مختارات من الصحف العبرية
نشرة يومية يعدها جهاز متخصص يلخص أهم ما في الصحف الإسرائيلية من أخبار وتصريحات وتحليلات لكبار المحللين السياسيين والعسكريين تتناول مختلف الشؤون الداخلية الإسرائيلية وتركز بصورة خاصة على كل ما يهم المسؤول العربي في قضايا المنطقة كافة: فلسطين ومساعي التسوية وسورية ولبنان والعراق ومصر والثورات العربية والخليج العربي وإيران وتركيا الخ. ويصدر مع النشرة اليومية أكثر من مرة واحدة في الشهر ملحق يترجم أهم ما تنشره دوريات فكرية صادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية عن سياسات إسرائيل إزاء القضايا المذكورة أعلاه وشؤون إستراتيجية أخرى (متوفرة للمطالعة على نسق ملفات "بي دي أف" PDF)
رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع موشيه يعلون ووزراء المجلس الوزاري المصغر، لم يفحصوا خلال السنة التي سبقت نشوب عملية "الجرف الصامد" إمكانات القيام بخطوات سياسية إزاء غزة في محاولة للحؤول دون نشوب الحرب. هذه هي النتيجة التي توصل إليها مراقب الدولة، القاضي المتقاعد يوسف شابيرا في تقريره الذي نشر اليوم (الثلاثاء) المتعلق بعملية "الجرف الصامد" ضد قطاع غزة في صيف 2014. واستشهد المراقب ثلاث مرات بأقوال وردت على لسان وزير الدفاع يعلون بعد يومين من نشوب الحرب، جاء فيها أنه كان في الإمكان منع نشوب الحرب لو كانت إسرائيل مستعدة للمساعدة في التخفيف من الضائقة التي يعانيها القطاع.
نُشر تقرير مراقب الدولة بعد نحو عامين ونصف العام على انتهاء الحرب في غزة، وتضمن 200 صفحة جرى فيها التطرق إلى عملية اتخاذ القرارات في المجلس الوزاري المصغر، فيما يتعلق بغزة قبل العملية وبعدها، وكيفية معالجة موضوع الأنفاق الهجومية في غزة خلال العملية، والإعداد للرد الاستخباراتي والتكنولوجي والعسكري لمعالجة هذا التهديد في السنوات التي سبقت العملية. ولم يتناول التقرير إدارة عملية "الجرف الصامد" ونتائجها.
يصف مراقب الدولة كيف أنه خلال 16 شهراً من عمر الحكومة منذ آذار/مارس 2013 وحتى نشوب الحرب في تموز/يوليو 2014، لم يجر المجلس الوزاري السياسي - الأمني أي نقاش سياسي مهم بشأن قطاع غزة. والجزء الأكبر من النقاشات، بما فيها تلك التي اعتبرت "استراتيجية"، اهتمت فقط بالقضايا العسكرية. ويشير المراقب إلى أن غياب النظرة السياسية للوضع في غزة، كان لافتاً في ضوء تراكم المعلومات بشأن ازدياد حدة الوضع الإنساني صعوبة فيها، والتدهور الاقتصادي وانهيار البنى التحتية الحيوية في القطاع.
في 3 نيسان/أبريل 2013، عقد المجلس السياسي- الأمني المصغر جلسة مخصصة لدراسة الساحة الفلسطينية قال خلالها منسق الأنشطة في المناطق آنذاك إيتان دانغوت للوزراء: "أودّ الإشارة إلى أن الخطر الكبير الآتي من غزة خلال العامين أو الثلاثة أعوام المقبلة، هو المتمثل بأزمة البنى التحتية".
في كانون الأول/ديسمبر 2013، كتب السكرتير العسكري لرئيس الحكومة إيال زامير إلى مستشار الأمن القومي في تلك الفترة، يوسي كوهين، أن رئيس الحكومة أعطى توجيهاته من أجل عقد جلسة للمجلس الوزاري المصغر لمناقشة الوضع المدني في قطاع غزة وانعكاساته على إسرائيل. لكن تبيّن للمراقب أن هذا النقاش لم يجر قط، وحتى نشوب الحرب لم يعقد المجلس جلسة واحدة لمناقشة الوضع الإنساني في غزة.
