مختارات من الصحف العبرية

مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
الأمم المتحدة تحيي ذكرى النكبة في ظل حملة إسرائيلية دبلوماسية لمقاطعة الجلسة
نتنياهو في اجتماع كتلة الليكود: هدف "درع وسهم" تغيير ميزان الردع حيال الجهاد الإسلامي
عايدة توما سليمان: مسيرة الأعلام استفزازية
استطلاع للرأي يُظهر مواقف الإسرائيليين من النزاع بين روسيا وأوكرانيا
تقرير: المستوطنون يحولون أراضي زراعية فلسطينية في وادي الأردن إلى مشروع سياحي يحمل اسم "أرض الينابيع"
مقالات وتحليلات
من دون استراتيجيا، الجولة المقبلة ستصل قريباً
"درع وسهم": "حماس" هي الرابح الأساسي
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"يديعوت أحرونوت"، 15/5/2023
الأمم المتحدة تحيي ذكرى النكبة في ظل حملة إسرائيلية دبلوماسية لمقاطعة الجلسة

ألقى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس خطاباً في الأمم المتحدة، التي تحيي ذكرى النكبة للمرة الأولى منذ 75 عاماً، قال فيه: إسرائيل تتصرف مثل غوبلز، تكذب وتكذب، وفي النهاية الناس يصدقونها." وأضاف: "إن إحياء ذكرى النكبة، بعد سنوات من تجاهُل الحدث، يشير إلى اعتراف دولي بما حدث، ويتعارض مع السردية الإسرائيلية التي تنكر النكبة." وتابع: " كقوة احتلال، إسرائيل تواصل عدوانها على الفلسطينيين، وتواصل احتلالها الأراضي الفلسطينية. ودول كبرى معينة تسكت اليوم على أفعال إسرائيل، وترفض تحمُّل المسؤولية عن ضم واحتلال الأراضي، من خلال بناء المستوطنات وخرق الوضع القائم في المسجد الأقصى." وأضاف: "الشروط المهمة التي يجب أن تتوفر من أجل تحقيق سلام قابل للحياة، هي الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ضمن حدود 1967، وأن تكون القدس الشرقية جزءاً من فلسطين. كما أنني أدعو إلى إطلاق كل الأسرى الفلسطينيين، بمن فيهم الأولاد والنساء. نحن لسنا ضد اليهود واليهودية، بل ضد قوات الاحتلال."

وفي خطابه، قارن أبو مازن إسرائيل بغوبلز [وزير الدعاية النازية في عهد هتلر]، فقال: "الادّعاءات الصهيونية والإسرائيلية الكاذبة مستمرة، ومنها أن إسرائيل حوّلت فلسطين إلى جنة مزدهرة. فلسطين كانت صحراء، وهم حولوها إلى شيء مشرق، إلى جنة على الأرض. هم يتصرفون مثل غوبلز: إكذب، إكذب، إكذب، وفي النهاية يصدقك الناس."

وتجدر الإشارة إلى أن عدداً من الدول ألغت مشاركتها في حضور جلسة الأمم المتحدة والاستماع إلى خطاب أبو مازن، بعد الحملة التي شنّها وزير الخارجية إيلي كوهين مع الوفد الإسرائيلي في الأمم المتحدة والممثليات الإسرائيلية في العالم من أجل إقناع الدول الأعضاء بعدم حضور المناسبة في الأمم المتحدة، ومن بين الدول التي تجاوبت مع هذه الدعوة، الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وأوكرانيا والنمسا وتشيكيا واليونان وهنغاريا والأوروغواي وجنوب السودان. ومما قاله كوهين: "سنحارب كذبة النكبة بكل قوة، ولن نسمح للفلسطينيين بالاستمرار في نشر الأكاذيب وتزييف التاريخ."

سفير إسرائيل في الأمم المتحدة غلعاد أردان وجّه في الأول من أمس كتاباً شخصياً إلى سفراء الدول في الأمم المتحدة، طالباً منهم عدم المشاركة في المناسبة التي تصوّر قيام دولة إسرائيل ككارثة، جاء ذلك ضمن إطار الحملة الإسرائيلية لمقاطعة إحياء الفلسطينيين ذكرى "النكبة" في الأمم المتحدة، ومما قاله أردان: "هذه محاولة فلسطينية لتشويه التاريخ، ومَن يصدقها يمنح الشرعية لسردية كاذبة ويقضي على أي فرصة للمصالحة."

