مختارات من الصحف العبرية
مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال هرتسي هليفي إن إيران تقدمت أكثر من أي وقت مضى في مجال تخصيب اليورانيوم. وحذّر من أن التطورات السلبية التي تلوح في الأفق في هذا الخصوص من شأنها أن تؤدي إلى شنّ عملية للتصدي لهذا التهديد.
وجاءت أقوال هليفي هذه في سياق كلمة ألقاها أمام "مؤتمر هرتسليا بشأن ميزان المناعة والأمن القومي الإسرائيلي"، والذي عُقد في جامعة رايخمان في هرتسليا [وسط إسرائيل] أمس (الثلاثاء)، وأكد فيها أيضاً أن طهران ضالعة في كل ما يحدث على الساحة الإقليمية، وأن بصمات أصابعها تظهر على النشاطات العدائية للجهات التي تدور في فلكها.
وأكد رئيس هيئة الأركان أن إسرائيل لن تبقى مكتوفة الأيدي إزاء التهديد الذي تحاول إيران بناءه من حولها. كما أكد أنه على الرغم من أن إيران تقع على بُعد 1500 كيلومتر من إسرائيل، فإن الجيش الإسرائيلي يمتلك قدرات على العمل في جبهات بعيدة. وقال إنه يجب مواصلة تطوير القدرات على إصابة أهداف في كل نقطة داخل إيران. ووصف هذه المهمة بأنها غير بسيطة، وبأنها تحدٍّ لم تواجهه إسرائيل في السابق.
وتطرّق هليفي إلى حزب الله، فقال: "إن الحزب يعتقد أنه يفهمنا، وهذا يجعله يتجرأ على تحدّينا. إن معركة في الشمال ستكون صعبة، لكننا نعرف كيف نواجهها،" واصفاً الحزب بأنه التمثيل الأقوى لإيران في الشرق الأوسط.
واستبعد هليفي خوض الحزب حرباً شاملة، قائلاً: "إن حزب الله مرتدع جداً من حرب كهذه ضد إسرائيل، فلبنان دولة تواجه مشاكل اقتصادية شديدة جداً، وسيكون من الصعب عليها الانتعاش من معركة في الشمال."
وفيما يتعلق بسورية، قال رئيس هيئة الأركان: "لا يمكن القول إن الحرب الأهلية فيها انتهت، لكنها بدأت ترمم نفسها. إن أي دولة ارتبطت بإيران فاشلة ومدمرة، ومن دون مستقبل."
وأشار هليفي إلى أن التقارب بين إيران ودول في المنطقة ينبع من رغبة في خفض درجات الحرارة وعدم الوصول إلى مواجهات كبيرة.
وفيما يتعلق بالتوتر الأمني في الضفة الغربية، اعتبر هليفي أن وجود سلطة فلسطينية نشطة أفضل من الفوضى، أو من صعود حركة "حماس" إلى الحكم.
بدوره، قال رئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي في المؤتمر نفسه، إن إسرائيل ستتصرف في حال أتاحت الولايات المتحدة لإيران إمكان الوصول إلى نقطة اللاعودة فيما يخص تطوير أسلحة نووية.
وأعرب هنغبي في الوقت عينه عن أمله بأن يعمل الأميركيون والأُسرة الدولية على منع تحوُّل طهران إلى دولة نووية.
وأشار هنغبي إلى أن ما تقوم به إيران من بناء منشأة نووية جديدة تحت الأرض يحدّ من القدرة على استهدافها، لكنه مع ذلك، أوضح أنه لا يوجد مكان لا يمكننا الوصول إليه.
أفادت وسائل إعلام تركية أمس (الثلاثاء) بأن جهاز الاستخبارات التركي ألقى القبض مؤخراً على 11 عميلاً تركياً يعملون لمصلحة جهاز الموساد الإسرائيلي، وأشارت إلى أنهم حاولوا استهداف شركة إيرانية و23 مواطناً إيرانياً يتواجدون في تركيا.
وأفادت وسائل الإعلام نفسها بأن جهاز الموساد اتصل بزعيم الخلية التركية المذكورة، وتم اللقاء بينه وبين ثلاثة من عناصر الجهاز في عدة مناسبات خارج تركيا، وذلك عبر شخص ثالث يزعم الأتراك أنه ينتمي إلى الحركة التي يقودها الزعيم الروحي فتح الله غولن، وتُعتبر منظمة إرهابية في تركيا. وتقدّر وسائل الإعلام التركية أن الفرقة الأصلية كانت تتألف من 15 شخصاً جنّدهم الموساد، وأن السلطات تبحث عن 4 أشخاص آخرين بشبهة الانتماء إلى هذه الخلية.
