مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قالت رئيسة المحكمة العليا أستير حيوت في خطاب حاد ألقته مساء الخميس خلال المؤتمر السنوي لجمعية القانون العام، إن الخطة القضائية التي يدفع بها الوزير الجديد قدماً ستغير الهوية الديمقراطية لإسرائيل، وستفرّغ المحاكم من الأدوات التي لديها للدفاع عن المواطنين الإسرائيليين.
ومما قالته حيوت في خطابها: "قبل أيام، عرض وزير العدل الجديد خطة خاطفة لإحداث تغييرات بعيدة المدى في المنظومة القضائية. والمقصود هجوم لا ضوابط له على منظومة القضاء، كأنها الخصم الذي يجب مهاجمته وإخضاعه." ورأت حيوت أن هذه الخطة ليست لإصلاح القضاء، بل للقضاء عليه، وهي توجه ضربة قاسية تقضي على استقلالية القضاء وتشلّ عمله.
وأضافت حيوت: "كما ذكرت أكثر من مرة، فإن استقلالية القضاء وعدم تبعيته هما شريان الحياة القضائية، ومن دونهما، لن يكون في استطاعة قضاة إسرائيل ممارسة وظيفتهم وخدمة الناس. في هذه السنة، تحتفل إسرائيل بمرور 75 عاماً على قيامها كدولة يهودية ديمقراطية. وهذا مَعلم مهم في حياة الدولة، لكن للأسف الشديد، إذا جرى تحقيق خطة التغييرات، فإن العام 75 للدولة سيُذكَر بأنه العام الذي تعرضت فيه الهوية اليهودية للدولة الديمقراطية لضربة قاتلة."
وتابعت: "في الأيام الأخيرة، سمعنا كثيراً أن الحجة الأساسية لتبرير الخطة هي تحقيق إرادة الأغلبية. إن "سلطة الأغلبية" هي مبدأ أساسي من أسس النظام الديمقراطي - لكن الديمقراطية ليست فقط سلطة الأكثرية. وكل مَن يدّعي أن الأغلبية التي انتخبت ممثليها في الكنيست قد أعطتهم "شيكاً مفتوحاً" كي يفعلوا ما يحلو لهم، لا يفقه شيئاً في الديمقراطية."
وأضافت: "زئيف جابوتنسكي، الذي صرّح وزير العدل بأنه تعلم منه، سبق أن قال في سنة 1938، قبل عقد من قيام الدولة، إن الديمقراطية معناها الحرية. والسلطة التي تعتمد على الأكثرية يمكنها أن تمنع الحرية. وحيث لا توجد ضمانة لحرية الفرد - لا توجد ديمقراطية."
وتابعت: "إن إحدى المهمات الأساسية للمحاكم في دولة ديمقراطية هي الدفاع عن حقوق الفرد والمواطن في الدولة. المحكمة المستقلة وغير التابعة لأحد هي الضمانة المهمة لحرية الفرد التي تحدث عنها جابوتنسكي. وهي الضمانة بأن لا تتحول سلطة الأكثرية إلى استبداد الأكثرية." وأضافت: "ما الذي تطالب به خطة التغييرات التي يريد الوزير القيام بها؟ هو يريد أن يأخذ من يد القضاة الأدوات القانونية التي يستخدمونها من أجل الدفاع عن حقوق الفرد، وعن سلطة القانون. وتتحدث الخطة عن بند التغلب الذي يمنع المحكمة من إلغاء قوانين تمسّ بحقوق الإنسان بصورة مباشرة، كما جاء في الدستور، وبينها الحق في الحياة والملكية والحركة وحقوق أساسية، مثل الحق في المساواة وحق حرية التعبير وغيرها."
وردّ وزير العدل ياريف ليفين على خطاب حيوت بالقول: "في هذا المساء، علمنا بوجود حزب جديد لم يخُض الانتخابات التي جرت قبل أشهر. حزب وضع نفسه فوق الكنيست وفوق إرادة الشعب. سمعنا هذا المساء خطاباً مألوفاً من تظاهرات الأعلام السوداء، ويعبّر عن الأجندة السياسية عينها، وهو بمثابة دعوة إلى إشعال الشارع."
