مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إن قذيفة صاروخية أُطلقت من قطاع غزة في اتجاه الأراضي الإسرائيلية مساء أمس (الأحد)، وذلك بعد أقل من يوم واحد على بدء سريان مفعول اتفاق لوقف إطلاق النار مع حركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني، والذي أنهى عملية "درع وسهم" العسكرية التي قام الجيش الإسرائيلي بشنها ضد قطاع غزة واستمرت 5 أيام.
وأضاف البيان أن القذيفة الصاروخية سقطت في منطقة مفتوحة، ولم يتم تفعيل منظومة "القبة الحديدية" المضادة للصواريخ. وأشار إلى أن مدافع الدبابات الإسرائيلية المرابطة في منطقة الحدود مع القطاع استهدفت نقاط رصد تابعة للفصائل الفلسطينية في شمال قطاع غزة، رداً على إطلاق القذيفة.
ونقلت وسائل إعلام فلسطينية عن مصدر في الغرفة المشتركة للفصائل الفلسطينية قوله إن انطلاق صاروخ من غزة نتج من خلل فني، وأكد أن الفصائل ملتزمة بوقف إطلاق النار.
وجاءت هذه الحادثة بعد أقل من نصف ساعة على كلمة للناطق بلسان "سرايا القدس"، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، أبو حمزة، الذي شدّد خلالها على أن قدرات الحركة ما زالت بألف خير، وأن في جعبتها الكثير مما ستراه إسرائيل في أي جولة مقبلة.
وأضاف أبو حمزة أن ذهاب إسرائيل في اتجاه اغتيال قادة الحركة كسياسة لإنهاء مشروع المقاومة كما فعلت في هذه العملية العسكرية أصبح من دون جدوى، ففور اغتيال القادة، خلَفهم قادة جدد قاموا بمهماتهم على أكمل وجه. وشدّد على أن "سرايا القدس" قامت باستهداف تل أبيب والقدس ومدن العمق الإسرائيلية بمئات الصواريخ، وأدخلت أهدافاً جديدة إلى نطاق النيران.
أعلن منسق شؤون الحكومة الإسرائيلية في المناطق [المحتلة] اللواء غسان عليان أمس (الأحد) أن إسرائيل قررت إعادة فتح معبريْ إيرز [بيت حانون] وكيرم شالوم [كرم أبو سالم] في قطاع غزة بصورة تدريجية. كما أعلن أنه تقرر إعادة فتح منطقة الصيد قبالة شواطئ القطاع.
وأضاف عليان أن هذا القرار يأتي في إثر التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل والجهاد الإسلامي الفلسطيني. وأشار إلى أن قرار فتح هذين المعبرين بشكل كامل سيُتخذ وفقاً للتطورات الأمنية.
ذكر بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أن قوة من الجيش معززة بأفراد من الوحدة الخاصة التابعة لحرس الحدود داهمت صباح أمس (الأحد) البلدة القديمة من مدينة نابلس، وقامت باعتقال منفذيْ عملية إطلاق النار في بلدة حوارة في أواخر آذار/مارس، والتي أسفرت عن إصابة جنديين إسرائيليين بجروح.
وقالت مصادر فلسطينية إن المعتقليْن هما إياد التكروري (24 عاماً) ومصعب مضهر (21 عاماً)، وكلاهما من سكان البلدة. وسلّم الاثنان نفسيهما إلى القوات الإسرائيلية، بعد تطويق منزل كانا بداخله. وضُبِطت بحيازتهما بندقية من طراز "إم 16"وذخيرة.
وأعرب وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت عن تقديره العميق لأداء قوات الأمن في نابلس، مؤكداً أن إسرائيل ستواصل ملاحقة كل مَن يمسّ بها إلى أن يتم اعتقالهم.