تجدر الإشارة إلى أن إحياء الذكرى الـ75 للنكبة الفلسطينية اتُّخذ من خلال قرار صدر عن الأمم المتحدة في كانون الأول/ديسمبر السنة الماضية، وكجزء من رزمة قرارات سنوية تتخذها المنظمة. وشهدت الأشهر الأخيرة حملة إسرائيلية قادها وزير الخارجية إيلي كوهين والسفير أردان لإقناع الدول الأعضاء بعدم المشاركة في الذكرى ومقاطعة الحدث.

"يديعوت أحرونوت"، 16/5/2023
نتنياهو في اجتماع كتلة الليكود: هدف "درع وسهم" تغيير ميزان الردع حيال الجهاد الإسلامي

عقد رئيس الحكومة بعد ظهر أمس أول اجتماع لكتلة الليكود، بعد عملية "درع وسهم"، أعلن خلاله أن الهدف من العملية الأخيرة كان "تغيير ميزان الردع حيال الجهاد الإسلامي." بعد أن غيّرت عملية "حارس الأسوار" قبل عامين ميزان الردع في مواجهة "حماس".

وادّعى نتنياهو: "جئنا لنغيّر معادلة الردع، وهذه ليست المرة الأولى. التغيير الأساسي في ميزان الردع تحقق في عملية حارس الأسوار. ومنذ ذلك الحين، لم تطلق 'حماس' صاروخاً واحداً في اتجاه أراضينا. وهي مرتدعة. وأدى هذا إلى تغيير المعادلة، ولا يزال سارياً منذ عامين."

وعن إنجازات عملية "درع وسهم"، التي اغتيل خلالها عدد من كبار قادة الجهاد الإسلامي، قال نتنياهو: "التغيير لم يحدث بسبب الاغتيالات المركزة التي نقوم بها منذ أكثر من 16 عاماً، وخلال الفترة التي كنت فيها رئيساً للحكومة، بل لأننا فعلنا ذلك بهدوء ورباطة جأش. أسقطنا نصف قيادة الجهاد الإسلامي بضربة فجائية، والنصف الثاني خلال العملية."

تطرّق رئيس الحكومة خلال الاجتماع إلى مسيرة الأعلام التي ستجري يوم الخميس المقبل، فأوضح أن "الرسالة من العملية الأخيرة لم تُرسل إلى غزة فقط. كلّ مَن يأتي لمهاجمتنا، ومَن يخطط لضربنا، يفهم الآن جيداً مغزى عبارة تحمّلوا مسؤولية الدماء، وأقول هذا قبل ذكرى يوم القدس، ومسيرة الأعلام ستجري بحسب المخطط، وكعادتها."

 على صعيد آخر، هدّد قائد الجبهة الداخلية بإبعاد توم نيسيني مدير عام منظمة "الحرم في يدينا" [منظمة تدعو إلى الصعود إلى الحرم وتشجع الشباب على زيارته] عن الحرم، وعن المدينة القديمة. وتخطط المنظمة للقيام بمسيرة أعلام تمرّ عبر بوابة يافا، وفي نهايتها تصل إلى الحرم. وكان سبق لنيسيني أن أوقفَ في الحرم في الأسبوع الماضي، وجرى تكبيل يديه، بعد دخوله في شجار من الشرطة.

 

"معاريف"، 16/5/2023
عايدة توما سليمان: مسيرة الأعلام استفزازية

في حديث أجرته محطة أف أم 103 مع عضو القائمة المشتركة عايدة توما سليمان، قالت "من الواضح أن مسيرة الأعلام هي مسيرة استفزازية عنيفة واستقوائية، هم يريدون أن يثبتوا بالقوة أنهم يسيطرون على القدس الشرقية الواقعة تحت الاحتلال. في كل عام نقول هذا الكلام، ومن الأجدى منع هذه المسيرة. يجب عدم السماح بعربدة القوى الفاشية، ونحن نعرف الأحداث العنيفة التي تقع في كل مرة. أنا ضد يوم القدس، وضد مَن يدعو إلى توحيد القدس. القدس الشرقية واقعة تحت الاحتلال، وهي ليست موحدة، وليس هناك شخص في العالم يفكر بهذه الطريقة، وحان الوقت كي ندرك أن هذا الجزء من المنطقة واقع تحت الاحتلال، ولا يمكن أن تجري فيه مثل هذه الأمور."

