مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إن فلسطينياً قُتل برصاص جنود إسرائيليين بشبهة محاولة تنفيذ طعن بالقرب من مستوطنة "عوفرا" صباح أمس (الأحد).
وقالت مصادر فلسطينية إن القتيل هو أحمد حسن عبد الجليل كحلة (45 عاماً) من بلدة سلواد في قضاء رام الله.
وأكدت هذه المصادر أن القتيل لم تكن له أي نية لتنفيذ عملية طعن بالقرب من مستوطنة "عوفرا"، وأن الجنود الإسرائيليين قاموا بإطلاق قنبلة صوت في اتجاه مركبته وعندما احتج على هذا التصرف أطلق عليه الجنود وابلاً من الرصاص تسبب بمقتله.
وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية أنه بمقتل كحلة ارتفع عدد القتلى الفلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي في مناطق الضفة الغربية منذ بداية سنة 2023 الحالية إلى 13 قتيلاً بينهم 3 أطفال.
شنّ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو هجوماً حاداً على التظاهرة التي شارك فيها نحو 80.000 شخص في تل أبيب مساء يوم السبت الماضي ضد خطة الحكومة المثيرة للجدل لإعادة تشكيل الجهاز القضائي، وأكد أن لا أهمية لها، وأن الانتخابات العامة التي جرت يوم 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2022 هي أكبر تجسيد لإرادة الجمهور.
وجاء هجوم نتنياهو هذا في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام في مستهل الاجتماع الذي عقدته الحكومة الإسرائيلية أمس الأحد، وقال فيها نتنياهو أيضاً: "قبل شهرين أقيمت في إسرائيل تظاهرة هائلة هي أم كل التظاهرات، حيث نزل ملايين الأشخاص إلى الشوارع من أجل الإدلاء بأصواتهم خلال الانتخابات العامة. إن إحدى القضايا الرئيسية التي صوتوا لأجلها هي إنجاز إصلاح في الجهاز القضائي. وقد سمع كل من حضر مؤتمراتنا الانتخابية في مراكز المدن وفي الأحياء هذا الصوت يصدر عن الجمهور".
وحض نتنياهو على عدم الانجرار وراء الشعارات الشعبوية التي تدعو إلى إشعال فتيل الفتنة وتخريب الدولة. وأضاف: "لا بدّ لي من القول إننا عندما كنا في المعارضة لم نطلق دعوات إلى حرب أهلية ولم نتحدث عن تخريب الدولة حتى عندما اتخذت الحكومة قرارات عارضناها بشدة. أتوقع من قادة المعارضة أن يفعلوا الشيء نفسه".
وتوقع رئيس الحكومة أن يؤدي التغيير في النظام القضائي إلى أن يستعيد الجمهور الإسرائيلي العريض ثقته بالجهاز القضائي.
وتشمل التغييرات المقترحة في النظام القضائي التي عرضها وزير العدل ياريف ليفين (الليكود) مؤخراً، إضعاف المحكمة الإسرائيلية العليا بحيث لا تكون قادرة على نقض تشريعات وسياسات تعتبرها غير دستورية، ومنح الحكومة سيطرة شبه مطلقة على لجنة اختيار القضاة.
وتصاعدت حدّة الهجوم على هذه الخطة الأسبوع الماضي عندما اتهم رئيس تحالف "المعسكر الرسمي" عضو الكنيست بني غانتس نتنياهو بتأجيج حرب أهلية، وحثّ زعيم المعارضة عضو الكنيست يائير لبيد أنصار حزبه "يوجد مستقبل" على النزول إلى الشوارع كجزء من الحرب على البيت. ودفع ذلك أحد أعضاء الكنيست من حزب "عوتسما يهوديت" ["قوة يهودية"] اليميني المتطرف الشريك في الائتلاف إلى الدعوة إلى اعتقال غانتس ولبيد وغيرهما بتهمة الخيانة.
