مختارات من الصحف العبرية

مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
نتنياهو يستغل جلسة الكنيست لمناقشة العنف في المجتمع العربي لمهاجمة المعارضة
هرتسوغ يصل إلى أذربيجان تحت حماية أمنية مكثفة
نجاح التجارب لاستخدام منظومة القبة الحديدية في الدفاع عن منصات الغاز
مقالات وتحليلات
خطة بؤرة حوميش هدفها الضم وتعميق الأبارتهايد
بدلاً من الصراخ "ديمقراطية"؛ اصرخوا "أبارتهايد"
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"يسرائيل هَيوم"، "يديعوت أحرونوت"، 29/5/2023
نتنياهو يستغل جلسة الكنيست لمناقشة العنف في المجتمع العربي لمهاجمة المعارضة

عقد الكنسيت جلسة لمناقشة تفاقم العنف في المجتمع العربي، وخصوصاً بعد سقوط 80 قتيلاً في المجتمع العربي منذ بداية السنة حتى الآن. وتحدثت خلال الجلسة عضو الكنيست عايدة سليمان توما وتوجهت إلى نتنياهو قائلة: "أقام زعماء السكان العرب خارج الكنيست خيمة احتجاج على الحياة هنا، أدعو رئيس الحكومة إلى زيارتها. مئات الآلاف من المواطنين يخرجون إلى الشوارع للاحتجاج ويريدون العيش في نظام ديمقراطي، بينما نحن نصارع من أجل الحياة." وتابعت: "في دبي قُتل مواطن من مدينتي، خلال ساعتين ألقت شرطة دبي القبض على القتلة. فهل تملك شرطة دبي ما لا تملكه شرطة إسرائيل؟ تتعامل الشرطة معنا كباحة خلفية تدخل إليها لمراقبتها فقط، لا لتخدمها. مفوض الشرطة الذي يقول إنهم يقتلون بعضهم بعضاً، هل من المفترض أن يدافع عنا؟ أنت رئيس الحكومة وكل شيء يجري خلال ولايتك."

رئيس كتلة حداش - تعل أيمن عودة قال: "كوبي ميخائيل المفوض العام للشرطة قال إن القتل هو من طبيعة العرب، لكنه لم يسأل نفسه لماذا منذ  سنة 1948 وحتى سنة 2000 كانت نسبة القتلى بيننا 4.9% من مجمل عدد القتلى في الدولة. ومنذ 2004 أصبحنا نشكل 64% من القتلى في الدولة." وتابع متوجهاً بكلامه إلى نتنياهو: "هل تعلم أنه منذ سنة 1948 وحتى سنة 2008 كان عدد القتلى العرب أقل من عددهم بعد أن أصبحتَ رئيساً للحكومة منذ 2008 حتى الآن. لماذا؟ لقد خسرنا التركيبة العشائرية وليست لدينا دولة. لا يمكننا أن نبقى في فراغ... نحن نريد العيش في مجتمع من دون سلاح والذي يجب أن يكون مسؤولاً عن ذلك هو الدولة."

 ورداً على كلام أعضاء الكنيست العرب ألقى نتنياهو خطاباً قال فيه: "سمعت هنا صرخات الحقيقة من عضو الكنيست عايدة سليمان توما ومن أعضاء الكنيست العرب. وسمعت منهم أن الأمور تغيرت عبر السنوات. لقد عملت في الحكومات التي ترأستها على إنشاء تسعة مراكز للشرطة – في عرعرة وكفرقاسم والجسر وطمرة وكفركنا في الجليل الغربي وفي طيرة، بالإضافة إلى إقامة خمس نقاط أُخرى للشرطة. لكن هذا لم يرجح كفة الميزان والمشكلة التي تصفونها هي مشكلة حقيقية."

