مختارات من الصحف العبرية

مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
غانتس: هناك توتر مع مصر ناجم عن العملية في غزة ونأمل بأن يزول قريباً
تقرير: المؤسسة الأمنية تتعامل بجدية مع تهديدات نصر الله وترى أن الوضع اليوم يشبه ما كان عليه سنة 2006
تقرير: في ضوء التقديرات بقرب توقيع الاتفاق النووي مع إيران، المؤسسة الأمنية الإسرائيلية مُتحدة ضده
مقالات وتحليلات
الاتفاق على الحدود البحرية؟ على لبنان أن يتصرف كدولة أولاً
إسرائيل على خطأ في حربها ضد الاتفاق النووي
نعم للتسوية مع لبنان على ترسيم الحدود البحرية
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"هآرتس"، 22/8/2022
غانتس: هناك توتر مع مصر ناجم عن العملية في غزة ونأمل بأن يزول قريباً

تحدث وزير الدفاع بني غانتس في مقابلة أجرتها معه محطة أف - أم 103 يوم أمس الاثنين، عن اندلاع أزمة سياسية مع مصر، على خلفية عملية "مطلع الفجر" في قطاع غزة، معرباً عن أمله بتخطّي ذلك في وقت قريب. وقال غانتس في المقابلة: "في العلاقات بين الأصدقاء، هناك هبوط وصعود.. ونحن نعرف كيف نعيد الاستقرار إلى العلاقات التي تشكل مصلحة لنا ولهم. وآمل بأن تزول الأزمة في الأيام القريبة."

وتطرّق غانتس إلى تهديدات حزب الله، على خلفية النزاع بشأن منصة الغاز في حقل كاريش، فقال: "أعلنت دولة إسرائيل أنها ستدافع عن أرصدتها، كما أعلنت أنها مستعدة للتوصل إلى اتفاقات مع الحكومة اللبنانية من خلال الوسيط الأميركي"، وتابع: "آمل بألا نضطر إلى خوض جولة أو قتال، وهو ما سيشكل مأساة بالنسبة إلى الدولة اللبنانية ومواطنيها." وردّاً على سؤال: هل مهاجمة منصة الغاز يمكن أن تؤدي إلى حرب؟ أجاب غانتس: "هذا يمكن أن يؤدي إلى ردّ، وهذا بدوره يمكن أن يؤدي إلى يوم قتال، من المحتمل أن يتطور إلى عدة أيام تؤدي إلى معركة."

كما ذكرت الصحيفة أن التوترات بين إسرائيل ومصر بدأت في نهاية الأسبوع، على خلفية رفض إسرائيل الاستجابة إلى الطلب المصري بوقف عمليات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية في مطلع الشهر، ضمن إطار التفاهمات على وقف النار في غزة. وكان رئيس الشاباك رونين بار وصل إلى القاهرة أمس للاجتماع بكبار المسؤولين بغية حلّ الأزمة، ومن المتوقع أن يلتقي رئيس الاستخبارات المصرية عباس كامل الذي ألغى زيارته المخطَّط لها إلى إسرائيل، احتجاجاً على سلوك الحكومة الإسرائيلية.

المصريون الذين كانوا يقومون بوساطة للتوصل إلى وقف إطلاق النار، غضبوا من الخطوات التي قامت بها إسرائيل طوال وقت القتال، وهم يعتقدون أنها لم تعطِ فرصة للتوصل إلى حل من دون استخدام القوة العسكرية. ووصل التوتر إلى ذروته بعد انتهاء العملية، عندما تحدث رئيس الحكومة يائير لبيد هاتفياً مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حين طلب السيسي من لبيد وقف عمليات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى اشتعال المناطق من جديد. مكتب رئاسة الحكومة لم يبلّغ المؤسسة الأمنية بمضمون ما دار في المحادثة بصورة دقيقة. بعد يوم من المحادثة، جرت عملية كان مخطَّطاً لها لاعتقال المطلوب إبراهيم النابلسي في القصبة في نابلس، وهو ما أدى إلى مقتل النابلسي واثنين من الفلسطينيين وجرح العشرات في تبادُل إطلاق للنار مع الجيش.

