مختارات من الصحف العبرية

نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)

أخبار وتصريحات
وسائل إعلام عربية وأجنبية: الطيران الحربي الإسرائيلي شن غارات على ريف دمشق انطلاقاً من أجواء لبنان
أيزنكوت: قطاع غزة وليس لبنان الجبهة الأمنية الموجودة في رأس أولويات الجيش الإسرائيلي
نتنياهو يكرر في أستراليا: لبّ الصراع مع الفلسطينيين رفضهم المستمر للاعتراف بالدولة اليهودية مهما تكن حدودها
شاكيد: اختيار القضاة الأربعة الجدد في المحكمة العليا يلوّح ببوادر التغيير المنشود في اتجاه المحكمة نحو مواقف أكثر محافظة
درعي ينتقد الإعلان الفوري أن حادث الدهس في أم الحيران كان اعتداء
مقالات وتحليلات
الجيش الإسرائيلي ليس قادراً على حسم المعركة ضد تنظيمات لادولتية في الحرب المقبلة
أخبار وتصريحات
من المصادر الاسرائيلية: أخبار وتصريحات مختارة
"يسرائيل هيوم"، 23/2/2017
وسائل إعلام عربية وأجنبية: الطيران الحربي الإسرائيلي شن غارات على ريف دمشق انطلاقاً من أجواء لبنان

ذكرت وسائل إعلام عربية وأجنبية أن الطيران الحربي الإسرائيلي شن فجر أمس (الأربعاء) غارات على هدف واحد على الأقل في جبال القطيفة في ريف دمشق انطلاقاً من الأجواء اللبنانية. 

ورجحت بعض وسائل الإعلام هذه أن يكون القصف استهدف حافلات عسكرية. 

وقال موقع "أوريِنت نيوز" السوري المعارض إن القصف استهدف مواقع عسكرية ومخازن أسلحة تابعة لقوات نظام بشار الأسد وحزب الله. 

كما تحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن قصف مستودعات أسلحة في المنطقة بستة صواريخ على الأقل.

في المقابل نفى الإعلام الحربي السوري الأنباء عن تعرض هذه المنطقة لغارات إسرائيلية.

من ناحية أخرى أقرّت إسرائيل لأول مرة بوجود تنسيق أمنيّ مع فصائل المعارضة التي تسيطر على الجانب السوري من الحدود في هضبة الجولان.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي السابق موشيه يعلون إنه تم التوصل إلى تفاهمات مع تلك الفصائل تقضي بألا تسمح للمنظمات الجهادية بالاقتراب من منطقة الحدود الإسرائيلية. 

 

كما تقضي هذه التفاهمات بعدم المساس بالسكان الدروز في قرية حضر السورية بالرغم من دعمهم لنظام الأسد.

 

"معاريف"، 23/2/2017
أيزنكوت: قطاع غزة وليس لبنان الجبهة الأمنية الموجودة في رأس أولويات الجيش الإسرائيلي

قال رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال غادي أيزنكوت إن حزب الله يعاني أزمة اقتصادية ومعنوية من جرّاء المشاركة في الحرب الأهلية الدائرة في سورية بالرغم من الخبرات القتالية التي اكتسبها هناك.

وأضاف أيزنكوت خلال إيجاز عسكري قدمه إلى لجنة الخارجية والأمن في الكنيست أمس (الأربعاء)، أن التصريحات الأخيرة للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله لا تدل على أنه على وشك المبادرة إلى عملية قتالية ضد إسرائيل. وأشار إلى أن هذه التصريحات جاءت لتحافظ على الوضع القائم أكثر مما هي للقيام بعملية قتالية معينة، وتهدف إلى معادلة ترهيب بين الطرفين من أجل بقاء الوضع القائم.

وأوضح أيزنكوت أن قطاع غزة وليس لبنان هو الجبهة الأمنية الموجودة في رأس سلم أولويات الجيش الإسرائيلي. 