لكن نتنياهو اكتفى فقط بدقيقة واحدة لتناول هذا الموضوع لينتقل بعدها إلى مهاجمة أعضاء الكنيست من المعارضة فتحدث عن التظاهرات التي جرت ضد عضو الكنيست سمحا روتمان في جامعة تل أبيب [الذي حضر برفقة عناصر من الشرطة ومنعه الطلاب من المشاركة في ندوة في الجامعة] متسائلاً: "هل هو قانوني تهديد ممثل عن الشعب وفرض قيود على حرية حركته؟ هذا أمر جدي للغاية. وهو ليس من أجل التعددية والإصلاح بل من أجل إسقاط السلطة." وتوجه نتنياهو إلى أعضاء الكنيست من المعارضة قائلاً: "بإمكانكم أن تصرخوا قدر ما تشاؤون لكن نفاقكم بلغ عنان السماء."

وتطرق نتنياهو إلى موضوعات أُخرى فقال: "نسعى لتوسيع دائرة السلام في الشرق الأوسط. وسندفع قدماً باتفاقات سلام وتطبيع مع الدول العربية. وسنعزز الحوكمة والأمن الشخصي. لقد خصصنا مبالغ مالية ضخمة لإنشاء الحرس الوطني، ولزيادة 4800 شرطي، وإقامة مراكز جديدة للشرطة ووسائل حديثة لمحاربة الجريمة، وأنوي التركيز بصورة خاصة على الجريمة في القطاع العربي."

وعبّر أعضاء الكنيست العرب عن استيائهم لأن نتنياهو استغل قضية العنف في المجتمع العربي لعرض قضاياه السياسية. وتوجه الطيبي إلى نتنياهو قائلاً: "تحدثت عن الجريمة في المجتمع العربي لمدة دقيقة واحدة، هذا دمنا الذي يسفك- يجب عليك معالجة ذلك." فرد نتنياهو: "يهاجموننا في موضوعات أُخرى لذلك أرد عليهم، رجاء لا تعظني أخلاقياً."

ورد زعيم المعارضة يائير لبيد على خطاب نتنياهو فقال: "خلال ولاية حكومتك ارتفع عدد القتلى في القطاع العربي ثلاثة أضعاف، وارتفعت معدلات الجريمة في القطاع اليهودي إلى 65%. وتدل المعطيات أن معدلات الجريمة خلال فترة تولي حكومتنا انخفضت بينما مع حكومتكم ترتفع وترتفع." وتابع لبيد هجومه: "لقد قضيتم على الطبقة الوسطى الإسرائيلية. هل تعلم ماذا يجري في قطاع الهاي - تك خلال الأشهر الخمسة الأخيرة؟ لقد دمرتموه. الشركات تغلق أبوابها وتغادر البلد."

"يديعوت أحرونوت"، 30/5/2023
هرتسوغ يصل إلى أذربيجان تحت حماية أمنية مكثفة

وصل رئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ إلى باكو عاصمة أذربيجان اليوم في زيارة رسمية تستغرق يومين. وصرّح هرتسوغ قبل مغادرته البلد: "سأقوم بزيارة رسمية مهمة إلى أذربيجان بدعوة من الرئيس إلهام علييف. أذربيجان دولة صديقة وقريبة ومهمة، ويجب أن نتذكر أنه إلى جانب العلاقات التجارية والعلاقات التاريخية، فإن أذربيجان هي دولة مجاورة لإيران، التي هي عامل عدم استقرار في المنطقة".

وتجدر الإشارة إلى أنها ليست الزيارة الأولى التي يقوم بها رئيس الدولة في إسرائيل لأذربيجان، فقد زار شمعون بيرس البلد في سنة 2009، كما زاره رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في سنة 2016، وقبل شهر قام وزير الخارجية إيلي كوهين بزيارة لأذربيجان، وفي كانون الثاني/يناير الماضي زارته وزيرة الاستخبارات غيلا غمليئيل.

تشكل زيارة هرتسوغ الذروة في عودة الحرارة إلى العلاقات بين البلدين؛ فطوال أكثر من 30 عاماً لم يكن لأذربيجان تمثيل رسمي في إسرائيل على الرغم من أن إسرائيل كانت من أولى الدول التي اعترفت باستقلال الدولة المسلمة في كانون الأول/ديسمبر 1991، وفتحت سفارة فيها في سنة 1993. كما أن أذربيجان التي تُعتبر دولة علمانية هي أول دولة إسلامية - شيعية  تفتح سفارة لها في إسرائيل، بعد أن امتنعت من ذلك حتى اليوم بضغط من إيران ودول إسلامية أُخرى.