يضاف إلى هذا الغضب المصري شكاوى مصرية من عمليات للجيش سبقت عملية "مطلع الفجر" واغتيال قائديْ الجهاد الإسلامي شمال القطاع وجنوبه تيسير الجعبري وخالد منصور، في الوقت الذي كانت مصر تحاول التهدئة والتوصل إلى وقف إطلاق النار.

"يديعوت أحرونوت"، 23/8/2022
تقرير: المؤسسة الأمنية تتعامل بجدية مع تهديدات نصر الله وترى أن الوضع اليوم يشبه ما كان عليه سنة 2006

الخطابات المتعاقبة لزعيم حزب الله حسن نصر الله تثير المخاوف في إسرائيل. وعلى الرغم من أن مصلحة لبنان اليوم شبيهة بمصلحة إسرائيل، ولأن إقامة منصات الغاز مفيدة من أجل ازدهار الدولتين، فإن هذه المعادلة لا تناسب حزب الله.

هذا الأسبوع، قال وزير الدفاع إن "من الأفضل التوصل إلى اتفاق من دون حرب." وهو محق لأنه من المؤسف أن يدفع المواطنون في الدولتين الثمن. وعلى الرغم من التزام الجيش بالصمت، فإن سلاحيْ الجو والبحر بدآ بالاستعداد لإمكانية اشتعال الجبهة الشمالية، وهما يعدّان الخطط الملائمة.

حتى ولو أن نصر الله يخطط لـ"أيام قتال" فقط، وعلى الرغم من أن إسرائيل لا تريد حرباً، فإن مشكلة الطرفين تكمن في أن قوة النار التي سيستخدمانها تختلف تماماً عن تلك التي اعتادها الجمهور في العمليات في غزة خلال العشرة أعوام الأخيرة. سيكون من الصعب على إسرائيل السيطرة على ألسنة اللهب في حال رد الطرف الثاني. حتى ولو انطلقت النيران من خلال حادث محدود، فإنها قد تتدهور سريعاً إلى أيام قتال، ومن هناك إلى حرب حقيقية لا يرغب فيها الطرفان.

التحدي الكبير الآن، هو متى وكيف يمكن وقف هذا التدهور؛ لذلك، تدور النقاشات الأساسية في المؤسسة الأمنية حول إعداد ردود على أي حادثة أو سيناريو يمكن أن يحدث. وبالتأكيد، في حال وصول معلومات ملموسة عن عمليات يخطط لها حزب الله، لا يمكن استبعاد اتخاذ قرار لإحباطها قبل وقوعها.

حالياً، تتوجه الأنظار إلى مطلع أيلول/سبتمبر، إذ من المتوقع أن يصل الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين إلى المنطقة، حاملاً معه الاقتراح النهائي الذي من المنتظر أن تقبله الدولتان، طبعاً إذا لم يفاجئنا نصر الله قبل ذلك.

من أجل أن نفهم الاستعدادات التي تقوم بها إسرائيل أكثر، يجب متابعة استبدال قائد المنطقة الشمالية أمير برعام المخطَّط له في 11 أيلول/سبتمبر. تُظهر تجربة الماضي أنه عندما يكون الجيش بصدد الاستعداد لاندلاع اشتباك في الساحة الشمالية، يؤجَّل موعد استبدال القيادة. هذا ما حدث مثلاً قبل مهاجمة المفاعل النووي في سورية في سنة 2007. وإذا جرى تأجيل التعيينات، فيمكن أن نعرف إلى أي حد هناك معقولية لحدوث مواجهة بالنسبة إلى الجيش الإسرائيلي.

 

"معاريف"، 23/8/2022
تقرير: في ضوء التقديرات بقرب توقيع الاتفاق النووي مع إيران، المؤسسة الأمنية الإسرائيلية مُتحدة ضده

"الاتفاق النووي الآخذ في التشكل بين إيران والدول العظمى بقيادة الولايات المتحدة، هو اتفاق سيئ. وإسرائيل غير مُلزمة به، وحفاظاً على أمنها، ستواصل العمل على كبح المساعي النووية الإيرانية." هذا ما يقولونه اليوم (الثلاثاء) في قيادة المؤسسة الأمنية، في أعقاب التقديرات المتزايدة بأن الاتفاق على وشك التوقيع. وعلمت "معاريف" بأن موقف رئيس الموساد ديفيد برنيع، الذي كان يقول على الدوام إن الاتفاق الآخذ في التبلور هو "كارثة استراتيجية" ويجب بذل كل الجهود لإقناع الولايات المتحدة بالامتناع من توقيعه، قد تحول مؤخراً إلى الموقف المهيمِن في المؤسسة الأمنية.

