مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال رئيس الحكومة الإسرائيلية المكلف بنيامين نتنياهو إنه سيسعى لإبرام اتفاق سلام مع السعودية، وأشار إلى أن ذلك قد يسهّل التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين، وتعهد متابعة العلاقات الإسرائيلية الرسمية مع الرياض من أجل تحقيق قفزة كبيرة، وحثّ واشنطن على إعادة تأكيد التزامها تجاه المملكة.
وأضاف نتنياهو في سياق مقابلة أجرتها معه قناة التلفزة السعودية "العربية" الناطقة بالإنكليزية بُثّت مساء أمس (الخميس)، أن التحالف التقليدي الأميركي مع السعودية ودول أُخرى يحتاج إلى إعادة تأكيد، ولا ينبغي أن تكون هناك تقلبات دورية، أو تقلبات حادة في هذا التحالف، معرباً عن اعتقاده أن التحالف مع الولايات المتحدة هو مرساة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
وأكد نتنياهو أنه سيتحدث مع الرئيس الأميركي جو بايدن بهذا الشأن.
كما أكد نتنياهو أنه ملتزم بالدفع قدماً باتفاقيات التطبيع المبرمة مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين، والمعروفة باسم "اتفاقيات أبراهام" التي شدّد على أنها أوجدت محوراً جديداً في المنطقة تحت المظلة الأميركية.
وقال نتنياهو: "أعتقد أن السلام مع المملكة العربية السعودية سيخدم غرضين: سيكون خطوة كبيرة نحو سلام شامل بين إسرائيل والعالم العربي، وسيغيّر منطقتنا بطرق لا يمكن تصورها. أعتقد كذلك أنه سيساعد في نهاية المطاف على تحقيق السلام الإسرائيلي - الفلسطيني، أنا أؤمن بذلك، وهذا طموحي. بالطبع، يعتمد الأمر على القيادة السعودية إذا كانت مهتمة بالمشاركة في هذا الجهد. أتمنى بالتأكيد أن تكون كذلك."
وتطرّق نتنياهو إلى الحرب في أوكرانيا، فأعرب عن قلقه من التقارير بشأن توريد إيران أسلحة وعتاداً عسكرياً يشمل طائرات مسيّرة إلى روسيا، وقال إن ذلك مقلق بسبب الشراكة الإشكالية بين موسكو وطهران، كما شدّد على أن حكومته ستواصل العمل على منع التموضع الإيراني في سورية. وأضاف: "لكن هذا يتطلب جهداً متواصلاً. وهذا الجهد يشمل الطيارين الإسرائيليين الذين يطيرون في سماء سورية على مسافة قريبة من الطيارين الروس. إن آخر ما نريده هو مواجهة عسكرية بين روسيا وإسرائيل. لا نريد ذلك، وأنا متأكد من أن الروس لا يريدون ذلك أيضاً."
وسُئل نتنياهو عن الإجراءات ضد إيران وعمّا إذا كان هناك تعاون مع واشنطن في هذا الشأن فقال: "كلا، لأن ذلك قد يتسرب. وإذا تسرب مثل هذه الأمور في ‘واشنطن بوست‘، أو في ‘نيويورك تايمز‘، فسيكون لدى الإيرانيين إنذار مبكر، وسيتم إلغاء إجراءاتنا مسبقاً."
قالت المستشارة القانونية للحكومة الإسرائيلية غالي بهراف ميارا إن سلسلة التشريعات الخاطفة التي يقوم بها الائتلاف الحكومي الحالي قبل فترة قصيرة من تأليف الحكومة المقبلة، قد تُلحق أضراراً فادحة بالديمقراطية الإسرائيلية والفئات الضعيفة.
ورأت بهراف ميارا في سياق كلمة ألقتها أمام مؤتمر القانون العام المنعقد في جامعة حيفا أمس (الخميس)، أن الفكرة من وراء جميع مشاريع القوانين التي يطرحها ائتلاف أحزاب اليمين الآن هي زيادة القدرة على الحكم واستهداف الشعور بالأمن الشخصي، ولكن يجب ضمان أن يركز هذا الخطاب على الدفع بمصلحة الجمهور كله إلى الأمام، وينبغي الحذر من وضع يُستخدم فيه خطاب القدرة على الحكم كوسيلة لإزالة قيود عن قوة السلطة.