ومؤخراً نشبت مواجهة حادة بين أذربيجان وإيران في جزء منها بسبب عودة الحرارة إلى العلاقات بين باكو والقدس. فقد طالبت إيران الحكومة الأذرية بتوضيحات وعبّرت عن غضبها من كلام الوزير كوهين بشأن وجود جبهة موحدة بين إسرائيل وأذربيجان ضد إيران. من جهة أُخرى يشعر المسؤولون الأذريون بالغضب حيال "الاستفزازات" الإيرانية التي أخذت شكل تدريبات عسكرية على طول الحدود بين البلدين، ونشر فيديوهات معادية للأذريين، والاعتداء على السفارة الأذربيجانية في طهران، ومحاولة اغتيال نائب في البرلمان الأذري في باكو التي نُسبت إلى ميليشيات موالية لإيران. كما قامت الدولتان مؤخراً بطرد الديبلوماسيين لديهما واعتبرتهم "أشخاصاً غير مرغوب فيهم". وفي أيار/مايو ألقت الشرطة الأذرية القبض على 8 أشخاص اتهموا بالتجسس لطهران. وفي شباط/فبراير الماضي أُلقي القبض في أذربيجان على 40 جاسوساً إيرانياً. 

 

"هآرتس"، 29/5/2023
نجاح التجارب لاستخدام منظومة القبة الحديدية في الدفاع عن منصات الغاز

أعلنت وزارة الدفاع اليوم (الاثنين) نجاح التجارب التي أُجريت على منظومات الدفاع عن منصات الغاز، ومن بينها منظومة القبة الحديدية التي استُخدمت على متن سفينة ساعر 6. وتُعتبر هذه التجارب خطوة إضافية على طريق وضع هذه المنظومات في حيز الاستخدام بهدف مواجهة إطلاق صواريخ أو صواريخ كروز أو مسيّرات في اتجاه منصات الغاز في المياه الاقتصادية لإسرائيل.

وجرت التجارب بمشاركة شركة رافائيل والصناعة الجوية، ووفقاً لوزارة الدفاع فقد جرى اختبار تقنيات جديدة في منظومات الدفاع الجوي والبحري والبري. وقال وزير الدفاع يوآف غالانت إن منظومة "القبة الحديدية" هي بمثابة خطوة مهمة في القدرة الدفاعية البحرية مما سيسمح للمؤسسة الأمنية "بتأمين التفوق وحرية النشاط العملاني في مواجهة التهديدات البحرية المتزايدة".