وأضاف ليفين أن استخدام رئيسة المحكمة العليا الخطاب عينه الذي استخدمه يائير لبيد ويائير غولان هو دليل على أن القضاء ضلّ طريقه، وهناك حاجة إلى إعادته إلى المكان الذي كان فيه في أيام العملاقين القضائيين لندوي [موشيه لندوي كان رئيساً للمحكمة العليا خلال الفترة 1953-1982] وأغرانوت [شمعون أغرانوت كان رئيساً للمحكمة العليا من سنة 1965 إلى سنة 1976].
كما تعرضت حيوت لهجوم حاد من عدد كبير من أعضاء الليكود. فوصفها عضو الكنيست نسيم أستوري بأنها تحولت إلى زعيمة المعارضة، واعتبر بوعاز بسموت أن هجوم حيوت على خطة الإصلاحات دليل على ضرورتها، بينما اعتبر دودي أمسلم أن خطاب حيوت يصلح لأن يكون خطاباً لأيمن عودة وميراف ميخائيلي، وممثلي اليسار الآخرين.
في المقابل، أيدّت المعارضة خطاب حيوت، وقال يائير لبيد إنه يؤيد كل كلمة وردت في خطاب رئيسة المحكمة العليا، وكذلك فعل جدعون ساعر الذي تولى وزارة العدل في الحكومة السابقة.
هاجم وزير المال بتسلئيل سموتريتش، الذي يشغل أيضاً منصباً في وزارة الدفاع، رئيس الأركان أفيف كوخافي الذي سبق أن صرّح لوسائل إعلامية بأنه يوجد في الضفة الغربية قائد واحد، وقال: "إذا كان كوخافي يريد أن يفهم، ولا يشنّ هجوماً بصورة شعبوية، تحضيراً لدخوله الحياة السياسية، كان عليه التحدث معي ليعرف أن هدفي ليس ضرب التسلسل في قيادة الجيش، بل إخراج الإدارة المدنية من الجيش الإسرائيلي، وجعْلها مدنية. الجيش يهتم بالأمن، والمنظومة المدنية تدير حياة المواطنين. وهذا أفضل بالنسبة إلى الجيش، وإلى المواطنين."
وأضاف سموتريتش: "سبق أن جرت تعيينات من خارج التسلسل القيادي، عندما انتقلت مسؤولية قيادة الجبهة الداخلية إلى وزير الدفاع، ولم تسقط السماء على الأرض. ربما نسيَ كوخافي أن إسرائيل هي دولة لديها جيش، وليست جيشاً لديه دولة. المسؤولية عن منسّق أنشطة الدولة، وعن الإدارة المدنية، انتقلت إليّ قانونياً، وأنا على قناعة بأن مَن سيأتي بعد كوخافي وقادة الجيش سيتصرفون وفق القانون."
وكان كوخافي، الذي ينهي خدمته قريباً، هاجم في مقابلة مع "يديعوت أحرونوت" الصلاحيات التي حصل عليها كلٌّ من سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، معتبراً بأنه لا يمكن أن يكون هناك مسؤولان عن الضفة. وأعرب عن رفضه وضع 16 سرية من حرس الحدود وفرقة يهودا والسامرة بإمرة الوزير بن غفير.
وتجدر الإشارة إلى أن سيطرة سموتريتش على الإدارة المدنية وعلى منسّق أنشطة الحكومة في المناطق ستجعله قادراً على فرض الجزء الأساسي مما يحدث في المناطق يومياً، وأن يسيطر على الصورة التي تُقدَّم للمستوى السياسي، ونظراً إلى أن الإدارة المدنية تعالج جميع النواحي المتعلقة بحياة الفلسطينيين، فإنها عندما تنتقل إلى سموتريتش، فهو سيعمل لمصلحة المستوطنين، أكثر بكثير من الفلسطينيين. وحتى الآن، تخضع المنطقة لقائد المنطقة الوسطى الذي يشرف يومياً على حياة 3 ملايين فلسطيني ومئات آلاف الإسرائيليين.
قُتل ليل الخميس في مواجهة مع الجيش في مخيم قلندية للاجئين الفلسطيني سمير أصلان (41 عاماً) عندما حاول الدفاع عن ابنه في أثناء قيام الجيش الإسرائيلي باعتقاله. وذكر الجيش الإسرائيلي أن الجنود أطلقوا النار في اتجاه أشخاص رشقوهم بالحجارة وعرّضوا حياتهم للخطر لدى تنفيذهم اعتقالات في المكان. وذكر تقرير صادر عن وزارة الصحة الفلسطينية أن فلسطينيَيْن قُتلا في قباطيا في أثناء عملية للجيش الإسرائيلي في المدينة، وهما حبيب كميل (25 عاماً) وعبد الهادي نزّال (18 عاماً)، ولقد توفيا متأثّرَيْن بالجروح التي أصيبا بها، بعد نقلهما إلى المستشفى في جنين في حالة حرجة.