وتطرقت بهراف ميارا إلى تشريعات كثيرة يحاول ائتلاف الحكومة المقبلة، برئاسة زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو تمريرها في الكنيست، وبينها قانون الالتفاف على المحكمة العليا، لمنعها من شطب قوانين يسنّها الكنيست، وتغيير طريقة تعيين أقدم قضاة المحكمة العليا رئيساً للمحكمة، وتغيير إجراءات تعيين القضاة، واستهداف قدرة المحكمة العليا على النظر في قرارات الحكومة وتعييناتها، وخفض سن تقاعُد القضاة، فقالت: "إن مشاريع القوانين الجارية مناقشتها في هذه الأيام، والتي توصف بأنها تشريعات خاطفة، ليست منفصلة عن بعضها، والفكرة التي بموجبها، من الصواب أو في الإمكان تنفيذ تغيير عميق في نسيج النظام بجرّة قلم خاطئة، في نظري. إن تغيير النظام بشكل جوهري يتطلب تفكيراً معمقاً ورجاحة رأي مدروسة، وهو لا يتلاءم مع تشريع خاطف يجري جزء منه قبل تأليف الحكومة، بحيث يتم الدفع قدماً بقوانين مبدئية خلال وقت قصير. ويجب الامتناع من وضع يُستخدم فيه خطاب القدرة على الحكم كوسيلة لإزالة قيود عن قوة السلطة."
كما أشارت المستشارة القانونية للحكومة إلى أن حُكم الأغلبية، من دون تسويات في النظام تُوازن قوة الأغلبية، ليس ديمقراطياً بمفهومه الجوهري.
وشددت على أنه من دون إشراف قانوني واستشارة قانونية مستقلة ستبقى إسرائيل مع مبدأ حُكم الأغلبية فقط، وستكون ديمقراطية بالاسم، ومن دون أي جوهر.
قام وفد من المكتب الأميركي للشؤون الفلسطينية أمس (الخميس) بزيارة تعزية إلى عائلة الفتاة الفلسطينية جنى زكارنة (16 عاماً) التي قُتلت قبل عدة أيام في مدينة جنين في الضفة الغربية خلال نشاط عسكري لقوات من الجيش الإسرائيلي وحرس الحدود لاعتقال مطلوبين.
وجاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية في واشنطن أن الولايات المتحدة تؤكد دعمها لإجراء تحقيق ومساءلة، وفي الوقت نفسه، تعرب عن قلقها من ارتفاع عدد القتلى والمصابين، ومن بينهم أطفال في صفوف الفلسطينيين والإسرائيليين.
في المقابل، أعرب قائد حرس الحدود اللواء أمير كوهين عن دعمه الكامل لعناصره الذين شاركوا في النشاط العملاني في جنين لدى مقتل الفتاة زكارنة. وقال إن التحقيق الذي اطّلع عليه بعد حادث القتل يشير إلى أنهم "تصرفوا بإخلاص وشجاعة وحزم وبشكل لا لبس فيه."
وأضاف كوهين في سياق كلمة ألقاها خلال حفل تخريج مقاتلين من وحدة "يسام" لمكافحة "الإرهاب" التابعة للشرطة أقيم أول أمس (الأربعاء): "عبّرت بشكل قاطع، ومن دون تحفُّظ، عن تأييدي ودعمي للمقاتلين. ولقد قررت، بناءً على التحقيق الذي عُرض عليّ بعد ساعات قليلة من وقوع الحادث، أن مقاتلينا تصرفوا بشكل أخلاقي، بالاعتماد على قيم، وبشجاعة وتصميم، وأنقذوا أرواحاً. ولهذا فإنني أحييهم."