أثنى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على نجاح عملية "درع وسهم" العسكرية التي شنّها الجيش الإسرائيلي ضد قطاع غزة واستمرت 5 أيام، وقال إنها أحدثت تغييراً كبيراً في قطاع غزة، إلى جانب إضعاف قيادة حركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني.
وأضاف نتنياهو في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام في مستهل الاجتماع الذي عقدته الحكومة الإسرائيلية أمس (الأحد): "لقد غيّرنا المعادلة على الأرض بنسف القيادة العليا للجهاد الإسلامي برمتها. إنه عمل جيد للغاية."
يُذكر أن إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامي اتفقتا أول أمس (السبت) على وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ عند الساعة 11:00 من مساء ذلك اليوم. وتم التوصل إلى الاتفاق بوساطة مصرية مع مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، الذي أعرب عن امتنانه للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على جهوده.
وخلال العملية العسكرية التي استمرت 5 أيام، كثّف الجيش الإسرائيلي عمليات التصفية المستهدفة لصفوف قيادة الجهاد الإسلامي، وهو ما أسفر عن مقتل 6 من قادته، وقام باستهداف مواقع عسكرية ومخازن أسلحة.
من جانبها، أكدت حركة الجهاد الإسلامي أنها خاضت حرب استنزاف، وأطلقت ما يقرب من 1500 صاروخ، سقط منها نحو 1000 صاروخ فوق الأراضي الإسرائيلية.
وإجمالاً، أدت العملية العسكرية إلى سقوط قتيلين في الأراضي الإسرائيلية، هما مسنّة إسرائيلية فجّر صاروخ منزلها في رحوفوت [وسط إسرائيل] وعامل فلسطيني كان يعمل في مزرعة إسرائيلية بالقرب من منطقة الحدود مع القطاع. كما أدت إلى سقوط 33 قتيلاً فلسطينياً في قطاع غزة وإصابة عشرات آخرين بجروح.
وأعلنت مصادر فلسطينية ومصرية متطابقة أن إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامي توصلتا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، برعاية القاهرة. وقال مسؤول أمني مصري مطّلع إنه تم التوصل إلى اتفاق ينص على أنه بناءً على موافقة الطرفين، تعلن مصر وقف إطلاق النار بين الجانبين، الفلسطيني والإسرائيلي، في تمام الساعة العاشرة من مساء يوم السبت 13 أيار/مايو 2023.
وأضاف أنه بناءً على ذلك، يتم الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، الذي يشمل وقف استهداف المدنيين وهدم المنازل، وأيضاً وقف استهداف الأفراد، وذلك فور البدء بتنفيذ الاتفاق، وتحثّ مصر الطرفين على تطبيقه، وتعمل على متابعة ذلك بالتواصل معهما.
وأكد رئيس الدائرة السياسية لحركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي لوكالة فرانس برس للأنباء موافقة الطرفين على الإعلان المصري لوقف إطلاق النار، وأوضح أن الاتفاق يشمل وقف استهداف الناشطين، وأن إسرائيل أقرّت بأشياء لم تكن تقرّ بها مسبقاً.
وقال بيان صادر عن ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية إن إسرائيل تشكر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وتعرب عن تقديرها لجهود مصر النشطة من أجل التوصل إلى وقف إطلاق النار. وأضاف أن ردّ إسرائيل على المبادرة المصرية يعني أن الهدوء سيُقابَل بالهدوء، وإذا ما تعرضت إسرائيل للهجوم أو التهديد، فستواصل القيام بكل ما تحتاج إلى القيام به من أجل الدفاع عن نفسها.
ورحّب البيت الأبيض في الولايات المتحدة بإعلان وقف إطلاق النار، مشيداً بالحكومة المصرية لتوسُّطها في الاتفاق.
وأصدرت قيادة الجبهة الإسرائيلية الداخلية تعليماتها برفع حالات الطوارئ التي كانت أعلنتها عند بداية تبادُل القصف بين إسرائيل والجهاد الإسلامي ضمن حملة "درع وسهم" في قطاع غزة.