من ناحية أُخرى، وافقت الحكومة، أمس، على إنشاء وزارة الدبلوماسية العامة برئاسة الوزيرة المعينة حديثاً غاليت ديستل أتبريان (الليكود). كما صادقت على تعيين ماي غولان (الليكود) وزيرة في ديوان رئاسة الحكومة. ولا تزال كلتا الخطوتين تطلبان موافقة الكنيست.
كما وافقت الحكومة على أعضاء اللجنة الوزارية لشؤون سن القوانين التي يترأسها وزير العدل ياريف ليفين الذي يقود التغيير في الجهاز القضائي. والأعضاء الآخرون في اللجنة هم: وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير التربية والتعليم يوآف كيش، والوزير في وزارة التربية والتعليم حاييم بيطون، والوزير في وزارة الرفاه يوآف بن تسور، ووزير البناء والإسكان يتسحاق غولدكنوبف، ووزيرة شؤون البيئة عيديت سيلمان، ووزير الاتصالات شلومو كرعي، ووزير شؤون المغتربين والمساواة الاجتماعية عميحاي شكلي، والوزيرة ديستل أتبريان.
كما وافقت الحكومة على نقل صلاحيات من وزارة التربية والتعليم ووزارة المساواة الاجتماعية إلى ديوان رئاسة الحكومة وفقاً للاتفاقيات الائتلافية. وينص القرار على نقل البرامج الخارجية لطلاب المدارس من وزارة التربية والتعليم إلى ديوان رئاسة الحكومة حيث سيشرف عليها نائب الوزير آفي ماعوز، زعيم حزب "نوعام" اليميني المتطرف المناهض لمجتمع الميم.
يذكر أن تعيين ماعوز مشرفاً على مكون رئيسي في مناهج الطلاب أثار موجة من الانتقادات، إذ قالت العديد من السلطات المحلية إنها لن تسمح بإدخال محتوى مناهض لمجتمع الميم أو محتوى غير ليبرالي إلى مدارسها.
وكان نحو 80.000 شخص تظاهروا تحت المظلات وأعلام إسرائيل ولافتات احتجاجية في ساحة "هبيما" في تل أبيب [وسط إسرائيل]، وكذلك في مراكز مختلفة في القدس وحيفا، ضد حكومة نتنياهو وضد الإصلاحات القضائية للوزير ليفين.
وشارك في التظاهرة في تل أبيب عدد من الشخصيات السياسية والاجتماعية العامة بينهم وزراء سابقون وأعضاء كنيست حاليون وسابقون وقضاة ورئيس بلدية تل أبيب رون حولدائي.
وقال بيان صادر عن الناطق بلسان الشرطة الإسرائيلية إن الشرطة استعدت بشكل غير مسبوق لهذه التظاهرة، وبلغت وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بهذه الاستعدادات.
أظهر استطلاع "مؤشر الديمقراطية الإسرائيلية" لسنة 2022 الذي نشره "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" أمس (الأحد)، أن هناك تراجعاً كبيراً ومستمراً في ثقة السكان اليهود بمؤسسات الدولة بما في ذلك المحكمة العليا والحكومة والشرطة والكنيست والأحزاب السياسية ووسائل الإعلام، باستثناء مؤسسة الجيش التي ارتفعت نسبة الثقة بها من 78% إلى 85%، ورئاسة الدولة الإسرائيلية التي ارتفعت نسبة الثقة بها من 55% إلى 62%.
وأظهر المؤشر تعزز العلاقة بين الانتماء السياسي للفرد في إسرائيل وموقفه من القضايا المتعددة بما يشمل الحقوق والعلاقة بين سلطات الحكم والانقسام السياسي والثقة بمؤسسات الدولة والتوترات الاجتماعية، وخصوصاً بين السكان اليهود والعرب في إسرائيل، إذ كشف الاستطلاع عن وجود فوارق واضحة ومنهجية بين المواقف التي عبر عنها من يُعرّف نفسه بأنه ينتمي إلى اليسار أو إلى الوسط أو إلى اليمين.