"معاريف"، 16/5/2023
استطلاع للرأي يُظهر مواقف الإسرائيليين من النزاع بين روسيا وأوكرانيا

عقد المنتدى الحيفاوي، وهو لقاء يجمع خبراء، طاولة مستديرة في أواخر نيسان/ أبريل، شارك فيها خبراء في الأمن القومي وصحافيون وأعضاء كنيست وممثلون لمنظمات حكومية، ناقشت علاقة الإسرائيليين بالنزاع بين روسيا وأوكرانيا ومدى متابعتهم لتطور الأحداث في الدولتين.

وخلال النقاش، جرى عرض استطلاع للرأي أجراه مركز الاستقصاء الدولي للتنمية البشرية، تناول مواقف الإسرائيليين من الموضوع، فتبيّن أن 58% من الإسرائيليين لا يتابعون القتال الروسي - الأوكراني إلاّ أحياناً قليلة، وفقط 9% يتابعونه باستمرار.

وانقسمت الآراء بشأن موقف السياسة الإسرائيلية من النزاع؛ 57% اعتبروا أن إسرائيل كانت حيادية، أو لم تتخذ موقفاً واضحاً. بينما وافق 63% على الموقف الرسمي الإسرائيلي. ورأى 80% من الإسرائيليين أن مشاركة إسرائيل في النزاع الروسي - الأوكراني يجب أن تكون من خلال استيعاب مهاجرين، بينما رأى 75% أن المشاركة يجب أن تكون من خلال المساعدات الإنسانية. والتخوف الأكبر، بالنسبة إلى إسرائيل، أن يؤدي النزاع الروسي - الأوكراني إلى تدهور العلاقات مع روسيا، هذا كان رأي 56% من الذين شاركوا في الاستطلاع.

"هآرتس"، 15/5/2023
تقرير: المستوطنون يحولون أراضي زراعية فلسطينية في وادي الأردن إلى مشروع سياحي يحمل اسم "أرض الينابيع"

اضطر سكان القرية الفلسطينية عين البيضا الواقعة شمال وادي الأردن، على مر السنوات، وخصوصاً في العقد الأول من حرب الأيام الستة [حرب حزيران/يونيو]، إلى التخلي عن جزء كبير من أراضيهم الزراعية. هذه الأراضي انتقلت إلى أيدي المستوطنين في المنطقة، أو تحولت إلى منطقة عسكرية. في الأشهر الأخيرة، بدأ الفلسطينيون يشعرون بالخوف على أعمالهم الزراعية في الأراضي التي ما زالت ملكهم، بعد قرار المستوطنين تحويل ينابيع المنطقة إلى موقع سياحي. وجاء تحرُّك المستوطنين من دون أي تنسيق مع سكان القرية الذين تقع أراضيهم بالقرب من هذه المنطقة، أو مع ملاكي هذه الأراضي، ولم يحصلوا على موافقتهم.

خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، بدأ المستوطنون بأعمال تحويل الينابيع إلى موقع للاستجمام والسباحة. وفي هذه المواقع وغيرها وُضعت الطاولات والكراسي والأراجيح. كما وُضعت لافتة على الطريق 90، وهي شريان المواصلات الأساسي إلى وادي الأردن، لافتة تحمل اسم "أرض الينابيع".

وتجدر الإشارة إلى أن المستوطنين يعملون منذ عدة أعوام على تحويل الينابيع في المناطق الزراعية الفلسطينية في الضفة الغربية إلى مواقع سياحية. ولقد وثّق هذه الأعمال درور أيتكس، من منظمة "كرم نابوت"، الذي يتابع سياسة الأراضي الإسرائيلية ما وراء الخط الأخضر. يقول أيتكس: "في كل أراضي الضفة، من دون شمال وادي الأردن، توجد قرابة 75 نبعاً. تقريباً 40 منهم مغلقة تماماً في وجه الفلسطينيين، والباقي عرضة لمستويات مختلفة من التهديد." وتُعتبر منطقة شمال وادي الأردن أول منطقة شهدت محاولات تطوير مشاريع سياحية من خلال فرض وقائع على الأرض في مواقع الينابيع. ومن دون الوصول إلى مصادر المياه هذه، من الصعب على سكان المنطقة من الفلسطينيين الاستمرار في أعمالهم الزراعية.

