مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إن العمليات المسلحة التي وقعت في جنوب إسرائيل أمس (الخميس) تعتبر انتهاكاً خطيراً لسيادة إسرائيل، مؤكداً أن حكومته سترد عليها بصورة صارمة. وأضاف: "إذا كانت المنظمات الإرهابية تعتقد أنه يمكنها أن تتعرض لمواطنينا من دون رد، فإننا سنجعلها تدرك أن إسرائيل ستجبي ثمناً باهظاً للغاية منها".
وعقد رئيس الحكومة مساء أمس (الخميس) اجتماعاً طارئاً لـ "طاقم الوزراء الثمانية" خُصص لمناقشة سبل الرد على هذه العمليات المسلحة، واحتمال حدوث تصعيد في الأوضاع الأمنية ضد قطاع غزة.
وكانت هذه العمليات أسفرت عن سقوط 8 قتلى إسرائيليين، بينهم جنديان، وإصابة العشرات بجروح، وقد وقعت على بُعد 15 كيلومتراً من مدينة إيلات، واستمرت عدة ساعات، ونفذتها خلية "إرهابية" تسللت إلى الأراضي الإسرائيلية من قطاع غزة عبر شبه جزيرة سيناء، وكانت مزودة بأسلحة رشاشة وقنابل يدوية وأحزمة متفجرة. وتمكنت قوات الجيش الإسرائيلي من قتل 5 أفراد من هذه الخلية، ويبدو أن اثنين آخرين من أفرادها قُتلا برصاص الجيش المصري، بينما تمكن الباقون من الهرب إلى داخل الأراضي المصرية.
وقالت مصادر أمنية إسرائيلية رفيعة المستوى لصحيفة "هآرتس" إن الهدف الأساسي لتسلل هذه الخلية التي تراوح عدد أفرادها بين 15 و20 شخصاً هو اختطاف جنود إسرائيليين ونقلهم عبر سيناء إلى قطاع غزة، لافتة إلى أن الإعداد لهذه العمليات تم في القطاع، وأنه جرى نقل أفرادها عبر أنفاق التهريب في منطقة رفح إلى سيناء، ومن هناك توجهوا إلى إسرائيل من خلال ثغرات في السياج الحدودي بين مصر وإسرائيل.
وجرى تنفيذ العمليات المسلحة داخل الأراضي الإسرائيلية على عدة مراحل: ففي البداية أطلق أفراد الخلية النار على حافلة، الأمر الذي أسفر عن إصابة 7 من ركابها معظمهم جنود بجروح طفيفة ومتوسطة، ثم أطلقوا النار على حافلة أخرى خالية من الركاب، وعلى عدد من السيارات الخصوصية، فتسببوا بسقوط 7 قتلى وإصابة عشرات آخرين بجروح. ورداً على ذلك أرسل الجيش الإسرائيلي تعزيزات كبيرة إلى المنطقة وجرت اشتباكات متفرقة بين الجيش وأفراد الخلية المسلحة أسفرت عن قتل أحد أفراد القناصة الإسرائيليين، و5 من أفراد الخلية المسلحة. ولاحقت قوات الجيش الإسرائيلي بقية أفراد الخلية داخل الأراضي المصرية، بينما كانت مروحيات إسرائيلية تحلق فوق هذه الأراضي. وعلمت صحيفة "هآرتس" أن الجيش الإسرائيلي حافظ طوال الوقت على قناة اتصال بالجيش المصري من أجل وضع حدّ لهذه العمليات.
ووصل إلى موقع العمليات كل من وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، ورئيس هيئة الأركان العامة اللواء بـِني غانتس، وقائد المنطقة العسكرية الجنوبية الجنرال طال روسو. وعقد ثلاثتهم مؤتمراً صحافياً أكد خلاله وزير الدفاع أن سيطرة مصر على شبه جزيرة سيناء آخذة في التلاشي في الآونة الأخيرة بسبب الأوضاع العامة في هذا البلد، بينما قال قائد المنطقة العسكرية الجنوبية إن الجيش الإسرائيلي رفع حالة التأهب في منطقة الحدود مع مصر منذ عدة أشهر وذلك في ضوء تزايد الإنذارات الاستخباراتية بشأن إمكان وقوع عمليات مسلحة من هذا القبيل، أمّا رئيس هيئة الأركان العامة فأكد أن رد الجيش كان سريعاً، ولذا تمكن من تقليل الخسائر.