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"هآرتس"، 30/5/2023
خطة بؤرة حوميش هدفها الضم وتعميق الأبارتهايد
افتتاحية
  • من الطبيعي بالنسبة إلى حكومة النهب، التي لا تتردد في تحويل أجزاء كبيرة من ميزانية الدولة إلى ناخبيها على حساب الجمهور الواسع الواقع تحت العبء، ألاّ تتردد أيضاً في نهب أراضٍ فلسطينية متجاهِلة الفلسطينيين والقانون والمجتمع الدولي. إذا كان نصف الشعب الإسرائيلي غير مهم بالنسبة إليها، فكيف يهمها الفلسطينيون أو الأميركيون أو الأوروبيون؟
  • لقد نجح المستوطنون في إحكام قبضتهم على مقاليد الدولة، وهم الآن يوجّهون إسرائيل من خلال رئيس الحكومة الساخر والخاضع لضغطهم عليه وابتزازهم إياه نحو الأسوأ؛ ضم المناطق، وتعميق الأبارتهايد، وإذلال الفلسطينيين وإلغاء اتفاقات سياسية، والاستخفاف بالاتفاقات الدولية، وتحدي العالم.
  • بعد الموافقة على تعديل قانون الانفصال عن القطاع في آذار/مارس الماضي، طالب الوزير بتسلئيل سموتريتش بالسماح للمستوطنين بالعودة إلى مستوطنة حوميش في شمال الضفة، وفعلاً، حصل على ما يريده. وقد نقل المستوطنون، ليلة أمس، حوميش التي أُقيمت على أراضٍ فلسطينية خاصة إلى "أراضي الدولة" القريبة، وذلك من دون الحصول على ترخيص، وبخلاف القانون وموقف المؤسسة الأمنية أيضاً. وقد حدث ذلك من خلال محاولة شرعنة بؤرة استيطانية بواسطة إحدى الحيل الإسرائيلية ("أراضي الدولة"، والإعلان عن منطقة عسكرية، وخدعة الضرورة الأمنية وغيرها). لكن بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، اللذَين وافقا على هذه الخطوة، لن يسمحا للحقائق والقانون بإرباكهما.
  • لقد تجاهل نتنياهو وغالانت الانتقادات التي وجّهها المجتمع الدولي إلى الحكومة لموافقتها على بقاء البؤرة الاستيطانية. وأصدرت وزارة الخارجية الأميركية بيان إدانة واضحاً وقاطعاً: "نشعر بالقلق الشديد إزاء الأمر الصادر عن حكومة إسرائيل، الذي يسمح للمواطنين بترسيخ وجود دائم في بؤرة حوميش، الأمر الذي يتعارض مع الالتزامات مع إدارة بايدن." وكتبتْ وزارة الخارجية الفرنسية: "القرار يتعارض مع القانون الدولي، وأيضاً مع الالتزامات التي تعهدت بها إسرائيل في قمة العقبة في شرم الشيخ."
  • لكن الأمر الوحيد الذي يضعه نتنياهو نصب عينيه هو بقاؤه السياسي، ومن دون المستوطنين، لن تكون لديه حكومة. في هذه الحال؛ لِمَا يهتم بالأميركيين؟ المهم هو رئيس المجلس الإقليمي في السامرة، الذي أكد "الآن نستطيع أن نصل إلى كديم وشانور"، ووزير الأمن القومي الذي صرّح "هذه لحظة تاريخية"، ووزيرة المستوطنات أوريت ستروك التي صرّحت: "بوركنا لأننا ناضلنا، وأيضاً حققنا المبدأ الذي يؤدي إلى حوميش "ـ بداية الدمار.
  • إن الضم وتعميق الأبارتهايد هما الهدف، والانقلاب القضائي هو الأداة. يتوجّب على حركة الاحتجاج ألاّ تنسى ذلك، ويتوجب على المجتمع الدولي استيعاب ذلك.

 

"هآرتس"، 29/5/2023
بدلاً من الصراخ "ديمقراطية"؛ اصرخوا "أبارتهايد"
ميخائيل سفاراد - محامي مختص بحقوق الإنسان

في الأسبوع المُقبل نسجل مرور 56 عاماً على الاحتلال، والمغزى من مرور الزمن أن الأغلبية العظمى من ملايين الناس الذين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي وُلدوا فيه، ولم يعيشوا يوماً واحداً من دون قمع واستغلال، ولا يعرفون واقعاً آخر يكونون فيه مواطنين وشركاء في صوغ القرارات التي تؤثر في حياتهم. بعضهم لديه الآن أحفاد وُلدوا أيضاً في عالم تقرّر فيه البندقية الإسرائيلية كُل شيء؛ إمكان السفر خارجاً، والسماح لهم بالوصول إلى حقولهم العائلية، والصلاة في القدس، وإمكان السماح لابنٍ غزّة المقيم في الضفة بأن يودّع والدته المحتضرة.

