاق السلام قوة أجنبية في منطقة خاضعة لسيادتها. في المقابل، تملك إسرائيل ضمانات دولية تؤكد أن قوة المراقبين هي التي تضمن تطبيق الاتفاق على هذه المنطقة، نصاً وروحاً. عملياً، كما أشرنا في المركز في سنة 2017، الوضع الآن بالنسبة إلى إسرائيل في كل ما له علاقة بالسيادة السعودية على المنطقة، هو عودة إلى الفترة التي سبقت نشوب حرب الأيام الستة. وهناك خطر حقيقي لاحتمال حدوث تدهور يتعلق بحُرية الملاحة في المضائق؛ لذا، يجب إعادة الاتفاق إلى ما كان عليه.
  • إذا كانت التقارير التي تحدثت عن تسوية العلاقات بين إسرائيل والسعودية صحيحة، فإن ما يجري هو تطور مهم. حقيقة أن تبحث السعودية وإسرائيل والولايات المتحدة في إعادة الحرارة إلى العلاقات فيما بينها، وأن يكون أحد الموضوعات المطروحة على جدول الأعمال هو تسوية الوضع القائم في مضائق تيران، يدل على إدراك الأطراف أن إبقاء هذا الموضوع من دون حل يمكن أن يتحول إلى عقبة إقليمية لاحقاً. في الحل المقترح من إسرائيل، هي تطالب بالحصول على ضمانات بحُرية الملاحة، وهو أمر جوهري بالنسبة إلى وجودها، وعلى ضمانات بألّا تهدد السعودية بإغلاق المضائق كما فعلت مصر في الماضي، وأن تتعهد السعودية بحُرية الملاحة فيها. في مثل هذه الشروط، يمكن أن تحصل السعودية على وعد بمغادرة قوة المراقبين الدوليين الموجودة في أراضيها، الخطوة الضرورية لفرض سيادة السعودية الكاملة على المنطقة كما تطالب.
  • إن ممرات الملاحة إلى إسرائيل في البحر المتوسط والبحر الأحمر هي شريان الحياة بالنسبة إليها. وضمان بقائها مفتوحة وآمنة بصورة دائمة هو هدف استراتيجي من المرتبة الأولى. الأخبار بشأن احتمال قيام علاقات دبلوماسية بين إسرائيل والسعودية تسمح للجمهور الواسع بإلقاء نظرة غير عادية على المجال المائي الذي لا يحظى، عموماً، بالاهتمام والأهمية بشكل كاف.