وتطرق رئيس هيئة الأركان إلى حركة "حماس"، فقال إن اختيار يحيى السنوار لقيادتها يهدف إلى طمس الفصل بين المستويين السياسي والعسكري في الحركة، لكنه 

أكد أنه لم يُلاحظ بعد استعداداً لأي تحرك ضد إسرائيل.

وأشار أيزنكوت إلى أن الجيش الإسرائيلي يواصل مجهوده العسكري ضد الأنفاق الهجومية التي حفرتها "حماس" باتجاه الأراضي الإسرائيلية وأنه استثمر نحو 2,4 مليار شيكل في ذلك.

 

وقال رئيس هيئة الأركان إن قوات الجيش الإسرائيلي قتلت منذ مطلع السنة الفائتة 171 إرهابياً على جميع الجبهات. وكشف النقاب عن أن 45 من منفذي العمليات في المناطق [المحتلة] كانوا من حملة بطاقات الهوية الإسرائيلية.

 

"يسرائيل هيوم"، 23/2/2017
نتنياهو يكرر في أستراليا: لبّ الصراع مع الفلسطينيين رفضهم المستمر للاعتراف بالدولة اليهودية مهما تكن حدودها

قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إن زيارته إلى أستراليا تمثل مئة عام من الصداقة بين هذه الدولة والشعب اليهودي ودولته. 

وأضاف نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الحكومة الأسترالية ملكولم تورنبول في إثر الاجتماع الذي عقد بينهما في سيدني أمس (الأربعاء)، أن أستراليا كانت أول دولة صوتت لصالح قرار التقسيم في الأمم المتحدة الذي دعا إلى إقامة دولة يهودية، ومنذ ذلك الوقت حقق التعاون بين الدولتين تقدماً واسعاً في عدد كبير من المجالات.

وأشار إلى أن المباحثات التي أجراها مع نظيره الأسترالي تطرقت إلى تعزيز التعاون بين الدولتين في ما يتعلق بمحاربة الإرهاب المتطرف الذي يخترق كل بقاع الأرض بما في ذلك أستراليا، وأعرب عن ثقته بأن الجانبين يمتلكان ليس فقط التكنولوجيا بل أيضاً الإيمان المطلوب لدحر تلك القوى.

ورداً على أسئلة تتعلق بالنزاع مع الفلسطينيين، قال نتنياهو إنه لا يرغب بضم مليوني فلسطيني إلى إسرائيل كمواطنين إسرائيليين ولا بإخضاعهم للسيطرة الإسرائيلية، بل يرغب بأن يتمتعوا بحرية في نطاق حكم ذاتي لكن من دون القدرة على تشكيل تهديد بالنسبة لإسرائيل لكونها دولة صغيرة.

وحول ماهية هذا الحكم الذاتي للفلسطينيين أضاف رئيس الحكومة: "أفضل عدم التعامل مع الشعارات بل مع المضمون. ماذا سيكون طابع الدولة الفلسطينية المستقبلية؟ هل ستكون دولة تدعو إلى تدمير إسرائيل؟ هل ستكون دولة ستستولي قوى الإسلام المتطرف على أراضيها فوراً؟ إسرائيل انسحبت من غزة واقتلعت جميع المستوطنات هناك وأعطت الأراضي للسلطة الفلسطينية، لكن غزة تحولت إلى دولة إرهابية حمساوية مدعومة من قبل إيران، وحماس أطلقت علينا آلاف الصواريخ. إذاً واضح أنه عندما يقول البعض إنهم يدعمون إقامة دولة فلسطينية فهم لا يدعمون إقامة مثل هذه الدولة. عن أي دولة يتحدث هؤلاء؟ أولاً، على الفلسطينيين أن يعترفوا بالدولة اليهودية. لا يعقل أن يكون هناك من يقول إنه يجب على الفلسطينيين أن يحصلوا على دولة، وفي الوقت عينه يواصلون الدعوة إلى تدمير الدولة اليهودية. وثانياً، نحن نعرف ما هو الواقع في الشرق الأوسط وإذا لم تكن هناك إسرائيل لتضمن الأمن، فالدولة الفلسطينية سرعان ما ستتحول إلى قلعة أخرى للإسلام المتطرف. هذا ما تحدثت عنه منذ 8 سنوات. علينا أن نضمن أن الفلسطينيين سيعترفون بالدولة اليهودية، كما علينا أن نضمن أن تمتلك إسرائيل السيطرة الأمنية على جميع الأراضي. علاوة على ذلك أريد أن يتمكن الفلسطينيون من حكم أنفسهم وأن يتمتعوا بجميع الحريات، ولكن ليس الحرية لتدمير إسرائيل. عليهم أن يعترفوا بإسرائيل، ويجب على إسرائيل أن تمتلك السيطرة العسكرية. هذا هو رأيي وهو لم يتغير".