وقال كوهين إن القتال في مناطق معادية، كما رأينا مؤخراً في منطقة جنين، يخيّم عليه ضباب المعركة أحياناً؛ "وعلى هذا النحو، نحن ملزمون باتخاذ قرارات تحت النار، وفي فترة قصيرة من الزمن." وتابع: "ليس لدينا تقنيةVAR [في إشارة إلى تقنية التحكيم بمساعدة الفيديو التي يستخدمها الحكام لمراجعة القرارات في مباريات كرة القدم]، ولذا لا يمكننا أن نذهب إلى الشاشة ونقرر ما هو الشيء الصحيح أم لا."
وجاءت تصريحات كوهين هذه بعد أن قال الجيش الإسرائيلي إنه يعتقد أن ثمة احتمالاً كبيراً أن يكون شرطي من حرس الحدود أطلق النار بطريق الخطأ وقتل جنى زكارنة التي عُثر عليها ميتة على سطح منزلها في جنين مع إصابة بالرأس بطلق ناري بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من المدينة. وذكر الجيش، نقلاً عن تحقيق أولي قام بإجرائه لتقصّي وقائع إطلاق النار، أن قناصاً من شرطة حرس الحدود قام بتصويب نيرانه نحو مسلحين فلسطينيين كانوا يطلقون النار على الجنود من فوق أسطح المنازل خلال العملية.
وأشار الجيش إلى أنه يبحث كذلك في احتمال أن تكون الفتاة زكارنة قد ساعدت المسلحين من خلال مراقبة أو تصوير القوات الإسرائيلية في أثناء العملية العسكرية، ونفى الجيش الادعاءات القائلة إن الفتاة قُتلت عمداً، مؤكداً أن لا أساس لها من الصحة.
بموازاة ذلك، أعرب وزير الدفاع المنتهية ولايته بني غانتس عن أسفه لوفاة زكارنة، وقال إنه يأسف لوفاة أي شخص غير متورط في "الإرهاب" إذا كانت هذه هي الحال بالفعل. وأشار إلى أن العملية العسكرية في جنين كانت تهدف إلى اعتقال فلسطينيين مشتبه في ارتكابهم هجمات إطلاق النار مؤخراً ومتورطين في تنظيمات مسلحة.
وفي إثر الحادث، حثّ رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية الممثلة الخاصة للأمم المتحدة لشؤون الأطفال والنزاعات المسلحة فيرجينيا غامبا على التحقيق في جرائم الاحتلال ضد الأطفال ووضع إسرائيل على القائمة السوداء.
وتقوم غامبا حالياً بزيارة إلى مناطق الضفة الغربية وإسرائيل.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد أكد في تموز/يوليو الماضي أنه يجب إدراج إسرائيل ضمن القائمة السوداء إذا لم يتحسن وضع الأطفال في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة بحلول العام المقبل. واتهمت مراجعة سنوية للأمم المتحدة بشأن الأطفال في النزاعات المسلحة، إسرائيل بارتكاب 2934 انتهاكاً ضد قاصرين في المناطق [المحتلة] في سنة 2021.
- يواجه الشاباك وضعاً لم يشهده من قبل على الإطلاق وقيام الحكومة المقبلة يضعه في مواجهة تحديات جديدة في مجالين مهمين. الأول، توقُّع تنفيذ عمليات تصدٍّ أكثر نجاحاً "للإرهاب" الفلسطيني. بينما في المقابل، سيكون المطلوب منه العكس فيما يتعلق بالإرهاب اليهودي: خفض عمليات الفرقة اليهودية التي تُعتبر أنها تضطهد المستوطنين. ومن المتوقع أن يكون لهذا الوضع تداعيات مقلقة على الشاباك الذي كان موضع إجماع شعبي حتى اليوم.
- المسخ المسياني الذي ولد في الضفة الغربية اجتاز الخط الأخضر. وللمرة الأولى سيواجه الشاباك حزباً سياسياً عظيم القوة يقوده إيتمار بن غفير الذي لسنوات طويلة كان يُعتبر عنصراً مخرباً وحامل إرث مئير كهانا، وسبق أن أدانته إحدى المحاكم في إسرائيل أكثر مرة، بينها بتهمة الإرهاب. حالياً، هو يتمتع بقوة سياسية هائلة ودعم مطلق من جانب الحكومة المتطرفة التي هو عضو رفيع فيها. أعمال العنف التي قام بها اليهود ستحظى من الآن فصاعداً بدعم مؤسساتي (بالنسبة إلى سموتريتش لا وجود لشيء اسمه إرهاب يهودي) وهذا الأمر يمكن أن يُفاقم حدة الوضع في المناطق ويؤدي إلى ردات فعل على الإصابات الفلسطينية.