وقالت مصادر سياسية رفيعة المستوى في القدس إن التزامها بجهود الوساطة المصرية منوط باستمرار الهدوء في جنوب البلد، موضحةً أن إسرائيل ستعمل كل ما هو مطلوب من أجل الدفاع عن نفسها، في حال استأنفت المنظمات "الإرهابية" في قطاع غزة الاعتداءات الصاروخية عليها.
من ناحيته، أعلن الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة في خطاب ألقاه عبر قنوات تلفزيونية إنهاء القتال مع إسرائيل، وشكر مصر وقطر على جهودهما بغية كبح جماح الاعتداءات الإسرائيلية. كما قدم الشكر إلى بقية الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة.
هذا الصباح (الأحد)، بدا أن عملية "درع وسهم" وصلت إلى نهايتها مع التوصل إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل والجهاد الإسلامي، بوساطة مصرية. وسواء ظلّ وقف إطلاق النار سارياً أم لا، من الممكن الآن عرض الدروس التي تعلمناها، ليس فقط من هذه المواجهة، بل من المواجهات السابقة مع غزة، وأيضاً من مواجهات مشابهة مع حزب الله في التسعينيات.
- أولاً؛ من المهم التفريق بين نوعين من العمليات: تلك التي هدفها محدود، وهو المحافظة على الوضع القائم، وبين تلك التي تهدف إلى تغيير الوضع من أساسه. بطبيعة الأمر، الإنجاز الذي يمكن أن يحققه النوع الأول من العمليات متواضع، لكن عملية – أو حرباً - هدفها تغيير الوضع من أساسه، ستكون محفوفة بالمخاطر والخسائر، ولها أثمان باهظة. يجب ألا يغرّنا التفكير في أنه من الممكن تغيير الوضع من أساسه، كما في النوع الثاني من العمليات، في وقت قصير وبثمن قليل، كما في النوع الأول من العمليات. ومن الواضح تماماً أن العملية الأخيرة مثل سابقاتها، هي من النوع الأول من العمليات.
- ثانياً؛ إذا كان استمرار الوضع القائم - جولة عنف بمعدل سنوي - يبدو غير محتمل، فحينها، يمكن التفكير في استراتيجيا أُخرى، لكن مثل هذا النقاش يجب ألّا يجري خلال العملية، بل قبلها. وعندما نتفحص الاحتمالات الأُخرى، لا يكفي القول إن الوضع القائم غير محتمل، بل يجب اقتراح مسار كامل يمكن أن يخلق واقعاً أفضل بكثير.
- ثالثاً؛ من المهم – قبل اتخاذ القرارات - تصوير الواقع بصورة صحيحة. والواقع هو أن غزة تحولت منذ وقت، بحكم الأمر الواقع، إلى دولة مستقلة، وحكومتها - حكومة "حماس" - تتنازعها مصلحتان: الأولى تأمين الحياة الطبيعية لسكان غزة، والثانية الحفاظ على مقاومتها لإسرائيل، وأن تصبح ممثلة للزعامة الفلسطينية في الضفة الغربية أيضاً. في مقدور إسرائيل دفع "حماس" إلى تفضيل المصلحة الأولى، وكلما وسّعنا سياسة "الجزرات الاقتصادية" في أيام الهدوء، بهذه الطريقة ننجح أكثر.
- رابعاً؛ في أي مواجهة ضد تنظيم "إرهابي"، مثل الجهاد الإسلامي، ليس هناك أي أهمية لمسألة مَن كان آخر مَن أطلق النار. إذا نجحنا في ضرب أهداف نوعية للجانب الثاني، وهو ردّ بقصف مكثف من دون أن يوقع إصابات، هذا هو بالضبط الوقت الملائم لإنهاء الحادثة، ويبدو أننا مررنا بهذا الوضع مرتين خلال أيام القتال.