 

وكرّر نتنياهو أن لب الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين كامن في الرفض الفلسطيني المستمر للاعتراف بالدولة اليهودية مهما تكن حدودها، وأنه حينما يعترف الفلسطينيون بالدولة اليهودية وببقائها وبحق إسرائيل في الوجود كدولة قومية للشعب اليهودي على أرض آبائه وأجداده، ستجد سائر القضايا حلولاً.

 

"يديعوت أحرونوت"، 23/2/2017
شاكيد: اختيار القضاة الأربعة الجدد في المحكمة العليا يلوّح ببوادر التغيير المنشود في اتجاه المحكمة نحو مواقف أكثر محافظة

أعلنت اللجنة المكلفة باختيار القضاة في ختام الاجتماع المطوّل الذي عقدته أمس (الأربعاء)، عن اختيار 4 قضاة جدد في المحكمة الإسرائيلية العليا. 

وهؤلاء القضاة هم جورج قرّا نائب رئيس المحكمة المركزية في تل أبيب، ودافيد مينتس قاضي المحكمة المركزية في القدس، ويوسف ألرون رئيس المحكمة المركزية في حيفا، وياعيل فيلنر قاضية المحكمة المركزية في حيفا. 

وأعربت وزيرة العدل الإسرائيلية أييلت شاكيد ["البيت اليهودي"] عن ارتياحها لاختيار هؤلاء القضاة، وقالت إن اختيارهم يلوّح ببوادر التغيير المنشود في اتجاه المحكمة نحو مواقف أكثر محافظة. 

 

كما أعربت نقابة المحامين عن رضاها من قرار اللجنة وأكدت أنه تم اختيار قضاة متفوقين.

 

"هآرتس"، 23/2/2017
درعي ينتقد الإعلان الفوري أن حادث الدهس في أم الحيران كان اعتداء

انتقد وزير الداخلية الإسرائيلي آرييه درعي [رئيس شاس] الإعلان الفوري في حينه عن أن حادث الدهس الذي وقع في قرية أم الحيران البدوية في النقب [جنوب إسرائيل] وتسبّب بمقتل أحد أفراد الشرطة الشهر الفائت، كان اعتداء نفّذه المواطن البدوي يعقوب أبو القيعان الذي قُتل برصاص الشرطة.

وأضاف درعي في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام أمس (الأربعاء)، أنه كان حرياً بقيادة الشرطة التريث لاستجلاء الحقيقة لكون أبو القيعان مربياً من عائلة خدم العديد من أفرادها في الجيش الإسرائيلي. 

وفي الوقت عينه أكد درعي أنه لا يمكن اتهام وزير الأمن الداخلي غلعاد إردان [الليكود] بأي مسؤولية عما جرى لأنه استقى المعلومات من قادة الشرطة في لواء الجنوب أو من قائدها العام الجنرال روني ألشيخ.

ودعت عائلة يعقوب أبو القيعان إردان وألشيخ إلى الاستقالة والاعتذار للوسط البدوي. وأكدت العائلة أنه تبيّن أن معظم رواية الشرطة في الأيام الأولى بعد تلك الأحداث كانت كاذبة.

وناشدت العائلة السكان البدو الامتناع عن التجند في صفوف الجيش الإسرائيلي حتى يتم تقديم هذا الاعتذار.