- والسؤال المطروح: إلى أي حد سيضر هذا الأمر بشرعية الشاباك وبفعالية عمله؟ الوزير المسؤول عن الجهاز هو رئيس الحكومة، وحتى الآن ليس معروفاً كيف سيدافع بنيامين نتنياهو عن الشاباك في مواجهة العاصفة القادمة التي مقدمتها المطالبة بإغلاق الفرقة اليهودية في الضفة الغربية وإلغاء أوامر الاعتقال الإداري لليهود.
- طوال سنوات عديدة، وقبل قرابة العقد، كان ردع الشاباك كافياً في مواجهته للإرهاب اليهودي. نجاحه في الثمانينيات في التصدي لخطة أعضاء "العصابة اليهودية" تفجير قبة الصخرة - التي شكلت جزءاً من الرؤيا المسيانية لشباب حركة غوش إيمونيم [حركة دينية حريدية استيطانية متطرفة]، الأمر الذي كان يمكن أن يُشعل الشرق الأوسط - رسّخ وسط اليمين الراديكالي الشعور بأن الشاباك فعال جداً، ولا يمكن العبث معه. في السنوات الأخيرة، وعلى خلفية ازدياد عمليات "جباية الثمن" [عمليات انتقامية كان يقوم بها المستوطنون اليهود ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية] بدا أن فعالية الجهاز في التصدي ضعفت، وكذلك قدرته على الردع.
- الاعتداء على الممتلكات وإشعال الحرائق المتعمدة والعنف حيال الفلسطينيين هي أمور روتينية، يضاف إلى ذلك حوادث متطرفة، مثل قتل عائلة الدوابشة في قرية دوما، ومقتل الفتى محمد أبو خضير بعد خطف الشبان الإسرائيليين الأربعة في سنة 2014. لقد استطاعت الجهات الإرهابية اليهودية أن تُسجل لنفسها نجاحاً: عملياتهم ضد الفلسطينيين جرى تطبيعها، ولا تجري إدانتها من جانب الأطراف المركزية في الاستيطان، وهم بطبيعة الحال، لا يُعتقلون ولا يجري توقيفهم. كذلك فإن الجمهور عموماً ووسائل الإعلام غير مهتمين بما يجري. بالنسبة إليهم، فإن هذا يجري ما وراء جبال الظلام.
- الحاجز الوحيد الذي بقي في مواجهة الإرهاب اليهودي هو الفرقة اليهودية في الضفة الغربية، من هنا، المزاعم الموجهة إليها من اليمين واتهامها بملاحقته سياسياً والوصول إلى حد المطالبة بإغلاقها. هذه الدعوات لم تلقَ تأييداً كبيراً، لكن من المعقول الافتراض أن الفكرة لم تُستبعد تماماً، لكنها عُلّقت موقتاً إلى إن يجد اليمين الراديكالي فرصة ملائمة لطرح الموضوع من جديد. حكومة فيها بن غفير وبتسلئيل سموتريتش هي فرصة ممتازة جداً بالنسبة إليهم.
- النقد الموجه إلى الشاباك لا يمس، على ما يبدو، بقدراته العملانية، لكنه يؤدي إلى التآكل في شرعيته. لذلك، كان من الصعب أن نرى في السنوات الأخيرة اجتماعات بين رؤساء الشاباك وبين زعماء المستوطنين كما كان يجري في الماضي، لتحذيرهم مما يجري في المناطق والطلب منهم تهدئة المتطرفين. أيضاً تكاثُر الأدلة التي تشير إلى أن الجيش لا يقوم بمهمته في المحافظة على النظام في المناطق، وأنه أحياناً يشارك المستوطنين في أعمال عنف ضد الفلسطينيين، يضغط بصورة غير مباشرة على الشاباك أيضاً.