وقال مصدر سياسي رفيع المستوى للصحيفة إن "كل قيادة المؤسسة الأمنية الآن مع موقف برنيع. وانتصر توجُّه الموساد بالأساس لأن الغرب، بقيادة الأميركيين، رضخ للإيرانيين في كل المجالات تقريباً - بالنسبة إليه، كان المهم توقيع الاتفاق وإزالة الموضوع من جدول الأعمال. ونحن مَن سيبقى الموضوع على جدول أعمالهم لأن إيران ستحصل على رخصة للقتل، وعلى مئات مليارات الدولارات التي ستوظفها في الإرهاب، وفي التمدد الإقليمي."

هذا الموقف أثّر، على ما يبدو، في مواقف المستوى السياسي، وهذا هو السبب الحقيقي لإرسال مستشار الأمن القومي إيال حولاتا إلى واشنطن على عجل، حيث يلتقي اليوم كبار مسؤولي الإدارة الأميركية. رئيس الحكومة يائير لبيد كثّف تحرُّكه مؤخراً في هذا المجال وأصدر في الأمس بياناً حاداً، كما أجرى أحاديث مع زعماء الدول الكبرى (مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتز وغيرهما).

يسود الاعتقاد في المؤسسة الأمنية أن حقيقة تنازُل الغرب لإيران عن "الملفات المفتوحة" لدى الوكالة الدولية للطاقة النووية هي دليل على عجز المفاوضين مع إيران. وذكر مصدر أمني رفيع للصحيفة أن "الاتفاق يسمح لإيران بنقطة خروج أولى من الاتفاق بعد عامين ونصف العام. كل ما يمكن أن يحققه الاتفاق في الوقت الراهن هو تمديد الوقت مدة عامين ونصف العام، حتى الموعد الذي تستطيع فيه إيران استئناف سباقها النووي. هذه المرة برعاية دولية. إن هذا الاتفاق كارثي، وسيُلحق ضرراً كبيراً، ليس بإسرائيل فقط، بل بالمنطقة كلها."

ليس في إمكان إسرائيل التأثير في القرار الأميركي السير نحو الاتفاق بأي ثمن، مثلما لم تنجح في التأثير في قرار إدارة باراك أوباما توقيع الاتفاق في سنة 2015، لكن على الأقل يمكنها تحذير العالم من التوقيع. والتقدير أنه في الأيام المقبلة ستتحدث إسرائيل بصورة علنية وحادة ضد الاتفاق، سواء على المستوى السياسي، أو على المستويين العسكري والأمني. سابقاً وُجّهت الانتقادات إلى رئيس الموساد برنيع، بعد الخطاب الذي ألقاه وتعهّد فيه شخصياً أن إسرائيل والموساد سيبذلان كل ما في وسعهما لمنع حصول إيران على قدرة نووية. وليس من المستبعد أن يكون برنيع هو مَن سيعبّر عن هذا الموقف قريباً.

يسود المؤسسة الأمنية تقدير متشائم بأنه من المنتظر توقيع الاتفاق خلال أسابيع معدودة، في ضوء القرار الاستراتيجي المتخذ في واشنطن وطهران. وفي الأمس قال مصدر سياسي للصحيفة: "كل الكوابح والموانع والمصاعب التي اعترضت طريق الاتفاق كانت على المستوى التكتيكي. ولم تؤثر في القرار الاستراتيجي. هذا الاتفاق سيُلحق ضرراً استراتيجياً بالشرق الأوسط على مدى أجيال، وسيدفع بالعديد من الدول إلى طرق باب إيران، ونحن نرى منذ الآن بداية هذا المسار." 