ويأتي كل ذلك بعد أن تراجع الوزير إردان أول من أمس (الثلاثاء) خلال جولة في منطقة الجنوب عن وصف حادث الدهس في أم الحيران بأنه اعتداء، وقوله إنه حادث مؤسف أدى إلى مقتل شرطي ومواطن. كما وصف إردان أبو القيعان بأنه مواطن بعدما كان قال عنه إنه مخرب ينتمي إلى الحركة الإسلامية ونفذ عملية دهس مستوحاة من تنظيم "داعش" الإرهابي. 

وأشارت مصادر مطلعة إلى أن تغيّر نبرة إردان تدل على تراجع في رواية الشرطة ووزير الأمن الداخلي، وعلى أن هذا الأخير على علم بنتائج التحقيق المغايرة لرواية الشرطة.

وفي المقابل قال ألشيخ أمس إن الشرطة لن ترد على الادعاءات القائلة بأن الحديث لا يدور حول اعتداء، إلى أن يُنهي قسم التحقيق مع أفراد الشرطة [ماحش] تحقيقاته في أحداث أم الحيران. 

وأشار ألشيخ إلى أنه تحدث مع رئيس قسم التحقيق مع أفراد الشرطة، وأبلغه أنه لا توجد نتائج نهائية بعد وأن ملابسات القضية ما تزال قيد التحقيق ولم تصدر بعد أي استنتاجات تتعلق بها.

 

وكانت أشرطة فيديو بثتها قناتا التلفزة الإسرائيلية الثانية والعاشرة أخيراً أظهرت أن تصرف أفراد الشرطة في مسرح الأحداث لم يكن سليماً وأن إطلاق النار صوب سيارة أبو القيعان لم يكن مبرراً من ناحية قوته وتوقيته. كما بيّنت أن أفراد الشرطة أطلقوا النار على سيارة أبو القيعان وهو على مسافة بعيدة منهم وليس عن قرب كما ادعوا، وأن السيارة تقدمت نحوهم ببطء وليس بسرعة كما زعموا.

 

مقالات وتحليلات
من الصحافة الاسرائلية: مقتطفات من تحليلات المعلقين السياسيين والعسكريين
"هآرتس"، 17/2/2017
الجيش الإسرائيلي ليس قادراً على حسم المعركة ضد تنظيمات لادولتية في الحرب المقبلة
عاموس هرئيل - محلل عسكري

الجزء الثاني

 

•في مواجهة تهديد صواريخ غزة المحدود من حيث الحجم والمدى، طوّرت إسرائيل رداً قوياً بلغ الذروة في عملية "الجرف الصامد" من خلال عملية اعتراض قامت بها منظومة القبة الحديدية بلغت نسبة نجاحها 90%. لكن التحدي اللبناني أكبر بما لا يقاس. حرب ضد حزب الله ستكون كلفتها خسائر كثيرة، وستلحق تلك الحرب بالبنى التحتية في شمال البلد ووسطه ضرراً حقيقياً، حتى لو كانت الأضرار التي سيتكبدها حزب الله والدولة اللبنانية أكبر بكثير. وفي مثل هذه الظروف، ستتعرض الحكومة والجيش إلى ضغط شعبي من أجل استخدام قوة غير متناسبة ضد حزب الله. وهذه خطوة ممكنة لكن سيكون لها ثمن أيضاً، وستترافق مع انتقادات دولية (مثل تقرير غودلستون بعد عملية "الرصاص المسكوب")، ومن المحتمل أيضاً حدوث توترات مع روسيا التي يشكل حزب الله حتى الآن جزءاً من التحالف الذي تقوده دعماً لنظام الأسد في سورية.