كما بيّن المؤشر أنه بعكس ما جرت عليه العادة في السابق، فإن تحديد ما إذا كان الشخص في أوساط السكان اليهود ينتمي إلى اليمين أو اليسار أو الوسط لم يعد يتعلق بالموقف من قضية النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني فحسب، بل بات يشمل جميع المجالات السياسية والاجتماعية، الداخلية والخارجية.
كما خلص المؤشر إلى وجود علاقة وثيقة آخذة في التصاعد بين الهوية الدينية (علماني، وحريدي، وقومي ديني) وبين التموضع السياسي لدى الفرد في المجتمع اليهودي، وكلما ازداد تديّن الفرد انزاح بحدة نحو اليمين، وخصوصاً في أوساط اليهود الحريديم [المتشددون دينياً] وتيار الصهيونية الدينية، بينما انقسم العلمانيون اليهود تقريباً بالتساوي بين اليمين واليسار والوسط.
وسجلت ثقة الجمهور الإسرائيلي عموماً بمؤسسات الدولة أدنى مستوى لها منذ سنة 2012، إذ عبّر 33% فقط من المستطلعة آراؤهم عن ثقتهم بمؤسسات الدولة. وقال 61% منهم إن إسرائيل بحاجة إلى زعيم قوي لا يأخذ بعين الاعتبار مواقف الكنيست ووسائل الإعلام والرأي العام من أجل معالجة المشاكل الخاصة للدولة. وأبدى 55.6% منهم تأييدهم بأن تكون للمحكمة العليا سلطة لإلغاء قوانين الكنيست إذا تبين أنها تتعارض مع مبادئ الديمقراطية.
وفي الجواب عن سؤال ما إذا كان النظام في إسرائيل ديمقراطياً بالنسبة إلى المواطنين العرب كذلك، قال 69% من اليهود إن النظام في إسرائيل ديمقراطي حتى بالنسبة إلى المواطنين العرب، في المقابل قال 31% فقط من المواطنين العرب إن النظام في إسرائيل ديمقراطي بالنسبة إليهم أيضاً.
وأظهر المؤشر ارتفاعاً حاداً في نسبة السكان اليهود الذين يعتقدون أن طبيعة العلاقات بين اليهود والعرب في إسرائيل سيئة أو سيئة للغاية (من 27% سنة 2018 إلى 60% سنة 2022). ووفقاً للمؤشر، يرى 4% من اليهود فقط أن العلاقة بين اليهود والعرب جيدة، في المقابل يرى 45% من العرب أن العلاقة بين العرب واليهود سيئة أو سيئة للغاية، في حين يرى 17% من العرب أن العلاقة مع اليهود جيدة.
كما سجل المؤشر ارتفاعاً واضحاً في نسبة اليهود الذين يعتقدون أن اليهود يجب أن يحظوا بحقوق أكثر من غير اليهود في إسرائيل، والتي وصلت إلى 49% بينما بلغ متوسطها 36.6% في الفترة بين سنتي 2003 و2022.
وأشار المؤشر إلى أنه منذ صيف 2021 عاد التوتر بين السكان اليهود والعرب ليصبح أقوى وأبرز توتر في صفوف المجتمع الإسرائيلي، علماً بأن التوتر الأبرز والأقوى بين 2018 و2020 كان بين اليمين واليسار.
قال بيان صادر عن وزارة الخارجية الإسرائيلية إن وزير الخارجية إيلي كوهين تحادث هاتفياً أول أمس (الجمعة) مع وزير الخارجية الأذربيجاني جيحون بيراموف، إذ هنأ هذا الأخير كوهين على توليه مهمات منصبه، وأعرب عن رغبته في زيادة تعزيز العلاقات بين البلدين، في حين أعرب كوهين عن ارتياحه وشكره لقرار أذربيجان فتح سفارة في إسرائيل ودعا بيراموف إلى زيارة إسرائيل لافتتاح سفارة بلده في تل أبيب.