  • إلاّ إن الجندي ليس المشكلة الوحيدة لدى الواقعين تحت الاحتلال؛ فإلى جانب الإسرائيلي، حامل البندقية، بملابس عسكرية، هناك يهودي يحمل بندقية أو حجراً أو عصا، ومن دون ملابس عسكرية، يسيطر على أراضيهم، ويقتلع أشجارهم، ويلحق الضرر بقطعانهم، ويحرق منازلهم، ويرعبهم، حتّى إنه يقتلهم. هذا اليهودي (الذي لا يرتدي الملابس العسكرية) يُدير معركة شاملة لإبادة الحياة الفلسطينية في المناطق المفتوحة داخل الضفة الغربية.
  • وفيما يلي مراجعة غير كاملة للأحداث التي جرت خلال أربعة أيام في الأسبوع الماضي، وهي تشير إلى أنه لدى هذا النوع الذي نتحدث عنه من اليهود قدرات كانت ستفخر بها مجموعات لا ساميّة عرفناها في تاريخنا؛ فيوم الاثنين الماضي، استكمل المستوطنون عمليّة التطهير العرقي للمجتمع البدوي الصغير في بلدة عين سامية، شمال شرق رام الله. وهناك 27 عائلة استأجرت الأرض وسكنت فيها قبل 40 عاماً، بعد سلسلة من عمليات الطرد، العملية الأخيرة كان الهدف منها السماح ببناء مستوطنة "كوخاف هشاحار".
  • لقد زرت بلدة عين سامية قبل نحو عام ونصف برفقة مجموعة أشخاص من الجمعية الإنسانية "كومت - مي" [منظمة إسرائيلية – فلسطينية لتقديم الطاقة في المناطق ج] التي زوّدتهم بمنظومة لتوليد الكهرباء، تعمل بالطاقة الشمسية، بالإضافة إلى إمكانات ومستلزمات تسمح لهم بالعيش الكريم ضمن الحد الأدنى في المكان. وفي الزيارة نفسها، حدّثونا عن كيفية منعهم من رعي مواشيهم بالقوة من جانب المستوطنين العنيفين، الذين يستوطنون بؤراً (مزارع فوق التلال حولهم)، وكيفية تخريبهم حقولَهم، بالإضافة إلى تعطيل حياتهم من خلال الاستعانة بالعصي والكلاب.
  • خلال العامين الماضيَين، باتت الهجمات عنيفة أكثر وبوتيرة أعلى، وهو ما أنهكهم، فقرروا يوم الاثنين تفكيك خيمهم وأكشاكهم والمُغادرة، وذلك خوفاً من هجوم آخر على مكان سكنهم، وحرصاً على أمن أطفالهم، ولا أحد يعرف إلى أين. وفي الوقت الذي كانوا يحمّلون فيه أغراضهم في شاحنة، كان هناك مستوطن شاب يرعى قطيعه داخل حقل القمح الذي يملكونه.
  • يوم الأربعاء، نفّذ مستوطنون مذبحة صغيرة بقرية بُرقة، التي تم بناء البؤرة الاستيطانية "حومش" على أراضيها؛ فأحرقوا كرافاناً وعدّة منازل، وهذا كلّه انتقاماً من السكان بسبب استقبالهم وفداً من الاتحاد الأوروبي. ويوم الخميس، بدأ المستوطنون عمليات بناء غير قانونية، بهدف تسوية أراضي برقة، كجزء من الخطة لإعادة بناء "حومش" ومنع أصحاب الأرض الفلسطينيين من الوصول إليها، وقد وجّه الحاكم الفعلي للضفة، بتسلئيل سموتريتش، أوامره إلى السلطات بعدم منع الأعمال. وفي اليوم التالي، قام المستوطنون بحرق مركبات ومناطق مفتوحة زراعية في قريتَين شمال رام الله، وأصابوا فلسطينياً إصابة بليغة بعد إطلاق النار عليه.
  • وهكذا، يتقاسم من يلبس الملابس العسكرية ومن لا يلبسها إذلال الفلسطينيين وتجريدهم طبقة بعد طبقة من كُل ما يجعل من حياتهم حياة إنسانية: ينتزعون القدرة على تكوين عائلة، والقدرة على العمل، والأمان واتخاذ الخيارات في الحياة التي تشكل طريق الإنسان لتحقيق مواهبه وسعادته. من لديه استعداد للعيش هكذا؟