•لقد عثر حزب الله، وبمقدار أقل "حماس"، على حل غير مباشر لمواجهة التفوق الإسرائيلي في النيران الدقيقة وفي التكنولوجيا وفي الاستخبارات، وذلك من خلال توسيع القدرة على ضرب الجبهة الداخلية. وطرحت إسرائيل حلولاً نظرية تمثلت في "عقيدة الضاحية" التي طورها رئيس الأركان الحالي غادي أيزنكوت عندما كان قائداً للجبهة الشمالية في 2008، والتي تتحدث عن تدمير هائل للبنى التحتية التابعة لحزب الله، وصولاً إلى توصيات بتوجيه ضربات قاسية للبنى التحتية للدولة اللبنانية. لكن ليس من الواضح  أيّاً من هذه المقاربات ستتبناها الحكومة في زمن الحرب، كما أنه ليس من الواضح ماذا سيكون تأثيرها. إن الجانب الإيجابي لهذا الواقع يكمن تحديداً في حقيقة أن التعادل الاستراتيجي، الذي يجعل كلاً من الطرفين يعي الأضرار المحتملة التي يستطيع التسبب بها للطرف الثاني، يساعد في إبعاد الحرب المقبلة. والمعرفة الإسرائيلية بانعكاسات التورط تكبح توجهاً مغامراً محتملاً من جانب المستوى السياسي، وتجعل من الحرب ضد حزب الله خياراً أخيراً فقط. 

•ثمة علامات استفهام أيضاً بشأن الحل الهجومي للصواريخ. وفي الواقع، فإن الجيوش الغربية يبدو أنها ما تزال تتخبط في معالجة هذه المسألة منذ الفشل الأميركي والبريطاني في اصطياد منصات إطلاق صواريخ السكود العراقية التي أطلقت على تل أبيب خلال حرب الخليج سنة 1991، ومنذ ذلك الوقت لم يحدث اختراق نحو الحل. وخلال عملية "الجرف الصامد" في غزة فشل الجهد الناري في وقف إطلاق الصواريخ. وكانت نتائج ملاحقة مطلقي الصواريخ في غزة ضعيفة. وجرى في النهاية التوصل إلى وقف إطلاق النار من دون انتصار إسرائيل، وفقط بعد أن أصبحت "حماس" مستنزفة وتكبدت إصابات كثيرة في معركة دار جزء كبير منها حول الأنفاق. أما الجهد في مطاردة أهداف صعبة مثل مطاردة مطلقي صواريخ يخرجون من باطن الأرض، أو ملاحقة المجموعات التي تسرع إلى الهرب بعد إطلاق الصواريخ، فقد حقق نتائج جزئية فقط. وجرى ذلك في أرض أصغر من مساحة لبنان، وحيث لا يوجد أي تهديد حقيقي من جانب الدفاعات الجوية ضد طائرات سلاح الجو.

•حتى الخطوة العسكرية البرية في "الجرف الصامد" كانت محدودة في حجمها ونتائجها. لم يشأ نتنياهو وغانتس ووزير الدفاع آنذاك موشيه يعلون القيام بعملية برية لوقف الصواريخ، وأصدروا أوامرهم للقيام بعملية محدودة تصل إلى عمق كيلومترين لمعالجة الأنفاق. وجاء ذلك فقط بعد الضغط الشعبي الذي نشأ إثر اتضاح مدى خطورة التهديد. إن الأهداف المحدودة والمشوشة التي حددها المستوى السياسي للجيش، والإنجازات الجزئية ضد الأنفاق وفي البر، والوساطة المصرية التي يمكن اعتبارها ضعيفة ومتنازعاً عليها بين إسرائيل و"حماس" (من المعقول الافتراض أن القاهرة رغبت في استمرار المعركة والتسبب بخسائر إضافية لحماس)، بالإضافة إلى الفجوات في التحليل الاستخباراتي لنيات "حماس" في الحرب- كل ذلك جعل من الصعب على الجيش الإسرائيلي التوصل إلى نتائج مرضيةـ حتى بحسب معايير رئيس الأركان العامة نفسه.

•لقد سيطر الجيش الإسرائيلي على شريط ضيق من الأرض بالقرب من السياج الحدودي، وماطل هناك لفترة من الوقت منتظراً توجيهات المستوى السياسي التي لم تصل. وقضى الجيش الأسابيع الأخيرة من القتال، بصورة أساسية، في انتظار وقف إطلاق النار. ومن المحتمل أن هذه التجربة المحبطة التي مر بها أيزنكوت عندما كان نائباً لرئيس الأركان خلال العملية، هي التي دفعته بعد اختياره رئيساً للأركان إلى وضع وثيقة تضمنت استراتيجية الجيش الإسرائيلي، وتوقع الجيش الحصول على توجيهات تفصيلية من المستوى السياسي خلال زمن الحرب.