وخلال المحادثة طلب كوهين أن يُنقل إلى الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف أمل إسرائيل في استقباله خلال السنة الحالية. وأضاف أن افتتاح السفارة يعدّ خطوة مهمة في سبيل تعميق الروابط بين الشعبين والبلدين، ما سيسمح بزيادة التعاون في العديد من المجالات.
وقال كوهين لنظيره: "إننا نعتبر أذربيجان صديقة حميمة ومرتكزاً إقليمياً مهماً، وهي دولة ذات شعبية كبيرة في إسرائيل، وذلك بفضل سياستها القائمة على التسامح مع الأديان ووجود جالية يهودية قديمة في هذا البلد".
ووفقاً للبيان ناقش الوزيران آخر مستجدات الوضع الإقليمي، وشدد كوهين خلال ذلك على الخطر الإيراني. واتفق الوزيران على الاجتماع قريباً بدون تحديد مكان أو موعد.
وكان البرلمان الأذربيجاني أعلن في 18 تشرين الثاني/نوفمبر الفائت قرار افتتاح سفارة في تل أبيب، والتي ستكون أولى السفارات الخاصة بدولة أغلبية سكانها وحكومتها من الشيعة.
وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك يائير لبيد: "أرحب بقرار افتتاح سفارة لأذربيجان في إسرائيل. تُعتبر أذربيجان شريكة مهمة لإسرائيل وبيتاً لإحدى الجاليات اليهودية الكبرى في العالم الإسلامي". وأضاف أن قرار افتتاح هذه السفارة يعكس عمق العلاقات القائمة بين الدولتين، كما أن هذه الخطوة هي ثمرة الجهود التي بذلتها حكومة إسرائيل في سبيل مدّ جسور دبلوماسية راسخة مع العالم الإسلامي.
- لم تعد سلسلة المقابلات المهمة لرئيس الأركان المنتهية ولايته أفيف كوخافي تحتل العناوين الأولى يوم الجمعة، إذ حل محلها الخطاب الحاد لرئيسة المحكمة العليا أستير حيوت. لكن كلام كوخافي الذي حذّر فيه من عدد من التغييرات التي تنوي الحكومة الجديدة القيام بها في المناطق، وقوله إن موقفه هذا يتطابق مع خلفه هرتسي هليفي، لم يمرا مرور الكرام على اليمين. فقد هاجم الوزير بتسلئيل سموتريتش، الذي بحسب الاتفاقات سيكون مسؤولاً عن أعمال منسق النشاطات في المناطق، كوخافي واتهمه بـ"الاضطراب"، مضيفاً أن "إسرائيل دولة لديها جيش وليس العكس".
- لقد كان تبادل الانتقادات متوقعاً، وسيكون موجوداً في حفل التسلم والتسليم الذي من المتوقع أن يجري يوم الاثنين على مرحلتين، في القدس ثم في تل أبيب. لكن الأهم هو ما سيتم الاتفاق بشأنه وراء الكواليس، إذ جرى تحديد موعدين لسموتريتش يتعلقان بانتقال الصلاحيات إليه، مع هليفي ومع وزير الدفاع يوآف غالنت. فمنذ أداء الحكومة القسم يحرص غالنت على أن يظهر بمظهر العاقل والمسؤول على الصعيد الأمني، إذ جرت الاجتماعات الأولى التي عقدها مع طواقم رئاسة الأركان في أجواء إيجابية، ولم يتم ذكر الرواسب التي أدت إلى عدم تعيين غالنت رئيساً للأركان في اللحظة الأخيرة في سنة 2011. كذلك تمت عملية التسلم والتسليم بين غالنت وغانتس وسط مراسم رسمية فخمة (لم تلقَ الاستحسان في أوساط رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو).