 

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"هآرتس"، 23/8/2022
الاتفاق على الحدود البحرية؟ على لبنان أن يتصرف كدولة أولاً
يائير رابيد - عسكري إسرائيلي وكاتب
  • مرّ خمسون عاماً تقريباً، منذ أعلنت قيادات فرع "تيفل" في الموساد - المسؤول عن العلاقات السرية الإسرائيلية - جهلها كل ما يخص جارتنا الشمالية. هذا الجهل ساعد على تنمية جنون العظمة لدى وزير الدفاع حينها، أريئيل شارون، الذي خطط لفرض "ترتيبات جديدة في لبنان" - تنصيب رئيس صديق لإسرائيل، وتوقيع اتفاق سلام منفصل بين الدولتين. دولة إسرائيل دفعت ثمناً باهظاً بسبب هذا الجهل، إذ قُتل مئات الجنود وأصيب الآلاف، بعضهم يعاني جرّاء إعاقة مدى الحياة.
  • عندما قرأت المقال الذي كتبه المتعلمان الاثنان، د. بني سبانيير والبروفيسور شاؤول حوريف "نعم لاتفاق مع لبنان بشأن الحدود البحرية" (مترجَم في عدد النشرة الحالي)، وصلت إلى الاستنتاج المؤسف أن أشخاصاً مهمّين في إسرائيل، بينهم باحثون معروفون، إلى جانب الوزيرة كارين ألهرار ووزراء آخرين، لم يتعلموا شيئاً من الإخفاق الإسرائيلي في لبنان، ويستمرون في التعامل معه على أساس أنه دولة.
  • لبنان ليس دولة، ولا يتصرف كدولة. لبنان هو مجموعة من الطوائف، والفصائل، والعائلات، والمصالح، التي يجمعها شيء واحد فقط، وهو الكراهية فيما بينها.
  • محاولة الوصول إلى اتفاق بشأن "المياه الاقتصادية" بين إسرائيل ولبنان، والاعتقاد أن اتفاقاً كهذا سيدفع قدماً بالعلاقات بين الدولتين ويقوّي الأمن، ليس إلا وهماً. المحادثات مع اللبنانيين من خلال المبعوث الأميركي الذي يحمل معه "رسائل مشجعة" - مثل كل اتفاق أو موافقة من لبنان من دون موافقة "رب البيت" أي حزب الله - هي فاقدة للمعنى والصلاحية. حتى ولو أعطى حسن نصر الله موافقته، فهذه الموافقة صالحة للّحظة التي منحها فيها. التعامل مع الاتفاق مستقبلاً سيتقرَّر بحسب "المصلحة الإيرانية".
  • الاعتقاد أن مشاركة لبنان أرباح استخراج الغاز سيحسّن الوضع الاقتصادي للـ"دولة" والمواطنين الذين يعانون، في أغلبيتهم، جرّاء الفقر المدقع، هو وهمٌ ناجم من عدم المعرفة التام بسلوك السلطة اللبنانية. حكومة إسرائيل، والخبراء، وكتّاب المقالات على اختلاف أنواعهم، وكذلك الأمر المبعوث الأميركي ذاته، لا يختلفون عن المسؤولين في "تيفل" منتصف القرن الماضي. لا يفهمون أن كلمة OK في لبنان لا تشير إلى موافقة أو اتفاق، إنما هي في أفضل الأحوال مرادفة لكلمة "إن شاء لله".
  • على إسرائيل أن توقّع اتفاق "المياه الاقتصادية" كما ينصّ القانون الدولي. لكن الاتفاق، كما هو معروف، يجب أن يتم توقيعه مع دولة، وليس مع "عصابات إجرام وإرهاب". على حكام لبنان أن يفهموا، وعلى القيادة الإسرائيلية أن توضح للبنان، بكل طوائفه وقياداته، وكذلك الأمر بالنسبة إلى حكام إيران والإدارة الأميركية، أن دولة إسرائيل تعترف بالحاجة إلى توقيع اتفاق لتوزيع الموارد الطبيعية بين الجارات، ولذلك، يجب على لبنان أن يعود أولاً ويتصرف كدولة. بما معناه، عليه احترام سيادة جاراته. كل طريق أُخرى، يجب أن يكون من الواضح أنها ستؤدي إلى ضربة قوية جداً من إسرائيل، وإلى ردّ سيؤدي إلى تدمير كامل للبنان.
  • إمكانية واحدة، مثلاً، هي أنها، ومن اللحظة التي تبدأ فيها إسرائيل باستخراج الغاز، تتم إقامة صندوق تديره الإدارة الأميركية، بمشاركة السعودية والإمارات، وتضع فيه إسرائيل كل فترة يتم الاتفاق عليها مسبقاً، مبلغاً من المال يساوي حصة لبنان. وبعد الوصول إلى تفاهمات وتوقيع اتفاقيات إضافية مع لبنان بخصوص العلاقات فيما بينه وبين إسرائيل - يتم تحرير الأموال، ويحصل عليها.