وفي ساعات الصباح، جُرح 7 فلسطينيين في مواجهات مع الجيش في نابلس. كما تحدث الجيش عن توقيف 17 فلسطينياً في شتى أنحاء الضفة بتهمة التورط في أعمال "إرهابية"، بينهم أحد النشطاء من "عرين الأسود"، المتهم بعمليات إطلاق نار.
في الأسبوع الماضي، قُتل 3 فلسطينيين بنيران الجيش، أحدهم فلسطيني في الـ15 من عمره، من مخيم الدهيشة للاجئين بالقرب من بيت لحم، كما قُتل فلسطيني في الـ 17 من عمره، وآخر في الـ 22، في مواجهات مع الجيش في قرية دان شمالي الضفة الغربية.
- نحن في صراع، هذا هو المعطى الأساسي. الالتزام الكامل والغضب العارم يجب أن نترجمهما إلى نشاط سياسي فاعل وقدرة على إعادة رواية القصة من جديد. هذه الحكومة يجب إسقاطها بسرعة، قبل فوات الأوان. هناك جدولان زمنيان يتسابقان مع بعضهما البعض - قدرتنا على النضال في مقابل قدرتهم على التدمير. قد تأتي لحظة في المستقبل القريب، يصبح فيها الضرر كبيراً لدرجة أنه لا يمكن العودة عنه. إذا لم تسقط هذه الحكومة، فلن يكون في إمكان إسرائيل أن تكون دولة ديمقراطية ليبرالية، ولن يعود في الإمكان ترميم بنيتها الدستورية. وستكون النتيجة الحتمية لذلك مغادرة النخب الاقتصادية والتكنولوجية بخطوات هادئة. ففي النهاية، ما سيجري هو: بطاقة سفر، تحويل أموال، ورقة تطلب من السمسار بيع المنزل. هناك دول حدث فيها ذلك، مثلاً كولومبيا. فقد استيقظت النخبة هناك ذات يوم لتدرك أن الأمور لم تعد على ما يرام، فانتقلت بهدوء إلى ميامي. لم ينتبه أحد إلى ذلك، إلى أن انهارت الدولة بسرعة تخطف الأنفاس...
- النضال يتطلب منا أن نتطلع إلى الوراء كما نتطلع إلى الأمام. أين أخطأنا؟ وماذا أهملنا؟ وما الذي حدث بالفعل؟ أنا لا أتحدث عن أسئلة استفزازية، أو أسئلة مهادنة يطرحها عليّ الصحافيون في كل يوم إثنين، مع بداية جلسة التكتل، بل عن محاولة حقيقية لفهم الصدع في المجتمع الإسرائيلي، وما هي الفرضية التي اصطدمت بالفرضية المضادة لها، وهل ما نشهده اليوم هو الحصيلة، أم هو مجرد شظايا من حجارة رخام ضخمة ملقاة على أرض حياتنا.
- الخسارة ليست هي التي تؤلم، بل الشعور بأننا ضائعون، وكل ما هو جميل وصحيح في حياتنا تحول إلى موضوع استهزاء واحتقار ورمي على قارعة الطريق. لقد تجاوزت نشوة الانتصار بالسلطة نتائج الانتخابات بأشواط كبيرة. لقد سيطروا على كل شيء، أكثر بكثير من الحكومة، ومن لجنة سَن القوانين: لقد سيطروا على الحقيقة.
- ومثل كل نظام غير ديمقراطي في التاريخ، فإن ما يريدونه على الدوام ليس كشف الحقيقة، وإنما السيطرة عليها. وتحويرها خدمةً لمصالحهم، والتأكيد أنها تعزز سيطرتهم. لقد فهموا أن الحقائق - الحقائق الحقيقية المتجذرة في عالم الديموغرافيا والجغرافيا والعلاقات الدولية والاقتصاد والاعتبارات الأمنية - يمكن أن تؤدي إلى سقوطهم، لذلك، بدأوا بمهمة طموحة: إلغاء الوقائع وخلق مكانها حقيقة غبّ الطلب، منفصلة عن الواقع، وعن أي سياق وقائمة بحد ذاتها.