- وكان غالنت بعث برسالة غير رسمية إلى الألوية في الجيش مفادها أنه حريص على إبقاء جزء من الصلاحيات في المناطق ضمن إطار وزارته، وأنه سيحاول أن يرد على القلق العلني الذي أبداه كوخافي. لكن المشكلة أن الموضوع ليس في يده، إذ التزم نتنياهو إزاء سموتريتش في الاتفاق، وأدوات الضغط الحقيقية هي في يد الصهيونية الدينية. وتشهد المواجهة بين إسرائيل والفلسطينيين منذ آذار/مارس الماضي تصعيداً كبيراً ومستمراً في الضفة الغربية، وثمة خشية من أن يؤدي هذا التصعيد إلى انفجار حقيقي مع بداية تولي هليفي منصبه. كما أن قرار نتنياهو تسليم مفاتيح الضفة وحفظ الأمن في القطاع العربي إلى مشعلي الحرائق، أمثال سموتريتش وإيتمار بن غفير، لا يساعد في تهدئة الأجواء.
- لقد قاد كوخافي في الجيش خطة طموحة على مدى سنوات، هي خطة "تنوفا"، التي تحقق جزء منها فقط نتيجة ضغوط كثيرة (كورونا، وخمس معارك انتخابية، وعدم وجود ميزانية للدولة). وفي قيادة هيئة الأركان العامة يقولون إن هليفي يمكنه أن يواجه خطر اشتعال الساحة الفلسطينية في بداية ولايتـه، وهناك احتمال أن تنزلق المواجهة السياسية المحتدمة إلى الجيش وتؤدي إلى تآكله من الداخل.
العصر الذهبي انتهى
- أدخل رئيس شعبة التخطيط في الجيش اللواء يعقوب بينجو مستجدات إلى الصورة، فكتب، في مقال نشره الأسبوع الماضي في المجلة العسكرية "معراخوت" (مع العقيد نير يناي والرائد يونتان نبو) أن إسرائيل كانت خلال العقود الأربعة الأخيرة تمر بمرحلة "العصر الذهبي الذي لم يعد موجوداً". وهذا يبدو كلاماَ بعيد المدى إذا أخذنا في الاعتبار انتفاضتين وحربين في لبنان. لكن كتّاب المقال يقولون إن إسرائيل في العقود الأخيرة كانت تتمتع بثلاثة امتيازات: الأول، أنها كانت تواجه تهديداً أمنياً محدوداً؛ والثاني، الهيمنة الأميركية التي تجلت من خلال الدعم القوي لإسرائيل؛ والثالث، ما يصفونه بالروح المشتركة للمجتمع الإسرائيلي.
- وأضاف هؤلاء الكتّاب أن ثمة تآكلاً عميقاً في الامتيازات الثلاثة برز مؤخراً؛ فإيران تشكل تهديداً خارجياً خطراً يجمع بين قوة إقليمية صارمة ودعم روسي، وقوة الدعم الأميركية لإسرائيل تزعزعت، وضعفت الوحدة الداخلية للمجتمع الإسرائيلي. وبحسب كلامهم: "في مثل هذه الظروف سيكون للقدرة على مواجهة تهديد خارجي أثمان باهظة". وفي المقابل حققت إسرائيل، في رأيهم، تحسناً على عدة مستويات، منها: تعزيز التعاون مع دول في الشرق الأوسط، وتحسين قدراتها التكنولوجية الأمنية بصورة تجعلها شريكاً مهماً بالنسبة إلى شركائها.
- ويتوقع هؤلاء أن تبلغ التحديات ذروتها في وقت لاحق من العقد الحالي، والتالي يتعين على إسرائيل أن تكون جاهزة على صعيد بناء القوة العسكرية من أجل مواجهة هذه التحديات. ويجب التنبيه إلى أن الكلام عن ضعف الوحدة الداخلية جرى قبل تفاقم الأزمة السياسية الحالية، بعد عرض خطة حكومة نتنياهو التي ستؤدي إلى تدمير المنظومة القضائية.