- خامساً؛ من مصلحة إسرائيل إنهاء الحادثة بسرعة، بينما من مصلحة الطرف الثاني الاستمرار في المواجهة. بالنسبة إلينا، على الرغم من أننا لا نعترف كثيراً بذلك، هناك دائماً فائدة هامشية متناقصة من الهجمات الإضافية، بينما بالنسبة إلى العدو، فإن بقاء نصف سكان الدولة في الملاجىء هو بحد ذاته إنجاز يُظهر من خلاله قدرته على الصمود.
- سادساً؛ يجب أن نكون أكثر حساسيةً حيال عدد المصابين من الأبرياء من نساء وأطفال في الجانب الثاني. هذا لا يعني أن العملية غير مبررة، لكن كنا ننتظر من الناطقين بلسان إسرائيل التعبير عن تعاطفهم مع المدنيين الأبرياء الذين قُتلوا في غزة.
- سابعاً؛ يجب التوقف عن السلوك المعيب الذي يتكرر في كل عملية، والذي في إطاره، يعقد رئيس الحكومة ووزير الدفاع، وهذه المرة أيضاً رئيسا الأركان والشاباك – مؤتمرات صحافية يكيلون فيها المديح لأنفسهم، ويبعثون برسائل تهديدية. هذا أمر غير لائق، وغير مشرّف، وغير مقنع، ويتسبب بأذى لنا في العالم - ولو تعقّدت العملية، لبدَت هذه المؤتمرات الصحافية مثيرة للشفقة.
- ثامناً؛ يُجري الجيش تحقيقاً بعد كل عملية، والأكيد أنه سيفعل ذلك أيضاً في نهاية العملية الحالية، لكنه لا يُجري قط تحقيقاً حقيقياً أيضاً مع المستوى السياسي. كل هذه النقاط الثماني السابقة تعلمناها جيداً في التسعينيات وفي العقد الأخير، لكن يبدو أن المستوى السياسي يتعلمها من جديد في كل مرة، وهذا أمر مؤسف.
بعد إطلاق الصواريخ أمس (الأحد)، برزت بصورة ملموسة تعقيدات قطاع غزة. المحاولة الإسرائيلية لتحديد أوضاع منطقية ومنتظمة في أوقات التصعيد الكبير، تنقل فيها المسؤولية، وللمرة الثالثة خلال الأعوام الأخيرة، من "حماس"، وهي الحاكم، والتي تشكل عنواناً للرد، إلى الجهاد الإسلامي الذي لا يتحمل أيّ مسؤولية حيال سكان غزة - واجهت تحدياً في الأمس، بعد أقل من يوم واحد على انتهاء العملية.
- باستثناء نجاحات تكتيكية في العملية الأخيرة، فإن قصر الفترة التي تفصل بين الجولات في الأعوام الأخيرة يتطلب من إسرائيل أن تفحص بصورة عميقة ما إذا كان عدم تحميل "حماس" المسؤولية يؤدي إلى نتيجة عكسية، ويقرّب إسرائيل أكثر من عملية واسعة في القطاع؟
- مقارنةً بعمليات سابقة منذ سنة 2019، والتي اختارت فيها إسرائيل توجيه المعركة ضد الجهاد الإسلامي فقط، ومساعدة "حماس" على عدم التدخل وعدم المشاركة في المعركة، فإنهم اليوم في هيئة الأركان العامة أكثر تواضعاً وحذراً في تقدير فترة الهدوء المتوقعة نتيجة العملية. وصاروخ الأمس هو إشارة أولى إلى ذلك.
- في العمليات السابقة، كانت اللهجة مختلفة، وفرضية الانطلاق كانت تتوقع فترات هدوء أطول بكثير مما حدث عملياً. هذه المرة، التصريحات أكثر تواضعاً واعتدالاً، لكن من الناحيتين التكتيكية والعملانية، يبدو أن إنجازات العملية الأخيرة - اغتيال مسؤولين كبار، منع العدو من تحقيق إنجازات، والتصدي بفعالية كبيرة للقصف المدفعي وإطلاق الصواريخ، مقارنةً بأيام القتال- أفضل من العمليتين السابقتين التي سوّق الجيش الإسرائيلي أنهما ناجحتان.