يدّعي المستوطنون أن الينابيع مفتوحة أمام الجمهور، ويستخدمها مزارعو عين البيضا كثيراً. وأغلبية مزارعي القرية يبيعون منتوجاتهم من الفاكهة والخضار لمدينة نابلس وطوباس وداخل إسرائيل. لكن بحسب الأمين العام لمجلس عين البيضا، تضاءلت كميات المياه التي تحصل عليها القرية من شركة مكوروت في السنوات الأخيرة.

على صعيد آخر، لم يأتِ أيّ رد من المجلس الإقليمي لوادي الأردن لتوضيح الأساس القانوني لنشاط المستوطنين في منطقة الينابيع. أما الإدارة المدنية فردّت بالقول: "الأعمال المشار إليها لا علم لنا بها. وعندما يتبين أن هناك ضرراً بيئياً لحِق بالمحميات الطبيعية، فإن الإدارة المدنية ستتحرك وفق القوانين والإجراءات المرعية."

وكانت الإدارة المدنية أجرت قبل 4 أعوام مسحاً شاملاً للبيئة في منطقة وادي الأردن، بقيادة ضابط من هيئة المحافظة على البيئة في الإدارة المدنية، كانت نتيجته أن منطقة الينابيع لها أهمية بيئية كبيرة، ويجب المحافظة عليها.

أيتكس علّق على ذلك بالقول: "محاولة إسرائيل الخرقاء في تقديم نفسها كحارس للطبيعة في الضفة الغربية تتعارض مع مصالح المشروع الاستيطاني الذي يعتمد على مبدأ النهب بقدر الممكن. والاعتبارات البيئية، إذا وُجدت، تكون خاضعة دوماً للأسس القومية الموجودة في أساس المشروع الاستيطاني.

 