  • وقد حدث أمر آخر الأسبوع الماضي؛ فقد رفض المحررون في النشرة العبرية التابعة للموسوعة الإلكترونية "ويكيبيديا" إعادة مصطلح "عنف المستوطنين" إلى الموسوعة، وهو المصطلح الذي أزيل في سنة 2019 (وبقي موجوداً بالإنجليزية)، وذلك بحجة أن المصطلح "يعمّم على السكّان بطريقة تعسفية ومنحاز سياسياً"، ولأن العنف الذي يدور الحديث عنه هُنا "لا يميز المستوطنين فقط." إذن، لا حاجة إلى وأد الظاهرة التي تضر بصورة إسرائيل بين "الأغيار"، يمكن فقط محوها من "ويكيبيديا".
  • لكن الأمور مختلفة عن أفلام الخيال العلمي، فمحو المصطلح لا يُعيد أهالي عين سامية إلى قريتهم، ولا يزيل الرصاصة من جسد المصاب، ولا يزرع عشرات الآلاف من أشجار الزيتون التي اقتلعها المستوطنون من جديد على مدار السنوات، ولا يُعيد المركبات إلى ما كانت عليه، كما أنه أيضاً لا يُعيد البيوت والدكاكين في حوّارة إلى حالتها قبل ليلة العربدة الفاشية - العنصرية.
  • يمكن أن تكون هذه شعارات، لكن لا مفر من قول إن المحررين في "ويكيبيديا" العبرية كالطفل الذي يغطّي عينيْه، ثم يعتقد أن العالم غير موجود الآن. الفرق هو أن الطفل بريء، بينما هم ليسوا كذلك؛ فهو يغطّي عينيْه، بينما هم يغطّون أعين الجميع. في نهاية المطاف، هم يهود - إسرائيليون، وشركاء هذه المرة من خلال لوحة المفاتيح في محو الحياة الفلسطينية، ولا يستخدمون عصا أو وقوداً، إنما يقومون بخطوة سياسية حقيرة لإخفاء ضحاياهم وإنكارهم.
  • وعلى الرغم من ذلك، فإن وراء محو مصطلح "عنف المستوطنين" تكمن حقيقة مخفية. وذلك لأنه ليس المحو فقط بل التشديد المبالغ فيه على أن مصدر العنف تُجاه القابعين تحت الاحتلال ينبع من عنف المستوطنين يشوّش القراءة الصحيحة لمآسي الاحتلال. إن العنف ضد السكّان القابعين تحت الاحتلال هو عنف دولة، وهو مشروع قومي ومبادرة مشتركة لجميع أطراف الشعب، كُل بحسب قدراته ومهاراته. إن مئات المستوطنين الذين أحرقوا حوّارة، قاموا بذلك بمساعدة آلاف رجال الشرطة، الذين لم يتواجدوا، والجنود الذين تواجدوا، لكنهم لم يمنعوا ذلك. وقد حدثت أيضاً سرقة أراضي عين سامية بسبب الجيش والشرطة الذين لم يمنعوا، أو يوقفوا الأمر مسبقاً، كما لم يحاكِموا اللصوص اليهود، كسياسة عامة.
  • إن التجاهل هو الجريمة الأصغر التي تقوم بها السلطات، فقد تمت سرقة أضعاف الأضعاف من الأراضي الفلسطينية وتمريرها للمستوطنين عبر أدوات رسمية للمصادرة والتخصيص، أكثر من العنف "الخاص"، كما تمت سرقة كميات كبيرة جداً من الموارد في الأراضي المحتلة على يد القطاع التجاري الإسرائيلي، مما سرقه المستوطنون من أراضي فلسطينية وضمّوها إلى "مزارعهم". النيابة العامة والقضاة العسكريون والمدنيون قاموا بشرعنة نزع حقوق الإنسان الأساسية من ملايين الأشخاص، وبهذا تفوقت هذه المؤسسات على ما قام به كُل "شبيبة التلال".
  • إن اليهودي الإسرائيلي الذي يحمل البندقية، والعصا، ويستخدم لوحة المفاتيح، والقلم والمحفظة هو المحتل الأكبر. حتّى لو تظاهر كثيرون من هذه العيّنة مع المتظاهرين في ساحة "كبلان"، فهم لا يدعمون الديمقراطية، بل يعملون على مأسسة الأبارتهايد وضمانه.
  • أهلاً وسهلاً بكم في العام الـ57 للاحتلال.