وبحسب ما أوردت وسائل الإعلام، استمر التحقيق في هذه القضية مدة عام ونصف العام تقريباً، وحدث الاختراق في تعقُّب المجموعة عندما عثرت الاستخبارات التركية على صندوق فيه تهديد تم إرساله إلى أحد الأشخاص الذي كانت المجموعة نفسها تلاحقه.
شارك آلاف الأشخاص مساء أمس (الثلاثاء) في تظاهرة أمام مبنى الكنيست الإسرائيلي في القدس، احتجاجاً على سياسة الحكومة الإسرائيلية الاقتصادية.
وجرت التظاهرة تحت شعار "ليلة النهب" [في إشارة إلى جلسة الكنيست التي عُقدت الليلة الماضية، وتمت فيها المصادقة بالقراءتين الثانية والثالثة على الميزانية العامة للدولة لسنتيْ 2023 و2024]، وذلك في إثر التفاهمات الأخيرة بشأن الميزانية العامة بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وكلٍّ من حزبيْ يهدوت هتوراه لليهود الحريديم [المتشددون دينياً] و"عوتسما يهوديت" ["قوة يهودية"]، كلّ حزب على حدة.
وأعلن منظمو التظاهرة، وهم من بين منظمات الاحتجاج على "خطة الإصلاح القضائي"، أنها تأتي في إطار معارضة الميزانية العامة للدولة التي تم إعدادها، وجرى فيها تخصيص مليارات الشواكل لتلبية مطالب جمهور الحريديم، التي بلغت أرقاماً قياسية من الميزانية العامة.
وجاء في بيان صادر عن منظّمي احتجاجات "ليلة النهب": "هذه ليست ميزانية دولة، بل هي نهب جماعي سيدمر اقتصاد إسرائيل لأجيال مقبلة، بحسب كبار الاقتصاديين، وكذلك خبراء من وزارة المال. في الديمقراطية، يتم استثمار الميزانيات لمصلحة الجمهور، ولمصلحة الإنماء، وفي الديكتاتوريات، يتم توزيع الأموال على المقربين من الحكومة، وهذه الميزانية هي مرحلة تحقق تقدماً في تحويل إسرائيل إلى ديكتاتورية، ويجب أن نعارض ذلك حتى النهاية."
في سياق متصل، أَوقفت الشرطة الإسرائيلية على ذمة التحقيق بعد ظهر أمس 7 أشخاص أمام مبنى الكنيست بشبهة الإخلال بالنظام العام، بعد أن أغلقوا أحد الشوارع المجاورة خلال نشاط احتجاجي مناوئ للتغييرات في الجهاز القضائي ومشروع ميزانية الدولة. وقال المحتجون إن الحكومة تقوم بابتزاز أموال المواطنين، بدلاً من حل أزمة السكن والاستثمار في مجاليْ التربية والصحة، ومكافحة غلاء المعيشة وآفة العنف المتفاقمة. كما دعوا رئيس الدولة الإسرائيلية يتسحاق هرتسوغ إلى وقف ما وصفوه بأنه مفاوضات وهمية تُجرى حالياً في مقر رئاسة الدولة في القدس بين ممثلي الائتلاف والمعارضة بشأن التغييرات في الجهاز القضائي.
تجدر الإشارة إلى أنه تم التصويت بالقراءتين الثانية والثالثة على ميزانية الدولة العامة لسنتيْ 2023 و2024 أمس بعد إزالة العقبة الأخيرة من أمام المصادقة عليها، إذ توصّل رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير إلى اتفاق مساء أول أمس (الاثنين) بشأن الميزانيات التي سيتم تحويلها إلى حزب "عوتسما يهوديت". وكجزء من الاتفاق، سيحصل هذا الحزب على 250 مليون شيكل من فوائض ميزانيات ستتوفر عند نهاية السنة المالية الحالية في كافة الوزارات الحكومية. وينص الاتفاق على "وجوب تخصيص مبلغ إجمالي قدره 250 مليون شيكل لسنة 2024 من فوائض ميزانيات الوزارات الحكومية لسنة 2023، وتحويلها إلى وزارة النقب والجليل." وكجزء من الاتفاق، يدعم أعضاء كتلة "عوتسما يهوديت" الميزانية عند التصويت عليها في الهيئة العامة للكنيست. وهكذا انتهت الأزمة بين نتنياهو وبن غفير الذي سبق أن هدّد بعدم التصويت لمصلحة الميزانية.