•لقد كانت المناورة البرية وفق ضابط كبير خدم في خلال عملية "الجرف الصامد"، مضطربة وجزئية. وقال: "احتللنا قطعاً صغيرة من الأرض ودخلنا في حالة جمود لأنه لم يكن هناك وضوح بشأن الوضع النهائي الذي يسعى إليه المستوى السياسي. وحتى رئيس الأركان لم يكن يرغب في الدخول إلى عمق القطاع". والدليل على ذلك التوقع العسكري الذي قُدم إلى الطاقم الوزاري المصغر خلال الحرب والذي توقع سقوط 500 قتيل إسرائيلي في عملية احتلال القطاع، والقول إن مواصلة الاحتفاظ بالسيطرة على القطاع سيكلف نحو 10 مليارات شيكل سنوياً.

•وكما حدث بعد عملية "الرصاص المسبوك" كرر الجيش التسويق لنفسه وللجمهور رواية التعادل بناءً على العملية البرية المحدودة للقضاء على الأنفاق. وادّعوا في الجيش أن إسرائيل أثبتت في الحرب على الأنفاق أنها لا تخاف مواجهة خصمها على الأرض، على الرغم من كون المنطقة كثيفة سكانياً، والكلفة المتمثلة في عدد المصابين مرتفعة نسبياً. لكن عند النظر بإمعان يتبيّن أن الجيش قاتل في غزة ضمن منطقة صغيرة ومحدودة ضد عدو أدنى قوة، ومن دون أن تضطر قواته إلى استخدام كل عناصر القتال المتكاملة.

•تغيّرت الأمور إلى حد ما مع أيزنكوت الذي أعطى كرئيس للأركان أهمية كبيرة للمناورة البرية وقام بعدة خطوات من أجل تحويل بعض الموارد لتحسين قدرات الوحدات البرية. يحرص المسؤولون الكبار في الجيش رسمياً على التعبير في كل مقابلة وفي كل خطاب علني عن ثقتهم بأن القدرات الجوية والاستخباراتية والبرية وفي الدفاع الجوي أصبحت مستعدة بما فيه الكفاية من أجل توجيه ضربة قاصمة إلى "حماس" وإلى حزب الله أيضاً. لكن عملياً، فإن هذه الأقوال ستختبر فقط إذا نشبت حرب أخرى في الشمال.

•منذ سنوات يقدّم سلاح الجو نفسه بوصفه الحل لمشكلة نيران الصواريخ من لبنان. لكن السؤال المطروح هو: ألا يشكل هذا السلاح الذي ما يزال يعتمد بالدرجة الأولى على طائرات حربية، جزءاً من المشكلة على الرغم من قدراته العالية؟ لم تفحص إسرائيل بجدية بدائل محتملة، باستثناء التزود الكثيف بطائرات هجومية من دون طيار (موجودة لدى عدد من الجيوش الغربية) وصولاً إلى تطوير مكثّف أرض - أرض، كما اقترح في الفترة الأخيرة وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان.

•عملياً، وعلى الرغم من التحويل التدريجي الحديث للموارد نحو الطائرات من دون طيار بالإضافة إلى طائرات مقاتلة حديثة، فإن سلاح الجو يواصل الحصول على ما يريد. ولكونه اللاعب البيروقراطي الأكثر خبرة وتنظيماً، فقد نجح في إحباط كل محاولة لتقديم حل للمشكلة لا يعتمد على وجود طيار في قمرة الطائرة - وذلك من دون أن يثبت أن في قدرته القضاء تماماً على نيران ترسانة صاروخية من الحجم الذي لدى حزب الله.