- "في المرة المقبلة، سيكون لديّ وسائل إعلام خاصة بي"، هذا ما كان يقوله نتنياهو للمقربين منه عندما استُبعِد في المرة الأولى عن رئاسة الحكومة. ومن هذه العبارة نشأت آلة السموم الشهيرة مع كل مصادرها التمويلية المعروفة: القناة 14، إذاعة الجيش الإسرائيلي، صحيفة "يسرائيل هَيوم"، في نسختها السابقة، منتدى "كوهليت" السياسي، منشورات "سيلع مئير"، وكل الجوقة...
- في الماضي، كانت مهمة الصحف البحث عن الحقيقة. اليوم، فقد الإعلام الرسمي ثقته بنفسه، بصفته الحَكم في النشرة الإخبارية في الثامنة مساء، بين الحقيقة والكذب. وبدلاً من ذلك، انتقل هذا الإعلام إلى نموذج التوازن. في مواجهة كل صحافي يضعون مناصراً لنتنياهو (وبهذه الطريقة أكد الحجة القائلة إن جميع الصحافيين يساريون)، وإزاء كل كشف يُعطى حق الردّ عليه بصورة غير محدودة. وهكذا يعرض الإعلام أمام المشاهدين كل النسخ من الحقيقة، ويدعونهم إلى اختيار الحقيقة التي تناسبهم. هناك مشكلة واحدة في هذا النموذج: للحقيقة نسخة واحدة. لا يوجد حقيقة يسارية وحقيقة يمينية، هناك فقط حقيقة واحدة، وكل ما عداها هو كذب. هل حكومتنا هي التي حولّت للعرب 53 مليون شيكل؟ الواضح لا، لكن إذا وُضعت الحقيقة والكذب في مكانة متساوية في نشرات الأخبار، فإن الكذب ينتصر دائماً. فهو أكثر إثارة، ويصف المخاوف العميقة أكثر. كل ما يتطلبه ذلك الوسائل التكنولوجية وانعدام الخجل والقدرة على تكرار الكذب باستمرار حتى تعتاده الأذن والعين.
......
- الحقيقة هي جوهر نضالنا. ديمقراطية من دون حقيقة ليست ديمقراطية. إذا ذهب المواطن إلى صندوق الاقتراع من دون معرفة الوقائع، فإن اقتراعه باطل. وإذا كانت وسائل الإعلام المركزية خائفة من أن تكون نقدية حقاً، فإن العملية الديمقراطية كلها تصبح غير صالحة. وإذا استُخدمت أموال كبيرة، مصادرها غير واضحة، من أجل التشويش على وسائل التواصل الاجتماعي - هي اليوم مركز الخطاب - فلدينا خطاب مشوّه يؤدي إلى انتخابات مشوهة. لقد سكتنا عن ذلك وقتاً طويلاً، لأننا لم نشأ الرد على السؤال التقليدي: هل التسامح معناه أن نكون متسامحين مع أشخاص غير متسامحين؟ الجواب الآن: كلا ومستحيل.
- يتعين علينا النضال من أجل الحقيقة بكل الطرق الممكنة. وعلينا المحافظة على القانون لأن ذلك هو الذي يفرّق بيننا وبينهم، لكننا سنحاربهم بكل الوسائل، حتى بالوسائل التي لم نستخدمها حتى الآن. سنصرخ ونتظاهر ونقاتل، وسندفع بالاحتجاج إلى أقصى حدوده. لن نحاول أن نكون رجال دولة إذا كان خصمنا عديم الضمير ويستخدم ذلك ضدنا، سنواجه بأجسادنا مركبات تفريق التظاهرات التي يريد إيتمار بن غفير إرسالها. وعلى الرغم من كل ذلك، فإنني أؤمن بقوة الحقيقة وقوة الشعب في الوصول إليها. كم سيستغرق هذا من الوقت؟ مهمتنا هي التأكد من أن نعطي الحقيقة فرصة عادلة، ربما تكون الأخيرة، كي تصل إلى القلوب والعقول. هذه هي الطريقة الوحيدة للانتصار.