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"يسرائيل هيوم"، 15/5/2023
من دون استراتيجيا، الجولة المقبلة ستصل قريباً
اللواء في الاحتياط تامير هايمن - مدير معهد دراسات الأمن القومي
  • عملية "درع وسهم" هي نجاح مثير للإعجاب من الناحية العسكرية – التكتيكية. فقد تلقى الجهاد الإسلامي ضربة قاسية، كبار قادته اغتيلوا، وضُربت أرصدته من دون أن تدفع إسرائيل ثمناً سياسياً لوقف إطلاق النار. بدأت العملية بضربة استهلالية دقيقة، وباغتيال ثلاثي مركّز، انطلاقاً من قرار عدم التحرك بصورة فورية والدم يغلي، بل التحرك لاحقاً بطريقة أكثر إيلاماً، وانطلاقاً من معلومات استخباراتية دقيقة. لكن الأكثر إثارةً للإعجاب من الناحية الاستخباراتية والعملانية كانت القدرة على ضرب 3 مسؤولين رفيعي المستوى آخرين من الجهاد الإسلامي خلال العملية، بينما زعماؤه مختبئين ويتصرفون كمطلوبين.
  • وهذا من دون شك دليل على احترافية مذهلة للجيش الإسرائيلي والشاباك وشعبة الاستخبارات العسكرية أمان. علاوةً على ذلك، أظهرت إسرائيل صموداً من الناحية الدفاعية، كما أظهرت الجبهة الداخلية تماسكاً مذهلاً خلال أيام المعارك. ومقارنةً بالأهداف المحدودة التي وضعتها المؤسسة الأمنية، لا شك في أن المقصود نجاح عسكري. قد توقف إطلاق النار، والهدوء عاد بصورة موقتة. صحيح أن صورة الجهاد الإسلامي صعدت وسط معظم تنظيمات المقاومة، كما تصعد صورة كلّ مَن يتحرك ضد إسرائيل، وأن التنظيم نجح في تعطيل حياة الإسرائيليين، لكن هذه "الإنجازات" توازنها الضربات التي تلقاها.
  • مع ذلك، يجب ألّا ننخدع بالأوهام. فدولة إسرائيل تتصرف منذ أعوام طويلة من دون استراتيجيا ورؤية واضحتين في كل ما يتعلق بالساحة الفلسطينية - في مواجهة التحديات المعروفة، وتلك التي تنتظرنا في الأفق. يجب أيضاً أن نوضح للجمهور، بصدق، أن الجولة الحالية التي انتهت الآن ليست الأخيرة. مشكلة غزة لم تُحَل، و"حماس" تواصل زيادة قوتها، وقد نضطر إلى الدخول في مواجهة معها لاحقاً، لأن الهدوء الذي تحقق هو موقت فقط. لقد واجهت إسرائيل في هذه العملية تنظيماً "إرهابياً" هو الأضعف على الساحة الفلسطينية. و"حماس" لم تتضرر من وقوفها على حِدة، بل ازدادت قوة. وعملياً، على المستوى الاستراتيجي، عملية "درع وسهم" لم تغيّر شيئاً.
  • إسرائيل تعمل من دون خطة رئيسية للساحة الفلسطينية من خلال امتناعها من اتخاذ قرار واضح بشأن توجُّهها. هناك احتمال أن يكون القرار هو رغبتنا في الانفصال عن الكيان الفلسطيني. في هذه الحالة، فإن السلطة الفلسطينية و"فتح"، على الرغم من كل السيئات، فإنهما أفضل بعشرات المرات من "حماس" (تنظيم ليس هناك أي فرصة لعملية سياسية معه). في المقابل، هناك احتمال ثانٍ، يبدو أن صنّاع القرار في إسرائيل أكثر قرباً منه، وهو الجلوس وعدم فعل أي شيء.
  • والمقصود في هذه الحالة الاستمرار في مراقبة التفكك الكامل للسلطة الفلسطينية (التي برز ضعفها في العملية الحالية، وأنها ليست ذات صلة) والاعتراف بالأمر الواقع بأن "حماس" هي السيد في غزة. اختيار الاحتمال الثاني يثير شعوراً بالمرارة لدى أجزاء واسعة من الجمهور الإسرائيلي بعد كل جولة في القطاع - إذا كانت "حماس" شريكاً، فإن الضرر الموجّه إليها محدود، والرغبة في المحافظة عليها كعنوان واضحة.
  • إن قرار عدم إدخال "حماس" في جولة القتال الأخيرة كان قراراً صائباً، سواء على المستوى التكتيكي، أو الاستراتيجي. على المستوى التكتيكي - نفّذت إسرائيل ضربتها الاستهلالية ضد الجهاد، وبذلك حققت هدفها. إدخال "حماس" في القتال معناه إطالة أمده مجاناً، ومن دون ميزة المبادرة، من المعقول أن تكون النتيجة مخيبة للأمل. على المستوى الاستراتيجي، إذا كانت إسرائيل ترغب في تغيير الوضع الفلسطيني بصورة جذرية، فإن عليها التخطيط لعملية مختلفة مع هدف مختلف وعدم توسيع عملية محدودة إلى معركة بسبب الانجرار وراء إنجازات، أو إخفاقات تكتيكية. هذا يمكن أن يؤدي إلى منزلق خطِر قد يخرج عن السيطرة.
  • من المنتظر أن يرافقنا التوتر خلال الأيام القبلة، وبصورة خاصة يوم الجمعة الذي تصادف فيه ذكرى يوم القدس. الأخبار الجيدة أن العملية خففت من حماسة الطرف الثاني الذي لم يعد لديه رغبة في المزيد من الدمار والاغتيالات. من جهة ثانية، يحمل يوم القدس موضوعاً هو الأكثر قابليةً للانفجار في الشرق الأوسط - السردية الفلسطينية الدينية، القدس، حرم المسجد الأقصى وخيار توحيد الساحات تحت رايته. من واجب صنّاع القرار في إسرائيل التصرف بتعقُّل وحساسية حيال هذا اليوم.
  • يجب تجنُّب الاستفزازات في الأماكن المقصودة والامتناع، بقدر الممكن، من التقاط صور إشكالية في حرم المسجد الأقصى، وزيادة قوات الشرطة، وتنسيق المناسبة مع الوقف الأردني. ليس لأننا لا نملك القدرة على مواجهة تصعيد جديد وحادث على أكثر من جبهة، بل لأن لا مصلحة لنا في ذلك. وقبل كل شيء، يتعين على إسرائيل أن تنتهج المبادرة والتصرف بفعالية على الصعيد العسكري - التكتيكي على المستوى السياسي - الاستراتيجي أيضاً، وأن تحدد مصيرها بنفسها، بالاعتماد على قوتها وثقتها بنفسها، وليس من خلال التخبط والانجرار وراء أحداث عرضية.