كما توصل مندوبو كتلة يهدوت هتوراه البرلمانية إلى اتفاق مع رئيس الحكومة نتنياهو ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش يقضي بمنح زيادة قيمتها نحو 250 مليون شيكل، خلال السنة المالية الأولى، للمدارس الدينية، كإضافة إلى ما تم تخصيصه لهذه المدارس ضمن إطار الميزانية المعدّة لسنتيْ 2023 و2024.
ورفعت كتلة يهدوت هتوراه مطلب الحصول على 600 مليون شيكل للمدارس الدينية، تطبيقاً لبنود الاتفاق الائتلافي المبرم مع الليكود قبل تأليف الحكومة الحالية، إلا إن رئيس الحكومة قال إن إعادة صوغ قانون الميزانية تلبيةً لهذا المطلب سيُعتبر انتحاراً، وبناءً عليه، تم الاتفاق على تخصيص هذه الإضافة إلى المدارس الدينية على أن تأتي من فوائض الميزانيات التي تتبقى عادة في نهاية السنة المالية في صناديق الوزارات من دون استثمار.
وأكد رئيس الحكومة في اجتماع للائتلاف الحكومي عُقد قبل بدء التصويت على ميزانية 2023-2024 مساء أمس، أن حكومته ستستمر لمدة 4 أعوام كاملة، وستواصل مفاجأة رافضيها.
وأضاف نتنياهو: "إن هذا الائتلاف فاجأ الجميع بتأليف الحكومة، وفاجأ حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية خلال عملية ’درع وسهم’ الأخيرة، واستمر في مفاجأة إيران في عمليات سرية، وسيستمر في مفاجأة المعارضة وإثبات خطأ تقديراتها."
في المقابل، انتقد رئيس حزب "يوجد مستقبل" وزعيم المعارضة عضو الكنيست يائير لبيد في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام مساء أمس، الميزانية العامة، وقال إن مبلغ تمويل أحزاب الائتلاف يصل إلى 13.6 مليار شيكل، وهو أعلى من المبلغ المخصص للمستشفيات (12.4 مليار شيكل)، وللتعليم العالي (12.6 مليار شيكل).
- من المفترض أن تناقش اليوم لجنة الإفراج المشروط في السجون قضية وليد دقة، المتهم بتورُّطه في قتل الجندي موشيه تمام في سنة 1984، والذي يطالب بإطلاق سراحه بشكل مبكر، على خلفية وضعه الصحي (فهو يعاني من سرطان الدم، اللوكيميا، وبحسب مصلحة السجون، فإن "أيامه معدودة"). عند كتابة هذه السطور، لا أعلم ما إذا جرى النقاش في الوقت المحدد له، وما الذي تم إقراره، لكن من الممكن الاستنتاج مما حدث قبل ذلك في مسائل أساسية.
- وليد دقة أسير مشهور جداً، وذلك بسبب مسرحيته "الزمن الموازي"، التي أدى عرضها في سنة 2015 إلى وقف تمويل مسرح "ميدان" في حيفا وإغلاقه بأمر من وزيرة الثقافة، حينذاك، ميري ريغيف. وهو مشهور بسبب عائلة ضحيته؛ عائلة تمام ناشطة جداً في موضوع إطلاق سراح أسرى عموماً، وخصوصاً بسبب هوية دقة. فقد دعت أورتال ابنة أخت تمام، التي كانت شكواها بمثابة أحد المسامير الأخيرة التي دقّت في نعش مسرح "الميادين"، على تويتر، الناس إلى التظاهر خارج مكان اجتماع اللجنة التي ستناقش ما فعله دقة، لأن "خطأ اللجنة يمكن أن يكلّفنا جميعاً إطلاق سراح مبكر لقاتل جندي من الجيش الإسرائيلي."
- الخطأ الذي تتحدث عنه أورتال هو تحويل دقة إلى لجنة إطلاق سراح عادية، وليس إلى تلك المخصصة للسجن المؤبد، والتي تتطلب الحصول على عدة آراء قبل اتخاذ قرار إطلاق السراح. في هذه الأثناء، أعلنت النيابة العامة معارضتها إطلاق سراح دقة، على الرغم من وضعه الصحي، وحتى لو أنه أمضى عقوبته بالسجن المؤبد، لأنه يجب تفسير مصطلح "أيامه معدودة بصورة دينامية تأخذ في الاعتبار خطورة الجريمة التي ارتكبها مقدّم الطلب."