[أجرت صحيفة "هآرتس" مقابلة مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي بمناسبة انتهاء ولايته، تناول خلالها عدداً من الموضوعات، اخترنا منها استعدادات الجيش الإسرائيلي لإمكانية وقوع مواجهة عسكرية مع إيران]
- قبل عام ونصف العام، وفي ظل ضغوط غير بسيطة من طرف الحكومة السابقة، عاد الجيش وسرّع تحضيراته لاحتمال مواجهة عسكرية مع إيران، يمكنها أن تتضمن هجوماً إسرائيلياً على المنشآت النووية. وفي الخلفية، نشب خلاف بين رؤساء الحكومة، نفتالي بينت ومَن سبقه، ونتنياهو. بينت اتهم نتنياهو بأنه لم يجهّز لاحتمال شن هجوم عسكري على إيران، في الوقت الذي استثمر كل جهده بالضغوط التي فرضها صديقه، رئيس الولايات المتحدة السابق دونالد ترامب، على النظام في طهران. والنهاية معروفة: الولايات المتحدة انسحبت من الاتفاق النووي، وإيران بدأت بخرق الاتفاق بعد عامين، ولم تنجح العقوبات الأميركية الاقتصادية في الدفع بالنظام إلى الانهيار، ولم تقنعه أيضاً بالتنازل وتوقيع اتفاق جديد يقدم فيه تنازلات أكثر، كما أمِل نتنياهو.
- كوخافي امتنع من الإجابة بشكل مباشر عن الموضوع. وقال إنه "منذ بداية الخطة المتعددة الأعوام، سرّعنا التحضيرات للهجوم في الحلقة الثالثة (بما معناه - الجهوزية للهجوم على إيران). لم تبدأ هذه التحضيرات من الصفر، لكنها لم تبدأ أيضاً من نقطة عالية، يجب قول الحقيقة. اليوم، توجد زيادة ملحوظة وكبيرة جداً في حجم الأهداف في إيران أيضاً. في نصف العام الأخير قمنا بتدريبين كبيرين، وقريباً سنقوم بتدريب ثالث."
- وأضاف: "الوضع السياسي وخمس جولات انتخابية خلقوا واقعاً لم نحصل فيه على جميع الميزانيات في الوقت المناسب. هل كان من الممكن على مدار السنوات أن نرفع جهوزيتنا؟ الجواب هو نعم. المهم أننا لم نتأخر عن أي موعد، ومستوى الجهوزية عالٍ. أنا مؤمن بأنه عندما تقرر حكومة إسرائيل التحرك، فإني اعتقد أن هذه القدرات ستكون جاهزة. عندما تحين اللحظة ويبحثون في تفعيل هذه القدرات، سيكون هناك الكثير من الحسابات. أحد هذه الحسابات سيكون عدم قدرة الإيرانيين على تسريع أو تجديد برنامجهم النووي مرة أُخرى، لكن سيكون هناك حساب آخر - هل نحن مستعدون للعمل المرة تلو الأُخرى."
- وتابع كوخافي: "على افتراض أن ما سنقوم به سيؤدي إلى ضرر كبير - من الممكن أن يتوقفوا، كما جرى في مناطق أُخرى. لكن من الممكن أيضاً أن يكون الوضع مختلفاً، حيث يعيدون بناء البرنامج ويسرّعونه. السؤال المهم سيكون: هل نريد أن نخوض عملية أخرى؟ إن كان هناك هجوم، عليهم أن يسألوا أنفسهم عن الثمن الذي سيدفعونه."
- يعتقد كوخافي أن على إسرائيل العمل على تعزيز العقوبات الاقتصادية ضد إيران. بصورة مختلفة عن تصريحاته قبل عامين - فهو نفسه يدّعي أنه لم يغيّر مواقفه منذ ذلك الوقت- قائد هيئة الأركان المنتهية ولايته، لا يرفض كلياً اتفاقاً نووياً جديداً. ويقول إن "الاستراتيجيا الأصح الآن هي تشديد العقوبات أكثر، وبناء إمكانية عسكرية غير محصورة بإسرائيل - ومن الممكن أن يدفع كمّ الضغوط هذا إلى وضع شبيه بما حدث في سنة 2003، عندما قرر الإيرانيون وقف البعد العسكري للبرنامج النووي. أساساً، سيكون من الجيد، إذا كان هذا ممكناً، الوصول إلى اتفاق جديد جيد جداً - ليس فقط منطقياً وليس جيداً، إنما جيداً جداً- يصحح جزءاً من الإشكاليات التي وردت في الاتفاق السابق. أنا قلت (سابقاً) إن اتفاقاً مشابهاً، أو اتفاقاً مع تحسينات قليلة، هو ليس اتفاقاً جيداً. لذلك، أقول الآن: ما نريده ليس اتفاقاً منطقياً، ولا اتفاقاً جيداً، بل اتفاق جيد جداً."