 

مباط عال، العدد 1723، 14/5/2023
"درع وسهم": "حماس" هي الرابح الأساسي
أودي ديكل - باحث في مركز أبحاث الأمن القومي ورئيس وحدة دراسات الساحة الفلسطينية
  • لم تختلف جولة "درع وسهم" عن الجولتين اللتين سبقتاها - "بزوغ الفجر" في آب/أغسطس 2022، و"الحزام الأسود" في تشرين الثاني/نوفمبر 2019- فخلالها ركزت إسرائيل المعركة ضد "الجهاد الإسلامي" الذي لا يحكم غزة؛ فاجأت في الضربة الافتتاحية - اغتيال قيادات التنظيم؛ وتعاملت مع إطلاق قذائف على الجبهة الداخلية من خلال الاعتراض والقصف؛ أرادت جولة قصيرة كي تسيطر على حدود المعركة وتتفادى مواجهة مباشرة مع "حماس". الجولات الثلاث كانت عبارة عن حملات ردع، من دون هدف سياسي. تأثير الجولتين كان قصيراً، ومن المتوقع أن تكون الأمور كذلك في حملة "درع وسهم". خلال هذه الجولات وبعدها لم تسجَّل أي محاولة لتغيير الوضع الاستراتيجي - الأمني مقابل "حماس"، التحدي الأمني المركزي لدولة إسرائيل في الساحة الفلسطينية.
  • كان من الصعب على إسرائيل دائماً إنهاء المعارك في وقت قصير وترجمة النجاح العسكري إلى نجاح سياسي. وذلك لأنها لا تضع لنفسها أهدافاً سياسية، باستثناء "الهدوء مقابل الهدوء". تم تحقيق الهدف الاستراتيجي في الضربة الافتتاحية - اغتيال ثلاثة من قيادات "الجهاد". وبعدها، تم التركيز على تعميق الإنجاز، عبر مراقبة الأضرار وإدارة مفاوضات خلال إطلاق النار من أجل الوصول إلى تهدئة وإبقاء "حماس" خارج المعركة. أما "الجهاد الإسلامي"، الذي تلقى ضربة قاسية في العملية الاستهلالية، فلم يتبقّ له أي خيار إلاّ محاولة تدفيع إسرائيل الثمن والبحث عن صورة نصر، وفي الوقت نفسه، محاولة جرّ "حماس" للانضمام إلى المعركة (ومن الممكن حزب الله أيضاً في المستقبل). التنظيم نفسه لا يتحمل مسؤولية أمن أو رفاهية سكان قطاع غزة، ولقد حاول إطالة وقت المعركة لإظهار قدرته على الصمود - ليس فقط أمام إسرائيل، بل أمام "حماس" أيضاً.
  • بعد 5 أيام من القتال، استجاب "الجهاد الإسلامي" للصيغة التي اقترحتها مصر لوقف إطلاق النار، بعد أن اتضح له أن "حماس" ملتزمة بموقفها، عدم الانضمام إلى المعركة. وأكثر من ذلك، تزداد الإشارات إلى أن "حماس" طالبت "الجهاد" بإنهاء المعركة بسبب خطورة تورُّطها هي في القتال. وحتى رعاة "الجهاد"، أي حزب الله وإيران، اللذين يريدان شد إسرائيل عبر التصعيد على حدودها، ولذلك أرادوا أن تطول المعركة، لم يُظهروا أي إشارات إلى نيتهم مساعدته بشكل مباشر. وكلما استمرت المعركة، كلما استمر الجهاد الإسلامي في تلقّي الضربات - اغتيالات تقوم بها إسرائيل للنشطاء الكبار، بالإضافة إلى هدم منازل نشطاء وإلحاق الضرر بالبنى نتيجة نشاط الجيش في القطاع. أمين عام الجهاد زياد النخالة لخّص الحدث: "تحمّلنا ما تحمّلناه لكي يبقى الموقف موحداً وقوياً ومستقراً." مضيفاً أن "الذراع العسكرية التابعة لنا كانت ولا تزال رأس حربة المقاومة." حتى أنه شكر كلّ مَن وقف إلى جانب التنظيم - إيران وحزب الله وقطر ومصر - وليس اعتباطاً أنه لم يذكر "حماس".