- في إمكان كوخافي وهليفي أن يشعرا بشيء من الراحة فيما يتعلق بأرقام مؤشر الديمقراطية التي نشرها في الأمس المعهد الإسرائيلي للديمقراطية. ففي المؤشر السابق سُجل تراجع كبير في ثقة الجمهور بالجيش بسبب التعامل بحدة مع الجنود في فترة وباء كورونا. وهذه المرة سُجل ارتفاع مشابه تقريباً في ثقة الجمهور اليهودي بالجيش (من 79% إلى 88% في مقابل 22% وسط العرب في إسرائيل). ويمكن التقدير أن التحسن ناجم إلى حد بعيد عن استعداد كوخافي القيام بالتعديل المطلوب. وبعد التركيز على الرؤية التكنولوجية والعملانية، بُذلت جهود كبيرة، السنة الماضية، وخصوصاً في شعبة التكنولوجيا والشعبة اللوجستية من أجل تحسين ظروف عمل الجنود، الأمر الذي لاحظه الجمهور، والذي هو في جزء كبير منه مكون من أهالي الجنود.
- مع الأسف الشديد لا يمكن قول مثل هذا الكلام عن الحوادث التي أصابت مؤخراً الجيش الإسرائيلي؛ فيوم السبت قُتل مقاتل في لواء كفير بانفجار قنبلة يدوية في غرفة في إحدى قواعد الجيش في سهل الأردن، وجُرح ثلاثة مقاتلين آخرين. وأظهر التحقيق الأولي أن الجندي القتيل عثر على القنبلة في منطقة التدريب وحملها إلى الغرفة بعكس الأوامر. وجاءت هذه الحادثة بعد عام مخيف على هذا الصعيد: مقتل قائدَي سريتين من وحدة أغوز جراء إطلاق ضابط النار عليهما، ومقتل جندي من كفير عقب إطلاق رفيقه في الحراسة النار عليه، وموت جندي في وحدة المستعربين بنيران رفيق له كان يلعب بالسلاح. كل هذه الحوادث لم يكن لها لزوم، وهي تكشف مشكلات كبيرة في الانضباط العملاني وفي الإدارة اليومية للجيش الإسرائيلي. وهذه مسألة مؤلمة ستكون مطروحة على جدول أعمال رئيس الأركان الجديد.
- رداً على التظاهرات ضد الإصلاحات المقترحة للمنظومة القضائية، والتي جرت عشية يوم السبت الماضي، قال وزير الثقافة ميكي زوهار: "في التظاهرة كان هناك الآلاف، وفي الانتخابات كان هناك ملايين. وعدنا بإصلاحات وسنقوم بها"، وأضاف الوزير سموتريتش: "الشعب معنا وسننفذ الإصلاح". من الصعب، عملياً، فهم سبب ثقة الوزيرين بموقفهما.
- قد يكون صحيحاً أن جزءاً كبيراً من الجمهور، وبالتحديد من جمهور الليكود وشركائه في الائتلاف، يؤيد الإصلاحات في المنظومة القضائية، لكن، في الحقيقة، هناك أيضاً العديد ممن لم ينتخبوا الائتلاف الحالي يعتقدون أن هذه الإصلاحات ضرورية، وأن هناك مشكلة حوكمة حقيقية في إسرائيل. وفي الواقع فإن مجمل التغييرات التي تضمنتها مسودة اقتراح القانون الذي قدمه الوزير ياريف ليفين – أغلبية معينة لإلغاء قوانين صادرة عن المحكمة العليا وبند التغلب بأغلبية 61 عضو كنيست وتغيير تركيبة لجنة اختيار القضاة - لم تكن ضمن برنامج الليكود أو برنامج أي حزب آخر في الانتخابات. فكيف استنتج الوزيران زوهار وسموتريتش أن الشعب معهم ويؤيد الإصلاحات المقترحة؟
- ماذا يشبه هذا الأمر؟ تعالوا نفترض أن حكومة الوسط - اليسار وصلت إلى السلطة، وبعد وقت وقت قصير وقّعت اتفاقاً يقضي بقيام دولة فلسطينية. في إمكان مثل هذه الحكومة استخدام حجة أن ناخبيها يؤيدون حل الدولتين لشعبين، وعلى هذا الأساس انتخبوها، لكن هذه الحجة في هذه الحالة مرفوضة لأن تفاصيل الاتفاق لم تُطرح على الناخبين قبل اقتراعهم. ذلك بأن دولة فلسطينية منزوعة السلاح تختلف جوهرياً عن دولة غير منزوعة السلاح، ودولة فلسطينية عاصمتها القدس تختلف عن دولة فلسطينية عاصمتها رام الله، والمساحة التي ستمتد عليها هذه الدولة من شأنها أن تحدد ما إذا كان ناخبو الوسط - اليسار مع الاتفاق أو ضده. بكلمات أُخرى تأييد حل الدولتين يختلف جوهرياً عن تأييد اتفاق معين لإقامة دولة فلسطينية لم يُطرح على الناخبين قبل اقتراعهم. وليس عن عبث تصريح زعماء الوسط – اليسار، بمن فيهم إيهود باراك وإيهود أولمرت، بأن أي اتفاق على دولة فلسطينية سيحسمه الشعب.