- اتفاق كهذا، بحسبه، ممنوع أن يتضمن "فقرة غروب الشمس" التي تخفض الممنوعات على إيران بعد مرور عدة سنوات. وعليه أيضاً أن يتضمن قيوداً على النشاط الباليستي الإيراني. وبحسب كوخافي فإن النظام الإيراني يمر في المرحلة الأصعب في تاريخه، اقتصادياً واجتماعياً. وعلى الرغم من ذلك، فإنه غير مستعد للتنبؤ ما إذا كان النظام سينهار في الأعوام القريبة، بسبب الضغوط عليه، وعلى رأسها "احتجاجات الحجاب".
- يواصل كوخافي ثناءه على "المعركة بين الحروب"، التي بدأت قبل عشرة أعوام، خلال ولاية بني غانتس، كرئيس لهيئة الأركان، واستمرت طوال ولاية غادي أيزنكوت، وصولاً إلى ولايته. مع الوقت، توسعت وتم توجيهها إلى أهداف أُخرى. ما بدأ كجهد إسرائيلي ضد تهريب السلاح من إيران إلى "حزب الله" في لبنان، عبر سورية، توسّع إلى دول أُخرى، وهو يعالج اليوم أيضاً منع إقامة قواعد عسكرية إيرانية وتخزين أسلحة في سورية. وفي هذا السياق، يعبّر رئيس هيئة الأركان السابق عن تفاؤله، وبحسبه، فإن "أذرع إيران لا تقوم بما تريده إيران لا في سورية، ولا في اليمن، ولا في أماكن أُخرى."
- عندما حاول بني غانتس وأهارون باراك مدّ اليد لنتنياهو، وإدارة حوار معه بشأن الثورة القضائية، انطلقا من الاعتقاد أن نتنياهو وجد نفسه في هذا الوضع رغماً عنه، عندما نهض في صباح اليوم التالي للانتخابات، وتفاجأ بأن ليس هذا ما كان ينتظره. فنتنياهو، في أقصى الحالات، جاهز لإجراء بعض التغييرات، ولا يريد ثورات. هذا ما اعتقداه.
- خلال الأسبوع الماضي فهما، واتضح لهما أن الموضوع ليس كذلك. الحديث لا يدور عن أحزاب صغيرة تفرض رؤيتها على رئيس الحكومة. نتنياهو معنيّ بالتغييرات القضائية أكثر منهم، ولقد تدخّل بكل تفاصيلها، وحتى أنه هو مَن يقرر وتيرتها وترتيب خطواتها.
- التغيير الأول الذي سيبدأ العمل فيه هو قانون "المستشارين القضائيين". التبرير الرسمي هو أن على الوزراء تبديل المستشارين القانونيين لبدء العمل. غريب، فبعض الوزراء بدأ فعلاً بالعمل من دون أن ينتظر المستشارين القانونيين، وحتى أنهم قاموا بشيء أو اثنين. السبب الحقيقي وراء أن هذا القانون سيكون الأول هو أن نتنياهو يريد بشدة التخلص من شلوميت برنيع - فارغو، المستشارة القضائية في مكتب رئيس الحكومة. نتنياهو وعائلته لا يحتملونها، لأنها رفضت عشرات المرات طلبات العائلة بوضع مصاريف خاصة على حساب الدولة، ويعتقدون أنها كانت كريمة جداً حيما كان الأمر يتعلق بينت. يريدون أن الولاية السادسة وإلى جانبهم مستشار قضائي يجيب بـ"أمرك"، على كل طلب.
- من المؤكد أنه يمكن فحص القيام بتغييرات في منظومة الاستشارة القضائية للحكومة. هناك الكثير من الوزراء الجيدين الذين وجدوا أنفسهم أمام مستشار قضائي صعب، وضع لهم العصي في دواليب العمل. المستشارون القضائيون أيضاً، كممثلي الجمهور، ليسوا معصومين عن الخطأ، وأحياناً لديهم أجنداتهم. هذه القضية مهمة ومركّبة يجب معالجتها.