- من المتوقع أن تكون المواجهات العسكرية مع "حماس" وحزب الله أكثر تعقيداً بكثير. ضُعف الجهاد الإسلامي، وحجم التسلل الاستخباراتي إلى صفوفه، وأساليب عمله القديمة، كلها أمور تجعل منه عدواً من السهل تحقيق إنجازات عملانية ضده.
- في الخلاصة، يثبت الجهاد الإسلامي، المرة تلو الأُخرى، أنه غير قادر فعلاً على إدارة حرب مستقلة في مواجهة إسرائيل والصمود لوقت طويل. من المهم التوضيح أن هذا لا يعني التقليل من إنجازات الجيش في ضربه تنظيماً "إرهابياً" قادراً على إطلاق صواريخ يصل مداها إلى 100 كلم، وبحجم كبير يمكن أن يصل إلى الآلاف، ولا التقليل من المستوى الاستخباراتي المدهش للشاباك، والجودة العالية لأداء سلاح الجو.
- لكن علاوةً على المسائل التكتيكية، فإن مسألة التمييز الذي تريده إسرائيل بين مسؤولية "حماس" ومسؤولية الجهاد الإسلامي في غزة، جوهرية جداً، وهذا خيار قامت به للمرة الثالثة خلال 4 أعوام فقط. لكن هذه المقاربة وأسلوب العمل اللذين ينطويان على إنجازات عملانية، يطرحان أسئلة استراتيجية حيال مغزى ذلك على الأرض.
- في هذه الجولة أيضاً، يقولون في الجيش إنهم تقيدوا بالهدف السياسي الذي وُضع لهم – توجيه ضربة تؤذي القدرة العملانية للتنظيم وتضعفه، من دون دخول "حماس" إلى دائرة القتال.
- وبحسب هذا التحديدـ فإن الجيش قام بمهمته بصورة جيدة، لكن في الصورة الأوسع، يبدو أن الجهاد الإسلامي، الذي لا يتحمل مسؤولية حيال السكان في القطاع ويمثل مصالح إيران بصورة واضحة، قادر على توريط إسرائيل في وحل غزة، وينجح المرة تلو الأُخرى، في جرّ إسرائيل إلى مواجهة عسكرية، ويُقصّر المدة الزمنية التي تفصل بين الجولة والأُخرى.
- علاوةً على ذلك، كانت إسرائيل بحاجة إلى أعوام كثيرة للتفريق بين قطاع غزة والضفة الغربية، وتجد نفسها الآن في حالة قتال في غزة بسبب حرم المسجد الأقصى، وبسبب عملية أوقعت الكثير من القتلى في جنين، أو بسبب أسير أمني من الجهاد الإسلامي توفي في السجن، بعد إضرابه عن الطعام. وفي كل مرة، هناك سبب مختلف. في مثل هذه الظروف، وعلى الرغم من النجاحات العملانية، فإن التصعيد المقبل يمكن أن يحدث قريباً.
الاغتيالات هي حلم السياسيين. إنها تكثيف لجميع القدرات الاستخباراتية استخباراتية فائقة الأهمية في الوقت الصحيح، وقدرات خارقة عملياتياً، بالإضافة والعملياتية لدى جنودنا الممتازين في الجيش و"الشاباك"، معلومات إلى دمج المعلومات من عدة مستشعرات، ثم عمل استخباراتي مشترك وعمليات على مستوى عالٍ جداً، وفي النهاية، قدرة إلحاق الضرر، عبر ضربة دقيقة وقاتلة لمن خطّط لتنفيذ عمليات، فورياً.