  • هذا الأمر يمكن أن يشجع لبنان على اتخاذ خطوات مختلفة عن تلك التي اتخذها خلال عشرات الأعوام الماضية إزاء إسرائيل.
"يديعوت أحرونوت"، 23/8/2022
إسرائيل على خطأ في حربها ضد الاتفاق النووي
أورالي أزولاي - مراسلة سياسية
  • نظام الملالي في إيران مكوّن من أشخاص لا يمكن الثقة بهم، وبالتأكيد لا يمكن السماح له بالحصول على سلاح نووي. هذا هو السبب الذي من أجله قرر الرئيس الأميركي باراك أوباما مع الدول الكبرى توقيع اتفاق مع إيران في سنة 2015، فضمن كبح قدراتها وسمح للغرب بالدخول إلى المنشآت التي احتوت على أجهزة الطرد المركزي التي يأتي الشر منها. أرنست مونيز الذي كان وزيراً للطاقة في إدارة أوباما ومهندس الاتفاق النووي، قال لي في مقابلة أجريتها معه: "عقدنا اتفاقاً مع إيران مثلما تعقد اتفاقاً مع كذابين- طلبنا وحصلنا على وسائل رقابة لم يشهد التاريخ مثلها."
  • لقد بذل رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو كل ما في وسعه لمنع مثل هذا الاتفاق. وفي خطوة غير حكيمة سياسياً، وصل عشية توقيع الاتفاق إلى واشنطن وألقى خطاباً أمام الكونغرس من وراء ظهر أوباما. لم يكتفِ أوباما بوصفه بأنه "ناكر للجميل"، بل تعرّض نتنياهو لكل الشتائم، وطُرد من المدينة. الاتفاق وُقِّع والقافلة انطلقت...
  • تقيّد الإيرانيون بكل بنود الاتفاق حتى مجيء دونالد ترامب الذي مزق الاتفاق إرباً، بتشجيع من نتنياهو، وبذلك منح الإيرانيين هدية أغلى من الذهب: فقد عادوا إلى سيرتهم الأولى. الآن، يحاول بايدن التوصل إلى توقيع اتفاق جديد - قديم، وإذا لم تحدث مفاجأة في اللحظة الأخيرة، فمن المتوقع توقيع الاتفاق في الأسابيع القادمة. الصحف في إيران بدأت بإعداد الرأي العام الإيراني لذلك، وهي تسخر من إسرائيل، ففي رأيها، إن تحرُّك نتنياهو وهوس ترامب ضد إنجازات سلفه أعطت إيران مجالاً للتنفس، واليوم أصبحت أكثر قرباً من القنبلة من أي وقت سابق.
  • يسير رئيس الحكومة يائير لبيد، تحديداً، على المسار عينه: مستشار الأمن القومي إيال حولاتا وصل إلى واشنطن، وبدأ اليوم محادثات مع البيت الأبيض للاستماع إلى المزيد من التفاصيل عن الاتفاق، وكي يعبّر عن المعارضة الإسرائيلية له. حولاتا سيحصل على التفاصيل، لكنه لن يحصل على ما حصل عليه الإسرائيليون في أثناء المفاوضات في فترة أوباما، إذ كانوا على صلة بما يجري من الخارج كما لو أنهم موجودون في داخل الغرفة. يعارض لبيد الاتفاق، وهو لا يختلف عن نتنياهو. وذلك بعكس ما يقوله الخبراء في الولايات المتحدة وفي إسرائيل أيضاً إن الاتفاق كان ناجحاً.
  • عندما يتوحد العالم كله لكبح إيران بوسائل دبلوماسية، من الحماقة أن تضع إسرائيل العصي في الدواليب. لقد أعلن الطرفان أنه لن يكون هناك المزيد من المفاوضات، وأن المسودة أصبحت على الطاولة، وهم ينتظرون "نعم" أو "لا" من جانب إيران. يبقى أمر جدي: تطالب إيران بضمانات لا يمكن التشكيك فيها، أنه إذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض (أو شخص مثله كرئيس) تبقى الولايات المتحدة ملتزمة بالاتفاق.
  • هذا الاتفاق يشبه اتفاق سنة 2015: رفع العقوبات، رقابة كاملة، تنازُل إيران عن مطالبتها بإزالة الحرس الثوري من قائمة التنظيمات الإرهابية. كل هذا يجب أن يجري الآن. تبادُل كلمات بدلاً من تبادُل قصف بالصواريخ. أطواق تكبح الطموح الإيراني، والهدوء أفضل بكثير من قنابل ذكية في سماء الشرق الأوسط، ومن يد غير مسؤولة قريبة من زر تشغيل سلاح يوم القيامة. بايدن يعمل بإصرار من أجل إعطاء الفرصة مرة ثانية، ومن الحماقة أن تضيعها إسرائيل إذا قال الإيرانيون نعم.