- من المهم فحص النوايا الأيديولوجية لليمين الراديكالي حيال موضوعات حساسة تدخل ضمن نطاق مسؤولية الشاباك، وأهمها الحرم القدسي. في السنوات الأخيرة ضعف منع دخول يهود إلى الحرم وارتفع جداً عدد المصلين، بينهم أعضاء في الكنيست. يبدو أنه جرى تطبيع هذا الوضع أيضاً، لكن تحت الأرض هناك نيران تشتعل وسط الفلسطينيين.
- ما يجري في الحرم القدسي كان محور العديد من اندلاع أعمال العنف في العقدين الأخيرين. أهمها ما جرى في أيلول/سبتمبر 2000 مع صعود أريئيل شارون إلى الحرم في حادثة شكلت عود الكبريت الذي أشعل الانتفاضة الثانية (حتى اليوم ليس واضحاً لماذا لم يحذر الشاباك رئيس الحكومة ووزير الدفاع آنذاك إيهود باراك بهدف ثني شارون عن نواياه). موجة "الإرهاب" في 2015-2016 بدأت في أعقاب صعود يهود إلى الحرم في رأس السنة اليهودية، وبعد مرور عام على ذلك، جرى الحؤول دون نشوب العنف بفضل ضغط المؤسسة الأمنية على نتنياهو لإزالة الأجهزة المغناطيسية عن الأبواب التي يدخل منها الفلسطينيون إلى الحرم. أيضاً أحداث "حارس الأسوار" في غزة وفي إسرائيل، والتي وقعت في أيار/مايو 2021 بدأت في أعقاب مواجهات في المسجد الأقصى.
- المقصود والحال هذه أن الحرم القدسي هو أشبه ببرميل بارود إقليمي، ويعتبر الوجود اليهودي فيه بالنسبة إلى ملايين الفلسطينيين ومليارات المسلمين تحدياً. ماذا فعل وزير الأمن القومي المقبل؟ وعد بأنه سيصعد إلى الحرم. هل سيتمسك الشاباك بموقفه ويوصي نتنياهو بعدم السماح لبن غفير بالصعود إلى الحرم؟ وإذا فعل ذلك، هل سيتجاوب نتنياهو مع الطلب؟
- تم تحليل نتائج الانتخابات الأخيرة في كُل الاتجاهات الممكنة تقريباً. ولكن، يبدو أن البُعد الوحيد الذي تم تحليل الانتخابات من خلاله، هو وجهة نظر اليمين السياسي أو اليسار السياسي. جميع المقالات والمواقف التي جرى التعبير عنها في وسائل الإعلام، تحلّل ما المفيد لنتنياهو أو ما السيئ لليسار. مجموعات قليلة مختلفة تصرخ بحق إلى حد ما، لتعبّر عن مخاوفها بخصوص مستقبلها في ظل الحكم الجديد. ولكن، تقريباً لا يوجد أي صوت يتطرّق إلى تداعيات نتائج الانتخابات والمفاوضات الائتلافية على دولة إسرائيل كدولة "ديمقراطية"، سيادية وحرّة، لا تزال بعد 74 عاماً من "الاستقلال" مرتبطة بعلاقاتها الاستراتيجية مع القوى العظمى، كالولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية. وهذا، من دون أي علاقة للمواقف السياسية هذه أو تلك.
- بنية الانتخابات ونظامها الفاشل يدفعان بمن يتم اختياره لرئاسة الحكومة في كُل مرة من جديد، لإدارة مفاوضات ابتزازية بهدف إقامة حكومة، تصمد بالبقاء لفترة زمنية حتى سقوطها بيد عضو كنيست كهذا أو ذاك. وهذا يعني، أنه من أجل تشكيل حكومة، سيكون على رئيس الحكومة المنتخب أن يوافق تقريباً على كُل مطالب الأحزاب الصغيرة والمتوسطة. أحزاب، لم يتم اختيارها لتحكم وتقود، إنّما فقط لتمثّل فئة من المجتمع. أحزاب لا تمثّل أغلبية معيّنة في المجتمع، إنما مجرّد أجزاء من المجتمع. وهكذا يطلب من رئيس الحكومة الذي يمثّل أغلبية وفئات واسعة في المجتمع، الموافقة على سياسات لا تلائم أغلبية الشعب أو حاجاته فقط، إنما تسمح لحكومته بأن تقوم وتستمر.