- هذا من دون شك، يدغدغ خيال الكثيرين، ويرمم الصورة الجماهيرية، ويمكن بيعه على أنه إنجاز شخصي، كما يمكن التفاخر به خلال مؤتمر صحافي، وحتى أنه يساعد، موقتاً، على رفع عدد المقاعد في استطلاعات الرأي. ولكن، موقتاً فقط.
الاغتيالات أداة، ليست الهدف
- الاغتيالات لم تكن يوماً الحل. هي ليست أكثر من مسكّن ألم عندما نتعامل مع التهاب رئة حاد. الأكيد أنها ليست مضاداً حيوياً. كانت وستبقى أداة للتعامل مع التهديدات الفورية فقط، عندما لا يوجد حلّ آخر.
- الاغتيالات هي الأداة التي ينفخها السياسيون أكثر من حجمها، ولكنها لن تكون الهدف قط. الهدف هو تغيير الواقع: أن نعيش سوياً بتعايُش مبنيّ على الاحترام، ووقف موجات "الإرهاب"، ووقف جولات إطلاق القذائف، وتطبيع حياة الطرفين لسنوات عديدة.
- طوّرنا الاغتيالات، واستخدمناها كجزء من عقيدة قتالية، وكقدرة استخباراتية - عملياتية ضمن سلة أدوات "محاربة الإرهاب" في بداية الانتفاضة الثانية، في أواخر سنة 2000. وأوضحنا أنها حلّ موضعي - تكتيكي، يحلّ، جزئياً، مشكلة عدم القدرة على إحباط التهديدات الفورية، عندما منعنا المستوى السياسي منعاً مطلقاً من الدخول إلى أراضي منطقة "أ" الفلسطينية، وكان علينا البحث عن طرق أُخرى لإحباط "الإرهاب" عن بُعد. الوضع في قطاع غزة لا يختلف كثيراً.
- شرحنا دائماً أن الاغتيالات ليست حلاً سحرياً لمشكلة "الإرهاب"، وذلك لأنه يجب السيطرة على الميدان فعلياً من أجل التعامل معه بشكل فعال. وأكثر من ذلك، إذا كنا نريد فعلاً حلّ "مشكلة الإرهاب" - فعلينا أن نعالج أولاً جذور هذه المشكلة " والأهم من بينها - عدم وجود أمل، أو شعور بالأفق المسدود والواقع الذي يخنق من جميع الاتجاهات.
- يجب قول الحقيقة بوضوح.
إذاً، ما الذي يمكن القيام به في قطاع غزة؟
- بناءً على ما سبق، ما الذي يمكن القيام به في قطاع غزة إن لم نكن نريد استمرار الوضع الحالي، في ظل جولات لا تتوقف، ولا تؤدي إلى أي مكان؟ هناك خياران، وكلاهما للأسف يحتاج إلى شجاعة كبيرة لن نجدها حتى لو بحثنا مع عدسة مكبرة في مجلس الحكومة في القدس:
- الخيار (أ)- التوصل إلى ترتيبات (ترتيب لا يُعدّ اتفاق سلام، لكنه نوع من أنواع وقف إطلاق النار الطويل) مع "حماس". بناء القطاع اقتصادياً بدعم من الدول العربية والمجتمع الدولي للمدى البعيد، مع الكثير من الاستثمارات، ليكون لديهم ما يخسرونه.
- الخيار (ب)- إخضاع "حماس" في قطاع غزة (يمكن أيضاً من خلال عملية عسكرية مركّبة، من دون احتلال القطاع كلياً)؛ ومستقبلاً، تمرير حُكم القطاع إلى السلطة الفلسطينية، في حال كانت أقل فساداً، وبدعم عربي. هذا كان أساس فكرة حملة "الرصاص المصبوب"، وكان هناك مَن منعه في سنة 1999 بسبب قصر نظر استراتيجي.