- والوضع الحالي مشابه؛ فحتى لو كانت الأغلبية تؤيد الإصلاحات في المنظومة القضائية، مع أنه ليس واضحاً ما إذا كانوا يؤيدون كل المكونات التي اقترحها الوزير ليفين، يبقى من المحتمل جداً وجود أغلبية تؤيد إلغاء قوانين صادرة عن المحكمة العليا لكنها لا تؤيد فقرة التغلب، وربما هناك من يؤيد فقرة التغلب مع أغلبية معينة....
- وهذا يعني أننا لا نعرف فعلاً عدد المؤيدين للإصلاحات التي يقترحها الوزير ليفين ولا حتى عدد المعارضين لها، وذلك لسبب بسيط هو أن تفاصيل هذه الإصلاحات لم تُطرح قط على التصويت. فلماذا لا نسمع ما يريده الشعب؟ وما دام المؤيدون والمعارضون للإصلاح المقترح يقولون إن هذا الإصلاح سيغير وجه الدولة نحو الأفضل أو الأسوأ (بحسب وجهة نظر كل طرف)، لماذا لا نطلب من الشعب أن يقول كلمته. وحده الاستفتاء العام سيسمح لكل مواطن بالاقتراع لمصلحة مجموع التغييرات المقترحة أو ضدها، كما يمكنه أن يقرر وجود أغلبية وسط الشعب مع الإصلاحات المقترحة.
- لكل من تساءل عمّا إذا كان تشكيل الحكومة الجديدة سيغير من سياسة إسرائيل إزاء السلطة الفلسطينية، فإن الجواب أتى واضحاً وسريعاً؛ لا ولا.
- اختارت الحكومة الجديدة أن تستمر في المسار المعروف نفسه، والذي تُدار من خلاله العلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين طوال الأعوام العشرين الماضية، أي عملياً منذ انهيار اتفاق أوسلو وتحوُّل السلطة من شريك في صنع السلام إلى "مقاول" يساعدنا، بسبب مصالح مشتركة، في المحافظة على الوضع القائم في الضفة الغربية.
- بدا وزير المال بتسلئيل سموتريتش كولد اكتشف لعبة جديدة ولا يستطيع تركها، فسارع إلى توقيع قرار ينص على تقليص بضعة ملايين من المليارات التي تمررها إسرائيل إلى السلطة، وسحب مع شركائه في الحكومة تصريح العبور الخاص بوزير الخارجية الفلسطينية، كعقاب على الحملة الدبلوماسية التي تُديرها السلطة ضدنا، وبذلك حكم عليه بالوقوف في الصف الطويل على المعابر. لكن لا حاجة إلى القلق، كما جرى سابقاً، فالبطاقة ستعود سريعاً إلى أصحابها حتى لو تم ذلك بصمت ومن دون علم أحد.