- هذه العبارة بحد ذاتها محيّرة - كيف يمكن قياس وضع صحي مُستعصٍ بالجريمة؟ - وحتى مسألة "خطورة الجريمة" هي أيضاً موضع تساؤل. لماذا يُعتبر قاتل جندي أهم بكثير من قاتل "عادي"؟ وفي الواقع، لو كان وليد دقة مواطناً إسرائيلياً، وليس فلسطينياً من المناطق، وقتل جندياً، لكان أُطلق سراحه منذ وقت طويل، بحسب الإجراء العادي بحسم ربع مدة السجن، وفق برنامج مصلحة السجون لإعادة تأهيل السجناء.
- اليوم، لا يوجد في السجون الإسرائيلية الكثير من السجناء من عمر دقة ومن فترته. القاتل والمغتصب المتسلسل شلومو خليفة، المسجون منذ بداية الثمانينيات، سيُطلق سراحه في العام المقبل، وهذه حادثة جد استثنائية، كذلك هناك غلعاد شمين، المتهم بقتل عيناف روغل في سنة 1991، والذي رُفضت طلبات إطلاق سراحه المبكر، والمرة الأخيرة كانت قبل أشهر فقط. لكن مجرمين أقل شهرة – جنود في الجريمة المنظمة، تجار مخدرات تؤدي أعمالهم، أحياناً، إلى القتل ونزاعات متفرقة - يُطلق سراحهم طوال الوقت. لا يوجد لضحاياهم "لوبي"، ولا تحصل عائلاتهم على تعويضات.
- مع كل تعاطفنا مع تمام وعائلته، فإنه يجب ألاّ يكون لهم وضع خاص في هذه الحالة. "قاتلٌ" حُكم عليه بالسجن 37 عاماً (أتمّها منذ وقت طويل)، في رأي منظمة طبية محترمة، مهمتها الحفاظ على صحة الأشخاص في السجن، أصبحت أيامه معدودة، ويجب إطلاق سراحه.
- إن إطلاق سراح دقة، أو وفاته في السجن، يجب أن يكونا فرصة لتوحيد المعايير، وللقول بوضوح: جريمة القتل هي جريمة قتل، والوضع الإنساني هو وضع إنساني. إن الحد الأدنى من الإنسانية يتطلب السماح لوليد دقة بأن يموت من دون أغلال.
- الوقت هو الذي يسمح برؤية إنجازات ونتائج عملية "درع وسهم" منذ حدوثها، من منظور آخر. الجنرال البروسي كلاوزفيتس، عرّف الحرب قبل 200 عام، بأنها "استمرار للسياسة بوسائل أُخرى،" ولهذا التصنيف مغزى أيضاً إذا فكّكناه وأعدنا تركيبه من جديد، فهل "الوسائل الأُخرى"، أي العملية العسكرية، أدت إلى "استمرار للسياسة"؟ وهنا يبرز السؤال: ما هي هذه السياسة، سؤال عن غزة يُطرح كل مرة من جديد.
- هل يجب شنّ حملة شاملة لاحتلال القطاع والقضاء قضاءً مبرماً على "حماس" والجهاد الإسلامي وتنظيمات فلسطينية أُخرى، مع كل ما ينطوي عليه ذلك، على المستوى السياسي، ومن ناحية الثمن الدموي الذي سندفعه؟ هل يجب أن نعمل للتوصل إلى تهدئة نسبية دائمة/موقتة من خلال تحسين الوضع الاقتصادي في القطاع؟ أم نستمر في وجهة النظر التقليدية "الرد بالنار على النار"، والقيام بعمليات عسكرية كبيرة أو صغيرة عندما يقتضي الأمر، رداً على عمليات التنظيمات "الإرهابية"، أو وضع المواطنين الإسرائيليين؟
- من الواضح أنه سيكون هناك دائماً مَن يقول إنه يوجد أيضاً حل سياسي، ونظراً إلى أنه لا يوجد حلّ سياسي ممكن للنزاع مع الفلسطينيين عموماً في الوقت الحالي، فإنه أيضاً لا يوجد مثل هذه الصيغة مع تكوين سياسي، كلّ وجوده وتوجُّهه القضاء على دولة إسرائيل. وعلى الرغم من قدرة إسرائيل على تحقيق حسم عسكري من خلال الاستخدام المفرط للقوة، فإن مثل هذا الخيار لن تتخذه، في نهاية الأمر، قيادة مسؤولة مثل تلك الموجودة حالياً، من دون التطرق إلى مجمل الأثمان التي ينطوي عليها.