 

"هآرتس"، 14/8/2022
نعم للتسوية مع لبنان على ترسيم الحدود البحرية
شاؤول حوريف - رئيس مركز الأبحاث السياسية والاستراتيجية البحرية في جامعة حيفا - بني سبانيير، زميل باحث في المركز
  • بعد انتهاء عملية "مطلع الفجر" في مواجهة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة، المطلوب من إسرائيل تحييد بؤرة احتكاك أُخرى يمكن أن تجرّ إلى اندلاع مواجهة عسكرية - هذه المرة على الحدود الشمالية؛ والمقصود النزاع على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل.
  • كثرت في الأيام الأخيرة التقارير من جانب أطراف إسرائيلية تحدثت عن تفاؤل حذر بشأن فرص بلورة اتفاق مع لبنان على مبادىء حلّ لترسيم الحدود البحرية بينهما. وزيرة الطاقة كارين ألهرار (من حزب يوجد مستقبل) قالت منذ وقت قصير إن إسرائيل مستعدة لدراسة حلول مبتكرة من أجل التوصل إلى اتفاق مع لبنان في هذا الشأن. إذا جرت الموافقة على الخطة التي قدمها الموفد الأميركي عاموس هوكشتاين إلى الطرفين، فمن المتوقع أن تُستأنف الاجتماعات بين وفديْ الدولتين، برعاية الأمم المتحدة ومشاركة الوسيط الأميركي، من أجل تحديد خط الحدود بحد ذاته.
  • بطبيعة الأمور، لم تحدَّد أسباب هذا التفاؤل، والمعلومات المتوفرة لدى الجمهور هي جزئية. علاوة على ذلك، في أجواء عشية الانتخابات يظهر الادعاء أن إسرائيل تتخوف من تهديدات حزب الله ضد منصة كاريش مع اقتراب موعد استخراج الغاز من الحقل في مطلع أيلول/سبتمبر، لذلك، هي مستعدة لاحتواء استفزازات الحزب، وحتى التراجع عن موقفها الأصلي بشأن مسألة ترسيم الحدود البحرية بينها وبين لبنان.
  • نعتقد أنه في أي مفاوضات يجب أن يكون موقف إسرائيل مستوحى من اعتبارات عقلانية تستند إلى مصالحها. لسنا على اطّلاع على تفاصيل المفاوضات، ونعتمد على المعلومات الجزئية التي تصل إلى الجمهور، لكن يمكننا أن نرسم ما يحدث فيها بصورة عامة، عبر فحص الحقائق. أولاً، يجب ألّا تتراجع إسرائيل عن موقفها الأصلي، وهو أن حقل كاريش موجود كله في داخل مياهها الاقتصادية - وأن لبنان، تحديداً، هو الذي وسّع النزاع على خط الحدود مع إسرائيل في سنة 2020 ليشمل حقل كاريش. كما تجدر الإشارة إلى أن الموقف اللبناني لم يكن مقبولاً من أيٍّ من الخبراء في هذا المجال، بينهم أيضاً خبراء في لبنان، وكان واضحاً أن هذا الطلب هو نوع من التلاعب لخدمة أغراض التفاوض. لذلك، بعد أن استأنف الموفد مهمته، أُزيلت هذه المطالبة من جدول الأعمال، وتتمحور المفاوضات الآن على منطقة النزاع المعروفة منذ عشرة أعوام، والتي يبلغ حجمها 860 كيلومتراً مربعاً.