•ليس هناك أدنى شك في أن سلاح الجو أصبح أكثر كفاءة في تقنية مهاجمة أهدافه، مما يتيح له قدرة (هجومية) أفضل من الماضي خلال زمن محدود، كما طرأ تقدم ملموس على العمل المشترك بين الاستخبارات والمنطقة الشمالية. فهل هذا كاف من أجل إحباط مصادر النيران في مناطق إطلاقها الواسعة في لبنان؟ ولكن هل تستطيع القبة الحديدية ومنظومات اعتراضية أخرى تحقيق الأمن والهدوء في الجبهة الداخلية؟ لقد بقيت هذه الأسئلة في معظمها أسئلة مفتوحة.

•إن ترسانة الصواريخ والقذائف التي لدى حزب الله، بالإضافة إلى صعوبة التسلل عبر أنظمة مزروعة بالعبوات الناسفة والمدافع المضادة للطائرات في جنوب لبنان، وفي المنطقة المبنية والكثيفة سكانياً في غزة، هي التحديات التي ستواجهها إسرائيل إذا نشبت حرب في المستقبل في لبنان أو في غزة. بالتأكيد لن يكشف الجيش للجمهور الخطط العسكرية لمواجهة مثل هذه السيناريوات. لكن السؤال المطروح هو: هل يكفي شحذ قدرات موجودة، وتحويل محدود لمركز الثقل في الاهتمام بين المجال الجوي إلى المناورة البرية، من أجل تقديم حل قاطع للمشكلة التي ستواجهنا؟ 

•في الوقت الحاضر لا تبدو هذه المسائل ملحة في الجبهة الشمالية. فحزب الله يحاول النهوض بعد الخسائر التي تكبدها في الحرب في سورية ويبدو معنياً بالحوؤل دون نشوب حرب شاملة مع إسرائيل. ويبقى الخطر الأساسي احتمال نشوب الحرب بسبب خطأ في الحسابات، وبصورة خاصة بسبب مساعي حزب الله لتهريب سلاح نوعي من سورية إلى لبنان، والنية الإسرائيلية المعلنة لمنع ذلك. وفي غزة تبدو الوقائع أقل استقراراً، فالمصلحة الظاهرية لـ"حماس" على ما يبدو هي استمرار عملية التقارب مع مصر وتأمين تسهيلات في الحركة تقلل من الضغط الاقتصادي الكبير على القطاع. لكن الإعلان هذا الأسبوع عن فوز يحيى السنوار برئاسة "حماس" في الانتخابات في غزة، لا يمكن اعتباره خبراً جيداً بالنسبة لإسرائيل.

•يعتبر السنوار عدواً شرساً لإسرائيل وهو يتبنى خطاً قتالياً غير متهاون أكثر بكثير من الرئيس السابق إسماعيل هنية. كما أن تأثيره على الذراع العسكرية سيكون أكبر من الماضي. وحتى لو انتخب هنية رئيساً للمكتب السياسي لـ"حماس" بحسب ما تشير إليه كل التقديرات، فثمة شك في أنه سيتمكن من فرض إرادته على السنوار وزملائه في الذراع العسكرية. ويجب النظر إلى التصريحات الحربية الأخيرة للوزيرين في المجلس الوزاري المصغر يوآف غالنت ونفتالي بينت، المتعلقة بغزة انطلاقاً من هذه الخلفية، وأيضاً على خلفية الاستعدادات التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي سنوياً لمواجهة احتمال التصعيد.

•وعلى الرغم من ذلك، وعلى افتراض أن الجيش شحذ قدراته العسكرية في جبهة غزة بعد تولي وزير دفاع يدعو دائماً إلى إسقاط حكم "حماس" في أي مواجهة مقبلة - فإن ذلك سيكون على ما يبدو مهمة معقدة، كما يصفها بعض أعضاء المجلس. وفي ما يتعلق بالقطاع بصورة خاصة، فإن الصعوبة تكمن في الحاجة إلى تمشيط وتطهير المنطقة من خلايا الإرهاب خلال عملية السيطرة، أكثر من المواجهة مع منظومات "حماس" الدفاعية.