ولفت مراقب الدولة إلى أنه كان يتعين على مستشار الأمن القومي السابق، يوسي كوهين، تنفيذ توجيهات رئيس الحكومة. وجاء في التقرير: "في ظل غياب النقاش حول موضوع صورة الوضع المدني في قطاع غزة في المجلس المصغر، لم تعرض أمام الوزراء المعلومات المتعلقة بالأزمة الإنسانية في غزة التي انطوت على انعكاسات أمنية محتملة. ولهذا السبب لم يتسنّ لهؤلاء الوزراء تقدير الانعكاسات المحتملة لهذه الأزمة والإعداد للخطوات التي في إمكان إسرائيل القيام بها إزاء القطاع".
وفي هذا السياق وجه مراقب الدولة انتقادات إلى وزير الدفاع موشيه يعلون. فهذا الأخير، المسؤول من جهة عن الجيش الإسرائيلي ومن جهة أخرى عن آلية تنسيق الأنشطة في المناطق [المحتلة]، كان على علم بالوضع الإنساني المدني في غزة، وكان واعياً لاحتمالات التصعيد الذي ينطوي عليه. وعلى الرغم من ذلك، لم يبادر إلى إجراء نقاش في المجلس الوزاري المصغر. وبيّن مراقب الدولة في التقرير أن يعلون نفسه اعترف بعد بدء الحرب بأنه أخطأ في هذا الشأن.
في 9 تموز/يوليو، وبعد يومين من نشوب المعارك في غزة، عقد يعلون جلسة لمناقشة موضوع "وضع آلية لإنهاء" العملية. في هذه الجلسة قال يعلون: "لو قدمنا رداً على الضائقة التي تمر بها "حماس" قبل بضعة أشهر، لكانت الحركة امتنعت عن التصعيد الحالي".
ويكشف مراقب الدولة أنه حتى بعد عقد النقاشات التي كان هدفها بلورة استراتيجية حيال غزة، فقد جاءت هذه الاستراتيجيات ناقصة ولم تؤد إلى نتائج حقيقية. في 10 تشرين الأول/أكتوبر 2013، وفي لقاء بين رئيس الحكومة ورئيس الشاباك آنذاك، يورام كوهين، شدد هذا الأخير على أن "حماس" تمر بضائقة استراتيجية. بعدها وجه نتنياهو تعليماته إلى مجلس الأمن القومي من أجل عقد جلسة لمناقشة موضوع السياسة الإسرائيلية حيال غزة. ومرت ستة أشهر كاملة قبل عقد مثل هذه الجلسة.
في 16 شباط/فبراير 2014 عقد المجلس الوزاري المصغر جلسة عُرضت خلالها على الوزراء خطط عسكرية للجيش في غزة. وأشار المراقب في تقريره إلى أن هذه الخطط عرضت على الرغم من أن المجلس لم يحدد ما هي أهداف إسرائيل الاستراتيجية في القطاع. في تلك الجلسة اقترح رئيس الأركان آنذاك، بيني غانتس، إجراء نقاش يتعلق بموضوع: "قطاع غزة إلى أين؟"، وذلك كي يستطيع الجيش إعداد خطط عسكرية ملائمة. وردّ مستشار الأمن القومي آنذاك يوسي كوهين على غانتس قائلاً: "نظراً إلى أن الوضع في غزة يمكن أن ينفجر بين لحظة وأخرى، فمن الأفضل إطلاع المجلس المصغر على الخطط العسكرية".
وأشار مراقب الدولة إلى أنه في 13 شباط/فبراير طرح من جديد في جلسة المجلس المصغر موضوع التصعيد في غزة. وفي هذه الجلسة قال وزير الاقتصاد السابق نفتالي بينت إن إسرائيل ليست لديها استراتيجية تتعلق بغزة.
في 23 آذار/مارس، أي بعد نحو سنة من تأليف الحكومة، ناقش المجلس المصغر وضع "أهداف استراتيجية" تتعلق بغزة. لكن مراقب الدولة اكتشف أن النقاش اقتصر على كيفية تشديد العمليات العسكرية ضد "حماس"، ولم يجر بحث احتمالات خطوات أخرى إزاء غزة، على سبيل المثال خطوات سياسية، على الرغم من معرفة الجميع بتدهور الوضع الإنساني هناك وانعكاساته الخطيرة على إسرائيل.