  • في نظرنا، توجد في هذه المفاوضات نقطتا نزاع أساسيتان: الأرض والموارد. فيما يتعلق بمسألة الأرض، وأساسها خط الحدود الشمالية الذي رسمته إسرائيل من جهة، في مقابل الخط الجنوبي الذي رسمه لبنان من جهة أُخرى. فمنذ تشرين الأول/أكتوبر 2020، وعندما كان يوفال شتاينتس وزيراً للطاقة، كان هناك اتفاق بين الطرفين على تقسيم المنطقة كالتالي: 52% للبنانيين والباقي لإسرائيل. لو قررت إسرائيل في تلك المرحلة السير في اتجاه اللبنانيين، وزادت نسبة الأرض المعطاة لهم، لكانت تصرفت بصورة صحيحة، لأن هذا لم يكن ينطوي على تنازُل كبير.
  • فيما يتعلق بمكوّن الموارد: الادعاء هو أن المنطقة المتنازَع عليها تحتوي على فرص للعثور على مخزون من الغاز، والسؤال كيف يمكن توزيع الأرباح التي سيجري الحصول عليها في المستقبل. من المهم القول إن هناك فجوة كبيرة من الغموض، بين افتراض وجود مخزون للغاز، وبين استخراجه فعلياً. حتى لو افترضنا وجود حقل كبير للغاز في هذه المنطقة، يتعين على إسرائيل التنازل عن نسبتها منه لمصلحة لبنان. ثمة مصلحة عليا لإسرائيل في أن ينجح لبنان في استخراج الغاز من هذه المكامن، وهو ما سيساعد اقتصاده المتعطش إلى المداخيل كثيراً. ثانياً، وجود منشأة لبنانية لاستخراج الغاز في هذه المنطقة سيخلق "توازُن رعب"، وسيزيل من جدول الأعمال مسألة التهديدات ضد منصات الغاز في إسرائيل، لأن لبنان سيكون له مثل هذه المنصة. وبناءً على ذلك، فإن أي تنازل تقوم به إسرائيل فيما يتعلق بمخزون الغاز الموجود في المنطقة المتنازَع عليها هو أمر جيد لأمن إسرائيل ويحسّن وضعها. تملك إسرائيل احتياطات غاز كافية من دون هذا المخزون، والكرم من جانبها أمر مفيد.
  • نفترض أنه عندما أشارت وزيرة الطاقة ألهرار إلى أن إسرائيل تبحث في حلول مبتكرة في المفاوضات مع لبنان، فإن كلامها يتناول هذين المكونين: الأرض والموارد. ومهما كان الحل المبتكر، ففي المحصلة، من الأفضل أن تسير إسرائيل في اتجاه لبنان في هذه المسائل، وأن تعمل على تسوية الحدود البحرية معه بالطرق السلمية، وهذه هي النتيجة الأفضل بالنسبة إليها.
  • إن جميع الخطوات التي جرى الكلام عنها سابقاً لم تأخذ في الحسبان موقف حزب الله من الاتفاق، أو تحركاته ضد حقل كاريش، حتى بعد التوصل إلى اتفاق. من المعروف أن الاعتبارات التي توجّه حزب الله لا تتلاءم بالضرورة مع المصالح الداخلية للبنان، وأن بعضها يفرضه رعاته في طهران. في مقدور الحزب إحباط أجواء التفاؤل وعدم السماح بالتقدم المنتظر، وأيضاً إذا وُقّع الاتفاق – اعتبار حقل كاريش أحد أهداف الهجوم المفضلة للحزب إذا اضطر إلى ذلك. في رأينا، منطقة حدود منتظمة تجري فيها أعمال تنقيب واستخراج للغاز على طرفيْ الحدود، يمكن أن تشكل أداة ضغط لبنانية داخلية ضد حزب الله، وستحظى بتأييد دولي واسع النطاق.