- لفهم معنى الاتفاقيات الائتلافية الأخيرة وتأثيرها الهدّام في الدولة، سأحاول أن أقدّم بعض الأمثلة على المستقبل المتوقّع القريب، وليس بالضرورة من وجهة نظر سياسية أو موقف سياسي.
- يوجد في "دولة إسرائيل" قرابة الـ10 ملايين "مواطن". بينهم 6.8 ملايين صاحب حق اقتراع. ومن بين كل هؤلاء توزع التصويت للأحزاب المتوسّطة والصغيرة التي ستدخل الائتلاف على الشكل التالي:
- حصلت "الصهيونية الدينية" على نصف مليون صوت يشكّلون نحو 5% من مجمل المواطنين. داخل هذا الحزب، كان هناك 3 قوائم، واحدة منها تتضمن عضو كنيست واحد فقط (نوعام)، التي لم تعبر نسبة الحسم منفردة ولا مرّة. أمّا حزب "شاس" فحصل على نحو 390 ألف صوت يشكّلون نحو 3.8% من مجمل المواطنين. الأحزاب الحريدية حصلت على نحو 280 ألف صوت تشكّل سويًا 2.6% من مجمل المواطنين. وجميع هذه الأحزاب مجتمعة، وفي حساب تقريبي يشمل العائلات، فهي تشكل أقل من 20% من "المواطنين". ورغم هذه الحقيقة، يحصل مندوبوها على سيطرة كاملة بشأن كل ما يخص المستقبل الأمني، الاقتصادي والسياسي لدولة إسرائيل بشكل سيؤثر في كُل المواطنين.
- وزارة الدفاع مثلًا، سيكون عليها "استضافة" وزير إضافي بين جدرانها. وزير سيحصل على مسؤولية كاملة عن عمل منسّق أعمال الحكومة في الضفة و"الإدارة المدنية" التابعة لصلاحية الجيش. هذا الوزير، سيمثّل مواقف زعيمه سموتريتش، الذي بحسب تصريحاته، ينوي صوغ سياسات جديدة لسلوك إسرائيل في الضفة بشكل يحوّلها إلى جزء لا يتجزأ من دولة إسرائيل من دون أن يتم حسم ذلك بالاتفاقيات الدولية كما هو مطلوب في القرار 242 للأمم المتحدة. النتائج في هذه الحالة يمكن أن تكون هدّامة لإسرائيل والحديث هنا لا يدور عن مجرّد موقف سياسي. فوضع جهات عسكرية تحت سلطة وزارة مدنية وتطبيق القانون الإسرائيلي على الضفة الغربية بشكل أحادي الجانب، معناه بحسب القانون الدولي، تحويل الاحتلال إلى حالة ثابتة على مناطق اعترف العالم كله بأنها واقعة تحت احتلال موقت وخاضعة للمفاوضات. معنى هذا الإعلان هو اتهام إسرائيل بشكل فوري بسلسلة طويلة من جرائم الحرب، وتوطين مواطنين في مناطق غير مسموح لهم الاستيطان فيها، وضم فعلي للمنطقة على عكس مواقف كُل دول العالم، ومن ضمنها الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي وجميع الدول العربية التي لإسرائيل علاقات معها، وكذلك تلك التي يوجد مفاوضات للوصول معها إلى اتفاق سلام. هذا بالإضافة إلى أن وزير الدفاع وقائد هيئة الأركان المسؤولين عن المنطقة قانونياً، لن يستطيعا تحمّل مسؤولياتهما التي ستكون عملياً تحت سلطة جهات "مدنية" من طرف "الصهيونية الدينية". أغلبية المستوطنين في الضفة الغربية، الذين يعيشون اليوم بشكل "قانوني" اعترفت به الولايات المتحدة، سيتم اتّهامهم بأنهم مجرمو حرب. قيادات الجيش وقيادات الدولة سيتهمون بذلك، ومن الممكن إصدار أوامر اعتقال دولية بحقهم. وعلاوة على هذا كلّه، من المتوقّع أن يصل المجتمع الفلسطيني إلى نقطة توتّر وانفجار عنيف شامل ستمتد أضراره إلى المستوطنين، وأيضاً داخل "مناطق دولة إسرائيل".