  • صيغة وقف إطلاق النار المصرية تتضمن التزام إسرائيل وقف الضربات ضد المدنيين وهدم البيوت واستهداف الأشخاص. إلا إن هذه التفاهمات ليست صلبة، والامتحان الأول لها سيكون هذا الأسبوع - مسيرة الأعلام التي ستجري في 18 أيار/مايو في القدس. ومن الأسهل عموماً أن يتم الدفع بالتصعيد بسبب القدس، والتي يمكن أن تنعكس فيها مقولة "وحدة الساحات" - وبصورة خاصة في قطاع غزة والضفة.
  • يعتقد مسؤول كبير (لا يريد ذكر اسمه) أن "حماس"، وعلى مدار سنوات، وقفت صامدة في قطاع غزة، ورفضت السماح للفصائل الأُخرى الناشطة في المنطقة بأن تفرض عليها سياساتها. لكن وبحسب كلامه، فإن الجولة الأخيرة دلت على ضعف "حماس"، الذي بفضله سيطر "الجهاد الإسلامي"، المدعوم من إيران، على الوضع العام في القطاع. لكن، وعلى عكس هذا التقدير، فـ"حماس" لم تضعف، بل دعمت الجهاد الذي يُعدّ ذراعاً لها بصمت، وتعلمت عقيدة وطريقة تفعيل قدرات الجيش، بالإضافة إلى أنها موضعت نفسها كالشخص "الكبير الناضج والمسؤول" الذي يهتم بسكان القطاع، ولم تعرّض إنجازاتها للخطر، وهي بالأساس دخول العمال الغزّيين إلى إسرائيل، بالإضافة إلى دخول البضائع بشكل واسع في كلا الاتجاهين، ودخول الأموال القطرية.
  • إسرائيل تريد هدوءاً طويلاً على أساس ردع عسكري، وتتجاهل المشكلات الأساسية النابعة من تعزيز قوة "حماس"، كونها الحاكم في القطاع والجهة المسيطرة في الساحة الفلسطينية. "الجهاد الإسلامي" قدراته محدودة، كما اتضح مرة أُخرى في المعركة الأخيرة، والنجاح عسكرياً أمامه لا يشبه ما ينتظرنا في المعركة ضد "حماس". لذلك، من الصعب الإقرار ما إذا كانت فعلاً قد ترممت قدرة الردع الإسرائيلية، التي تراجعت أيضاً بسبب المسارات الداخلية في إسرائيل. على هذا الصعيد بصورة خاصة، فإن التكتل الداخلي في إسرائيل وقيام المؤسسة الأمنية بقيادة المعركة، أوضحا لأعداء إسرائيل جميعاً أن المجتمع الإسرائيلي لا يتفكك، ولم يضعف. هذا بالإضافة إلى أنه تبين خلال حملة "درع وسهم" أن لدى إسرائيل قدرات عسكرية -استخباراتية كبيرة على صعيد الهجوم، وأيضاً الدفاع الجوي. لكن، ولأنه لم يكن هناك هدف سياسي، فإن الردع الذي تحقق يمكن أن يتبين أنه ردع فضفاض. وهذا بالأساس، لأنه بالنسبة إلى "الجهاد الإسلامي"، خوض المعركة عدة أيام مقابل الجيش الإسرائيلي - والصمود مقابل الجيش والقدرة على إطلاق القذائف نحو العمق الإسرائيلي- هي جوهر "المقاومة".
  • في الخلاصة، لا يزال التحدي المركزي أمام إسرائيل - هو حيال "حماس". من المريح لإسرائيل أن تفصل ما بين "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، وأن تحرر "حماس" من مسؤوليتها مما يحدث في القطاع، وذلك لأنها غير معنية بالدخول في معركة واسعة ضدها في الوقت الحالي. إلا إن الإبقاء على "حماس" خارج المعركة ليس إنجازاً استراتيجياً إسرائيلياً، ففي الحقيقة، "حماس" هي التي وضعت قواعد اللعبة، وفعّلت الذراع العسكرية - "الجهاد الإسلامي"، وقررت موعد انتهاء المعركة كما حددت قوتها. الحملة تشكل لَبِنَة إضافية في عملية تغيير ميزان القوى داخل الساحة الفلسطينية، حيث تتعزز قوة "حماس" مقابل الضعف الواضح للسلطة الفلسطينية، وحتى غيابها الكلي عن الحوارات بشأن وقف المعركة. وبالمناسبة، يعدّ قائد "حماس" في غزة يحيى السنوار الشخصية السياسية المركزية في الساحة الفلسطينية عقب انتهاء رئاسة محمود عباس.