- مَن يدّعي أن عملية "درع وسهم" لا تختلف عن العمليات الإسرائيلية الأُخرى في غزة هو مخطىء ومضلل. أولاً القضاء على قيادة كاملة وقطع التسلسل القيادي للجهاد الإسلامي ليس إنجازاً تكتيكياً، بل هو إنجاز استراتيجي أيضاً، حتى لو كان موقتاً.
- والعملية دليل ملموس على حُسن الاستعدادات العملانية لها على كل المستويات والأذرع، بما فيها المستوى السياسي، وقد عززت الردع، وأرسلت رسالة واضحة إلى تنظيمات "إرهابية" أُخرى، وإلى الإيرانيين الذي يمسكون بالخيوط، رسالة وصلت جيداً إلى الرياض والإمارات، حيث قوة إسرائيل وقدرتها العملانية تشكلان اعتباراً مهماً في منظومتهما الجيو -سياسية. الطريقة التي انتهت فيها العملية كانت إنجازاً؛ فقد أرادت القيادتان السياسية والعسكرية إنهاء الجولة في أقرب وقت، لكن ليس في وقت مبكر جداً، واستغلال التعاون مع مصر والتأييد المطلق من الحليفة الأميركية، وهذا ما جرى.
- الأزمة المحلية لا تبقى محلية، وهذا الدرس كان واضحاً أمام أعين القيادة السياسية الإسرائيلية. الجهاد ومَن أرسله في طهران أرادوا العكس، ولم ينجحوا في ذلك. لم يفهم كل المعلّقين الإسرائيليين، أو لا يريدون أن يفهموا معاني العملية.
- على سبيل المثال، المعلّقة العسكرية المخضرمة كرميلا منشيه في قناة "كان 11" وصفت العملية بصورة ساخرة، إذ قالت " عملية ضد تنظيم 'إرهابي' لا قيمة له،" من دون الإشارة إلى أن الجهاد الإسلامي هو جزء من منظومة شاملة، رأسها في طهران؛ وفي حرب هذه الأيام، وبصورة أكبر في الحرب المستقبلية، إن حجم هذا الطرف أو ذاك لا أهمية له، بل الأدوات التي لديه. الدمار الذي يمكن أن تتسبب به مجموعة صغيرة، مع عدد قليل من الصواريخ، لا يقاس بعدد عناصرها.
- وهذا يعيدنا إلى مسألة هل يمكن تلخيص عملية "درع وسهم" كإنجاز مهم وتتويجها كـ"نصر"؟ إذا عدنا إلى تعريف كلاوزفيتس، فإن الانتصار في مواجهة عسكرية، يجب أن يقود إلى النتيجة السياسية المرجوة. من هذه الناحية، كان لإسرائيل في التاريخ 3 انتصارات واضحة: حرب 1948 التي ضمنت قيام الدولة في مواجهة عدو أكبر بكثير؛ وحرب الأيام الستة [حرب حزيران/يونيو 1967] التي لم تضمن فقط حدودها، بل عززت مكانة إسرائيل الاستراتيجية في نظر أعدائها وأصدقائها على حد سواء؛ وحرب يوم الغفران [حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973] التي على الرغم من بدايتها المؤسفة، فإنها أدت إلى السلام مع أحد أهم أعدائنا، مصر.
- لقد كان من الممكن أن تشكل حرب لبنان الأولى [الغزو الإسرائيلي 1982] انتصاراً لولا الاعتبارات السياسية الخاطئة للحكومة الإسرائيلية، سواء على الصعيد اللبناني أو الفلسطيني، من هنا، فإن إنجازها العملاني الأساسي كان طرد ياسر عرفات وقيادة "فتح" من لبنان، وما جاء بعد ذلك من خلال اتفاقات أوسلو. حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006] لم تكن انتصاراً، بل كانت فشلاً.
- بالنسبة إلى "درع وسهم"، يمكننا الاكتفاء بأنها كانت إنجازاً عسكرياً مهماً، ستكون له تداعياته الإيجابية على مستويات أُخرى. لن نتوقف عند الأخطاء المتكررة في الدبلوماسية العامة، فلا يمكننا منع كل شيء، لكن يجب الامتناع من استخدام التعبير القاسي "ضرر جانبي" عندما يكون المقصود مقتل نساء وأطفال أبرياء. في المقابل، يجب التشديد على الفارق الأساسي بين توجيه قذائف وصواريخ نحو أماكن سكن مدنية، كما تفعل التنظيمات "الإرهابية"، وبين سقوط ضحايا أبرياء قُتلوا بسبب عدائية قادتهم.