وجاء في تقرير المراقب أن جلسات المجلس الوزاري المصغر شهدت سيطرة شبه كاملة للاقتراحات التي قدمها الجيش، وأن مجلس الأمن القومي لم ينفذ المهمة المطلوبة منه بحسب الدستور، أي اقتراح بدائل تشكل وزناً مقابلاً للمؤسسة الأمنية، وتسمح للوزراء بفهم أوسع للمشكلات والفجوات التي يمكن أن تكون موجودة في الخطط التي ستقرّ. وعلى سبيل المثال، كشف مراقب الدولة أنه في جلسة 23 آذار/مارس عرض مجلس الأمن القومي ثلاثة بدائل كلها عسكرية: ارتفاع تدريجي في الرد الإسرائيلي على إطلاق الصواريخ من غزة؛ خوض عملية عسكرية لإضعاف "حماس" وتقليص التهديدات؛ وخوض عملية واسعة النطاق لإسقاط حكم "حماس" في غزة. واقترح أعضاء مجلس الأمن القومي في تلك الجلسة على الوزراء الإبقاء على السياسة الإسرائيلية الحالية إزاء "حماس". ووافق نتنياهو على ذلك، وأيده رئيس الأركان في موقفه.
رود فعل على التقرير
قال رئيس الدولة رؤوفين ريفلين رداً على تقرير مراقب الدولة "إن العيوب التي ظهرت صارت واضحة وتتطلب إصلاحاً، وليس الآن زمن تبادل الضربات".
وعلق زعيم المعارضة رئيس المعسكر الصهيوني في الكنيست يتسحاق هيرتسوغ على التقرير بقوله: "تثير الصورة التي يطرحها التقرير الخوف والقلق في قلب كل مواطن إسرائيلي. لقد فشلت حكومة نتنياهو في مهمتها في فهم التهديدات، وفي وضع الاستراتيجيات، وفي استيعاب الحقائق، وفي الإعداد الملائم للجنود وللمدنيين وخاصة سكان الجنوب".
ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" (28/2/2017) تعليق رئيس الأركان غادي أيزنكوت على التقرير وجاء فيه: "في السنوات الأخيرة رفعنا من درجة استعداداتنا لمواجهة التهديدات. إن القدرة الاستخباراتية الكبيرة ستسمح للجيش الإسرائيلي بالعمل بصورة حاسمة وتحقيق الانتصار. إن الجيش الإسرائيلي بصدد استخلاص الدروس ووضع خطط العمل من أجل تحسين قدراته في قطاع غزة. إن الجيش ليس محصناً ضد الانتقادات الموجهة إلى عملية "الجرف الصامد"، لكن يجب أن نتذكر أن من يجرى الحديث عنهم هنا هم أفضل شبابنا الذين قدموا تضحيات كبيرة دفاعاً عن أمن الدولة".
وفي رأي وزير الدفاع السابق موشيه يعلون أن تقرير مراقب الدولة تحول إلى تقرير سياسي، وأضاف: "لقد تناول التقرير جوانب جزئية لمعركة معقدة، وتجاهل اعتبارات واسعة، ووقع أسيراً في يد سياسيين أصحاب مصالح زودوا مكتب مراقب الدولة بمعلومات منحازة وأساؤوا إلى عملية التقصي".
•انتخاب يحيى السنوار قائداً لحركة "حماس" في غزة رافقه تحليل وحيد تقريباً يدعي أن القطاع يسير نحو تعاظم القوة العسكرية، وتصعيد في العلاقات مع السلطة الفلسطينية، ومواجهة جديدة مع إسرائيل. إن هذه التوقعات الكارثية التي وصفت كيف سيجر "المخرب الكاريزماتي" القطاع إلى جولة عنف قاسية، استندت إلى تقديرات لشخصيته وتغريداته على تويتر وتصريحاته في الماضي. وهي تتجاهل حقيقة أساسية، هي أن زعماء زمننا، حتى الطغاة والمتشددين منهم، ليسوا أقوى من شعوبهم ومن بيئتهم.