- كان يمكن لياريف ليفين وسمحا روتمان اختيار نموذج وسطي: مثلاً، أن يقررا أنه وفي القضايا السياسية - المبدئية، كمستقبل المستوطنات، يمكن الاستعانة بمستشار قضائي خارجي، ويمكن أيضاً تقصير فترة ولاية المستشارين القضائيين. هناك معادلات كثيرة، ولكنهم اختاروا الذهاب إلى الخيار المتطرف. فهم لا يريدون فقط اختيار المستشارين القضائيين من دون أي مراعاة للجهات المهنية، بل يريدان تفريغ الوظيفة من مضمونها. لماذا على المستشار القضائي أن يقدم وجهة نظره القضائية على ورقة في الوقت الذي يمكن رميها في القمامة؟
- مثلاً، يمكن لوزير أن يختار مناقصة لشركة تابعه لزوجته ولا يستطيع المستشار القضائي أن يقول إن هذا غير قانوني (عملياً يستطيع ذلك، ولكن لن يكون مهماً طالما أن وجهة نظره غير ملزمة)، كما أن المحكمة لا تستطيع القول إن خطوة كهذه غير معقولة. وهذا كله بافتراض أن أحداً يعرف أصلاً ماذا يحدث داخل الوزارة. وزير آخر يريد توزيع منح على مَن صوتوا له فقط، لمَ لا؟ فلا يوجد مَن يقرر ما إذا كان هذا غير منطقي، أو غير قانوني. وزير آخر يستطيع أن يقرر أن التظاهرات غير قانونية، أو أن التغطية الإعلامية السلبية هي دعوة إلى التمرد، لا يستطيع أحد أن يقول له غير ذلك.
- لنتنياهو أيضاً مصلحة مباشرة في التغييرات التي يدفع فيها ليفين قدماً لتغيير تركيبة لجنة اختيار القضاة. فالقضاة في ملفات نتنياهو سيعلمون أيضاً بأن تقدّمهم في السلّم الوظيفي مرتبط برئيس الحكومة. وليس هم فقط، سيعلم كلّ قاضٍ ما هو المتوقع منه كي يحصل على ترقية. وبالمناسبة، كان يمكن أيضاً في لجنة اختيار القضاة القيام بتغييرات محدودة أكثر، في محاولة لتنويع صفوف القضاة أكثر: مؤخراً مثلاً، قرر الوزير السابق جدعون ساعر أن المرشحين للمحكمة العليا سيخضعون إلى مقابلة علنية في لجنة اختيار القضاة، إلا إن النسخة التي جرى اختيارها لن تؤدي إلى التنويع، إنما إلى تحويل المحكمة إلى فرع من فروع أحزاب الحكم.
- ومن أجل أن تكون الأمور أوضح - اليوم يجب أن يدعم 7 من أصل 9 في لجنة اختيار القضاة لتعيين قاضٍ في المحكمة. وبكلمات أُخرى، على المرشح أن يحصل على دعم واسع من ممثلي الجمهور، وأيضاً من النظام القضائي، ليتم تعيينه. كل جهة تحتاج إلى الطرف الآخر. في التركيبة الجديدة، من المتوقع أن يكون هناك 11 عضواً - 6 سياسيين، وممثلان لوزير العدل، بالإضافة إلى 3 قضاة في المحكمة العليا. وبكلمات أُخرى، يخطط ليفين لأن يكون في اللجنة 7 أشخاص يختارهم الائتلاف، وواحد فقط تختاره المعارضة (رئيس لجنة الرقابة). وهو ما يعني أنه حتى لو قبلنا رؤية ليفين، بأنه يجب على الشعب اختيار القضاة، وليس النظام القضائي، فالحديث لا يدور فعلاً عن إرادة الشعب: تقريباً 50% من الجمهور ممثَّلون بشخص واحد في اللجنة، في الوقت الذي يتمثل الائتلاف بـ7.
- اتفاق تضارُب المصالح الذي وقّعه نتنياهو، والذي تم بعد أن تحوّل إلى متهم، يمنعه من العمل في تعيين القضاة، أو المستشار القضائي للحكومة. وعلى الرغم من ذلك، فإن التغييريْن المتوقعين هما في صلب خطة نتنياهو القضائية. وقد ردّ مكتب نتنياهو بأنه لا يتعامل مباشرة مع الخطة، ومَن يقوم بها هو وزير العدل ياريف ليفين. لكن نتنياهو هو مَن اختار ليفين للوظيفة، وهو يعرف جيداً لماذا.