- في الخيارين، هناك مشكلة مع التوقيت الحالي. الهروب من حلّ الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، خلال عهد نتنياهو، حوّل السلطة الفلسطينية إلى أداة فارغة من المضمون. كما أنه عزّز قوة "حماس" في غزة، فحققت بغباء حلم سموتريتش المجنون: دولة ثنائية القومية، أبرتهايد فصل عنصري للإسرائيليين والفلسطينيين في الضفة وداخل الخط الأخضر. ولكن، لا يزال هناك إمكانية لتطبيقهما.
- كما جاء سابقاً، انعدام الأمل هو السبب الأساسي وراء "الإرهاب". لقد رأيت هذا عن قُرب خلال عشرات الأعوام، في الضفة وقطاع غزة، وفي لبنان. اليائسون لا يرون الضوء في نهاية النفق، فيقاتلون وينفّذون العمليات، حتى أنهم ينتحرون، وكل الجهات المستفيدة في المنطقة، مثل إيران وأذرعها، يعززون هذا اليأس عبر مدّه بالسلاح والأموال والمعرفة. هكذا نحصل على موجات "إرهاب" متتالية، وأيضاً جولات إطلاق قذائف متتالية.
ما المطلوب لتغيير الاتجاه؟
- لوقف هذا، لا نحتاج إلى تكنولوجيا استثنائية، ولا إلى قدرات عملياتية خاصة، المطلوب هو شيء أكثر ندرة بكثير: قيادة تفهم أن السلام يُصنع مع الأعداء، قيادة لديها رؤية، ولديها الشجاعة لاتخاذ قرارات تاريخية.
- كان لدى بن غوريون الرؤية والشجاعة والقدرة على اتخاذ قرارات تاريخية عندما أقام دولة إسرائيل، وكان يعلم بأن الجيوش العربية ستهاجم الييشوف اليهودي الصغير بعد يوم من الإعلان؛ وكانت لدى بيغن عندما صنع السلام مع مصر مباشرة بعد انقلاب سنة 1977؛ ولدى رابين عندما حاول توقيع اتفاق سلام مع الفلسطينيين في نهاية الانتفاضة الأولى، ووقّع اتفاق سلام مع الأردن؛ كانت أيضاً لدى شارون عندما أمر بتنفيذ "السور الواقي" في الانتفاضة الثانية و"فك الارتباط" عن غزة في سنة 2005؛ وأيضاً لدى أولمرت عندما هاجم المفاعل النووي السوري في دير الزور، حتى أنه حاول قيادة حلّ مع الفلسطينيين، مستغلاً الانتصار على "الإرهاب" بعد الانتفاضة الثانية. لم تكن هذه الخطوات جميعها ناجعة لأسباب موضوعية و/أو ذاتية لن أدخل فيها الآن، لكنها دلّت على وجود قيادات مبادِرة، قيادية وشجاعة. هذه القيادات كانت تعلم كيف تصنع الأمل ضد كل الاحتمالات. الرؤية والقيادة والشجاعة هي التي أقامت الدولة، وهي فقط التي يمكن ضمانها لسنوات طويلة مستقبلاً.
إذاً، ماذا علينا أن نتوقع؟
- لذلك، أقترح علينا جميعاً أن نتجهز لموجة "الإرهاب" القادمة و/أو جولة إطلاق القذائف القادمة، لأنها ستأتي. في يوم النكبة، أو مسيرة الأعلام القريبة، وإن لم تحدث، فبعد وقت قصير. وحينها، سيكون هناك مؤتمر صحافي أيضاً، حيث سيقف رئيس الحكومة ويشرح لنا عن أهمية الاغتيالات الناجحة الأخيرة، وعن قدرتنا على إلحاق الضرر بأعدائنا في كل مكان والكثير من الشعارات المستنفَدة والكاذبة والمتّبعة.
- وسيكون من الجيد أن تتذكروا، حينها، أنه لم يتغير شيء، ومن الجيد أن نتجهز مرة أُخرى للجولة المقبلة بأسرع ما يمكن.