وفي المساء شنّت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي غارات كثيفة على عدة مواقع في منطقة رفح جنوبي قطاع غزة أسفرت عن مقتل رئيس "لجان المقاومة الشعبية" كمال النيرب المسؤول عن العمليات المسلحة في القطاع، واثنين من نوابه، ومسؤول رفيع المستوى في هذه اللجان كان ضالعاً في عملية اختطاف الجندي الإسرائيلي غلعاد شاليط [الأسير لدى حماس].
وفي إثر هذه الغارات أطلق الفلسطينيون الليلة الماضية صاروخين من طراز غراد على مدينة عسقلان سقط أحدهما في منطقة غير آهلة، بينما تمكنت منظومة "القبة الحديدية" المضادة للصواريخ قصيرة المدى، والتي أعيد نصبها بالقرب من هذه المدينة، من إسقاط الصاروخ الثاني.
من ناحية أخرى قالت مصادر في جهاز الأمن العام [شاباك] إن الجيش الإسرائيلي كان لديه إنذار محدد بشأن احتمال أن تقوم هذه الخلية "الإرهابية" التي خرجت من غزة بعملية لاختطاف جنود إسرائيليين، لكن مسؤولين عسكريين رفيعي المستوى قالوا أن الجيش لم يتوقع أن يقدم أفراد الخلية على تنفيذ عملياتهم المسلحة في وضح النهار. وقالت مصادر سياسية رفيعة المستوى إن هذا الأمر سيحتل أولوية قصوى في التحقيقات التي ستُجرى في الفترة المقبلة لتقصي وقائع ما حدث.
أعلنت قيادة حملة الاحتجاج الاجتماعية والمطلبية أمس (الخميس) إلغاء التظاهرات التي كان من المقرر إجراؤها مساء غد (السبت) قبالة بيت رئيس الحكومة في القدس، وفي كفار سابا [وسط إسرائيل] وتل حاي [شمال إسرائيل]، وذلك بسبب الأوضاع الأمنية الناجمة عن العمليات المسلحة في الجنوب. كما تقرر إلغاء قافلة السيارات التي كان من المتوقع أن تنطلق اليوم (الجمعة) من وسط تل أبيب نحو بلدة يروحام في الجنوب.
وقال الناطق بلسان خيم الاحتجاج روعي نويمـان إن إلغاء هذه التظاهرات يأتي كبادرة تضامن مع أهالي القتلى الذين سقطوا في هذه العمليات. غير أن مسؤولين آخرين في قيادة حملة الاحتجاج أكدوا أن هذا الإلغاء موقت، وأنهم سيعودون إلى التظاهر بعد أن تهدأ الأوضاع الأمنية.
وعلى صعيد آخر ذكرت صحيفة "هآرتس" (19/8/2011) أن إيال غباي المدير العام لديوان رئيس الحكومة المنتهية ولايته أكد على مسامع وفد من المحتجين استقبلهم في بيته في موديعين أول أمس (الأربعاء)، أن الحكومة الإسرائيلية الحالية لن تحوّل إسرائيل إلى دولة رفاه، وستستمر في اتباع سياسة السوق الحرة. وأضافت الصحيفة أن مسؤولين كباراً في حزب كاديما عقّبوا على تصريحاته هذه قائلين إن حكومة بنيامين نتنياهو لا تنصت مطلقاً إلى مطالب حملة الاحتجاج الاجتماعية، فضلاً عن كونها المسبب الرئيسي للمشكلات الاجتماعية التي يطالب المشتركون في هذه الحملة بإيجاد حلول لها، وبالتالي لا يمكنها أن تكون عنواناً لهذه الحلول.
- لا شك في أن النتائج الصعبة التي أسفرت عنها العمليات المسلحة التي وقعت في جنوب إسرائيل أمس (الخميس) تطرح تساؤلات كثيرة فيما يتعلق باستعداد الجيش الإسرائيلي لمواجهتها كما يجب، ولا سيما في ضوء حقيقة أن جهاز الأمن العام الإسرائيلي [شاباك] زوّد الجيش مسبقاً بإنذار محدد بشأنها.