•لقد مضى زمن "الزعيم القوي" القادر على كل شيء. فالطاغية صدام حسين، ومعمر القذافي، وعلي صالح في اليمن، خسروا مناصبهم منذ زمن. وخلال زمن قصير جداً فهم الأصولي الإسلامي محمد مرسي المصري قواعد اللعبة. وحتى كرسي بشار الأسد السوري لم يتوقف عن الاهتزاز. وتعلم زعماء المنظمات الإرهابية الدرس، فقد اغتيل بن لادن، ومنذ ذلك الوقت أصبحت القاعدة أقل فاعلية، والبغدادي، زعيم داعش، يلفظ تنظيمه الأنفاس الأخيرة، وزعيم حزب الله حسن نصر الله يغرد منذ عشر سنوات "سأردّ على إسرائيل رداً عنيفاً"، ويهرب للاختباء في مخبئه.
•زعيم "حماس" يحيى السنوار لا يتحرك هو أيضاً في فراغ. ومن أجل أن يتخذ قراراً بمهاجمة إسرائيل، يجب أن تحدث تطورات خطيرة تبين بصورة قاطعة أنه "ليس لديه، ولا لدى غزة، ما يخسرانه". لكن في الوقت الراهن هناك الكثير مما يمكن أن يخسره ويخسره الغزاويون. عندما أخبره أنصاره أن 613 مليون دولار فقط من أصل 3.875 مليار دولار من الأموال المخصصة لإعادة إعمار القطاع بعد عملية "الجرف الصامد" وصلت إلى غزة، فهم السنوار أن الدول المانحة ليست مستعدة للمساعدة من دون أن تحصل على ضمانات بأن سلطة "حماس" ستركز فقط على البناء والإعمار. وحتى البنك الدولي الذي تعهد بتطوير القطاع قدم أقل من نصف المبلغ الذي وعد به، وهو 3.5 مليارات دولار، لأنه يريد التأكد من أن أموال الإعمار لن توظف في زيادة القوة العسكرية، أو لا سمح الله، سيبتلعها دخان مواجهة جديدة.
•نعم، يوجد للغزاويين ما يمكن أن يخسروه. صحيح أن البطالة ما تزال مرتفعة وتطال نحو 50% من السكان، وليس هناك مصدر دخل ثابت، وهناك 65000 عائلة لم ترمم منازلها منذ المواجهة سنة 2014. لكن على الرغم من ذلك فهناك حركة بناء وتطوير لم نشهد مثيلاً لهما منذ فترات طويلة. وتصل يومياً إلى معابر القطاع نحو 200 - 300 شاحنة إسرائيلية تفرغ كميات من الغذاء ومن مواد البناء والسلع الاستهلاكية.
•في حي الزيتون الراقي افتتح في الفترة الأخيرة مجمع تجاري انضم إلى عدد من مراكز الترفيه والمجمعات التجارية التي ظهرت أخيراً في القطاع، مما يشير إلى توجه لدى الناس: "نحن أيضاً نرغب أن نعيش حياة عاقلة". إن عشرات آلاف الفلسطينيين الذين يعملون في إسرائيل ويتقاضون ما بين 200 إلى 300 شيكل يومياً، بالمقارنة مع نصف المبلغ الذي يمكن أن يتقاضوه في القطاع هذا إن وجدوا عملاً، هم دليل بارز على التطلع إلى العودة إلى روتين الحياة العادية. إن الشعب الفلسطيني، حتى تحت حكم "حماس"، يفضل الخبز بدلاً من السلاح.
•لذا، قبل أن يحاول يحيى السنوار تقديم "خطة جديدة" من أجل تحديث القطاع، لنفترض أنها قائمة على إطلاق الصواريخ على إسرائيل، سيكون عليه التغلب على عدة عوائق ليست سهلة: متلازمة [Syndrom] نصر الله حين قال ("لو كنت أعرف ماذا سيكون حجم الضرر لما كنت بدأت بحرب 2006") فهو بلمح البصر أعاد لبنان عشرات السنين إلى الوراء؛ كما على السنوار التغلب على تهديدات الدول المانحة والبنك الدولي بوقف تدفق الأموال إذا نشبت مواجهة مسلحة جديدة؛ وعلى تحذيرات مصر والأردن وقطر التي تقول له علناً إن جولة مسلحة إضافية ستقضي على حكمه. ويمثل هذا الكثير حتى بالنسبة إلى "زعيم كاريزماتي محبوب ويحب الانتقام" مثل يحيى السنوار.