- وفي مثل هذه الحالة المتوقّعة، لن يكون هناك أيضاً مستشارون قانونيون يمكنهم التحذير أو الدفاع عن خطوات دولة إسرائيل، وذلك لأن الوزير المخطّط تعيينه ينوي تعيين بعض المستشارين القانونيين من طرفه، سيصادقون من أجله على كُل خطوة، ولكن ليس من المؤكد نجاحهم في ذلك إزاء المجتمع الدولي. كذلك أيضاً قضاة المحكمة العليا الذين سيتم تعيينهم على يد الحكومة لن يقوموا بذلك.
- ماذا نتوقّع أيضاً؟ سلسلة من العقوبات الاقتصادية والسياسية من جانب أغلبية دول العالم إلى جانب إدانات واسعة من قِبل كل المؤسسات الدولية. هكذا مثلًا، من المتوقّع أن يوقف الاتحاد الأوروبي كُل استثماراته الاقتصادية والعلمية التي تصل قيمتها إلى مئات ملايين اليوروهات، في دولة إسرائيل. هكذا أيضاً، من المتوقّع أن تتخذ الإدارة الأميركية خطوات تحدّ من حرية حركة إسرائيل في الشرق الأوسط خاصة والدولية عامة.
- في الحالة المتوقّعة، لن تكون الدولة قادرة ولن ترغب في إخلاء مستوطنات "غير قانونية". وذلك لأن مقاتلي "حرس الحدود" الذين من المفترض بهم تطبيق هذه المهمات، سيكونون تحت سلطة وزير الأمن القومي، الذي يشكل توسيع المستوطنات في الضفة جزءاً من رؤيته. بحسب هذا النهج والقوانين الناتجة عنه، من المتوقّع أن يتم التعامل مع كل فلسطيني يهاجم يهودياً على أنه "إرهابي قاتل"، في الوقت الذي سيتم التعامل مع كُل يهودي يهاجم فلسطينياً على أنه "أعشاب ضالة" مطلوب إعادة تثقيفه من جديد.
- الآن بات واضحاً أنه وبأصوات 700 ألف ناخب فقط من مجمل مواطني دولة إسرائيل، تم حسم سياسات وطريقة تعامل دولة إسرائيل في السنوات المقبلة بشأن جميع المواطنين وأمام العالم أيضاً.
- الخطر الكامن بهذه الأحداث لا يتعلق باليمين أو اليسار. وهو أيضاً لا يتعلق بالإيمان الديني أو عدم الإيمان، بل هو مرتبط أساسًا بالموضوع البسيط جداً المسمّى "ديمقراطية إسرائيلية يهودية". العقل اليهودي اخترع طريقة فيها أقلية تقرّر إدارة الدولة بشأن أغلبية المواطنين ومواقفهم. هذه الطريقة لم تنجح في فترة خراب الهيكل الأول. ولا في فترة خراب الهيكل الثاني. ولم تنجح في سورية عندما حاولت أقلية السيطرة على الأغلبية، ولا في العراق، ولا في أي مكان آخر في العالم. وهذا لن ينجح بنهاية الأمر هنا أيضاً. السؤال الوحيد هو هل سينتهي هذا بانقلاب، انقلاب مدني، أو حرب أهلية.
- الأيام ستكشف القادم. المؤكد هو أنه من دون تغيير نظام الحكم بشكل دراماتيكي ونظام الانتخابات في دولة إسرائيل، الوضع سيكون أسوأ. إن المهمة الأولى للحكومة الإسرائيلية هي الدفع قدماً بتغيير النظام بكل مكوناته (سنفصّلها في مقالات لاحقة)، وإنقاذ الدولة من استمرار تدهور الوضع.