- وما يمكن قوله الآن هو أن قيادة المنطقة الجنوبية العسكرية ارتكبت خطأ في تقدير الموقف، إذ إنها اعتقدت أن الهدف الأساسي وربما الوحيد لعمليات كهذه هو اختطاف جنود إسرائيليين، كما أنها قدّرت أن تنفيذها يمكن أن يتم في الليل فقط، وبالتالي فإن تنفيذها في وضح النهار فاجأها للغاية. ولهذا، يتعين على قيادة الجيش الإسرائيلي أن تدرس هذا الإخفاق في أسرع وقت، وأن تستخلص العبر اللازمة منه لمواجهة عمليات مسلحة شبيهة في المستقبل.
- وتُبين المعلومات الموجودة في حيازة الجيش الإسرائيلي أن أفراد الخلية التي نفذت العمليات المسلحة أمس (الخميس)، خرجوا من قطاع غزة، وأقاموا فترة طويلة في شبه جزيرة سيناء، وذلك بهدف جمع مزيد من المعلومات الاستخباراتية واختيار التوقيت الملائم لتنفيذ عملياتهم. وقد اختاروا يوم الخميس بالذات لأنه يسبق العطلة الأسبوعية في إسرائيل، والتي يتوجه في أثنائها سياح كثيرون إلى مدينة إيلات عبر المنطقة التي شهدت وقوع العمليات.
- وتجدر الإشارة إلى أن هذه المنطقة شهدت في السابق عمليتين مسلحتين: الأولى في تسعينيات القرن الفائت وأسفرت عن مقتل 8 إسرائيليين، والثانية في سنة 2004، إلاّ إنها لم تتسبب بسقوط قتلى أو جرحى.
- ومن ناحية أخرى فإن عمليات أمس (الخميس) كانت مركبة ومتعددة المراحل، ويرى بعض الخبراء المهنيين أنها تحمل بصمة حزب الله.
- غير أن العبرة الأهم التي يجب أن تستخلصها المؤسسة الأمنية من هذه العمليات هي تغيير مقاربتها إزاء ما يحدث في سيناء عقب سقوط حكم الرئيس المصري السابق حسني مبارك، وتخصيص جهود أكبر في مجال الاستخبارات. وثمة عبرة مهمة أخرى هي مطالبة مصر بأن تفرض مزيداً من سيادتها على سيناء، وأن تحارب العناصر "الإرهابية" المنتشرة فيها. كما أنه لا يجوز أن تنسى المؤسسة الأمنية موضوع ردع قطاع غزة، وضرورة استكمال إقامة الجدار الحدودي الأمني بين إسرائيل ومصر.
- إن الأوضاع الأمنية في شبه جزيرة سيناء لن تتحسن في غضون الفترة القليلة المقبلة، بل وربما تتفاقم، الأمر الذي يستلزم من إسرائيل أن تتعامل مع حدودها مع مصر باعتبارها حدوداً مع منظمات "إرهابية" بكل ما يعنيه ذلك، شأنها شأن منطقة حدودها مع لبنان.
- وفي هذا الإطار يجب أن يصبح الهدف الأهم للجدار الحدودي الذي تقوم إسرائيل ببنائه في منطقة الحدود مع مصر، والذي كان الهدف منه محصوراً حتى الآن في منع تسلل مهاجرين وعمال أجانب، هو حماية إسرائيل من تسلل "إرهابيين" إلى أراضيها.
- وبخصوص الإنذار المتعلق بالعمليات المسلحة التي وقعت أمس (الخميس)، لا بُد من القول إنه صدر عن جهاز الأمن العام [شاباك] إنذار كهذا. ويدّعي الجيش الإسرائيلي أنه استعد جيداً بناء على هذا الإنذار، لكن نظراً إلى كون منطقة الحدود مع مصر طويلة للغاية، فإنه لم يكن ممكناً إغلاقها بصورة مطلقة في وجه الخلايا المسلحة.
وثمة أمر آخر يجب الإشارة إليه هو أن المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك مع رئيس هيئة الأركان العامة اللواء بـِني غانتس، وقائد المنطقة العسكرية الجنوبية الجنرا طال روسو، تسبب بحرج كبير لقيادة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، لأنه أوحى بأن العمليات المسلحة انتهت بينما كان جزء من الاشتباكات بين الجيش الإسرائيلي والخلية المسلحة لا يزال مستمراً في أثناء عقد المؤتمر الصحافي. وعلى ما يبدو فإن قرار باراك عقد مؤتمر صحافي كان متسرعاً للغاية، وربما كان الهدف منه هو أن يسبق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي ظهر على شاشات التلفزة في وقت لاحق.