- فقد حذا سموتريتش، المنتمي إلى اليمين المتطرف في الحكومة، بصورة مفاجئة، حذو يوسي بيلين، أحد مصممي اتفاقيات أوسلو، حين صرّح بأن التعاون مع السلطة سيكون ممكناً إن التزمت باتفاق أوسلو، وبالتالي تحول هذا الاتفاق إلى بوصلة يتم توجيه السياسات وفقها.
- لكن سموتريتش ليس القضية هنا، ذلك بأن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت سمحا له بأن يرفع من حدّة الحديث، بعد أن تأكدا أن القرارات ضد السلطة لن يكون لها أي تأثير خاص وعملي في الميدان. وفي جميع الأحوال، ومع كامل الاحترام للوزراء والحكومة، فإن حق الكلمة الأخيرة محفوظ دائماً لوزارة الدفاع التي سارع المسؤولون الكبار فيها، الأسبوع الماضي، إلى التحذير من انهيار السلطة، وطالبوا بمساعدتها على الصمود، لأنه في حال انهارت ستعم الفوضى ويتصاعد "الإرهاب". إذاً، بإمكانهم في السلطة أن يرتاحوا.
- يجب الاعتراف بأن ثمة دعماً واسعاً في داخل الأوساط السياسية والأمنية الإسرائيلية وكذلك الفلسطينية للمحافظة على الوضع القائم في الضفة، وضمنه وجود السلطة الفلسطينية. ففي الحكومة ثمة من يعتقد أن المحافظة على الوضع القائم سيسمح، بشكل بطيء وآمن، بتثبيت الوجود الإسرائيلي في الضفة الغربية، بيتاً تلو بيت ودونماً تلو دونم، وتحويل عملية "فك الارتباط" أو الانفصال إلى أمر غير ممكن، على أن يتم هذا كله من دون إعلانات دراماتيكية تُغضب الأميركيين. فهؤلاء يعرفون جيداً ما يجري على الأرض، لكنهم يفضّلون التصالح مع الوضع تحت الطاولة وعدم مواجهة إسرائيل، أو دعمها، وبالتالي إغضاب العرب.
- أمّا فيما يتعلق بالمؤسسة الأمنية، فثمة اعتقاد أن المحافظة على الوضع القائم، ووجود السلطة، سيضمنا إمكان تجديد المسار السياسي، على الرغم من عدم الوضوح بهذا الشأن. لكن المسار السياسي بحد ذاته هو كلمة السر التي تضمن مستقبلاً أفضل وأكثر هدوءاً لدى كثيرين في المؤسسة الأمنية.
- وفي النهاية، الفلسطينيون غير معنيين بالتغيير لأن من شأنه أن يقود إلى خطوة سياسية على غرار خطة ترامب، التي اقترحت عليهم دولة لكنها طالبتهم بالتنازل عن أحلامهم. وبين دولة مقلّصة وإمكان سيطرة "حماس" على الأرض، يفضّل المسؤولون الرفيعو المستوى الذين يعتاشون على خيرات السلطة، المحافظة على الوضع القائم، على أمل أن تحصل المعجزة التي ينتظرونها منذ أكثر من 100 عام.
- بيد أن الوضع القائم له سيئات أيضاً، ومن الصعب جداً المحافظة عليه، كما أن ثمن ترميمه مرتفع جداً. وبالتالي يجب تعزيز الوجود اليهودي في الضفة، وأيضاَ الهوية الفلسطينية وروح النضال التي تدفع بها قدماً السلطة الفلسطينية، الأمر الذي سيصعّب على الفلسطينيين النزول عن الشجرة العالية التي صعدوا إليها.
- إذاً، ماذا تريد دولة إسرائيل؟ باستثناء تصريحات وزير هنا أو مسؤول في المؤسسة الأمنية هناك حتى الآن لا يوجد جواب. وبعكس الماضي حين كنا نسيطر على مصيرنا بأيدينا، نحن اليوم نترك للمصير أن يحدد مستقبلنا.